د. سمية حسنعليان، رؤيا کمالي
ملخص البحث:
تعدّ الإحالة والحذف بوصفهما عمودي قاعدة الدمج، من أبرز وجوه الاتساق النحوي تعملان علی الترابط بين أجزاء النص من خلال تبئير البنية المسيطرة ومرجعيتها طوال النص علی مستويات الوحدات النصية الصغری والکبری. تؤثّر هذه القاعدة مباشرةً في تكوين بناء النص وتوجيه الدلالة طوال وحداته، فتؤدّي دوراً فعّالاً في الامتداد النصي بتوليد المعاني المترابطة وتناسلها طوال الوحدات النصية، وبهذه الفاعلية تعطي النصّ دينامية تسهّل عملية استقبال الرسالة. هذا من جهة ومن جهة أخری تعدّ «قصائد السبع العلويات» لابن أبي الحديد مجالاً خصباً لمعالجة الاتساق النحوي، بما تملك من وحدة الموضوع ودائرة البؤرات الإحالية المشترکة وبوصفها كنزاً ثميناً من خزانة الأدب العباسي. نظراً لهذه الأهميّة لقد اخترنا القصيدة الثانية المعنونة بـ«فتح مکة»، التي أنشدها الشاعر بأسلوب روائي تحتوي علی مسار قصصي خطي بهدف مدح الإمام علي عليه السلام. قد اقتضت ساحة هذا البحث دراسة أثر أهمّ آليات الإحالة والحذف في تماسک في انسجام القصيدة وتبيان فاعلية قاعدة الدمج في تقوية سبك القصيدة وحسن تلقي مفهومها معتمداً علی المنهج الوصفي-التحليلي بتقديم أبيات مختارة منها. هکذا فقد ظهر من خلال دراستنا أنّ القصيدة الثانية مبنية علی نسيج محكم السبك تترابط عناصره بعضها ببعض ترابطاً تامّا في الاتجاه الخطّي علی المستوی النحوي بسيطرة قاعدة الدمج علی الأنساق النحوية المتجاورة والمبثوثة في الوحدات النصية الصغری والکبری، وهي تؤدّي إلی تشكيل بؤرات إحالية تنظّم الأبيات المتتالية کما تسبّب استمرارية النص من خلال عملية ملء الفجوات في النص وإنتاجه المؤثّر.
الكلمات المفتاحية: التماسك النحوي، الإحالة، الحذف، مبدأ الاندماج، ابن أبي الحديد، العلويات السبع.
The mechanism of the Integration principle in the grammatical cohesion of “Alawiat Sab” Ods of Ibn abi al-Hadid al-Motazali (The second Ode as an example)
Somayeh Hassanalian
)Associate Professor, Department of Arabic Language and Literature, University of Isfahan, Isfahan, Iran.(
Roya Kamali
)Phd in Arabic Language and Literature, University of Isfahan, Isfahan, Iran.(
Abstract:
Reference and Ellipsis, as the most prominent aspects of grammatical cohesion, work on linking text parts by focusing on dominant structure throughout the text at the levels of both small and large textual units. This principle directly affects the formation of text structure and guides the meaning throughout its units, playing an active role in textual extension by generating interconnected meanings and reproducing them throughout the textual units, thus giving the text a dynamic that facilitates the reception of the message.
The “Alawiat Sab” odes by Ibn Abi al-Hadid as a valuable work of Abbasid literature treasure, is considered a rich source for studying grammatical cohesion, for its thematic unity and referral points. Considering this significance, we have chosen the second poem titled “The Opening of Mecca,” which the poet recited in a narrative style containing a linear narrative trajectory aiming to praise Imam Ali. This research area necessitated studying the impact of the most important mechanisms of reference and ellipsis on the coherence of the poem and demonstrating the effectiveness of the integration principle in strengthening the poem’s style and enhancing the understanding of its concept, relying on the descriptive-analytical approach by presenting selected verses from it.
Keywords: Grammatical cohesion, Reference, Ellipsis, Integration principle, Ibn abi al-Hadid, Alawiat sab.
- التمهيد:
إنّ البحث في كيفية الترابط بين الأجزاء المكوّنة للنص وتلاحم وحداته التي تجعله نسيجاً واحداً بعيداً عن التفكك، كان ولا يزال محطّ اهتمام علماء اللسانيات وباحثي العلم اللغة النصي حتّی أطلقوا عليه عنوان «التماسك النصي» وعرّفوه بالرؤية المتكاملة في تحليل النصوص؛ إذن يعدّ التماسك النصي من الساحات العلمية الرحيبة التي تقدّم إمكانيات مفيدة لتحليل النصوص، وتنحو إلی دراسة الترابط بين الجمل والعناصر المؤلّفة للنصّ وكيفية اتّصال هذه العناصر بالمضمون مسلّطةً الضّوء علی دورها الوظيفي في إنتاج النصّ وتشكيل أفكاره. إنّ مايکل هاليداي ورقية حسن کرائدي هذا الاتجاه يعرّفان التماسك النصّي بـ«العلاقات أو الأدوات الشّكلية والدّلالية التي تسهم في ربط بين عناصر النصّ الدّاخلية وبين النصّ والبيئة المحيطة من ناحية أخری» (الفقي، 2000م: ج1/96)؛ انطلاقاً من هذا، فإنّ النصّ وليد العلاقات اللّفظية (الاتساق) والدّلالية (الانسجام) معاً. إنّ الاتساق (Cohesion) خاصية تبادلية بين الألفاظ، تتعلّق بالفكرة الكامنة وراء النصّ معتمداً علی المؤشرات اللفظية علی محور النص الأفقي، وهو مما يقف علی «مجموع الإمكانيات المتاحة في اللغة لجعل أجزاء النصّ متماسكة بعضها ببعض» (الشاوش، 2001م: 23)؛ فهو متصل برصد الوسائل اللفظية التي تبثّ حركة الدلالة في عالم النص؛ بينما أنّ الانسجام (Coherence) يركّز علی كيفية الامتداد الدلالي علی محور النص الرأسي أو علی مستوی البنية العميقة للنص.
يعدّ محور الاتساق الجانب الأول للتماسك النصي الذي يعالج التعالق المنظور بين أجزاء النصوص من الزوايا الشكلية والقواعدية المتعدّدة ليحقّق غايتها التواصلية؛ وعنصر الترابط النحوي ممّا يؤثّر في تكوين بناء النص وتوجيه الدلالة طوال وحداته فيؤدّي إلی امتداد النص وحسن تلقي مفهومه معتمداً علی نحو النص. لقد أشار مايکل هاليدي ورقية حسن إلی عنصري الإحالة والحذف بجانب العطف لدورها في تحقيق التلاحم الدستوري بين الأنساق النحوية وجعلاها في قسمٍ مستقلٍّ تحت عنوان الاتساق، ولکن إن نخوض في کيفية فاعلية هذه العناصر من منظار نحو النص، فبإمكاننا تحليل الاتساق في ضوء القاعدتين الأساسيتين: التوسيع والدمج المرتبطتين بالبنية المسيطرة التي تهيمن علی الوحدات النصية وتشكل المحور المركزي الذي تدور حولها البنی التركيبية الأخری. تختلف خطّة تحقّق الاتساق في قاعدة الدمج عن التوسيع اختلافاً تامّاً؛ إنّ قاعدة التوسيع تتجلی في انتشار حكم البنية المسيطرة الدلالي والنحوي طوال الوحدة النصية، بينما أنّ الدمج تتحقّق من خلال تبئير عناصر البنية المسيطرة وتبلورها في الجمل اللاحقة (أو السابقة). هکذا الدمج، بوصفه القاعدة الثانية من قواعد التماسك النحوي، مبنية علی الوظائف النحوية التي تحقّق التماسك من خلال عملية التبئير، فهي متجلّية في ظاهرتين نحويتين: الإحالة والحذف.
من جهة أخری يعدّ النص الشعري بوصفه اللغة الراقية، استخداماً متميّزاً لآليات التماسك النصـي من خلال توظيفٍ خاصّ للمعطيات اللغوية والدلالية؛ لأنّ الشعر من أشرف الفنون الأدبية مكانةً بسبب رحابة آفاق الخيال والعبور عن الواقعيات المألوفة وشدّة التأثير في أعماق النفوس البشرية. علی هذا الأساس يعدّ الشعر مجالاً خصباً لتجليات فاعلية التماسك النصي بخاصيته التوليدية والتصويرية، لا سيّما الأشعار المتصلة بساحة أدب الالتزام الذي يجرّد الأدب من انحصار الألفاظ ويرفع من شأن المعاني تجاه الغايات العالية. من أشهر تراث الأدب القديم وأروعها في ميدان أدب الالتزام، هو «القصائد السبع العلويات» لابن أبي الحديد[i] التي أُنشدت في مدح أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام والتغني بفضائله. تعدّ هذه المجموعة الشعرية خير مجال للوقوف عليها من منظار التماسك النصّـي بسبب وحدة الغرض التي تصوغ منها نسيجاً متكاملاً؛ ولأنّ أسلوب ابن أبي الحديد في هذه المجموعة يتضمن إمكانيات لغوية وإستراتيجيات دلالية تقوم بإحكام النصوص وتقوية تماسكها علی المستويات الداخلية والخارجية. من أنجح هذه القصائد باعتبار الاتساق النحوي المبني علی فاعلية آليات الدمج، القصيدة الثانية وهي من أطول قصائد هذه المجموعة وأهمّها من حيث المضمون إذ تعدّ تعبيراً روائياً لواقعة فتح مکّة تبرز فيها إجراءات تعبيرية تكشف عن تلاحم المؤثرات الشعرية، کذلک تعدّ هذه القصيدة، مثل القصائد الأخری في المجموعة، وليدة ذهن شاعرٍ متكلم مثقّف عالم بمواقف الكلام.
استناداً علی أهميّة الاتساق النحوي في تحليل تماسك النصوص وفاعلية دور آليات الدمج (الإحالة والحذف بأنواعهما) في امتداد النص علی مستوی الوحدات النصية الصغری والکبری، وتأسيساً علی أهمية القصيدة الثانية التراثية والروائية في مجموعة “القصائد السبع العلويات”، يستهدف هذا البحث إلی الكشف عن أهمّ العلاقات النحوية الساهمة في دمج عناصر هذا النص وخلق البؤرات النصية التي تقوم بالربط بين العناصر النحوية والدلالية المتجاورة والمبثوثة طوال الوحدات وتساهم في تنظيم اللوحات الأساسية للنص.
