الحسين افقيرن (طالب باحث، جامعة القاضي عياض، كلية الآداب والعلوم الإنسانية ـ مراكش)المشرف: د. عبد الجليل بن محمد الأزدي
سلط المقال الضوء على مختلف التناقضات والمشاكل التي اخترقت الذاكرة العربية، والتي جاءت مسترسلة ومصورة بطريقة فنية باهرة على ما يقارب مائتي صفحة في رواية شموس الغجر للروائي السوري الكبير حيدر حيدر، فالكاتب أدرك من خلال ما توفر له من دقة نظر، وحس مرهف، وذائقة لغوية رفيعة، وتجارب حياتية متنوعة، بأن الترسبات السلبية التي لامست العربي في كيانه وكينونته متعددة ومتنوعة، فعلى مستوى التعامل مع المشاكل التي يطرحها الواقع المعيش، توجد شخصيات ذات خلفيات معرفية وإيديولوجية متعددة، فمنها تلك التي تمتح معاييرها في فلسفة الحياة من عادات وتقاليد الأجداد والكتب العقيدة الصفراء، كسعيد نبهان والأم درية نبهان، وعليةُ في الرِّوايةِ، ومنها تلك التي تفتق وعيها بانفتاحها عما عند الآخر وتؤمن بأن التغيير رهين بإحداث ثورة على تقاليد وعادات الأجداد، ويمثل هذا النموذج في الرِّواية رَاوِيَةُ وَمَاجِدُ، وهناك شخصيات أخرى فقدت بوصلتها في الحياة بسبب ارتدادها وتخليها عن فكرها التحرري والانكفاء على تراث الأجداد المذهبي وخرافات ما قبل تحرر العقل البشري، ويمثل هذا النموذج في الرواية بدرُ الدين نبهان. وقد عَنَّ من خلال مختلف العلاقات التي ربطها الكاتب بين مختلف شخصيات روايته، أن هدفه توعية العربي عموما والفلسطيني على وجه الخصوص بأسباب ترديه وتخلفه ومعاناته، فالتغيير في نظره يقتضي الثورة على كل القيود التي تعطل مدارك الأنا وتعيق تقدمه، ولن يكون ذلك إلا بالوعي الجمعي، وأما الوعي الخاص، كالذي عند رواية وماجد في الرواية فغير كاف، لذلك فعلى العربي أن يعي بأنه في الوقت الذي سيحصل فيه الوعي الجمعي كل أمانيه ستتحقق وبسهولة.الكلمات المفتاحيّة: الوعي ـ المستحيل ـ الأمل ـ التحرر
مقدمة:
يجدر في البدء تنبيه القارئ إلى أننا أمام كاتب اسثنائي ورواية استثنائية، ذلك أن حيدر حيدر لم يسلك في حكيه لأحداث روايته شموس الغجر ترتيبا متسلسلا، وإنما يبدأ من منتصفها تقريباً ثم ينداح تارة نحو الماضي وتارة نحو الحاضر فالمستقبل، فالقارئ يستطيع توقع نهاية الرواية من بدايتها، كما أن نهايتها تعيدك إلى نقطة البداية، فحيدر حيدر بما توفر له من قوة العبارة وخيال واسع استطاع أن يتلاعب بالأحداث والشخصيات والأفكار كما أراد، وبذلك يكون قد ابتعد عن السرد التقليدي المعروف، شاقا لنفسه مسارا خاصا به، وهو ما جعل الدكتور أنيس إبراهيم يقول: “أخمن بأنّ حيدر سوّد الرواية بأسلوب تقليدي أول مرة، ثم ترك لخياله العِنان فتلاعب بزمانها ومكانها وأساليب خطابها تلاعباً فنياً يثير الدهشة” [1]ولتقريب القارئ الكريم من أحداث الرواية التي جاءت على النحو السابق، استقر الاختيار على المحاور الآتية:
أولا: شخصيات الرواية وخلفياتها الإيديولوجية
ثانيا: قراءة في شخصيتي راوية وماجد
ثالثا: معاناتهما، بسبب احتلال داخلي وآخر أجنبي
رابعا: مقومات الفكر الثوري لديهما
خامسا: أسرار ترابطهما في النص وسبب إعجاب راوية به
سادسا: بديل وطنيهما المفقود، الموت/ الأمل
سابعا: رمزية شخصيات النص
ثامنا: المعجم المهيمن في النص ودلالته
أولا: شخصيات الرواية وخلفياتها الإيديولوجية:
تعج راوية شموس الغجر للروائي السوري الكبير حيدر حيدر بأحداث متنوعة ومختلفة تصل حد التناقض في أغلب الأحيان؛ نتيجة ارتباطها بشخصيات ذات خلفيات معرفية وإيديولوجية متنوعة، فمنها تلك التي تمتح معاييرها في فلسفة الحياة من عادات وتقاليد الأجداد والكتب العتيقة الصفراء، ومنها تلك التي تفتق وعيها وصار طموحها إحداث ثورة على تقاليد وعادات الأجداد نتيجة انفتاحها على كتبٍ تعلم الفرد الوعيَ بذاته وسبل تغييرها، وبين هاتين الشخصيتين، يصادف القارئ شخصية ثالثة فقدت بوصلتها بسبب ارتدادها وتخليها عن فكرها التحرري والانكفاء على تراث الأجداد المذهبي وخرافات ما قبل تحرر العقل البشري. فسعيد نبهان والأم درية نبهان، وعليةُ القادمة من إحدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي يمثلون النموذج الأول، كونها شخصيات مغلولة بأساليب الماضي وميراث العصور القديمة، ومستسلمة لقدرها كما تقرّه الأعراف والأديان، وأما راوية وماجد فيمثلان النموذج الثاني، بحكم مستواهما المعرفي المتميز وتشبعهما بالفكر الثوري ووعيهما العميق بحال العرب والفلسطينيين والعالم، في حين يمثل بدر الدين نبهان النموذج الأخير؛ المؤمن بداية بالقيم السامية وضرورة الثورة على الوضع القائم أملا في تغييره، والمتخلي أخيرا عن كل ذلك نتيجة التخويف والترهيب وتذوق علقم السجون.
