الاقتباس السينمائي للرواية

ملخص البحث:

يهدف المقال إلى تسليط الضوء على نقل العلامة من المجال السردي إلى عالم السينما؛ وذلك من خلال الوقوف على ظاهرة الاقتباس من المنابع الأدبية  والروائية إلى السينما، والوقوف على تعريف هذه الظاهرة المحفوفة بالخطر خلال مرحلة النقل والتهجير.

والواقع أن السينما أو الشاشة العملاقة أقبلت بشكل كبير على  الفنون الأدبية عامة والرواية خاصة،  حيث أن هناك تجاور فني بينها مثل الحبكة والشخصيات وعنصري المكان والزمان، والموضوع والحوار، هذا ما يجعل الكثير من المخرجين يتجهون صوب الرواية لتحويلها إلى أفلام سينمائية، فقد استطاعت السينما أن تطوع الأجناس الأدبية لصالحها لتصبح أفلاما مصورة، لكن منها ما حقق نجاحا كبيرا وأبهر المتفرجين وحتى قُرّاء العمل، ومنها ما فشل فشلا ذريعا، نظرا لأن عملية الاقتباس لم تكن ناجحة؛ إذ أن عملية النقل لا تكون على الدوام ناجحة، لأن هناك نصوص يستحيل نقلها إلى مجال السينما مثل رواية مارسيل بروست “بحثا عن الزمن الضائع”.

كما تبقى ظاهرة الاقتباس بصيغها المتعددة والمتغايرة مثيرة ولافتة للانتباه من قبل الكتاب السينمائيين، أي أولئك الفاعلين الثقافيين الذين يشتغلون في حقل الكتابة الأدبية وفي فضاء الصناعة السينمائية. حيث يتم استثمار  تكنيك الكتابة الأدبية في خطاب السينما ولغاته، مثلما هو لافت في أعمال رويير بريسون (1901 – 1999)، وماركريت دوراس (1914 – 1996). وغيرها من الأعمال التي أظهرت العلاقات المتبادلة بين الأدب والسينما؛ التي تتخللها الكثير من السيرورات والآليات التي يمكن أن تتبع المعاني في نقلها وترحالها من حقل إلى آخر، ومن ثقافة إلى أخرى، ومن زمن إلى آخر مغاير.

ومن المعروف أن الاقتباس قراءة وتمثّل وتأويل للنص الروائي. وكما أن لكل قراءة أغراض، وأن كل ترجمة خيانة، فكذلك الاقتباس بصفته ترجمة للغة الرواية إلى لغة السينما معرّض إلى الخيانة التي تقتضيها طبيعة لغة السينما وخصوصياتها.

الكلمات المفتاحية: رواية، سينما، اقتباس، قصة، سيناريو، حوار.

The cinematic quotes of the novel

Dr. Khaoula Ez-Zalzouli & Dr. Eassa Abrahem   

Abstract:

The article aims to shed light on the transition of the sign from the narrative sphere to the world of cinema by examining the phenomenon of borrowing from literary and fictional sources to cinema, a phenomenon that is fraught with risks during the stage of transfer and displacement. and defining this risky phenomenon during the stage of transfer and displacement.

In fact, the cinema or the giant screen has greatly accepted the literary arts in general and the novel in particular, as there is an artistic juxtaposition between them, such as plot, characters, space and time, theme and dialog, which makes many directors turn to the novel to turn it into cinematic films; The cinema has been able to adapt literary genres to become filmed films, but some of them have achieved great success and impressed spectators and even readers of the work, while others have failed miserably, because the adaptation process was not always successful, as there are texts that are impossible to transfer to cinema, such as Marcel Proust’s novel “In Search of Lost Time.” The adaptation process is not always successful.

The phenomenon of adaptation, in its multiple and heterogeneous forms, also remains an interesting and striking phenomenon for screenwriters, i.e., cultural actors who work in the field of literary writing and in the film industry. The technique of literary writing is invested in the discourse and languages of cinema, as seen in the works of Robert Bresson (1901-1999), Marguerite Duras (1914-1996), and others. Other works have shown the interrelationships between literature and cinema, which are permeated by many processes and mechanisms that can follow meanings as they move from one field to another, from one culture to another, and from one time to another.

It is known that an adaptation is a reading, representation, and interpretation of a novel text. Just as every reading has a purpose, and every translation is a betrayal, so the adaptation, as a translation of the language of the novel into the language of cinema, is subject to the betrayal required by the nature and specificities of the language of cinema.

Keywords: Novel, Cinema, Quotation, Story, Scenario, Dialog

تمهيد:

تعتبر الرواية محطّ اهتمام العديد من المخرجين السينمائين، إذ أصبحت السينما  تتجه وتغترف من الأجناس الأدبية وخاصة الروائية منها والمسرحية والأقصوصية… مع اختلاف في درجة أمانتها للنص الأصلي وطبيعة وفائها له، حتى يمكننا القول: إن أغلب الأشرطة السينمائية منقولة ومقتبسة عن نص روائي أو قصصي أو سيرة ذاتية.

كما تُشغِلُ الر واية  في وقتنا الراهن اهتماما من قبل الأدباء والقراء والنقاد والباحثين، فهي أكثر الفنون شيوعا، حيث يستطيع المتلقي من خلالها استيعاب القضايا وفهم التاريخ، يقول إن “للخطاب الروائي دورا مهما في تقديم صورة صادقة وحية وواقعية للوطن”[i]  كما أقامت علاقات وطيدة مع الفنون  الأخرى زه مختلف الأجناس كالمسرح والموسيقى، والشعر، والرسم، والنحث وعلى السمعي البصري.

وللإشارة فالرواية مارست ولا تزال غواية كبيرة على الأجناس الأدبية الأخرى بدرجة أولى والسينما بدرجة ثانية، “عرف مصطلح الجنس الأدبي الكثير من التطورات منذ جمهورية أفلاطون وفن الشعر لأرسطو، وصولا إلى الزمن الحديث، أي منذ مرحلة فصل الأجناس مع الكلاسيكية والتي اعتبرت كل جنس أدبي قارة معزولة ومنفصلة عن غيرها، ولها وجود مستقل؛ بحيث ينفرد كل جنس بمميزات خاصة، وأنها كائنات فعلية ذات استقلال تام عن بعضها، هذا ما جعلهم يشيدون حدودا وهمية بين الأجناس… مرورا بالرومانسية التي كسرت الحواجز بين الأجناس، وصولا إلى مرحلة الاختلاط والتلاقح مع نظرية ميخائيل باختين التي سمحت بمزج هذه الأجناس مع بعضها البعض في إطار الشعرية”[ii] .وهذه الغواية تنضوي ضمن ترحال العلامات وتحولها، قد تُدعى في المجال السينمائي: بديكتاتورية الاقتباس؛ وتأخذ  العديد من الأشكال والحالات المتعددة والمتنوعة منها: الاقتباس العادي، الاقتباس المعاكس

الاقتباس:

ابتداء من الشريط السينمائي لجورج ميلييز (1861 – 1939): “رحلة إلى سطح القمر” (1902) المقتبس من رواية جول فيرن (1828 – 1905): “من الأرض إلى القمر” (1865): وصولا إلى شريط: “الرائحة – قصة قاتل” (2006) لطوم كوير المقتبس عن رواية الألماني باتريك سوسكايند: “الرائحة” (1986) مرورا بالأشرطة السينمائية التي تأسست انطلاقا من نصوص أدبية، وهي كثيرة ومتعددة ومتنوعة، غرفت السينما من المنابع الأدبية الروائية والمسرحية والقصصية، ومن المحكيات الأسطورية والتاريخية، مع اختلاف أكيد في درجة أمانتها وطبيعة وفائها.

