اسمهان حلوي – باحثة، كلية الآداب والعلوم الانسانية، جامعة القاضي عياض، مراكشز
يسعى هذا المقال إلى تقديم مقاربة تصورية مزجية لاستعارات القصيدة الخمرية لابن الفارض (ت.632ه)، ذلك أن الكاتب لم يكتب لقارئ واحد بل يفترض قارئا يقتنص المعنى ويفكك شفرات النص. ولأجل إبلاغ متلقيه فحوى خطابه، توسل ابن الفارض استعارات تصورية.
ورأيت أهمية إنجاز هذا المقال انطلاقا من الإنجازات النظرية للاستعارة التي مع ظهور النظريات العرفانية (نظرية الاستعارة التصورية «La métaphore conceptuelle» ونظرية المزج التصوري للاستعارة «La métaphore conceptuelle integrations»)، تغيرت المفاهيم الاستعارية فأصبحت ترى أن المعنى الاستعاري مرتبط بالذهن وبالتجربة والجسد، فالنسق التصوري ذو طبيعة استعارية والاستعارة ابتكار للمعنى بالجهد الذهني وهي وسيلة لفهم الواقع وخلقه؛ إذ يتم إنتاج تعبير معين عن طريق تصور لموقف معين وهو أمر أساسي في الاستعمال اليومي للغة، فالعقل الإنساني يتشكل بدرجة أساسية عبر الاستعارة التي تعكس رؤيته للعالم وطرق تفكيره فيه. لذلك يؤكد التصور المعرفي “أن الفهم الإنساني ذو نزعة تجريبية، فالإنسان يفهم الأشياء من خلال التجارب التي عايشها“[i]، ومعنى هذا أن الاستعارة التصورية هي طريقة في التفكير، أما التعابير الاستعارية فهي طريقة في الكلام.
كانت نظرية المزج التصوري امتدادا للنظرية التصورية المعرفية عند أصحابها لايكوفLakoff وجونسون Johnson، فأضافت النظرية الادماجية مفاهيم جديدة، إذ قام الباحثان مارك تورنرMark Turner وفوكونيي Fauconnier بالجمع بين مجالين من أجل إنتاج مجال ثالث، وتتكون شبكة المزج من أربعة أفضية ذهنية (الفضاء النوعي، الفضاء المدخلي1، الفضاء المدخلي2، الفضاء الادماجي).
إجمالا، لقد حظيت الاستعارة بحيز كبير في القصيدة الخمرية لابن الفارض، فخلق تفاعلا كبيرا لدى القارئ، لأنه أمام قصيدة مبنية على مصطلح صوفي وهو رمز الخمر والسكر ليدفعه ذلك إلى رفع حجب الحس عن دلالاته ومضامينه، مما أثار فكرة هل يمكن تطبيق مفاهيم وإضافات جديدة في تحليل الاستعارة؟
الإشكالية
إن الإشكال المطروح هو كيف يمكن مقاربة استعارات ابن الفارض بالنظرية التصورية المزجية؟ وكيف تتفاعل الفضاءات الذهنية وتتداخل لتنتج الشكل النهائي للبنيات الاستعارية فتكون بينية موحدة جديدة؟ وكيف تشتغل الاستعارة في القصيدة الخمرية؟
عناصر البحث
- مقدمة.
- مفهوم الاستعارة في نظرية المزج التصوري.
- نماذج من استعارات القصيدة الخمرية لابن الفارض.
- إدراك عملية المزج الاستعاري في القصيدة الخمرية.
- خاتمة.
الكلمات المفتاحية: الاستعارة- المزج التصوري- التصوف- ابن الفارض- القصيدة الخمرية
مقدمة:
شكلت الاستعارة ركنا أساسيا في الدراسات الأدبية والنقدية والفكرية والبلاغية واللسانية، فظهرت عدة اجتهادات تعالج قضايا الاستعارة وفق مفاهيمها وخلفياتها الخاصة، وذلك بالنظر إلى ما تنطوي عليه الاستعارة داخل كل اللغات من أبعاد معرفية عميقة، وحمولات ثقافية وإيديولوجية خصبة، وكونها ظاهرة فكرية استثنائية في اللغة عموما، إذ تؤدي دورا مهما في تحقيق الاتصال والفهم داخل كل الجماعات التواصلية.
