ملخص البحث:
من جملة ما يتسم به أسلوب الغماري – إضافة إلى حسن التصوير وجرأته – التعبير الرمزي الذي جعل صوره الشعرية أكثر بعدا وإيغالا حتى توحّدت الأشياء، وتجاوزت حدود المنطق وعبرت من خلالها إلى أوجه التأويل.
وإذا شئنا لهذه الطلاقة البيانية تمثيلا وجدناها في استخدام معطيات تراسل الحواس، وإقامة علاقات جريئة بين الألفاظ تجسّدها على الإطلاق الرموز اللونية والكونية والتاريخية وحتى الصوفية كالإكثار من الرمز الأنثوي والحب الإلهي فيوظف المرأة رمزا للعقيدة الإسلامية المنبع التي يذوب الشاعر فيها بكل مشاعره وأحاسيسه، ويهيم وجدا وحنينا إليها، فقد ملكت عليه ذاته، ولم يعد يفكر إلا من خلالها، بل إنه لطالما يصرّح بأنه لا يجد الاستقرار إلا بجانبها ولا يعرف لذة إلا في أحضانها.
إنّ أيّ قراءة لخطاب فنّي على تعدّد القراءات، تهدف إلى الكشف عن الإبداع، وإن اختلفت وسائل كل قراءة؛ لذلك فالسؤال الذي يطرحه هذا البحث ما هي تجليات الرمز في أشعار مصطفى محمد الغماري وأنواعه؟
الكلمات المفتاحية: التعبيرالرمزي – الرموز اللونية، الكونية والصوفية –المجاوزة – الانفتاح البياني
يعرف الرمز بأنه وسيلة لإدراك ما لا يستطاع التعبير عنه بغيره بأفضل طريقة ممكنة للتعبير عن شيء لا يوجد له أي معادل لفظي، فهو بديل عن شيء صعب أو يستحيل تناوله في ذاته”[1].
وهو عند ابن رشيق “الإشارة في كل نوع من الكلام لمحة دالة واختصارا وتلويحا يعرّف مجملا، ومعناه بعيد من ظاهر لفظه”[2].
وإذا كان الغماري لا يعوّل كثيرا على الرموز الدينية بقدر تعويله على الرموز الخاصة والطبيعية، فإنه من الراجح ألا “يكون وراء هذه الظاهرة احتمال قصور ثقافته التراثية، فما نعرف عنه وما يدلّنا عليه شعره من سعة في الثقافة وأصالة في التصور ينفي هذا الاحتمال، ليبقى أمامنا احتمال أقوى وهو غلبة النزعة الوجدانية على شعره من جهة، وغلبة النزعة التصويرية على لغته من جهة ثانية، ذلك أن من شأن الإصغاء إلى خفقات الوجدان أن يشغل شعره عن الالتفات إلى المعطيات الخارجية، كما أن من شأن الاعتماد على التصوير المركب المبتكر أن يقلّل من حاجته إلى الاستعانة بالصور التراثية “[3]، ويُعلّل سبب احجامه عن توظيف الرموز الأسطورية الأجنبية “بأنها لا تقوى على التعبير عن مواقف الشاعر ذات التصور الإسلامي والنزوع المثالي إلى الافتخار بالأصالة والقداسة والجلال”[4].
والتعبير الرمزي يكون مُحَوَّرا بصياغة غير عادية تستثير المتلقي عن قصد من أجل الفهم والتأويل، وهذا هو الأصل الذي يقوم عليه الرمز بالمفهوم الأدبي الحديث، مع تخطي عناصره اللفظية العرف والاصطلاح الذي يصاحب عادة معنى الإشارة[5].
والرمز لا “يناظر أو يلخص شيئا معلوما لأنه يحيل إلى شيء مجهول نسبيا، فليس هو مشابهة أو تلخيصا لما يرمز إليه، وإنّما هو أفضل صياغة ممكنة لهذا المجهول النسبي”[6].
وتكمن أهمية الرمز في قدرته على المجاوزة والإيحاء بالدلالات الواسعة عن طريق الكلمة الواحدة لما فيه من ظلال تاريخية وحضارية وحتى نفسية. والشاعر الناجح هو الذي يعرف كيف ينظم هذه الظلال لصوغ تجربته الراهنة، “فالقوة في أي استخدام خاص للرمز لا تعتمد على الرمز نفسه بمقدار ما تعتمد على السياق”[7] لأن ذلك هو الذي يجعل منه “أداة لنقل المشاعر المصاحبة للموقف وتحديد أبعاده النفسية”[8]. والرموز نوعان هما:
1-الرمز العام: ويقتبس عادة من الدين أو التاريخ أو الأسطورة، فهو مشترك ينهل منه غير واحد من الشعراء ويستلهمون جوانبه التراثية والطاقات الإيحائية الكائنة فيه[9] إما جغرافية أو شخصية أو حدثا من التراث القومي أو الأجنبي، وتتعاظم قوته بمقدار النسج والابتكار فيه. وينضوي تحت هذا الرمز في الشعر الغماري:
أ-الرمز الديني التاريخي: إن للرموز التاريخية والدينية أهمية كبيرة لارتباطها بأحداث ومواقف تختصر الكثير مما لا يمكن التعبير عنه بطريقة تصريحية، ولذلك يصبح استدعاؤها ضرورة تثري المتن الشعري، ذلك أن عناصر التراث ومعطياته لها القدرة على الإيحاء بأحاسيس لا تنضب، لعيشها في أعماق الناس فتحف بهالة من القداسة والإكبار، لأنها الجذور الأساسية لتكوينهم الفكري والوجداني والنفسي، ومن ثم فإن الشاعر حين يتوسل إلى إيصال الأبعاد النفسية والشعورية لرؤيته الشعرية عبر جسور من معطيات التراث- وخاصة إذا كانت الرموز بأساليب غير مأنوسة- فإنه يتوسل إلى ذلك بأكثر الوسائل فعالية وقدرة على التأثير والنفاذ.