ويعتبر الاقتباس نقطة التلاقي بين العمل الأدبي والعمل السينمائي، كما يتخلل عملية نقل العمل الإبداعي من الرواية  إلى مجال السينما الكثير من المخاطر، ويشوبها العديد من المشاكل؛ كما تُطرح هنا قضية الأمانة والخيانة اللتين لهما ارتباط كبير بالترجمة أكثر من السينما؛ فالاقتباس شبيه بعملية الترجمة، غير أن هذه الاخيرة تكون من لغة إلى لغة أخرى، في حين الاقتباس السينمائي هو الانتقال من اللغة المكتوبة الى  لغة السينما وإلى صور وأصوات.

يعد الاقتباس نقلاً لقصة معينة من مكانها الأصلي إلى مكان ووسط آخر، وهذا التغيير هو عبارة عن عملية تحويل من الكتابة والكلمات إلى الصور والأصوات، وعند النقل والتحويل لا محال أن هذه العملية ستشهد اتلافا أوتحريفا أو حذفا أوتعديلا للنص المقتبس منه بما يناسب الوسط الجديد. فالاقتباس هو “قتباس السيناريو من كتاب أو رواية أو مسرحية أو مقالة هو أشبه ما يكون بكتابة سيناريو أصلي، “أن تقتبس” معناه أن تترجم “وسطا” إلى “وسط” آخر… بمعنى آخر إن الاقتباس سيناريو عن كتاب يعني تغيير الثاني (الكتاب) إلى (السيناريو) ، وليس مطابقا أحدهما للآخر، إنهما لستا رواية أو مسرحية معدتين لتكونا فيلمين سينمائيين بل هما شكلان مختلفان، تفاحة وبرتقالة”[iii]

ولا تكون عملية الاقتباس ناجحة دوما، ولو تمت بطريقة مهنية، وأحيانا تدخل في منطق الممانعة والاستحالة مثلما حصل للمخرج روبيرتو روسيليني (1906 – 1977) مع رواية مارسيل بروست (1871 – 1922): “بحثا عن الزمن الضائع” (1913 – 1927) وخاصة جزأها الأول: “جهة سوان” (1913) ومع ذلك، تبقى ظاهرة الاقتباس – بصيغها المتعددة والمتغايرة – مثيرة ولافتة  للانتباه.

ومثلما أن كل ترجمة خيانة، فكذلك الاقتباس بصفته ترجمة من لغة الرواية إلى لغة السينما يمكن اعتباره خيانة مشروعة، ونستحضر القول الأتي: جميلة خائنة أفضل من بشعة وفيه. “الاقتباس هو نقطة تلاقي بين عمل أدبي وعمل سينمائي، كما يعد نقل العمل الابداعي الى مجال السينما  فيه الكثير من المشاكل، حيث تطرح قضية الأمانة والخيانة اللتين لهما ارتباط كبير بالترجمة أكثر من السينما، فالاقتباس شبيه بعملية الترجمة، غير أن هذه الاخيرة تكون من لغة إلى لغة أخرى، في حين الاقتباس هو التحول من اللغة الى الصورة والصوت”.[iv]

 كما يمر الاقتباس عند نقله من الرواية إلى السينما بمجموعة من السيرورات: سيرورة الثابت، وسيرورة التغيير، وسيرورة الإضافة والتكثيف.

وفي الواقع فإن اقتباس سيناريو عن رواية أو قصة أو مسرحية أو من أي عمل أدبي؛ فإنه يتغير شكله إلى شكل آخر؛ لأنه يستمد مادته من مادة مختلفة عليه. وهنا يجب التنبيه أن هناك فرق واختلاف بين الاقتباس والسيناريو؛ فهذا الأخير يكتب دون أن ينظر أو يعتمد على مصادر موجودة سابقا، في حين الاقتباس يكون موجودا سابقا.

أنواع الاقتباس:

يطرح الاقتباس الكثير من الأسئلة التي لا تزال تبحث عن جواب لها على الرغم من امتداد تاريخ العلاقة بين السينما والأدب. وقد أفرز هذا التاريخ كذلك العديد من المشاكل التي شكلت على الدوام حقل تأمل ونظر عبر سطور العديد من المقالات والكتابات والملتقيات العلمية. فيدخل في باب الدهشة  أن العديد من النصوص الروائية والمسرحية عبرت جسر الاقتباس نحو الشاشة الكبرى، فليست الأشرطة السينمائية عموما مستلهمة من النصوص الروائية دوما، وإنما هي منشغلة حقا وصوابا بالاقتباس الذي يطمح إلى إنجاز ما أنجزه النص المكتوب، مع العلم أن الاختلافات بين اللغتين ملحوظة ولا مجال للريب فيها. فاللغتان معا، لغة الأدب ولغة السينما، فالاثنتين  تعرفان جيدا كيف تعبران غير أن السبل التي تختار لإنجاز ذلك قوية الاختلاف. ومن ثم، فتصور الاقتباس نفسه، من موقع أو زاوية نظر تعادل اللغتين وتطابقهما، يفتح المجال واسعا للتدبر والتفكر والتأمل.

إن كل من تآلف مع اللغة يعرف جيدا أن أشكال العمل الأدبي وبنياته ترتبط ارتباطا حميما وعضويا بالمحتوى. ويعرف الجميع كذلك أن الانتقال بمحتوى نمط من الكتابة إلى نمط مغاير لا يستنفذه مصطلح الترجمة، وإنما يلائم في شأنه استعمال مصطلحات من قبيل إعادة الكتابة أو إعادة الابتكار، ومثلما ينسحب هذا على ترجمة قصيدة شعرية، ينسحب كذلك على إنتاج شريط سينمائي انطلاقا من نص مسرحي أو روائي أو ديني؛ إذ في جميع الحالات، يقع إنتاج شيء مختلف. وضمن دائرة الاختلاف، وحين يشاهد المتفرج بعض الأشرطة السينمائية سيقول بكيفية تلقائية إن المخرجين السينمائيين لم يفكروا جيدا ولم يتدبروا هذه المسألة، ليصل إلى نتيجة مقتضاها أن الشريط السينمائي يقدم صورة باهتة وتافهة أمام النص الذي استلهمه واقتبسه.

يأخذ الاقتباس  السينمائي عدة أشكال متنوعة ومختلفة، نستحضر بعضها في القائمة الثالية:

الاقتباس الحرفي: وهذا النوع من الاقتباس تكون فيه محدودية تدخل كل من الكاتب والسيناريست والمخرج، بل دورهم الأساس هو نقل الكلمات من العمل الأدبي كما وضعت إلى عمل سينمائي وإلى صور وأصوات، هذا كله بغرض إبقاء العمل الأصلي على طبيعته الأولية والحفاظ على خصوصيته. يقول الناقد حمادي كيروم بهذا الصدد: “الاقتباس الأصلي والجوهري، خالي من التنوعات المركبة والمبهمة، ويتجدد في نقل عمل روائي إلى الشاشة مع احترام الحد الأدنى من التدخل المباشر للسيناريست أو المخرج المقتبس”[v].