وجاء التصور المعرفي (Cognitive) ليؤكد أن المعنـى الاستعاري مرتبط بالذهن وبالتجربة والجسد، فالنسق التصوري ذو طبيعة استعارية والاستعارة ابتكار للمعنـى بالجهد الذهني وهي وسيلة لفهم الواقع وخلقه. هناك اتفاق وإجماع لدى الباحثين المعرفيين على أن الاستعارة آلية معرفية ودلالية تحركها التجربة، وأنها تفاعل فكري وبنية تصورية. لذا ذهب لايكوفLakoff وجونسون Johnson إلى أن التصور الاستعاري هو استعمال دلالة ما خاصة بشيء للتعبيـر عن شيء آخر، فهما ينطلقان من فكرة أساسية هي “أن الاستعارة لا ترتبط فقط باللغة أو بالألفاظ، بل عكس ذلك، فسيرورات الفكر البشري هي التـي تعد استعارية في جزء كبيـر منها. وهذا ما نعنيه حين نقول إن النسق التصوري البشري مبنين ومحدد استعاريا. فالاستعارات في اللغة ليست ممكنة إلا لأن هناك استعارات في النسق التصوري لكل منا… يجب أن نفهم أن الاستعارة تعنـي التصور الاستعاري”[1]. ومعنـى هذا أن الاستعارة في ضوء التصور المعرفي هي معطى ذهنـي تدركه الحواس، وبعدها يُعبّـر عنه بواسطة اللغة. إذن في تصور لايكوف وجونسون الاستعارة التصورية طريقة في التفكيـر، أما التعابير الاستعارية فهـي طريقة في الكلام، لذلك اعتبـر لايكوف وجونسون الاستعارة هي إسقاط مجال تصوري ملموس (مصدر) على مجال تصوري مجرد (هدف). الاستعارة عند هذين الباحثين لا تقوم على المشابهة بقدر ما تقوم على عملية ربط، وتقوم الروابط بعملية اختراقية بين المصدر والهدف، إذ يوجد انسجام بين المجالين.
وقام الباحثان مارك تورنرMark Turner وفوكونيي Fauconnier في كتابهما (في ما به نفكر) (The way we think) بتطوير نظرية الاستعارة التصورية إلى نظرية المزج التصوري، حيث لاحظا أن حالات بناء المعنى تشتق من بنية غير مستثمرة بشكل واضح في اللسانيات، ففي نظرهما أن المزج المفهومي عملية ذهنية أساسية مسؤولة عن بناء المعاني الجديدة في اللغة.
وسنتطرق في هذه الدراسة إلى مفهوم الاستعارة في نظرية المزج وتطبيقها على القصيدة الخمرية لابن الفارض. نظرا لتميـز اللغة الشعرية الصوفية فإنها تختـرق العالم المعتاد، فالشاعر الصوفي له القدرة على الإيحاء بعوالم خيالية يهرب إليها المتصوف، وعلى هذا فإن “الصلة بين الشعر والتصوف تنبثق من سعي كل منهما إلى عالم أكثـر كمالا من عالم الواقع (..)، ومن الطبيعي إذن أن يلتقي التصوف بالشعر إذ المجال المشترك بينهما هو القلب والعاطفة والوجدان. فإذا كان الشعر لسان القلب فالتصوف مذهب القلب في البحث عن الحقيقة الإلاهية“[2]. وقد استعمل ابن الفارض استعارات الذات والخمر وأحوال شربها، وأسماء المعشوقات المعروفات في الشعر العربي فكان لزام أن نفكك معانيها وفق نظرية المزج.
مفهوم الاستعارة في نظرية المزج التصوري:
يذهب مارك تورنر Mark Turner وفوكونيي Fauconnier إلى أن المزج ملكة عرفنية إنسانية تمكنهم من بناء المعنـى في مجموعة من التمازج المفهومي فتكون بذلك معان جديدة ومفاهيم جديدة ومناويل ذهنية جديدة. “هي ملكة حركية مرنة عاملة زمن التفكيـر (آن – قولية) بصفة غيـر واعية، فهـي جزء من العرفنة الخلفية (الباطنة) تشتغل من وراء الستار فتفلت من الوعي حيث تقيم شبكات واسعة من الأفضية الذهنية في مستوى اللاوعي فتنشأ لذلك أعمال عرفنية في مستوى الوعي تبدو أنها بسيطة مباشرة لا إشكال فيها ولكنها في الواقع ناتجة عن قوانين على غاية من التعقيد تشتغل في العرفنة الخلفية“[3]. إذن إن المزج التصوري عملية تفكيـر تتم أثناء الكلام، عن طريق ما يحدث فيه من حوارات وجدال، وبذلك تشتغل الخلفيات الذهنية لدى المتكلم والسامع فتنشأ بذلك شفرات القول التـي لا يحلها إلا المتكلم والمستمعين بناء على تلك الخلفيات. وعلى حسب رأي تورنر Turner فإن “اللغة نظام علائقي يتكون من أزواج من الشكل والمعنـى، يُطلق عليها “أبنية”، وهي بدورها تندمج الواحدة منها في الأخرى، وتقودنا هذه الأبنية والمزيج بين الأبنية إلى إقامة شبكات من المزج المفهومي“[4].
فأساس نظرية المزج هو الفضاء الذهني، وهو عبارة عن مجموعة من التصوريات تبنـى آليا في لحظة الفهم مترابطة فيما بينها ويمكن أن ندخل عليها تعديلات مع نمو الخطاب وتوسعه، وتتكون شبكة المزج من أربعة أفضية ذهنية وهي:
- الفضاء النوعي أو الجامع (L’espace générique).
- الفضاء المدخلي 1 (L’espace d’entrée source).
- الفضاء المدخلي 2 (L’espace d’entrée cible).
