التكرار الحرفي في قصائد القاضي آدم عثمان: دراسة أسلوبية

ملخص البحث:

اهتم هذا المقال بإبراز تجربة الشاعر القاضي آدم عثمان في استخدام التكرار الحرفيفي قصائده المختارة، وتم تحليلها وفق قواعد الدراسة الأسلوبية الأدبية مختصرا على تكرار الحروف المباني دون غيرها، واستوظف الباحثان المنهج الوصفي والتحليلي في تحليل الحروف التي كررها الشاعر، ثم الوقوف على ما فيها من الصور الأسلوبية. واستحل البحث بتعريف الشاعر من حيث الولادة والنشأة ونشاطاته العلمية. فالتكرار ظاهرة من الظواهر الأسلوبية الكاشفة عن أبعاد نفسية الأديب المبدع ودلاليته التي يوحي إليها، ويعد تكرار الحرف نوعا من أنواع التكرار؛ لأن إعادة الحرف وترديده يزيد على تماسك النص وتطور المعنى؛ ذلك بأنه يأتي بالإيقاعات المتنوعة. وأخيرا تناول المقال صورا من التكرار الحرفي في القصائد الدروسة.  واستكشاف البحث أيضا وظائف التكرار في النص المدروس منها: التأكيدية والنفسية والجمالية؛ والغاية في ذلك إحداث النغمات الصوتية، والمتعة الفنية، وسر ذلك دقة الشاعر وقدراته في اختيار الألفاظ ذات الدلالة النفسية والمعنوية المعبرة عن تجربته الذاتية، وعواطفه وأحاسيسه.ويدعو البحث الحكومة، والمؤسسات الخيرية، والدارسين، بأن يزيدوا عنايتهم على الفنون الأدبية، واللغوية.

الكلمات الفتاحية: التكرار- دراسة أسلوبية –  القاضي آدم  عثمان – التماسك النصي.

مقدمة:

بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله. اهتم هذا البحث بإبراز تجربة الشاعر القاضي آدم عثمان في التكرار الحرفيفي القصائد المختارة، وباستكشاف وظائفه منها: التأكيدية والنفسية والجمالية في إحداث الموسيقى. وسيتم تحليلها وفق قواعد الدراسة الأسلوبية الأدبية مختصرا على تكرار الحروف المباني دون غيرها، واستخدم الباحثان المنهج الوصفي والتحليلي في دراسة الحروف التي كررها الشاعر، ثم الوقوف على ما فيها من الصور الأسلوبية. ويعد تكرار الحرف نوعا من أنواع التكرار؛ لأن إعادة الحرف وترديده يزيد على تماسك النص وتطور المعنى؛ ذلك بأنه يأتي بالإيقاعات المتنوعة. وتتلخص المقال بعد المقدمة على ما يلى

  • التعريف بالشاعر
  • مفهوم التكرار وأنواعه
  • صور من التكرار الحرفي في قصائد القاضي آدم عثمان
  • الخاتمة

التعريف بالشاعر: هو آدم عثمان بن محمد بُوْسِي  ينتسب إلى أسرة فلاتية من قرية دُكُّو، وهي من أنصار الشيخ عثمان بن فودي (ت 1817م)، وكان جده فلاتيا صرفا معرف بالعلم والورع والإخلاص، والإصلاح أدَّته هذه الخصال المحمودة إلى أن عينه قاضيا في مدينة بَرْنِي. [1]

ولد الشاعر  شهر مَايُو يوم سابع عشر في عام ألف تسع مئة سبعة وخمسين ميلاديا (17/5/1957م)، في قرية  بُولَ جَنْغِــــرَاوُو.[2] ونشأ في الأسرة المعروفة بالعلم والورع وغير ذلك من الأخلاق المحمودة، وترعرع على كنف والده عثمان وتلقى منه القرآن الكريم وختمه في السن التاسع من عمره، ثم أخذ منه مبادئ العلوم الفقهية مثل: كتاب القوائد الصلاة، والمختصر لعبد الرحمن الأخضري، وغيرهما، وكما أخذ عليه الكتب اللغوية كالأجرومية، وملحة الإعراب للحريري، وغيرهما.[3]

لم يزل الشاعر في طلب العلم حتى أرسله والده إلى مدينة كَنُوْ سنة 1970م، ودرس فيها الفقه على المذهب المالكي في المعاهد التقليدية، وكتب اللغة والنحو وغير ذلك، ودواوين الشعراء القدامى”.[4] ودعته الرغبة إلى التحق بمدرسة مسائية (مَطَاتِي) من بين سنة 1972م إلى 1976م وحصل على شهادة الابتدائية، ثم التحق بـمدرسة العلوم العربية كَنُوْ ونهل من فياض علومها وتـخّرج فيها سنة 1978م.[5]

ثم التحق بجامعة عثمان ابن فودي صُكُّتُو، حيث حصل على شهادة الليسانس في القانون في ما بين سنة1980م- 1986م، ثم التحق بمدرسة الحقوق النيجيرية بمدينة لاَجُوسْ وأصبح محاميا، واكتسب عضويته في منظمة المحامين النيجيرية وذلك سنة 1987م. عين قاضيا في ولاية غُمْبِي حيث أصبح عضوا من أعضاء المحكمة العليا سنة 2014م. وله حركاته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.[6]

وتبلغ قائمة إنتاجات الشاعر الأدبية التي حصل عليها الباحث، خمس وأربعين قصيدة، وبهذه الكثرة والتنوعات الموضوعية تدل على عبقريته وموهبته الشعرية وبُعد إدراكه، وهناك طائفة من إنتاجاته الأدبية التي لم يحصل عليها الباحث.

