إعجاز أحمد
تأسست المدارس الإسلامية بالهند – كصروح مشيدة منيعة – على أسس منشودة وأهداف نبيلة وتلك للحفاظ الإسلام وهوية المسلمين، وحينما نتحدث عن المعاهد والمدارس العربية الإسلامية الدينية في الهند لا يمكن لنا أن نتغاضى عن أهمية مدرسة مظاهر علوم بسهارنفور في أترابراديش من الهند التي تأسست في عام 1866م، إن لهذه المدرسة خدمات جليلة وآثار قيمة ومجهودات مشكورة في الحديث النبوي الشريف، قد تخرج فيها علماء كبار ساهموا في خدمة السنة النبوية تأليفًا وشرحًا وتعليقًا، وأثروا آلاف المدارس والمعاهد والمكتبات الغنية تشهد بذلك المؤلفات الكثيرة التي سمحت بها يراعهم، هي تنطق بعلو مكانتهم وطول باعهم ودقة نظرهم وتعمق علمهم في هذا المجال، ومن ثم تغنى بها كثير من علماء العرب والعجم بخاصة سماحة الشيخ العلامة أحمد بن عبد العزيز آل مبارك رئيس القضاء الشرعي في أبوظبي الذي أعرب عن انطباعاته قائلا:
إن جامعة مظاهرعلوم من كبرى الجامعات في شبه القارة الهندية، وهي تعتبر حصنا منيعا للإسلام في تلك البلاد، تمتاز هذه الجامعة بخدمة الحديث والسنة ، وتعتبر بعض مؤلفات هذه الجامعة مصدرا هاما بشرح كلام النبوة منها شرح المؤطا مالك في خمسة عشر مجلدا، وشرح سنن أبي داؤد في عشرين مجلدا “(1)
والداعية الإسلامي الكبير سيد أبوالحسن على الندوي أيضا اعترف بخدمات علماء هذه المدرسة في مجال هذا الفن الشريف في تأليفه المهم ” المسلمون في الهند “
” وتلي دارالعلوم الديوبندية في كثرة الطلبة والاعتناء بالعلوم الدينية مدرسة مظاهرعلوم في مدينة سهارنفور التي تأسست في ثلاث وثمانين ومئتين وألف أيضا، وهي تشارك دارالعلوم في العقيدة والمبدأ والشعار، وقد خرجت عددا كبيرا من العلماء الصالحين والرجال البارعين في ميادين العلم والدين ، ولعلمائها ومتخرجيها آثار جليلة في شرح كتب الحديث وخدمة هذا الفن الشريف” (2)و بهذا السبب أريد أن ابرز جهود علماء مظاهرعلوم في هذا المجال
بذل المجهود في حل سنن أبى داؤد للإمام المحدث الكبير خليل أحمد السهارنفورى هذا الكتاب يحتوى على خمسة مجلدا بقطع كبير، وعلى عشرين مجلدا بقطع متوسط واستغرق تأليفه عشر سنين وخمسة أشهر وعشرة أيام ، توجد نسخته الخطية في قسم المخطوطات التابع لمظاهر علوم وتحتوى على 2580صفحة.