- الفضاء الادماجي (L’espace d’integration).
والمعنـى الاستعاري في نظرية المزج تبنـى وتولد بفضل عمليات دمج معقدة يبدأ من فضاء مدخلي الأول وهو مجال المصدر والفضاء المدخلي الثاني وهو مجال الهدف مما يحدث بين عناصرهما إسقاط يخول توحدهما في فضاء نوعي وفيه يتم جمع السمات المشتركة بين الفضاء المدخلي الأول والفضاء المدخلي الثاني يستنبطها فيحدث إسقاط انتقائي من المدخلين في الفضاء الرابع وهو الفضاء الادماجي وهو الفضاء الذي يبدع المعنـى الاستعاري ويتولد بالمزج بين الفضاءين معنـى جديدا، هذا الابداع لبنية جديدة، هو ما نفعله دائما. مثال: هذا الجراح جزار.
هناك فضاءان مختلفان هما فضاء الجراحة وفضاء الجزارة فينتج عنهما فضاء المزج المتمثل في فشل وعجز الطبيب، والسمات المشتركة بينهما تجتمع في الفضاء الجامع وهي تقطيع اللحم، استعمال أدوات المجزرة، عدم الرحمة، غاية الجزار تقطيع اللحم، غاية الطبيب الشفاء، فيحدث تقاطع في ذلك مما ينتج عن كون الطبيب فاشل. ويوضـح ماركوس تاندل Tendahl Markus هذا القول فيقول: “ففي أحد فضاءي الإدخال لدينا جرّاح ومريض. الجراح يعالج مريضا في غرفة العمليات ويستخدم أدوات خاصة خاصة مثل المشرط الهدف من العملية هو شفاء المريض. أما في فضاء الإدخال الآخر فلدينا جزار وبعض الحيوانات التي يجري قتلها وتُعالج حتـى تُستهلك غذاءً. هكذا فالحيوان بضاعة وهدف الجزار ذبح الحيوان وتقطيع لحمه حيث يستخدم ساطورا. فالأدوات التـي يستعملها تختلف تماما عن أدوات الجرّاح“[5]. يتبين من ذلك وجود علاقات متقابلة في هذين المدخلين، حيث يدعي ماركوس من خلال توضيحه لهذا المثال أن الجراح يناظر الجزار (المنفذ)، والمريض يناظر الحيوان (الضـحية)، والمشرط يناظر الساطور (أداة حادة). “ففي المزج، يُدمج بعض هذه النظائر ويحافظ البعض الآخر على وضعه الفرديّ“[6].
وعليه فإن نظرية المزج ميـزت بين مجالين المصدر والهدف في بناء المعنـى الاستعاري وأضافت فكرة انصهار المدخلين فنتج عن ذلك التفاعل توليد معنـى موحد جديد. ويجب ألا ننسى أن للسياق أهمية كبيرة في تحديد المعنـى وتوجيهه، فالكلمة المستعارة لا تفهم إلا من خلال السياق وعلاقتها مع الكلمات الأخرى. ومن أجل تحديد المعنـى الذي تشير إليه الكلمة لابد من معرفة حقل تلك الكلمة، فلكل كلمة بيئتها الخاصة المثالية التـي تولدت فيها، فمفهوم البيئة مرتبط بالتجربة التي تكتسب لأنواع متعددة من الاتصال والتفاهم.
محصول القول أن المنوال الاستعاري يشتغل في مستوى أوسع وأكبـر من الإسقاط الثنائي ما بين فضاءين مصدر وهدف، وقصيدة ابن الفارض نموذج لاشتغال المناويل الاستعارية المتعددة التـي تنصهر في منوال واحد، فالشعر الصوفي يجسد تجربة الحب الالهـي بتحقيق الاتصال مع الذات المطلقة، حيث أن سيرورة الفهم الصوفي تؤثر على عملية بناء المعنـى الاستعاري وفق ما تمليه عليه طبيعة التجربة الصوفية في فهم الوجود، ولعل هذه التجربة كانت السبب في تفرد اللغة الصوفية وتميزها، فإن من ʺلا يدرك نوعية اللغة الصوفية واعتمادها على الرمز والاستعارة والكناية وخرق المعتاد من القواعد سينتهي حتما إلى جملة من القبائحʺ[7]، وهذا الغموض أثرى الأدب الصوفي، فأصبح منبعا يروي به الشعراء ظمأهم في الشعر المعاصر.
فكيف يتمظهر هذا الإبداع الشعري؟ وكيف تبنـى المعاني الاستعارية الذهنية لقصيدة ابن الفارض؟
- نماذج من استعارات القصيدة الخمرية لابن الفارض
- خمرية ابن الفارض
إن قصيدة ابن الفارض مبنية على اصطلاح الصوفية، مما يدفع من البداية رفع حجب الحس عن دلالاتها ومضامينها. وما يميزها أنها مؤسسة على رمز الخمر والسكر لذلك عمد أغلب الشراح إلى وسمها بالخمرية. ويعتبر ابن الفارض (ت632ه) من الشعراء الذين وردوا من حوض الصوفية، فعد بحقٍّ، شاعرَ التصوف الإسلامي، يتميز برؤية شعرية صوفية، له لغة متفردة مليئة بالإيحاءات، وغموض المعنى أو الرؤى، الذاتية والباطنية للأشياء.