مفهوم التكرار وأنواعه:

أما لفط التكرار في اللغة فمأخوذ من مادة (كــــ ر ر)، وهو من الفعل الثلاثي: كرّ يكرّ، ومصدره كرّا وكُرُورًا وتِكْرَارًا، ويراد به العطف والجمع والرجوع، ويقال: كَرَّ عَنْهُ  وكَرَّرَ الشَّيْءَ وكَرْكَره: أعاده مرة بعد أخرى. والكَرّةُ: المرة، وجمعها الكرات. ويقال: كررْت عليه الحديث وكرْكَرْتُه إذا ردَّدتُه عليه. وكَركَرته عن كذا كَرْكَرةً إِذا رددْته”.[7]

وردت لفظة التكرار في القرآن الكريم  بصيغة “الكرة” كما يشاهد، في قوله تعالى: ﴿وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ لَوۡ أَنَّ لَنَا كَرَّةٗ فَنَتَبَرَّأَ مِنۡهُمۡ كَمَا تَبَرَّءُواْ مِنَّاۗ …﴾[8]، وقوله: ﴿ثُمَّ رَدَدۡنَا لَكُمُ ٱلۡكَرَّةَ عَلَيۡهِمۡ …﴾[9]، وقال أيضا: ﴿فَلَوۡ أَنَّ لَنَا كَرَّةٗ فَنَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ١٠٢﴾.[10]

ويفهم من التعريف اللغوي السابق بأن التكرار له معان كثيرة منها: الرجوع، والإعادة، والترديد، والتكرار بمعنى “الإعادة” أشد ملائمة في الدراسة الأسلوبية، غير أن أصحاب الفن عرفوه خلاف ما ذهب عليه اللغويون كما يبدوا.

التكرار  في الاصطلاح:

عرف الأدباء التكرار بمترادفة مفهومه الاصطلاحي، ومنهم عصام شرتح عرفه بقوله: “التكرار هو إلحاح على جهة هامَّة من العبارة، يُعْنَى بها المبدع أكثر من عنايته بسواها، وهو بذلك ذو دلالة نفسية قَيِّمة، تفيد الناقد الأدبيّ الذي يدرس النصّ، ويحلِّل نفسية  كاتبه، إذ يضع في أيدينا مفتاح الفكرة المتسلِّطة على الشاعر”.[11]

وعرفه غيره بأنه: “أداة لغوية يعكس جانبا من الموقف الشعوري والانفعالي، والموقف يؤديه ظاهرة أسلوبية تشكل لبنة أساسية من لبنات العمل الأدبي”. فالملاحظ عن التكرار إذا هو أن يكرر المنشئ شيئا لإثباته مرة بعد أخرى في ترسيخ  إياه ما يوحي إلى المتلقي؛ لبواعث عديدة منها: التأكيد والتنبيه، والتهويل، والإيقاع الموسيقي وغير ذلك.

أنواع التكرار:

التكرار ظاهرة من ظواهر الأسلوبية يقصد به إعادة المبدع اللفظ أو المعنى في ترسيخ إياه ما يوحى إلى المتلقي، ويتنوع حسب نظريات النقاد قديما وحديثا إلى تكرار اللفظ والمعنى، وتكرار المعنى دون اللفظ،[12] وهو الذي يسميه النحاة ب “التوكيد اللفظي والمعنوي”، وإلى التكرار الحرفي والكلمي والجملي، ويأتي مفيدا وغير مفيد، ومن وظيفته التأكيدية والنفسية والجمالية، ومن تجلياته: الاستهلال والبيان، والدائر، والمقطع والتقابل.[13]

تكرار الحرف

أما الحرف فكلمة تدل على معنى في غيرها، ولم تقترن بزمان، ولا يعرب منه شيء أبدًا. وأقسامه ثلاثة:  قسم مختص بالاسم،كحروف الجر، والنداء، وقسم مختص بالفعل كقد، ولم، وقسم مشترك بينهما كهل وبل؛ وعلامته: خلوه من العلامة.[14] ويعد تكرار الحرف نوعا من أنواع التكرار؛ لأن إعادة الحرف وترديده يزيد في تماسك النص وتطور المعنى، ذلك بأنه يأتي بالإيقاعات المتنوعة، وهو عبارة عن تكرار حرف يهيمن صوتيا في بنية المقطع أو القصيدة.[15] هذا يدل على أنّ تكرار الحرف جزأ من التكرار الصوتي يعطي جرسا موسيقيا والدلالة اللفظية والمعنوية في النص والقصيدة.

صور من التكرار الحرفي في قصائد القاضي آدم عثمان:

تكرار الحروف المباني: يعد تكرار الحرف (الصوت) نوعا من أنواع التكرار؛ لأن إعادة الحرف وترديده يزيد على تماسك النص وتطور المعنى، ذلك بأنه يأتي بالإيقاعات المتنوعة، وهو عبارة عن تكرار حرف يهيمن صوتيا في بنية النص.[16] ويعد الصوت أو الحرف أصغر وحدة لغوية؛ لأن الصوت هو اللبنة التي تشكل اللغة، أو هو المادة الهامة التي تبنى منها الكلمة.[17]

 ويوجد الإيقاع المنتظم في القرآن الكريم ومن ذلك ما يسمعه المتلقي عندما يقرأ سورتي القمر والرحمن كما قال تعالى: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2) ﴾،[18] وقوله أيضا: ﴿الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4) ﴾ [19].

حيث كُرِّرت أصوات “القاف والراء والنون” في سورتين الكريمتين، لغرض التحذير، والإشادة بنعم الله سبحانه وتعالى، وليجد المتلقي روعة البيان ومزمارا من مزامير داود عليه السلام. وهذا ما يعجز العالم كله بأن يأتي بما في القرآن من الروعة والانسجام. 

فقد استخدم الشاعر هذا النوع من التكرار بكثرة إذ لاتخلو قصيدة من قصائده بدونه. ويختص بالوظيفة الجمالية أو الإيقائية، والتأكيدية في ربط المعنى، وسيختصر الباحث بعرض أهمها. ومن ذلك قوله في قصيدة “ترحيب فضيلة الشيخ حسن بن علي سيس السنغالي…”:

بِالْحَمْدِ وَﭐلشُّكْرِ كُلَّﭐلْخَيْرِ نَكْتَسِبُ                    بِالذِّكْرِ وَﭐلْفِكْرِ عِنْدَ ﭐللهِ نَقْتَرِبُ

كرر الشاعر في البيت السابق صوت “الباء” أربع مرات بصورة أفقية وعن طريق التصريع، حيث تكرر الصوت بشكل متقارب كما يتمثل عند قوله: “بالحمد، ونكتسب، وبالذكر، ونقترب“؛ لغرض الإيقاع. فانسجام الحروف المكررة في النص السابق زاد له جمالا موسيقيا. ويحمد الشاعر الله، ويشكره على النعم والخيرات التي يكتسبها العباد ويتقرب بها إليه، فاستخدامه “الحمد” يعبر عن انفعالاته الدفينة ومؤثراته الدينية وخاصة الشكر، والثناء عليه.    

