بَشَرْ مَالَمِي سَاعِي، و د.محمد عاشر آدم
ملخص البحث:
للمشتقات الاسمية دور فعال في تأدية الشاعر للمعنى المعبر نحو المجتمع، ويظهر ذلك جليا فيما خلفه أبناء الشعب النيجيري في القرن العشرين من الرصيد العلمي الغزير، الذي يشهد للشعب بالتنمية الفكرية والعلمية، حيث استعملوا ظاهرة الاشتقاق استعمالا صرفيا ليبثوا فلسفتهم تجاه مجتمعهم النيجيري. ومن هؤلاء الأعلام الشاعر عثمان نَلِيمَنْ.
وهدف المقال – في هذه العجالة – أن يقدم رؤية عن مقدرة الشاعر عثمان نَلِيمَنْ في استعمال صيغ المشتقات الاسمية استعمالا رائعا. سيتجلى في المقال أن الشاعر استطاع أن يصيغ المشتقات الاسمية الخمسة صياغة رائعة بمعان صرفية لطيفة، مما يشهد على جودة لغته التعبيرية، لأنّ ما يبتكرهُ الشعراء من المعاني التي تحملها تلك الأوزان هو سرُّ الصيغ.
الكلمات المفتاحية: علماء القرن العشرين- الشاعر عثمان نليمن- دلالة الصيغ.
Abstract
An Illustration of Derivatives by the Poet, Usman na Liman: Etymological and Analytical Studies
The nominal derivatives have a significant role to play in making an affective meaning within the society by the poet. This could be clear evidence regarding an abundant knowledge which sons of Nigerian folks left behind in the twentieth century. People then had witnessed educational and intellectual development where they used the derivation in a grammatical way to prove their philosophy within the Nigerian society. Among these distinguished personalities is the poet, Usman na liman. The objective of the article- in this rush job- is to present the view in the poet’s ability in using the nominal derivatives in a wonderful manner. It will also be obvious in the article that the poet was able to shape the five nominal derivatiues in a wonderful manner and a sweet grammatical meaning. this proved the efficiency of his expressional language because the meanings that he delivered containing in the meters was the secret behind the good shaping.
Key words: The Twentieth Century Scholars- The Poet Usman na Liman-Derivatives.
المقدمة
الحمد لله مصرّف السوء عن عباده ويعفو عن السيئات، الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى، والذي أخرج المرعى، فالق الحب والنوى، وشاقق الماء من الحصى، والصلاة والسلام على قائد الغرّ المحجلين، النبي المحبوب، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الكرام البررة، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين.
وبعد: لقد حفز انتباه الباحثين إلى انتقاء موضوع في شكل مقالة موجزة معنونة بـ: “صور من المشتقات لدى الشاعر عثمان نليمن: دراسة صرفية تحليلية” ما لاحظاه من أن لشعراء القرن العشرين الميلادي في نيجيريا إنتاجات قيمة تستحق الدراسة في مجالات علمية مختلفة، خصوصا دراسة صرفية.
ومن الذين أسهموا وأنتجوا وأجادوا في ذلك القرن الإمام الخطيب العالم اللغوي النحوي الشاعر الشيخ عثمان نليمن- رحمه الله. تهدف هذه المقالة إلى إلقاء ضوء حول المشتقات الاسمية في بعض قصائد هذا العبقري. وتتركز المقالة بعد المقدمة على نقاط تالية:
نبذة عن حياة الشاعر. صور من المشتقات الواردة في القصائد وخاتمة للبحث.
نبذة عن حياة الشاعر:
هو الإمام الخطيب العالم اللغوي النحوي، عثمان ابن الإمام محمد لابدُ بن الإمام على ابن أحمد ابن القاضي أبي بكر المشهور بلقبه لاَدَانْ رامي، بن عبد الله بن محمد بن عثمان بن حم بن عَالِ بن محمد جب – من هنا يلتقي نسبه مع الشيخ عثمان بن فودي المجدد لدين الله[1] تغمده الله برحمته آمين.