هذا الكتاب يمتاز بما يلي:
- المذاهب الأربعة في كل مسائلة والمقارنة بينها
- المذهب الحنفي والإجابات الكثيرة المقنعة عن دلائل المذاهب الثلاثة
- الجرح والتعديل لكل راو
- الروايات الموجزة بالروايات المفصلة الواردة في مواضع أخرى في الكتب الأخرى
- اتصال أسناد كل ما روي معلقا بالكتب الأخرى
- إلى ما قاله السلف احترازا كليا عن الاختراعات الذاتية في الكلام
صدر الكتاب أول مرة في حياته من مظاهر علوم، و مرة ثانية من ” المكتبة القاسمية ” في ملتان غرب باكستان ، ومرة ثالثة من ” المكتبة اليحيوية ” في سهارنفور، ومرة رابعة من ” المكتبة الإمدادية في باب العمرة بمكة المكرمة ، وصدرت طبعته الخامسة في عشرين مجلدا من مكتبة ” دارالكتاب العلمية ” في بيروت ، والطبعة السادسة أصدر الشيخ عاقل رئيس هيئة التدريس بجامعة مظاهرعلوم من المكتبة الرشيدية في سهارنفور ومكتبة الشيخ بكراتشي، والآن ظهرت الطبعة الأخيرة في عشرين مجلدا بصورة أنيقة من القاهرة بتعليقات الشيخ تقي الدين الندوي المظاهري. (3)
الطيب الشذي في شرح سنن الترمذي للشيخ أشفاق الرحمن الكاندهلوي هذا تأليف علمي بليغ ذكر فيه المذاهب الأربعة المشهورة بالبحث والتنقيب ومما اهتم به المؤلف في شرحه هو ما يلي بألفاظه:
” تكلمت فيمن جرى ذكرهم أولا من الرواة جرحا وتعديلا مع كل البسط وعالجت الأحاديث وألفاظها اقتفاء على آثار السلف واقتداء عليها وشرحت المذهب الحنفي شرحا وافيا بعد ما بينت شتى المذاهب في كل باب، وفيه مقدمة تضم تدوين الأحاديث وكتابتها وترجمة المصنف وشروط الأئمة والجمع بين الحسن والصحيح، والفرق بين الإخبار والتحديث وموضوع علم الحديث ومباديه.”
طبع الجزء الأول في 1344ه من المطبعة الخيرية بمصرتحت إشراف الشيخ عاشق إلهى الميروتي وهو يشتمل على ست وأربعين ومأة صفحة، مع تقريظ الشيخ الفقيه العلامة أشرف علي التهانوي. (4)
أوجز المسالك شرح المؤطا للإمام مالك للشيخ المحدث محمد زكريا الكاندهلوي بدأ تأليفه في مستهل ربيع الأول 1345ه، وانتهى منه في 28 ذوالحجة 1375ه ، جاء جامعا مستوعبا للغاية بالنسبة للشروح الأخرى في المؤطا للإمام مالك كما يحتل أهمية مرموقة تشهد بها المزايا الآتية:
- الألفاظ ومعانيها بأسرها مع تحقيق موجز في كل من الرواة
- المذاهب الأربعة في كل باب بأوثق كتبهم
- المذهب الحنفي مع أدلته التفصيلية
- جميع البحوث الفقهية والأصولية الضرورية
- مذاهب جميع الأئمة المجتهدين على مكانها بكتبهم الموثوق بها
تم هذا التأليف في ستة مجلدات تضم 3366 صفحة ، صدر أول مرة عام 1348ه من المكتبة اليحيوية بسهارنفور ، ثم صدرت فيما بعد طبعات عديدة مع إضافات المؤلف وإعادة نظره فيه من هذه المكتبة ، كما ظهر في خمسة عشر مجلدا من ” مكتبة السعادة ” بالقاهرة ، وذلك على اصرار العلماء بالدول العربية ، وقبل سنوات عديدة نشرت طبعته الجديدة من الإمارات العربية المتحدة تحت رعاية الشيخ أحمد بن عبدالعزيز آل مبارك قاضى الإمارات العربية المتحدة ، وذلك على أمر الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الإمارات العربية المتحدة. قال أحد من علماء المالكية بعد ما طالعه: ” هذا المصنف حنف المؤطا”
وقال فضيلة الشيخ السيد العلوي المالكي أستاذ الحرم بمكة المكرة في مجلسه عند ما قرأه : لم يكن مثله في المتقدمين. (5)
لامع الدرارى على جامع البخاري للشيخ نفسه هذا الكتاب في الواقع مجموع ما أفاده العلامة الشيخ رشيد أحمد الكنكوهي في درسه للبخارى ، فقام صاحب الترجمة بالتحقيق والتعليق عليه ، بل أحق أن يقال: إنه وضع كتابا مستقلا في شكل التعليقات القيمة.