وعليه فهذا النوع من الاقتباس يضر بالعمل سواء المنقول منه أم المنقول له، لأنه يفقد الصبغة الجمالية، كما أنه من المستحيل نقل النص المكتوب كما هو إلى عمل سينمائي دون تدخل وتعديل، لأنه اللغة الأدبية شديدة التعقيد. 

وأمام اقتباس طموح إلى الوفاء والأمانة، سيواجه المخرج شيئا آخر، سيواجه ممثلين لا يتقاسمون بالضرورة الصفات عينها للشخصيات الورقية. وتكون الصدمة قوية ومفاجئة إذا اتسم الشريط السينمائي بالكثير من الخصال والمناقب. وفوق ذلك، تكون المقارنة معطوبة منذ البداية؛ إذ أن عملا سابق للآخر. والعكس صحيح كذلك، عندما يكون من الصعب نسيان الممثلين وعناصر أخرى من الشريط السينمائي حين نقرأ العمل الأدبي مباشرة بعد مشاهدة الشريط. وبرغم أن هذا الوضع نادر جدا بالقياس مع سابقه، فإنه يبرهن في جميع الحالات على الأثر الحاسم الذي تمارسه صور الشريط السينمائي على خيال المتفرج. . يقول جان ميتري بهذا الصدد: “ينقذنا الشريط السينمائي من العناية بتخيل ما يرينا إياه، غير أنه يلتمس منا أن نَقبل على الانطلاق في التخيل مع ما يجعلنا نراه[vi]“. 

ويبدو هذا الوضع معضلة ومأزقا، فما المخرج منه؟ والاختيار القريب إلى أرض الواقع هو اختيار عمل روائي أو أدبي تكون فيه الكتابة شفافة وتلعب دورا ثانويا إن لم تكن غائبة تقريبا. ومن ثم فمن الأسهل والأيسر مبدئيا أن تقتبس السينما روايات المغامرات والروايات الاقتفائيـة أو روايات التجسس، حيث تكون مليئة بالأحداث والوقائع وتتراجع فيها الخصوصيات الأدبية إلى الخلف؛ وهي موجهة قبل ذلك للتواصل الجماهيري. بل قد يمكن القول إن أفضل نموذج قوامه اختيار رواية رديئة لا يمكن الاحتفاظ من بنيتها العامة إلا ببعض الشخصيات والأحداث دون الانسحاق تحت ضغط الخصوبة الأدبية والغنى السردي؛ وكقاعدة عامة، وعلى نحو قريب من الحقيقة لا يمكن إلا التأكيد على أن الاقتباس الأمين  والحرفي مجرد وهم وخيال، بل إنه مشروع مازوشي لسلخ الذات وجلدها وخضوعها.

الاقتباس الحر: يتميز هذا الاقتباس ويعرف بأنه إبداع خاص من المخرج، حيث يعتمد على النص الأصلي ويغيره وفق الوسط الجديد الذي هو وسط السينما، فالعمل الأدبي يعتبر نقطة الإنطلاق وأحيانا لا تكون نقطة الوصول، فهذا الاقتباس يعتمد على كفاءة المخرج حتى يخرج عملا سينمائيا ضخما ومتكاملا. يقول  الناقد حمادي كروم “إن الاقتباس الحر حر بالفعل، لأن مثيله الاقتباس الحرفي مقيد بالرواية الأصلية التي عليه أن يظل لصيقا بها إلى حد الأمانة. ونحن هنا لسنا بصدد مقارنة قيمية تفضيلية نحكم فيها على الاقتباس الحرفي بالاخفاق ونمجد فيها الاقتباس الحر لنجاحه في الخيانة. إن الاقتباس الحرفي يتأسس على البحث عن مشابهة العمل السينمائي للعمل الأدبي”. [vii]

ومن الملائم دون شك، مثلما هو قيام العديد من المخرجين السينمائيين، واستلهام عمل بخيانته وعدم الوفاء له. فليس من المستحيل نقل محتوى رواية وشخصيات وأزمنة وأمكنة معينة. إذ يرى كريستيان ميتز أن “من الممكن دوما تمرير المحتوى العام للكتاب إلى الشريط السينمائي، مع أن كل صفحة من الكتاب ستُخان بكيفية لا هوادة فيها”([viii]).

يمكننا القول نعم للأمانة، ولكن في حدود معينة، وذلك عبر إنجاز شيء آخر وكي لا نستشهد إلا باثنين ممن نعرف، نذكر أورسون ويلز وفيليني، الرجلان معا يظلان قريبان من العمل الأصلي، غير أنهما يبتكران بالضرورة شيئا أصيلا وشخصيا وجميلا. وهنا يمكن القول: إن جميلة خائنة أفضل من بشعة وفية.

وفي مثل هذه الحالات، لا يحس المتفرج بأن الشريط السينمائي يخون العمل الأدبي، وإنما يشعر بأنه يتممه ويعطيه بعدا آخر. وفي إمكان الاقتباس كذلك أن يحوّل ويعدّل عناصر النص مع الوفاء لروحه والأمانة لمضمونه. ولا توجد قاعدة صريحة في هذا المضمار. وسواء رغبنا في ذلك أم لم نرغب، فاقتباس عمل أدبي للسينما يضيف بعدا جديدا ورؤية جديدة ويتيح لحسن الحظ رؤية التلاقي والافتراق بين اللغتين: لغة الأدب ولغة السينما. ولهذا الاعتبار، يتسم الاقتباس بمزية عظيمة ويضمن إنتاج الفائدة والمعاني بكيفية مُضَاعفة.

وهنا يمكننا أن نذكر صورة الأديب وأدبه في السينما أو ما يعرف في لغة النقد السينمائي تحت اسم السيرة السينمائية، وهي حالة منعدمة في السياق العربي، ومستثمرة في السياق الغربي، وأفضل من يمثلها بابلو نيرودا (1904–1973) في الشريط السينمائي الذي يحمل عنوان: ساعي البريد le facteur (1994).

بالإضافة إلى  صورة السينما في الأدب، وتدل على الخطاب الذي ينتجه الأديب بصدد السينما خلال عمل من أعماله الروائية، وهو خطاب يرقى أحيانا إلى مستوى تحليل أشرطة سينمائية محددة، وهذا ما تمكن نمذجته بحالة المفكر المغربي عبد الله العروي (1913) في روايته السيرذاتية: أوراق (1989) التي تتضمن تحليلات لخطاب السينما تستحق مقاربة نسقية ومنظمة.

