دة. خديجة عماري –باحثة من المغرب
ملخص البحث:
إذا كانت النار قديما مع الإنسان البدائي سببا من أسباب اختراع اللغة من أجل التواصل، فرمز النار اليوم هو الفضاء السيبيراني الذي يتيح لك بكبسة زر أن تكون في أكثر من مكان وتتواصل مع هذا العالم الشاسع دون تأشيرة، تكفيك اللغة، والصورة، والرموز (les Émoticônes ) والروابط (links) لتتواصل. لكن أمام هذه المتغيرات هل ظل الإنسان كما كان قبلها؟ أم تغير وتغير بذلك نمط تفكيره وتعبيره وذوقه، واختياراته؟ وإن من أبرز المتغيرات طرق الإبداع البشري، ولأن هذا المقال موضوعه الرواية والأفق السيبيراني سنحاول التعرف على المراحل التي عرفتها الرواية من الرقمنة إلى التشعيبية؟ وكيف أسهم الكاتب اليوم في تحويل نصوصه الإبداعية لنصوص ذكية أو ما يعرف بـ”الأدب الذكي”؟ وهل النصوص المنتجة تتناسب على مستوى المضمون والبناء الروائي مع هذا النمط المتجدد من الإبداع حتى تكون قابلة لتحويلها لرواية سيبيرانية؟ ثم ما القضايا الكبرى التي ظهرت مع هذا التطور التكنلوجي الهائل الذي تشهده البشرية اليوم؟ وكيف تناول الكُتاب هذه القضايا على مستوى النصوص الإبداعية المنجزة؟ هذه مجموعة من الأسئلة التي يحاول هذا المقال الإجابة عنها، بالإضافة لأهمية الوقوف عند أدب الطفل التشعيبي وما أفرزه من تحولات.
كلمات مفاتيح: الرواية – الأدب الرقمي- الأدب التفاعلي- الفردانية- الروابط- الرواية السبيرانية

إضاءة:
تغير نمط حياة الأفراد مع التطور الرقمي الذي شهده العالم في ربع القرن الأخير بل تغير نمط تفكيرهم، نتيجة هيمنة التكنلوجيا الرقمية، خصوصا مع توفر الاتصال بشبكات 5G التي جعلت الربط بين الشبكات المعلوماتية أمرا سهلا وسريعا، ودون بدل جهد كبير، يكفي امتلاكك هاتفا أو لوحة ذكية أو حاسوبا لتصبح جزءا من الواقع الافتراضي، الذي جعل العالم كله “ليس قرية صغيرة كما كان شائعا -في عصر التكنولوجيا – بل أصغر من حجرة صغيرة في بيت، أصبح العالم شاشة، مجرد شاشة زرقاء”[1]، فتغير مفهوم المكان والزمان، وبالتبع تغيرت علاقة الانسان بهما معا وبالآخر. إنه العصر الجديد!
لقد أضحى “كل ما حولنا اليوم ينبئ بدخولنا عصر مدن المعرفة، فممارساتنا اليومية تتسم بالرقمية والتكنلوجية بشكل كبير، ولا ننسى أننا اليوم نحيا في عصر المعلوماتية والتكنلوجيا بحيث تغلغلت معطيات هذا العصر في كل جزئية من جزئيات الحياة الاستهلاكية والإنتاجية، من الموبايل والكمرات، وأزرار الريمونت كونترول، والبحث الفضائي، والشات على النت والبريد الالكتروني”[2]، ولعل كل ما سبق عصر الكورونا من ثورة على مستوى الأجهزة الحديثة، وتعميم للتعاملات الرقمية التي يمكن أن تعفيك من التنقل من مكان لآخر حتى تقوم بها، وتأسيس قنوات ومعاهد تعليمية لهذا النمط من التعامل الرقمي الجديد، خصوصا في بلدان العالم الثالث التي لايزال التأقلم فيها مع الوضع الجديد متعثرا.
إن هذا النظام العالمي الجديد الذي لم يكن من المتوقع أن نصبح جزءا من منظومته، قد أُدخلنا إليه بقوة الموجات المتوالية للكوفيد-19 الذي ينتقل عن طريق ملامسة الأسطح وعبر الهواء، ما ألزمنا البقاء في البيت وبالتالي أن نتواصل مع العالم الخارجي من خلال شاشة الهاتف أو الحاسوب لأزيد من عام ونصف. حتى تستمر أنشطة الإنسان الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتعليمية، ولكن يبقى لهذه التجربة الصعبة إيجابياتها التي طورت حياتنا وأقحمتنا في مدن المعرفة الجديدة، وسلبياتها التي سنتعرف على بعضها في محور “الجناب المظلم للتكنولوجيا”.
- الأدب والثورة التكنلوجية
عدد مشتاق عباس معن نتائج الثورة الرقمية في تقديمه لكتاب “الأدب التفاعلي” قائلا: “من بين ما أفرزته هذه الثورة المعارف التكنلوجية ومعالم إبداعية: التجارة الالكترونية والديمقراطية الالكترونية، والمحاكم الالكترونية، والأدب الالكتروني ويمثل هذا الأخير الجيل الأول من معطيات تلك الثورة، ويراد به: النص المكتوب على الحاسب الإلكتروني، ولكن الأمر تطور بحيث أفاد المبدع من معطيات البرمجة الحاسوبية فاستثمر الصورة والصوت في بناء النص الأدبي ولكن من دون أن يكون البناء متفرعا كصفحات الأنترنت فسمي هذا الضرب الذي يمثل الجيل الثاني (الأدب الرقمي)، وحين استحدثت تقنية الهايبر تكست Hypertexte بدأ الجيل الأحدث من الأدب الإلكتروني الذي أضحى يسمى بالأدب التفاعلي، وما يميز هذا الجيل عن سابقه أنه استثمر المستويات البنائية جميعها: الحرفية والصورية والسمعية، فضلا عن توليف هذه المستويات في بناء متفرع بشكل لا خطي غير معلوم البداية والنهاية”[3]، وبناء على ما سبق ذكره، نستنتج أن المراحل التي عرفها الأدب التفاعلي، أو سيعرفها هي:
- الأدب الإلكتروني: النص المرقون على الحاسوب أو المصورScanned
- الأدب الرقمي: استثمر الصورة والصوت، دون أن يحتوي على روابط تسهم في تفرع النص.
- الأدب التفاعلي/ الهايبر تكست Hypertext: وهو أحدث ما وصله له النص الإبداعي، فبالإضافة للصورة والصوت، والروابط التي قد يقودك كل رابط منها لنهاية محتملة للنص موضوع التفاعل، تحولت معه وتبدلت التسميات المعتادة للنص الإبداعي، فأصبحت:
- الشخصيات: “شخصية افتراضية”.
- الزمن: “الزمن الافتراضي”.
- والأحداث المحتملة التي قد تبنى من خلال الروابط اللامنتهية أصبحت تعرف بــــــ: “لا خطية الأحداث”.
- القارئ: القارئ المتفاعل/التفاعلي.
- الناقد: الناقد الافتراضي/ الناقد التفاعلي.