لقد اعتمدت دراستنا هذه علی المنهج الوصفي-التحليلي الذي يلائم طبيعة الدراسات النصية، وتطرقنا من خلاله إلی استخراج الأصول النظرية بجانب وصف بناء النص وموضوعاته، ثمّ تطبيق هذه المبادئ علی شواهد تمّ استخراجها من نصّ القصيدة وإبراز فاعلية آليات الدمج في تحقيق تماسک القصيدة، معتمداً علی القراءة الإحصائية.
تجاه بلوغ الغايات المذكورة، يكون البحث بصدد الإجابة عن الأسئلة التالية:
- ما هي أبرز آليات الدمج التي تعمل علی الربط بين عناصر القصيدة الثانية وأنساقها النحوية؟
- كيف أسهمت الإحالة بأنواعها في خلق مضامين الوحدات النصية وتقوية سبکها تجاه الدلالة الجامعة؟
- كيف توظّفت الحذف بأنواعها في الربط بين لوحات القصيدة وخلق مضامينها لاستيعاب الفكرة الأساسية؟
- خلفية البحث:
رغم اهتمام الكثيرين بالبحوث المتعلقة بساحة الاتساق النحوي في ميدان التماسك النصي، ولكن قلّما يوجد بحث في هذا المجال يهتمّ بکيفية عقد التواصل النحوي بين الأنساق النحوية طوال النص بل يکتفي أکثر البحوث اللسانية بإحصاء أنواع آليات الاتساق النحوي معتمداً علی عرض الأبيات فلم يهتم الباحثون بزوايا فاعلية هذه الآليات. أمّا مجال الاتساق النحوي عامّة ومجال الإحالة والحذف خاصّة، فقد حظيا بدراسات عدّة في ساحة علم اللغة النصـي، وقد تناول الدراسون في دراساتهم التطبيقية والنظرية كيفية توظيف هذه العناصر في إنتاج النصوص من جوانب متعدّدة، يمكن الإشارة إلی أهمّ هذه الدراسات وفق سنة النشر علی النحو الآتي:
- مداني بن يحيی، کريمة؛ بوسغادي، حبيب. (2023م). «الاتساق النحوي في قصيدة وردة الأهوال للشاعر عمارة بوجمعة». مجلة التعليمية (جامعة جيلالي ليابس). المجلد 13. العدد 2. صص 370-382: تهدف هذه المقالة إلی رصد الإجراءات والمفاهيم الّتي جاءت بها اللسانيات النصيّة لمقاربة النص الشعري الجزائري المعاصر من خلال الوقوف علی أهمّ آليات الاتساق النحوي کالإحالة، الحذف، الاستبدال والربط. قام الباحثين في هذه المقالة بتبيين مفهوم الاتساق ووسائله ثمّ حلّلا جوانب توظيف هذه الوسائل في الأبيات المختارة من القصيدة.
- زغدي، قمرة؛ يحي، مبروکة. (2022م). دراسة مکملة لنيل شهادة الماستر بجامعة الشهيد حمه لخضر. «الاتساق النحوي في بردة تميم البرغوثي؛ دراسة نصية». الإشراف: د. سليم سعداني: يسعی هذا البحث إلی التعرّف علی مظاهر الاتساق النحوي في بردة تميم البرغوثي، وتبيين کيفية مساهمة آلياته الأربعة (الإحالة، الحذف، الوصل، الاستبدال) في عملية التماسک النصي من خلال الفصلين النظري والتطبيقي. لقد صنّف الباحثان في ثنايا هذا البحث، الشواهد الشعرية المحتوية علی آليات الاتساق النحوي في جداولٍ إحصائيةٍ وشرحاها موجزاً في تلک الجداول.
- لمياء، بدوي محمد عبد العزيز. (2022م). «الربط بالإحالة وتماسک النص». مجلة بحوث اللغة والأدب (کلية الآداب جامعة بني سويف). العدد 62. صص 219-246: تسعی هذه الدراسة إلی التعرف الشامل علی المفاهيم الأساسية للسانيات النص کمفهوم الربط، والرابط ونحو النص والتماسک والاتساق وأخيراً الإحالة وأقسامها؛ فيقوم فيها الباحث بتبيين دور الأحالة في الربط بين عناصر النص من خلال الضمائر وأسماء الإشارة والاسم الموصول معتمداً علی تقديم نماذج مختارة من السور القرآنية المختلفة.
- صاحي الزيادي، حسين حسن؛ سيدي، سيد حسين؛ متقي، أمير. (2021م). «التماسک النصي في نهج البلاغة دراسة مخصصة الحذف». آداب الکوفة. العدد 49. الجزء الواحد. صص 469-496: تقوم هذه الدراسة علی محاولة الکشف عن أدوات الحذف بأنواعها الحرفي، والاسمي، والفعلي، وحذف الجملة من خلال التطبيق في نهج البلاغة، لتبيين فاعلية هذه الآليات في تحقيق التماسک النصي للنصوص المختارة من کلام الإمام (ع).
- عابدي جزيني، مهدي؛ دادپور، ناديا. (2019م). «مظاهر التماسک النحوي ووظائفه في خطب الإمام الحسن (ع) روائع الخطب نموذجاً». مجلة بحوث في اللغة العربية. العدد 21. صص 147-166: يستهدف هذا البحث دراسة مظاهر التماسک النحوي في روائع خطب الإمام حسن (ع) والکشف عمّا تواری وراء النص من آليات التماسک النحوي (الروابط، الإحالات، الانزياحات النصية، التکرار، التوکيد، العواطف، التوابع، الحذوف والاستبدالات) وفنون بديعة علی أساس المنهج الوصفی- التحليلي.
أمّا القصائد السبع العلويات فإنّها ليست من النصوص الأدبية التي كتب عنها أوّل مرّة؛ فقد كتبت فيها أبحاثٌ عديدةٌ ركّزت علی شرحها وتحليل مضامينها وتبيين فنون الشاعر الأدبية وكيفية تصوير شخصية الإمام علي (ع) فيها، ودراستها الأسلوبية والمضمونية؛ من أهمّها حسب سنة النشر:
- أكبري، حكيمة. (1397هـ.ش). الرسالة المقدمة لنيل درجة الماجستير في اللغة العربية وآدابها المعنونة بـ «الأسلوبية في القصائد السبع العلويات لابن ابی الحديد». إشراف: سمية حسنعليان (1397هـ.ش). جامعة أصفهان: تسعی هذه الدراسة إلی تسليط الضوء علی القصائد السبع العلويات خلال المستويات الأربعة المألوفة للأسلوبية (المستوی الصوتي، المستوی التركيبي، المستوی البلاغي، والمستوی الدلالي) وتحليلها من جانب أسلوبي إحصائي من خلال الرسوم البيانية بتقديم شواهد من أبياتها.
- رنجبر، جواد؛ دزفولي، محمد؛ أمين مقدسي، أبو الحسن؛ فراتي، علي أكبر. (1440هـ.ق). «دراسة البنية الأسلوبية في القصيدة العينية لابن أبي الحديد». مجلة اللغة العربية وآدابها. السنة 15. العدد الثالث. صص 425-452: تعالج هذه الدراسة العينية العلوية لابن أبي الحديد دراسة أسلوبية في ضوء مناهج التحليل الحديثة التي تعتمد في تحليل النصوص علی المستويات الصوتية والتركيبية والدلالية والفكرية. وتبادر إلی تحليلها في حقلين: اللغوي والدلالي معتمدةً علی الإحصاء بتقديم أبيات مختارة من القصيدة.
- العامري، ميادة عبد الأمير الكريم؛ التميمي، علاء حازم محمّد. (2017م). السـرد القصصـي في القصائد السبع العلويات لابن أبي الحديد. مجلة أبحاث البصـرة للعلوم الإنسانية. المجلد 42. العدد 3. صص 41-72: عني هذا البحث بدراسة عناصر السـرد القصصـي في القصائد السبع العلويات من خلال توثيق الشاعر للمعارك التي خاضها الإمام علي عليه السلام كفتح خيبر، فتح مكة، واقعة حنين، حرب الجمل وصفين والنهروان مسلّطاً الضوء علی خصائص الـسرد في هذه القصائد كأساليب السرد المفرد والجمع، والشخصيات الرئيسة والفرعية، والمقاطع الحوارية، والأمكنة والترتيب الزمني.
- باستان، سيد خليل؛ سعدي، محمّد. (1436هـ.ق). دراسة نقدية في قصيدة ابن أبي الحديد العينية. مجلة اللغة العربية وآدابها. السنة 11. العدد3. صص 509-531: حاول هذا البحث أن ينقد العينية الشهيرة لابن أبي الحديد في أربعة محاور نقدية هامّة وهي المعنی، والأسلوب، والعاطفة، والخيال؛ مع ذكر بعض نقاط الضعف والقوة فيها والتي يمكن من خلالها معرفة مدی مقدرة الشاعر الأدبية علی الإبانة عن المفاهيم المقصودة بالاعتماد علی الصور الأدبية والإمكانيات اللغوية.
- فؤاديان، محمّد حسن؛ عنايتي، عليرضا. (1435هـ.ق). التنبيهات والسبع العلويات. مجلة اللغة العربية وآدابها. السنة 10. العدد1. صص 169-190: يهدف هذا البحث إلی تسليط الضوء علی ما اعتنی به الأدباء بالسبع العلويات من الشرح والتخميس والترجمة والرسائل الجامعية في فهرسة ميدانية كاملة، ثمّ دراسة الشـرح المسمّی بـ«التنبيهات علی معاني السبع العلويات» والمحاولة إلی معرفة حياة شارحه ونسبه لاستنتاج مقنع يزيل الإبهام.
علی الرغم من عدّة البحوث والدراسات التي اعتنت بالقصائد السبع العلويات لأهميّتها الأدبية والتراثية، أمّا في ساحة تطبيق أصول الاتساق النحوي بشكل خاصّ، علی هذه المجموعة الشعرية، فلم نعثر علی بحث وافٍ جامع أبعاد ألقی الضوء علی تحليل الجوانب التماسكية لهذه النصوص في المحورين اللفظي والدلالي؛ خاصّة القصيدة الثانية بوصفها أثراً غالياً يستحق الدراسة لثرائها اللغوي والفکري.
- الإطار النظري للبحث:
- الاتساق النحوي[ii] أهميّته وآلياته:
إنّ الكلام المؤثّر هو الذي يلائم نسيجه التركيبي، فضلاً عن صحته، أغراضه الدلالية المنشودة؛ تأسيساً على هذه الحقيقة إنّ الاتساق النحوي بوصفه ركناً من أركان التماسك السطحي أو الترابط الرصفي، يهتمّ بكيفية انتظام التراكيب النحوية وفق مقتضیات النص لتكوين نسيج محكم السبك، فهو أقرب إلی «ظاهر النص ويرتبط بالدلالة النحوية التي تعني بكيفية انتفاع المتلقي بالأنماط والتتابعات الشكلية في استعمال المعرفة والمعنی ونقلهما وتذكرهما» (عفيفي، 2001م: 103)؛ فإنّ القواعد النحوية تؤدّي دوراً كبيراً في ربط النص بعضه ببعض.
