النقد الأدبي النسوي بين الرؤية الغربية والعربية (مصطلح النسوية والنسائية) أنموذجا

تيرس نجاة تحت إشراف أ. د. كبريت علي

المقدمة                                         

ما المقصود بالنقد الأدبي النسوي ؟ ما خصوصياته؟ و ما الغرض منه؟ وكيف يمكن أن يؤثر في طريقة قراءتنا؟ ما النسوية؟ وما الفرق بينها وبين النسائية ؟وما الذي يربط دراسة الأدب بهذا الجدل السياسي والأخلاقي؟

مصطلح “النقد النسوي” ،صاغته الناقدة الأمريكية إيلين شوالتز فيكتابها نحو “بلاغة نسوية “عام 1979. وقد دعت إلى “نقد نسوي يركز على المرأة أي إلى اتجاه يتناول النصوص التي تكتبها المرأة

في كتابها “النقد النسوي في العراء عام 1978. وقد نشأ هذا الصنف من النقد الأدبي في منتصف القرن العشرين في أمريكا في نطاق الحركة النسوية المطالبة بالمساواة  وعرف رواجا كبيرا في كندا ، ثم تحول إلى فرنسا في السبعينات ، فضبطت دوافعه وغاياته ومناهجه ، وظهرت دراسات عديدة تطبقه”1

والنقد النسوي ،كما تراه ماريا هوللي ،”يعد رفضا لكل مواضعات المرأة في المجتمع ،حيث أنه نقد يصدر  عن منظور راديكالي للأدب ، ومختلف الأدوار الجنسية، كما أنه يمثل خطوة مبدئية لصيغة إستطيقا ادبية نسوية وتطويرها، إستطيقا تؤسس لقطيعة كاملة مع كل معايير  القيم الذكورية المتسيدة ، وذلك يجعلها تقيم الأدب ، وتحلله من منظور الحياة الأصيلة للمرأة/الأنثى . وهو بذلك يدل على أننا ،نحن معشر النساء، قد بدأنا ننظر لذواتنا ولثقافتنا نظرة جدية تماما “2

يقول عبد الرحمان عوف في كتابه القراءة في الكتابات الأنثوية أن “مهمة النقد النسوي تكمن في التفاعل مع الكتابة النسوية من خلال الإرتكاز  على عدة اختلافات بين الرجل والمرأة  لكونها تؤدي دورا حاسما في تشكيل الخطاب النسوي إبداعا ونقدا من خلال الإختلافات  الموجودة بينهما والمتمثلة في البنية النفسية للمرأة تختلف عن البنية النفسية للرجل كما نجد اختلاف خيال الرجل عن خيال المرأة مما يستدعي اختلاف  الذاكرة النسوية عن الذاكرة الذكورية.”3

أما حفناوي بعلي فيرى أن “خطاب المرأة النقدي في الثقافة العربية يعد خطابا مكملا لنقد الرجل وليس مناقضا له ملتحما مع قضايا المرأة والمجتمع .غير أنه جاء محتشما في مراحله المتقدمة، وشهد تطورا مشهودا في العقود الأخيرة ، وبرزت تجارب وكتابات نسوية ناضجة ، دخلت بقوة إلى الساحة الأكاديمية . بالرغم من كون النقد الذكوري ظل طاغيا إلى يومنا هذا “4

أ-مفهوم النقد الأدبي النسوي: إذا بحثنا في مفهوم النقد الأدبي النسوي نجد أن هناك إختلافا بينا وواضحا بين النقاد فمثلا يعرفه  محمد عناني في كتابه” المصطلحات الأدبية الحديثة” بأن النقد الأدبي النسوي من أشد مجالات النقد الأدبي تعقيدا، بسبب ترجمة مصطلحاته ترجمة كفيلة بتوصيل المعاني المقصودة إلى القارئ العربي”5 وهذا لأنه مصطلح غامض وغير محدد فهل نعني به النقد الذي تكتبه المرأة؟أم النقد الأدبي الذي تكتبه النساء؟ أم نقد الأدب من وجهة نظر المذهب الذي يدعو الى تحرير المرأة؟ فالنقد النسوي يؤكد وجود إبداع نسائي وآخر ذكوري لكل منهما هويته وملامحه الخاصة . 6