ولد هذا الشاعر في مدينة صكتو سنة 1343هـــ الموافق لسنة 1917م. نشأ وترعرع في أسرة تهتم بالعلم اهتماما بالغا، وكان والده محمد لاَدَنْ عالما بارزا. أخذ الشاعر مبادئ العلوم في مدينة صكتوا، واستمر في التحصيل حتى صار عالما متخصصا ممن يشار إليهم بالبنان. بدأ تعلمه بالقرآن الكريم عند المؤدبة عائشة زوج عمه القاضي عبد الله وعلى يديها ختم القرآن.[2] واستمر في التحصيل ينتقل من عالم إلى آخر، ومن هؤلاء العلماء والده الذي لازمه حتى توفي، وابنا عمه الإمام الخطيب إبراهيم المعروف بلقبه آمُ، والإمام الخطيب محمد الأمين،[3] والعالم الأديب الأريب محمد ليم ابن الوزير البخاري،[4]ومن هؤلاء العلماء العالم البارز المشهور بلقبه صَحَابِنْ طَنْ تنُومَ هو من أسرة صاحب راية جهاد الشيخ عثمان بن فودي، والعالم المتفنن في اللغة العربية وقواعدها والعلوم الشرعية الأستاذ ألفا نوح المغربي، وممن أخذ عنهم الأستاذ أبي بكر بَابِـي أسّاد صكتو، ومن هؤلاء العلماء الأديب الوزير جنيد [5] وغيرهم.
استطاع هذا الشاعر أن يستوعب كثيرا من الكتب المقررة في الدراسات الاسلامية واللغة العربية في عهده، والجدير بالذكر أنه حفظ بعض المتون في اللغة العربية.[6]
لقد ساهم هذا الشاعر اسهاما محمودا نحو إحياء التراث الاسلامي العربي إذ تصدر للتدريس في معهده، واستمر في نشاطه إلى أن توفي. وكان الطلاب يفدون إلى هذا المعهد من كل فج عميق، لقد تخصص عدد كبير منهم في الدراسات الاسلامية واللغة العربية.[7]
كان الشيخ عثمان نليمن أسمر اللون طويل القامة غير معوج، قوي البنية، ثاقب البصيرة، سريع الفهم حريصا على صحته، ويختار لنفسه طيب الأكل واللباس، وكان صبورًا حليما[8].
شاعريته:
تأثر هذا الشاعر بالشعر الجاهلي وشعر المجاهدين من زعماء خلافة صكتو، كما أنه قرأ قسطا وافرا من الأدب الأندلسي، فتأثر به. وكان أسلوب شعره مسترسلا وخاليا من التكلف والبديع والسجع الذي يؤدي إلى غموض في الفكرة والمعنى.
توفي الشيخ عثمان نليمن صباح يوم الاثنين الخامس من شهر الله صفر سنة 1421هـــجرية، الموافق للثامن مِن مايو سنة 2000 ميلادية، ودفن بمقبرة أئمة مسجد الشيخ عثمان بن فودي، وله من العمر اثنان وثمانون سنة[9].
صور من المشتقات الواردة في القصائد:
وليس قصد البحاثين هنا إيراد تلك القصائد كلها لأن المقام لا يسامح له بذلك، بل إنما يكتفي بعرض بعض أبياتها وتحليلها تحليلا صرفيا.