إنّ نحو النص مولد تفاعل مجموعة من العلوم المتنوعة اللغوية وغير اللغوية ويعدّ «تطويراً لبحوث لغوية قامت بها المدارس الأروبية والأمريكية مروراً بهاريس في النصف الثاني من القرن العشرين وتطور علی يد فان دايك مؤسس علم النص حتّی رسخت نظرية النص علی يد دي بوجراند عام 1980م» (النجيري والمرسي، 2011م: 532)، علی هذا الأساس فقد نشأ نحو النص في أحضان اللسانيات الحديثة وهو مسؤول عن تكوين سياق نصّي معيّن، من خلال دراسة الإجراءات النحوية الساهمة في تكوين النظام الحاكم علی النص وتوجيه الدلالة طواله. لقد أكد هاليدي وحسن علی تجاوز نحو النص حدود الجملة قائلين بأنّ الاتساق «ليس علاقة بنوية، فهو إذن غير مقيّد بحدود الجملة، هو ببساطة في شكله الطبيعي افتراض شيء سابق سواء أكان في الجملة السابقة أم لا» (Halliday، 1976م: 14)، فقد قسّما الاتساق النحوي إلی الإحالة، والاستبدال، والحذف والربط (خطابي، 1991م: 11؛ Halliday ، 1976م: 29).
أمّا في ساحة دراسة فاعلية هذه الآليات في تحقيق التماسك النصي وتحليل مكانتها الوظيفية، فمن الجدير أن نعتمد علی منهج اقترحه عيسی جواد الوداعي في كتابه «التماسك النصي في نهج البلاغة» معتمداً علی بحوث لسانيات النص، وهو يتضمن القوانين النحوية المجاوزة إلی النص التي تحكم الارتباط بين الجملة الأولی والجمل الأخری المكوّنة للوحدة النصية وتجري في المحورين الأساسيين: التوسيع والدمج (انظر: الوداعي، 2015م: 122). إنّ هذا المنهج يلقي الضوء علی تلك الآليات، التي أشار إليها هاليدي وحسن، من منظار أوضح وبرؤية أكمل أي الوقوف علی القواعد النحوية التي تؤدّي إلی استمرار المحور المركزي في المقطع النصي ويساعد علی تكوين النص كنسيج واحد متكامل.
المقصود من قاعدة التوسيع هنا تلك «الوظائف النحوية التي تزيد علی الإسناد الأصلي في الجملة الأولی، بغية مدّها والوصل بالرسالة التي تحملها إلی منتهاها» (الوداعي، 2015م: 124)؛ إذن يعدّ الربط من أهمّ الآليات النحوية التي تحقّق خاصية الاستمرارية في النص لفظاً ودلالةً، عبر توسيع البنية الأصلية المسيطرة. أمّا قاعدة الدمج فهي مبنية علی الوظائف النحوية التي تتحقّق التماسك من خلال تبئير عناصر البنية المسيطرة وتبلورها في الجمل اللاحقة أو السابقة؛ وکما أشرنا آنفاً في التمهيد، تتبلور فاعلية قاعدة التوسيع في انتشار حكم البنية المسيطرة، بينما أنّ فاعلية الدمج تتجلي في عملية تبئير عناصر البنية المسيطرة؛ وکلتا القاعدتين تؤدّيان دوراً فعّالاً في تحقيق الاتساق النحوي للنص.
- قاعدة الدمج ودورها الوظيفي في الاتساق النحوي:
وهي القاعدة الثانية من قواعد التماسك النحوي التي ترتبط بتبئير البنية المسيطرة، وتقوم بتحقيق الاتساق عبر ظاهرتين نحويتين: الإحالة والحذف. بما أنّ اللغة ذات طبيعة إحالية، تكون الروابط الإحالية والإشارية من بديهياتٍ يبني عليها نظام النص ضرورةً إذ لا يخلو منها أي نصٍّ من النصوص نطقاً وكتابةً؛ فهي تعدّ من المفاهيم الأساسية في لسانيات النص. لقد ظهر مصطلح “Reference” في اللسانيات النصية عند هاليدي وحسن (1976م) في كتابهما الشهير تحت مجموعة من وسائل الربط اللفظي، فقد ذهب النصيون إلی دراسة مصطلح «الإحالة» بوصفه مقابلاً لهذا المصطلح الغربي.
للإحالة تعريفات متعدّدة عند علماء النص تتجاذبها الرؤی المختلفة، والحدّ المشترك في كلّ هذه التعاريف هو أنّ الإحالة علاقة معنوية تبني علی عملية استرجاع المعاني وتقوم بإعادة هوية العنصر اللغوي في داخل عالم النص أو خارجه. إن نلق الضوء علی كيفية فاعلية الإحالة بآلياتها المتعدّدة في تحقيق تماسك النص، نجد بوضوح أنّ الأدوات المحيلة داخل النص هي «الأدوات التي نعتمد في فهمنا لها لا علی معناها الخاص بل علی إسنادها إلی شيء آخر إذ هي كلمات ليس لها معنی تام في ذاتها ولا تملك دلالة مستقلة بل تعود علی عنصر أو عناصر مذكورة في أجزاء أخری من الخطاب» (محمّد، 2009م: 119)، كما أكّد هاليدي وحسن في باب الإحالة علی هذه الحقيقة بأنّها «لا تكتفي بذاتها في تأويلها دلالياً بل تحيل علی شيء آخر من أجل تأويلها» (Halliday, 1976: 31)؛ فبهذه الفاعلية تستمرّ حركة الدلالة في خلايا النص وتظلّ العناصر المحال إليها حاضرة في ذهن المتلقي بواسطة حلولها مرّة أخری في الخطاب. تنقسم الإحالة إلی الإحالة الضميرية، الإحالة الإشارية والإحالة الموصولية.
تتفرّع الإحالة الضميرية إلی نوعين رئيسيين الإحالة المقامية والإحالة النصية، وتتفرع الثانية إلی إحالة قبلية وإحالة بعدية (خطابي، 1991م: 17؛ Halliday, 1976: 33)؛ من الممكن تعريفهما موجزاً حسب التالي:
- الإحالة المقامية: أو الإحالة الغير المذكورة، وهي إحالة عنصر لغوي إلی عنصر إشاري غير لغوي موجود في المقام الخارجي، فهي تتوقف علی معرفة سياق النص أو الأحداث والمواقف المحيطة به.
- الإحالة النصية: وهي العلاقات الإحالية داخل النص ومصطلحٌ «استخدمه بعض اللغويين للإشارة إلی علاقات التماسك التي تساعد علی تحديد تركيب النص؛ بمعنی أنّ هذا المصطلح يركز علی العلاقات بين الأنماط الموجودة في النص ذاته» (الفقي، 2000م: ج1/40)، فقد تكون هذه العلاقة بين ضميرٍ وكلمةٍ، أو كلمةٍ وكلمةٍ، أو عبارةٍ، أو جملةٍ أو فقرةٍ من الأنماط اللغوية النحوية. تنقسم هذا النوع من الإحالة إلی القبلية التي تعدّ أكثر أنواع الإحالة شيوعاً واستعمالاً في النص؛ والبعدية التي تعود علی عنصر إشاري مذكور.
وبالنسبة إلی أسماء الإشارة فهي كالضمائر من العناصر النحوية المبهمة التي تحتاج إلی التفسير وقد تكون بديلاً عن مفرد أو جملة أو نصٍّ و«تشترك مع ضمير الغيبة غالباً لتشكل حكماً في قضية سابقة أو تنقل ما سبق، لينسحب علی ما يلحق» (بحيري، 2005: 127-129).
أمّا الموصولات فهي كالضمائر وأسماء الإشارة تعدّ من العناصر النحوية المبهمة الناقصة الدلالة التي لا تتمّ بنفسها بل تحتاج إلی التفسير، فلا يتمّ معناها إلّا إذا وصلت بالصلة فلا يجوز حذف الصلة إذ يكمن فيها ضميرٌ عائدٌ علی الاسم الموصول يربط بينه وبين الصلة ليزيل الإبهام. تنقسم الموصولات حسب النوع إلی الأسماء الموصولة المشتركة (مَن وما)، والمختصة (الّذي، الّتي، اللذان، اللذين، اللتان، اللتين، الذين، اللاتي) التي لكل واحدٍ منها أثرٌ دلالي مستقلّ وفاعليةٌ خاصّة في دمج أطراف النص وربط أجزائها.
يعدّ «الحذف» ظاهرة لغوية عامّة تبني عليها جميع اللغات الإنسانية طبعاً لاقتضاء المواقف الاتصالية إذ «يستدعي الموقف الاتصالي الاختزال والاختصار حتّی تصل الرسالة بوضوح من جهةٍ وحتّی لا يشعر المتلقي بالسأم والملل من جهةٍ أخری» (البطاشي، 2009م: 192). لقد اهتمّ الباحثون علی اختلاف اتجاهاتهم بدراسة هذه الظاهرة كخاصية أسلوبية نحوية وبلاغية تعطي اللغة سمة الاختصار والإيجاز كما تسبّب الإيقاع والديناميكية في التعبير؛ والعرب،كما نعلم، أميل إلی الإيجاز. وفي علم اللغة النصي يعدّ الحذف المصطلح المقابل للمصطلح الغربي”Ellipsis” الذي يترجم بالحذف والإضمار. لقد حدّد كريستال الحذف بأنه «جزء من الجملة الثانية، ودلّ عليه دليل في الجملة الأولی» (كريستال، د.ت: 119)، وهذا التعريف موافق لمفهوم الحذف عند هاليدي إذ يعتقد بأنه «علاقة داخل النص، وفي معظم الأمثلة يوجد العنصر المفترض في النص السابق» (Halliday, 1976: 144) وهذا يرفض رؤية بعض الباحثين في عدّ الحذف ذا مرجعية خارجية، بل يؤكد علی أنه غالباً علاقة قبلية؛ علی هذا الأساس يعدّ الحذف من الأعمدة الأساسية التي يتحقّق الاتساق النحوي باعتبارها من خلال قاعدة الدمج، إذ تترك هذه الظاهرة فجوةً في النص فتسوق المتلقي نحو ملئها معتمداً علی الدليل اللغوي في الجملة الأولی.