عرف أمجد حميد عبد الله الأدب التفاعلي بكونه “الأدب الذي يوظف معطيات التكنلوجيا الحديثة في تقديم جنس أدبي جديد يجمع بين الأدبية والإلكترونية، ولا يمكن أن يأتي لمتلقيه إلا عبر الوسيط، أي من خلال الشاشة الزرقاء، ولا يكون هذا الأدب تفاعليا إلا إذا أعطى المتلقي مساحة تعادل أو تزيد عن مساحة المبدع الأصلي، وأما ياسر منجي فيعرف الأدب التفاعلي بكونه النص الذي يستعين بالوسيط الإلكتروني وفضائه المعلوماتي-الإنترنت- لتوصيل الأدب وصياغته النصية”[4]، وهذا شرط ضروري ليتحقق اكتمال النص التفاعلي، فهو مبني أساسا على روابط تعمل بمساعدة الأنترنت. وعلى سبيل المثال نقف عند رواية “الأزرق والهدهد عشق في الفيسبوك” لجاهدة وهبة، وهي عبارة عن رواية-شات موضوعها دردشة على الخاص بين حسابين يعود كل منهما لهدى وإيدر، تبدأ علاقة كل واحد منهما بالآخر من خلال بعث طلب صداقة وقبوله، لتتطور الدردشة لعلاقة حب، أحد أطرافها مجهول الهوية، لا يحمل حسابه صورة حقيقية لصاحبته ولا اسما حقيقيا وهو حساب هدى، التي ترفض الإفصاح عن هويتها، وعندما يلح إيدر في طلبه يتم مسح الحساب.
صدرت رواية “الأزرق والهدهد عشق في الفيسبوك” ورقية، لكن بمقومات الأدب التفاعلي، وذلك كونها تشتمل على:
- دردشة بين حسابين فيسبوكيين لكل من هدى وإيدر.
- روابط رقمية لمقاطع أغاني: رابط أغنية للمطربة المغربية لطيفة رأفت (ص:21) / رابط أغنية للمطربة اللبنانية جاهدة وهبة، تبعثها هدى لإيدر[5](ص:33)/ رابط لفيديو معنون بA une passante (ص: 47)[6].
- قصائد شعر: رابط قصيدة محمود درويش “انتظرها”، تبعثها هدى لإيدر (ص:65)[7].
- صور ملونة: كلوحة “القبلة” لـغوستاف كليمت Gustave Klimt(ص:15)[8] / ولوحة “العشاق” لروني ماغريب Ronnie Magribالتي يبعثها إيدر لهدى (ص:37)[9]. إن هذه اللوحات والقصائد والأغاني التي يسهل تحميلها وتقاسمها في غرف الدردشة تعتبر شكلا من أشكال التعبير الهامة والراهنة والتي يتم توظيفها في هذا الوسيط، كما هو معروف، سواء في عمل متخيل أو في واقعنا.
لكن ما الذي دفع الكاتبة جاهدة وهبة لإصدار رواية بمقومات أدب تفاعلي ورقية؟ ولو أنها حافظت على المكون الشكلي لوسيط التواصل الاجتماعي فيسبوك من خلال إخراج صفحاتها على منوال صفحة الدردشة الفيسبوكية، هل الدافع هو وضع الملتقي في الإطار المكاني والزماني القادمة منه أحداث الرواية؟ أو لصعوبة إخراج العمل سيبيرانيا!
نشر محمد سناجلة روايته “ظلال الواحد” ورقية بعد النشر الالكتروني، ويصف تجربته بقوله “فوجئت بأن العديد أو الغالبية العظمى من المثقفين في وسطنا الأدبي لم يقرأ الرواية، واتضح لي أن هناك العديد منهم لا يعرف حتى التعامل مع جهاز الحاسوب، بينما قال البعض الآخر إنهم غير معتادين على القراءة عبر الإنترنت، وهو الشيء الذي دفعني إلى إعادة نشر الرواية في كتاب ورقي مطبوع كما العادة، وقد كان هذا خيارا صعبا ذلك أن الرواية مكتوبة باستخدام التقنيات الرقمية وبالذات تقنية links المستخدمة في بناء صفحات ومواقع الإنترنت، كما أنني كنت قد بدأت باستخدام لغة جديدة في الكتابة تحتوي إضافة للكلمات على المؤثرات السمع بصرية، وفن المحاكاة وغيرها من التقنيات الرقمية المستخدمة”[10]، ويضيف “كان الأمر في غاية السهولة عند نشر الرواية بصيغتها الرقمية على شبكة الإنترنت، فلم يكن الأمر يحتاج أكثر من ضغطة صغيرة على الماوس لتدخل من link إلى آخر، ولكن الصعوبة الكبرى كانت عندما أردت نشر الرواية في كتاب ورقي، فلم يكن من الممكن التعبير عن كل ذلك ووضع كافة الخيوط السردية ضمن الإمكانات الضئيلة التي تقدمها الصفحة الورقية، هذا بالإضافة إلى أن الصفحة الورقية لا تسمح باستخدام الأدوات الأخرى في الكتابة، فهي لا تسمح بإدخال فن المحاكاة، ولا إدخال المشاهد السينمائية أو المؤثرات السمع بصرية التي كانت تعتبر جزءا لا يتجزأ من الرواية بصيغتها الرقمية، هذا ناهيك عن صعوبة القراءة باستخدام الأعمدة”[11]، وهذا يبين مدى صعوبة أن يشتغل الكاتب على تقنية النص التفاعلي، فهذا يتطلب منه القدرة على خلق عالم مبني على المعرفة العلمية الدقيقة بتقنيات الحاسوب والإمكانات السينمائية التي يمكن أن تخدم النص، حيث تصبح الصورة والصوت والموسيقى والمشاهد المتنقلة من خلال الروابط جزءا مهما من هذا الإبداع الذي يطل علينا من عالم افتراضي. وبالمقابل هذا النمط المتقدم من الإبداع يحتاج قارئا يتقن التعامل مع الحاسوب، مع هذا النوع من القراء هل سيسمح الكاتب للنص بأن يموت مادام لم يتلق ذلك الاقبال الذي كان يتوقعه وهو يشتغل عليه سيبيرانيا؟ أو يشتغل على إحيائه ورقيا.
- اختبار القارئ
إن تجربة جاهدة وهبة -كمثال-منحصرة منذ البداية في كسر العرف الكتابي المألوف لرواية كلاسيكية إلى تجريب نوع جديد يغيب فيه الوصف، والسرد والسارد/والراوي لتطغى الحوارات على باقي المكونات، كمحاولة من الكاتبة لنقل تجربة من تجارب اليومي التي من المحتمل أن يعيشها أي واحد منا في هذا الفضاء الإلكتروني المتعدد، من خلال عمل روائي تجريبي يحمل الملامح الشكلية لموقع شات افتراضي.
قام بعض الكتاب بنشر مقاطع من مؤلفاتهم قيد التأليف على صفحات أو جروبات الفيسبوكية، سعيا لتلقي انطباعات المتلقين مع منشوره، تلك التفاعلات التي سيسهم من خلالها الكاتب أو الكاتبة في بناء الأحداث المقبلة، وقد يشرك الكاتب متلقيه في اختيار أنسب غلاف لعمله، أو أنسب عنوان (العتبات التفاعلية)، معيدا بذلك الكاتب أو المؤلف الأول، والنص التفاعلي، والمتلقي التفاعلي للواجهة، دون موت أو إقصاء أحدهم على حساب الآخر، وقد يستمر الكاتب في إعطاء صور متخيلة لكيف تخيل مكانا ما في روايته، أو شخصية ما، كما فعل الكاتب المغربي عبد الكريم جويطي عندما نشر عبر حسابه الفيسبوكي لوحتين واصفتين لما جاء في كل من الجزء الأول والجزء الثاني من روايته “ثورة الأيام الأربعة”[12]، إذ نشر التالي: “لوحات زيتية رسمتها لمشاهد كما تخيلتها وأنا أكتب الجزء الأول من رباعية: ثورة الأيام الأربعة، هناك مدخل الماخور وتودا تنتظر، وهناك نساء الربوة، وهناك حفل الثكنة، وهناك مشهد وادي ايرس من زاوية الثكنة، فعلت الأمر نفسه وأنا أكتب الجزء الثاني.. “. مقطع نشره الكاتب بتاريخ26يونيو 2022 على جدار صفحته الفيسبوكية.