وقد استخدم الشاعر الشيخ عثمان نليمن – رحمة الله عليه – جميع أنواع المشتقات الاسمية الوصفية الخمسة في هذه القصائد للدلالة على معان صرفية مختلفة. وهي:
اسم الفاعل:
هو اسم مشتق من مصدر الفعل المبني للمعلوم، للدلالة على من وقع منه الفعل، أو قام به على قصد التجدّد والحدوث[10]
ما زال مصطبرًأ حليمًا حاملا لمشقة الإرشاد والإعلام
حتى ارتوى عقلاء عامة عصره علمًا وهديًا واغتنام مرام
وأقام أحكام الشريعة جاعلاً منهاج خير الخلق خير إمام[11]
ويلاحظ من الأبيات السابقة بعض من المشتقات الاسمية الدالة على الوصف، ورد بعضُها بصيغة اسم الفاعل المشتق من
الثلاثي ومزيده، وهي:
ما زال مصطبرا: ومصطبرا اسم الفاعل المفرد المشتق من مصدر الفعل الثلاثي المزيد بحرفين، وهو صبر يصبر على باب ضرب[12]، وزيد فيه الألف والتاء فصار اصتبر، يصتبر، ولما كانت فاء الفعل حرفًا من حروف الإطباق الأربعة التي هي الصاد، والضاد، والطاء، والظاء، قلبت التاء طاء، فصار “اصطبر يصطبر” من غير إدغام[13] ، ولما أريد من المضارع اشتقاق اسم الفاعل قلب حرف المضارعة ميمًا مضمومة وكسر ما قبل الآخر، فصار “مصطبرًا” على وزن مفتعل[14] ويأتي لازمًا ومتعديا[15]، ويرد في اللغة العربية بمعان عدة منها: “حبس النفس عن الجزع، وهو ضد التخلية،[16].
حاملا: اسم الفاعل المفرد المشتق من مصدر الفعل الثلاثي المجرد الصحيح اللازم، وهو حمل يحمل، على باب ضرب، [17]واشتق منه اسم الفاعل وهو “حامل” على وزن فاعل للدلالة على من قام بالفعل.
والشاعر في استعماله اللفظتين (مصطبر – حامل) يصف ممدوحة بالصبر عن الأذى واحتمال المشتقات، دأب كل زعيم مثالي من أسلاف الأمة الإسلامية.
جاعلا: اسم الفاعل المفرد المشتق من مصدر الفعل الثلاثي المجرد الصحيح السالم المتعدي من باب فتح[18] وهو مأخوذ من الجعل، إذ فعله “جعل يجعل”, ولما أريد منه اشتقاق اسم الفاعل زيد عليه ألف قبل عين ماضيه، فصار “جاعلا” على وزن “فاعل”.
وللفظة “جعل” معان لغوية كثيرة منها، الصيرورة والانتقال من حال إلى حال أخرى[19]
والشاعر يبين ما للممدوح من الكرم، بعد الصبر واحتمال المشقات في إرشاد الناس، من جعلهم على السنة منهاج خير خلق الله أجمعين، بعد أن لم يكونوا عليها، فصارت السنة مرجعهم.
انطلاقا من هذا، فإن الشاعر عثمان نليمن استعمل اسم الفاعل الوارد في قوله: “مصطبرًا” و “حاملا” و “جاعلا” ليدل بها على من قام بالفعل أو تعلق به من جهة الحدوث والاتصاف.
ويعني هذا أن الشيخ الزاجر لمن حاد عن سواء السبيل إلى هواه المذموم، يتحلى بالصبر عن الأذى، واحتمال المشقات في الدعوة والإرشاد، وجعل الناس على سنة نبي الرحمة خير خلق الله أجمعين، ليقتدوا به كما أمرهم الله تعالى في محكم تنزيله ” لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كثيرا”[20]
ثم ذكر الشاعر أن خليفة ممدوحه – محمد بلو ابن عثمان بن فودي – اهتم بإحياء منهجه وسار على دربه بكل حماسة، ولما أراد الشاعر أن يبث ما يجول في نفسه من العواطف تجاه الممدوح, استعان بصيغة اسم الفاعل في ذلك، قائلا:
بل الهمام القوم والي عهده بين النجوم الزهر والأعلام
فأقام أحكام الإله محاذيا منهاج والده سبيل سلام[21]
ويلمس من هذين البيتين اللفظان من المشتقات الاسمية الدالان على من وقع منه الفعل، أو قام به على قصد التجدد والحدوث، وهما في قول الشاعر: “والي” و “محاذيا” الواردان في البيت، و يشترك اللفظان في المدلول الصرفي الواحد، كما اختلفا في المدلول اللغوي واللفظ، وتفترق كلمة “محاذيا” في صياغتها عن لفظ “والي”.