تتفرّع ظاهرة الحذف في اللغة العربية إلی فروع عدّة؛ فقد ذکر هاليدي وحسن ثلاثة أنواع للحذف في ساحة اللسانيات النصية: الحذف الاسمي ويعني الحذف داخل المركب الاسمي؛ والحذف الفعلي الذي يقصد به الحذف داخل المركب الفعلي، والحذف القولي المشتمل علی العبارة (الجملة وشبه الجملة) بما تتضمن من الأسماء والأفعال (انظر: خطابي، 1991م: 22). لا يخلو أيّ نصٍّ عن الحذف بأنواعه لأنه ظاهرة لغوية عامّة، ولكنّ ما يهمّنا في هذا المجال هو إلقاء الضوء علی جانبٍ يساهم في تحقيق الاتساق وتقوية سبك النص عبر قاعدة الدمج؛ إذن تقتصر غايتنا علی دراسة الحذف علی مستوی المقاطع النصية والجمل المتتالية.
- الإطار التطبيقي للبحث:
3-1- فاعلية قاعدة الدمج في الاتساق النحوي للقصيدة الثانية من قصائد السبع العلويات:
قبل الخوض في عمق البحث اللساني جديرٌ بنا التعرّف علی هيكلية نصّ القصيدة الثانية من هذه المجموعة الشعرية وبناءها الموضوعي. هکذا فإنَّ القصيدة الثانية المعنونة بـ«في ذكر فتح مكة»، تحتوي علی 52 بيتاً وأربع وحداتٍ نصيةٍ مترابطةٍ، وتحمل في ثناياها تمجيد بطولة الممدوح أي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام وفقاً لسيطرة هذا العنوان؛ فهي قصة جهاده (ع) بجانب النبي (ص) في ظلال رواية فتح مكة وغزوة حنين؛ إذن تکون هذه القصيدة ذات نسيجٍ قصصيٍ مبنيٍ علی التوالي السردي الذي جعلها ذات حركة دلاليةٍ هادفةٍ علی النحو الآتي:
- الوحدة الأولی (أبيات1-8): دخل الشاعر في صلب الموضوع مباشراً من مستهلّ القصيدة دون الاهتمام بإنشاد المطلع، وهذه البداية المتميّزة تبرز لنا أهمية قضية فتح مكة والغزوات الإسلامية ودور الإمام (ع) الفعّال في هدم أعمدة الكفر؛ نظراً لهذه الأهمية فقد خصّص الشاعر الأبيات الثمانية الأولی بوصف خيل جيش الإسلام ووصف استعداده تمهيداً للدخول في المضمون الرئيسي.
- الوحدة الثانية (أبيات 9-34): هي الوحدة النصية الرئيسية التي أنشدها الشاعر في وصف نيران بطولة الإمام علي (ع) وشجاعته وروحه القتالية؛ فتنحدر المعاني الحماسية من هذا الينبوع لتؤثّر في ضمير المتلقي وتجعله في مسار منطقي للتصديق. لقد خصّص الشاعر 15 بيتاً من هذه الوحدة بوصف جهاد الإمام (ع)، و5 أبياتٍ منها باستسلام أبي سفيان، و7 أبياتٍ منها بوصف رفعة شأن النبي (ص) بوصفه زعيم جيش الإسلام ومدبّره.
- الوحدة الثالثة (أبيات 35-44): انتقل الشاعر في هذه الوحدة إلی غزوة حنين بوصفها من أهمّ الحروب الإسلامية المقدّسة التي لعب أمير المؤمنين (ع) فيها دوراً ملحوظاً للدفاع عن عقيدته؛ لذلک قد تفجّرت ينابيع الحماسة في هذا المقطع بخلق الصور الحربية البديعة.
- الوحدة الرابعة (أبيات 45-52): ابتعد فيها الشاعر عن اللحن الحماسي فراح يصف مجد الإمام (ع) وسؤدده وكراماته ببيان ألطف وأساليب أرقّ.
استتباعاً لهذه الهندسة الدلالية إنّ ترسيم الصور الملحمية المتتالية والمتصلّة بسياقات الوحدات النصية وانتظامها لخلق اللوحة الكبری أي الدلالة الجامعة، يتطلّب الأنساق النحوية المرتبطة بالبؤرات المرکزية لتشکيل نسيج سـردي منسجم. هکذا بإمکاننا تسليط الضوء علی أهمّ جوانب قاعدة الدمج في القصيدة الثانية التي استخدمها ابن أبي الحديد للتعبير عن فحوی أفکاره؛ لقد اعتمد الشاعر علی الدمج بالإحالة والحذف في تماسک القصيدة الثانية حسب الرسم التالي:

النسبة المئوية لاستخدام آليات قاعدة الدمج في القصيدة الثانية
هکذا جدير بنا أن نبدأ بحثنا بتسليط الضوء علی الدمج بالإحالة بوصفه الوسيلة الکثيرة التکرار في القصيدة الثانية.
3-1-1- الدمج بالإحالة ودوره الوظيفي في اتساق القصيدة الثانية:
إنّ الإحالة بوصفها ظاهرة نحوية لغوية تشترك فيها كلّ اللغات، تشكّل عماد كلّ منظومة فكرية لأنّ اللغة وجه آخر من التفكر وهي «نفسها نظام إحالي، إذ تحيل إلی ما هو غير اللغة» (الزناد، 1993م: 115)، إذن تعدّ الإحالة من المفاهيم الأساسية في لسانيات النص التي تعطي النص صفة النصيّة. فالإحالة- کما أشرنا آنفاً- علاقة دلالية تشير إلی عملية استرجاع المعنی الإحالي في الخطاب مرّة أخری، فيقع التماسك عبر استمرارية المعنی، ويشترط وجوباً في كلّ مضمر أن يكون مفسّر مناسب يحكمه، أو عنصر مفترض يكون قابلاً للتطابق معه بطريقة ما (انظر: محمّد، 2009م: 119)، وبما أنّ اللغة ذات طبيعة إحالية فتعدّ الروابط الإحالية والإشارية من بديهياتٍ يبني عليها نظام النص ضرورةً.
تعدّ الإحالة من أكثر وسائل الربط اللفظي استخداماً في نص القصيدة الثانية فتحقّق تماسكه بأنواع آلياتها من الضمائر والأسماء الإشارة والأسماء الموصولة وتسهم بنحو فعّال في الكفاءة النصية علی المستويين المقامية والمقالية؛ وبما أنّ هذه القصيدة سيطرت عليها صبغة المدح والوصف، فمن المتوقع أن تدور الإحالات حول بؤرات ثابتة متكررة فتربط بين أطراف النص. کما أشرنا في مقدمة هذا القسم، لقد بني معظم هذه القصيدة علی رواية فتح مكة ثمّ غزوة حنين مركزاً علی وصف دور الأمير المؤمنين (ع) وفروسيته بجانب وصف رفعة شأن النبي (ص)، والتغني بخصاله الأخری، فمن الطبيعي أن تؤثّر هذه المضامين مباشرةً علی انتقاء الوسائل الإحالية بأنواعها المتنوعة ولاسيّما الإحالة الضميرية بوصفها أداة رئيسية في تحقيق اتساق هذا النص وتقوية سبكه إذ لجأ إليها المرسل أكثر من 150 مرّات، ويؤكد هذه الحقيقة الجدول الآتي:
تواتر وسائل الإحالة في وحدات القصيدة الثانية:
الوحدات النصية | الضمير | اسم الإشارة | اسم الموصول | المجموع |
الوحدة الأولی | 30 | ــــ | 1 | 31 |
الوحدة الثانية | 73 | 3 | 6 | 82 |
الوحدة الثالثة | 30 | 1 | 2 | 33 |
الوحدة الرابعة | 23 | ــــ | ــــ | 23 |
كما نلاحظ أنّ الضمائر وجدت بكثافة لافتة النظر في هذا النص إذ تبلغ نسبتها المئوية إلی 92% من ساحة الربط الإحالي، وهذا يدلّ علی أنّ الخطاب يتمحور حول ذوات معينة تكوّن نظام المضامين؛ نظراً إلی هذه النتيجة نبدأ بمعالجة الضمائر أولاً، ثمّ الموصولات وأخيراً أسماء الإشارة علی مستوی هذه البنية الشعرية. عند التأمّل في الحقل الأول، أي الإحالة الضميرية، نجد أنّ جلّ الضمائر تمحور حول المراجع الإشارية التالية:

تواتر مراجع الضمائر في القصيدة الثانية:
من الواضح أنّ معظم الضمائر في هذا النص الشعري يدور حول هذه المحاور الأربعة في الوحدات النصية المختلفة؛ وإن نلق الضوء علی نوع الإحالات الضميرية المستخدمة في هذا النص نجد أنّ الشاعر اعتمد علی الإحالة المقامية 39% وهذه النسبة المئوية تؤكد لنا التفاعل بين الشخصيات وحيويتها ضمن القصيدة، بينما أنّ اعتماد المرسل علی الإحالة المقامية في الضمائر المحيلة إلی الإمام علي (ع)، يبلغ إلی 76% وهذه النسبة تدلّ علی الحضور الفعلي للمدوح في وجدان الشاعر وتجذّره في ذاته ؛ كما نشاهد هذا الأسلوب في بداية الوحدة الأولی:
جَلَلتَ فلمَّا دَقَّ في عَينِك الورَى | نَهَضتَ إلى أُمِّ القُرى أيِّدَ القرى |
(الصالح، 1972م: 101)
لقد استهلّ الشاعر نصّه باستخدام ضمير المخاطب دون ذكر مرجعه للتعظيم وشهرته عند المتلقي، وهو شخص أمير المؤمنين (ع)؛ وقد اتّصل، بجانب ضمير «کَ» في «عينک»، ضمير «تَ» بالأفعال الماضية في قوله «جللتَ» و«نهضتَ»، وهذا الانتقاء الإحالي يمتدّ طوال القصيدة بحيث نسطيع القول بأنه خاصية أسلوبية يشكل بها الشاعر معادلة أساسية تحدّد موقفه من الممدوح من كونه الفاعل في الأحداث، كما نشاهد هذا النمط الأسلوبي خلال الوحدة اللاحقة حيث يروي الشاعر فتح مكة:
رَمَيتَ أبا سفيان مِنها بِجحفَل يدبّره رأيُ النَّبي وَصارمٌ | إذا قيسَ عَدّاً بالثّرى كَانَ أكثرا بِكِفِّكَ أَهدى في الرّؤوس منَ الكرى |
***
وَکَسَّرتَ أصناماً طَعَنتَ حُماتها رَقَيتَ بِأسمی غارِبٍ أحدَقَت بِهِ | بِسُمرِ الوَشيجِ اللَّدنِ حَتّی تَکَسَّرا مَلائِکُ يَتلونَ الکِتابَ المُسَطَّرا |
(المصدر نفسه: 103، 105)
نشعر بحيوية ذکر الممدوح من خلال انتقاء الشاعر الإحالة المقامية؛ فتجذب الضمائر المستخدمة ذهن المتلقي نحو البؤرة المركزية وهي شخصية الإمام علي عليه السلام التي عرفناها في الوحدة الأولی. ومن الواضح أنّ ضمير «تَ» للمخاطب في أفعال «رميتَ»، «کسّرتَ»، «طعنتَ» و«رقيتَ» ـ الذي ينتمي إلی الإمام (ع) ـ يعدّ مركز الحديث من بداية النصّ حتّی نهايته إذ يؤكد عليه المرسل في كلّ الوحدات النصية، کما جاء به في الوحدة الثالثة:
وردتَ حُنيناً والمنايا شواخِصٌ فَكم مِن دم أضحى بسيفِكَ قَاطِراً وَكَم مِن رُؤوسٍ في الرّماح عَقدتَها | فَذلّلتَ مِن أركانِها ما توَعَّرا بِها من كميٍّ قَد تَرَكتَ مُقطَّرا هُناكَ لأجسامٍ مُحلَّلةِ العُرا |
(المصدر السابق: 107)
استمرار الإحالة المقامية حتّی نهاية الوحدة الثالثة ممّا يبقي أمير المؤمنين (ع) کالشخصية المحورية الفاعلة في ذهن المتلقي ويبرز مکانته عند الشاعر. إن ندقّق النظر في هذا المقطع نجد كثرة استعمال ضمير«ك» و«تَ» في قول الشاعر «سيفك»، «وردتَ»، «ذلّلتَ»، «ترکتَ» و«عَقَدتَ»، وبهذه النقاط الإحالية أي الإحالة المقامية من خلال الضمير الخطاب العائد إلی خارج النص، يبني نظاماً تخاطبياً يدعم نصية في الكلام.