ومن حسن توظيف الشاعر للتكرار الحروف المباني قوله في قصيدة:توديع فضيلة الشيخ طاهر عثمان بَوْتَشِي لسفره إلى الحج”:

                يَا رَبِّ إِنَّـــكَ ظَــــاهِرٌ وَقَرِيـــــــــبُ                  وَعَلَوْتَ عَنْ كُلِّ ﭐلْعُيُونِ تَغِيبُ

                يَا رَبِّ صَلِّ عَلَى ﭐلرَّسُولِ مُحَمَّدِ        خَيْرِ ﭐلْوَرَى لِلْمُتَّقِينَ حَبِيــــــــــبُ

كرر الشاعر صوت “الباء” في البيتين السابقين ست مرات للوظيفة الجمالية؛ حيث استوظفه في ثلاث وقفات مثل: “قَرِيـــبُ، تَغِيبُ، حَبِيبُ” مما أضاف للنص جمالا فنية. ينادي الشاعر ربه متوسلا بربوبيته تعالى مستخدما “يا” لنداء البعيد مع أنه أقرب إليه من حبل الوريد؛ لغرض بلاغي، ثم مصليا على النبي صلى الله عليه وسلم.

ومن التكرار الصوتي قول الشاعر في قصيدة ” مولد صاحب الفيضة الكتم الشيخ إبراهيم بن الشيخ عبد الله الكولخي”:

مِنْ كُلِّ فَجٍّ جَاءَتِ الْأَفْوَاجُ          مَوْلِدُكُمْ كَأَنَّهَا أَمْوَاجُ

                      يَعْلُوهُمُ السُّرُورُ وَالْإِبْهَاجُ          وَالنُّورُ فِي وُجُوهِهِمْ وَهَّاجُ

مَوْلِدُكُمْ دَارَتْ بِهِ الْأَيَّامُ

وظف الشاعر صوت “الجيم” ست، مرات في البيت السابق، مثل: “فج، الأفواج، الإبهاج، وجوههم، وهاج“؛ لغرض الإيقاء والتنويه بمكانة الشيخ إبراهيم الإنياسي، وذكرى مولده. فالجيم حرف مجهور ولعل الشاعر كرره ليعبر ما به من السعدة، لذا التفت إلى تكرار صوت يساعده على إبراز هيجانه النفسي؛ لأن الإنسان من طبيعته عندما يكون سعيدا ًأو حزينا يكرر  أصواتا تعبر عما في ضميره من الحقائق الدفينة.

ومثال ذلك قول الشيخ عبد الله بن فودي:

     عج نحــو الأحــــبة من مَــــجِ           واشرب من الأنشاج ماء الزِّعْجِجِ

    جبريل من جبر الإله به لنا         ديا حنيفا مستقيما المنهج

    والدين في عز ونهج مَنهج            والكفر في ذل ونهج مُنهج[20]

حيث كرر الشيخ عبد الله بن فودي –رحمه الله- حرف “الجيم” في النص السابق اثنى عشر مرة للوظيفة النفسية، والجمالية منبثقة من الأصوات والألفاظ المكررة مصحوبة بنغمات خاصة، تشير إلى معنى خاص يود إبرازه وهو مدح شيخه (الشيخ جبريل بن عمر)- رحمه الله- متفاؤلا مع اسمه والمكان الذي انتقل فيه (مَجِ).

و يقول الشاعر في ترحيب الشيخ طاهر عثمان بَوْشِي:

رَبِّي تَعَالَيْتَ أَنْتَ ﭐلْحَكَمُ وَﭐلْحُكْمُ وَهَلْ يُحَرَّكُ دُونَ ﭐلذِّكْرِ مِنْكَ فَمُ؟

كرر الشاعر صوتا مهموسا (الحاء) في البيت السابق ثلاث مرات؛  للوظيفة الجمالية بما فيها من الإيقاع  وانتباه المتلقي نحو الصورة المستهدفة. ويلاحظ في مثل هذا الأسلوب دقة الشاعر في استخدام الألفاظ السلسة.

ومن تكرار الحروف المباني قول الشاعر في قصيدة “التهنئة لمناسبة تولية القاضي يحيى أحمد منصب القضاء”:

        لِيَحْيَى ﭐلذِّي قّدْ حَيَّ فَالْحَقُّ وَاضِحٌ              وَمَنْ عَاشَ يَبْغِي ﭐلظُّلْمَ قَدْ عَاشَ وَاهِيَا

وَمُحْسِبُكَ أَنْ تُحْيِى حِمَى ﭐلْعَدْلِ حَامِيًا     وَمَنْ يَحْمِ عَدْلاً يُكْفِهِ ﭐللهُ حَامِيَا

         يُشَــــــرِّفُنِي قَـــوْلُ ﭐلتَّهَــــــانِي مُهَنِّئًا                        لِيَحْيَى أَبِي حُبِّي ﭐلَّذي صَارَ قَاضِيَا

كرر الشاعر  صوت (الحاء) المهموس في الأبيات السابقة اثنى عشر مرة؛ لهدف التنويه والإشادة، والتلذذ بذكر اسم الممدوح (القاضي يحيى أحمد) حيث أحدث ذلك تشكيلا موسيقيا، وتماسكا نصيا في انسجام الكلمات بعضها ببعض، بيَّن حاله وفرحه في تهنيئة الممدوح حيث ناشده بالعدل والاستقامة. وسر الدلالي لهذا التكرار تفاؤل الشاعر على الممدوح بطول البقاء، والمعيشة الراضية، كما تدل القرائن في النص. فالحياة: “ضد الموت، والحي: ضد الميت، كما قال أبو عمرو: أحيا القوم، إذا حسنت حال مواشيهم، وأحيت الناقة، إذا حيي ولدها، فهي محي ومحيية، لا يكاد يموت لها ولد. وأحيا القوم، أي صاروا في الحياة”.[21]

ومن ذلك قول الشاعر في قصيدة تهنئة السيد الفاضل يحيى بن أحمد لمناسبة تنصيبه قاضي قضاة ولاية بَوْشِي:

يَا غَادِرَ الْقَوْمِ هَلْ وَدَّعْتَ يَا غَادِي          إِنَّ الوَدَاعَ لَزَادٌ أَيُّمَا زَادِ

كرر الشاعر في النص السابق صوتا مجهورا “الدال” ست مرات ذلك في محاولة توضيح المعنى وإيصالها إلى ذهن السامع أو القارئ مع إحداث جرس موسيقي تمتعا للنفوس، وتأكيدًا بما يوحي إليه.