- الأدب-الميتافيرس: هل هو المستقبل المرتقب للإبداع الأدبي[13]؟
يتطلب هذا النوع من الإبداع كاتبا مختلفا، كاتبا تعدت ملكته الإبداعية المألوفة لمستوى المعرفة بالعالم التكنلوجي وإتقان مختلف المهارات التي تساعده على تأليف نص إبداعي تفاعلي، وقد سبق أن أشار كل من إياد إبراهيم فليح الباوي. وحافظ محمد عباس الشمري. في كتابهما “الأدب التفاعلي الرقمي الولادة وتغير الوسيط” لنفس الفكرة، إذ يؤكدان على “ضرورة توفر المؤلف على مجموعة من المهارات والمواهب الأخرى كتقنيات الحاسوب وتقنيات الإخراج السينمائي والمونتاج”[14]، ليؤلف لنا نصا بمقاييس الأدب التفاعلي الحديث، كما أن الناقد الذي سيتلقى هذه النصوص بالدراسة والتحليل يجب أن يكون سباقا معرفيا وتقنيا لهذه المكونات الجديدة حتى ينتج لنا نقدا مواكبا يوازي إمكانات النص التفاعلي، ومهارات المؤلف أو المؤلفين. لابد أن يكون ناقد اليوم مخضرما حتى يستطيع أن يفهم ذلك التحول والانتقال من الورقي بعوالمه الإبداعية التي تكتفي بمخيلة ومعرفة القارئ إلى الانفتاح على العالم السيبيراني بمكوناته المتعددة والتي تتسم بالجدة.
إننا، في الواقع، “نعيش الآن مرحلة فريدة حقا من تاريخ البشرية، يتدفق فيها سيل هائل من المعلومات، ونشهد خلالها الكثير من التحولات التي تشوش أفكارنا، وربما لن يشهد الناس مثيلا لها. تحولات كأنها الزلزال في نمط العيش والتفكير بسبب الانتشار السريع للتقنيات الجديدة وهيمنتها على حياتنا اليومية، كل تلك الأشياء غيرت علاقتنا مع الآخرين، وأساليب عملنا، وطرق تسوقنا، وتجمعاتنا، وكل شيء تقريبا، هذه اللحظة من الزمن تكاد تشبه حقبة التنوير (1650-1800) حيث حصلت تحولات جذرية في الوعي، والمعرفة، والتكنولوجيا، ورافقتها تغيرات اجتماعية كبرى”[15]، ظهرت وستظهر على مستوى الإبداع البشري، وقد يفوقه الذكاء الاصطناعي كما هو الحال مع برامج تعوض الإنسان، ابتكارا، وتأليفا ورسما.
وكذلك الأمر مع برامج الرسم بواسطة الذكاء الاصطناعي كتطبيق مدفوع الأجر Wonder AIـ وغيره من البرامج والتي من المحتمل أن يستخدمها الكتاب المبدعون الذين لديهم خبرة بالهندسة الحاسوبية والذين يستطيعون دمج الإبداع الكتابي (الرواية أو القصة أو الشعر، أو المسرح…) بالذكاء الاصطناعي لخلق عوالم مختلفة، لا يقصى فيها النص ولا الروابط الرقيمة اللامنتهية التي تساهم بشكل مهم في بناء النصوص الإبداعية موضوعا وشكلا فنيا. بل قد يصبح للنص الإبداعي أكثر من كاتب ومبرمج لتخلق بذلك نصوص تشاركية تفاعلية.
إن الأدب السبيراني ثورة معرفية حقيقية لن يتمكن من إنتاجها إلا الكاتب الموسوعي، كثير الاطلاع، دائم البحث، صاحب رؤية مختلفة لأدب لا يفوق الواقع لدرجة التماهي مع أدب خال من شاعرية اللغة، يترك مساحة للمتلقي في بناء عوالمه بمخيلته، يعرف متى يكون الرابط link بنًاءً، ومتى يكون تقديم الصورة أو المقطع الصوتي مهما لبناء الأحداث داخل العمل الإبداعي، دون إلغاء مكون الوصف الذي يعتبر واحدا من أهم أدوات البناء السردي، كونه يحفز مخيلة القارئ وينشطها. ربما كانت جاهدة وهبة ذكية وهي تخفي هويتها عن إيدر بل عن القراء لتترك خيالاتنا تجنح في رسم صورة لها. إن كتابة هذا النوع من الأعمال لا يعتمد على عرض مهارات الكاتب الحاسوبية، بل قدرته على جذب القارئ من عالمه الواقعي إلى ذلك الافتراضي المتخيل بقوة السرد، وجمالية اللغة، وروعة معمارية البناء الفني الذي يتناسب مع الرواية السيبيرانية عموما.
إن قارئ رواية ” الأزرق والهدهد عشق في الفيسبوك” سيلاحظ حنكة الكاتبة في رسم أرضية لهذا النمط من الكتابة، فقد أحسنت على مستوى الشكل والبناء وتوظيف الروابط والصور، والفيديوهات، والتعليق على المنشورات، والنشر الفيسبوكي، والتحميل الصوتي لتجعل من عملها الإبداعي نموذجا لرواية جاهزة لأن تكون سبيرانية كاملة المقومات، ونفس الأمر يمكن قوله مع رواية “لا أتنفس” للكاتبة زهور كرام.
- الجانب المظلم للتطور التكنلوجي
قد يعترض البعض على هيمنة الآلة على حياة الإنسان لكونها تجمع كل بياناته وتحفظها ما قد يلغي الخصوصية، وقد تُستخدم ضده بشكل غير أخلاقي وغير قانوني، فتجعل ما هو خاص معرض للسرقة و”التهكير”، من شخص مقرب، أو من شخص مجهول قصد سرقة حسابه البنكي، أو للحصول على أسراره الخاصة وتهديده بها مقابل الحصول على خدمة أو مال، وقد لا يتعدى الأمر الرغبة بالتسلية، كما في رواية “هوت ماروك” للكاتب ياسين عدنان في فصل “السنجاب يدخل العلبة الزرقاء” عندما بدأ رحال نشاطه السبيراني، فتح حسابا لشخصية وهمية “اختار لها اسم هيام، هكذا. تولها بحب هيام، تاريخ الازدياد 14فبرابر 1990. الجنس امرأة. الوضعية العاطفية: c’est compliqué “[16]، وبدأ رحال بتحسس ردود أفعال مختلف الحسابات التي تعود لذكور، وقد لقي حسابها تفاعلا فوريا إذ توالت طلبات الصداقة على حسابها والتعاليق على منشوراتها، على العكس من حساب “سمير الليل والنهار”، كنوع من دراسة ميدانية (لسلوك النوع في الفضاء السيبيراني) لكن ما قام به رحال ليس بعمل بحثي بل لا أخلاقي!