- قراءة استكشافية لنماذج الاستعارة في الخمرية
شَرِبْنا على ذِكْرِ الحَبِــيبِ مُدَامَــــةً | سَكِرْنا بها مِنْ قَبْل أنْ يــُخْلَق الكَرْمُ | |
هِلال لها البَدْرُ كَأْسٌ وهِيَ شَمْسُ يُديرُها هلال | وكَمْ يَبْــدُو إذا مُزِجَــتْ نَــجْمُ | |
ولولا شَـــذاها ما اهْتَـــدَيتُ لِحَانِهَا | وَلَوْلا سَــــــناهَا ما تَصَوَّرَها الوَهْمُ | |
ولم يُبْقِ مِنْها الدّهرُ غَيْرَ حُــشاشَة | كأن خَفاها فِي صُــــدُورِ النُّهى كَتْمُ[8] |
يستعمل ابن الفارض في هذه الأبيات ألفاظ الخمر الحقيقة مثل: (الشرب، المدامة، السكر، الكأس، الكرم، الشذا، الحانة، الحشاشة)، فالقارئ لهذه الأبيات يعتقد أن الشاعر يقوم بوصف الخمر وأغراضه، لكنه يعبر بالخمرة عن الحب الإلهي والشوق، والمدامة تعني الخمرة رمز للمعرفة الإلهية والغيبة عن الكائنات، وشربنا رمز للسالكين في طريق الله تعالى، وسكرنا تدل على اغفال أمور الدنيا والحياة مع الحقيقة العلية، ويقول أحمد بن عجيبة في شرح البيت الأول: “سميت الغيبة في الله سكرا، لاشتراكها مع السكر الحسي في الغيبة عن الحس، فإن نور العقل كما يستر بالظلمة الطينية، وهي النشوة الناشئة عن الخمرة الحسية، كذلك يستر بالأنوار المعنوية المفاجئة له من الخمرة الأزلية“[9].
استعار الشمس في البيت الثاني ليدل على محبة الإله وإشراق لطفه، والإنسان الممتلئ بالإيمان هو البدر الذي يستضئ بشعاع المحبة، وسمي البدر بدرا لمبادرته بالطلوع كأنه يعجلها المغيب. واستعار الكأس من حيث هو مظهر للمقام الأعلى، والهلال إذا احتجب بظهور نفسه عن إظهار بقية النور، والنجم إذا نظر إلى غيره، وانقطع وارد اتحاده بملاحظة الأغيار، فمزجت محبة الإله بمحبة الغير فشبه ما يحصل عند مزج الشراب بالماء والمراد مزج شراب المعرفة الحقيقية بماء العلم من المعاني العقلية والمعرف اليقينية التي يمكن ادراكها بالبصائر[10].
ويوضح محمد مصطفى حلمي هذا البيت فيقول: “والفكرة الرئيسة هنا، وهي أن شمس المحبة الإلهية تصدر عنها النجوم التي كنا بها المخلوقات، تشبه شبها قويا ما يقوله سويدنبرج (1688-1772م) العالم الفيلسوف الصوفي السويدي، من أن الحب الإلهي هو ينبوع الحياة، ومصدر الوجود، وأن مثله في ذلك كمثل الشمس وما ينبعث منها من حرارة وضياء؛ فما يذكره ابن الفارض مجملا في البيت الذي أثبتناه آنفا يذكره سويدنبرج مفصلا في قوله: إننا نعلم أن حرارة الشمس اليوم، هي كما كانت بالأمس وقبل الأمس الحياة المشتركة بين النبابتات المختلفة، فتنمو وتترعرع، فإذا هي زينتها الأورارق والأزهار والأثمار، وإذا هي قد سرت فيها الحياة سريانا قويا ظاهرا متمثلا في هذه الأوراق النضرة، وهذه الأزهار اليانعة، وهذه الثمار الدانية، حتى إذا كان الشتاء والخريف، ونقصت حرارة الشمس، تجردت النباتات من هذه المظاهر التي تثبت سريان الحياة فيها، فإذا هي قد ذبلت، وأصبحت هشيما تذروه الرياح“[11].
والمثير للانتباه في البيت الثالث طريقة وصف الشاعر حقيقة الحب الالهي وربطها بما تفعله الخمرة من نشوة ولذة يصعب الاهتداء إليها فاستعار الشذى والسنا للتعبير عن الرائحة الزكية والنور المشع، ذلك أن الحقيقة الإلهية تفهم أكثر حسا وحدسا وإلهاما[12].
وما زال ابن الفارض يمتعنا بلغته الرمزية فيشير في البيت الرابع إلى “خفاء الحقيقة الإلهية عن العقول البشرية يشبه خفاء الأسرار وكتمها في صدور أهل العقل والعلم“[13].