ثانيا: قراءة في شخصيتي راوية وماجد:
بما أن شخصيات النص على ما سبق، فستنكب القراءة على الثنائية الثانية؛ راوية وماجد، ليس لأنهما عشيقان وتوءما الروح كما جاء على لسانيهما في أكثر من موضع، بل لأن مشكلتهما ومصيرهما واحد، بسبب معاناتهما داخل الرقعة الجغرافية العربية، ووعيهما بالأسباب المتعددة التي تقف وراء ذلك، وسعيهما المتواصل إلى إحداث تغيير كلي، فعلى لسانهما يُسمع ذوي معجم يطغى عليه الشؤم وعدم الارتياح، والتأسفُ لما آل إليه حال الإنسان بسبب تفشي الظلم والاستبداد.
ثالثا: معاناتهما ما بين احتلال داخلي وآخر أجنبي :
عزت رَاوِيَةُ معاناتها إلى أفكارها التقدمية وإلى الوضع المكهرب داخل الأسرة، حيث العنف وسيادة الفكر الذكوري ـ خاصة بعد ارتداد الأب ـ ما جعلها تسم بيت أسرتها بأفظع الأوصاف، فبدل أن يكون موطن الأمن والأمان، ومنبع الحياة والسعادة كما لَقَّنها أبوها في الطفولة ووصل إليه وعيُها في المرحلة الجامعية، تحول إلى سجن صغير داخل سجن كبير يسود فيه القمع والاستبداد، تماما كما وقع لماجد وللفلسطينيين بشكل عام في بلدهم الأم بسبب المحتل الغاصب، وبذلك تكون راوية صوت الأنثى المضطهدة الحقوق داخل جدران البيوت العربية بسبب أفكار ومعتقدات بالية، فما تواجهه من متاعب ومطبات هو القاعدة، وما قامت به من انتفاضة على ما بدا لها أفكارا ظلامية شكل استثناء، وأما ماجد فيمثل صوت كل فلسطيني حر يؤمن بأن قضيته لن تحل إلا بحمل البندقية في وجه المحتل الغاصب.
رابعا: مقومات الفكر الثوري لديهما:
عزت راوية تمردها إلى جملة أسباب.
الأول: ولادها الشبه الأسطورية، في حقل على يد “بيلار الغجرية”[2]، وهي بداية ستنعكس على حياتها “مولدة في أعماقها شوقاً غريباً للبراري والحرية”[3]. فولادتها خارج جدران أربع، زرع في نفسيتها قيم الحرية وبناء الشخصية بعيدا عن المعايير السائدة، التي تحصر أدوار المرأة على الفراش والإنجاب والمطبخ والاستسلام لإرادة الرجل، واختيارها ولادة من هذا النوع ليس عبثيا ما دام جميع الرسل وعظماء العالم يولدون ولادة أسطورية.
الثاني: تنشئتها الاجتماعية الأولى، حيث كان والدها بدر الدين نبهان يزرع في نفسية جميع أفراد الأسرة قيما سامية، نتيجة وعيه المتقدم بفعل انكبابه على قراءة كتب ذات أبعاد ثورية تنويرية، تقول: “وعبر نموِّ وعيه سيخلق في البيت مناخاً صِحياً وتنويرياً، حالة ديموقراطية ومُستقبلية لعلاقة الآباء بالأبناء أساسُها الحرية الداخلية والاستقلالُ الشخصي”[4]. وفي موطن آخر تقول: “كنا صغاراً حين بدأنا نرضع من كلماته وسلوكِه حليبَ الحرية والخروج على التقاليد الموروثة والأزمنة البالية”[5]. وتقول أيضا: “وقبل أن يذهب إلى قراءاته وتأملاته يشير في إرشاداته المضيئة إلى الفرق بين الحرية والفوضى، بين الانطلاق الواعي والشذوذِ غير المسئول، وضرورة التوازن بين الفردي والجماعي”[6].
الثالث: مستواها الدراسي المتميز؛ حيث تمكنت من قراءة كتب متنوعة شملت تخصصها في علم النفس، وروايات ومقالات ذات أبعاد سياسية وأدبية، هذا بالإضافة إلى خلقها لعلاقات متميزة بأساتذتها وزملائها في الدراسة، وإلى ذلك تشير هذه المقاطع الجميلة، تقول راوية: “بعد شهرين سأودع الجامعة وذكرياتها الجميلة والبائسة، سأحمل هذا الحنين زمنا طويلا، حنينٌ إلى الحرية والعلاقات الطَّلقة وذكرى الأصدقاء والصديقات”[7]. “[8]الزمن المفقود والحميم، هو ذا يرحل إلى غير عودة، زمنُ الحرية والحوارات والصدامات مع علية وماجد والدكتور رضوان وآخرين، يتحول الآن إلى ماض وتاريخ عابر يرسو في العمق الحيِّ لكهوف الذاكرة”[9]. في أزمنة قادمة، وأنا أنمو وأقرأ وأسمع، في صمت القلب والتأمل الداخلي، سأدرك قيمة البشر الهامشيين والبسطاء، المجروحين والعزل من السلاح، هؤلاء الأبرياء الذين يشكلون جوهر العالم في عصور الطغيان والخراب”[10]. “بعد أن نما وعيي وقرأتُ رواية «الأم» لمكسيم غوركي عاينتُ الفرق كبير بين أم غوركي المناضلة الشجاعة، وأمي اللامبالية والهامشية، هذه الأم القادمة من قارات الجهل والقسوة”[11].