أمّا بالنسبة إلی الوحدة الأخيرة فقد اعتمد ابن أبي الحديد علی الإحالة النصية ورجّحها علی المقامية محافظاً علی البؤرة المرکزية (الممدوح)، بسبب ترجيح البيان السردي والخروج من ذلك الوتيرة البيانية المألوفة لإزالة الملل باستخدام صنعة الالتفات ـ بوصفها الخاصية الأسلوبية البارزة في القصائد العلويات:
إمامُ هُدیً بِالقُرصِ آثَرَ فَاقتَضی يُزاحِمُهُ جِبريلُ تَحتَ عَباءَةٍ | لَهُ القُرصُ رَدَّ القُرصَ أَبيَضَ أزهَرا لَها قيلَ کُلُّ الصَّيدِ في جانِبِ الفَرا |
(الصالح، 1972م: 108-109)
من الواضح أنّ القصيدة كانت تستمرّ علی خطة روائية واحدة وهي سرد فتح مکّة من خلال مخاطبة الإمام علي (ع) ولکنّ الشاعر في الوحدة الأخيرة لجأ إلی الالتفات لبلوغ غاية دلالية معيّنة؛ فقد تغيّر رؤيته السردية والتفت من صيغة الخطاب إلی الغيبة وهذا الوجه من الالتفات ممّا يزيل الرتابة عن النص و يلائم سياق الوصف. لا تؤدّي هذه الصنعة البلاغية إلی التشتّت في أجزاء النص والفكاك بين الجمل إذ يكون المحال إليه في كلّ الصيغ الغائبة والمخاطبة عنصراً إشارياً واحداً وهو أمير المؤمنين (ع)، بل هي تسبّب نشاطاً فكرياً يجعل المرجع حاضراً في ذهن المتلقي؛ علی هذا الأساس إنّ «الالتفات يشكل أداة ربطٍ ووصل بين الجمل، وهذا من خلال اعتماده علی الإحالة بالضمائر إلی سابق أو لاحق، ومن ثمّ الاستمرارية في التراكيب ممّا يسهم في حدوث التماسك النصي» (علوش، 2021م: 243)؛ هکذا فقد جعل الشاعر لفظة «إمام» محوراً أصلياً يدور حوله الأبيات الأخيرة للقصيدة من خلال استخدام ضمير «هاء» في قوله «له» و«يزاحمه» وباعتماده علی الضمير المستتر في «آثر» العائد إلی هذا المرجع ليؤكد علی فاعليته.
تأسيساً علی هذا الأسلوب فإنّ الإمام علي عليه السلام بوصفه المرجع الإشاري الرئيسي يؤثّر في توجيه دلالة باقي النص ويقوم بالربط بين کلّ السطور الشعرية علی مستوی الوحدات النصية الکبری، فنجد کلّ المقاطع مرتبط بالذات الواحد أشدّ الارتباط علی النحو الآتي:
الإمام علي (ع) الوحدة الأولی: جَلَلتَ، نَهَضتَ، عينکَ (1)/ جَلَبتَ، تَقودُ (2)/ سُقتَ (3)
الوحدة الثانية: رَمَيتَ (10)/ کَفِّکَ (11)/ هَزَزتَ (13)/ کُنتَ (15)/ جُستَ، لَم تَدَع،
لَم تترک (18)/ طَلَعتَ (19)/ إلَيکَ (20)/ أظهرتَ (21)/ کَسَّرتَ، طَعنتَ (22)/
رَقَيتَ (23)/ شئتَ، تلمس، رُمتَ (26)/وَسَّدتَ (31)/ صَدَمتَ، قطّعتَ (32)/ عمّکَ، عضبکَ (33)
الوحدة الثالثة: وردتَ، ذَللتَ (35)/ سيفکَ، ترکتَ (36)/ فجَّرتَ (37)/
عَقَدتَ (38)/ هُمامٌ/ فتیً/ إمام هدی
الإمام علي (ع) الوحدة الرابعة: تَرَدّی، تأزّر (44)/ فيه، عَبَدَ (45)/ کانَ (46)/ کانَ، أضحی (47)/
کانَ، جَنانَه، تَسَتَّرا (48)/ آثَرَ، له (49)/ يزاحمه (50)/ مثواه (51)/ له (52)
أمّا بالنسبة إلی البؤرات المرکزية الأخری فإنّ الضمائر المحيلة إلی أبي سفيان- بوصفه المرجع الکثير الاستخدام في المرتبة الثانية- تشکّل حقل موضوعي واحد حول وصف فتح مکة، وتعمل علی الربط بين الأنساق النحوية في ساحة الوحدة النصية الثانية فحسب:
فَطارَ إلى أعلى السَّماءِ تَصاعداً وَأعطى يَداً لَم يُعطِها عَن مَحبَّةٍ لأَفصحتَ يا مُخفي العَداوَةِ ناطِقاً | فَلمَّا رأى أن لا نَجاةَ تَحدّرا وقَول هُدىً ما قالهُ مُتخيرا بتَعظيمِ مَن عاديتَهُ مُتستِّرا |
(الصالح، 1972م: 103)
من الملاحظ أنّ المرسل جعل أبا سفيان بؤرةً يدور حولها البيتين الأوّل والثاني بضمير الغيبة أي «هو» المستتر في أفعال «طار»، «رأی» «تحدّر» «أعطی» «لم يُعط» و«قال»، ليصف خوف أبي سفيان وجهده في الفرار ويرسم سير استسلامه رسماً دقيقاً؛ أمّا في البيت الخامس فنواجه فجأة تخاطب الغائب بصنعة الالتفات، كأنّ الشاعر وقف أمام أبي سفيان ويلومه مخاطباً إيّاه ـ كما نعلم أنّ الملامة تكون مؤثّرة في حالة التخاطب ـ فيمثّل بالانصراف من الغيبة في قوله «لأفصحتَ» و«عاديتَ». الاعتماد علی الضمائر الغائبة والمخاطبة التي تنتمي إلی المرجع الواحد تؤكد علی ترابط النص والاتساق النحوي فيه؛ وهذه الثنائية بين الغيبة والخطاب يؤدّي إلی تطرية الکلام وإزالة الضجر والملل.
وبالنسبة إلی البؤرة المرکزية الثالثة فإنّ الضمائر المحيلة إلی «الشاعر» تؤدّي إلی تشکيل حقل مضموني واحد غلبت عليه روح الوجدانيات الشخصية لابن أبي الحديد علی النحو الآتي:
حَلَفتُ بِمَثواهُ الشَّـريفِ وَتُربَةٍ لَأستَنفِدَنَّ العُمرَ في مِدَحي لَهُ | أحالَ ثَراها طِيبَ رَيّاهُ عَنبَرا وَإن لامَني فيهِ العَذولُ فَأکثَرا |
(الصالح، 1972م: 109)
إن ندقّق النظر في سعة استخدام الضمائر في هذين السطرين بوصفهما المقطع الأخير للقصيدة الثانية، نجد أنَّ المرسل شديد الاهتمام بخلق البناء الدرامي لنهاية قصيدته معتمداً علی تقنيات البوح إذ تزيد كثرة حضور الشاعر في شحنات النص العاطفية من خلال کثرة استخدام ضمير المتکلم واتخاذه أسلوباً يبرز عمق عواطف الشاعر للممدوح. جعل ابن أبي الحديد نفسه أحد محاور النص باستخدام ضمير «تُ» في قوله «حلفاتُ» وضمير «أنا» المستتر في قوله «لاأستنفدنّ» و«أکثرُ» وضمير «ي» في «مدحي» و«لامني»، فإنّه بجانب تحقيق الربط بين أنساق هذا المقطع، قام بإيحاء عمق وجدانياته وصدقها في ذهن المتلقي.