فَإن ذُكِرَت في الحَيّ أصبحَ أهْلُهُ | نَشاوى ولا عارٌ عليــــهمْ ولا إثم | |
هِلال ومِنْ بَيْنِ أَحْشَاء الدّنانِ تصاعدتْ | ولم يَبْقَ مِنْها، فِي الحَقِيقَةِ، إلا اسْمُ[14] |
وعلى المنوال نفسه، استمر ابن الفارض في استعمال مصطلحات لها علاقة بالخمر، بحيث إن القصيدة تحتوي على صور متعددة مرتبطة فيما بينها ومتسلسلة ذات بنية متماسكة، إذ ندرك معناها الاستعاري عن طريق السياق. ونلاحظ في هذين البيتين استعارة متداولة للفظة الخمر، (نشاوى، الدنان)، فهي في الأساس ملفوظات استعارية يقصد بها حالة أهل السلوك والعرفانية وهم المريدون أصحاب النفوس القابلة لهذا التجلي، إنه يشبه حياة المريد بحياة السكران ويشبه خفاء العلوم الالهية من صدور الرجال بتصاعد واختفاء الخمر من الوعاء[15].
ولو نَظَرَ النُّدْمَانُ خَتَمَ إنَائِـــــها | لأســْـكَرَهُمْ مِنْ دُونِها ذَلِكَ الــخَتْمُ | |
ولو نَضَحُوا مِنْها ثَرى قَبْرِ مَيّتٍ هلال | لَعَادَتْ إليهِ الرّوحُ وانْتَعَـشَ الجسم[16] |
يسترسل ابن الفارض في وصف حال السالكين في طريق الله فشبههم بالندمان كأنهم رفقاء الشرب، وشبه أثر التجلي الرباني في قلب المؤمن بختم الإناء، “واعتبـر أن مجرد النظر إلى ذلك الختم من شأنه أن يسكرهم ويغيبهم عن شهودهم ووجودهم المادي، فكيف إذا شربوا؟“[17]. ويصف آثار تلك الخمرة فتجعل القارئ يدخل في عالم الخيال الخارق؛ لأنه كيف يمكن إحياء الموتى برشة الخمر لأن إحياء الموتى من اختصاص الله تعالى، ويعنـي موت القلب وقسوته، وغفلته عن ذكر الله وعن الطريق المستقيم، فاستعمل لفظ النضـح دلالة على العلوم العلية التـي تفيض في القلب فتعود إليه روح الإيمان وينتعش الجسم بالطاعات.
ولو طَرَحوا في فَيْءِ حَائط كَرْمِهَا | عليلاً وقد أشْفَى لَفَارَقَهُ السّــــــــقم | |
ولو قَرّبُوا مِنْ حَانِها مُقْعَدا مَــــشى هلال | وتَنْطِقُ مِنْ ذِكْــرى مَذاقَتِها البُـــكْم[18] |
ومعنـى ذلك أن المعرفة الإلهية يشفي من السقم، وعند تقريب المقعد من حانها تجعله يمشي، والمقصود هو أن السالك إذا لازم مجالس أهل المعرفة سيسلك في طريقه موفقا بدون قيود أوهامه وشهواته، والمراد بالأبكم من أخرسته الغفلة، وعقد لسانه الجهل والبدعة[19].
ولو عَبِقَتْ في الشرق أنفاسُ طِيبِها | وفي الغرب مَزْكُومُ لعَادَ لَهُ الـــشَّمُّ | |
ولو خُضّــبت مِن كأسها كفُّ لامِسٍ هلال | لما ضَلّ في لَيْلٍ وفي يَدِهِ النــــــجم[20] |
ويؤكد ابن الفارض في هذين البيتين ما تفعله الخمر على مسافات بعيدة شرقا وغربا، فالمريد السالك إلى الله والمتصل به مثل النجم الذي يهديه السبيل وينير قلبه فإنه لا يضل طريقه. نلاحظ رمزية ابن الفارض في الخمر بذكر لوازمه مثل الكأس وبذلك ندرك المعاني التي تحمل بين طياتها وكلها تحوم حول تجليات الروح فاستعمل كل الحواس الشم والذوق والشرب واللمس والبصر.
ولُطْفُ الأواني في الحَقِيقَة تابع | لِلُطْــفِ المَعَاني والمَعَاني بها تَنْمو | |
وَقَد وَقَعَ التفــــريقُ والكلّ واحد هلال | فأَرْواحُنا خَمْرٌ وأشــْــــــبَاحُنا كَرْم [21] |
ويقصد بالأواني عالم الإمكان فإنها تدل على حقيقة الأمر الإلهـي، ولطف المعاني تلك الصور الممكنات على الحضرة الإلهية والتجليات الربانية مما يؤدي إلى تزايدها وتكاثرها ونموها، في قلب وعقل السالك. وشبه الأرواح بالخمر، والأشباح بالكرم، فالكرم هو الذي ينتج العنب فيستخرج منه الخمر، والأمر نفسه للأشباح وهي الأجساد وعلاقتها بالأرواح نظرا لاتحادهما وامتزاجهما. إن ابن الفارض يدعو إلى تحقق شارب الخمر النورانية على فنائه في الوجود الحق[22].