ويدعم  ذلك حفناوي بعلي في تأكيده على الطابع المميز للنقد النسوي عموما أنه “يميل الى التركيز على عالم المرأة الداخلي بما في ذلك الأمور الشخصية والعاطفية ،وتجلية هذا الجانب من خلال القراءة النقدية لأعمال المرأة  وهو التاريخ  الأدبي الموروث للمرأة ،وهو التاريخ الذي همشته الأعمال السابقة، بفضل الهيمنة المزعومة للأدباء والمؤرخين من الذكور على هذا المجال من الخطاب النسوي “7ويتفق معه محمد عناني في تعريف النقد النسوي أنه  “كل نقد يهتم بدراسة تاريخ المرأة ،وتأكيد اختلافها عن القوالب التقليدية التي توضع من أجل إقصاء المرأة وتهميش دورها في إغناء العطاء الأدبي والبحث عن الخصائص الجمالية والبنائية واللغوية في هذا العطاء”8

 في حين يفرق إدوارد سعيد  بين أمرين فيما يخص هذا النوع من النقد الجديد فالأدب الذي تكتبه امرأة يسميه ببساطة: كتابة المرأة أو الأدب النسوي، أما الأدب الذي يعبر عن موقف محدد عقائدي، ينبع من التعلق بما يعتقد  به صاحبه أو تعتقد صاحبته بأنه سمات خاصة بالأنثى و رؤياها للعالم وموقفها فيه فإنه يسميه أدبا أنثويا موازيا  وهكذا يتحدث عن النقد الأنثوي  و عن الحركات الأنثوية و ما يعنيه هذا التميز هو أن النقد الأنثوي  قد يكتبه رجل لأنثى تحديدا موازيا  للأدب الذي يكتبه الرجل.9

أما  حسين مناصرة  فيرى أن النقد النسوي منهج وممارسة نقدية يقوم بها كل من الرجل والمرأة وذلك في تعريفه لهذا النقد بأنه :”خطاب نقدي أو منهج نقدي يتبناه الرجل والمرأة دون التفريق بينهما في هذا الجانب.”10

ومن خلال ما سبق من التعاريف نجد أن هناك من يعد النقد النسوي منهجا في تناول النصوص بينما هناك من يرفض إطلاقا إسم منهج على هذا النقد ،على نحو ما نجده عند الناقد بسام قطوس الذي يعرفه بأنه: “كل نقد يهتم بدراسة أدب المرأة، ويتابع دورها في إبداعها ويبحث عن خصائصه الجمالية واللغوية والبنائية “11

أما الناقد حفناوي بعلي فيذهب الى أن النقد النسوي هو: “فرع من النقد الثقافي الذي يركز على المسائل النسوية، وهو الان منهج في تناول النصوص والتحليل الثقافي بصفة عامة “.12

في حين يرى صبري حافظ أن “النقد النسوي قد قدم إنجازات نقدية ضخمة ترقى الى مستوى الثروة النقدية التي تستحق من نقــادنا ودارسينا النظر و الإهتمام  وخاصة في تحليل هذا النقد الجديد للأدب النسوي وفي بلورة مجموعة من الاستراتيجيات النقدية التي تمكن الناقد من الكشف عن تيارات المعاني التحتية الرمزية السارية في نصوص  المرأة الأديبة وفك شفرات لغتها الإشارية المعقدة “13 

وتذهب الدكتورة شيرين أبو النجا إلى أن النقد النسوي: “ليس منهجا قائما بذاته ولكنه منهج انتقائي أي إستفاد من جميـع النظريات السابقة والمعاصرة له، وهو تيار يضع نصب عينيه كسر منظومة التضاد

 الثنائية، وهو تيار يهدف الى قراءة النسوي وكتابته بين السطور، وفي الثغرات وفي المناطق المعتمةالتي لا تسلط عليها البنية الأبوية الأضواء، أي المفاهيم الموجودة بالفعل ، ولكنه غير معتـــــــرف بها لأنها ليست المماثل.”14

لذا يستوقفنا سؤال مهم يطرح غالبا وهو هل يدخل النقدالنسوي تحت المظلة الواسعة للنقدالثقافي أم هو جزء من مصطلح ما بعد الحداثة المتأثرة بفلسفة التفكيك ؟أم هو مشروع حداثي يرمي من خلاله الناقد إلى الدفاع عن المرأة ككيان إجتماعي وحمايتها من نزعة ذكورية تقمعها وتهمشها ؟