آليات الاقتباس من الرواية إلى السينما:

تمر عملية الاقتباس من الرواية إلى السينما بعدة ضوابط وشروط وآليات، إذ يتم توظيف التكنيك السينمائي في الكتابة الروائية، كالاسترجاع والوقفة والتلاعب بالأزمنة وغيرها. وقد نبه على هذا الأمر الكثير من نقاد الرواية، ومن ضمنهم جيرار جنيت في كتابه: “خطاب الحكاية – بحث في المنهج”[ix]، وهو قراءة وتحليل لرواية مارسيل بروست: “بحثا عن الزمن الضائع”. وإذا كانت هذه الحالة تجد تمثيلها عموما في الرواية الجديدة مع ألان روب كرييه (1922– 2008) وناثالي ساروت (1900 – 1999)، فإنها بارزة لدى كلود سيمون (1913 – 2005) وخاصة في روايته: “طريق الفلاندر” (1960).

كما تستفيد الشاشة العملاقة من إدماج تقنيات الكتابة الأدبية والروائية على وجه الخصوص في خطابها ولغاتها، كما هو في أعمال رويير بريسون (1901 – 1999)  وما ركريت دوراس (1914 – 1996).

وتوجد في الرواية كما في الشريط السينمائي العديد من تقنيات الكتابة السردية غير ما أشارت إليه السطور السابقة، ومنها تلخيص الأحداث والاسترجاع والاستباق وتداخل الأحداث وغيرها من التقنيات التي تنتسب لمحسنات خطاب الحكاية حسب أطروحة جيرار جنيت([x]).

وهذه القائمة غير النهائية من العلاقات المتبادلة بين الأدب والسينما تضم الكثير من السيرورات منها:

 سيرورة الثابت:  في هذه الآلية يحرس الشريط السينمائي على صون أهم الأحداث التي تكون مهمة وضرورية، والتي لا غنى عنها، يقول عبد الجليل الأزدي ” يحافظ الشريط السينمائي على عناصر من الرواية، وهي العناصر التي لا يمكن الاستغناء عنها في الحكاية داخل الرواية كما في الشريط السينمائي”[xi].

سيرورة التغيير والمحو: يمكن اعتبار هذه الآلية بأنها عملية إعادة التصميم والبناء للشكل الهيكلي للعمل السينمائي، حيث يعي المخرج أن العمل السردي أحيانا يكون طويلا وفيه الكثير من التفاصيل التي من المستحيل نقلها كاملة، أو يمكن أن تستغرق الكثير من الوقت على الشاشة العملاقة، لذلك يقوم بالتدخل في النص بالحذف والمحو وأحيانا بالتغيير، يقول عبد الجليل الأزدي: “يتصرف الشريط السينمائي في أحداث الرواية وأزمنتها وأمكنتها وشخصياتها؛ فقد يعدلها أو يبدلها أو يغيرها أو يمحوها ببساطة.”[xii]

سيرورة الإضافة: هنا يقوم المخرج بإضافة الكثير من الأشياء سواء كانت شخصيات، أم أمكنة، أم أزمنة التي لا توجد في النص السردي الأصلي يقول الأزدي: “بمقتضاها يضيف الشريط السينمائي أحداثا وأمكنة وشخصيات لا توجد في النص الروائي الأصلي. وسيرورة الإضافة لا تنفصل عن سيرورتي المحو والحذف”.[xiii]

التقديم والتأخير:  وخير مثال على هذه الآلية رواية “الأحمر والأسود” التي خاتمتها تنتهي بمحاكمة البطل جوليان صوريل، في حين الشريط السينمائي الذي اُقتبس منها يبدأ بهذه المحاكمة، وفي هذه الآلية المخرج غالبا لا يهمه الترتيب الأصلي للأحداث، حتى أنه يقلب مجمل الأحداث رأسا على عقب.

التكثيف أو الضغط: هنا يقوم المخرج بضغط أحداث كثيرة وصفحات عدة ووضعها في  الشاشة العملاقة في  عمل  لا يتعدى  أكثر من دقيقة.

التمطيط: وهو آلية مخالفة  للتكثيف؛ وهذه الخاصية توجد في كل الأعمال الأدبية، حيث تكون الجملة النواة ومنها وفيها وعنها يتفرع النص. ونفس الشيئ يكون في المجال السينمائي حيث تعوّل الأشرطة السينمائية على تمطيط بعض الأحداث وإعطائها حيزا وقيمة أكبر مما هي عليه في النص المقتبس منه.

الرواية والسينما… علاقة تبادلية ولغة مختلفة:

في أفق فهم تمفصلات وملاقي الخطاب الأدبي والخطاب السينمائي، ينطرح في مقدمة النظر والتفكير سؤال من طبيعة دلائلية (= سيميولوجية)؛ إذ يظهر جليا أن المواد وطرق التعبير والدلالة ليست متشابهة تماما في اللغتين. ذلك أن الأدب يتكئ على نسق دال واحد ووحيد، قوامه اللغة. وتنهض الأخيرة على تجميع وحدات أساسية من مستوى أول، وهي وحدات قابلة للعزل والتعيين، ضمن مستوى أعلى يكون حاملا لمعنى وإفادة ويشمل التمفصل الثاني وحدات مثل الكلمات والمركبات الفعلية والاسمية. ومدار الأمر هنا ما يدعوه أندريه مارتيني التمفصل المزدوج الذي يتيح إمكانيات من البناء عديدة ونسقية ولا نهائية تقريبا. غير أن ما يجدر التشديد عليه، من منظور المقارنة مع الخطاب السينمائي والتعبير الفيلمي، يقوم في الطابع الاعتباطي والمختلف والنسقي للغة. وهي السمات نفسها التي ألحت عليها محاضـرات ده صوسير فـي علم اللغة العـام بخصوص الدليـل اللغـوي؛ إذ تنوب الكلمة عن الدلالة، وتسمح لها طبيعتها التصورية وال”مختلفة” بالدلالة على معطيات ووقائع كثيرة ومتعددة: سواء كانت مجردة أم ملموسة.

وتجري الأمور على نحو مغاير ومختلف في خطاب السينما. فإذا كانت هناك وحدات أساسية – مطابقة لوحدات المستوى الأول من اللغة – فليست بدهية إطلاقا، مثلما ليست قابلة للمعاينة والملاحظة بيسر في التعبير السينمائي ؛ إذ جميع العناصر الدالة الأساسية في شريط الصورة تنصهر وتتمازج وتختلط ضمن مجموعة الصوت – الصورة التواصلية، بل إن الصورة حين توقيفها لا تيسر مهمة التقاط ومعاينة الوحدات والصلات التي تربطها والعلاقات القائمة بينها. إن الصورة متعددة المعنى وعلاماتها متعددة ومتزامنة ومتداخلة ومتراكبة. ومن يستطيع عزل عنصر أساسي وتفسير دوره ووظيفته داخل سيرورة الشريط السينمائي، سيكون مشهودا له بذكاء فائق.

لا مجال للريب في ذلك، علاوة على أن المقارنة يمكن أن تكون مضيئة على صعيد تمفصل ثان ؛ إذ إن زاوية نظر أو زوايا نظر أو متتاليات، يمكنها بكيفية شديدة النسبية أن تكون معادلا لجملة أو مقطع أو سلسلة من الجمل. وترتيبا على ذلك، فإن فكرة الاقتباس الشامل والأمين ستكون وهما، في حين أن نقل الكتابة الأدبية إلى شريط سينمائي عبر وحدات أكبر سيكون أمرا ممكنا، بل ومقضيا.