الرابع: لقاءها بماجد زهوان، الشاب الفلسطيني المتمرد، القادر بما توفر لديه من وعي على تحليل وقراءة حال العرب والعالم ومشكلات الحرية والوجود والتقدم والتخلف، فلقاءهما الأول كان بالنسبة لها صادما، لأن الأسئلة المطروحة لم تكن على ذات المنحى المعروف، تقول: “سألت رجل الهجرات والمنافي الذي اخترته واختاره القدر صديقاً وحبيباً: أهناك أقدار محتومة في نهاية المطاف؟ لا بد أنّ سؤالي كان استفساراً مبلبلاً”[12]. وبما أن أسئلتها وجودية ومبلبلة، فماجد سيتفاعل مع أسئلتها وستكون إجابتُه بتعويدها على قراءة كتب ذات منحى سياسي وأدبي، تقول: “والدي وهو، غرسا في نفسي التوقَ لقراءة الكتب السياسية والأدبية”[13]. وستكون المفاجأة الكبرى بإهدائها رواية إيفالونا لإيزابيل اللينديويطلب منها أن تقرأها بهدوء وإمعان[14]،لتشاهد فيها مصير بطلتها الشبيهِ بمصيرها[15]، ولا شك أن ذلك سيزيد من وعيها، وسيشجعها على الاستمرار في رحلة تحدي البنى القديمة لتحقيق ما يبدو مستحيلا.
وأما ماجد: فمقومات تشكل الوعي لديه كثيرة ومتعددة، تكفي الإشارة إلى ما يلي:
- نزوح والديه خارج وطنه الأم، وما يشكل ذلك بالنسبة له من جرح وطني عميق.
- دراسته للتاريخ في المرحلة الجامعية وتشبعه بأفكار ثورية تقدمية، فهو كما تصفه راوية: “كان مأخوذاً بالتيارات اليسارية في العالم، مزيج من باكونين، بلانكي، تشي غيفارا، تروتسكي، ثورة اليعاقبة في الثورة الفرنسية، دانتون، روبسبير”. وفي التاريخ العربي أمثاله؟! ـ الحسن بن علي وصقر قريش والقرامطة والحسن الصباح. ـ لماذا…؟! لأنّهم عصاة السلطة والخارجون عليها[16].
ج– علاقته المتميزة بأساتذته وزملائه في الدراسة خصوصا راوية.
خامسا: سر ترابط راوية بماجد في النص وسبب إعجاب راوية به:
يظهر ماجد بظهور راوية ويختفي باختفائها، دلالة على أن وعي كل منهما يتشكل عن طريق الآخر، تطغى عليهما مشاعر القلق والغربة عند الافتراق والسعادة والحبور عند اللقاء، وأما عن سر ترابطهما في النص، فيتجاوز العلاقة الحميمية التي تربط كل رجل بأنثى إلى ما هو أفخم من ذلك، فكل واحد منهما فَقَدَ البقعة الجغرافية التي تحفظ له كرامته، فماجد زهوان يتمالكه الشوق المستمر لبلده الأم فلسطين، التي لا تزال تبحث عمن يخلصها من نير عبودية المحتل الغاصب، وأما راوية فيتمالكها الإحساس نفسه لأنها تعاني احتلالا من نوع آخر، احتلال تقاليد وعادات الأسرة، فالأب بدرُ الدين نبهان تخلى في وسط الطريق عن دوره القيادي للأسرة، وانكب على قراءة كتب مذهبية وأسطورية ـ لصالح ولده نذير “الجنرال الصغير”[17]، والديك الرومي[18] والدب المغرور[19] والأحمق والغبي والجبان والمجنون[20]، والطاووس المزهو برتبته الصغيرة[21].وكانت التساؤلات التي تؤرق راوية في أعقاب صداماتها مع أخيها المغرور. لماذا يورث الآباء أبناءهم الذكور حق السيطرة والسلطة ؟ ولماذا يكون على الإناث الخضوع لهذه السلطة الجائرة في الشرق”[22].
إن هذه الأسئلة بالرغم من أصالتها وألقها إلا أنها بدون جدوى؛ لأن المجتمع الذي يعكس نذير ثقافته يرفض في الغالب الأعم الخوض فيها، ولهذا تقول راوية مستسلمة لقدرها، “سأدرك بأن أسئلتي بلا معنى، وإذا ما كانت تنير تأملاتي وترسخ قناعاتي فهي لا تقدم لي زورق إنقاذ”[23].
ولهذا ستسخر قلمها وتكتب لزميلها ماجد زهوان بعض مصابها كونه الوحيد القادر على فهم ما اعتور قلبها من معاناة، فهما متماثلان في كل شيء حتى في المضائق، تقول راوية مخاطبة إياه: “أكتب إليك وفي الذاكرة رسالتك الحميمية(…) دعني أقُل بحنان: ما زلت نجمي الهادي في مساءات البحر، وليالي ظلمتي عبر هذا الاضطراب العائلي (…) أنت وأنا في المضائق، وأنا لا أود أن أثقل عليك وأحملك ما لا تستطيع، إنني مدركة مدى شعورك بالمسؤولية تجاه وطنك”[24]. سيتفاعل ماجد مع رسالتها بالرغم من جرحه الوطني العميق، وسيوصيها بأن تكون قوية وشامخة كعهده بها، وسيطلب منها المغفرة إذا ما أحال القدر دون تبادلهما نظرات الوداع، فهو المسكون بالموت، يشعر من حين لآخر بدنو أجله، لأن في كيانه ما هو أسمى من الحياة، وما هو أجدر بروحه ودمه، إنه الوطن المغتصب، يقول: “لقد خنتك مع حبيبة أخرى هي الأجدر بدمي، هل ستسامحينني! كوني قوية وشامخة يا راوية كعهدي بك، أنت التي تتماثلين معي في الشقاءات وارتياد الدروب الصعبة، وداعا، اغفري لي”[25].