والرموز التاريخية والدينية تتداخل بحيث لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر فكثيرا ما تكون الرموز التاريخية رموزا دينية، كما أن من الرموز الدينية رموز تاريخية. من هنا اختار الغماري من أحداث التاريخ ورموزه ما وافق طبيعة القضايا والهموم التي أراد نقلها إلى المتلقي، وقد اختلفت الشخصيات والموضوعات التاريخية والدينية التي استحضرها باختلاف الظروف التي كانت تمر بها الأمة العربية. وجعلها خلفية للموقف الشعوري الذي يعبر عنه، واستوحى من رمزيتها صورا طافحة بالسمو والقداسة والجلال ليضفي على مواقفه الحاضرة رحابا تمده بدلالات البطولة والعظمة، ومن الأمثلة قوله[10]:
يا راي “عقبة” يا خيول “محمــد” “بدر” بجرح الرافضين ثبات
وعلى جناح الضوء نزرع نارهـــــا فتميد ملء دمائنا الواحــــات
ففي البيت الأول تصوير غني بالدلالات الواسعة لوقع الرمزية التاريخية للقائدين البارعين الرسول “محمد” صلى الله عليه وسلم و “عقبة بن نافع ” ، مع استحضار الرمز المكاني لموقعة “بدر” الكبرى، ففي رصف هذه الرموز واجتماعها – ولاشك- تنبني روافد من المعاني وفضاء رحب من التأويلات من مثل منح الممدوحين شرعية وقداسة لهذا الصراع. أما في البيت الثاني فهناك استلهام من الرموز السابقة، لأن الرفض زرع ينبت وينمو ثم ينتشر نحو التغيير.
وللشاعر تعابير رمزية دينية أخرى يستقيها من التراث ذلك المعين الذي لا ينضب مثل قوله[11]:
يمتصنا الحقد.. “قابيل“على يده دم لـ “هابيل”.. جلّ الجرح أحزانا
فالشاعر يشير إلى الحقد الذي يعمي الأبصار ويغشي القلوب فيجعل صاحبه على شاكلة العقلية الجاهلية القائمة على الثأر والانتقام رامزا إلى ذلك بقصة “قابيل وهابيل” المشهورة.
ويضيف في موضع آخر[12]:
يا طهر “عيسى” يا رمال “محمد” من هدبها تتبرعم الأنداء
يلتفت الشاعر إلى رمزية هذه الشخصيات ويبدع فيها، فهي على شهرتها قد شاعت إلى حد الاستهلاك ولكنها نادرة الصياغة والاستعمال في الشعر العربي على هذا النحو، إذ حوّل الشاعر رمزية “المسيح” ومحمد” إلى وجهة جديدة، فعيسى مثلا لا يرمز إلى الصلب والاضطهاد كما فعل أغلب شعراء العرب، ولكن إلى الطهارة والإحياء والخلق تارة، وإلى القوة المعجزة تارة أخرى[13]. زد على ذلك أن هذه الرمزية لطهارة النبيين لها أهداب وانعكاسات مُلْهِمة للناشئة الصاعدة.
والحقيقة أن جميع الأشكال التراثية والتاريخية التي يتخذها الشاعر رموزا لا تفتأ أن تعبر عن جوهر الصراع الإسلامي المعاصر، فزيادة على شخصيات الأنبياء وبعض الرموز التاريخية المذكورة آنفا، والتي تمثل المجد الإسلامي في عظمته وإبائه، يرمز ببعض المواضع الجغرافية التي شهدت مواطن الجهاد والبطولة كـ”الأوراس” و “لاهور”[14] وبخارى[15]… وغيرها.
ب-الرمز الصوفي: ويبتدئ التأريخ للتجربة الصوفية الغمارية من خلال باكورة أعماله “أسرار الغربة” وهو ما تظهره قصائد عدة صوفية المعالم مثل قصيدته ثورة الإيمان، ثورة صوفية، إلى صوفية الوجد والثورة، أقوى من الأيام… وتبرز- كما هو واضح من هذه العناوين- أساليب المتصوفة في الجمع بين الثورية والمجاهدة.