وهذا يحيلنا على رأي الطبيبة الأيرلندية ماري آيكن Mary Aiken، التي ترى أن “السلوك البشري غالبا ما يتضخم ويتسارع على الهواء، الإحساس بالإيثار، على سبيل المثال، يتضاعف على الهواء- وهذا يعني أن الناس ربما يكونون كرماء ومستعدين للعطاء في الفضاء السبيراني أكثر مما يحصل إذا التقوا وجها لوجه”[17]، الشيء الذي يمكن إسقاطُعه على العطاء العاطفي، فقد تجد عددا من الأفراد –الذكور والإناث على حد سواء- أكثر تعبيرا عن مشاعر الإعجاب والحب، لغرباء تعرفوا عليهم من خلال مواقع تواصل اجتماعي الهدف منها الدردشة أو التعارف، أو أهداف أخرى عملية وشخصية كفيسبوك، وبالنظر إلى رواية “هوت ماروك” فلدينا الحساب الوهمي الذي أطلق عليه رحال اسم “هيام”، سابق الذكر أعلاه، وحسابات أخرى أنشأها لأغراض متباينة، في حين نجد مقابل الحسابات الافتراضية المتحررة من قيود الواقع شخص انطوائي وغير اجتماعي، فأصبح هذا الفضاء الذي لا نعرف فيه بعضنا البعض يتيح له فرصة وحصانة آمنة يقدم من خلالها الصورة التي ترضيه لينتقم من خصومه.
إن شخصية رحال كما صورها لنا السارد لا تعكس طباع شخص رومانسي عاشق وحالم، ومن يعرف رحال يستنكر أن يكون هو نفسه صاحب حساب الشخصية هيام أو سمير الليل -شخصيتان افتراضيتان تتفاعلان مع المتابعين الافتراضيين – لكن ولا واحدة منهما تشبهه، ربما لأن غرضه من صنعهما هو الإطاحة بالآخرين، والتلاعب بهم في مكان افتراضي يحس معه أنه شخص حر وقوي! يعبر عن مشاعر الغضب والانتقام، والاندفاع والانتقاد ولذة الانتصار الوهمي، ويعيدنا هذا للتفكير من جديد في “أنواع الحرية الجديدة، التي أصبحت متاحة على الهواء كانت مذهلة وتشكل حتما مصدر إغراء لملايين البشر، ويعتبر مفهوم الحرية المطلقة عنصرا جوهريا ضمن أيديولوجيا الإنترنت. لكن هل يمكن أن تتحول هذه الحرية إلى مفسدة؟ هل تفسد الحرية المطلقة كل شيء؟ المزيد من الحرية للأفراد يعني فقدان سيطرة المجتمع على الفرد” [18]. ونرى أن هذا يحدث مع نموذج شخصية “رحال”، لكن سيتضح فيما بعد أن هذا الفضاء أيضا مراقب، نتيجة لذلك سيفقد لذة هذه الحرية التي كانت متاحة وهو يستغل شخصيات وهمية ليعبر عن آرائه ومشاعره في الموقع الإخباري الإلكتروني “الشعب”، وعلى الفيسبوك إلى حين كشف المخبرون حقيقة متابعتهم لنشاطاته وإعجابهم بنتائج بصماته السيبيرانية، أو كما أطلقت عليها الطبيبة وعالمة النفس ماري آيكن Mary Aiken “الغبار السيبيراني” كونها تشبه البصمات والمتعلقات التي يتركها المجرمون خلفهم في مسرح الجريمة. رحال لم يكن خبيرا بالشؤون السيبيرانية فلم يكن قادرا على إخفاء مكان تواصله على النت، وربما لم يكن هذا النوع من المعرفة التقنية متاحا لغير الجهات الأمنية المختصة، أو غيرهم من العارفين به، ما سهل تحديد موقعه جغرافيا وبالتالي تحديد هويته ومن يكون.
عندما يكون شخص ما في “الفضاء السبيراني … يكون على الهواء يرحل إلى مكان آخر من حيث الوعي، والإدراك، والعواطف، والتفاعل مع الموجودين قربه؟ هذه الأمور تتباين اعتمادا على العمر، والحالة البدنية والذهنية، وميولات الأفراد الشخصية إجمالا”[19]، لكن لا يمكن مع هذا التنقل والانفصال مع الواقع المادي ألا توصل الآلة إليه، فبالنهاية الغبار السيبيراني قد يكشف بصمته. فيتحول ما يخدمه لأمر يهدده، فبالنهاية هو ليس في مأمن تام، وهذا هو الدور المنوط بالأدب إلى جانب إمتاع المتلقي توعيته بمخاطر هذا الفضاء حتى لا يكون صيدا سهلا، وألا يحاول بالمقابل أدية الآخرين فحتما هناك قانون يجرم مجموعة من الممارسات اللاأخلاقية التي قد تؤدي الآخرين. تجربة روائية كالتي عرضنا تقدم دروسا عن وجوب الحذر ونحن نتعامل مع شخصيات أو مواقع افتراضية مجهولة، حتى لا نكون ضحية تغرير أو ابتزاز، أو تنمر إلكتروني.
ينقلنا السارد مع رواية “هوت ماروك” من مستوى التسلية والاكتشاف، لمستوى آخر، حيث يصبح هذا الفضاء ساحة لرد الحسابات الشخصية، كما هو الحال مع كل من رحال والشاعر وفيق درعي، إذ عندما تم الإعلان عن حصول هذا الأخير على جائزة ابن الونان للشعر، لم يتجاهل رحال هذا الحدث، فقام بالتشهير بهذا الأخير، وانتقم منه شر انتقام، وقلَّب عليه الرأي العام من خلال تفاعله بعدة شخصيات مفبركة على مقال صحفي يحمل خبر الفوز بالجائزة، كتب رحال منتحلا أدوار شخصيات افتراضية من صنع مخيلته حتى يقوم بالتعليق على المقال الإخباري: “الاسم قاعدي سابق/ عنوان التعليق: شعرية الوشاية./ قرأت باهتمام مقالكم حول أمير شعراء الفروماج المدعو وفيق الدرعي الذي توج بجائزة ابن الونان لهذا العام، وفاجأني أن كاتب المقال أغفل محطة أساسية في مساره وهي العمالة للمخابرات”[20]. /ثم يظهر بحساب آخر مزيف: “الاسم: ولد المواسين/ عنوان التعليق: فخر واعتزاز/ فمن كان يظن بأن وفيق الذي كنا نسميه وفيقه أيام الطفولة… سيصير شاعرا كبيرا؟[21] /ولم يكتف بذلك بل علق بهوية أخرى: “الاسم: عبد المقصود الطاهري./ عنوان التعليق: شعر أم شعير؟”[22] / ثم يضيف تعليقا آخر باسم الرفيقة عتيقة[23] / ثم انفتح الصنبور. كل التعاليق صبت في التوجهات التي سطرها الأخ الأكبر: شتم شعراء آخر الزمان من مقترفي هذه القصيدة اللقيطة الفاسدة التي يطلق عليها اسم “قصيدة النثر” سب وفيق الدرعي وولي نعمته الكوميسير السراج وإدانة تحكم جهاز المخابرات في الحياة السياسية والثقافية في البلد”[24]، ليصبح بذلك هذا الفضاء مساحة لمن لا مساحة له، وموقعا لمن لا منبر لهم، فبعد أن كانت مخيلة رحال أرحب فضاء لِلَكم أعدائه واردائهم جثثا هامدة، أصبح الفضاء السبيراني هو حلبة المصارعة الجديدة التي يُنَفس فيها عن أحقاده بوجه غير مكشوف.