وأما عن إعجاب راوية به فكان بسبب عشقه للدروب الصعبة، وتصديه بكل عزم وإصرار لأوجه الطغيان التي عكرت على الناس أمزجتهم، لذلك صارت على نهجه رافعة هي الأخرى راية التحدي في وجه كل القيود الاجتماعية الظالمة، وستدرك فيما بعد بأنها لا تختلف “كثيرا عن إيفالونا اليتيمة والضائعة في عالم مضطرب ومزعزع”[26]. ليس بسبب ثورتها على كل القيود، وضياعها للأب “الذي يوازي ضياع الأصل، وضياع الذات، كما يقول محمد معتصم“[27]. بل لأنها ستفتقد إلى جانب كل ذلك قلبها النابض ورفيق دربها في الحياة الذي تجلت فيه جميع القيم السامية.
ومع كل المعاناة التي أحاطت بشخصية الساردة من كل جانب إلا أنها استمرت في رحلة التحدي ونكران الذات لأنها ترى في ذلك استردادا ل”قيمتها الاعتبارية والنفسية”[28]، وحفاظا على هويتها وخصوصيتها الإنسانية والأنثوية”[29]، فالنسق الاجتماعي المأزوم الذي طغا في بلاد الشرق الذي تنتمي إليه الساردة، والذي “تشكل فيه الأنثى كبش فداء[30]” لا يتماشى مع عقليتها التحررية وما تؤمن به من قيم حضارية.
سادسا: بديل وطنيهما المفقود الموت/ الأمل:
وَعْيُ راوية بأن أفكارها التقدمية لا تنسجم والعقلية العربية التي لا تزال تترنح تحت أصفاد تقاليد أسرية ومسلمات لا تحتمل العقل والنقد، جعلها تفكر في بديل يخلصها من هذا الموطن النتن، ومن خلال الحوارات واللقاءات التي كانت تجريها مع ماجد أيقنت بأنه مخلصها ومنقذها، فهو العِوض الذي تجلت فيه صفات الرجولة والشهامة والقيم الإنسانية السامية، فليس ديكا ولا طاووسا كأخيها، ولا رجلا غارقا في خرافات ومسلمات تجاوزها الزمن وأكل عليها وشرب كأبيها، بل هو شخصية تؤمن بالحرية الفردية والقيم الحضارية السامية، ضحى من أجل ذلك حتى صار يلقب برجل “الهجرات والمنافي[31]” لذلك فكل حواراتها معه تكون كشفا وتعرية للوضع المتردي للأسرة العربية عموما والفلسطينية على وجه الخصوص، متجاوزا أحيانا ذلك إلى انتقاد النظام العالمي القائم على التسلط والعبودية والاضطهاد.
إن ما يجمع راوية بماجد، وعيهما المشترك بأسباب تأزم الوضع العربي، تأتى ذلك لماجد بفعل انكبابه على القراءة واشتغاله في مجلة منظمة تحرير فلسطين، وما سيزيد من جرجه وألمه فهمه بأن تراجع قضيته الأولى، لم يكن فقط بسبب ضعف وسائل المواجهة لدى الشعب الفلسطيني، بل يتحمل فيه العربي الذي يتدهور حاله عاما بعد عام جزءا كبيرا من المسؤولية، لذلك فالمعادلة الرياضية للقضية الفلسطينية أكبر من أن تنحصر على الفلسطيني والصهيوني، بل يجب أن تفهم في شموليتها وأن تتطور لتأخذ أشكالا أخرى من الصراع؛ العربي والصهيوني، والعربي والغربي، وما دام هذا الحلم لن يتحقق على أرض الواقع لأسباب ذاتية تارة، وموضوعية أخرى، فما على ماجد باعتباره رمزا لكل فلسطيني حر سوى الاستمرار في رفض المحتل وتحديه بالوسائل المتاحة أملا في تحقيق حياة أفضل لمن سيأتي بعده، يقول: “نموت لتحيا الأجيال القادمة التي لا تنسى، خلا ذلك فليس سوى الأباطيل ووصمة العار، وحده الدم يكسر ناب الوحش”[32].ويقول أيضا: “حين يكسر ناب الوحش يلوح أفق السلام”[33]، وحين تحاول راوية أن تفهم وتسأله:” لماذا تكون معادلة الفلسطيني الموت وليس الحياة؟ يجيب: إما نحن أو هم، هذا قانونهم في توراتهم، الدم بالدم، منذ أكثر من نصف قرن وهم يلغون في دمائنا”[34].
إن وعيه البارق الرائع ولد في نفسيتهإحساسا بالتمرد وعدم الانصياع، ولم يعد يفكر في هذا العالم الموبوء سوى في بديل يخلصه من شؤمه، والشيء الواحد الذي أصبح يتراءى له في الأفق هو الموت، يقول: “شيء واحد أراه في الأفق: الموت”[35]. وقد تحول مع الزمن إلى إنسان ” مفكك من الداخل ثقته بنفسه مفقودة”[36]، والسبب أنه “يقف في الريح كما يقول “بلا وطن”[37]. لذلك فالسبيل الوحيد لاستعادة المجد المفقود هو الوقوف في وجه الوحش وكسر نابه، وفي الوقت الذي سيتحقق ذلك، “يلوح أفق السلام”[38].
فالحياة كما يرى ماجد زهوان عبثية مجانيةولكن الموت لا يمكن أن يكون عبثا فيقول: الحياة والموت يا راوية (…) أنا المسكون بالموت، الدوي الذي لا بد منه، الفجر الأحمر، أنت العروس وعرس الدم قادم، لوركا العظيم، أن نكسر مخلب الوحش بقوة الجسد والروح”[39].فقد” أنهك نفسه في البحث في اللوغارتيمات والخرائط وأحلام التخطيط لتدمير إسرائيل”[40]،ليختار له في النهاية يوما له رمزية خاصة، يوم اغتيال الشهيد ماجد أبو شرار في روما على يد الموساد الإسرائيلي”[41].