ولعل أهم ما يطبع الشعر الغماري ونحن نتصفح قصائده هو توفره على الذاتية الملتهبة والمناجاة والتأمل العرفاني إلى حد “يشعرك معه أنه حالٌ بها، وأنه يتكلم من خلالها، وهو ما يذكرنا بالشعراء الابتداعيين العاطفيين الذين لا …يقنعون بإقامة المشاركة الوجدانية بينهم وبين الشيء، وإنما يتجاوزون ذلك كله إلى جعل الشيء يفكر بدلا منهم، ويحسّ نيابة عنهم ويعبّر عما يريدون هم أن تعبروا عنه”[16]، وهو ما نلمسه في قصائد مثل: رباعيات وتر جريح”[17]، ” مناجاة”[18]“، “أغنية اللهب الرحيم”[19]غيرها. والرموز الصوفية – عنده – يمكن حصرها فيما يلي:
أ-الرمز الأنثوي والحب الإلهي: يظفر دارس الأدب الصوفي بشعر وفير بدت فيه المرأة رمزا موحيا دالا على الحب الإلهي، ويعد الشعر الصوفي من هذه الوجهة شعرا غزليا ثَمّ للصوفية فيه التأليف بين الحب الإلهي والحب الإنساني[20]، “وسبب ذلك هو عجز الصوفيين طوال الأزمان عن إيجاد لغة للحب الإلهي تستقل عن لغة الحب الحسي كل الاستقلال والحب الإلهي لا يغزو القلب إلا بعد أن تكون قد انطبعت عليه آثار اللغة الحسية”[21]، ولا غرو في أن ينحى الغماري منحى الصوفية المتقدمين من ذلك مخاطبة الغماري ليلاه “العقيدة الإسلامية”[22]:
بعيد عنك راحلتي تجوب الليل والسفرا تآكل خطوبها في الغربة السوداء…واندثرا
بعيد عنك…لانايا فيسعدني ولا وترا تماوج كرمه الصوفي في الأعماق وزدهرا
فهنا “شوق الملاذ” بالعقيدة الإسلامية التي يودّ لو تعود “ليتماوج كرمه الصوفي”، فهو شوق المكبوت وحنين المتّقد يشبه شوق الصوفي في نزعاته ووثباته[23]، ومن مثل هذا القريض نجده في قوله[24]:
أنا فيك يا بنت السماء.. مسافر وتـري وفكـــري
متوثب في الدرب إعصارا على أشلاء دهـــري
في ظلك القدسي لملمت الرؤى.. وهتكت ستري
وعلى حناياك اخضرار شب فيه لهيــب عمــري
اني لأفنى فيك.. أمعن في الحنيـن بـزاد صبــري
شرف فنائي فيك أني قد نـدرت دمـي وفكـــري
ففي هذه الأبيات يجعل المرأة رمزا للعقيدة الربانية المنبع التي يذوب الشاعر فيها بكل مشاعره وأحاسيسه، فينحرف بالصورة الجسدية الأنثوية إلى مستوى الروحانية الصوفية. ويظهر علاقة التضاد بين واقع الشاعر ورؤاه الروحانية ومحاولة الثورة على هذا الواقع الأسيف ومحاولة تجاوزه، إما بالثورة عليه حقيقة أو على الأقل في الأحلام والأمنيات. “إن هذا الحب الذي يغمر الشاعر هو الذي يصوّره في كثير من الأحيان متصوفا يذوب عشقا في ذاته الإسلامية، ويهيم وجدا وحنينا إليها، فقد ملكت عليه ذاته، ولم يعد يفكر إلا من خلالها، بل إنه طالما صرّح بأنه لا يجد الاستقرار إلا بجانبها ولا يعرف لذة الحب والهوى إلا في أحضانها”[25]. واسمع إليه يقول[26]:
صدئ الزمان فكل لون غربــــة وعلــى الـملامــح تـجثــــم الأزراء
إلا هواكِ… عرفتـــه.. فـضممته ورعــاه منــي الجفــن ياسمـــــراء
إن قلــت آن الإيـــاب يـهيــــــــم بي سفر ويلفظ زورقي الإرســــاء
أبدا.. أظل إليك يابنت الضحـى ظمآن… تحفر في دمـي الأصداء
“إن هذا الجيشان العاطفي… يتجلى بكيفية ملموسة في هذه النزعة التي أسميها نزعة صوفية، وتذكرنا بذلك الشوق الصوفي الملتهب الذي نجده عند الشعراء المتصوفة كابن الفارض ورابعة العدوية وغيرهما، إنه الشوق الأبدي الذي يدفع إلى البحث عن الشيء، والغماري ليس متصوفا سلوكا، ولكنه متصوف فنّا إن جاز هذا التعبير، إنه دائم البحث عن شريعته، عن دينه، عن قرآنه يبحث عن هذا الوجه الذي تتجسد فيه الحقيقة الإسلامية”[27].