ومن الواجب أن ينضاف إلى هذا التَّنْبِيهْ على الاختلاف الحاد والشديد بين مادتي الأدب والتعبير السينمائي ؛ فالصوت والصورة لا يكونان مجردين إطلاقا، بل يظهران منصهرين مع الوقائع والأحداث التي يمثلانها. وتوجد في الصورة مسافة ضئيلة جدا بين العلامات – الأدلة والموضوع الذي تشخصه وتمثله وتعبر عنه. أما في الأدب المكتوب، فالكلمات بدالها ومدلولها لا تمحي أبدا، في حين أنها في السينما تتوافق وتتطابق. إنها أدلة وعلامات مترابطة في علاقات تماثلية، بل وفي تعالق إيقوني مع ما تدل عليه. فهل يجب الحديث عن لغة الموضوعات وعن الأدلة الملموسة التي تفرض، نوعا ما، حقيقتها الأساسية على الخطاب السينمائي ولغاته؟ من رأي جان ميتري ألا “وجود في الصورة إلا للمحسوس[xiv] وأن السينما ليست لغة بالمعنى اللساني للمصطلح: “لا يوجد تشفير رمزي في السينما، وإلا سيفقد الشريط السينمائي بعض أصالته الحية[xv]. واستتباعا، من الواجب قبل كل شيء ملاحظة تميز اللغة و/ أو الشفرة السينمائية، وهي ملاحظة ذات نتائج جلية فيما يهم إشكالية الاقتباس وترحال العلامات من النص إلى الشاشة الكبرى في السينما وهما قويا، ويعيش المتفرج هذا الوهم الجميل بالدخول في واقع الأشياء والكائنات. وقد لاحظ كريستيان ميتز هذه الخصوصية في المادة المرئية: “المادة الأولية للسينما مجموعة بين مقاطع الواقع، مُوَسَّطة médiatisés عبر إرسالها الميكانيكي المزدوج”[xvi].

وترتيبا على ذلك، يتم الحصول في الأدب على لغة تصير عالما، ويتم الحصول في السينما على عالم يتمفصل في لغة. وفي منظور جان ميتري مجددا: “ليست الأدلة les signifiants السينمائية أشكالا مجردة يمكن حولها أو انطلاقا منها تشييد بعض القواعد التوليدية، وإنما هي وقائع ملموسة يمكن استعمالها كي تصير تعبيرا عن فكرة أو إحساس أو شعور[xvii]“. وهذا ما يمكن الاتفاق بصدده طالما السينما لا تتوفر على لغة ولا على نحو منسق ومنظم وتركيبها المقطعي شديد النسبية، بما أن المقطع السينمائي يختلف قليلا من شريط سينمائي إلى آخر. وخلافا لما هو عليه الأمر في اللغة والأدب، فمقاطع الشريط السينمائي لا تعود إلى نظام سابق الوجود ويمتلك معايير قائمة وقارة.

وبعد استجلاء ما يفصل هذين النمطين من التعبير، يوائم التنبيه على بعض مظاهر التقارب التي تُخلِّف نوعا من التعادل أو التساوي. يتوفر شريط الصورة على تركيب (المونطاج) وتوليف. وبهذا تلتحق تماما وتتصل بالتعبير الكتابي وبالأدب. وفي التفاصيل والجزئيات تحديدا، يصطدم الاقتباس مع صعوبات نقل لغة إلى أخرى. وتبدو هذه الصعوبات أحيانا كبيرة نتيجة الطبيعة الخصوصية للصورة. ففي الوقت الذي يمكن للكاتب أن يعزل عنصرا بسهولة ويسر (نتيجة الطابع الخطي للنص) ويجعله عائما وغير دقيق ومحدد، وأن ينتزعه من سياقه، فإن المخرج السينمائي لا يتوفر على هذه المرونة للدخول في اللعبة. ذلك أن موضوعا أو شخصية تم استحضارهما داخل النص يصيران – مع الصور – أمورا دقيقة وذات خصائص مرئية ومسموعة ضمن سياق لا يمكن انتزاعها منه. إن وهم الواقع في السينما، يفرض العديد من العناصر المحايثة للصورة والملازمة لها.

والواقع أن الصورة تغوي وتغري وتمارس أثرا قويا وحاسما، ومع ذلك لا تيسر لها طبيعتها الملموسة الإيحاءات الفكرية والتجريد والإحساس الناعم. ويدل ذلك على أن الاقتباس ليس بالأمر السهل والهين، إذ كل صورة تعادل ألف كلمة، وليس من اليسير نقل وترجمة آلاف الكلمات إلى صور، أي إلى أشرطة سينمائية.

وفي الملاقي  وهي موقع للالتقاءات والتماثلات والاختلافات، يوائم الإدلاء ببعض الملاحظات في شأن شروط الكتابة والقراءة. ذلك أن العمل الأدبي، مثل نسقه الدال، لا يمتلك إلا مادة وحيدة لكتابته. وبالمقابل، فالشريط السينمائي ينبني ويتحقق ضمن مستويات متعددة ؛ إذ في صناعة الصورة تتضافر جهود المؤلف والمخرج والمصور والتقنيين والآليات الثقيلة والمعقدة التي لكل منها تخصصه وخصائصه. إنه عمل جماعي حيث لا نعود نعرف دائما أين يبدأ عمل هذا وأين ينتهي عمل الآخر. وهذا البعد التقني والمذهل للشريط السينمائي، يجعل منه حاملا لعلامات كتابته أكثر بكثير من النص المكتوب. ويمكن لهذا الواقع أن يشكل عائقا عند نقله إلى الشاشة الكبرى. فالصور “تخون” قليلا في مرحلة التصوير وطرق اللباس والتقدم التكنولوجي والميولات أو النزوعات السينمائية. وعلى العكس من ذلك، فإن هذه الصور تترك شهادات لا تقدر بثمن على الأصعدة التاريخية والمجتمعية والثقافية والفنية.

أما فيما يهم شروط القراءة وسياقاتها، فإنها تختلف أكثر مما تتماثل بين المكتوب والسينمائي. فأمام الشاشة الكبرى، لا يمتلك المتفرج خيارا على الإطلاق ؛ إذ يمكنه – مثل القارئ – توقيف المشاهدة أو الحذف أو إسراع العملية أو إبطاؤها. لا عودة إلى الوراء أو الخلف، وإيقاع القراءة يظل مقيدا بشروط الشريط – الصورة وبعرضه السينمائي. ومن الأكيد أن الاقتباس مضطر ليضع في اعتباره هذا الأمر دون أن يبسط بالضرورة وبكيفية مفرطة النسخة السينمائية تحت ذريعة التسلسل المستمر والقراءة شبه القسرية للشريط السينمائي.