وقد يصبح هذا الفضاء مسرحا للاستدراج والايقاع بالمعارضين، فيتم استدراج الضحية لهدف سياسي، مثلا، يقول السارد في روايو “هوت ماروك” على لسان ضابط المخابرات: “-أهلا بك، أزيلوا العصابة عن عينيه أولا. أهلا بك يا رحال. تفضل.. اجلس. كان شابا في الثلاثين. استقبله بابتسامة أليفة وكأنهما صديقان. فهم من الاحترام الذي أظهره صاحب الشارب وذو الوجه المبقع في حضرته أنه ضابط…”[25] / “العميد: -فقط علينا اليوم أن نغير أسلوبنا. سنمر من الهواية إلى الاحتراف. هل فهمت يا رحال؟ ستبقى كما أنت. لكن هامش المناورات سيضيق. بالمناسبة، هناك بنت تعلق في هوت ماروك بانتظام اسمها المستعار حذام، هل تعرفها؟”[26] إن هذا التجنيد نتيجة حتمية للنشاطات السبيرانية التي يقوم بها رحال، وهو يقلب الرأي العام على بعض الشخصيات بعينها في الموقع الإخباري الإلكتروني “هوت ماروك”، من خلال الشخصيات الافتراضية: ولد الشعب، وأبو قتادة وغيرهما كما سبق وذكرنا، إذ أن هذا الموقع “ليس مجرد جريدة إلكترونية بالنسبة لرحال. إنها فضاء تعبير وتشهير. لم يصدق نفسه في البداية حينما انتبه إلى أن باب التعليقات مفتوح. تحت كل مقالة أو خبر مجال للتعليق”[27]، ليستغل موهبته، ويشرع في صب زيته على نار الأحداث المستجدة بما يخدم الأمن القومي في رواية “هوت ماروك”. وقد جندته المخابرات لصالحها مقابل مبلغ عشرة آلاف درهم شهريا.
وقد يصدر التشهير من شخص حاقد كأن يخترق هاتفك ومحادثاتك ويقوم بتسريبها، أو فبركتها، كما حدث في رواية “لا أتنفس” للكاتبة زهور كرام عندما شهر بأم وليد صديق ابنها، مخلفا دمارا شنيعا على مستوى علاقتها بابنها وبالمجتمع، يقول السارد في الفصل المعنون ب”شباك الصياد”: “-تصرخ أم وليد تنادي ابنها، هل ما يزال وليد بالمدينة، أم غادر وهجر البلد عندما أعاق الذي كان صديقا له فرمى أمه بخدعة الخيانة؟ غاب وليد عن أنظار الزملاء بالشركة، وبقيت أم وليد وحيدة كأنها يتيمة، ثم استأجرت شقة بعد أن انزاحت عن قناتها إثر خدعة صديق ابنها الذي أخذه الحسد إلى تركيب صوت أمه المشاع في قناتها مع صوته، فكان الفيديو الشهير الذي أطاح بقناة أم وليد”[28]. هذه بعض الأضرار التي قد تلحقها التكنلوجيا الحديثة بحياة الأفراد الخاصة وقد سعى الكتاب لتناولها في أعمالهم إما لأغراض إرشادية، أو بهدف الإمتاع والمؤانسة، أو فتح بوابات للنقاش مع مختلف الحقول القانونية، والاجتماعية، والنفسية لوضع تصور لما يحدث أو ما يمكن أن يحدث وما يمكن أن يقوم به المرء ليحمي نفسه والجتمع من حوله. وذلك دور من أدوار الأدب.
من خلال كل ما ذكرنا يتجسد لنا هنا الوجه الآخر لانقلاب الثورة التقنية والتكنولوجية ضد مصلحة الإنسان، الذي كان يظن أنها ستكون سبيلا لتحقيق رفاهيته وراحته، فقد كان من المتوقع “أن ظهور وتطور الآلات الحديثة وأجهزة الإرسال ستوفر حياة أكثر سهولة وانسجاما، ومع فجر القرن العشرين اصطدم صدى هذه الأفكار بالحقيقة المرة، حقيقة أن الناس لا يشعرون مطلقا بأنهم أكثر سعادة”[29]، ورغم أن مطلع القرن الواحد والعشرين كان الخطوة الحاسمة للتخلص من المجتمع الاستبدادي باتجاه المجتمع اللبرالي الديمقراطي الحديث، حيث عرف العالم ربيعا خاصا به، والذي نعته البعض بالظاهرة الاجتماعية، نتيجة للاستبداد السياسي والفقر، والحروب، والأوبئة وتغير المناخ فبدأت علامات التحول الاجتماعي تظهر من الترابط للتفكك -خصوصا مع أزمة كرونا التي ترتب عنها بروز نمط آخر من الحياة، أكثر ارتباطا بمدينة المعرفة، حيث تم تحويل الخدمات الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية لتعاملات رقمية يمكن إحداثها من منزلك دون الحاجة للتنقل، الشيء الذي أسهم في سيطرة الأنظمة الشمولية وقلص من حرية الأفراد وبدأ يتحكم في نمط الحياة البشرية.
نلاحظ في رواية “لا أتنفس” للروائية زهور كرام الدقة في اختيار أنسب عنوان يصف زمن الهيمة والشمولية “لا أتنفس”، نحن فعلا في ظل التحولات الكبرى التي لم نستوعب بعد طبيعتها، لا نتنفس كشخصيات نموذجية استقدمتها الساردة من مخيلتها، لكنها مخيلة لم تنطلق إلا من فضاء المجتمع الذي نعرفه جميعنا. وكشاهدة على تحولات هذا العصر فإن البشر صنعوا سجنا كبيرا سجنوا أنفسهم فيه وسموه بالحضارة، ولم يستفيقوا إلا وأيديهم مكبلة بنظم توقعوا أن تحميهم، فإذا بها تسد منافذ الهواء على رئاتهم فلا يتنفسون، لقد “كانت الحرية الفردية أكبر بكثير قبل وجود أية حضارة،”[30] الإنسان اليوم بحاجة -أكثر من أي وقت مضى- لحرية عنيفة يعبر من خلالها عن غضبه العارم إزاء كل الأحداث التي تضج حوله لتلغي حواسه، وعقله وتطوعه، وكل شيء من حوله يخاطب مستوى الإدراك لا الوعي عنده. يقول إدغار بيش Edgar Beech “خلق الإنسان، تدريجيا، مجتمعا متحضرا ليتخلص من الأخطار والآلام التي لا تحصى في حالة الفطرة، ولكن هذا المجتمع المتحضر لا يناسبه. إنه يتألم ويحس بأنه صار ضعيفا ومضطهدا”[31]، لقد فقد لذة الحياة البدائية والبدوية التي يتمتع فيها بقدر كبير من الحرية والخصوصية التي يصعب أن يستمتع بها أفراد انفتحت حيواتهم على نوافذ مترابطة ولا نهائبة.