وصوفية الغماري صوفية فكر وبحث ومساءلة، ولهذا كان الخطاب الشعري عنده يفرض صرف الظاهر إلى الباطن، أي من المعنى إلى معنى المعنى:
كم رحت يا حبيبتـي أســأل الـقمــــــر
والليل والنجــم الطــروب عنــك والسحــــــر
كــم رحــت ياحبيبتـــي أســائـــــل القـــــــدر
وأنت في قلبي رؤى… وفي دمــي عمــــر
صوفية أسرارك النشــ وى وصـوفـي أنــا
عذرية أنغامنا البيضــ اء يـــا أم السنـــــى
نمتد فيك يــا دروبـــ ا لحب نروي سرنــــا
فتورق الأسحار همسا حين نسقي عشقنــا[28]
إنها محاولة إيجاد توافق بين صوفيته وصوفية أنثاه، لأنه باحتفائه بها ينفصل عن العالم الأرضي المادي ومن التعلق بفردوس الأنوثة، إلى العالم اللامرئي، فتأخذ المرأة بعدا جديدا تتساوق مع الباطن احتمالاته[29]. إنها مساءلة لمكونات الكون من قمر وليل ونجم…ويواصل هذه المساءلة و يصرّ عليها في أكثر من موضع من ذلك قوله[30]:
وصدى أنا..إن رحلت أسأل ما الهوى؟ الحب..إلا فيـــك.. وحل هـــوان..
أنا فيــــك .. يا ترنيمة عـــلويـــــــــة سـفـــر يـغــدي زاده إيمانـــــي
سفر مقيم في الحنايـــــا.. مبحـــــــــر في العشق..ينهل من سنى قرآني
طوفت ألفـــــا.. يحفـــر التسآل فــــي شفتي … يلوب كطائــر حيــــران
سافرت في الأبعاد.. عـبر تعاستــــــي تهوي على الأمـواج بـي أحزانــي
ولعلّ مردّ هذه المناجاة العرفانية الغمارية إلى إحساسه بالجفوة في مجتمع لا يقدر ما فيه من نبل الإحساس ، أو نتيجة انهيار آماله الواسعة، وتعذّر ظفره بالمثال المنشود، ولذلك نراه يحنّ إلى هذا النموذج الإسلامي العادل من خلال مفردات تحمل معاني التطواف والسفر والإبحار، رغم أنه يدرك تمام الإدراك هذه الحالة التي تلحّ عليه دائما وتجعله هائما تائها أبدا يبحث عن وجهه الإسلامي الحقيقي[31] من خلال المساءلة، إنها مرحلة الصوفية الوجودية “وكما كانت الوجودية قوة من أجل الحقيقة، فإن الصوفية هي خوض في الحقيقة، ولذلك تلتقي كل منهما في مبدأ المواجهة، مواجهة الواقع وتخطيه”[32]عبر الثورة الرافضة المتمردة.
فاللغة الصوفية الغمارية- إذن- لغة تجاوزية منفتحة على هاجسها الإلهي الذي يحضر في كل شيء في المرأة، في مظاهر الطبيعة، وفي عناصر الكون كله، لأن الله في عُرْف الصوفية” أراد أن يرى صورة نفسه فخلق آدم على صورته، فكان كالمرآة له، وما الإنسان، وما العالم إلا تجل من تجليات الله، ما الحب إلا حب الله، فهو المعشوق الذي لا تدرك حقيقته إلا بحركة عشق اتجاهه تتخذ من المناجاة وسيلة، ومن الخيال طريقة ومن الشعر ترجمانا”[33].
فهو حب روحي يتوجه من أسفل إلى أعلى من “الناسوت إلى اللاهوت”، وهو لذلك كثيرا -ولصدق عاطفته – يذوب عشقا في حب ليلاه الإلهية المصدر، ويفنى فيها فناء كليا، وهو من أجل هذا الحب الإلهي يستعذب الألم”[34]:
رف الحنيــن مــدى بجرحــي ممعنـــــا
وزوارقــــي فــي شـــاطــئ هيمـــــــاء
لأجلك ياكروم الله أهوى الشوق أحترق
إن لغة هذا الشعور المشبوب مرده إلى الإيحائية العميقة، ومن عرف الشاعر يؤكد بأن هذه النزعة عنده لا تبعد عن هذا الاستعمال الفني الذي عرف عند طائفة من الشعراء قبله وخاصة عند الرومانسيين وعند شعراء جماعة أبولو ولاسيما عند حسن كامل الصيرفي، وإبراهيم ناجي، وعلي محمود طه[35]. ويقول في مكان آخر:
لولاك – ياأم- ماغنّيت في عمــــري وما استوى الحن في قيتاري نغمــــا[36]
أنكرت في ليل الوجود ملامحـــــي وأراك وجــه الـطهـــر يـا سمحــــــاء[37]
اللــه اللــه في ليلى أتصلبـــهــــــا ريح الصليب.. وما تصحوبطولاتـــي[38]
بعيد عنك هيلانا فلا نجوى ولا أمل لاضوء أذوب منه أسنامـي وأغتســــل[39]
فقد وظّف الشاعر في الأبيات الثلاثة الأولى “الأم” و”السمحاء” ثم “ليلى” رموزا للإسلام، لأنه تعلّق بالعقيدة تعلق الطفل بأمه، وأضحى يتغنى بحنانها وجلالها ويحلم بالعيش تحت ظلالها، فانزاح برمزية ليلى الأنثى” إلى وجهة جديدة هي “ليلى الأم”. وقد استغل طاقة هذه الرموز المشحونة بالعواطف المثالية والعذرية فالأم وليلى التي تزال طاقتها متجددة لا تنضب رغم كونها من الرمز “المستهلك”.