وقالوا شَـــرِبْتَ الإثمَ كلاّ وإنّما | شَرِبْتُ التي في تَرْكِها عنديَ الإثم | |
هنيئًا لأهلِ الدّيرِ كَمْ سَكِروا بها هلال | وما شربوا منها ولكنّهم هَمّـــوا [23] |
من خلال التأمل في هذين البيتين نلاحظ أن الشاعر يستمر في توضيح الفرق بين الخمرة الإلهية والخمرة الحسية المعصورة من الكرم، وبينهما اختلاف كبير إذ شرب الخمر الحسي إثم ومعصية بينما شرب الخمر الحب الإلهـي طاعة وقرب من الله، وتركها إثم. وأهل الدير سكروا بإدراك الحقيقة الإلهية بزهدهم وعباداتهم، لكنهم لم يشربوا منها أي لم يصلوا إلى الحقيقة.
- إدراك عملية المزج الاستعاري في القصيدة الخمرية لابن الفارض
- استعارة الخمر
من خلال قراءتنا الأولى للقصيدة الخمرية لابن الفارض وبعض نماذج الاستعارة في الأبيات، تبين أن الاستعارة المسترسلة في القصيدة هي استعارة الخمر ووظف ابن الفارض على طول الخمرية استعارات فرعية، منها الكأس، والشذى والحانة، والكرم والدنان، والندمان والأواني، والنشوة والعصر والماء، لذلك سنحاول قدر المستطاع أن نقدم تحليلا لكيفية الفهم الاستعاري للخمر، عن طريق عملية المزج المولدة للمفاهيم الجديدة –كما ذكرنا سابقا- التـي تشتغل استنادا إلى فضاءات ذهنية تسمح بعملية إسقاط انتقائي تولد المفهوم الجديد.
شَرِبْنا على ذِكْرِ الحَبِــيبِ مُدَامَــــةً | سَكِرْنا بها مِنْ قَبْل أنْ يــُخْلَق الكَرْمُ |
حدث المزج في هذا البيت في تطابق صفات الخمر بصفات المحبة الالهية، يظهر هنا فضاء الخمر الحسي وتأثيره على شاربه، في فضاء الخمر المعنوي في المقام الصوفي، فتعالق الفضاءان نتج عنه فضاء ثالث هو الفضاء الادماجي يتمثل في المحبة الإلهية والتقرب إلى الله وآثار ذلك في السالكين.
- الفضاء المدخلي1: المصدر
الخمر المادي
- الفضاء المدخلي2: الهدف
الخمر المعنوي الصوفي
- الفضاء الادماجي: المعنى الاستعاري
المحبة الإلهية فالشرب والسكر معناه ذهاب الروح وصفائها عند تقربها إلى الله ومعرفة الحقيقة المطلقة وهو أصل الوجود.
- الفضاء الجامع: (السمات المشتركة بين الفضاءن 1/2)
الحب، الغيبة، الاتصال، غياب الروح، ذهاب العقل ونقاء القلب.
لها البَدْرُ كَأْسٌ وهِيَ شَمْسُ يُدِيرُها هِلال هلال | وكَمْ يَبْــدُو إذا مُزِجَــتْ نَــجْمُ |
إنها استعارات الشمس والكأس والبدر، والهلال، والنجم، وسنبين ذلك في الجدول الآتي:
فضاء مدخلي1 (المصدر) | فضاء مدخلي2 (الهدف) | فضاء الجامع | فضاء المزج |
فضاء الخمر السكر- اللذة- النشوة الكأس- غياب العقل تظهر الأسرار- الستر للعقل- الصفاء | فضاء البدر | عملية الإسقاط الإنتقائي الكأس الممتلئ- اللذة- الضياء-الوضوح- الظهور | السالك الممتلىء بالإيمان يكون له نور مشع ومضيء، وشارب المعرفة الإلهية تجعله مثل البدر. |
فضاء الشمس الإشراق- النور- الضياء- هداية | تنتج عملية الإسقاط بين الفضاءين: الصفاء-الستر السعادة- النواة- الظهور | بكون المزج الناشىء بانصهار الفضاءين: ظهور نور الحقيقة (شمس العرفان) | |
فضاء الهلال احتجب- عدم ظهور بقية نوره | وإذا أسقطنا بين الفضاءين يتكون لدينا: الغيبة والستر والخفاء الاهتداء- السعادة | أثناء مزج الفضاءين يتضح أن محبة الله ومعرفة أسمائه الحسنى وصفاته يهتدي بها السالكين في الظلمة | |
فضاء مزجت نجم الامتزاج- الاتحاد الصفاء- | السمات المشتركة: الاتصال- الاتحاد الاهتداء | إذا مزجت بالصحو والسلوك صار كاملا مكملا فيكون شارب المحبة الإلهية له نور يهديه السبيل وينير قلبه. |
ولولا شَـــذاها ما اهْتَـــدَيتُ لِحَانِهَا | وَلَوْلا سَــــــنَاهَا ما تَصَوَّرَها الوَهْمُ |
العلاقة بين فضاء الخمر وفضاء الشذى ينتج عنهما فضاء المزج المتمثل في الوصول والهداية، والسمات المشتركة بينهما تجتمع في الفضاء الجامع وهي الرائحة القوية، النسيم الطيب، غاية رائحة الخمر معرفة مكان الحانة، غاية نسيم الحضرة الإلهية الوصول إلى الحقيقة وشهود أنوار الحبيب، فيحدث تقاطع في ذلك مما ينتج عن الوصول والاهتداء.