أمّا بالنسبة إلی الإحالة الموصولية بوصفها العمود الثاني من بناء الإحالة في القصيدة الثانية حسب كثرة الاستعمال، تساهم في تشكيل النص واتساقه من خلال قاعدة الدمج. لقد أحال المرسل بالأسماء الموصولة في القصيدة عاقداً الربط بين الصلة وموصولها، باللجوء إلی الموصولات المشتركة (التي تبلغ نسبة استخدامها إلی 89%) والموصولات المختصّة (تبلغ نسبة استخدامها إلی 11%). تلائم هذه النسبة المئوية للموصولات المشتركة سياقَ المديح للنص علی وجه الشمولية؛ ومن أهمّ مواضعها قول الشاعر:
صَدَمتَ قُرَيشاً وَالرِّماحُ شَواجِرٌ وَرَدتَ حُنَيناً وَالمَنايا شَواخِصٌ | فَقَطَّعتَ مِن أرحامِها ما تَشَجَّرا فَذَلَّلتَ مِن أركانِها ما تَوَعَّرا |
(المصدر نفسه: 106-107)
اشتمل هذا المقطع الشعري علی «ما» الموصولة المشتركة فنشأ بها الترابط بينها وبين الصلة في الموضعين. تعدّ هذه الإحالة من نوع النصية القبلية وتعيد علی «أرحام» و«أركان» السابقتين ولكنّها غير محدّدة ولا معلومة لتدلّ علی الشمولية وترسم لنا شدّة فعل القطع والتذليل. كما نعلم تختلف «ما» عن «من» في أنّها أوسع استعمالاً من «مَن»، إذ تكون «مَن للمسألة عن الأناسي ويكون بها الجزاء للأناسي، وما مبهمة تقع علی كلّ شيء» (السامرائي، 2000م: 1/131)؛ فينفخ المرسل في شمولية المفهوم كما يجعل كلّ سطرٍ متماسك البنية.
أمّا من أهمّ مواضع الإحالة الإشارية، بوصفها الحقل الثالث من ساحة الإحالة، في القصيدة الثانية، قول الشاعر:
فليسَ سُواعٌ بَعدَها بمعَظَّمٍ وَلا ابن نُفَيل بَعدَ ذاكَ وَمقيسٌ | وَلا اللاتُ مَسجُوداً لَها ومُعَفَّرا بأوَّل مَن وَسّدته عَفرَ الثَّرى |
(الصالح، 1972م: 106)
کلّ الأسماء الإشارة المستخدمة في هذه القصيدة تربط بين أجزاء الأبيات الواحدة إلّا هذا المقطع؛ فقد جاء الشاعر باسم الإشارة في البيت الثاني متميّزةً عمّا غيرها طوال النص في كونها من نوع الإحالة الموسّعة إذ تربط اسم الاشارة بمتتالياتٍ من الجمل؛ وتتجلی القوة الاتساقية في هذا اللفظ إذ استطاع الشاعر أن يستبدل بمجموعة من الأبيات لفظاً واحداً حلّ محلّها. فقد استغنی المرسل عن إعادة الأسطر الشعرية عندما استخدم الإحالة الإشارية حيث قام «ذاك» ـ الدالّ علی البعد ـ مقامَ المقطع الشعري المتقدموهو «أظهرتَ نور الله بين القبائل وكسّرتَ أصنامها طعنتَ حماتها بسمر الوشيج ورقيتَ بأسمی غاربٍ أحدقت الملائكة»؛بعبارة أدقّ قام «ذاک» بالربط بين الأبيات 22 إلی 24 والبيت 31 من هذا المقطع الشعري. هکذا فإنّ الإحالة الموسّعة ممّا تبسط ساحة التأثير بتحقيق الربط بين الاسم الإشارة ومتتالياتٍ من السطور الشعرية وهذا الانتقاء يلائم نسيج النص الوصفي.
3-1-2- الدمج بالحذف ودوره الوظيفي في اتساق القصيدة الثانية:
إنّ الحذف بوصفه الركن الثاني من قاعدة الدمج يساهم في تماسك النص بتركه فجواتٍ في النص يقوم المتلقي بملئها معتمداً علی الدليل اللغوي في البنية المسيطرة. لا يعدّ الحذف نقصاناً يضرّ سلسلة الكلام بل هو من عوامل الوحدة والاستمرارية في النص بتحقيق قاعدة الدمج، إذ يعتمد المتكلم علی حذف كلمة أو عبارة بدلاً من تكرارها ويفترض وجود عنصر سابق يعدّ مصدراً للمعلومة المفقودة حيث يترك العنصر المحذوف فجوة علی مستوی البنية التركيبية ويمكن ملؤها من مكان إلی آخر في النص.
بالنسبة إلی أثر الحذف في تكوين بناء النص، فإنّه يؤدّي دوره الوظيفي معتمداً علی ركنين: التكرار المتحقّق بتقدير العناصر المحذوفة معتمداً علی الدليل اللفظي المذكور حيث يعمل علی استمرارية المعنی في النص؛ والمرجعية التي تتحقّق من خلال إحالة العنصر المحذوف الذي يقدّره المتلقي علی معنی العنصر المذكور (انظر: محمّد، 2009م: 172؛ الفقي، 2000م: 2/221)؛ وكلا الركنين يؤكدان واضحاً علی أهميّة وجود الدليل اللفظي في سطح النص لتوجيه المحذوفات وهداية المتلقي تقديرها حتّی تبقي البنی النصية متواصلة مترابطة.
يبدو أنّ الحذف يسهم في اتساق القصيدة الثانية إسهاماً فعّالاً عن طريق دفع التكرار في الكلام لأنّ سياق هذه القصيدة يقتضي مشاركة المتلقي في ملء بعض الفراغات؛ فهو يظهر دقائق النص من خلال تقدير المحذوفات.
کما أشرنا آنفاً تحتوي هذه القصيدة علی أربع وحداتٍ بما تتضمن من سطورٍ يبلغ عددها إلی أكثر من ستّين بيتاً، ولكن يقتصر استخدام ظاهرة الحذف علی 21 موقعاً وهذا التواتر يدلّ علی اللون القصصي لهذا النص؛ إذ هو مشتمل علی رواية فتح مكة وحنين ووصف فروسية أمير المؤمنين (ع) ورفعة شأن النبي (ص). بإمكاننا متابعة توزيع هذه الظاهرة طوال النص حسب الجدول الآتي:
تواتر أنواع الحذف في وحدات القصيدة الثانية:
الوحدة النصية | حذف الحرف | حذف الاسم | حذف الفعل | حذف الجملة | حذف شبه الجملة |
الوحدة الأولی | ــــ | 1 | ــــ | 2 | 1 |
الوحدة الثانية | ــــ | 4 | 4 | 1 | 1 |
الوحدة الثالثة | 1 | 4 | ــــ | ــــ | ــــ |
الوحدة الرابعة | ــــ | ــــ | 2 | ــــ | ــــ |
المجموع | 1 | 9 | 6 | 3 | 2 |
إن ندقّق النظر في مواضع الحذف الإسمي طوال القصيدة الثانية، نجد أنّ فاعلية هذا النوع من الحذف مقصورة علی تحقيق الاتساق النحوي بين أجزاء شطر واحد فلم تعمل علی الربط بين الوحدات النصية الکبری أو بين المقاطع الطويلة في وحدات نصية واحدة؛ إذن نواجه الحذف الإسمي في نطاق التراكيب النحوية بجواز حذف الفاعل أو المفعول أو المبتدأ علی النحو الآتي:
وَأعجَبَ إنساناً مِنَ القَومِ کَثرَةٌ وَضاقَت عَلَيهِ الأرضُ مِن بَعدِ رَحبِها | فَلَم يُغنِ شَيئاً ثُمَّ هَروَلَ مُدبِرا وَلِلنَّصِّ حُکمٌ لا يُدافَعُ بِالمرا |
***
رُوَيدَکَ إنَّ المَجدَ حُلوٌ لِطاعِمٍ | عَذيبٌ فَإن مارَستَهُ ذُقتَ مُمقِرا |
(الصالح، 1972م: 107-108)
قانون الدمج متجلٍّ بوضوح في هذا المقطع فقد عمد المرسل إلی حذف المفعول والفاعل في أفعال «لم يغن»، «ذقتَ» و«لا يدافَعُ». في البيت الأوّل جاء المرسل بلفظة «إنسان» وقام بحذف الضمير العائد إليها في «لم يغن» معتمداً علی تلک القرينة؛ وهکذا فعلُ المرسل في البيت الثالث إذ جاء بکلمة «المجد» و بضمير هاء في «مارسته» وتغنيه هاتين القرينتين عن ذکر الضمير المفعولي مرّةً أخری. أمّا في البيت الثاني فقد عدل المرسل عن الصيغة المبنية للفاعل إلی الصيغة المبنية للمفعول (أي الفعل المجهول) واستخدم فعل «لا يُدافَع» معتمداً علی ذکر کلمة «حکم»؛ والقضية الأساسية في حذف المفاعيل هي الانفتاح الدلالي الذي «يعطي النص سياجاً من الحصانة يمنع تقدير ما خرج عن السياق» (الوداعي، 2015م: 233). هکذا بإمکاننا رسم نموذج کيفية الدمج بالحذف الإسمي في هذا المقطع وتقدير کلّ هذه الأفعال في المخطط الآتي:
وأعجب إنساناً من القوم کثرةٌ؛ فلم يغنـ(ـه) شيئاً
إنّ المجد حلوٌ لطاعمٍ فإن مارستـه ذقتــ(ـه) ممقرا
ومن مصاديق حذف «المبتدأ» قول الشاعر في البيت الأوّل من المقطع التالي:
جيادٌ عَلَيها لِلوَجيهِ وَلاحِقِ فَفِيهَا سُلُوٌّ لِلمُحِبِّ وَشاهِدٌ | دَلائِلُ صِدقٍ واضِحاتٌ لِمَن يَری عَلَی حِكمَةِ اللهِ المُدَبِّرِ لِلوَرَی |
(الصالح، 1972م: 102)
تمثّل الحذف الاسمي هنا في عدم ذكر المبتدأ وهو الضمير المحيل إلی لفظة «جياد» في البيت نفسه علی وجه الإحالة البعدية؛ ويدرك هذا التقدير من ذات التركيب النحوي للجملة إذ لا يوجد في البيت ركنٌ من الأركان الأصلية للجملة لكي يسند إليه الخبر؛ ويبدو ذلك جليّاً في تقدير المبتدأ المحذوف أي «هي» بهدف الاختصار واقتصار الدلالة علی معنی الخبر وإبراز أهميته علی النحو التالي:
(هي) جيادٌ عَليها دلائل صدقٍ
مع حذف المبتدأ وعدم الإشارة المصرّحة إلیه، لا ينحرف ذهن المتلقي عن الموضوع الأصلي للمقطع النصي وهذا بسبب وجود قرينة حالية تدلّ علی هذا الضمير إذ سيطرت علی هذه الوحدة النصية مضمون وصف الخيل. إن نلق الضوء علی هذا المقطع نجد نوعين آخرين للحذف وهما حذف الحرف في البيت الأوّل وحذف شبه الجملة في البيت الثاني. لقد عطف المرسل لفظة «لاحقِ» علی «الوجيهِ» بهدف الجمع بين هذين المتعاطفين وتشريکهما في حکم الوصف فقام بحذف حرف «لـِ» اعتماداً علی ذکره سابقاً. کذلک قام الشاعر بحذف شبه جملة «فيها» لدلالة «فيها سلوٌّ» عليه والتقدير «فيها شاهدٌ». ربّما هذا المقطع رغم قصره يشير إلی قدرة الحذف الحرفي وحذف شبه الجملة علی الربط بين أجزاء الشطر، کما نلاحظ هذا التأثير في المخطط الآتي:
(هي) جيادٌ لِــلوَجيهِ و(لـِ)ـلاحِقِ/ فَفيها سُلُوٌّ لِلمُحِبِّ وَ (فيها) شاهِدٌ علی الحِکمَةِ
هکذا فقد لجأ المرسل إلی قاعدتي التوسيع (العطف) والدمج (الحذف)معاً لبناء النص وتحقيق تماسكه امتناعاً عن إطالة الكلام لأنَّ العطف بجانب الحذف يؤدّي دوراً فعّالاً في دفع التکرار وسوق النص نحو الاقتصاد اللغوي؛ وقام الشاعر بهذين الحذفين معتمداً علی عملية ملء الفجوات في ذهن المتلقي باستناده علی الدليل اللفظي المذكور أي القرينة المقالية.