إن الانتقال من نمط الحياة العادي لنمط آخر افتراضي لم يكن بالبساطة التي يمكن أن يعتقد بها البعض، إذ “يرى علماء النفس أن الفرد عندما ينتقل إلى مكان جديد (منزل-مدرسة-مدينة- بلد أجنبي) فإن سلوكه يتغير ويتكيف مع الحالة الجديدة. يكون للبيئة التي يعيش فيها تأثير عميق على خصائصه المادية، -سيكولوجيا البيئة- وهو اتجاه تشارك فيه أنظمة معرفية متعددة تتناول التفاعل بين الأفراد ومحيطهم، وفقا لنظريات التطور يأتي الوعي بشأن الذات من خلال عملية تكييف تدريجية مع البيئة التي نعيش فيها، … ومع ذلك ينكر كثير من الناس أنهم دخلوا بيئة جديدة عندما يكونون على الهواء، ويبقون في حالة جهل-وتخدعهم حواسهم بأن لا شيء تغير” [32]، والحقيقة أن كل تصرفاته يمكن أن تحفظ وتستغل بشكل سيء بهدف الابتزاز أو التنمر، وقد يحدث ذلك بواسطة مجموعة Screen boys وهي تسمية تطلق على مجموعة من الأفراد يعملون بشكل فردي -لصالح المجموعة- وهم الذين يقتطعون من الفيديوهات المصورة والمنشورة للعالم، أو البث المباشر “لايف” ويأخذون المشاهد التي تخدم أهدافهم من خلال تقنية screen، دون إذن من صاحب الفيديو، في ذلك الفضاء الذي يتسع للشياطين كما يتسع للملائكة فينشرونها من خلال فيديو مستقل يشرفون على إعداده للتنمر والسخرية على الآخرين وربما لتهديدهم وتدمير حياتهم، وقد لاحظنا من خلال الروايات السابقة الذكر أحداثا مشابهة لهذا النوع من الابتزاز، كما حدث مع أم وليد الشخصية المحورية في رواية “لا أتنفس”، إذ تم استغلال مقاطع الفيديو التي نشرت في قناتها الخاصة، من طرف صديق ابنها الذي قام بتجميع مقاطع من صوتها وفبركتها من أجل الإطاحة بسمعتها وقد تحققت غايته.
- الناشئة والأدب التشعيبي/ الأدب الذكي
إن الطفل يحتاج في مراحل عمره المبكرة لما يغذي “عقله وخياله من خلال الأجناس الأدبية المختلفة التي تشبع جوانب تفكيره وتقوي مخيلته، ولتكون وسيلة من وسائل التعليم، والتثقيف بالتسلية والمشاركة في الخبرة، وطريقا لتكوين العواطف السليمة والوطنية الصادقة للأطفال”[33]، وقد كانت القصص الخيالية، والشعبية المتوارثة قبل بزوغ فجر التدوين نموذجا لارتباط الإنسان بالقص، وتحفيز مخيلة الطفل على فهم العالم المحيط به الذي يرى أنه ملغز ومن الصعب فهمه، حتى لأنك تجد الطفل الصغير لا يفرق بين الخيال والحقيقة، فما يُخبر به من قصص تُحكى له تتجسد له حقيقةَ في مخيلته، بل تسهم في بناء شخصيته وتكوينها، فينقل من الخيال صور ذلك البطل المغوار ويسعى جاهدا ليكونه، أو ينقل شخصية الطفل الذكي المبدع المتخيلة في القصة فيحاول أن يقلد تصرفاته كجِده واجتهاده، شجاعته وأخلاقه، وهذا منوط بمدى تأثير هذه الشخصيات المختارة في القص على نفسيته واستجابتها لحاجياته وأحلامه.
ولذلك كانت الأمهات الروسيات بوعي أو بدونه يرضعن أطفالهن الحكايات التي تؤنس لياليهن الطويلة والباردة بـ”أدب المدافئ”، فأنجبن بذلك أروع الكتاب (دوستويفسكي Fiodor Dostoïevski وليوتلستويLéon Tolstoï، وغوغولNicolas Gogol).
إن “بداية أدب الأطفال كان مع القصص الشعبية والخيالية، والخرافات والأساطير، والمواويل القصصية وأغاني الأطفال، التي يرجع تاريخ الكثير منها إلى عصور ما قبل الكتابة وصولا إلى طرق التجسيد في عصر النقل الحرفي الذي نعيشه، مثل الكتب الالكترونية والروايات التي يؤلفها المعجبون بالأعمال الأدبية الأخرى حول بعض شخصياتها، وألعاب الكمبيوتر، وتندرج كلها تحت مظلة أدب الأطفال”[34].
ابتكر العربي بنجلون طريقته الخاصة في المزج بين القديم والحديث إذ عن طريق محاولة إعطاء نموذج لكيف يمكن توظيف الحكايات التراثية المتخيلة أو الواقعية مستخدما التقنية الحديثة لكن بتوظيف من الطفل، وأقصد هنا الحكاية التشعبية، وهو يمزج بين حياة الشخصية التاريخية الرحالة ابن بطوطة على الورق، ومحاولة إحيائه على الآلة الذكية، وترجمة قصصه للغات العالم ونشرها عبر الشبكة العنكبوتية، ذلك أن القصة موضوع الدراسة موزعة لمجموعة عناوين تسهم في بناء حبكة العمل الإبداعي افتراضيا:
1- الصديق الحالم (سامي)، اقترح الحكاية.
2-اللوحة العجيبة (ليلى) اقترحت رسم ابن بطوطة على الورق
3-الأمنية تتحقق (ابن بطوطة) أصبح حقيقيا.
4-ابن بطوطة الغائب الحاضر. (الأطفال: عمر، سامي، ليلى) ليلى تَنقُل قصة ابن بطوطة من لغة واحدة للغات متعددة، ومن وسيط ورقي لوسيط إلكتروني، كما ورد في العمل: “أجابته ليلى بثقة: سنترجم رحلتك الشيقة إلى كافة اللغات، ليقرأها الأطفال، كل الأطفال، الألمان، والهنود، والإسبان، ثم نخزنها في (الأنترنيت)، فإذا أراد طفل أن يقرأها، يكفيه أن يضغط بأنامله (رؤوس أصابعه) على المفتاح/تظهر على الشاشة، لتحكي الرحلة له من ألفها إلى يائها… “[35]
إن هذا النص زاخر بمجموعة من القيم والسلوكيات الحسنة كأدب الحوار، وطيب الكلام، وأهمية الاجتهاد وتنمية القدرات الفنية والإبداعية لدى الأطفال كالرسم والحكي، وتطوير الإمكانات المعرفية من خلال الترجمة، والعمل على تحويل حكايات ابن بطوطة وغيرها لقصص مصورة ومزودة بما لانهاية من الروابط links التي تعرف الطفل على حياة ابن بطوطة، ورحلاته، واسهاماته العلمية، وهي-الشخصية- تحكي بنفسها قصصها المتعددة بمختلف اللغات. وهذه واحدة من أهم مميزات الأدب الذي يكتبه الكبار للصغار، ليس فقط بهدف إرشادهم لما يجب أن يكونوا عليه من أخلاق عالية، وجد واجتهاد، ولكن تحفيزا لممكناتهم الذاتية التي من خلالها يمكن أن يطوروا مواهبهم الخاصة بعد اكتشافها في علاقة بالوسيط التكنلوجي.
كما أن هناك وعيا بأهمية العمل الجماعي، التشاركي الذي يهدف من خلاله على مساعدة الآخر، وتطوير قدرات كل واحد على إيصال أفكاره للمجموعة وتحويلها من مجرد فكرة لمشروع حقيقي على أرض الواقع، كمشروع تحويل قصص ابن بطوطة من مخطوطة لقصة تشعيبية، بالضغط على الكلمة، أو رقنها في الشبكة العنكبوتية، ثم نرى الرحالة الشهير يتواصل مع متابعيه من مختلف المناطق والأزمنة المستقبلية كما هو مبين في صورة الغلاف.