وَقَد وَقَعَ التفــــريقُ والكلّ واحد هلال | فأَرْواحُنا خَمْرٌ وأشــْــــــبَاحُنا كَرْم |
- الفضاء الدخلي1: المصدر
الخمر المادي
- الفضاء المدخلي2: الهدف
الأرواح
- الفضاء الادماجي: المعنى الاستعاري
صفاء الروح ونورانية القلب
- الفضاء الجامع: (السمات المشتركة بين الفضاءن 1/2)
الحب، الغيبة، الاتصال، ، ذهاب العقل ونقاء القلب.
أما فضاء الأشباح: الجسد
فضاء الكرم: يعصر لاستخراج الخمر- أصل الوجود الخمر.
الفضاء المزجي: أهمية الجسد في ترويضه لينتج الروح، امتزاج الروح مع الجسد.
وقالوا شَـــرِبْتَ الإثمَ كلاّ وإنّما | شَرِبْتُ التي في تَرْكِها عنديَ الإثم | |
هنيئًا لأهلِ الدّيرِ كَمْ سَكِروا بها هلال | وما شربوا منها ولكنّهم هَمّـــوا |
- استعارة شربت الإثم
الفضاء المدخلي1:
شربت
الفضاء المدخلي2:
الإثم
- استعارة شربت التي في تركها عندي الإثم
الفضاء المدخلي1:
شربت
الفضاء المدخلي2:
الخمر المعنوي
إن التحليل المزجي يكشف عن دلالات الاستعارة في القصيدة الخمرية، لقد قمنا بوضع بعض النماذج منها وحاولنا فك رمزيتها خصوصا أنها تنتمي إلى العرفان الصوفي، وعندما قمنا باستخراج الصفات التـي توجد في الفضاءين المدخلين تمكنا من الكشف عن المعنـى الجديد للاستعارة في الفضاء المزجي، وما يلاحظ هو أن استعارة الخمر ممتدة على طول القصيدة بذكر صفاتها ولوازمها للتعبيـر عن الفناء في الذات الإلهية، والجمال وحالات المشاهدة والتجلي والمحبة الإلهية، والنشوة واللذة اللذين يتمتع بهما السالك.
خاتمة:
يمكن القول إن الاستعارة قد تفاعلت في القصيدة الخمرية بحظ وافر؛ لأنها تزخر بدلالات ومعاني مرتبطة بالموروث الثقافي والبيئـي، فكان غرضنا من قراءة استعارة الشعر الصوفي في نظرية المزج لفت انتباه المتلقي لهذا الخطاب ولما يحويه من معاني تدرك بشكل عميق في نظرية المزج التصوري، تقوم الفضاءات الذهنية بتفسير الإبداع الاستعاري عن طريق اسقاط تصوري لإنتاج فضاءات ممزوجة ببنية منبثقة وسمات جديدة، مما يكسب القصيدة قوة التأثير والحضور في ذهن المستمع.
هوامش:
[1] – جورج لايكوف، مارك جونسون، الاستعارات التي نحيا بها، ترجمة عبد المجيد جحفة، دار توبقال، ط2، 2009م، ص 23.
[2]– عبد السلام الغرميني، الصوفي والآخر، دراسات نقدية في الفكر الإسلامي المقارن، شركة النشر المدارس، ط1، 2000م، الدار البيضاء، ص 44.
[3]– الأزهر الزناد، نظريات لسانية عرفنية، الدار العربية للعلوم ناشرون، 2009م، تونس، ص 223-224.
[4]– مارك تورنر، مدخل في نظرية المزج، ترجمة الأزهر الزناد، ص 41.
[5]– تاندل ماركوس، نظرية الاستعارة هجينة للاستعارة، نظرية المناسبة واللسانيات العرفانية، ترجمة صابر الحباشة، معهد تونس للترجمة، الطبعة الأولى، 2022م، تونس، ص 208.
[6][6]- المرجع نفسه، ص 208.
[7]– عبد السلام الغرميني، الصوفي والآخر، دراسات نقدية في الفكر الإسلامي المقارن، شركة النشر المدارس، ط1، 2000م، الدار البيضاء. ص45.
[8]– عمر بن الفارض، ديوان ابن الفارض، تحقيق مهدي محمد ناصر الدين، دار الكتب العلمية، ط3، 2012م، بيروت، ص 179.