تم التأليف يوم 10 ربيع الأول 1388ه في ثلاثة مجلدات تتضمن ثماني وألفي صفحة ، كما طبع في اهتمام كبيرعلى حروف عربية مطبعية ، وكتب عليه الشيخ محمد يوسف البنوري مقدمة علمية ، وقد صدرت هذه المقدة بشكل كتاب مستقل أيضا، وذلك في 24 صفحة. (6)
جزء حجة الوداع والعمرات هذا الكتاب أيضا للشيخ الكاندهلوي جاء في بيان رحلته صلى الله عليه وسلم لحجة الوداع وتأريخها وعمراته كلها. تم ضبطه في شوال 1341ه . وصدر بزيادات كثيرة على 308 صفحة أول مرة من ” المكتبة اليحيوية ” عام 1390ه . وطبع مرة ثانية من دارالعلوم ندوة العلماء لكناؤ مع مقدمة الشيخ أبي الحسن علي الندوي، وظهرت طبعته الثالثة من ” دارالقلم ” في بيروت/ لبنان، كما حرر عليه الشيخ محمد يوسف البنوري مقدمة علمية باسم ” الإلماع إلى خصائص حجة الوداع ” تتألف 20 صفحة ، إلى جانب ذلك نقله الشيخ محمد يوسف اللدهيانوي أحد من أبرز علماء باكستان إلى الأردية. (7)
فيض الباري على صحيح البخاري للشيخ المحدث السيد بدرعالم المهاجر المدني إن محاضرات وإفادات نادرة ودراسات ونكات ما ألقاها العلامة محدث العصر أنور شاه الكشميرى في درسه لصحيح البخاري لقد كان قيدها الشيخ الميروتي بسعى بليغ بذله أعواما طوالا ، رتبها فيما بعد بتعليقاته المفيدة الغالية وأصدرها بشكل الكتاب.
تم هذا الكتاب في أربعة مجلدات ضخمة ، وبعد قيام الشيخ محمد يوسف البنوري بطبع هذا الكتاب لما سافرإلى الحرمين الشريفين وقابل الملك السلطان عبد العزيز اشترى السلطان نسختين من فيض الباري ، ووزعها على كل من مكتبات الحجاز ونجد ، أعيد طبع هذا الكتاب مؤخرا في مصر طبعة رائعة ، ومن ميزات طبعته الجديدة وجود صورة حواشيه الخطية فيه والكتاب في 1922 صفحة. (8)
إعلاء السنن هذا تأليف قيم للشيخ ظفر أحمد العثماني ويمكن ان يقال إنه عمل عبقري من حياته الزاهرة ، ولعله أكبر مأثرة لهذا القرن ، جمع فيه أدلة الحنفية من الكتاب والسنة ، ورد على المزاعم الزائفة التي كانت معروفة في هذه الديار أن الحنفية يقدمون القياس على الحديث وأن مذهب الإمام أبى حنيفة لا دليل له من السنة الصحيحة والقرآن.
وقال شيخ الإسلام العلامة محمد زاهد الكوثري المصري بعد ما طالع من الكتاب: والحق يقال إني دهشت من هذا الجمع ومن هذا الاستيفاء البالغ في الكلام على كل حديث بما تقتضي به الساعة متنا وسندا ، فاغتبط به غاية الاغتباط.
اكتمل في عشرين مجلدا ، واستغرق تأليفه خمسا وعشرين أو ثلاثين سنة ، وقد صدر أحد عشر مجلدا منه إلى ” كتاب الحدود ” من تهانه بهون قبل أن استقلت باكستان ، وتم التأليف عام 1385ه ، ويتضمن ذلك خزينة عظيمة لتأييد الأحناف في المسائل الخلافية القائمة في أبواب الطهارة إلى كتاب المواريث وطبع أول مرة على حروف حجرية ، وفيما بعد على حروف مطبعية من مكتبة الحجاز بكراتشي.