أما “هيلانا”[40] التي وظفها رمزا مرة واحدة، رغم أنها أجنبية، فيعلق الشاعر على هامش القصيدة بأنها” أسطورة باكستانية إسلامية، ترمز إلى القوة الذاتية التي تكمن في أعماق العقيدة الإسلامية، تعبيرا عن مواجهتها لكل التحديات”[41] فصوفيته ثورة وجهاد[42]، وفي ذلك يقول[43]:
أنا أهواك…فانشر الله ظلا أنا أهواك ثائرا صوفيا
فالشاعر يعلن أن ثورته تنحو منحىً متمردًا على الواقع بما فيه من أوضاع وتقاليد وسياسات تتعارض مع الحلم المرتقب والأمل المنشود، ولكن صوفيته ملتزمة ليس فيها ما يدعو إلى الاستعلاء على الناس أو اعتزالهم، وليست هي دروشة وشطحات أو هالات صوفية في سبيل لقاء “ليلى الصوفية”، ولكنها حركة واعية رافضة لواقع يتنافى مع قناعات الشاعر ومنهجه في الحياة، فترى – لذلك- شعره يسبح في عالم من الانفعالات العميقة والمشاعر الثائرة التي يربط بينها حبل واحد هو حبل التعلّق بالعقيدة الإسلامية والدفاع عن حرماتها، والتي تريك شخصية الشاعر جلية ناصعة من خلال طبيعة معاناتها ونوعية انفعالاتها وأسلوب مناجاتها، فإذا بك أمام رجل قوي الشخصية، ثابت الجأش، عالي الهمّة، رهيف الإحساس، عميق الانفعال، صادق المعاناة، يتألم ولكنه لا يستسلم، ويشكو ولكنه لا ينهزم، ويهيم في الحب والاشتياق ولكنه لا ينسحب من ميدان الصراع، فهو دائما يجمع بين الوجد والرفض، بين الألم والتحدي وبين الواقع والحلم، ولا تكاد تخلو قصيدة من قصائد الديوان من هذه العواطف والمواقف[44]. وثاني أهم الرموز الصوفية عنده نذكر:
ب-الرمز الخمري: استلهمت الخمرة الصوفية رمزيها وأخيلتها من ذلك التراث الهائل للشعر الخمري الذي استكمل ملامحه النهائية في العصر العباسي، لكن سرعان ما انحرف هذا التراث الخمري بـ “إكسير العرفانية” إلى رموز شعرية، لوّح المتصوفة بها إلى معاني الحب والفناء والغيبة عن النفس بقوة الوجد الصوفي العارم، والسكر الإلهي المعنوي بمشاهدة الجمال المطلق، ومنازلة الأحوال والتجارب الذاتية العالية[45]. وإذا شئنا لذلك تمثيلا -عند الغماري – قدّمنا هذه المقتطفات:
أحباي.. هذا النبع يروي مواجــدا رواها الصباح الرطب والسحر والأسـى[46]
برعمت نجواه..فكانت صحـــوة من سكــــرها .. غــنيـــت في خفقــــــان
منه ارتوى شوق الحقيقة في دمي فـــي خافضـــي .. يـا قـــارئ القـــــرآن[47]
سيسكر الفجر من أقداح ملحمتي ويزهـــق النكســــات السود.. قرآنـــــي[48]
أساقيهم نبض الوداد.. صبابـــــة ويسقـــونــنــي ريـّــا مناجاتهـــم دنــــا
ويــروح.. يسكــر مـن ضحـــــا ه الــــدرب تــعــشــقـــــه الــــــورود
تـشـتـــاقــــــه ســمـــر الرمــــــا ل.. وتــــنتشـــي منــــه الــنجــــــــود[49]
حدثينــي عن التاريخ…منتشيــا وعن مشاويـــره السكرى عن العـــــرب[50]
وأنتشي مثل صوفـي.. بخمرتـه ليلاه في الحـــب.. فدته.. وفــداهـــــــــــا[51]
ويمكن أن نلاحظ بيسر، في هذه الأبيات المتفرقات، غلبة الرمز الخمري والمفردات الخاصة بأحوال السقي والريّ والصحو والسكر والانتشاء… وتذكرنا بظلال قصائد المتصوفة المغمورين. أما النوع الآخر من الرمز فهو:
2-الرمز الخاص: ويطلق عليه هذه التسمية “وارين” و “ويليك”[52] لأنه من اختراع الشاعر الذي يجد فيه مجالا رحبا من الحركة والحرية ويستمده من التعبير المجازي أو من الطبيعة، وأشدها اكتساحا يظهر في:
أ-الرموز اللونية: ولئن رمز الغماري للدين الإسلامي برموز أنثوية وانحرف بها إلى طرق تصدم المتلقي، فإن له من الرموز اللونية عن العقيدة وغيرها ما يدعو إلى الإدهاش، ومن شواهد هذه الرموز التي يعجّ بها شعره نذكر هذه الأبيات:
أرنو..وأبحر في الأبعاد..ظامئـــــة سفائني… وبحار الشوق تقصينـــــي
زادي شريعتي الخضراء..تطعمني ومن كرومك..ياربـــــــاه تسقينـــــي[53]