أمّا رغم كثرة استخدام الحذف الاسمي في القصيدة الثانية (تبلغ نسبة استخدامها إلی 44%)، فلاحظنا بوضوح أنّ الحذف الفعلي يحتلّ معظم مساحة الحذف (28.5%) في المرتبة الثانية، وهذا يؤكد علی النسيج القصصي لهذه القصيدة إذ يركز علی وصف تفاصيل الأفعال والأحداث؛ ومن أهمّ مواضع هذا النوع من الحذف قول الشاعر:
وَيا قَدَمَيهِ أيَّ قُدسٍ وَطَأتُما بِحَيثُ أفاءَت سِدرَةُ العَرشِ ظِلَّها | وَأيَّ مَقامٍ قُمتُما فِيهِ أنوَرا بِضَوجَيهِ فاعتَدَّت بِذَلِك مَفخَرا |
(الصالح، 1972م: 105)
إنّ لفظة «أيّ» الاستفهامية في البيت الأوّل تقوم بتكوين سؤالٍ يوحي بتعظيم شأن النبي (ص) وإجلاله، فيجب عنه الشاعر نفسه بإنشاد البيت الثاني حيث حذف الفعل مع الفاعل؛ والتقدير:
ويا قدميه أيّ قدسٍ وطأتما؟! وأيّ مقامٍ قمتما فيه أنورا؟! (وطأتما/ قمتما) بحيث أفاءت سدرة العرش ظلّها…
يبيّن لنا هذا الرسم كيفية عملية ملء الفراغ في ذهن المتلقي معتمداً علی القرينة المقالية، فإنّه «كثيراً ما يعتري بعض عناصر جملة جواب الاستفهام اعتماداً علی القرينة اللفظية في السؤال» (حمودة، 1998م: 261)؛ كذلك عندنا جملتين الاستفهاميتين ولكليهما جوابٌ واحدٌ يؤكد علی أهميّة مقام النبي (ص) ويجعل المتلقي غير محدودٍ في تأويل المحذوف؛ فتكون الدلالة مفتوحة أمام المتلقي وهذا الفتح الدلالي يعمل علی دمج عناصر البنية المسيطرة فأنشأ نصّاً متماسكاً بعيداً عن الحشو. والنقطة الجديرة بالإشارة هي إمکانية عدّ حذف الفعل نوعاً من الحذف القولي أي حذف الجملة إذ يحتوي الفعل علی الفاعل في بطنه، كما نشاهد فعلي «وطأتما و قلتما» يشتملان علی الفاعل وهو ضمير «تما» المتصل، تأسيساً علی هذه الحقيقة فإنّ هذا النوع من الحذف قد يتعدّی الفعل إلی حذف الفاعل.
ومن أهمّ مصاديق أخری للحذف القولي أو حذف الجملة قول الشاعر:
يَفوقُ الرِّياحَ العاصِفاتِ إذا مَشی | وَيَسبقُ رَجعَ الطَّرفِ شَدّاً إذا جَری |
(الصالح، 1972م: 102)
«إذا تقدّم علی الشرط أو اكتنفه ما يدلّ علی الجواب، وجب حذف الجواب؛ وهو مبني علی الأصل في الترتيب أن تقع جملة الجواب بعد جملة الشرط وأن أدوات الشرط لا تعمل فيما قبلها فلا يصحّ تسمية الجملة السابقة جواباً للشرط» (حمودة، 1998م: 286)، وهنا نلاحظ حذف جملة الجواب بعد تقدّم ما يدلّ علی الجواب أي «يفوق الرياح العاصفات» و«يسبق رجع الطرف شدّاً»، والتقدير «إذا مشی يفوق الرياح العاصفات» و«إذا جری يسبق رجع الطرف شدّاً».
يعدّ بعض النحاة ظاهرة التقديم والتأخير ضرورةً شعريةً لا بدّ من استخدامها لاقتضاء الوزن والقافية ولكنّ هذه الظاهرة خاصيةٌ أسلوبيةٌ للشعر يجري فيها الانزياح التركيبي؛ فلا تعدّ الضرورة الشعرية الدليل الواحد علی استخدام التقديم والتأخير بل إنّ هذه الظاهرة حالة نفسية للشاعر؛ فلا بدّ من إكمال بنية الشرط لكي يصحّ الكلام وينجز الخطاب:
يفوق الرياح العاصفات، إذا مشی (يفوق الرياح العاصفات)
يسبق رجع الطرف شدّاً، إذا جری (يسبق رجع الطرف شدّاً)
وصفوة القول في فاعلية الدمج بالحذف في اتساق القصيدة الثانية، هي قدرة هذه الظاهرة علی اتصال أجزاء السطور الشعرية الواحدة دون بسط تأثيرها نحو الوحدات أو المقاطع النصية الکبری.
الخاتمة والنتائج:
إنّ هذا التطواف اللساني الذي قمنا به في القصيدة الثانية من مجموعة القصائد السبع العلويات من منظار الاتساق النحوي، تقودنا إلی مجموعة من النتائج المستوحاة؛ أهمّها:
- إنّ الترابط النحوي يؤثّر مباشراً في تكوين بناء نص القصيدة الثانية وتوجيه دلالتها بقاعدة الدمج؛ تتمثّل هذه القاعدة في نطاق ظاهرتي الإحالة (بأنواعها الضميرية، الموصولية والإشارية) والحذف (بأنواعها الاسمي، الفعلي، القولي والحرفي)، فتؤدّي بهما دوراً فعّالاً في تكوين الوحدات النصية وتنظيمها من خلال التبئير وهي تعمل علی الربط بين أجزاء النص مع حفظ الإيجاز والاقتصاد اللغوي.
- تساهم الإحالة الضميرية في اتساق القصيدة الثانية وخلق مضامينها بتبئير الذوات المعيّنة وتحديد النواة المركزية طوال النصوص وإعادة الوحدات الصغری والكبری عليها، كما وجدنا أنّ المرجع الأساسي لأكثر الضمائر والبؤرة المركزية التي تدور حولها كلّ الوحدات الأربعة للنص، هو «الإمام علي» الذي يرتبط بالسياق المدحي للقصيدة ارتباطاً تامّاً؛ کما قد تبيّن من خلال إحصاء المراجع المشتركة، أنّ «أبا سفيان» و«الشاعر» بجانب «الإمام علي» يعدّان من أهمّ النواة المحورية التي تجعل القصيدة نسيجاً واحداً محكم السبك. كذلك تعرّفنا علی صنعة الالتفات بوصفها خاصية أسلوبية هامّة تساهم في تقوية سبك هذه القصيدة ولها إفرازات دلالية مؤثرة في اتساع معناها.
- الإحالة الموصولية بوصفها العمود الثاني من بناء الإحالة في القصيدة الثانية حسب كثرة الاستعمال، تساهم في تشكيل النص واتساقه من خلال قاعدة الدمج، باعتماد المرسل علی الموصولات المشتركة الدالّة علی وجه الشمولية والموصولات المختصّة علی وجه التفصيل عاقداً الربط بين الصلة وموصولها وفق سياق المديح.
- تساهم الإحالة الإشارية في تحقيق تماسك القصيدة الثانية وتنظيم لوحاتها من خلال توظيف أسماء الإشارة في تحقيق الربط بين أجزاء الوحدات النصية الصغری بمضامينها الخاصّة؛ فهي لا تحقّق التماسك علی صعيد الوحدات الكبری، ولكن اعتماد المرسل علی الإحالة الموسّعة ممّا تبسط ساحة تأثيرها بتحقيق الربط بين الاسم الإشارة ومتتالياتٍ من السطور الشعرية وهذا الانتقاء يلائم نسيج النص الوصفي.
- الحذف بوصفه أهمّ الأعمدة التي تحقّق اتساق القصيدة الثانية باعتباره من خلال قاعدة الدمج، يترك فجواتٍ في النصوص تسوق المتلقي نحو ملئها معتمداً علی الدليل اللغوي في البنية المسيطرة. قد تحقّق الدمج بالحذف في النص، من خلال المرجعية ودفع التكرار بالإحالة القبلية، وقام بتوجيه العناصر المحذوفة بتقديرها معتمداً علی القرائن اللفظية فيؤدي بذلك إلی استمرارية المعنی في ذاكرة المتلقي. لقد احتلّ الحذف الاسمي معظم مساحة ظاهرة الحذف في القصيدة بجواز حذف الفاعل أو مفعول أو المبتدأ فيؤدّي إلی الانفتاح الدلالية في النصوص؛ ثم الحذف القولي والحذف الفعلي وفقاً لطبيعة وصف الأحداث وفاعلية الممدوح في الغزوات. قد أبرزت الشواهد الشعرية أنّ وظيفة الحذف في تماسك القصيدة الثانية من مجموعة قصائد العلويات مقصورة علی الربط بين أجزاء الوحدات النصية الصغری.
د. سمية حسنعليان )أستاذة مشاركة في قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة أصفهان، أصفهان، إيران.(
رؤيا کمالي (دكتوراه في اللغة العربية وآدابها اللغة العربية وآدابها، جامعة أصفهان، أصفهان، إيران).
هوامش:
[i] كان ابن أبي الحديد (586-655هـ) كاتباً شاعراً بديوان الخليفة وهو من جهابذة العلماء في العصر العباسي الثاني الذي يلمع كنجمة في سماء تاريخ الحضارة الإسلامية. كان ابن أبي الحديد فقيهاً أصولياً ومتكلماً جدلیاً نظاراً اصطنع مذهب الاعتزال كما كان أديباً ناقداً ثاقب النظر خبيراً بمحاسن الكلام وكان وراء هذا شاعراً عذب المورد (ابن أبي الحديد، 1959م: ج1/ 13؛ ابن کثير، د.ت: ج13/ 233). ومن أشهر تصانيفه “شرح نهج البلاغة” في عشرين مجلداً وكتاب “الفلك الدائر على المثل السائر” ومن شعره مجموعة “القصائد السبع العلويات”.