وإذا كان ماجد قد اختار لحياته النهاية السابقة، فراوية لا تخفي من خلال الحوارات التي كانت تجريها معه ومع ذاتها، من أنها لم ولن تستسلم وستبقى متشبثة بالحياة وتتوق في كل وقت وحين لحياة جديدة وغد أفضل، وفي الرواية كثيرة هي المقاطع التي تعبر عن ذلك، من ذلك قولها وهي تخاطب ماجد وتدعوه إلى ضرورة الاستمتاع بالحياة وعدم الاستسلام ” ماجد أنا أفهم مدى إصابتك وجرحك الوطنيِّ العميق، لكنك تبدو لي أحيانا مبلبلا وغائما، أتماسُّ معك في الأحاسيس والمشاعر الداخلية، أما نحن فمتباعدان في أمور أخرى موضوعية، ربما ما زلت أهربُ من السقوط في هاوية اليأس وإغلاق أبواب الأمل، على الأقلِّ حلمي ورغبتي في الحياة يُسَوِّغان وجودي، ما زلتُ في فجر شبابي ولا أَميل إلى الانعطاف نحو الهاويةِ؛ لأنني أريد أن أحيا”[42].
سابعا: الاختلاف الإيديولوجي لشخصيات الرمزية والدلالة:
أ: راوية
جاء صوت راوية المهيمن في الرواية ليكسر الهيمنة الذكورية في النسق الاجتماعي الذي تنتمي إليه، فالأحداث لا تكاد تُرى إلا من خلال حديثها عن ذاتها وعن الآخرين، فهي” “تتوهج وتأخذ حيزا نصيا، ومن ثم دلاليا واسعا ومهيمنا على باقي المكونات السردية ـ مما يجعلها ـ تشكل علامة فارقة في النص[43]“، إلى درجة يبدو فيها الآخر مهمشا ضعيفا لا صوت له إلا من خلال صوتها، ولا تمظهر لذات الآخر المتضخمة إلا بوجودها، ومع ” كل الاستيهامات الذكورية الأخرى كالامتلاك والتحكم والسيطرة وإثبات الذات، وأمام كل تلك التحديات لم تجد مسلكا سوى الأنا[44]” مع يعني أن حديثها في النص جاء لرد الاعتبار للأنثى والوقوف بحزم أمام كل المحاولات الإيديولوجية التي تحاول زعزعة ثوابتها ومبادئها السامية.
ب: بدر الدين نبهان
فبدر الدين نبهان بتحولاته العميقة وانكساراته المتنوعة يمثل رمزا للإنسان العربي الذي يبحث للإجابة عن أسئلته الراهنة في الكتب الصفراء، ومن خلال الصفات المرتبطة به في الرواية يستشف القارئ عدم اطمئنان الساردة للطرح الذي يمثله، والسبب يعود إلى كون أسرته كانت تسير على نهج قويم قبل انزلاقها إلى مسالك العنف بسبب ارتداده للماضي العميق وتخليه عن دوره القيادي في الدفاع عن الإنسان باعتباره كذلك بغض النظر عن جنسه ذكرا كان أم أنثى، تقول راوية واصفة معاناتها: “في لحظات مجنونة ويائسة خامرتني فكرة الانتحار لأنقِذ روحي من المعاناة في هذا البيت الجحيمي، البيت الذي كان موحدا ثم انقسم، بيت الكراهية والشجارات التافهة، لماذا حدث هذا الانشقاق؟ ومن أين انبثقت هذه الجراثيم العدائية؟”[45]. وتقول متأسفة في موطن آخر: “كان بدر الدين نبهان، الأب المثالي، وبروميثيوس الزمن الماضي، المفتتن بتشي غيفارا، وأبي ذر الغفاري، وحمدان قرمط، وعلي بن محمد قائد ثورة الزنج، ولينين”[46]، غير أنها ومع كل الأسئلة التي كانت تطرحها داخل ما أسمته ب ” الظلمة الحالكة، والجحيم الأسري[47]” لم تجد تعزيتها سوى في الكتب وبيسان واليوميات المتناثرة، تقول: “وبين الأسئلة التي لا جواب عليها، كانت الكتب وبيسان واليوميات المتناثرة تعزيتي”[48].
ج: ماجد
وأما ماجد فحضوره في الرواية جاء ليحرك شعور الأنا العربي، والآخر الغربي إلى ما يعيشه الفلسطينيون من معاناة بسبب المحتل الغاشم وتواطؤ الأنظمة العربية معه، يقول مخاطبا راوية: “أنا لست ظالما، تاريخنا أسود دموي(…) الحاضر يستعيد الماضي (…) أكثر من مئتي مليون عربي من القبائل والطوائف والأسر الحاكمة يتوضؤون بعارهم في محفل يشوع المنتصر”[49]، ويقول بدر الدين نبهان قبل الارتداد: “وفي بيروت تعرفت على رجال من الثورة الفلسطينية، هؤلاء المقاومون في عصر الخنوع والعار العربي، سيكونون منارة الظلمة، والخندق الأخير”[50]، وأمام هذا الوضع الكارثي للإنسان العربي لم يجد ماجد من حل باعتباره مناضلا فلسطينيا سوى التضحية بنفسه أملا في توفير ظروف ملائمة لمن سيأتي بعده.