كما يكتب الشيخ العلامة محمد يوسف البنوري البحاثة المعروف عن هذا الكتاب : لولم يكن من مؤلفاته سواه لكان برهانا بارزا قاطعا على كمالاته العلمية ، ومهارته وبراعته في الفقه والحديث ورجاله ، وتذوقه طعم التحقيق والتنقيب والدراسة ، وإدراكه طريقة بذل الجهد والجد. (9)
أماني الأحبار شرح معاني الآثار للشيخ محمد يوسف الكاندهلوي إن ” شرح معاني الآثار للطحاوي ” كتاب من الكتب المعتبرة في الفقه الحنفي ، ومن المؤسف أنه لم يشرحه إلا إلى ” باب الركعتين بعد العصر ” حتى وافته المنية ، وبالرغم من ذلك قد جاء في أربعة مجلدات كبار ، يبلغ عدد صفحات 1456 وهو يجمع بين شرح الألفاظ المشكلة وتحقيق الرواة وحل أنظار الطحاوى حلا شافيا والدفاع عن الأحناف وأدلتهم ((10)
التعليق الصبيح على مشكاة المصابيح للشيخ محمد إدريس الكاندهلوي هذا من مآثره العبقرية وأعماله الجليلة الرفيعة في الحديث مثل معارف القرآن في التفسير ومما اعتنى به فضيلته عند التفسير هو بألفاظه مايلي :
وأكبر عنايتى وغاية اهتمامي في هذا التعليق بشرح الأحاديث وإبراز نكاتها ولطائفها وبيان أسرارها ومعارفها وكشف حقائقها ودقائقها على ما يقتضيه علم المعاني والبيان ، بعد تتبع كتب العلماء الراسخين المعروفين بهذا الشأن يشهد بعلومكانته واستيعابه ما قاله الشيخ محدث العصر أنور شاه الكشميرى : أشهد – والله وكيل عليه – أن هذا الكتاب لا وجود لمثيله في العالم اليوم.(11)
تخريج أحاديث مجموعة أربعين حديثا للشيخ محمد يونس الجونفورى شيخ الحديث بجامعة مظاهرعلوم سهارنفور هذا مجموع من الأحاديث المباركة جمعها كل من الشيخ عبد الرحمن الجامى والشاه ولي الله المحدث الدهلوي والملا علي القاري والشيخ قطب الدين صاحب كتاب ” مظاهر حق ” والشيخ عنايت أحمد صاحب كتاب ” تواريخ حبيب إلهي ” والشيخ محمد حسين ، قد قام الشيخ محمد يونس صاحب الترجمة تخريج الروايات التى لم يقوموا بتخريجها فيها اصدر حديثا بخط جميل من المكتبة اليحيوية سهارنفور وله مؤلفات أخرى منها (13)
- واللآلي
- المشكاة
- البخاري
- أبي داؤد
هذا وقد حاولت فى هذه المقالة الوجيزة أن ألقى نظرة عابرة على مساهمة علماء مدرسة مظاهر علوم بسهارنفور فى مجال الحديث النبوي الشريف و أنتجها أبناؤ هذه المدرسة ومتخرجوها فى علوم الحديث النبوي شرحا وتدوينا وتعليقا وقد طبعت هذه كلها ونشرت ونالت الإعجاب والتقدير من العلماء فى الهند والعالم العربي. واكتفي بهذا القدر والله الموفق وهو المستعان.
المراجع
- شاهد ، علماء مظاهر علوم وإنجازاتهم العلمية والتأليفية ص 139 ج 1 ط مكتبة الشيخ التذكارية سهارنفور
- الحسن على الندوي ، المسلمون في الهند ص 65 ط دارالفتح دمشق
- الطيب الشذي ، و علماء مظاهر علوم وإنجازاتهم العلمية والتأليفية ص 271 ج 1
- مظاهر علوم وإنجازاتهم العلمية والتأليفية ص 129-130 ج 2 ، و آب بيتى حضرت شيخ
- ص 130
- ص 131
- مظاهر علوم وإنجازاتهم العلمية والتأليفية ص 6-7 ج 2 ط مكتبة الشيخ التذكارية سهارنفور
- مظاهر علوم وإنجازاتهم العلمية والتأليفية ص 253-254 ج 2 و أيضا أنظر البعث الإسلامي الصادرة من ندوة العلماء بلكناؤ – الهند ، جهود علماء الهند في علوم الحديث الشريف للدكتور تقي الدين الندوى المظاهرى ص 59/60 ع 8 ج 54 جمادى الأولى 1430 ه
- مظاهر علوم وإنجازاتهم العلمية والتأليفية ص 217 ج 3
- مظاهر علوم وإنجازاتهم العلمية والتأليفية ص 288 ج1
- مظاهر علوم وإنجازاتهم العلمية والتأليفية ص 223-224 ج 3
- مظاهر علوم وإنجازاتهم العلمية والتأليفية ص 223-224 ج 3
(إعجاز أحمد باحث في قسم اللغة العربية وآدابها جامعة لكناؤ – لكناؤ – الهند)