ولفظ”والي” اسم الفاعل المفرد المشتق من مصدر الفعل الثلاثي المجرد المعتل اللفيف المفروق، وهو من باب وعد يعد [22] مأخوذ من الولاية، بكسر الواو عند بن السِّكِّيت[23] إذ فعله، ولي يلي، واشتق منه اسم الفاعل فصار “واليا” على وزن فاعل.
محاذيا: اسم الفاعل المشتق من مصدر الفعل الثلاثي المعتل الناقص المتعدي المزيد بحرف واحد، وهو حذى يحذي، على باب ضرب،[24] ولما أريد منه الدلالة على المتابعة والموالاة زِيدَ فيه الألف، فصار “حاذيا” واشتق منه اسم الفاعل على وزن مضارعه بإبدال حرف المضارعة ميمًا مضمومة وكسر ما قبل الآخر، فصار “محاذيا” على وزن “مفاعل”[25].
ومن معانيه اللغوية “الحكاية”. والشاعر يريد أن يعبر بأن خليفة ممدوحه – الشيخ محمد بلّو رحمة الله عليه لما ولي أمر المسلمين حاكى منهج الممدوح، وأتى به على الصفة التي أتى بها الممدوح.[26]
صيغ المبالغة:
وصيغ المبالغة هي صفات مشتقة من اسم الفاعل، للدلالة على من قام بالفعل، أو اتصف به، وتدل على ما يدل عليه اسم الفاعل مع الزيادة في الكثرة والمبالغة.[27]
يقول الشاعر يرثي معلمته عائشة المعروفة بلقبها “إِيَ”:
فقدي لعائشة الحليمة يالها من أمة خيراتها تتسبل
صوّامة قوّامة درّاسة القر ءان في الآناء ليست تأسل [28]
و”صوّامة، وقوّامة، ودرّاسة، الأصل فيها جميعًا الفعل الثلاثي المجرد، وهو صام يصوم من باب نصر، وقام يقوم من باب نصر أيضا. ودرس يدرس من باب ضرب، وأوردها الشاعر على صيغة “فعال” و “فعول”، فصارت صوّامة، وقوّامة، ودرّاسة،
قصدا للمبالغة والتكثير، لأن هذه الصفات في الأصل اسم الفاعل فحوّل إلى هذه الصيغ لهذا الغرض المعنوي.
وعلى هذا، فإن الشاعر عثمان نليمن استعمل لفظ”صوّامة” ليصف به ممدوحته وشيخته عائشة زوج عمه القاضي عبد الله بالمبالغة في الصوم، لأنها تصوم كثيرا، ولا تفطر نهارها إلا قليلا، فكأنها تصوم دهرها[29]، واختار لفظ “قوّامة” ليعبر به عن مبالغتها في إحياء لياليها. وهدفه في قوله “درّاسة” أن يصف ممدوحته في كثرة التلاوة وتبليغها الغاية في قراءة القرآن وحفظه وفهمه والعمل به ليل نهار،[30] وهذا هو الغرض المعنوي في استخدام الشاعر لهذه الصيغ في هذه القصائد.
اسم المفعول:
وهو صفة تؤخذ من الفعل المبني للمجهول، للدلالة على حدث وقع على الموصوف بها على وجه الحدوث والتجدد، لا الثبوت والدوام[31]،استعمل الشاعر اسم المفعول في هذه القصائد لهذا الغرض، استمع إليه في قصيدة يمدح بها شيخه المبجل الشيخ محمد المنتقى سالامي حيث يقول:
أطل إلهي عمره وأحسن إلهي أمره
وكل من يعينه في نصر ديـــــــــن منتقــــى[32]
وقوله في قصيدته الميمية:
طود التبصر والأناة مؤيدًا بأخ نجيب حافظ لزمام[33]
ولفظ “مؤيَّدًا” اسم المفعول مشتق من مصدر الفعل غير الثلاثي المضعف للدلالة على من وقع عليه التأييد.