ألقاك ألقاك ياخضراء في قممـــــي في السهل..فوق الحدود السود ألقاها[54]
ويقول في مواضع أخرى:
ويزداد الظلام الأحمر المجنون من أمسـي
أما انبثقت ينابيع الضياء الحر من أمســـي[55]
بعيد عنك راحلتي… تجوب الليل والسفـرا
تآكل خطوها الغربة السـوداء … واندثـــرا[56]
غدا يا قصتي السمراء.. أجني منك إسعادي
فيخضر الدم الظمآن في أعماق أمجـــــادي[57]
تخاصــر الشـفــق الــوردي تنسجـــــه من روعة الحب ضوءا يشنق الغسقـــا[58]
قابيــل في الحمأة الزرقاء تعصره طينا ويشــرب هــــذا الــطيـــن أشقانــــــــــا[59]
حيــن يرنــو طــرفــي إلــى الحاضــــر الأصفـر يجـتــــره الأســـى الأسيــــــــان[60]
ضحى السماوات غنى البيد فاصلـــــة خضراء فاهتزت الصحراء قضبانـــــا[61]
وازدهـــر يا ضيـــاء .. فالــدرب أشـــوا ق . . تــرود الجــراح فجـــرا مطـــــــلا[62]
وأفنى فيك يا ألمي ليصحو فيك ميـــلاد لنا يا درب في مقل الشموس الخضر ميعاد[63]
فاللون الأخضر والأسمر، وإن كانا يرمزان إلى العقيدة الإسلامية، فإنهما يومِئان أيضا -كما في الأبيات التي تليها- إلى الغد المشرق والتفاؤل والانطلاق والطَّرِية وغيرها من هذه المعاني، و يستعمل اللون الوردي رمزا للأغراض نفسها، أما الليل والريح و الأسود والأحمر والأزرق والأصفر- كما هو واضح من الأبيات- فيستعملهما عندما يريد التعبير عن الشر والفساد والحرمان والقهر[64]. ويوظف أيضا :
ب-الرموز الكونية: كالشفق، الشمس، السماوات، الصحراء، الفجر، الضياء، النور… لمعاني النصر والعظمة والحرية…
وبادٍ من هذه الأبيات الحرص على التّوظيف الجماليّ للغة اللونية وتبادل معطياتها؛ من حيث تقديم الصفات الملوّنة والمجردات “الملموسة” وقد شكّلت – مع حسن السبك- وفرة من الرّوافد الجماليّة التي كثفت دلالة الرّمز على نحو لافت للنظر.
فالرمز-إذن – في شعر الغماري يكتنفه الكثير من الابتكار، إنه الصورة التي تبتعد عن أساليب البلاغة الكلاسيكية المعروفة إلى رحاب جديدة من التوسع في نظم القريض، والاستفادة كثيرا من نظرية تجاوب معطيات الحواس على نطاق غير محدود، واختراع قاموس لغوي فني جديد غني بألفاظ الطبيعة ويرتبط بها ارتباطا كليا، فلا تكاد تنتهي من قصيدة وتبدأ في أخرى إلا ولاحقتك كلمات من مثل الإيراق والاخضرار والإزهار والضياء… وغيرها من المعاني المنتقاة من الطبيعة.
وقد اتصفت كثير من صور الغماري الرمزية بالعمق والقوة والأصالة لما تحمله من شحنة نفسية أو لما تحمله من المعاني القوية أو لطرافتها وجدتها، وحسبنا أن نقرأ له هذه الأبيات الجميلة[65]:
وأنا الربيع سرى.. فكان “محمـــــد” يسقي الوجود.. حلاوة الإيمـان
وطلعتَ.. فانتحر الظلام فكـيــــــف لا؟ والضــــوء منبثــق من القــــــــــرآن
ومشيت في خطوَيْك يكتحل الثـــرى فتسبح الصحــراء للرحمــــــــــــــان
عيناي تـغـتبقــان كرم عقيدتـــــــــي والكون يضرب شارد الأجفـــــــــــان
والله.. جلجل في السمــاء ضيـــــــاؤه والتيه. . يحسبــه مـن الألحــــــــــان
أنا هاهنا.. كالعهد.. لم يثن الخطـــــا سأم.. ولــست مفارقـا إيمــــــــــاني
وما يمكن ملاحظته أن الشاعر قد استغلّ جميع الأساليب البيانية المعروفة وتحكّم بها بدليل كثرة حضورها وقوة سبكها، وقد استطاع أن يحوّل لغته الشعرية إلى لغة رمزية إيحائية متجاوزة للواقع. ولئن كشفت النماذج السابقة قدرة الشاعر على إبداع صوره ومقدرته على تشكيلها في إطار فني جميل يوحي بالفكرة فإن مردّ ذلك إلى الاندماج الكلي للشاعر وصدق إحساسه وشعوره ومعايشته الحقة وشخصيته الإنسانية، وقدرته التخيلية.
ومستوى الأداء البلاغي للصورة الرمزية يُظهر براعة الناصية الشعرية للغماري، وعلو كعبه في طرق أرقى مستويات التخيّل الفني في أبهى وأجمل صياغة.