[ii]Grammatical cohesion
المصادر والمراجع:
العربية
- ابن أبي الحديد.(1959م). شرح نهج البلاغة. تحقيق: محمد أبوالفضل إبراهيم. بيروت: دار إحياء الكتب العربية.
- ابن خلّکان، احمد بن محمد. (1970م). وفیات الاعیان و أنباء أبناء الزمان؛ ج 3، بیروت :دار صادر.
- ابن کثير. (د.ت). البداية والنهاية. تحقيق: علي شيري. بيروت: دار إحياء التراث العربي.
- استرآبادی، رضیالدّین. (1384ش). شرح الرضی علی الکافیه؛الجزء الرابع، الطبعة الثانیة، تهران: موسسة الصادق للطباعة والنشر.
- بحيري، سعيد حسن. (2005م). دراسات لغوية تطبيقية في العلاقة بين البنية والدلالة. القاهرة: مكتبة الآداب.
- البطاشي، خليل بن ياسر. (2009م). الترابط النصي في ضوء التحليل اللساني للخطاب. عمان: دار الجرير للنشر والتوزيع.
- حمودة، طاهر سليمان. (1998م). ظاهرة الحذف في الدرس اللغوي. الإسكندرية: الدار الجامعية.
- خطابي، محمّد. (1991م). لسانيات النص؛ مدخل إلی انسجام الخطاب. بيروت: المركز الثقافي العربي.
- الزناد، الأزهر. (1993م). نسيج النص؛ بحث في ما يكون به الملفوظ نصّاً. بيروت: المركز الثقافي العربي.
- السامرائي، فاضل صالح.(2000م). معاني النحو. عمان: دار الفكر.
- الشاوش، محمّد. (2001م). أصول تحليل الخطاب في النظرية النحوية العربية، تأسيس «نحو النص». تونس: كلية الآداب منوبة بالاشتراك مع المؤسّسة العربية للتوزيع.
- الصالح، صالح علي. (1972م). الروضة المختارة؛ القصائد الهاشميات لكميت بن زيد الأسدي والقصائد العلويات لابن أبي الحديد المعتزلي. بيروت: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات.
- عبد اللطيف، محمد حماسة. (1996م). منهج في التحليل النصي للقصيدة. مجلة فصول الشعر الأدبي المعاصر. الهيئة المصرية العامة للكتاب، الجزء الأول، العدد الثاني، صص 108-130.
- عفيفي، أحمد. (2001م). نحو النص؛ اتجاه جديد في الدرس النحوي. القاهرة: مكتبة زهراء الشرق.
- علوش، علي. (2021م). الالتفات وأثره في اتساق القصص القرآني؛ سورة الكهف أنموذجاً. مجلة الموروث. المجلد التاسع، العدد الثاني، صص 237-245.
- الفقي، صبحي إبراهيم. (2000م). علم اللغة النصّي بين النظرية والتطبيق (دراسة تطبيقية علی سور مكية). القاهرة: دار قباء للطباعة والنشر.
- كريستال، ديفيد. (د.ت). موسوعة كامبريدج للغة. (ط3). كامبريدج: مطبعة جامعة كامبريدج.
- محمّد، عزة شبل. (2009م). علم لغة النص، النظرية والتطبيق. القاهرة: مكتبة الآداب.
- النجيري، إيمان محمد صالح؛ المرسي، محمد حسن. (2011م). نحو النص؛ مدخل جديد في تدريس النحو العربي. مجلة كلية التربية جامعة بورسعيد، العدد التاسع، الجزء الثاني، صص 530-550.
- الوداعي، عيسی بن السيّد جواد. (2015م). التماسك النصي في نهج البلاغة. ط1. إصدار: المركز العلمي للرسائل والأطاريح.
- Ibn Abī al-Ḥadīd. (1959). Sharḥ Nahj al-Balāgha. Taḥqīq: Muḥammad Abū al-Faḍl Ibrāhīm. Bayrūt: Dār Iḥyāʾ al-Kutub al-ʿArabiyya.
- Ibn Khallikān, Aḥmad ibn Muḥammad. (1970). Wafayāt al-Aʿyān wa Anbāʾ Abnāʾ al-Zamān; vol. 3, Bayrūt: Dār Ṣādir.
- Ibn Kathīr. (n.d.). Al-Bidāya wa al-Nihāya. Taḥqīq: ʿAlī Shīrī. Bayrūt: Dār Iḥyāʾ al-Turāth al-ʿArabī.
- Iṣṭarābādī, Raḍī al-Dīn. (1384). Sharḥ al-Raḍī ʿalā al-Kāfiya; al-juzʾ al-rābiʿ, al-ṭabʿa al-thāniya, Tehrān: Muʾassasat al-Ṣādiq li-l-Ṭibāʿa wa al-Nashr.
- Baḥīrī, Saʿīd Ḥasan. (2005). Dirāsāt Lughawiyya Taṭbīqiyya fī al-ʿAlāqa bayna al-Bināʾ wa al-Dalāla. al-Qāhira: Maktabat al-Ādāb.
- al-Baṭṭāshī, Khalīl ibn Yāsir. (2009). al-Tarābuṭ al-Naṣṣī fī Ḍawʾ al-Taḥlīl al-Lisānī lil-Khiṭāb. ʿAmmān: Dār al-Jarīr lil-Nashr wa al-Tawzīʿ.
- Ḥamūda, Ṭāhir Sulaymān. (1998). Ẓāhirat al-Ḥadhf fī al-Dars al-Lughawī. al-Iskandariyya: al-Dār al-Jāmiʿiyya.
- Khaṭṭābī, Muḥammad. (1991). Lisāniyyāt al-Naṣṣ: Madkhal ilā Insijām al-Khiṭāb. Bayrūt: al-Markaz al-Thaqāfī al-ʿArabī.
- al-Zanād, al-Azhar. (1993). Nasīj al-Naṣṣ: Baḥth fī mā Yakūn bihi al-Malfūẓ Naṣṣan. Bayrūt: al-Markaz al-Thaqāfī al-ʿArabī.
- al-Sāmarāʾī, Fāḍil Ṣāliḥ. (2000). Maʿānī al-Naḥw. ʿAmmān: Dār al-Fikr.
- al-Shāwish, Muḥammad. (2001). Uṣūl Taḥlīl al-Khiṭāb fī al-Naẓariyya al-Naḥwiyya al-ʿArabiyya, Taʾsīs “Naḥw al-Naṣṣ”. Tūnis: Kulliyyat al-Ādāb Manūba bi-l-ishtirāk maʿa al-Muʾassasa al-ʿArabiyya li-l-Tawzīʿ.
- al-Ṣāliḥ, Ṣāliḥ ʿAlī. (1972). al-Rawḍa al-Mukhtāra: al-Qaṣāʾid al-Hāshimiyyāt li-Kumayt ibn Zayd al-Asadī wa al-Qaṣāʾid al-ʿAlawiyyāt li-Ibn Abī al-Ḥadīd al-Muʿtazilī. Bayrūt: Muʾassasat al-Aʿlamī li-l-Maṭbūʿāt.
- ʿAbd al-Laṭīf, Muḥammad Ḥamāsa. (1996). Manhaj fī al-Taḥlīl al-Naṣṣī lil-Qaṣīda. Majallat Fuṣūl: al-Shiʿr al-Adabī al-Muʿāṣir, al-Hayʾa al-Miṣriyya al-ʿĀmma li-l-Kitāb, vol. 1, no. 2, pp. 108–130.
- ʿAfīfī, Aḥmad. (2001). Naḥw al-Naṣṣ: Ittijāh Jadīd fī al-Dars al-Naḥwī. al-Qāhira: Maktabat Zahraʾ al-Sharq.
- ʿAllūsh, ʿAlī. (2021). al-Iltifāt wa Atharuhu fī Ittisāq al-Qaṣaṣ al-Qurʾānī: Sūrat al-Kahf Namūdhajan. Majallat al-Murūth, vol. 9, no. 2, pp. 237–245.
- al-Fiqī, Ṣubḥī Ibrāhīm. (2000). ʿIlm al-Lugha al-Naṣṣī bayna al-Naẓariyya wa al-Taṭbīq (Dirāsa Taṭbīqiyya ʿalā Suwar Makkiyya). al-Qāhira: Dār Qibāʾ li-l-Ṭibāʿa wa al-Nashr.
- Kristāl, Dāwīd. (n.d.). Mawsūʿat Kāmbirij li-l-Lugha. (ṭ. 3). Kāmbirij: Maṭbaʿat Jāmiʿat Kāmbirij.
- Muḥammad, ʿIzzat Shibl. (2009). ʿIlm Lughāt al-Naṣṣ: al-Naẓariyya wa al-Taṭbīq. al-Qāhira: Maktabat al-Ādāb.
- al-Nujayrī, Īmān Muḥammad Ṣāliḥ; al-Mursī, Muḥammad Ḥasan. (2011). Naḥw al-Naṣṣ: Madkhal Jadīd fī Tadīs al-Naḥw al-ʿArabī. Majallat Kulliyyat al-Tarbiyya Jāmiʿat Būrsāʿīd, no. 9, vol. 2, pp. 530–550.
- al-Wudāʿī, ʿĪsā ibn al-Sayyid Jawād. (2015). al-Tamāsuk al-Naṣṣī fī Nahj al-Balāgha. 1st ed. Iṣdār: al-Markaz al-ʿIlmī li-l-Rasāʾil wa al-Aṭārīḥ.
الإنجليزية:
- Halliday, M. A. K & Hasan. Ruqaiy. (1976). Cohesion in English; London: Longman.
- Lyons, J. (1981). Language and Linguistics: An Introduction; Cambridge: Cambridge University Press.
الفارسية:
- راسل، برتراند آرتور ویلیام. (۱۳۴۵ش). جهانی که من میشناسم؛ ترجمهٔ روحالله عباسی، چاپ اول، تهران: انتشارات امیرکبیر.
- ابنالرسول، سید محمدرضا و دیگران. (۱۳۹۱ش). «معانی غیرمستقیم جملات پرسشی از دیدگاه کاربردشناسی زبان و بلاغت عربی»؛ فصلنامهٔ پژوهشهای زبان و ادبیات تطبیقی، دورهٔ ۳، شمارهٔ ۳، صص ۱–۲۵.