ثامنا : دلالة المعجم المهيمن في النص:
إن انكسار الأنا وانشقاقه لا تعبر عنه فقط معاناة راوية وماجد، بل يعبر عنه أيضا المعجم المهيمن في النص، فهو في عمومتيه
هروب من حاضر قاس، وشوق لماض جميل فات، وأمل في مستقبل زاهر آت، فالحاضر ميزته الاضطراب وعدم الاستقرار الجسدي والنفسي والذهني، من أمثلة ذلك قول راوية “هذه الرواية التي أرويها هنا وفي هذا الزمن، زماننا المضطرب والمتحول هي في النهاية شهادتي على مجرى حياتي، لكنها في منظور آخر ربما حكايتنا جميعا، مسرى حياة أسرة في بلاد الشرق العربي”[51]. وقول ماجد مخاطبا راوية وعبرها الضمير العربي: “الآن وبعد سنوات ثلاث من تعارفنا وصداقتنا، أكتب إليك شيئا عن هواجسي النائمة في رحاب النفس، بدءا أعترف لك بأنني رجل محبط، هالك وعابر في الأزمنة العربية، أزمنة الانحطاط والتسفيل، وحتى لا تكون بيننا خدائع واستيهامات أو فخاخ مغطات بهشيم الأكاذيب، أقول بأنني إنسان هامشي ولاجئ وبلا أمل، لست نجما في هذه السماء المطفأة، إلا أنني قادر أن أكون حجرا مشعا حول نفسي يصد الظلام”[52].
وأما الماضي المرتبط أساسا بمرحلة الطفولة لراوية وعيش ف[1]لسطين حرة أبية بالنسبة لماجد، ففيه يحس القارئ بالهيمنة الكلية لمعجم التماسك الاجتماعي والانسجام النفسي نتيجة عيش الإنسان حياته كما يجب ويحب بعيدا عن كل القيود، تقول راوية متأسفة: ” الآن أنا الحزينة من انكساره، أستعيد فسحة من زمن الطفولة: في الثامنة من عمري كان يأتينا وأخواتي بقصص ومجلات الأطفال الملونة، أتذكر مجلة مجلتي صديقتي التي كنت ألتهمها بشغف”[53]، وفي موضع آخر تقول: “يا للزمن العذب الذي مضى، زمن السحر والشذى العبق في ليالي عيون الريم المطلة على البحر”[54]، وتقول أيضا: “في الأزمنة الماضية، هنا على هذه الشرفةـ سقانا بكلماته المعسولة، إخوتي وأنا، المعاني العظيمة لحب الوطن والحرية”[55]، وتقول أيضا: “الزمن المفقود والحميم هو ذا يرحل إلى غير عودة، زمن الحرية والحوارات والصدامات مع علية وماجد والدكتور رضوان وآخرين، يتحول الآن إلى ماض وتاريخ عابر يرسو في العمق الحي لكهوف الذاكرة”[56].
وأما المستقبل فجاءت الكلمات المرتبطة به مضطربة وغير منسجمة، فتارة تعبر عن مكنونات شخصيات تأمل في إمكانية حدوث تغيير عن طريق الثورة والتشبث بالحياة، كما نقرأ في هذه المقاطع، تقول راوية: “في الأزمنة القادمة، كطفل دائرة الطباشير القوقازية، سأنقسم بين أبوين، ابنة الرحم والميراث، وابنة الوعي والحرية”[57]، وتقول أيضا واصفة حال ماجد: “عبر كلمات هذا الرجل الجالس في مواجهتي، وهو يحكي لي بصرامة وحزم عن ضرورة انهيار العالم القديم، وتدمير االسلطة والدولة وتحرير الإنسان”[58]، وتارة أخرى، تشعر باليأس وصعوبة وقوع تغييرات جذرية لأسباب ذاتية تارة، وموضوعية أخرى، كما نقرأ هنا:” فيما بعد، سينقسم الزمن وتهتز الأرض والعائلة، سأكون خارج الارتجاج بفعل قوة نابذة وُلدت ونمَت في أعماقي”[59]
خاتمة
إن ما تم إيراده في هذا المقال لا يشكل سوى جزءٍ يسير من الأسئلة الكبيرة والقضايا الكبرى التي طرحتها رواية شموس الغجر، ولا يمكن بأي حال من الأحوال ادعاء الإتيان على جميع التناقضات والمشاكل التي جاءت مسترسلة ومصورة بطريقة فنية باهرة على ما يقارب المائتي صفحة، فمن تأمل الرواية وقرأ ما هو متوار خلف أسطرها من أفكار، سيعترف بأن الرجل قد حمَل بين جوانحه هما عظيما، وسرا أصيلا، يظهر ذلك في تسليطه الضوء على التناقضات الإيديولوجية التي اخترقت الأسرة العربية وجعلها تعيش في براثن التيه والضياع والظلم والاضطهاد، فحالة العربي تزداد تدهورا عاما بعد عام، وقضاياه العادلة والمشروعة أصبحت وشيكة النسيان، بسبب إشغاله من جهة، بأفكار بالية وصراعات لا ناقة له فيها ولا جمل، ومن جهة أخرى، تواطؤ بعض ممثليه مع الآخر الوحشي على حد تعبير حيدر حيدر وتفريغه من أية حمولة تاريخية وإنسانية والنظر إليه على أنه مجرد سوق لترويج المنتجات وتجريب الأسلحة. ويجدر التنبيه إلى أن التناقضات التي اخترقت الذاكرة العربية عدة مستويات، فهو من جهة لم يستطع تحقيق ذاته داخل وطنه كما يجب ويحب، كما تعبر على ذلك رَاوِيَةُ، ومن جهة أخرى، أصبح عاجزا عن مجاراة الآخر والوقوف أمام جبروته بعدما ألقى السلاح وجرى وراء سلام موهوم، سلام يهوذا الملطخ بالدم على حد تعبير حيدر حيدر.
وقد آمن الكاتب على لسان ماجد ورواية ـ باعتبارهما الوجه المضيء والمشرق في المجتمع العربي بسبب مستواهما الدارسي المتميز، وقراءتهما لكتب وروايات ذات أبعاد ثورية تنويرية ـ بأن تطور الأنا وتجاوزه لكل ما يعيق تقدمه رهين بإحداث ثورة على الوضع القائم، فالشخصية العربية عليها قبل أن تفكر في اجتياح الآخر المحتل وكسر نابه، أن تعمل ـ أولا ـ على القضاء على كل القيود والأصفاد التي تعطل مدارك الأنا بغض النظر عن جنسه ذكرا كان أم أنثى، فمن الأسرة يجب أن تولد الحرية، إذ منها يبدأ الوطن، وإذا ما تحقق هذا الحلم فكل الذي بعده سيتحقق وبسهولة. ومهما يكن، فإن هذه الدراسة قد توصلت إلى تسجيل جملة نتائج منها:
أولا: رواية شموس الغجر من أمتع الروايات لغة وأسلوبا وموضوعا، تعكس في عمقها الوضع المتدهور للأنا العربي عموما، والفلسطيني على وجه الخصوص، بسبب قيود أسرية من جهة، وأصفاد المحتل الغاشم من جهة أخرى.