يعد كتاب “الجنس الآخر “لسيمون دي بوفوار الصادر عام 1949،”أول محاولة للحديث عن قضايا المرأة  وتاريخها ،أما البداية الفعالة حسب إجماع أغلب النقاد والأدباء  و المؤرخين، كانت في الستينات نتيجة لحركات تحرير المرأة في الغرب ومطالبتها بالمساواة والحرية الاجتماعية والاقتصادية “.15

وقد اتهمت  فرجينيا وولف و سيمون دي بوفوار الغرب بأنه “مجتمع أبوي يحرم المرأة من طموحاتها وحقوقها، وأن  تعريف المرأة مرتبط بالرجل ،فهو ذات مهيمنة ،وهي “آخر” هامشي سلبي”  16

ب- إشكالية المصطلح : يحمل موضوع النسوية في الأدب والنقد الكثير من الإشكاليات منها استخفاف البعض واتخاذه مجـالا  للسخرية ،بل هناك من صرح بعدم جدوى إثارته وهو قليل من كثير يعترض هذا الموضوع ويقف حائلا بينه وبين التقدم سريعا في البحث فيه الى درجة استعمال مصطلح عدم القابلية للتحديد أثناء تصور الكتابة النسوية ،فالكتابة في هذا المضمار تعتبر في حـد ذاتها تحـد وهذا ما تعترف به  لوسي إيدجاري  في تفسيرها لهوية المرأة نفسها بوصفها” هوية متمددة جدا بخلاف هوية الرجل فإذا كانت الكتابـة النسائية مهمة بالإمتثال بهذا التمدد والإختلاف فإنه من غير المفيد أن نحبس المرأة في التعريف الدقيق لما تعنيه”  17

كما تسهم مقولات دريدا  مساهمة فعالة في النقد النسوي الحديث وتتمثل هذه المساهمة من خلال مفهوم (الجدل المستمر بين الإرجاء والاختلاف ) فهو يرى أن “أي بحث عن معنى أساسي ومطلق ونهائي وثابت هو نوع من العبث أو دلالة نهائية ذات معنى بنفسها فقد كشف عن

تغلغل التصور الأدبي ببنيته السلطوية في المنظور النقدي، مما أدى الى نفي الآخر(المرأة)”18   ويذهب البعض إلى أن مصطلح النسوية feminisme قد طرح لأول مرة عام 1860 ،ثم طرح من جديد في الثلاثينات من القرن العشرين بقوة في أمريكا،بينما طرح في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية ،وازدهر في الستينات والسبعينات في فرنسا  20

وقد عرف معجم hachette  “النسوية” بأنها “منظومة فكرية أو مسلكية مدافعة عن مصالح النساء وداعية إلى توسيع حقوقهن “21

أما معجم webster  فيعرفها على أنها” النظرية التي تنادي بمساواة الجنسين سياسيا وإقتصاديا واجتماعيا، وتسعى كحركــــــة سياسـيـة الى تحقيق حقوق المرأة واهتماماتها إلى إزالة التمييز الجنسي الذي تعاني منه المرأة “22

أما جوليا كرستيفا julia kristiva  فهي ترفض مفهوم الهوية من أصله، وبالنسبة لها لا وجود للفروق بين الجنسين بما في ذلك القول بهوية نسوية واخرى رجالية ،وترى أن مصطلح féminité ،مفهوم خلقته بنية الفكر الأبوي في تقنينها لعلاقات القوى الإجتماعيـة وهو مفهوم – تراه -يضع المرأة في إطار هامشي ضمن منظومة علاقات القوى المعتمدة في المجتمع الأبوي .23

وبدورها الناقدة خالدة سعيد ترفض مصطلح الإبداع النسوي باعتبار أن المصطلح يتضمن معنى الهامشية في مقابل الذكورية، فهي تدعو إلى إلغاء التمييز الجنسي بين الذكر والأنثى ، عن طريق رفض اتخاذه كمعيار لخصوصية الكتابة الأنثوية، مما يعني استرجـاع الـذات المفقودة ، والإنطلاق مع هوية جديدة تحمل معاني الإستقلال والتحرر.24

ج- الفرق بين النسوية والنسائية: يعرف لسان العرب” أن النسوة والنسوة بالكسرة والضم، والنساء والنسوان و النساء جمع نسوة إذا كثرن فالفرق بين النسوة والنساء هو فارق بحت حيث لفظة النساء أكثر عددا من لفظة النسوة .25