وعموما أهم معالم هذه الرمزية التي تبنَّتْها جماعة أبولو و الغماري تظهر فيما يلي[66]:
1-إقامة التعبير الجزئي على الوسائل الرمزية للتجريد، من تراسل بين المحسوسات، ثم بينها وبين المعاني المجردة، مع ما يقترن بذلك من دقة في اختيار اللفظة الموحية، وتجديد في بعض العلاقات التركيبية من مثل غرابة الأوصاف التي تستند إلى موصوفات ليست من نمطها.
2-بناء الصور الرمزية على المقررات الرمزية السابقة، بالاعتماد على تجسيد المعنويات وتشخيص المجردات أو الماديات الجامدة، مع ما يقترن بذلك من تظليل الصورة وتكثيف إيحائها.
(د/ نـور محمد، المركز الجامعي –مغنية- تلمسان، الجزائر)
المصادر والمراجع:
- أستن واريل و رينيه ويليك، نظرية الأدب ، تر: محي الدين صبحي، المجلس الأعلى لرعاية الفنون، بغداد.
- ابن رشيق: العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده، ج1، دار الجيل، بيروت، لبنان، ط5، 1981.
- عبد الحميد هيمة، علامات في الإبداع الجزائري، ج1، ط2، رابطة أهل القلم،2006.
- عبد القادر فتوح، الرؤيا والتأويل (مدخل لقراءة القصيدة الجزائرية المعاصرة) ط1، دار الوصال، الجزائر، 1994.
- عبد المالك بومنجل، الموازنة بين الجزائريين: مفدي زكريا ومصطفى الغماري، دراسة نقدية أسلوبية موازنة، دار قرطبة للنشر والتوزيع، ط1، 2015.
- عز الدين إسماعيل، الشعر العربي المعاصر، دار الكتاب العربي، القاهرة، 1967.
- عاطف جودة نصر، دار الأندلس للطباعة والنشر والتوزيع، دار الكندي، بيروت،1978، ط1.
- محمد عبد المنعم خفاجي، الأدب في التراث الصوفي، مكتبة دار غريب للنشر، مصر.
- محمد الكحلاوي، الرمز والرمزية في النص الصوفي ابن عربي نموذجا، مجلة الحياة الثقافية، تونس،ع .1996
- مصطفى محمد الغماري، ديوان أسرار الغربة، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، 1982.
- يحياوي الطاهر، البعد الفني والفكري عند الشاعر مصطفى الغماري، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر،1983.
- يحي الشيخ صالح، شعر الثورة عند مفدي زكريا، دراسة تحليلية جمالية، دار البعث الجزائر،1987.
[1] – عبد المالك بومنجل، الموازنة بين الجزائريين: مفدي زكرياء ومصطفى الغماري، دراسة نقدية أسلوبية موازنة، دار قرطبة للنشر والتوزيع، ط1، 2015،ص272
[2] – ابن رشيق: العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده، ج1، دار الجيل، بيروت، لبنان، ط5، 1981، ص206
[3] – عبد الملك بومنجل، الموازنة بين الجزائريين، مرجع سابق، ص279
[4] – عبد الملك بومنجل، الموازنة بين الجزائريين،المرجع السابق والصفحة نفسها
[5] – عبد الملك بومنجل، الموازنة بين الجزائريين، مرجع سبق ذكره، ص276
[6] – عاطف جودة نصر، دار الأندلس للطباعة والنشر والتوزيع، دار الكندي، بيروت،1978، ط1، ص20
[7] – عز الدين إسماعيل، الشعر العربي المعاصر، دار الكتاب العربي، القاهرة، 1967، ص200
[8] – عز الدين إسماعيل، الشعر العربي المعاصر، المرجع السابق والصفحة نفسها
[9] – يحي الشيخ صالح، شعر الثورة عند مفدي زكرياء، دراسة تحليلية جمالية، دار البعث الجزائر،1987، ص336
[10] – مصطفى محمد الغماري، ديوان أسرار الغربة، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر،1982،ص185.