ثانيا: انكسار الأنا وانشقاقه لا تعبر عنه فقط معاناة راوية وماجد، بل يعبر عنه أيضا المعجم المهيمن في النص، فهو في عموميته هروب من حاضر قاس، وشوق لماض جميل فات وأمل في مستقبل زاهر آت.
ثالثا: حضور شخصية ماجد الفلسطيني المطرود من أرضه في رواية شموس الغجر جاء ليحرك شعور الأنا العربي، والآخر الغربي إلى ما يعيشه الفلسطينيون من معاناة بسبب المحتل الغاشم وتواطؤ بعض الأنظمة العربية معه.
رابعا: تمثل راوية في الرواية صوت المرأة المثقفة في الوطن العربي، فقد آمنت بما توفر لديها من مؤهلات علمية بأن لا فائدة من تحديد الأولويات باعتماد المقاربة الجنسية ذكر/ أنثى، والقيود الاجتماعية التي تحصر أدوارها على الفراش والإنجاب والمطبخ، لذلك جابهت الفكر الذكوري ودخلت مع الشخصيات الممثلة له وعلى رأسهم أبوها بدر الدين نبهان وأخوها نذير في معركة هوجاء وصلت في بعض الأحيان حد السخرية والإهانة.
خامسا: إخفاق بدر الدين نبهان بخلفياته المعرفية والإيديولوجية الأصولية في الحفاظ على أواصر المحبة بين أفراد الأسرة الواحدة دليل على أنه لا يستحق أن يكون رمزا ونموذجا يقتدى به، فالمجتمع الحاضر في أمس الحاجة إلى قيم سامية، يحفظ للإنسان كرامته من حيث هو كذلك بعيدا عن قيود ووصايا جامدة جافة.
سادسا: إن تردي حالة الفلسطيني ووصوله إلى هذا الحد الباعث على الشفقة والمواساة لم يكن ليصل إلى هذا المستوى لو لم يلعب فيه الممثل صوت القضية دورا كبيرا في محافل عالمية، فبدل أن يناضل إلى جانب شعبه هرول إلى تقديم مزيد من التنازلات وتوقيع اتفاقيات واهية مقابل مناصب سامية وأرصدة لا عد لها ولا حصر.
سابعا: اشتغال ماجد في منظمة تحرير فلسطين بقبرص واستمرار معاناة شعبه وقراءته لكتب ذات أبعاد ثورية ولد في نفسيته اللاجدوى من الحياة، وألا بديل من حمل البندقية والتضحية بالنفس، فالدم وحده يكسر ناب الوحش، ولهذا يوصي شعبه بالتصدي للمحتل بكل حزم. هذا غيض من فيض مما جاء في رواية شموس الغجر للروائي السوري الكبير حيدر حيدر، وأرجو أن لا أكون بهذه القراءة المجتزأة قد أسأت إلى فنيته، ولا شك أنه سيعذرنا لأن القصد لم يكن سوى المقاربة والتحليل، فإن كان من توفيق فذلك مرغوبي ومقصودي، وإن كانت الأخرى، فحسبي أني حاولت واستفرغت الوسع ما أمكنني، والله الموفق والهادي إلى سبيل الرشاد.
هوامش:
[2] ينظر: حيدر حيدر، شموس الغجر، ورد للطباعة والنشر والتوزيع، سوريا ـ دمشق، ط 3، 2010م، ص 8.
[3] ينظر: المرجع نفسه، ص 8.
[4] ينظر: المرجع نفسه، ص 25.
[5] ينظر: المرجع نفسه، ص 25.
[6] ينظر: المرجع نفسه، ص 26.
[7] ينظر: المرجع نفسه، ص 100.
[8][8]
[9] ينظر: المرجع نفسه، ص 155.
[10] ينظر: المرجع نفسه، ص 25.
[11] ينظر: المرجع نفسه، ص 27.
[12] ينظر: المرجع نفسه، ص 9.
[13] ينظر: المرجع نفسه، ص 8.
[14] ينظر: المرجع نفسه، ص 8.
[15] تقول راوية: “وفيما سيأتي من الزمن، سأدرك أنني لا أختلف كثيرا عن إيفالونا اليتيمة في عالم مضطرب ومزعزع، ينظر، ينظر: المرجع نفسه، ص 54.
[16] ينظر: المرجع نفسه، ص48.
[17] ينظر: المرجع نفسه، ص 109.
[18] ينظر: المرجع نفسه، ص 105.
[19] ينظر: المرجع نفسه، ص 159.
[20] ينظر: المرجع نفسه، ص 112.
[21] ينظر: المرجع نفسه، ص 105.
[22] ينظر: المرجع نفسه، صص 109 ـ 110.
[23] ينظر: المرجع نفسه، ص 113.
[24] ينظر: المرجع نفسه، ص 173.
[25] ينظر: المرجع نفسه، ص 174.
[26] ينظر: المرجع نفسه، ص 54.
[27] ينظر: محمد معتصم، الرؤية الفجاعية في الرواية العربية نهاية القرن العشرين، دار أزمنة، عمان، ط 1، 2004، ص 127.
[28] ينظر: محمد صابر عبيد، الذات الساردة ( سلطة التاريخ ولعبة المتخيل)،قراءات في الرؤية الإبداعية للسلطان بن محمد القاسمي، دار نينوي للنشر والتوزيع، دمشق ـ سوريا، ط 1، 2013م، ص 365.