وعلى هذا المدلول بنى الشاعر قوله “مؤيدا بأخ نجيب حافظ لزمام” لأن الذي وقع عليه الفعل هو أحمد بلّو سردونا صكتو، ودلّ هذا على أن الفعل قد وقع على أحمد بلو سردون وهو التأييد.
الصفة المشبهة باسم الفاعل:
والصفة المشبهة باسم الفاعل هي ما اشتقت من فعل لازم لمن قام به على معنى الثبوت،[34]
أحسن الشاعر في استعماله الصفة المشبهة حيث يقول:
هذا ويحييه في سوداننا بطل سمح حليم وقور ما به ذعر[35]
وقوله في الميمية:
سردون بحر الجود قطب رياسة ببلاد هوسا رئيس كل إمام[36]
وقد وردت في هذين البيتين ألفاظ دالة على صفات، وهي مشتقة من الأفعال ثلاثية الأصول. و”بطل” من باب نصر، على وزن فعل، و “رئيس” على وزن فعيل،[37] للدلالة على الصفة المشبهة. وأوردها الشاعر الشيخ عثمان نليمن هنا، ليدل بها على ثبوت الصفة ولزومها لصاحبها، حيث وصف الممدوح بالشجاعة والقوة بحيث إنه لا يخاف في الله لومة لائم، وثابت فيها، ولا تزول عنه.
واستخدم الشاعر زنة فعيل في قوله “حليم” ليصف بها الممدوح بصفة ثابتة فيه، وهي الحلم، لأنه كان يصفح ويستر عن كل من يشينه، وعلى هذا فإنها لا تزول عنه فتفارقه لكونه دائما يعفو عمن عصاه.
واستعمل الشاعر وزن فعيل في قوله: “رئيس” ليصف بها الممدوح بصفة ثابتة فيه، وهو ارتقاءه منصبا عاليا، وهو وزير شمال نيجيريا. يروعك من هذه الصنعة أن الشاعر لما أراد أن يمدح ممدوحه وصفه بالكرم والجود والسخاء أولا، ثم انتقل إلى وصفه بأنه قوام الرئاسة، واستمر في ذكر المناصب التي ارتقى إليها الممدوح، واستعان في ذلك بالصفة المشبهة ليشير إلى أن هذه الصفة ثابتة لازمة له.
اسم التفضيل:
اسم مصوغ من المصدر على وزن أفعل، للدلالة على أن شيئين اشتركا في صفة وزاد أحدهما على الآخر فيها[38]
سلم على نورك الأعلى الذي شرفت به النبيون والأملاك وافتخروا
سلم على نورك الأعلى الذي اقتبست ومن نوره آله وصحبه الغرر
سلم على نورك الأعلى الذي انسلكت اتباعهم في هذه ما بدا السحر[39]
وقد اشتملت هذه الأبيات على أسماء وهي ألفاظ: “أعلى” في البيت الأول والثاني والثالث، وصيغَتْ كلها من الفعل الثلاثي المجرّد وهو “علا” وزيد قبل فائها الهمزة، فصار “أعلى” على وزن “أَفْعَل” للدلالة على اسم التفضيل الدال على أن شيئين اشتركا في صفة معينة، ولكن زاد أحدهما على الآخر فيها.
وأوردها الشاعر أيضا في قوله “سلم على نورك الأعلى الذي شرفت” و “سلم على نورك الأعلى الذي اقتبست” و “سلم على نورك الأعلى الذي انسلكت” ليعبّر بها عن معنى المفاضلة، لأنه يريد أن يصف النبي صلى الله عليه وسلم بأنه نور تجاوز الحد حتى بلغ المنتهى، ويفتخر به النبيون والملائكة. وفي الثاني: وصفه بأنه بلغ الغاية في الارتفاع قدرا ونورا حتى اقتبس منه آله الطاهرين الطيبين وصحابته الغر الميامين. وفي الثالث وصف ارتفاعه وعلوّه قدره صلى الله عليه وسلم.