ومن ذلك قوله في قصيدة “كلمة الزائر إلى صاحب الفضيلة قاضي القضاة عبد الملك بَفَّ محمود”:

أَرُوحُ إِلَى هَوَاكَ بِدُونِ زَادٍ       وَلاَ أَبْغِي الّلِقَاءَ بِدُونِ زَادِ

هَوَيْتُكَ وَالْهَـوَى دَاءٌ عَيَاءُ       لِدَاءِ الْحُبِّ فَارَقَنِي رُقَادِي

كرر الشاعر  صوت “الدال” سبع مرات بشكلٍ متتابعٍ وخاصة عند قوله: “بِدُونِ زَادٍ، بِدُونِ زَادٍ ” في مصرعي البيت الأول؛ للدلالة على ما يبدي لممدوحه من الحب وإبرازه، وإثارة التوقع لدى المتلقي ليشاركه في التهنئة. وقد استخدم الشاعر هذا الأسلوب ليكشف بيئة الجو الموسـيقي؛ وليشيد بذكر الممدوح.

ومن جمال التكرار الصوتي قول الشاعر موظفا حرف “السين” في مناسبة مولد الشيخ إبراهيم انياس:

يَا فَرْحَتِي بِمَوْلدِ الْإِنْيَـــــــاسِ                      خَلِيفَةُ الْخَتْمِ أَبِي الْعَبَّاسِ

يَا شَيْخَنَا يَا كَاشِفَ الْإِلْبَاسِ                  يَا مُوقِظًا لِزُمْرَةِ النُّعَّاسِ

                قُلُوبُنَا بِحُبِّكُمْ تَنْهَامُ

قَدِ اسْتَمَعْنَا مَا يَرُوقُ النَّفْسَ                  وَيُخْصِبُ الْقَلْبَ وَيُعْلَى الْآسَ

وَقَدْ كَفَانَا مَا اسْتَمَعْنَا أَنْسَ                   مَوْلِدُهُ  مِمَّا يُرَقِّي الْإِنْسَ

                                                     إِلَى الْمَعَالِي رَبُّنَا الْقَسَّامُ

وظف الشاعر صوتا مهموسا في النص “السين” اثنى عشر مرة، وتتمثل في قوله: “الإنياس، والعباس، والإلباس، والنعاس، والنفس أنس، والإنس”، فأحدث هذا التكرار صوتا موسيقيا مطربا، إذ السين من حروف الصفير، وصوته يشبه صوت الطائر[22] فيهتز طرف اللسان عند خروجه. كرره الشاعر لنغماته الموسيقية للمناسبة لموقفه النفسي، إذ إنه في موقف الفرح والسرور والبهجة، فيحتاج إلى حروف محركة لعاطفة الشاعر الجياشة في تصوير طربه وبهجته بحضور شهر مولد الشيخ تبعا لما يجيش في نفسه من الفرح والطرب، ويلاحظ أنه استخدم أصواتا سلسة متقاربة من خلال التشابه، وساعد هذا الأسلوب على تماسك نصي في انسجام الكلمات وتناسقها.

ومن أروع جمال التكرار الصوتي قول الشاعر في القصيدة نفسها:

وَسِنُّهُ إحدَى وعشرون سَنَهْ          أَلَّفَ مَا أَقْطَابُ عِلْمٍ حَسَّنَهْ

إِلَهُهُ تَفْكِيرُهُ مَا رَسَنَـــــــــــــــــــــــهْ                 أَوْدَعَهُ اللهُ الْحِجَى وَالْلِّسْنَهْ

                                                            وَلَا تَجِفُّ عِنْدَهُ الأقلامُ

يلاحظ القارئ من النص أن الشاعر كرر صوت السين مع النون والهاء (سنه) خمس مرات وعجزه، مثل: “سنه، سنه، حسنه، رسنه، اللسنه “؛ للوظيفة الجمالية والتنويه والإشادة بفطانة الممدوح وموهبته ورجاحة عقله، وسعة علمه. ومما زاد الصنعة رونقا وجمالا، تنوع الإيقاع في النص، حيث وظف حروفا مهموسة ومجهورة فأثرى بذلك نغما موسيقيا مطربا،  (السين والهاء)  وتوسط بينهما صوت مجهور (النون)، واستخدام الشاعر هاء السكت أحدث للنص جرسا موسيقيا.

ويقول الشاعر مكررا صوت “السين” في شعره:

أَنَّـى لِآدَمَ زَوْرُهُنَّ وَبُؤْسُـــــــــــــــــهٌ            قَطَعَ ﭐلْوَسَائِلَ وَﭐسْتَجَدَّ هَوَانِي

                                        وَﭐللهِ إِنِّي كُنْتُ أَبْغَضُ صُحْبَتِي      بِالْبُؤْسِ مَهْــــــــمَا مَسَّنِي آذَانِـــــي

كرر الشاعر صوتا مهموسا “السين”،[23] خمس مرات في الأبيات السابقة لإثارة الإيقاع وجلب انتباه المتلقي متفاؤلا بزيارة الممدوح بأنها وافقت شهر مولود النبي صلى الله عليه وسلم.

ويقول الشاعر عند ترحيبه بالشيخ حسن بن علي سيس السنغالي:

يَا سَيِّدِي ﭐلْحَسَنِ ﭐلْسِيسِي أُرَحِّبُكُمْ     فِي أَرْضِ بَوْتَشِي لَهَا مِنْ فَضْلِكُمْ رُتَبُ

وظف الشاعر من خلال بنية النص السابق صوتا مهموسا وهو السين أربع مرات بشكل متتابع، التمثل في قوله: “يَا سَيِّدِي ﭐلْحَسَنِ ﭐلْسِيسِي” لوظيفة الإيقاع، والإشادة والتنويه حيث أحدث ذلك تناغما صوتيا الذي يتحقق عن طريق نظم الحروف المكرر؛ لضيق مخرجه.