[9]– بديعة القادري، التواصل الصوفي من العبارة إلى الإشارة، منشورات ومضة، ط1، 2016م، طنجة، ص 81.
[10]– انظر هامش ديوان ابن الفارض، شرحه مهدي محمد ناصر الدين، ص 179.
[11]– محمد مصطفى حلمي، ابن الفارض والحب الإلهي، دار المعارف، ط2، القاهرة، ص 173-174.
[12]– انظر بديعة القادري، التواصل الصوفي من العبارة إلى الإشارة، ص 82.
[13]– ديوان ابن الفارض، شرحه مهدي محمد ناصر الدين، ص 179.
[14]– المرجع نفسه، ص 180.
[15]– انظر ديوان ابن الفارض، شرحه مهدي محمد ناصر الدين، ص 180.
[16]– المرجع نفسه، ص 180.
[17]– بديعة القادري، التواصل الصوفي من العبارة إلى الإشارة، ص 84.
[18]– عمر بن الفارض، ديوان ابن الفارض، تحقيق مهدي محمد ناصر الدين، ص 180.
[19]– انظر بديعة القادري، التواصل الصوفي من العبارة إلى الإشارة، ص 85.
[20]– عمر بن الفارض، ديوان ابن الفارض، تحقيق مهدي محمد ناصر الدين، ص 181.
[21]– المرجع نفسه، ص 183.
[22]– انظر هامش ديوان ابن الفارض، شرحه مهدي محمد ناصر الدين، ص 183.
[23]– عمر بن الفارض، ديوان ابن الفارض، تحقيق مهدي محمد ناصر الدين، ص 184.
مصادر ومراجع:
- ابن الفارض عمر، ديوان ابن الفارض، تحقيق مهدي محمد ناصر الدين، دار الكتب العلمية، ط3، 2012م، بيروت.
- حلمي محمد مصطفى، ابن الفارض والحب الإلهي، دار المعارف، ط2، القاهرة.
- الزناد الأزهر، نظريات لسانية عرفنية، الدار العربية للعلوم ناشرون، 2009م، تونس.
- الغرميني عبد السلام، الصوفي والآخر، دراسات نقدية في الفكر الإسلامي المقارن، شركة النشر المدارس، ط1، 2000م، الدار البيضاء.
- القادري بديعة، التواصل الصوفي من العبارة إلى الإشارة، منشورات ومضة، ط1، 2016م، طنجة.
- لايكوف جورج، مارك جونسون، الاستعارات التي نحيا بها، ترجمة عبد المجيد جحفة، دار توبقال، ط2، 2009م.
- مارك تورنر، مدخل في نظرية المزج، ترجمة الأزهر الزناد.
- تاندل ماركوس، نظرية الاستعارة هجينة للاستعارة، نظرية المناسبة واللسانيات العرفانية، ترجمة صابر الحباشة، معهد تونس للترجمة، الطبعة الأولى، 2022م، تونس.
المجلات
- ابن منصور التركي إبراهيم، [الاستعارة واستنطاق الوعي الإنساني، مجلة أبعاد، العدد 11، تصدر عن نادي القصيم الأدبي، 2014م، السعودية.
List of Sources and references:
1- Ibn Al-Farid Omar, Diwan of Ibn Al-Farid, tahqiq Mahdi Mohamed Nasser Al-Din, Dar Al-Kutub Al-Ilmiyyah, 3rd edition, 2012, Beirut.
2- Helmy Mohamed Mustafa, Ibn Al-Farid wa alhob al-ilahi, Dar Al-Ma’arif, 2nd edition, al-qahira.
3- Al-Zanad Al-Azhar, Nadaria lissania arfania, Adar alabia lilaolom nashiroun, 2009, Tunisia.
4- Al-Gharmini Abdel Salam, assofi wa al- akhar, Dirasat naqdia fi al-fikr al-islami al-moqarin, sharikat anashr al-madaris, 1st edition, 2000, adar al-baydae.
5- Al-Qadiri Badia, atawasol assofi mina al-aibara ila al-ichara, manshorat Wamda, 1st edition, 2016, Tangier.
6- Lakoff George, Mark Johnson, al-istiarat alati nahia biha, tarjamat Abdelmajid Jahfa, Dar Toubkal, 2nd edition, 2009.
7- Mark Turner, Madkhal fi nadariat al- mazj, tarjamat Al-Azhar Al-Zanad.
8- Tandil Marcus, Nadariat al-istiara hajina lil-istiara, nadariat al-monasabati wa al-lisanat al-irfania, tarjamat Saber Al-Habasha, Tunis Translation Institute, 1st edition, 2022, Tunisia.
9 Ibn Mansour Al-Turki Ibrahim, [Al-istiara wa istintaq al-waai al-insani ], Majalat Abaad, al-adad 11, tasdor an nadi al-Qassim al-adabi, 2014, Saudi Arabia.
[i]– [إبراهيم بن منصور التركي، الاستعارة واستنطاق الوعي الإنساني، ص 79]، مجلة أبعاد، العدد 11.