والشاعر موفق في استخدامه هذه الألفاظ ليدل بها على أن النبي صلى الله عليه وسلم والنبيين وسائر أولاد بن آدم اشتركوا في الصفة البشرية، لكنّ الشاعر لما أراد أن يفضل في الرفعة والقدر النبيَّ ــ صلى الله عليه وسلم ـ بأنّه أعلى وأرفع قدراً ومنزلة استعان بصيغة “أفعل” ليبث هذا الغرض الحقيقي، فالشاعر يذكّرنا قول جل ذكره: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ…)[40]وقوله (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيم)[41].
هذا يدل على أن الشاعر استعمل في هذه القصائد جميع المشتقات الاسمية الوصفية الخمسة استعمالا صرفيا يوافق ما تقتضيه القواعد الصرفية.
الخاتمة:
تناولت المقالة الحديثَ عن شخصية الشاعر الشيخ عثمان نليمن، ثم عقبت ذلك بسرد بعض أبيات قصائده، كما طبقت المشتقات الاسمية في تلك القصائد، واكتشفت عنها نتائج تالية:
ــ أنّ الشيخ عثمان نليمن من العباقرة المتفوقين في العلوم العربية، من نحو وصرف وبلاغة، ومما دلّ على ذلك تصرفاته بالكلمات العربية كيف شاء ومتى شاء، واشتقاقها مع دلالاتها العلمية.
ــ أنّ ثقافته الصرفية تأصلت منذ الوهلة من مراحله التعلمية.
ــ أنّ الدارس الذي يريد حفظ قوانين الصرف مع تحقيق الاشتقاق ودلالتها يجد ضالته المنشودة في هذه القصائد.
ــ ويلاحظ أنّ استخدام الشاعر هذه الظواهر ماجاء عبثا، بل ليؤدّي دلالات صرفية مختلفة ومعاني كثيرة.
ــ لقد ذكر الباحثين أنّ المقالة ستتناول صورا من المشتقات لدى الشاعر، والرجاء أنّ يتحقق الأمل في النقاط المتقدمة.
وأخيرا، يوصي الباحثان الإخوة بأن يبذلوا كل المجهودات الممكنة لخدمة هذه اللغة التي هي الوسيلة إلى فهم الكتاب والسنة.
المصادر والمراجع:
- القرآن الكريم.
- أبو القاسم، علي بن جعفر السعدي، كتاب الأفعال نشر عالم الكتب – بيروت – ط:1 / 1983 سنة.
- إبراهيم أنيس (الدكتور) وآخرون المعجم الوسيط ج1/ 555، بدون المطبعة ولا تاريخ.
- الرازي، محمد بن أبي بكر بن عبد القادر (الشيخ) مختار الصحاح، بترتيب محمود خاطر، نشر مكتبة البحوث والدراسات، دار الفكر 2005م.
- السيد الهاشمي، القواعد الأساسية للغة العربية حسب منهج متن الألفية لابن مالك.
- عبد الله بن عبد الرحمن العقيلي الهمداني المصري ابن عقيل، شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، الطبعة: العشرون، القاهرة: دار التراث، دار مصر للطباعة، 1400 هـ – 1980م.
- 7.-الفيومي، أحمد بن محمد بن علي المقري، (العلامة) , (ت، 770هـ) المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، دار الكتب العلمية بيروت، لبنان – 1978م.
- محمد بن الحسن الرضي الإستراباذي، نجم الدين، شرح الرضي على الكافية، تصحيح وتعليق: يوسف حسن عمر الاستاذ بكلية اللغة العربية والدراسات الإسلامية كلية اللغة العربية والدراسات الإسلامية، جامعة قاريونس، 1398 ه – 1978م.