غالبا ما يطرح التساؤل حول الفرق بين المفهومين، وقد أشارت إليه الدكتورة شيرين أبو النجا، في كتابها (نسوي أم نسائي) فعـــرفت النسوي أنه :”نتيجة إلى الوعي الفكري والمعرفي وأن النسائي يتجه الى الجنس البيولوجي، إذ تؤكد في مقدمتها: أنه تلزم التفرقة دائما بين نسوي أي وعي فكري ومعرفي، ونسائي أي جنس بيولوجي “.26

و تفرق رشيدة بن مسعود بين مفهومي النسوية والنسائية حيث تقول في النسوية ” أنها كتابة تلجأ فيها المرأة إلى توظيف الأدب كأداة للإحتجاج على أوضاعها، الإجتماعية والأسرية والتعليمية والسياسية، وعلى أوضاع المرأة عموما داخل المجتمع الذكوري، للإحتجــاج على الرجل، أما الكتابة النسائية هي التي تلجأ فيها المرأة إلى أساليب ادبية وجمالية محضة، لاتتبنى فيها موقفا مسبقا من الرجل “27

 ونجد سارة جامبل “sara Gambel”  في كتابها “النسوية وما بعد النسوية” تذهب  إلى أن النسوية تعني: “كل جهد نظري أو عملـي يهدف إلى مراجعة واستجواب، أو نقد وتعديل النظام السائد …الذي يجعل الرجل هو المركز هو الإنسان والمرأة جنسا ثانيا أو الآخر في أنثوية الأنثى.”28

أما سعاد المانع فتقول من خلال متابعتها النقد النسوي الغربي أنه: “يمكن القول أن النقد النسوي في الغرب مازال موضع عدم استقرار، وبالنسبة لوجود لغة انثوية خاصة ،يبدو هذا أقرب إلى التجربة منه الى نظرية ثابتة، وترى أن النقد النسوي العربي ليس سوى انعكاسا للنقد النسوي في الغرب، وأن الكتابة الأنثوية تعكس الطبيعة الداخلية للمرأة وهكذا يصبح النص والبطلة والأنثى فيه امتدادا نرجسيا للمؤلفة”.29

وهذا عبد الله الغذامي يرى” إن حادثة المرأة والكتابة لا تقف عند ظاهرها الإ بداعي وكأنما هي مجرد إنجاز ثقافي ولكنها تتعدى ذلك لتكون ضرورة ثقافية ،ولذا فإنها ترتبط بالقلق وتتشابك الكتابة مع الإكتئاب

فالمرأة إنما تكتب بدافع ذاتي، فلا أحد يملي عليها ماتكتبه ،طالما أنها دخلت وبرغبة منهــــا إلى فضـــــاء الكتابــة ، هو ذكـوري التأسيس والتأصيل ثقافيا واجتماعيا، دخلت سعيا منها لتشكيل خطاب أنثوي جديد ،لا يطمس الخطاب الذكوري ولا يهمشه بل يتقاطع معه”.30

 من خلال هذه التعاريف نلاحظ أن هناك إجماع على أن النسوية في أصلها عبارة عن حركة سياسية بالأساس  تسعى إلى الدفاع عن حقوق  المرأة السياسية و   الإجتماعية كالحق في العمل والتعليم وغيرها من الحقوق التي كانت حكرا على الرجال دون النساء.

فالنسوية إذا محاولة لرد الإعتبار للمرأة بعد التمييز والتهميش التي عانت منه طوال عصور خلت…

 بينما يذهب روجيه غارودي أحد الفلاسفة المعاصرين والذي أطلق عليه البعض بأنه مفكر نسوي بإمتياز في كتابه الأساسي في هذا الموضوع والموسوم ب pour l’événement de la femme   (في سبيل ارتقاء المرأة) “إلى أن النسوية ليست حكرا بالنساء وحدهن بل هي فلسفة للجنسين معا أي لكل من يؤمن بمبادئ هذه الفلسفة ويناضل من أجلها فكرا وقولا وعملا “.31

يبرز من خلال تتبعنا للإشكالات التي يلاقيها النص المنجز من قبل المرأة أن أهم ما يثار نقديا هو تعدد المصطلح وعدم اتفاق النقاد عليه ما يؤكد أن هذا المصطلح لا يزال يبحث عن مسمى يجمع عليه الدارسون في حقل كثرت فيه التسميات ،فنجد من يطلق عليه اسم: النقد المؤنث ونقد الأنثى ونقد المرأة والنقد النسوي والنقد النسائي ولعل المصطلح الأخير أكثر ارتباطا في ذهن القراء  لا سيما الكاتبات تحديدا بقراءات نقاد مشهورين نظروا لنص المرأة نظرة سلبية تنم عن الانتقاص والسخرية.