وقبل التصدي للمشاكل المتميزة الخاصة باقتباس بعض الأجناس الأدبية، يوائم فحص بعد آخر ضمن المقارنة بين اللغتين. فالشريط السينمائي بصفته سيولة صورة – صوت يبدو أسهل على الهضم من العمل الأدبي المكتوب، كما لو أن المتفرج يكون خلاله سلبيا. فليس على القارئ – المتفرج أن يتخيل، إذ سبق أحدهم أن قام بذلك مقامه. والواقع أن هذه السلبية ليست إلا ظاهرية فقط. يقول جان ميتري بهذا الصدد: “ينقذنا الشريط السينمائي من العناية بتخيل ما يرينا إياه، غير أنه يلتمس منا أن نقبل على الانطلاق في التخيل مع ما يجعلنا نراه[xviii]“. وهذه السلبية نسبية طالما الأمر يتعلق بقراءة مختلفة عن قراءة النص المكتوب. فأمام الشريط السينمائي، تستيقظ الحواس ويصير الجهد الإدراكي كثيفا، والمتخيل والثقافي تجذبهما بكيفية قوية الصور التي تنطبع في أذهان المتفـرجيـن. ويكون التعبير السينمائي، عبر وسائله الخاصة به، أكثر غنى و”استنزافا” بالمعنى النبيل للكلمة، من التعبير المكتوب. يبقى الاستفهام مشروعا بصدد إمكانية الاقتباس في وجود هذه الفواصل والاختلافات بين نمطي التعبير، خاصة الاقتباس المأخوذ بهواجس الأمانة والمفعم بالتوق إلى الوفاء.

قصة وسيناريو وحوار:

القصة والسيناريو والحوار كلمات موجودة في معظم الأعمال الدرامية السينمائية والتلفزيونية، وأغلب الناس لا يدركون الفرق بين كل واحدة من هذه الثلاثة:

فالقصة: هي الإطار العام الذي تدور فيه الأحداث، وفيها تذكر الأشخاص والعقدة وحلها ويمر فيها الكاتب سريعا على الأحداث بشكل غير مفصل، والقصة تعتبر مصدرا من مصادر السيناريو، فالسيناريست يعتمد غالبا على الأحداث نفسها التي ذكرها الكاتب في قصته، ويكتفي بالإضافة عليها والتفصيل في الأحداث أكثر.

والسيناريو: هو تفصيل القصة لعدد من المشاهد وإضافة شخصيات أخرى ثانوية لم يكتبها كاتب القصة، وترتيب الأحداث بشكل منطقي وسلس وجذاب وتحديد أماكن الأحداث.

أمّا الحوار: هو الكلام الدائر بين الأشخاص داخل المشهد، “ويعتبر الحوار السينمائي بأنه الكلام اللفظي بين الشخصيات داخل العمل الفني، حيث أن هذه الشخصيات متخيلة، وما يميز الحوار السينمائي هو استخدامه لبعض التقنيات مثل التعليق من خارج الكادر، والمونولوج، والمقابلات التسجيلية، والتي يتسم كل منها بسمات مختلفة. ويمكن أن يكون الحوار بين شخصين أو أكثر بهدف دفع الأحداث والكشف عن الأسرار وتوجيه المتلقي”[xix] . كما أن هناك عدة أنواع من الحوار وكل واحد منها يختلف عن الآخر في السمات والخصائص، منها: الحوار الخارجي، والحوار المباشر، والحوار الواصف، والحوار المجرد، والحوار المحلّل.

وعليه، فلو عدنا لأفلام السينما المصرية القديمة، سنلاحظ أن القصة في الغالب كانت لأديب محترف مثل إحسان عبد القدوس أو نجيب محفوظ، أما السيناريو والحوار فيكون لسيناريست محترف غير بارع في كتابة القصة بقدر براعته في بناء المشهد السينمائي، أما أفلامنا اليوم فتخلو تماما من خانة القصة؛ لأنها في الغالب تكون عبارة عن مجموعة مشاهد كوميدية متتالية تخلو من أي عقدة أو حبكة درامية.

أعمال عربية انتقلت من الرواية إلى السينما:

كانت النشأة الفعلية لأول إنتاج روائي في الأدب العربي مع” حسين هيكل” في رواية “زينب”، التي كتبها بين عامي (1810/1911) ولم تر النور في طبعتها الأولى إلا عام 1914. وقد تأثرت الرواية العربية منذ انطلاقتها الأولى في المشرق وخاصة في مصر بالواقعية التسجيلية التي تعكس الأوضاع الاجتماعية، وتهتم بالدور الهام والمتميز الذي يلعبه المثقف العربي في تغير وإصلاح مجتمعه، ومن رواد هذا الاتجاه نذكر “عيسى عبيد” في روايته “ثريا ” 1922 و”محمود لا شين” في روايته “حواء بلا ادم” 1934 ، ثم تطورت الرواية كجنس أدبي حديث مع المثالية التي أغنت الرواية ببعد فكري، يتجلى في رصد التطور الروحي للأبطال وهو يرتسم على خلفية من التطور الاجتماعي ورواد هذا الاتجاه يمثلون جيل الكتاب المصريين الكبار نذكر منهم: “طه حسين” الذي يقدم في “الأيام “1929 نقدا حادا لمجتمعه مؤمنا بسلطة وسيادة العقل باعتباره الأساس في تطور الحياة الاجتماعية ،و”العقاد” الذي يجعل في روايته “سارة” 1938 أن القدرة الفردية على الخلق والإبداع هي النموذج المثالي لانقاد المجتمع من هاجس التخلف، وأخيرا” توفيق الحكيم “الذي يشيد في روايته “عودة  الروح” 1933 بأصالة شعبه وعظمته واختزانه لتراث الأجداد… وتفكير “الحكيم” يذكر المثالية القومية في القرن 19 الأوروبي.

وخلال الأربعينات من القرن الحالي برزت على الساحة الأدبية مجموعة من الإبداعات الروائية على يد “توفيق عواد” في روايته “الرغيف” و”عبد الحق فاضل” في روايته “المجنونان”…. إلا أن هذه الأعمال تغلب عليها الواقعية كما رأينا في الاتجاه  السابق ذكره. والحق أن سير الرواية وحركتها ظل بطيئا في هذا العصر إلى أن ظهرت في مصر أعمال روائية من المستوى الجيد، تدفع بالجنس الروائي إلى مواكبة طريقه نحو التطور وهي أعمال “نجيب محفوظ” الذي رسم مسارا جيدا للرواية الحديثة، والتي ألقت ظلها على الرواية العربية طوال الأربعينات ومعظم الخمسينات.

وعند هزيمة العالم العربي وانتكاسته في يونيو 1967 التي جاءت لتمهد زمن الرواية العربية لا كملحمة تستوعب الصعود البورجوازي كما في الغرب، بل كصيغة مفتوحة على كل الأشكال تلاحق مشاهد السقوط المفجع وانهيار الوضوحات وتقنياتها والأزمنة المتداخلة المكتسبة لمعانيها في تخصيص الفضاءات… “لقد تطور الفن الروائي كجنس أدبي حديث على يد جيل أعطى لهذا الجنس أبعادا جديدة، نذكر من بين  هؤلاء الذين أسهموا بالفعل في تأسيس النموذج الروائي عربيا، “غسان كنفاني” و”الطيب صالح “و”إيميل حبيبي “و”جمال الذين الغيطاني” و”يوسف القعيد” و”عبد الرحمان منيف” و”صنع الله إبراهيم”… وغيرهم.”[xx]

قد استطاعت الرواية العربية أن تجد مكانا وحيزا كبيرا في الأدب العالمي، وهذا ما جعل الشاشة العملاقة تقوم بالاقتباس منها والاتكاء عليها والاغتراف منها؛ لعرضها في أفلام تترك طابعها في تاريخ السينما.  وفي الواقع توجد المئات من الأعمال الروائية التي انتقلت وتحولت إلى أفلام سينمائية، لكن لا مجال لذكرها كلها، وسنقتصر على أكثر الأعمال التي لقيت استحسانا من طرف الجمهور والنقاد، ولأهم الكتاب العرب.