[29] سحر ريسان، حسين، الأنا والآخر، ص 7.
[30] ينظر: سحر ريسان حسين، الأنا والآخر في رواية ( شموس الغجر)، للروائي ( حيدر حيدر) دراسة في المطابقة والاختلاف، مجلة جامعة كركوك للدراسات الإنسانية، ج 10، ع 3، (ت 2015)، ص 7.
[31] ينظر المرجع نفسه، حيدر، حيدر، شموس الغجر، ص 9.
[32] ينظر المرجع نفسه، ص 175.
[33] ينظر المرجع نفسه، ص 53.
[34] ينظر المرجع نفسه، ص 53.
[35] ينظر المرجع نفسه، ص 53.
[36] ينظر المرجع نفسه، ص 53.
[37] ينظر المرجع نفسه، ص 53.
[38] ينظر المرجع نفسه، ص 53.
[39] ينظر: سحر ريسان حسبن، الأنا والآخر في رواية ( شموس الغجر)، للروائي ( حيدر حيدر) دراسة في المطابقة والاختلاف، مجلة جامعة كركوك للدراسات الإنسانية، ج 10، ع 3، (ت 2015)، ص 13.
[40] ينظر المرجع نفسه، ص 55.
[41] ينظر المرجع نفسه، ص 176.
[42] ينظر المرجع نفسه، ص 154.
[43] ينظر: فيصل غازي، شعرية المحكي ( دراسات في المتخيل السردي العربي)، دار مجدلاوي، عمان، ط 1، 2013م. ص 152.
[44] ينظر: سعيد بنكراد، السرد الروائي وتجربة المعنى، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، ط 1، 2008، ص .199.
[45] ينظر المرجع نفسه، ص 75.
[46] ينظر المرجع نفسه، ص 62 ـ 63.
[47] ينظر المرجع نفسه، ص 43.
[48] ينظر: المرجع نفسه، ص 62 ـ 63.
[49] ينظر: المرجع نفسه، ص 154.
[50] ينظر: المرجع نفسه، ص 29.
[51] ينظر: المرجع نفسه، ص 7.
[52] ينظر: المرجع نفسه، ص 63
[53] ينظر: المرجع نفسه، ص 26.
[54] ينظر: المرجع نفسه، ص 26.
[55] ينظر: المرجع نفسه، ص 31.
[56] ينظر: المرجع نفسه، ص 55.
[57] ينظر: المرجع نفسه، ص 40.
[58] ينظر: المرجع نفسه، ص 48.
[59] ينظر: المرجع نفسه، ص 26.
مصادر ومراجع:
- أنيس إبراهيم. شموس الغجر… الرواية الشاهد. الشبكة الدولية للمعلومات ( الأنترنيت). موقع https://alantologia.com/blogs/3014/
- حيدر حيدر. شموس الغجر. ورد للطباعة والنشر والتوزيع. سوريا ـ دمشق. ط 3. 2010م.
- سعيد بنكراد. السرد الروائي وتجربة المعنى. المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، ط 1، 2008.
- عادل الأسطة، صورة الفلسطيني في الرواية العربية: حيدر حيدر في شموس الغجر، الشبكة الدولية للمعلومات ( الأنترنيت)، موقع https://thaqafat.com/2023/05/105397
- عبيد، محمد صابر. الذات الساردة؛ سلطة التاريخ ولعبة المتخيل. قراءات في الرؤية الإبداعية للسلطان بن محمد القاسمي. دار نينوى للنشر والتوزيع. دمشق ـ سوريا. ط 1. 2013م.
- فيصل غازي النعيمي. شعرية المحكي دراسات في المتخيل السردي العربي. دار مجدلاوي. عمان، ط 1. 2013م.
- محمد معتصم. الرؤية الفجاعية في الرواية العربية نهاية القرن العشرين. دار أزمنة. عمان. ط 1. 2004م.
- نزيه أبو نضال. تمرد الأنثى في رواية المرأة العربية وببلوغرافيا الرواية النسوية العربية ( 1885 ـ 2004م). المؤسسة العربية للدراسات والنشر. بيروت ـ لبنان. ط 1. 2004م.
List of sources and references:
- Anis Ibrahim. shumus alghajar… alriwayat alshaahid ـ alshabakat aldawliat lilmaelumat ـ( al’antirnit) location ـ https://alantologia.com/blogs/3014/
- Haider Haider ـ shumus alghajar. waradun liltibaeat walnashr waltawziei. Suria. dimashqa.3st Editiom. 2010.
- Said Benkrad. alsard alriwayiyu watajribat almaenaa. almarkaz althaqafiu alearabiu. aldaar albayda. Almaghribi. 1st. Edition. 2008.
- eadil al’ustat. surat alfilastinii fi alriwayat alearabiat. Haider Haider fi shumus alghajar. alshabakat aldawliat lilmaelumat ـ( al’antirnit) location. https://thaqafat.com/2023/05/105397.
- Eabidi. muhamad sabir. aldhaat alsaaridatu. sultat altaarikh waluebat almutakhayili. qira’at fi alruwyat al’iibdaeiat. lilsultan bin muhamad alqasimi. dar ninawaa lilnashr waltawziei. dimashq surya. 1st.Edition. 2013.
- faysal ghazi alnueaymi. shieriat almihkiu dirasat fi almutakhayal alsardii alearabii. dar majdalawi. Eaman. 1st.Editon. 2013.
- muhamad muetasim. alruwyat alfujaeiat fi alriwayat alearabiat nihayat alqarn aleishrina. dar azminat. eaman. 1st.Editon. 2004.
- nazih ‘abu nadala. tamarud al’unthaa fi riwayat almar’at alearabiat wabibulughrafya alriwayat alnasawiat alearabia ( 1885 2004). almuasasat alearabiat lildirasat walnushri. bayrut lubnan. 1st.Editon 2004.