وهذا واحد من أهم أدوار أدب الطفل التشعيبي، أقصد ذلك الأدب الذي يكتبه الكبار للصغار محاولين تقمص دور الطفل الصغير، وفهم تحولاته النفسية والانفعالية، وتقلباته العاطفية، وذكائه، وظروفه الاجتماعية التي تناسب مبلغ علم زمنه، ليُكتب للطفل أدب يليق به، يستجيب لتطلعاته التي تفوق تطلعات الأجيال التي سبقته، ممهدين بذلك لنشوء أدب تفاعلي بمقومات متكاملة ومنسجمة ، وأكثر من هذا الاشتغال على الإنسان بحد ذاته، إنسان يستجيب لتطورات العصر، ليس لما وصل له اليوم وحسب ولكن لما يمكن أن يدركه الإنسان بذكائه وتطوره الفكري السريع غدا.
- الرواية وقضايا الإنسان المعاصر في العالم الافتراضي:
هل يمكن للفضاء الافتراضي أن يحافظ على هويتنا وثقافتنا؟ ومن نكون؟ أم فيه يذوب الاختلاف؟ وتنتفي الطبقية وتطفو على السطح الصورة الافتراضية التي يختار كل واحد منا أن تمثله؟ نخترع كل يوم لغات مختلفة هجينة ووليدة لوحة المفاتيح المتاحة بين أيدينا لنوصل معنى الكلام للشخص المخاطب.
في رواية جاهدة وهبة “الأزرق والهدهد قصة عشق فيسبوكية” نلاحظ ذلك المزيج الغير مألوف في الحوار داخل نص إبداعي، فقد استعملت الدارجة اللبنانية والمغربية، ومختلف اللغات: العربية، والانجليزية والفرنسية، وأحيانا اللوحات التشكيلية تصبح بعناوينها المغرية طريقة للتواصل بين عاشقين جمعهما الفيسبوك وسلطة اللغة التي أسسا ليتواصلا بها، فإذا كانت النار قديما مع الإنسان البدائي واجتماع النسوة حولها ليلا للطهي واحتضان الأبناء وانتظار الأزواج سببا في اختراع اللغة من أجل التواصل، فرمز النار اليوم هو هذا الفضاء الذي يتيح لك بكبسة زر أن تكون في أكثر من مكان وتتواصل مع هذا العالم الشاسع دون تأشيرة، تكفيك اللغة، والصورة، والرموز (les Émoticône ) لتتواصل. لكن أمام هذه المتغيرات هل ستختفي ثقافاتنا وتتشكل أخرى كونية؟
تقول صفية علية بهذا الخصوص: “إنه زمن الصناعة، الذي طغت فيه الصورة على ثقافة اللغات، فبوجود الصناعات السينمائية الأمريكية وصناعة البرامج والبرمجيات أصبح للعالم شكل واحد ولون واحد ورائحة واحدة، إذ تنطلق عولمة الخيال من السياحة والهجرة ووسائل الإعلام والانترنت: وهي أخطرهم في رسم المخيلة العربية وغير العربية حيث تطغى ثقافة الصورة والابهام… والوهم؟”[36] هل رأي الباحثة صحيح؟ من وجهة نظري تغلب عليه الأيديولوجيا، لا يمكن أن ننفي أن سلطة الوساطة الرقمية/التكنلوجية عرفتنا على مختلف الحضارات التي لم نكن نسمع عنها شيئا، بل يصعب حصولنا على كتب تتحدث عنها، خصوصا في ظل زمن الكتاب الورقي والمعارض محدودة التنقل لقارات أخرى بعيدة، أو برامج وثائقية ينتظر أن تبثها القنوات الفضائية وقد لا تفعل، هذا الوسيط الحداثي جعل العالم بكل مكوناته بين أيدينا (مكوناته: الدينية، والثقافية، التاريخية، والجغرافية، والديمغرافية…).
إنه اختراع إيجابي سهل الحياة والمعاملات الرقمية والتعليمية والتواصل، جعلها أسهل وأقل تكلفة مما كان عليه العالم قبلا، يبقى على كل فرد ألا يجعل هذا العالم الافتراضي حاجزا بينه وبين العالم الواقعي، فينفصل تدريجيا عن محيطه ما قد يسبب انهيار علاقته بالآخر القريب منه بيولوجيا، وروحيا/ الأسرة والأصدقاء، والقضايا الاجتماعية والسياسية التي تهم محيطه القريب قبل ذلك البعيد عنه، كما يقول السارد في رواية “هوت ماروك” بلغة ساخرة في مدخل فصل “السنجاب يدخل الغرفة الزرقاء”: “عاش الموبايل من مختلف الرنات، عاشت التكنولوجيا الحديثة. عاشت الشاشات الزرقاء. عندما يتوفر الشعب الفقير إلى الله على موبايل، ويبحر في ملكوت الالكترونات ينسى فقره، صار العالم قرية صغيرة، أصبح متاحا بين أيدي أبناء الشعب في مقاهي الانترنت التي بدأت تنتشر كالفطر بأسعار ديمقراطية”[37].
إن مجال الانترنت مجال خصب وشاسع، وقد فرض نفسه على الإنسان المعاصر اليوم، في مختلف جوانب حياته، هذا “ويعتقد العلماء أنه خلال الأعوام العشرة القادمة ستصبح التكنلوجيا الجديدة بكل معطياتها الخدمية والمعلوماتية شيئا مألوفا وعلى ساحة واسعة من العالم”[38]، وقد صدقت رؤية المؤلف محمد سناجلة الذي تنبأ، قبل سنوات، بهيمة الوسيط الإلكتروني على حياتنا حتى أصبح أهم وسيلة نتواصل بها مع العالم، بل –حتى- مع ذواتنا، وقد انعكس هذا التأثير على مستوى الإبداع، سواء الورقي من خلال أحداث تدور في الفضاء الافتراضي، إذ لايزال الكاتب يستخدم التقنيات الكلاسيكية لكتابة رواية على مستوى الشكل، والمضمون (البنية) لكن الحكاية أصبحت تدور في مواقع افتراضية كانت بالأمس مستحيلة وأصبحت اليوم ممكنة، ونعود للاستشهاد بتجربة ورأي الكاتب محمد سناجلة كواحد من أهم رواد هذا الأدب في العالم العربي، إذ يقول: “وبدخول تكنولوجيا الواقع الافتراضي أصبح الخيال واقعا والمستحيل إمكانية، فكثيرا ما كان يهرب الإنسان من الواقع بمشكلاته المختلفة إلى دنيا التخيل والافتراضات التي لا تحدها مشاكل أو قيود، فيحقق في الخيال ما يعجز عن تحقيقه في الواقع، ولذلك فهو يحلم دائما بأن تذوب الفوارق بين الحقيقة والخيال ليستمتع بكل شيء”[39]، لكن الخيال الافتراضي لا يبنى على حلم بل أساسه علم وذكاء اصطناعي، وقد ينتج هذا الأخير إبداعا موازيا لذلك الذي يؤلفه البشر. “ولعل كل ذلك هو ما أدى إلى ولادة جنس أدبي جديد يزاوج بين الأدب والتكنلوجيا وهو الأدب التفاعلي الرقمي الذي تتسع دائرته لتشمل مختلف أنواع الأدب من شعر ومسرح وقصة ورواية ومقالة، من خلال استعانة هذا الجنس الجديد بالإمكانات التقنية التي تتيحها التكنلوجيا لتقديم نص مختلف الوسيط يقوم على أساس تفاعل المتلقي ومشاركته”[40].