ومن جمال التكرار الصوتي قول الشاعر في ذكر موهبة الشيخ إبراهيم الكولخي:

فِــــي حِجرِ والدٌ لَّهُ قَدْ نَشأَ  فِي حِبِّهِ وَرِفْقِهِ قد رَشَأَ

    مِنْ صَغْرٍ ذَكَاؤُهُ قد حَشَأَ                            قد حفظ القرآنَ حتى كَشَأَ

             عُلُومُهُ وَهْيَ لَهُ مُخْدَامُ

كرر الشاعر صوتي الشين والهمزة (شَأَ) أربع مرات في البيت السابق عن طريق التصريع مستخدما التوكيد “بقد” مثل: “قد نشأ، قد رشأ، قد حشأ، كشأ“؛ لغرض الإيقاع والإشادة بموهبة الممدوح، مما أضاف للنص جمالا ورونقا، وتماسكا نصيا. ويروعك أسلوبه عندما انزاح عن المألوف في بناء النص  المتمثل في قوله: “ فِي حِجرِ، فِي حِبِّهِ”؛ لغرض القصر، إذ بين بأن الممدوح تربى في كنف والده محبوبا بذكائه وبحفظه القرآن الكريم وبعلومه.

ويقول الشاعر في قصيدته الهمزية:        

شَيْخُ الشُّيُوخِ وَكَانَ شَيْخِي طاهرا      إِسْمًا وَفِعْلاً مَوْرِدَ الْحُكَمَاءِ

أجاد الشاعر في توظيف صوت الشين، إضافة إلى ما فيها من الإيقاع الرائع، فكرر أصواتا مهموسة في النص السابق وهي “الشين، والياء، والخاء” ثلاث مرات لغرض التنويه والتعظيم والإشادة بعظم الممدوح، حيث حاول أن يربط بين معنى اسم الممدوح وأعماله، ذلك في قوله ” …وَكَانَ شَيْخِي طاهرا، اسْمًا وَفِعْلاً مَوْرِدَ الْحُكَمَاء“؛ لأن أستاذ الممدوح اسمه الطاهر فوافق اللفظ معناه؛ لأنه قائم على الوعظ والإرشاد، والتربية الروحية بما فيها من تطهير القلوب الدنسة بإذن الله سبحانه وتعالى. ويقال: طهر الشيء، والاسم الطهر، وطهرته تطهيرا، وهم قوم يتطهرون، أي يتنزهون عن الأدناس. ورجل طاهر الثياب، أي متنزه.[24] قال الله تعالى: وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا”.[25]وماء المطر بالغ منتهى الطهارة إذ لم يختلط به شيء يكدره أو يقذره وهو في علم الكيمياء أنقى المياه لخلوه عن جميع الجراثيم فهو الصافي حقاً.[26]

ومن صور هذا النوع من التكرار التي استوظفه الشاعر قوله في قصيدة “كلمة الشكر…”:

     أَحْسِنْ بِفِعْلِكَ رَدُّ فِعْلِي عِنْدَكُمْ                   شُكْرٌ، وَشُكْرِي عِنْدَكُمْ شُكْرَانِ

شُكْرُ ﭐلْوَفَاءِ وَشُكْرُ حَطِّ مَؤُونَةٍ                    وَشَفَيْتَ دَاءً طَالَمَا آذَانِي

كرر الشاعر صوتا مهموسا (الشين) ست؛ لغرض الإيقاع وإلى تدفُّقِ موجةٍ انفعالية، وساعد ذلك تناسق نصِّي بين الشين والكاف والراء في صورته المشكلّة على الأَداء ونسيجهِ المتناغم.

وكما يقول في قصيدة ارتداد سلمان رشدي…: 

تَحَصَّنْتَ فِي لَنْدُنْ وَتَحْسَبُ حِصْنَهَا         حَصِينًا وَلاَ تَلْقَا ﭐلنَّصِيلَ ﭐلْمُجَرَّدَا

 استخدم الشاعر صوتا مهموسا مستعليا (الصاد) أربع مرات في البيت السابق للدلالة على تشكيل الموسيقا مما يدل على مستوى عمقه الإبداعي في إنشاء الوظيفة الجمالية أو الإيقاعية؛ لأن تواجد تكرار حرف الصاد في شطري البيت أحدث نغمة صوتية.

وظف الشاعر صوت “العين” في ذكر حادثة انقلاب فاشل بقيادة غِدْيُونْ أُوكَ ضد حكومة إبراهيم بَابَنْغِدَ …:

أُعَقِّبُ بِالسَّلاَمِ عَلَى صَلاَةٍ          عَلَى الْمُؤْتَى بِخَيرِ المُعْجِزَاتِ

استخدم الشاعر صوتا مجهورا وهو “العين” أربع مرات في البيت السابق، المتمثل في قوله: (أعقب، على، على، المعجزات)  لغرض الإيقاع حيث تكرارت نغمة بصوت عال حلقي متقارب بين شطري البيت ليجد السامع صوتا واحدا متكررا مع جرس موسيقي، وللدلالة بما يبرزه من سمو الممدوح عليه أفضل الصلاة والسلام.

ويتميز صوت العين بالموسيقا بين أصوات الحروف، ويتشكل بتضيق مخرجه في أول الحلْق على شكل حلقة ملساء، حيث تجمع ذبذبات النفس في بؤرة هذه الحلقة، وهو أكثر الأصوات قدرة على التعبير عن مختلف المشاعر الإنسانية النبيلة، وأشدها نصاعة وصفاء ونقاء ومرونة[27]

ومن تكرار صوت العين قوله تعالى:﴿…فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾.[28] حيث كُرِّرَ صوت “العين” ثمان مرات في الآية الكريمة؛ لغرض التنبيه وجلب انتباح المتلقي نحو الصورة المستهدفة. وهي “المماثلة في القصاص  وعدم التجاوز”[29]

 ويقول الشاعر في مدح أستاذه الشيخ الطاهر عثمان بوتشي:

                                   دَأْبٌ لَهُمْ حِفْظُ الْكِتَابِ وَفِقْهُهُ                              نِعْمَ الْعِبَادُ! وَنِعْمَ بِالْسُعَدَاءِ

تكرر صوت مجهور (العين) أربع مرات في عجز البيت، لغرض التنويه وإشادة عظم الممدوح وقدره. بين الشاعر سيمة الممدوح بأنه حافظ لكتاب الله ومعانيه. فالمتأمل مع النص المتكرر يلاحظ إحداث الجرس الموسيقي الذي أضفى عليها جمالا وتماسكا نصيا.