يعتبر الكاتب والروائي المصري إحسان عبد القدوس من أشهر الروائين العرب الذين تحولت أعمالهم إلى الشاشة العملاقة، وهو أكثر كاتب تم تحويل رواياته وقصصه إلى أعمال سينمائية وتلفزيونية؛ فقد كتب الرجل 49 رواية تم نقلها واقتباسها إلى نصوص فلمية، و5 من رواياته تم تحويلها إلى مسرحيات، و9 صارت مسلسلات إذاعية، و10 تم نقلها إلى مسلسلات تلفزيونية. ومن أبرز ما قدم الكاتب عبد القدوس إلى السينما رواية “في بيتنا رجل” وهي رواية سياسية، أحداثها تتمحور حول الاستعمار لمصر، وقد حصل إحسان عبد القدوس على جائزة أحسن فيلم عن هذا العمل.

قدم الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني للسينما العربية الكثير من الروايات والقصص والمسرحيات، إذ حصل فيلم “المخدوعون” الذي تم اقتباسه من رواية “رجال في الشمس” على الجائزة الذهبية في مهرجان قرطاج للأفلام العربية والإفريقية سنة 1973، كما تم تصنيفه في قائمة مائة فيلم سياسي في السينما العالمية. وتتمحور أحداث الرواية والفلم على مخلفات نكبة 1948.

الروائي المغربي محمد شكري الذي اشتهر برواية “الخبز الحافي” التي تم تحويلها إلى الشاشة العملاقة في فيلم سينمائي، وأخرجه المخرج الإيطالي من أصل جزائري محمد رشيد بن الحاج؛ غير أنها خضعت للرقابة الصامتة التي تشهدها السينما في البلدان العربية والعالم بأكمله، ونجد أن المخرج اتكأ على آلية التكثيف حين نقله لهذا العمل إلى المجال السينمائي، وأحيانا كثيرة قام بالايجاز لكثير من أحداث ووقائع الرواية، وأحيانا أخرى استغنى عن بعضها لكنه حافظ على روح العمل وعلى النواة الأساسية لأحداث الرواية.

نجيب محفوظ في السينما ونجيب محفوظ كاتبا للسينما: يعد نجيب محفوظ من أكثر الأدباء تعاملا مع الفن السابع ليس في مصر فقط ولكن على مستوى العالم أيضا، حيث ساهم  في كتابة سيناريو للعديد من الأشرطة السينمائية ومنها أفلاما أصبحت من كلاسيكيات السينما المصرية مثل: “لك يوم يا ظالم”، و”ريا وسكينة”، و”شباب امرأة”، و”درب المهابيل”، و”إحنا التلامذة”،  كما اقتبست الشاشة الفضية الكثير من رواياته وهذه الاخيرة شكلت 39 فيلمًا، منها “ثلاثية القاهرة بين القصرين”، و”قصر الشوق والسكرية” ومن الروايات الأخرى التي لا تقل أهمية عن سابقتها وتحولت إلى فيلم سينمائي رواية “خان الخليلي”، ورواية “اللص والكلاب”.

بعد حصول السيد نجيب محفوظ على جائزة نوبل عام 1988 ذاع صيته وأصبحت أعماله محط أنظار السينما العالمية، حيث تم تقديم “بداية ونهاية” و”حارة المعجزات” المأخوذة عن “زقاق المدق في المكسيك”، كما قدمت السينما في أذربيجان فيلم “اعترف” عن رواية “اللص والكلاب”.

وعليه،  استطاعت الأجناس الأدبية العربية عامة والرواية العربية خاصة إيجاد مكان لها في ساحة الأدب العالمي خلال السنوات الأخيرة، إذ استند عليها الكثير من المخرجين سواء العرب أم الغرب ليقدموها على شكل أفلام في الشاشة العملاقة لتترك الكثير منها بصمة خاصة وجيدة عن تاريخ الأدب الروائي العربي.

خلاصات:

انطلاقا من السابق، يمكن استخلاص ما يلي:

إن الشريط السينمائي مختلف كل الاختلاف عن الجنس الأدبي المكتوب (الرواية)، حيث أن هذه الأخيرة صورة ذهنية متخيلة مقروءة، بينما الشريط السينمائي صورة بصرية مرئية صوتية.

بالنسيبة للرواية تترك المجال للقارئ أن يتخيل ويتصور شكل الأشياء والأشخاص والأماكن وفقا لمخزونه وخبراته الشكلية، أما الشريط السينمائي لا يترك للقارئ التخمين أو التخيل، بل يجد نفسه مضطرا لقبول الأشكال والأشخاص والاقتناع بها؛ لأنها مجسدة أمامه كما هي. 

يطرح الاقتباس طائفة من العوائق التي لا تزال تبحث عن حلول لها بالرغم من الامتداد التاريخي بين الرواية والاجناس الأدبية عامة والسينما، كما أنه يرتطم بالعديد من المشكلات، حيث أن نقل نص روائي من ستمائة صفحة إلى شريط سينمائي مدته ساعة أو ساعة ونصف يلزم على المخرج إما الحذف أو المحو.

يعتبر الشريط السينمائي شكل من أشكال التعبير المختلف عن التعبير الروائي. لكن لا تقوم بينهما -الرواية والسينما- علاقة طلاق أو انفصال، وإنما تمتد بينهما العديد من جسور التواصل والتكامل.

على الرغم من الاتفاق في الجوهر، فهناك اختلافات بين الخطاب الروائي والخطاب السينمائي، فلكل منهما طبيعته المتميزة وسماته التمييزية، ويقوم التباين بين صيغتي التعبير بين الرواية والشريط السينمائي، إلا أن الأخير يقدم أكثر على خيانة هذه التقنيات والمحسنات، إذ يمنح نفسه حرية أكبر في الالتزام بها ومعها أو العدول عنها والتلاعب بها ومعها.

ترحال العلامة من الرواية إلى السينما مغامرة محفوفة بالمخاطر من جميع الجوانب وعلى الكثير من الأصعدة. وإذا كان الأدب والسينما يتواصلان ويتكاملان على أصعدة متنوعة، فمن الملائم القول كذلك إنهما يتعارضان ويتقابلان في مناح كثيرة وعلى مستويات عديدة.

من المشهود به أن الأدب في ساحاته المختلفة مارس تأثيرا قويا  في مسار السينما، إذ لم تكن السينما هي المجال الوحيد الذي اقتبست لحسابها الخاص نصوصا أدبية، وإنما تقاسمت مع التلفاز هذا الأمر .