خاتمة:
إن روايات “هوت ماروك” لياسين عدنان، و “الأزرق والهدهد” لجاهدة وهبة، و”لا أتنفس” لزهور كرام نماذج لأعمال إبداعية تناقش مختلف الإشكالات المطروحة في كل من الفضاء السيبيراني والواقع، وقد تعرفنا من خلال ما سبق على بعض أوجه هذه القضايا المعقدة والجديدة فكان الشات، والشخصيات الافتراضية، والبريد الإلكتروني، والفيسبوك، والمواقع الإخبارية ساحة لمختلف الأحداث التي تشكل المتن الحكائي لهذه الأعمال.
ربما حان الوقت للسعي لتوليد تخصصات أدبية أكثر انفتاحا على ممكنات التكنلوجيا الرقمية الذكية، حتى يستطيع الأدب والأديب والناقد تطوير هذا المجال بما يتناسب ومتطلبات العصر، والقدرات الذهنية الفريدة للأجيال القادمة، ولابد من نفض الغبار عن تجاربنا السابقة مع الابداع والنقد، وذلك بالعمل على التأسيس لمناهج “نقد-افتراضية” يستطيع معها الناقد المقبل على دراسة النصوص الافتراضية على تحليل البيانات العلمية والتقنية الدقيقة التي يتعامل معها، ناقد قادر على توليد المصطلحات والمفاهيم التي تتماشى مع هذا الجنس القديم قدم البرجوازية والحديث بحداثة توسع وتطور التكنلوجيا.
)دة. خديجة عماري –باحثة من المغرب (جامعة سيدي محمد بن عبد الله كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز-فاس)
هوامش:
[1] -محمد سناجلة. رواية الواقعية الرقمية. المؤسسة العربية للدراسة والنشر.لبنان.ط1. 2005. ص:12
[2] -اياد إبراهيم، فليح الباوي حافظ، محمد عباس الشمري. الأدب التفاعلي الرقمي وتغير الوسيط. دار الكتاب والوثائق. العراق.ط1. 2011. ص: 18-19
[3] – نفسه. ص:6
[4] – نفسه. ص:20-21
[5] -جاهدة وهبة. الأزرق والهدهد عشق في الفيسبوك. دار الساقي.لبنان. ط1. 2012. ص:33
[6] – نفسه. ص:47
[7] – نفسه. ص:65
[8] – نفسه. ص:15
[9] – نفسه. ص:37
[10] -محمد سناجلة. رواية الواقعية الرقمية. ص:3
[11] – نفسه. 2005. ص:115
[12] -عبد الكريم جويطي. ثورة الأيام الأربعة. المركز الثقافي العربي. ط1. 2021
[13] – الدكتور أنس بوشنيطة. أستاذ مساعد بجامعة تكساس. بالباسو الأمريكية. متخصص في الهندسة الحسابية والذكاء الاصطناعي.
[14]– اياد إبراهيم فليح الباوي. حافظ محمد عباس الشمري. الأدب التفاعلي الرقمي الولادة وتغير الوسيط. ص:21
[15] – ماري آيكن. التأثير السيبراني. كيف يغير الإنترنت سلوك البشر؟ ترجمة: مصطفى ناصر. مراجعة وتحرير: مركز التعريب والبرمجة. الدار العربية للعلوم ناشرون. لبنان. ط1. 2017. ص:15
[16]– ياسين عدنان. هوت ماروك. دار العين. مصر. ط1. 2016. ص:272
[17] – ماري آيكن. التأثير السيبراني. كيف يغير الإنترنت سلوك البشر؟ ص:12
[18] – نفسه. ص:15-16
[19] – نفسه. ص: 17
[20] – ياسين عدنان. هوت ماروك. ص:225
[21] – نفسه. ص:226
[22] – نفسه. ص:227
[23] – نفسه. ص:228-229
[24] – نفسه. ص:229
[25]– نفسه. ص:277
[26]– نفسه. ص:283
[27]– نفسه. ص:219
– زهور كرام. رواية لا أتنفس. دار فضاءات للنشر والتوزيع. الأردن. ط1. 2020. ص:131 [28]
[29]– ادغار بيش .فكر فرويد ترجمة: جوزف عبد الله -المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع. بيروت. ط1- 1986- ص:163
[30]– نفسه. ص:163
[31] – نفسه. ص:162
[32] – ماري آيكن. التأثير السيبراني. كيف يغير الإنترنت سلوك البشر؟ ص:17
[33]-علي الحديدي. في أدب الأطفال. مكتبة الأنجلو المصرية. ط4. مصر. 1988. ص: 5
[34] – كيمبرلي رينولدز. أدب الأطفال. مقدمة قصيرة جدا. ترجمة: ياسر حسن. مراجعة: هبة نجيب مغربي. مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة. مصر ط1. 2013. ص:12
[34]- العربي بن جلون. ابن بطوطة معنا. أدب الرحلة لأطفالنا. 9-12. سنة .المغرب. ط2. 2019
[35] – نفسه. ص:63
[36]– صفية علية. آفاق النص الأدبي ضمن العولمة. أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه. إشراف د.علي عالية. جامعة محمد خيضر بسكرة. كلية الآداب واللغات. قسم الآداب واللغة العربية. 2014-2015. ص:24
[37] – ياسين عدنان. ص:199
[38] – محمد سناجلة. رواية الواقعية الرقمية. ص:12
[39] – نفسه. ص:12
[40] – اياد إبراهيم فليح الباوي حافظ محمد عباس الشمري. الأدب التفاعلي الرقمي وتغير الوسيط. ص:18-19
المصادر والمراجع:
1- إبراهيم (إياد). و فليح الباوي حافظ، محمد عباس الشمري. الأدب التفاعلي الرقمي وتغير الوسيط. دار الكتاب والوثائق. العراق.ط1. 2011.
2- آيكن (ماري). التأثير السيبراني. كيف يغير الإنترنت سلوك البشر؟. ترجمة: مصطفى ناصر. مراجعة وتحرير: مركز التعريب والبرمجة. الدار العربية للعلوم ناشرون. لبنان. ط1. 2017.
3-بن جلون (العربي). ابن بطوطة معنا. أدب الرحلة لأطفالنا. 9-12. سنة. المغرب ط2. 2019.
4- الحديدي (علي). في أدب الأطفال. مكتبة الأنجلو المصرية. مصر. ط4. 1988.
5- سناجلة (محمد.) رواية الواقعية الرقمية. المؤسسة العربية للدراسة والنشر.لبنان. ط1. 2005.
6- صفية (علية). آفاق النص الأدبي ضمن العولمة. أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه. إشراف د.علي عالية. جامعة محمد خيضر بسكرة. كلية الآداب واللغات. قسم الآداب واللغة العربية. 2014-2015.
7-عدنان (ياسين). هوت ماروك. دار العين. مصر. ط1. 2016
8-كرام ( زهور). رواية لا أتنفس. دار فضاءات للنشر والتوزيع. الأردن. ط1. 2020.
9-كيمبرلي (رينولدز). أدب الأطفال. مقدمة قصيرة جدا. ترجمة: ياسر حسن. مراجعة: هبة نجيب مغربي. مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة. مصر ط1. 2013.
10-وهبة (جاهدة ). الأزرق والهدهد عشق في الفيسبوك. دار الساقي. لبنان. ط1. 2012.