ويقول الشاعر عن حرب بلاد الخليج في قصيدة ” أوجه النداء …”:

أَضْرِمُوهَا وَأَصْعَدَتْ بِلَهِيبٍ          فَوْقَ أَرْضِ ﭐلْخَلِيجِ وَهْيَ جَهِيمُ

قَاذِفَاتٌ هَطَلْنَ بِالنَّارِ حتّى             أَرْمَدَتْ بِالْخَلِيجِ وَهْوَ رَمِيمُ

إِنَّ حَرْبَ ﭐلْخَلِيجِ كَانَتْ بَلاَءً            نَابَ بِالْمُسْلِمِينَ وَهْوَ عَقِيمُ

وَأَعِيــــــدُوْا سِـــــــــيَادَةً وَإِخَـــــــــــــاءً            كَيْ يَظُلَّ ﭐلْخَلِيجُ وَهْوَ سَلِيمُ

رَبِّ لاَ تُبْقِ فِي ﭐلْخَلِيجِ ضِمَارًا          وَأَجِبْ بِالدُّعَاءِ أَنْتَ حَكِيمُ

أجاد الشاعر الصنعة، حيث وظف هندسة شعرية على شكل رائع عند استخدامه صوتي “الياء والميم”، فتكررا أكثر من ثلاثين مرة في القصيدة لغرض من أغراض الفن، وهو تقريب المعاني وإيصالها إلى المتلقي، مما يدل على براعته اللغوية وجودة رسمه للمعاني في توظيف الأصوات السلسة ذات رق ودقة؛ ليلفت أنظار المسلمين وينبههم بمكاييد الكفرة الفجرة على أهل الخليج بما يذيقونهم من أنواع العذاب والشدائد.

ومن حسن استعمال التكرار البياني في شعر الشاعر قوله في القصيدة “ارتداد سلمان رشدي…: 

وَأَلْغَمَ فِي ذَاكَ ﭐلْكِتَابِ قَنَابِلاً           لِيُرْدِي بِهَا ﭐلْإِسْلاَمَ كَيْدًا مُؤَيَّدَا

أَلاَ! أَوْلِيَاءُ ﭐلْكُفْرِ جَاءُوا بِكَيْدِهِمْ    لَقَدْ بَحَتُوا وَﭐلْكَيْدُ يَسْعَى مُبَدَّدَا

كرر الشاعر في البيتين صوتا مجهورا (الياء) سبع مرات، ومن صفاتها؛ الجهر واللين، فتنوع صفات الياء بين الجهر واللين دل على الحالة النفسية للشاعر، وجاءت كلمة “الكيد” متكررة مع الياء الساكنة المفتوح ما قبلها في قول الشاعر: “لِيُرْدِي بِهَا ﭐلْإِسْلاَمَ كَيْدًا”، “أَلاَ! أَوْلِيَاءُ ﭐلْكُفْرِ جَاءُوا بِكَيْدِهِمْ”،وَﭐلْكَيْدُ يَسْعَى مُبَدَّدَا”، وهذا يشير إلى ما يعانيه من الآلام التي تواجهه الأمة المسلمة من مكايد الظلمة الأعداء، واستعمل حرف التنبيه “أَلاَ”! ليجذب ذهن المتلقي إلى ألحانه الرنانةتأكيدا وإشادة بمكايد الكفار.

 ومن الروعة في استعمال الشاعر التكرار الصوتي قوله يمدح الشيخ إبراهيم الكولخي:

مَوْلُدُهُ  يُذَّكِرُ الْمُرِيدَا     لِفَضْلِهِ وَيُوقِظُ الرَّقِيدَا

    يُجَدِّدُ الْمُحَبَّةَ التَّلِيدَا       وَيَبْتَغِي مِنْ فَيْضِهِ الْمَزِيدَا

                                                                                وَبِاللِّقَاءِ تَلْقَجُ الْأَفْهَامُ

أجاد الشاعر في توظيف التكرار الصوتي، حيث كرر صوتي المد بالياء والألف أربع مرات في قوله: “الْمُرِيدَا”، “الرَّقِيدَا”،التَّلِيدَا”، “الْمَزِيدَا” فالمد من أوضح الأصوات، وظفها الشاعر لتناسب حالته النفسية، إذ هو في موقف المدح وتعدد صفات الممدوح فيحتاج إلى حروف تساعده في بث فلسفته تجاه الممدوح. ومما زاد النظم الرونق والجمال استخدام الشاعر حرف مجهور يتوسط حرفي المد (الياء والألف) فأكسب النص بذلك الوضح والموسيقا.

ومن سمات التكرار الصوتي في شعر الشاعر:

فِي أَقْرَبِ الْمُدَّةِ صَارَ شَهِيرًا               يَفِرُّ عَنْهُ مَـــــــنْ أَتَـــــاهُ نَــــــــــظِيــــرَا

كَــــانَ رَئِيسَ دَهْــــــرِهِ وَوَزِيـــــرًا             قَدِ اسْتَضَافَ الْجَمْعَ الْكَثِيرَا

                    نَالُوا الْمُنَى وَأُعْلِنَ الْإِسْلَامُ

وظف الشاعر تكرار صوت المد بالياء والألف أربع مرات في قوله: “شَهِيرًا”، “نَــظِيـرَا”، “وَوَزِيـرًا”، “الْكَثِيرَا”، حيث توسط حرف “الراء” المجهور بين الصائتين؛ لغرض الإيقاع، ولتقريب الفكرة المستهدفة التي تؤكد دلالة اشتياق الشاعر نحو الممدوح.

ومن ذلك قول الشاعر:

فَارَقَنَا وَحُبُّهُ يَشْــــوِينَــــــا                 فِي كُلِّ حَفْلٍ ذِكْرُهُ يُبْكِينَا

حَبْلُ الْوِدَادِ لَمْ يَزَلْ يَأْوِينَا          مَوْلِدُهُ  لِحُبِّهِ يُعْنِــــــــــينَا

                    تُحْرِقُنَا الْأَشْوَاقُ وَالتِّيهَامُ

كرر الشاعر أصوات حرف الياء والنون والمد في النص عند قوله: فَارَقَنَا”، “يَشْــــوِينَــــــا”، “فِي”، “يُبْكِينَا”، “يَأْوِينَا”، “يُعْنِــــــــــينَا”، “تُحْرِقُنَا”،  “التِّيهَامُ”؛ لتنويع الإيقاع، وتوضيح المعنى وتأكيد دلالة اشتياق الشاعر نحو الممدوح. ويلاحظ صدق عاطفة الشاعر إذ إنها صادرة من أعماق قلبه من غير تصنع، فعبر الشاعر خلالها عن عظمة ومكانته وتأثيرها في المجتمع،  كما أن الألفاظ التي استعملها الشاعر توحي إلى صدق شعوره، فرسمها ليبرز المعاني التي يريد إيصالها تجاه المتلقي.