[11] – مصطفى محمد الغماري، أسرار الغربة، المرجع السابق، ص125
[12] – مصطفى محمد الغماري، أسرار الغربة، مرجع سابق، ص66
[13] – عبد الملك بومنجل، الموازنة بين الجزائريين، مرجع سابق، ص279
[14] – مصطفى محمد الغماري، أسرار الغربة، مرجع سبق ذكره، ص66/106
[15] – مصطفى محمد الغماري، أسرار الغربة، مرجع سابق، ص74
[16] – محمد ناصر، مقدمة ديوان أسرار الغربة، مرجع سبق ذكره، ص17- 18
[17] – مصطفى محمد الغماري، أسرار الغربة، ص135
[18] – مصطفى محمد الغماري، أسرار الغربة، ص139
[19] – مصطفى محمد الغماري، أسرار الغربة، ص171
[20] – عاطف جودة نصر، الرمز الشعري عند الصوفية، دار الأندلس للطباعة والنشر والتوزيع، دار الكندي، بيروت، 1978، ط1، ص162
[21] – محمد عبد المنعم خفاجي، الأدب في التراث الصوفي، مكتبة دار غريب للنشر، مصر، د.ت، ص182
[22] – مصطفى محمد الغماري، أسرار الغربة، ص37
[23] – يحياوي الطاهر، البعد الفني والفكري عند الشاعر مصطفى الغماري، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر،1983،ص133
[24] – مصطفى محمد الغماري، أسرار الغربة، ص173
[25] – محمد ناصر، مقدمة ديوان أسرار الغربة، مرجع سبق ذكره ، ص13
[26] – مصطفى محمد الغماري، أسرار الغربة، ص65 -66
[27] – محمد ناصر، مقدمة الديوان ، مرجع سبق ذكره ، ص20
[28] – مصطفى محمد الغماري، ديوان أسرار الغربة، مرجع سابق، ص140/143
[29] – عبد الحميد هيمة، علامات في الإبداع الجزائري، ج1، ط2، رابطة أهل القلم،2006، ص28
[30] – مصطفى محمد الغماري، ديوان أسرار الغربة، مرجع سابق، ص86
[31] – محمد ناصر، مقدمة الديوان ، مرجع سبق ذكره، ص19
[32] – عبد القادر فتوح، الرؤيا والتأويل (مدخل لقراءة القصيدة الجزائرية المعاصرة) ط1، دار الوصال، الجزائر، 1994، ص58
[33] – محمد الكحلاوي، الرمز والرمزية في النص الصوفي ابن عربي نموذجا، مجلة الحياة الثقافية، تونس،ع75،1996، ص28- 29
[34] – محمد الكحلاوي، الرمز والرمزية ، المرجع السابق و الصفحة نفسها
[35] – محمد ناصر، مقدمة ديوان أسرار الغربة، مرجع سبق ذكره، ص21
[36] – مصطفى محمد الغماري، أسرار الغربة، مرجع سبق ذكره، ص55
[37] – مصطفى محمد الغماري، أسرار الغربة، مرجع سابق، ص65
[38] – مصطفى محمد الغماري، أسرار الغربة، مرجع سبق ذكره، ص52
[39] – مصطفى محمد الغماري، أسرار الغربة، مرجع سبق ذكره، ص38
[40] – مصطفى محمد الغماري، أسرار الغربة، مرجع سبق ذكره، ص37
[41] – مصطفى محمد الغماري، أسرار الغربة، المرجع السابق والصفحة نفسها
[42] – يحياوي الطاهر، البعد الفني والفكري عند الشاعر مصطفى الغماري، المرجع السابق ص135
[43] – مصطفى محمد الغماري، أسرار الغربة، مرجع سبق ذكره، ص74
[44] -عبد الملك بومنجل، الموازنة بين الجزائريين، مفدي زكرياء ومصطفى الغماري، مرجع سابق، ص47
[45] – عاطف جودة نصر، الرمز الشعري عند الصوفية، دار الأندلس للطباعة والنشر والتوزيع، دار الكندي، بيروت، 1978، ط1، ص340
[46] – مصطفى محمد الغماري، ديوان أسرار الغربة، المرجع السابق، ص89
[47]– مصطفى محمد الغماري، ديوان أسرار الغربة، المرجع السابق، ص87
[48] – مصطفى محمد الغماري، أسرار الغربة، مرجع سابق، ص57
[49] – مصطفى محمد الغماري، ديوان أسرار الغربة، مرجع سبق ذكره، ص161
[50] – مصطفى محمد الغماري، ديوان أسرار الغربة، مرجع سبق ذكره، ص149
[51] – مصطفى محمد الغماري، أسرار الغربة، مرجع سابق، ص51
[52] – أستن واريل و رينيه ويليك، نظرية الأدب ، تر: محي الدين صبحي، المجلس الأعلى لرعاية الفنون، بغداد، د.ت، ص255
[53] – مصطفى محمد الغماري، أسرار الغربة، مرجع سبق ذكره، ص55
[54] – مصطفى محمد الغماري، أسرار الغربة، مرجع سبق ذكره، ص51
[55] – مصطفى محمد الغماري، أسرار الغربة، مرجع سبق ذكره، ص39- ص40
[56] – مصطفى محمد الغماري، أسرار الغربة، مرجع سابق، ص37
[57] – مصطفى محمد الغماري، أسرار الغربة، مرجع سابق، ص137
[58] – مصطفى محمد الغماري، أسرار الغربة، مرجع سابق، ص50
[59] – مصطفى محمد الغماري، أسرار الغربة، مرجع سابق، ص137
[60] – مصطفى محمد الغماري، أسرار الغربة، مرجع سابق، ص121
[61] – مصطفى محمد الغماري، أسرار الغربة، مرجع سبق ذكره، ص50
[62] – مصطفى محمد الغماري، أسرار الغربة، مرجع سبق ذكره، ص69
[63] – مصطفى محمد الغماري، أسرار الغربة، مرجع سبق ذكره، ص170
[64] – محمد ناصر، مقدمة ديوان أسرار الغربة، مرجع سبق ذكره، ص26
[65] – مصطفى محمد الغماري، أسرار الغربة،رجع سبق ذكره، ص60،62
[66] – الملك بومنجل، الموازنة بين الجزائريين، مرجع سبق ذكره، ص287، 288