- محمد بكر إسماعيل (الدكتور) ، قواعد الصرف بأسلوب العصر، نسخة إلكترونية.
- محمد حبيب محمد: (الدكتور). حياة الشيخ عثمان نليمن وإسهامه الأدبى. قسم اللغة العربية، جامعة عثمان بن فودي صكتو، الطبعة الأولى 2009م .
- محمد فرج على فرحات (الدكتور )، الخلاف النحوي في توجيه إعراب معمول الصفة المشبهة، المرجع السابق ص: 5.
- مصطفى بن محمد سليم الغلاييني، جامع الدروس العربية، الطبعة: الثامنة والعشرون، بيروت: المكتبة العصرية، 1414 هـ – 1993م .
- 13.-ناصر أحمد صكتو(الدكتور),فن المديح لدى الشاعر عثمان نليمن, قسم اللغة العربية، جامعة عثمان بن فودي صكتو 2002م.
المقابلات:
- مقابلة شخصية مع عبد الرحمن شيخ، نجل الشاعر، بتاريخ:2/5/2013م.
Reference
- Holy Quran
- Abu-Alqasim, Aliyu bn Ja’afar al-Sa’ady, Kitabu Al-Af’ali, V.1. 1983.
- Ibrahim Anees(Ph.D), wa’akharun, Al-Mu’ujamul Al’waseed, V.1, P555.
- Al-Razee, Muhammad bn Abi Bakar, Mukhtar Al-Sihah, Dar-Alfkr, 2005.
- Al-Sayyid Alhashimy, Alqawa’id Al-Asasiyya li- allughah Al’arbiyyah, hasba manhaji matni Al-alfiyya li bn Malik.
- Abdullahi bn Abdu Ai-Rahman Al-Aqily Al-Misry, Sharhu bn Aqeel alah Alfiyyati bn Malik, Daru Misr, 1980.
- Alfuyumee, Ahmad, Al-misbah Al-muneer fi gareeb al-sharhi alkabeer li Al-Rafi’ee, Dar’ alkutub, al’ilmiyyah bairut, 1978
- Muhammad bn Al-Hassan, Sharh Al-Rila ala Al-kafiyah, 1978.
- Muhammad Bakar Isma’il(Ph.D), Qawa’id al-sarf bi uslub al’asr.
- Mhammad Habib Muhammad(Ph.D), Hayatu Al-sheykh Uthman bn Fodiyo wa’ishamuhu al’adby, 2009.
- Muhammad Farj Aliyu Frht(Ph.D), Al-khilafi al-nahwy fi taujeeh I’irab ma’amul al-sifah al-mushabbahah.
- Mustafa Al-ghalayeenee, Jami’u Al-durus Al-Arabiyya, Al-maktabatu Al-aswariyyah 1993.
- Nasiru Ahmad Sokoto(Ph.D), Fannu al-madeeh ladah al-sha’iri Uthman Naliman, 2002
Interviews:
- Interview with Shakhswiyyah ma’a Abdu Al-Rahman Sheykh, 02/05/2013
الهوامش والإحالات
[1] محمد حبيب محمد: (الدكتور). حياة الشيخ عثمان نليمن وإسهامه الأدبي. قسم اللغة العربية , جامعة عثمان بن فودي صكتو، الطبعة الأولى 2009م ص: 15.