خاتمة:

تناول هذا المقال صورا من التكرار الحرفي في قصائد الشاعر القاضي آدم عثمان، حيث تحدث عن ولادته والبيئة التي نشأ فيها، وعن حياته العلمية، ثم تناول مفهوم التكرار وأنواعه، ثم تطرق إلى تحليل نماذج من التكرار الحرفي من القصائد المختارة. ثم تبين للباحث من ناحية الموسيقى أن القصائد المدروسة تتميز باستخدام التكرار الحرفي وأنواعه والغاية في ذلك إحداث النغمات الصوتية، والمتعة الفنية، وسر ذلك دقة الشاعر وقدراته في اختيار الألفاظ ذات الدلالة النفسية والمعنوية المعبرة عن تجربته الذاتية، وعواطفه وأحاسيسه.وأدرك الباحثان عن الجوانب الوظيفية للتكرار من إحداث الوظيفة التأكيدية استطاع الشاعر أن يوظفها بدقة وبراعة. ويدعو البحث الحكومة، والمؤسسات الخيرية، ورجال الجاه، وسائر المعترفين، بأن يزيدوا عنايتهم على الفنون الأدبية، واللغوية، وتمنيح المحنة الدراسية لأصحابها؛ بما كان لهم من السعي في حل المشاكل الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، والأمنية. والله سبحانه أعلم وبه التوفيق.

هوامش:


[1] – أبوبكر، كبير أمين. فن المديح في شعر القاضي آدم عثمان: دراسة نقدية، رسالة الماجستير. جامعة أحمد بلّو، زاريا-نيجيريا، 2010م.، ص: ٢٦-٢٩

[2]– الثالث، يعقوب محمد. ظاهرة جديدة في الشعر العربي النييجري: عرض ودراسة لشعر السيد آدم عثمان. رسالة الماجستير ، قسم اللغة العربية، جامعة بَايَرُو، كَنُوْ، ص: ٣، 1998م

[3]– المنصور، عثمان محمد. المحامي آدم عثمان: شاعريته وقصائده في مناهضات ضد الإسلام. رسالة الماجستير المخطوطة، قسم دراسات الأديان، جامعة جُوْسْ، 2008م. ص: ٢٢

[4]– أبوبكر، كبير أمين، 2010م. المرجع السابق، ص: ٢٦-٢٩

[5]– المنصور، محمد عثمان، 2008م. المرجع السابق، ص: 26

[6]– مقابلة شخصية مع الحسن مليري، (الدكتور) محاضر في جامعة الحكومة الفدرالية كَشَرِي، بتاريخ:26/12/2021م.

[7]– ابن منظور، محمد بن مكرم. لسان العرب، الطبعة الثالثة، ج: 5، دار صادر – بيروت، 1414ه.  ص: 135

[8]– سورة البقرة، الأية: ١٦٧

[9]– سورة الإسراء، الأية: 6

[10]-سورة الشعراء الأية:١٠

[11]-عصام، شرتح. ظواهر الأسلوبية في شعر بدوي الجبل. اتحاد الكتّاب العرب، دمشق، 2005م. ص:5، تم استرجائه على موقع:(www.awu-dam.org)بتاريخ: 29/12/2021م، الساعة 4:30مساء

[12] – ابن رشيق القيرزاني الأزدي، (أبو علي الحسن). العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده. تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، دار الطلائع للنشر والتوزيع، القاهرة، 2009م. ص:  64-68

[13] – انظروا: أحمد مختار عمر. دراسة الصوت اللغوي. ط/2، عالم الكتب، القاهرة، 1997م. ص: 401،  وفضيلة مسعودي. التكرارية الصوتية في القراءات القرآنية قراءة نافع، أنموذجا. ط.1، دار حامد للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2008م. ص: 21، والحولي، حسان فيصل. التِّكرار في الدراسات النقدية بين الأصالة والمعاصرة. رسالة مقدمة إلى عمادة الدراسات العليا للحصول على درجة الماجستير في الدراسات الأدبية قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة مؤتة، 2011م. ص:107

[14]-الحنبلي، عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، (ب.ت)،  حاشية الأجرومية، تم إصدار الكتاب من المكتبة الشاملة، الإصدار الثالث. ص:9

[15]-أميرة عربي. جماليات التكرار في ديوان “رجل بربطتي عنق“، رسالة الماجستير، (د.م)، 2014م. ص: 32

[16]-المرجع نفسه، ص: 32

[17]– أحمد مختار عمر. دراسة الصوت اللغوي، ط/2، عالم الكتب، القاهرة، 1997م. ص: 401 

[18] – سورة القمر، الأية: 1-2

[19] – سورة الرحمن، الأية: 1-4

[20] – ابن فودي،  الشيخ، عبد الله. تزيين الورقات. صكتو، 1383ه، ص: 20-23

[21] – الجوهري. الصحاح في اللغة. ص:159. تم إصداره على موقع الوراق: http://www.alwarraq.com،  

[22] – محمد أحمد معبد، الملخص المفيد في علم التجويد، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، ط/12، 2009م، ص: 75-80

[23] – ابن جني، أبي الفتح عثمان. سر صناعة الإعراب. تحقيق : د.حسن هنداوي. الطبعة الأولى، دار القلم، دمشق، 1985م،  ص:197

[24] – الجوهري. (د.ت). المرجع السابق، ص: 431

[25] – سورة الفرقان، الأية: 48

[26] – ابن عاشور. (د.ت)، التحرير والتنوي. ص: 364

[27] –  حسان، عباس. خصائص الحروف العربية ومعانيه. اتحاد الكتاب العرب، 1998م ص: 217-226

[28] – سورة القرة، الأية: 194

[29] – أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، تحقيق أحمد البرودي، الطبعة الثانية، دار الكتب المصرية، القاهرة، 1964.

مصادر  ومراجع:

1-أبوبكر، كبير أمين. فن المديح في شعر القاضي آدم عثمان: دراسة نقدية، رسالة الماجستير. جامعة أحمد بلّو، زاريا-نيجيريا، 2010م.