الدكتورة خولة الزلزولي (أستاذ مساعد التعليم العالي، جامعة الفرات، كلية الالهيات، تركيا)

الدكتور عيسى إبراهيم (أستاذ مساعد التعليم العالي، جامعة الفرات، كلية الالهيات، تركيا)                                 

هوامش:


[i]  إيرفان كايا، صورة الوطن في ضوء الواقعية الاجتماعية رواية “خطأ مقصود” للأديب العراقي “محمد صابر عبيد” دراسة تحليلية نقدية، (Eskişehir تركيا: عثمانية)Osmangazi Üniversitesi İlahiyat Fakültesi Dergisi 11/2 (Eylül 2024() ص 826

[ii]  خولة الزلزولي، تداخل الأجناس في الروائية النسائية، (ألمانيا: كاوفبويرن، دار الدراويش للنشر والترجمة، 2021)، صص 15-16

[iii]  سد فليد، السيناريو، (القاهرة، مصر، شركة مدبولي، 2016) د.ط،.

[iv]  خولة الزلزولي، الرواية والسينما ترحال العلامة من الرواية إلى السينما، (المغرب: جريدة profpress، 2019)، ، ديسمبر،  29

https://www.profpress.net/2019/12/blog-post_65.html.

[v]  حمادي كيروم، الاقتباس من المحكي الروائي إلى المحكي الفيلمي، (سوريا: سلسلة الفن السابع منشورات وزارة الثقافة، 2005)، ، ط1، ص14.

[vi] Jean Mitry, Esthétique et psychologie du cinéma, vol. 1, p. 138.

[vii]  حمادي كيروم، الاقتباس من المحكي الروائي إلى المحكي الفيلمي، ص 24.

([viii])-Christian Metz, Essais sur la signification du cinéma, vol. 1, p:102.

[ix] جيرار جنيت، خطاب الحكاية، بحث في المنهج، ترمحمد معتصم وعمر علي وعبد الجليل بن محمد الأزدي،(مصر: المشروع القومي للترجمة، 1997)، ط2.

([x])جيرار جنيت، خطاب الحكاية، بحث في المنهج، مذكور.

[xi]  عبد الجليل بن محمد الأزدي، الأدب والسينما إرنيست همنغواي: السكير المتمر والأديب الثوري، (عمان، الأردن: دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع، 2018)، ط1 ، ص 24.

[xii]  عبد الجليل الأزدي، الأدب والسينما إرنيست همنغواي: السكير المتمر والأديب الثوري، ص  24.

[xiii] عبد الجليل الأزدي، الأدب والسينما ، إرنيست همنغواي: السكير المتمر والأديب الثوري، ص  24.

[xiv] Jean Mitry, Esthétique et psychologie du cinéma, vol. 1, p. 127.

[xv] Jean Mitry, Esthétique et psychologie du cinéma, p. 125.

[xvi] Christian Metz, Essais sur la signification du cinéma, vol. 1, p. 208.

[xvii] Jean Mitry, La sémiologie en question, p. 117.

[xviii] Jean Mitry, Esthétique et psychologie …, vol. 1, p. 138.

[xix]سارة أبوريا، الحوار السينمائي، (مصر: القاهرة، د. د. ن، 2022) ،  ط1ص 10. 

[xx]  خولة الزلزولي، مكونات النص في رواية لعبة النسيان -الشخصيات، والمكان، والزمان-، (المغرب: مراكش، د.ط، 2015)، بحث نهاية التخرج، ص 5. 

المصادر والمراجع:.

  • جيرار جنيت، خطاب الحكاية، بحث في المنهج، ترمحمد معتصم وعمر علي وعبد الجليل بن محمد الأزدي،(مصر: المشروع القومي للترجمة، 1997)، ط2.
  • حمادي كيروم، الاقتباس من المحكي الروائي إلى المحكي الفيلمي، (سوريا: سلسلة الفن السابع منشورات وزارة الثقافة، 2005)، ، ط1.
  • خولة الزلزولي، تداخل الأجناس في الروائية النسائية، (ألمانيا: كاوفبويرن، دار الدراويش للنشر والترجمة، 2021).
  • خولة الزلزولي، مكونات النص في رواية لعبة النسيان -الشخصيات، والمكان، والزمان-، (المغرب: مراكش، د.ط، 2015)، بحث نهاية التخرج.
  • خولة الزلزولي، الرواية والسينما ترحال العلامة من الرواية إلى السينما، (المغرب: جريدة profpress، 2019)، ، ديسمبر،29، https://www.profpress.net/2019/12/blog-post_65.html
  • سارة أبوريا، الحوار السينمائي، (مصر: القاهرة، د. د. ن، 2022) ،  ط1. 
  • سد فليد، السيناريو، (القاهرة، مصر، شركة مدبولي، 2016) د.ط،.
  • عبد الجليل بن محمد الأزدي، الأدب والسينما إرنيست همنغواي: السكير المتمر والأديب الثوري، (عمان، الأردن: دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع، 2018)، ط1.
  • Christian Metz, Essais sur la signification du cinéma, )L’Homme, 1969( vol. 1.
  • Jean Mitry, Esthétique et psychologie du cinéma,)Paris,Éditions Universitaires.1963) vol. 1

List of Sources and References

  • Jirar Jinit, Khitab al-Hikayah: Bahth fi al-Manhaj, trans. Muhammad Mu‘tasim, ‘Umar ‘Ali, and ‘Abd al-Jalil bin Muhammad al-Azdi (Misr: al-Mashru‘ al-Qawmi lil-Tarjamah, 1997), ṭ. 2.
  • Hammadi Kirum, al-Iqtibas min al-Mahki al-Riwa’i ila al-Mahki al-Filmi (Suriya: Silsilat al-Fann al-Sabi‘, Manshurat Wizarat al-Thaqafah, 2005), ṭ. 1.
  • Khawlah al-Zalzuli, Tadakhul al-Ajnas fi al-Riwa’iyyah al-Nisa’iyyah (Almanya: Kaufbeuren, Dar al-Darawish lil-Nashr wa al-Tarjamah, 2021).
  • Khawlah al-Zalzuli, Mukawwinat al-Nass fi Riwayat Li‘bat al-Nisyan – al-Shakhsiyyat, wa al-Makan, wa al-Zaman (al-Maghrib: Marrakesh, d.ṭ., 2015), Bahth Nihayat al-Takhrij.
  • Khawlah al-Zalzuli, al-Riwayah wa al-Sinama: Tarhal al-‘Alamat min al-Riwayah ila al-Sinama (al-Maghrib: Jaridat Profpress, 2019), December 29, [https://www.profpress.net/2019/12/blog-post\_65.html](https://www.profpress.net/2019/12/blog-post_65.html)
  • Sarah Aburiyah, al-Hiwar al-Sinama’i (Misr: al-Qahirah, d.d.n., 2022), ṭ. 1.
  • Syd Fild, al-Sinariyu (al-Qahirah, Misr: Sharikah Madbuli, 2016), d.ṭ.
  • ‘Abd al-Jalil bin Muhammad al-Azdi, al-Adab wa al-Sinama: Iyrnyst Hamingway – al-Sakir al-Mutamarid wa al-Adib al-Thawri (Amman, al-Urdun: Dar Kunuz al-Ma‘rifah lil-Nashr wa al-Tawzi‘, 2018), ṭ. 1.