الأمر الذي أيده ميجان الرويلي و سعد البازعي في دليل الناقد الأدبي على أن النقد النسوي يمكن تقسيمه الى نوعين متميزين يهتم النمط الأول بالمرأة بوصفها قارئة وبالمرأة من حيث هي مستهلك للأدب الذي ينتجه الرجال أما النمط الثاني للنقد النسائي فيهتم بالمرأة من حيث هي منتج للمعنى النصي وهو ما توجه إليه كثير من الأتباع ويعرف بالنقد الجينثوي (gynocriticism) أي النقد الذي يعنى على وجه التحديد بإنتاج النساء من كافة الوجوه “.32

 وغاية النقد النسائي إنصاف المرأة وجعلها على وعي بحيل الكاتب الرجل وإبراز طريقة تحيزه” ضد المرأة وتهميشها بسبب أنوثتها”33

ومن ثم فإن النقدالنسوي يتحرك بصفة عامة على محورين:

   الأول: دراسة صورة المرأة في الأدب الذي أنتجه الرجال

  والثاني :دراسة النصوص التي أنتجتها النساء

ويلتقي  المحوران في الواقع عند نقطة واحدة هي هوية المرأة أو ذاتها

       وجوهر فكرة النقد الأدبي أو فلسفته عند الحركة النسائية هو ما لقيته المرأة من ظلم- حسب إعتقاد الحركة  – على امتداد  تاريخها الطويل سواء في مجال النقد إذ لم تتح لها الفرصة للتعبير عن أراءها النقدية التي قد تكون مخالفة لوجهة نظر الرجل “34

كما يتعلق أدبها بفكرة الإحساس بالظلم التاريخي للمرأة و ما تقدمه الحركة النسائية من تصور يفصح عن رفضها الجنس بصورته التقليدية أي مفهوم المرأة مصدر المتعة أو الجمال أو الفتنة فذلك في رأي بعض زعيمات الحركة مثل نعومي وولف مؤلفة كتاب أسطورة الجمال “كان من ذرائع خداع الرجل للمرأة واستغلالها على مدى العصور”. 35

و تلخص ماري إيجيلتون في كتابها “النقد الأدبي النسائي” الصادر عام 1992،خضوع المرأة ولمدة طويلة للنظريات الأبوية التي يضعها الرجال يثبتون فيها أن المرأة أدنى من الرجل.36    

  وقد تأثرت الحركة الأدبية في العالم العربي بحركة الأدب النسوي الغربية إلى حد كبير مع إختلاف البيئة والثقافة والمعتقدات ولكن عددا كبيرا من النساء العربيات انسقن في تيار الحركة النسائية الغربية  . وترى أن مصطلح الأدب النسوي نفسه جاء لتهميش المرأة وإبداعها لأنه يفصل بينها وبين الرجل ويكرس الفوارق بينهما ومنهن من ذهبت إلى هجاء المنطقة العربية الموبوءة بالحروب الديكتاتورية والتخلف الإجتماعي وغلبة العقلية الدينية المتخلفة الداعية إلى طمس شخصية  المرأة خلف جدران التابوهات والممنوعات والقمع الأسري والفكري والسياسي والديني 37 

وكما يصرح به كثير من النقاد فسواء كان المصطلح نسويا أو نسائيا أو أنثويا أو مؤنثا فهو واحد والدلالة مشتركة 38

وأخيرا وليس آخرا يظهر أن النقد النسوي العربي قد ارتبط ارتباطا وثيقا بالنقد النسوي الغربي مشكلا جدلا نقديا عنيفا بين مؤيد ومعارض  وحتى رافض لخصوصية هذا النمط النقد الأدبي ضمن الجهود المتواصلة غربيا وعربيا للتقريب بين المفاهيم والرؤى.

  الهوامش والإحالات:

1-سعاد  عبد  العزيز المانع : النقد الادبي النسوي في الغرب وانعكاساته في النقد العربي المعاصر ،المجلة العربية، العدد 32،سنة 1977،ص72

2-راشيا هولي : الوعي والأصالة،نحو تأسيس إستيطيقا نسوية ،مجلة فصول ،العدد 65،خريف 2004،،-شتاء-2005ص:106

3-عبد الرحمن أبو عوف، القراءة في الكتابات الأنثوية، الهيئة المصرية العامة للكتاب،2001،ص 108.