2-الثالث، يعقوب محمد. ظاهرة جديدة في الشعر العربي النييجري: عرض ودراسة لشعر السيد آدم عثمان. رسالة الماجستير ، قسم اللغة العربية، جامعة بَايَرُو، كَنُوْ، 1998م

3- المنصور، عثمان محمد. المحامي آدم عثمان: شاعريته وقصائده في مناهضات ضد الإسلام. رسالة الماجستير المخطوطة، قسم دراسات الأديان، جامعة جُوْسْ، 2008م.

4- مقابلة شخصية مع الحسن مليري، (الدكتور) محاضر في جامعة الحكومة الفدرالية كَشَرِي، بتاريخ:26/12/2021م.

5- ابن منظور، محمد بن مكرم. لسان العرب، الطبعة الثالثة، ج: 5، دار صادر – بيروت، 1414ه. 

6-عصام، شرتح. ظواهر الأسلوبية في شعر بدوي الجبل. اتحاد الكتّاب العرب، دمشق، 2005م. تم استرجائه على موقع:(www.awu-dam.org)بتاريخ: 29/12/2021م، الساعة 4:30مساء

7- ابن رشيق القيرزاني الأزدي، (أبو علي الحسن). العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده. تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، دار الطلائع للنشر والتوزيع، القاهرة، 2009م.

8-أحمد مختار عمر. دراسة الصوت اللغوي. ط/2، عالم الكتب، القاهرة، 1997م.

9-فضيلة مسعودي. التكرارية الصوتية في القراءات القرآنية قراءة نافع، أنموذجا. ط.1، دار حامد للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2008م.

10-الحولي، حسان فيصل. التِّكرار في الدراسات النقدية بين الأصالة والمعاصرة. رسالة مقدمة إلى عمادة الدراسات العليا للحصول على درجة الماجستير في الدراسات الأدبية قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة مؤتة، 2011م.

11-الحنبلي، عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، (ب.ت)،  حاشية الأجرومية، تم إصدار الكتاب من المكتبة الشاملة، الإصدار الثالث.

12-أميرة عربي. جماليات التكرار في ديوان “رجل بربطتي عنق“، رسالة الماجستير، (د.م)، 2014م.

13- أحمد مختار عمر. دراسة الصوت اللغوي، ط/2، عالم الكتب، القاهرة، 1997م.

14- ابن فودي،  الشيخ، عبد الله. تزيين الورقات. صكتو، 1383ه،

15- الجوهري. الصحاح في اللغة. تم إصداره على موقع الوراق: http://www.alwarraq.com،  

16- محمد أحمد معبد، الملخص المفيد في علم التجويد، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، ط/12، 2009م،

17- ابن جني، أبي الفتح عثمان. سر صناعة الإعراب. تحقيق : د.حسن هنداوي. الطبعة الأولى، دار القلم، دمشق، 1985م، 197

18-  حسان، عباس. خصائص الحروف العربية ومعانيه. اتحاد الكتاب العرب، 1998م

19- أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، تحقيق أحمد البرودي، الطبعة الثانية، دار الكتب المصرية، القاهرة، 1964.

List of Sources and References:

1-Abubakar, K. A.(2010) “Fannil madih fi shi’iri al-muhami Adam Uthman dirasatun naqadhiyyah”. Un published Master’s thesis, Ahmadu Bello University, Zaria.

2-Ahmad, M. U. (1997). “Dirasatus-sauti al-lughawy.  2nd Edition, alamul kutub, Cairo.

3-Alhanbaly. A. M. bn-Qasim (n.d), (Hashiyatul ajrumiyyah).  Downloaded from maktabah asshamilah 3rd version.

4-Al-huly, H. F. (Attakarar fiddirasatin-naqdiyyah bainal asalati wal mu’asarah). Unpublished Master’s thesis, University of Mu’utat.

5-Aljawhary. Asshah fi-llughah” Downloaded from maktabah asshamilah 3rd version.

6-Al-mansur U. M.(2008). “Al-muhami Adam Usman. Shairiyyatuhu wa qasaiduhu fi munahidatun dhiddul-islaam”. Unpublished Master’s thesis, University of Jos.

7-Al-qayrawany, bn Rasiq, A. (2009). “Al-umdah fi mahasini shi’ir wa aadabihi wa naqdihi”. Edited by Muhammad Muhyiddin A, daruttalai;I, Cairo.

8-Alqurtabi, A. M. (19664). Aljami’u  li ahkamil-qur’an. Edited by Ahamad albarudy, 2nd  Edition, darul-kutub almisriyyah, Cairo. 

9-Amirah, Araby. (2014).” Jamaliyatut tikrar fi diwani “rajul biritany atiq”. Unpublished Master’s thesis. 

10-Bn Ashur, M. T. (n.d). Attahrir wattanwir. Downloaded from maktabah asshamilah 3rd version.

11-Bn Fodiyo, asshekh Abdullahi. (1383A.H). “Tazyinil waraqat”. Sokoto.

12-Bn Jinny, A. U.(1985). “Sirru sana’atil-I’irab”. Edited by Hassan, Hindy. 2nd Edition, darul qalam, Damascus.

13-Fadhilatu, Mas’udy. (2008).  Attakrariyyatus-sautiyyah fil-qira’atil- Qur’aniyyah qira’atu Nafi’u namuzajan”. 1st Edition, daru hamid, Uman.

14-Hassan. Abbas. (1997). Khasa-isul-hurufil arabiyyah wama’aniha. Ittahdul kutubil arab.

15-Ibnu Manzur, M. bn karam. Lisanul-arab. 2nd Edition, vol.5, daru – sadir, Bayrut.

16-Isam, Sharteh. (2005). “Zhawahirul-uslubiyyah fi shi’iri Badwy aljabal”. Ithadul kutubil-arab, Damascus.

17-Malleri Hassan. (26th December, 2021). “Interview” a Doctor of Arabic, federal University Kashere.

18-Muhammad, A. M. (2009). “Almulakhasul- mufid fi ilmil-tajwid” 2nd Edition daru al-tauzi’u.

19-Slisu, Y. M.(1989). “Zhahiratun jadidatun fi-shi’iri-arabi al-nayjeri: ardun wadirasatun li shi’iri al-sayyid Adam Uthman”. Un published Master’s thesis, Bayaro University, Kano