[2] ناصر أحمد صكتو(الدكتور),فن المديح لدى الشاعر عثمان نليمن، ص:2
[3] مقابلة شخصية مع عبد الرحمن شيخ,نجل الشاعر، التاريخ:2/5/2013م
[4] مقابلة شخصية مع عبد الرحمن شيخ، نجل الشاعر، المرجع نفسه
[5] مقابلة شخصية مع عبد الرحمن شيخ، نجل الشاعر، المرجع نفسه
[6] ناصر أحمد صكتو: (الدكتور) ، المرجع السابق، ص:3
[7] ناصر أحمد صكتو” (الدكتور) ، المرجع نفسه, ص:4
[8] محمد حبيب محمد, (الدكتور), حياة الشيخ عثمان نليمن وإسهامه الأدبى, المرجع السابق , ص:37
[9] ناصر أحمد صكتو, (الدكتور). المرجع السابق ص:5-6
[10] السيد الهاشمي، القواعد الأساسية للغة العربية حسب منهج متن الألفية لابن مالك، المرجع السابق، ص: 247
[11] نا صر أحمد صكتو(الدكتور)، المرجع السابق، ص:6
[12] الفيومي، أحمد بن محمد بن علي المقري، (العلامة) , (ت، 770هـ) المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، دار الكتب العلمية بيروت، لبنان – 1978م، ج1 ص: 392، مادة “صبر”
[13] الفيومي، أحمد بن محمد بن علي المقري، (العلامة) ,(ت، 770هـ)، المصباح المنير، المرجع السابق، ج1, ص:167
[14] الفيومي، أحمد بن محمد بن علي المقري، (العلامة) ,(ت، 770هـ)، المصباح المنير، المرجع السابق، ج1, ص:167
[15] الفيومي، أحمد بن محمد بن علي المقري، (العلامة) ,(ت، 770هـ)، المصباح المنير، المرجع السابق، ج1, ص:167
[16] الفيومي: أحمد بن محمد بن علي المقري (العلامة) , المصباح المنير، المرجع نفسه/ ج1/ 392، مادة “صبر”
[17] الرازي، محمد بن أبي بكر بن عبد القادر (الشيخ) مختار الصحاح، بترتيب محمود خاطر، نشر مكتبة البحوث والدراسات، دار الفكر 2005م، مادة “صبر” و “حبس”.
[18] الرازي، المرجع نفسه: مادة “صبر”
[19] الرازي، المرجع نفسه، مادة “جعل”
[20] الأحزاب، الآية: 21
[21] ناصر أحمد صكتو(الدكتور)، المرجع السابق,ص:6
[22] الفيومي، المرجع السابق ج2/ 841
[23] الرازي، المرجع السابق ص: 601، مادة” والي”
[24] الفيومي، أحمد بن محمد (العلامة), المصباح المنير، المرجع السابق ج1/ 153، مادة “حذي”
[25] محمد بكر إسماعيل (الدكتور) ,المرجع السابق ص :24,
[26] الفيومي، المرجع السابق ج1/ 176
[27] الغلاييني، مصطفى، جامع الدروس العربية، المرجع السابق ج1/ 139
[28] محمد حبيب محمد(الدكتور),المرجع السابق: ص:10
[29] إبراهيم أنيس (الدكتور) وآخرون ,المعجم الوسيط ج1/ 555، مادة “صام” بدون المطبعة ولا تاريخ.
[30] إبراهيم أنيس (الدكتور) وآخرون، المرجع السابق, ج2/ 1092.
[31] الغلايينى ، مصطفى، جامع الدروس العربية، المرجع السابق ج1/ 141
[32] مقابلة شخصية مع عبد الرحمن شيخ، المرجع السابق
[33] ناصر أحمد صكتو(الدكتور)، المرجع السابق، ص:7
[34] محمد فرج على فرحات (الدكتور ), الخلاف النحوي في توجيه إعراب معمول الصفة المشبهة، المرجع السابق ص:5.
[35] محمد حبيب محمد(الدكتور),المرجع السابق,ص:65
[36] ناصر أحمد صكتو(الدكتور)، المرجع السابق، ص:7
[37] الفيومي، المرجع نفسه، ج/1 ص: 179، مادة: “حلم”
[38] أبو القاسم، علي بن جعفر السعدي، كتاب الأفعال، نشر عالم الكتب – بيروت – ط:1 / 1983 سنة، ج2 ص:
[39] محمد حبيب محمد(الدكتور)، المرجع السابق، ص:66
[40] الكهف، الآية:110
[41] القلم، الآية:4