4-حفناوي بعلي، بانوراما النقد النسوي في خطابات الناقدات  المصريات،ص 10

5- محمد عناني،المصطلحات الأدبية الحديثة، الشركة المصرية العالمية للنشر ن لونجمان مصر ط3،  203، ص 180.

6-المرجع نفسه،ص18

7-حفناوي بعلي، بانوراما النقد النسوي في خطابات الناقدات المصريات ، ص27

8-محمد عناني ، المصطلحات الأدبية الحديثة، لونجمان القاهرة-1996،ص 18

9-إدوارد سعيد: الثقافة والإمبريالية،ترجمة كمال أبو  ديب، دار الآداب ،بيروت،ط2-1988،ص:25، 53

10-حسين المناصرة ، النسوية في الثقافة والإبداع ،عالم الكتب الحديثة ، الأردن ، ط1، 2008 ،ص114.8

11-بسام قطوس ،المدخل إلى منهاج النقد المعاصر ،دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر الإسكندرية، مصر،ط1،2006 ،ص218.

12-حفناوي بعلي، مدخل في نظرية النقد الثقافي المقارن، منات الاختلاف ، الجزائر،ط1، 2007، ص109.

13-صبري حافظ، أفق الخطاب النقدي، دار شوقيات للنشر والتوزيع ،القاهرة،مصر ط13

14-شيرين أبو النجا، نسائي أم نسوي، مكتبة الأسرة ،الهيئة العامة للكتاب، القاهرة،مصر،1998،ص58.

15- ينظر:مقال:فتحية إبراهيم صرصور،النقد الثقافي والنقد النسوي ،مدونة دنيا الوطن ، غزة –فلسطين -تاريخ  النشر:2005-04-06

16-المرجع نفسه

17 – بسام قطوس،المدخل إلى مناهج النقد المعاصر ،ص215.

18-المرجع نفسه،ص182.

19-حسين المناصرة،النسوية في الثقافة والإبداع، ص17

20-مية الرحبي،النسوية مفاهيم وقضايا،ط1، 2014،الرحبة للننشر والتوزيع،14

21-المرجع نفسه،ص14

22-المرجع السابق ،ص14

23-ينظر  جوليا كرستيفا،الهوية في الإختلاف،ترجمة:أزراج عمر ،مجلة الكتابة،ع 2ص53

24-ينظر خالدة سعيد، في البدء كان المثنى، دار الساقي ،بيروت ،2009 ،ص186

25-لسان العرب ،ابن منظور ،06/181(نسأ)،ط1،دار صادر،بيروت،1997.

26-شيرين أبو النجا،الهيئة المصرية العامة للكتاب –مكتبة الأسرة،ط1، 2002،ص10

27- رشيدة بن مسعود، المرأة والكتابة،إفريقيا ،الشرق1994،ص10

28-ينظر حفناوي بعلي،مدخل في نظرية النقد النسوي وما بعد النسوية،منشورات الإختلاف،الجزائر،ط1،2009،ص45.

29- سعاد المانع،النقد الأدبي النسوي في الغرب وانعكاساته في النقد العربي المعاصر،المجلة العربية للثقافة ،العدد 32،ص83

30- عبد الله الغذامي،المرأة واللغة ،المركز الثقافي العربي،ط3،ص8

31- روجيه غارودي،في سبيل ارتقاء المرأة، ينظر مقال للكاتب جلال مطرجي،مجلة الآداب،مايو ،1981

32-ميجان الرويلي وسعد البازعي،دليل الناقد الأدبي،المركز الثقافي العربي،ط2،2000،ص224

33-ينظر حفناوي بعلي،بانوراما النقد النسوي، ص13

34-حفناوي بعلي:الخطاب النسوي في الأدب الموازي..إبداع المرأة الوعي الجديد،مجلة تايكي،تعنى بالأدب النسوي،الأردن، العدد 18،2004،ص42

35- ينظر مقال :خرافات الجمال:نموذج للكاتبات النسوية،سمير الشناوي،  28  يونيو 2018

36- ينظر ماري إنجيلتون،النظرية الأدبية النسوية،ترجمة عدنان حسن –رنا باشور،دار الحوار للنشر والتوزيع ،ط1،ص 23

37-     ينظر حفناوي بعلي،بانوراما النقد النسوي ،ص20

38-محمد عناني: المصطلحات الأدبية الحديثة،لونجمان-1996،ص18

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *