الدكتور نعيم الحسن الأثري
ومما لاشك فيه أن مصر قد شاهدت تقلبات عديدة لكونها منبع الحضارات والثقافات العريقة منذ عهد الفراعنة حتى العصر الراهن وبها ازدهرت اللغة والثقافة العربية ازدهارا بالغا وانجبت أرضها عباقر اللغة العربية ذكرانا وإناسا. فساهمت الرجال والنساء في تطويرها وبناء كيانها وبذلوا قصارى جهودهم في إثراءها نثرا وشعرا، فروجوا أصنافا من الفنون الأدبية من القصص والرواية والمسرحية، والصحافة وما إلى ذلك من العلوم والفنون. ولعبت المرأة المصرية حذو الرجال دورا ملموسا في كل مجال الشعر والأدب ولم يكن نصيبها في إثراء اللغة العربية أقل من نصيب الرجال نثرا وشعرا، فتكاتفت الرجال في التقدم الحضاري والثقافي والعلمي، وخاصة بعد ثورة 1919م. فتكونت الجمعيات النسائية ونظمت هيئات الاتحاد النسائي الإقليمية والعامة وأقبلت الفتيات على التحصيل العلمي وأصبحت المرأة قادرة على منافسة الرجال في شتى المجالات. وبفضل جهودها المتواصلة تمكنت المرأة المصرية من أن تصبح أكثر تقديرا لقيمتها الذاتية من الناحيتين الاجتماعية والأدبية ولمدى حقوقها وواجباتها ولمسؤوليتها. فبلغت من المستوى الفكري والاجتماعي ما يساوي مستوى ثقافة المرأة الغربية. وبرزت جماعة من النسوة التي رفعت علم تحرير المرأة وتحدثت عن حقوق المرأة وتعليمها وتثقيفها أمثال عائشة التيمورية، وهدى شعراوي، وملك حفني ناصيف، ومي الزيادة، والدكتورة سهيرة القلماوي، وأمينة السعيد والدكتورة عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ. وأمثالهن اللواتي شاركن في بعث الوعي وحرية المرأة بين أخواتها في العالم العربي وكن يتميزن بجودة الأسلوب والبراعة الفكرية.
عائشة التيمورية (1840 – 1902م):
أما عائشة عصمت التيمورية: هي عائشة عصمت بنت إسماعيل باشا، شاعرة أديبة من نوابغ مصر يشار إليها بالبنان، تفوقت على أقرانها بمقدرتها الخاصة بها. بدأـت تكتب في الصحف والجرائد العربية وتنشر مقالاتها وأشعارها التي لها صدى بعيد بين عامة الناس في عصرها وفي الأوساط الأدبية على الخصوص. وتوفيت عام 1902م.
شعرها وأدبها:
كانت عائشة التيمورية تتقن عدة لغات وتتضلع من العربية، والتركية والفارسية. جعلت عائشة تقرأ دواوين الشعراء وتعالج النظم بالأوزان السهلة، وكانت تنظم الشعر باللغات الثلاث العربية والتركية والفارسية. فأخرجت ديوان شعر باللغتين التركية والفارسية وعنوانه “شكوفة” وقد طبع بالآستانة سنة 1894م، وديوان عربي “حلية الطراز” وقد طبع بمصر عدة مرات.
ويقول أدهم آل جندي عن شعرها:
“وتجد في شعر التيمورية كثيرا من شعر المناسبات والمجاملات، فهو يصور مبلغ قدرة الشاعرة على صناعة القريض من مقامات لتستوحي فيها عاطفتها ولا تستجيب لنوازع نفسها، ومن العجيب أن شعرها الغزلي يستغرق مائة قطعة أو قصيدة في مجموع أشعارها التي تبلغ عدة قصائدها مقطعتها عشرين ومائتين. ……. أما شعر التيمورية الصادق الوحي فهو قصائدها في رثاء من فقدتهم من أهلها وخاصة ابنتها “توحيدة” وفي شكواها من الرمد الذي كاد يذهب ببصرها. قالت في محاكاة قصيدة (البردة) المشهورة للبوصيري:
إني رددت عناني عن غوايته
وقلت، يانفس خلي باعث الندم
ولذت بالمصطفى رب الشفاعة إذ
يدعو المنادى فتحيا الناس من رجم
طه الذي كللت أنوار سنته
تيجان أمته فضلا على الأمم
نعم الحبيب الذي منّ القريب به
وهو القريب لراجي المجد والنعم
روحي الفداء ومن لي أن أكون له
هذا الفداء وموجودي كمنعدم[1]
ولها نثر جيد كان يجري على قاعدة السجع ومحاكاة أسلوب المقامة. وألفت كتاب الأحوال في الأقوال والأفعال ضمنته قصصا وحكايات في أحوال الناس مستعينة فيه بما قرأته في التاريخ وماسمعته من حكمة العجائز، وما قر في ذهنها من تجارب الحياة. ولها كتاب “مرآة التأمل في الأمور” عالجت فيه بعض الموضوعات الاجتماعية بأسلوب قصصي وألفت بعض روايات تمثيلية. وكانت تكتب مقالات وتنشرها في الصحف التي كانت تصدر في عصرها كجريدة (المؤيد)[2].
هدى شعراوي (1882م – 1947م):
أما هدى شعراوي فهي الرائدة المصرية الشهيرة والزعيمة الناشطة النسوية التي كافحت طيلة حياتها لأجل قضية المرأة وتحريرها ورفع شأنها وتمكينها من إدراك حقوقها و واجباتها. ولدت في 23 يونيو 1882م بالمنيا في صعيد مصر في أسرة غنية مثقفة، واشتهرت بمقدرتها الفائقة.
كما قال عنها الكاتب أدهم آل جندي:
“تزعمت النهضة النسوية بعد ازدهارها، وفتحت دارها للأدباء والمفكرين، فكانت مندى لعظماء الشرق كله، وكان للمترجمة الفضل في بعث دعوة الود والتآلف بين دول العالم العربي وجمع شمل نسائه في المؤتمرات التي كان يعقدها الاتحاد النسائي بزعامتها منذ سنة 1928م حتى وفاتها، وقد قامت برحلاتها إلى البلاد العربية كان لها أبلغ الأثر في النهضة النسائية”[3].
من أعمالها: مذكراتها المنشورة بمجلة “حواء” العدد رقم 1221 بتاريخ 16 فبراير 1980م، وتم إصدارها مجمعة (مذكرات هدى شعراوي) – كتاب الهلال، سبتمبر 1981م. وعرضت الشاشات التلفازية مسلسلا باسم مصر الجديدة يتحدث عن الفترة التي عاشتها هدى شعراوي والوضع السياسي المتردي في تلك الفترة.
ملك حفني ناصف (باحثة البادية) (1886-1918م)
أما ملك حفني ناصف فهي تعتبر الرائدة الأولى للمرأة المصرية المسلمة في نهضتها الحديثة وقد اشتهرت في عالم الكتابة والأدب والإصلاح الاجتماعي باسم “الباحثة البادية” وغلب عليها لقبها. ولدت بالجمالية في القاهرة يوم الاثنين 25/ كانون الأول سنة 1886م. كانت تنتمي إلى أسرة مثقفة متدينة تتيح للمرأة حرية كاملة للحصول على حقوقها. وكان أبوها من تلاميذ جمال الدين الأفغاني ومن أصدقاء الشيخ محمد عبده الذين رفعوا لواء تحرير المرأة فكان يساعدها خلال دراستها للغة العربية وترك على ذهنها أثرا عميقا. وكانت ملك مولعة بالعلم والأدب.
وبعد أن حصلت على الشهادات الجامعية اختارت مهنة التدريس. وفضلا عن مهنة التدريس كانت ملك تهتم برفع مكانة المرأة ورفاهة المجتمع. وعندما لاحظت حالة البؤس والشقاء والفقر في المجتمع البدوي خاصة قررت أن تمتح للمتخلفين فرصة للحصول على التعليم والعناية بصحتهم وملبسهم وتغذيتهم. لم تكن تهتم بالمجتمع المصري فحسب وإنما عنيت بالأمور العامة للإنسانية جمعاء[4]. كانت ملك تحظى بثلاث قدرات ابداعية: الكتابة والخطابة والشعر. وقد تجلت لديها هذه المواهب منذ حداثتها.
وقد نقلت الأستاذة فرحانة صديقي عن عمر الدسوقي بأنها “كانت تود أن تحقق الفتاة المصرية درجة الكمال في كل شيء وكانت تكره ان تتقلد بنات جنسها بتقاليد غربية زائفة ويؤلمها أن تفقد المرأة حياءها أو إيمانها الذي تعتبره الحلى الغالية للمرأة:
إن الفتاة حديقة وحياؤها
كالماء موقوفا عليه بقاؤها
بفروعها تجري الحياة فتكتسي
حللا يروق الناظرات رواؤها
إيمانها بالله أحسن حلية
فيها، فإما ضاع ضاع بهاؤها
لا خير في حسن الفتاة وعلمها
إن كان في غير الصلاح رضاؤها
فجمالها وقف عليها إنما
للناس منها دينها و وفاؤها[5]
مي زيادة (1895-1941م):
أما مي زيادة فهي فلسطينية المولد ومصرية النشأة. ولدت سنة 1895م واسمها الحقيقي ماري بنت الياس، واختارت لنفسها اسم (مي) الذي اشتهرت به في عالم الأدب، وهي من أشهر أدبيات الشرق وكاتبة شاعرة موهوبة.
جاء بها والدها وهي دون البلوغ إلى مصر حيث عكفت المطالعة والتحصيل والتضلع من مختلف العلوم والفنون وعرفت من اللغات العربية، والفرنسية، والانكليزية، والإيطالية، والألمانية، والاسبانية، واتقنتها فاستكملت ثقافتها وتميزت بالذهن لبارع والذوق السليم.
كانت تنشر فيض قريحتها في مجلات الزهور، والمقتطف، والهلال، وجرائد المحروسة، والسياسة، والرسالة. ولما سطع نجمها في سماء الأدب العربي كان يجتمع بعد ظهر الثلاثاء من كل أسبوع في دارها نخبة من العلماء والشعراء وقادة الفكر من أهل مصر، وهم يخوضون في الحديث ويتبارون في مختلف البحوث العلمية والفنية وأصبحت دارها منتدى أدبيا[6].
ويقول د. جميل جبر:
“بلغت ثقافة مي إلى ذروة الكمال والفن حتى أقامت صالونا أدبيا كان يجتمع فيه أبرز رجالات العلم والفكر ويتباحثون في شؤونهم ويتبادلون الآراء والأفكار فربطت بينهم صلة عائلية وثيقة. كانت الآنسة صحبت عددا من الأدباء والأمراء والمفكرين كإسماعيل صبري، ومصطفى صادق الرافعي، و ولي الدين يكن، وأحمد شوقي، وخليل مطران، وشبلي شميل، أنطون جميل، وداؤد بركات، ولطفي السيد، ومصطفى عبد الرزاق، وعباس العقاد، ومنصور فهمي، ويعقوب صروف، وأيمي خير، وبركات بركات، وغيرهم من كبار الأدباء”[7].
وتقول الأستاذة فرحانة صديقي:
“كانت مي في صالونها الأدبي في مصر تستقبل زوارها من الساسة، والعظماء، والأدباء. لقد ضمت في جلساتها هذه الأديب والمحامي والفنان والطبيب، ودارت شتى المناقشات في أدق المسائل وأعمقها في الأدب والتاريخ و في الحياة والإنسان.
قال الكاتب الكبير العقاد يرثي الكاتبة الشهيرة في قصيدة رائعة فياضة بالعواطف القلبية:
أين في المحفل مي يا صحاب
عودتنا ها هنا فصل الخطاب
عرشها المنبر مرفوع الجناب
مستجيب حين يدعي مستجاب
أين في المحفل مي يا صحاب
سائلوا النخبة من رهط الندى
أين مي؟ هل علمتم أين مي؟
الحديث الحلو واللحن الشجي
والجبين الحر والوجه السني
أين ولى كوكباه؟ أين غاب[8]
ومن آثارها الشعرية والأدبية: (1) أزاهير حلم، (2) باحثة البادية، (3) عائشة تيمور، (4) سوانح فتاة، (5) كلمات وإشارات، (6) ظلمات وأشعة، (7) المساواة، (8) الصحائف، (9) بين الجزر والمد، (10) رسائل مي.
الدكتورة سهيرة القلماوي:
أما الدكتورة سهيرة القلماوي فهي كاتبة وأديبة مصرية ولدت في 20/يوليو 1911م، حصلت على البكالوريا من مدرسة “كلية البنات الأمريكية”، وفي عام 1929م كانت أول فتاة تلتحق بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حالياً)، حيث التحقت بكلية الآداب التي كان عميدها طه حسين، واختارت قسم اللغة العربية الذي كان يرأسه، حيث كانت البنت الوحيدة بين 14 زميلا من الشباب في قسم اللغة العربية بكلية الآداب وكانت تتفوق عليهم. تزوجت من الدكتور يحيى الخشاب. ظهرت سهير القلماوى في وقت كانت فيه المرأة غير موجودة على ساحة المجتمع، لتكون من البنات الرائدات الذين دخلوا من باب الجامعة وأول بنت مصرية تحصل على شهادة الدكتوراه في الأدب. واختصت رسالتها على رواية ألف ليلة وليلة.
كانت عقليتها المتفتحة سبباً وراء رعاية عميد الأدب العربي، وهذا ساعدها إلى أن تكون محرر مساعد في مجلة الجامعة المصرية، ووصلت بعدها إلى أن أصبحت رئيس تحرير المجلة وبالرغم من صغر سنها في تلك الفترة إلا أنها ومن ذلك الحين خطت أولى خطواتها إلى مجال الصحافة. فقد بدأت تكتب في مجلات (الرسالة)، و(الثقافة) ، و(أبولو) وهي في السنة الثالثة من دراستها الجامعية، وحصلت على ليسانس قسم اللغة العربية واللغات الشرقية عام 1933م. تولت منصب أستاذ الأدب العربي الحديث بكلية الآداب عام 1956م، ثم منصب رئيس قسم اللغة العربية (1958- 1967). كما تولت الإشراف على “دار الكتاب العربي”، ثم الإشراف على مؤسسة التأليف والنشر في الفترة من (1967-1971)، أسهمت في إقامة أول معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 1969م والذي يشمل على الأخص جناحا خاص بالأطفال وهو ما استمر بعد ذلك ليصبح فيما بعد المعرض السنوي لكتب الطفل، في عام 1979م أصبحت عضواً بمجلس الشعب عن دائرة حلوان، وشاركت في عضوية مجلس اتحاد الكتاب، واختيرت عضواً بالمجالس المصرية المتخصصة. مثلت مصر في العديد من المؤتمرات العالمية. حصلت على جائزة الدولة التقديرية في الآداب سنة 1977م. ومن مؤلفاتها:
- أحاديث جدتي 1935، الطبعة الحديثة بالهيئة المصرية العامة للكتاب2010
- ألف ليلة وليلة 1943، والطبعتان الحديثتان الأولى بالهيئة المصرية العامة للكتاب2010م، والثانية بالهيئة العامة لقصور الثقافة2010ضمن سلسلة ذاكرة الكتابة.
- أدب الخوارج 1945، والطبعة الحديثة بالهيئة المصرية العامة للكتاب2010
- في النقد الأدبي 1955،
- الشياطين تلهو 1964،
- ثم غربت الشمس 1965،
- المحاكاة في الأدب 1955،
- العالم بين دفتي كتاب 1985، الطبعة الحديثة بالهيئة المصرية العامة للكتاب 2010م،
- ذكرى طه حسين 1974، دار المعارف، سلسلة اقرأ، عدد رقم 388،
ترجمت العديد من الكتب والقصص منها: قصص صينية لبيرل بك، عزيزتي اللويتا، رسالة أبون لأفلاطون، وأيضاً عشر مسرحيات لشكسبير وأكثر من 20 كتاباً في مشروع الألف كتاب. ومن أبحاثها: المرأة عند الطهطاوي، أزمة الشعر.
وإضافة إلى ما ذكر كان لها السبق الأول في إنشاء مكتبة في صالة مسرح الأزبكية لبيع الكتب بنصف ثمنها، وأيضا كانت الأولى في تقديم دراسة عن الأدب المصري المعاصر إلى التعليم الجامعي. كما أعطت الفرصة لأكثر من 60 أديباً لتقديم مؤلفاتهم عندما قامت بإصدار سلاسل أدبية سُميت “مؤلفات جديدة”، ومن ناحية أخرى وضعت أسساً للطرق الأكاديمية في تحليل الأدب والفن.
أمينة السعيد (1910م –
أما أمينة سعيد فهي كاتبة مصرية معروفة، ولدت في أسرة مثقفة في 20/ مايو 1910م في محافظة أسيوط من محافظات صعيد مصر.
وهي رائدة من رائدات الحركة النسائية الداعية إلي تحرير المرأة ومنحها جميع حقوقها كما كانت من رائدات العمل الصحفي في مصر. تعلمت وتأثرت بالسيدة هدى الشعراوي ، والتي تبنتها في المرحلة الثانوية إلي أن دخلت أمينة كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية عام 1931م، وكان عميد الكلية وقتها د/ طه حسين وتلقت اللغات الأجنبية فأجادت الإنجليزية والفرنسية كلتيهما وتفوقت في دراستهما، وكانت تلميذة وفية لطه حسين. نالت العديد من الأوسمة والجوائز في حياتها منها:
وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى عام 1963م، وسام الجمهورية من الدرجة الأولى عام 1970م، وجائزة الكوكب الذهبي الدولية عام 1979م، ووسام الجمهورية عام 1981م، ووسام الثقافة والآداب عام 1992م، ووسام الفنون والآداب من الدرجة الأولى .
بدأت أمينة سعيد حياتها الأدبية عملا بالصحافة العربية أثناء دراستها بالكلية وكانت تملك عزيمة وإرادة جعلتها تَسْبَح ضد التيار السائد تلك الأيام، فعملت بمجلة “الأمل” و” كوكب الشرق” و”آخر ساعة” و”المصور” كما عملت بالتمثيل ومثلت مسرحية المرأة الجديدة لتوفيق الحكيم. وبعد تخرجها عملت بدار الهلال وانتقلت للعمل بالإذاعة ثم عادت إلي دار الهلال مرة أخرى عام 1945م.
وأصبحت أول رئيسة تحرير لأول مجلة متخصصة للمرأة مجلة “حواء الجديدة” التي صدرت عام 1954 وظلت رئيسة تحريرها 20عاما. وكانت أول فتاة نالت عضوية نقابة الصحفيين وأول امرأة تم تعينها في مجلس إدارة مؤسسة صحفية وأول امرأة أصبحت عضوا في المجلس الأعلى للصحافة.
ولها عديد من البحوث والمقالات الصحفية والاجتماعية بالإضافة إلى محادثاتها الإذاعية التي تم نشرها منذ عام 1935م في المجلات الثقافية والأدبية المختلفة من أمثال مجلة “آخر ساعة” و “كوكب الشرق” و “الأمل” و”فتاة الشرق” و”المجلة المصرية” و “المصور” وغيرها من المجلات البارزة. ونحن نذكر هنا بعض العناوين على سبيل المثال التي تم نشرها في مجلة “حواء الجديدة” الشهرية و مجلة “المصور” في شتى الموضوعات.
مؤلفاتها: ألفت أمينة السعيد عددا من الكتب القيمة معظمها يتحدث عن أحوال المرأة ومنزلتها في المجتمع ومن أهمها: آخر الطريق، الهدف الكبير ، وجوه في الظلام ، من وحي العزلة ، حواء ذات الوجوه الثلاثة، مشاهدات في الهند (رحلة)
قامت برحلة عام (1934م) من القاهرة إلى الهند للمشاركة في المؤتر النسائي الهندي وبعد عودتها إلى وطنها أخذت تدون كتاب “مشاهدات في الهند”، وما هي إلا مشاهدات ذاتية قامت بها خلال جولتها في مدن الهند من بلد إلى آخر، و قد دوّنت في مذكراتها أخباراً ومشاهدات وأوصافاً وتعليقات وملاحظات موجزة، ثم عمدت إلى تهذيبها وصوغها بأسلوب جميل. وهي صورةٌ شاملة دقيقة، في صميمها مغامرة طويلة حافلة بالمعلومات الصادقة بالإضافة إلى ما فيها من الغرائب والطرائف. وقد حاولت إبراز بعض الجوانب المشرقة للحضارة الهندية، وتقاليدها. وأسلوبها أسلوب بديع ورائع جدا.
الدكتورة عائشة عبد الرحمان بنت الشاطئ (1913م – 1998م):
أما عائشة عبد الرحمان بنت الشاطئ فهي كاتبة وعالمة وصاحبةَ منهجٍ جديدٍ في تفسير القرآن الكريم. كانت من رائدات الفكر المصري عامة والحركة النسائية خاصة ومن أبرز الشخصيات التي أثرت في الثقافة العربية، فحازت قصب السبق في الآداب والعلوم الإسلامية ونالت آثارها قبولا حسنا.
وكانت باحثة وأستاذة جامعية في الأدب العربي، ولدت في السادس من نوفمبر عام 1913م وذلك في مدينة دمياط بشمال دلتا مصر.
حصلت على شهادة الكفاءة للمعلمات عام 1929م بترتيب الأولى على القطر المصري كله، ثم نالت الشهادة الثانوية عام 1931م والتحقت بجامعة القاهرة لتتخرج في كلية الآداب، قسم اللغة العربية عام 1939م. وإكمالا للتفوق حصلت على درجة الماجستير بمرتبة الشرف الأولى عن موضوع “الحياة الإنسانية عند أبي العلاء المعريّ” عام 1941م، ومن بعدها شهادة الدكتوراه عام 1950م وكان موضوعها “رسالة الغفران، دراسة وتحقيق” وقد أشرف على إعداد رسالتها الدكتور والأديب المعروف طه حسين وأجيزت رسالتها بتقدير امتياز.
حياتها الشخصية:
تزوجت الدكتورة عائشة من أستاذها بالجامعة الأستاذ أمين الخولي والذي كان لها الأستاذ، والزوج الصديق، كما كان له أكبر الأثر في حياتها العلمية، وكان الأستاذ أمين واحدا من الأدباء المتميزين في مصر وكان له صالونه الأدبي بمدرسة الأمناء وأثمر هذا الزواج عن ثلاثة من الأبناء، وقد سجلت جميع خواطرها تجاه زوجها بعد وفاته في سيرتها الذاتية في قصة قصيرة باسم ” على الجسر”. وفي الأول من شهر ديسمبر عام 1998م رحلت عنا الدكتورة بنت الشاطئ تاركة خلفها ثورة هائلة من كتب ومؤلفات أدبية.
حياتها العلمية:
احتلت الدكتورة عائشة مكانة علمية متميزة وذلك نظرا لجمعها بين دراسة كل من العلوم الإسلامية وعلوم اللغة العربية. وعملت في عدة وظائف وتبوأت عدة مناصب مهمة، فعملت أستاذة للتفسير والدراسات العليا في كلية الشريعة بجامعة القرويين في المغرب، وبعد ذلك أستاذة كرسي اللغة العربية وآدابها في جامعة عين شمس من (1962-1972م) بجمهورية مصر العربية، كما عملت أستاذة زائرة لجامعة أم درمان عام 1967م ولجامعة الخرطوم وجامعة الجزائر عام 1968م ولجامعة بيروت عام 1972م ولجامعة الإمارات عام 1981م وكلية التربية للبنات في الرياض (1975-1983م). ودرّست ما يقارب العشرين عاما بكلية الشريعة في جامعة القرويين بالمغرب في وظيفة أستاذة للتفسير والدراسات العليا، كما شغلت عائشة عضوية مجموعة من الهيئات الدولية المتخصصة ومجالس علمية كبيرة مثل المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر، والمجالس القومية المتخصصة، والمجلس الأعلى للثقافة، كما كانت أيضا إحدى أعضاء هيئة الترشيح لجوائز الدولة التقديرية بمصر.
كما شاركت الدكتورة عائشة في العديد من المؤتمرات الدولية وقامت بعدد من التحقيقات العلمية، بالإضافة إلى إشرافها على إعداد عدد كبير من الرسائل العلمية وناقشت الكثير منها طوال مدة عملها الأكاديمي، قامت أيضا بنشر العديد من المقالات وكانت البداية في مجلة النهضة النسائية وكانت حينها في الثامنة عشر من عمرها، ثم بدأت تكتب سلسلة من المقالات الأسبوعية في جريدة الأهرام واستمرت تكتب به لفترة كبيرة وكانت آخر مقالاتها في 26 نوفمبر 1998م.
وكانت الدكتورة عائشة عضوا في عدد من الهيئات والمجالس العلمية الدولية، منها المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر، وعدد من المجالس ا لقومية المتخصصة، والمجلس الأعلى للثقافة، وعضوا بهيئة الترشيح لجوائز الدولة التقديرية بمصر.
الجوائز والتكرمة:
نالت الدكتورة عائشة العديد من الجوائز كما حظيت بالتكريم في عدد من المناسبات، فنالت وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى عام 1973م من مصر، وجائزة مجمع اللغة العربية لتحقيق النصوص 1950م، وأخرى في القصة القصيرة عام 1953م، وحصلت في المغرب على وسام الكفاءة الفكرية عام 1967م، وجائزة الدولة التقديرية عام 1978م، وجائزة الآداب من الكويت عام 1988م، كما حصلت على جائزة الملك فيصل العالمية في الأدب العربي عام 1994م.
في مجال الكتابة والتأليف:
تركت د. عائشة عبد الرحمن بجانب إسهاماتها البحثية والأكاديمية والتعليمية البارزة، تركت وراءها ما يربو على الأربعين كتاباً في الدراسات الفقهية والإسلامية والأدبية والتاريخية، فلها مؤلفات في الدراسات القرآنية والإسلامية أبرزها: ” التفسير البياني للقرآن الكريم”، و “القرآن وقضايا الإنسان ، و “الإعجاز البياني للقرآن” و تراجم سيدات بيت النبوة ومنها “بنات النبي” و “نساء النبي” و “أم النبي” و “السيدة زينب عقيلة بني هاشم” و “السيدة سكينة بنت الحسين” . كما تطرقت لدراسة الغزو الفكري من خلال “الإسرائيليات في الغزو الفكري” وهي إحدى مؤلفاتها، كما قامت بتحقيق الكثير من النصوص والوثائق والمخطوطات، ولها أيضا دراسات شتى في المجالات اللغوية والأدبية مثل: نص رسالة الغفران للمعري، والخنساء الشاعرة العربية الأولى، ومقدمة في المنهج، وقيم جديدة للأدب العربي، وقد نشر لها العديد من البحوث المنشورة ومنها المرأة المسلمة، ورابعة العدوية، والقرآن وقضية الحرية الشخصية الإسلامية، ومن الأدبيات والقصص لها ذخيرة كبيرة مثل: الريف المصري، سر الشاطئ، وسيرتها الذاتية “على الجسر” وقد سجلت فيه طرفا من سيرتها الذاتية فتحدثت فيه عن طفولتها على شاطئ النيل ونشأتها وأيضا جاءت على ذكر زوجها الراحل ونعته في هذه السيرة الذاتية بكلمات رقيقة.
ولم يتوقف الإنتاج الأدبي للدكتورة عائشة عند هذا الحد بل كانت أيضا تكتب للصحف والمجلات، فبدأت الكتابة، وهي في سن الثامنة عشر في مجلة النهضة النسائية وقد كانت تكتب تحت اسم (بنت الشاطئ) ، وهو اسم مستعار مستمد من ذكرياتها ولهوها على شاطئ النيل وقد فضلت كاتبتنا أن تستتر ورائه نظرا لشدة محافظة عائلاتها آنذاك. وبعد ذلك بعامين فقط بدأت الكتابة في جريدة الإهرام المصرية، فكانت بنت الشاطئ ثاني إمرأة تكتب بها بعد الأدبية مي زيادة، وكانت لها مقالة طويلة أسبوعية حيث بقيت تكتب للأهرام حتى وفاتها فكانت آخر مقالة نشرت لها في تاريخ 26 نوفمبر 1998م وكانت بعنوان (علي بن أبي طالب كرم الله وجهه). وقد تبنت الدكتوره عائشة عدة قضايا في حياتها خاضت بسببها العديد من المعارك الفكرية، فأخذت على عاتقها الدفاع عن الإسلام بقلمها فوقفت ضد التفسير العصري للقرآن الكريم ذودا عن التراث ، كما دعمت تعليم المرأة بمنطق إسلامي.
الاتجاهات في كتابات بنت الشاطئ:
كانت الدكتورة عائشة أديبة وناقدة وهي صاحبة إنتاج أدبي غزير ومتنوع في الدراسات القرآنية. أريد أن أستعرض بعض جوانب حياتها الأدبية كمفسرة وكاتبة.
أما دورها في مجال التفسير فهو مهم جدا، وهي الوحيدة من بين الكاتبات في الأدب العربي التي خاضت في تفسير القرآن الكريم. فألفت تفاسير عديدة من أهمها “التفسير البياني للقرآن الكريم”، و “الإعجاز البياني للقرآن”.
التفسير البياني للقرآن الكريم:
هو أحد مؤلفات عائشة بنت الشاطئ، ويتكون هذا الكتاب من جزئين ظهرت الطبعة الأولى منه سنة 1962م وكان من المؤهلات التي نالت بها أستاذة كرسي اللغة العربية وآدابها بجامعة عين شمس، وقد أهدت بنت الشاطئ هذا الكتاب إلى أستاذها وزوجها الإمام أمين الخولي.
تناولت بنت الشاطئ في هذا الكتاب تفسير السور القصار من القرآن الكريم وذلك من وجهة نظر خاصة، حيث فسرت ألفاظ القرآن الكريم من الناحية اللغوية وكانت تعتقد أن العربية لغة القرآن فعملت على تلمس الدلالات اللغوية الأصلية التي تعطيناحس العربية لمادة القرآن الكريم في مختلف استعمالاتها الحسية والمجازية، ثم انتهت بتلخيص ملامح الدلالات القرآنية باستقراء كل ما في القرآن من صيغ الألفاظ وتدبير سياقها الخاص في الآيات والصور.
مثلا تفسر الآية: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}
“في المصلين الذين يؤدون الصلاة أداء شكلياً وطقوساً وحركات آلية يراءون بها، غافلين عن حكمة إقامتها، ساهين عما تنهي عنه من الفحشاء والمنكر”.
* * *
ويمثل ذلك الهدى القرآني، يروض الإسلام بشريتنا على احتمال المسئولية العامة، ويرتقي بالإنسان إلى حيث لا يكتفي بالواجب الفردي وأداء العبادات، بل يعد دع اليتيم وعدم الحض على طعام المسكين تكذيباً بالدين. وليس وراء ذلك مطمح للإنسانية في التزام تبعة وجودها واحتمال أمانة الحق العام في التكافل والتراحم، والدعوة إلى الخير والتواصي بالحق والمرحمة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فيتميز أسلوبها في هذا الكتاب بوضوح اللغة وسهولتها، وعملت على الاستشهاد بالكثير من الأحاديث النبوية الشريفة، وقامت بالربط بينها وبين السور القرآنية المذكورة في الكتاب، كما أوردت آراء بعض علماء اللغة والدين من أمثال الشيخ محمد عبده والحسن البصري والزمخشري.
الإعجاز البياني للقرآن:
وأهم ما يميز عمل بنت الشاطئ في هذا التفسير مزاوجتها ببراعة بين العقل والنقل في تفسيرها البياني، فهي توظف ما ذهب إليه الأقدمون فتثبت مسألة النقل وتمدّ الجسور من خلال العقل لتكون المحصلة النهائية التجديد لا التقليد، التجديد منهجا وتناولا وهدفا، فقد فندت بنت الشاطئ بعض آراء السلف، وقبلت البعض الآخر، وكان هذا منهجا الذي مهد لتقديم إضافتها الخاصة في تطوير بعض التفاسير، في إطار حدود واضحة التزمتها، وكان مؤداها أن الأولوية للنص القرآني، لا للمنهج الذي من أجله لجأ الكثيرون إلى ليّ عنق النص، فقدمت عائشة بمنهجها العقلي الإصلاحي نموذجا لعملية البناء الفكري الذي يسري يساهم في البناء الحضاري للأمة.
تكتب بنت الشاطئ في المقدمة عن كيفية التعامل مع القرآن فتقول: ” لا بد أن يكون فهمنا لكتاب الإسلام محررا من كل الشوائب المقحمة والبدع المدسوسة، بأن نلتزم في تفسيره ضوابط منهجية تصون حرمة كلماته فنرفض بها الزيف والبالطل، ونتقى أخذة السحر، وفتنة التمويه، وسكرة التخدير، و تحذر من أن “الكلام عن التفسير العصري للقرآن يبدو في ظاهره منطقيا ومعقولا يلقي إليه الناس أسماعهم، ويبلغ منهم غاية الإقناع، دون أن يلتفتوا إلى مزالقه الخطرة التي تسمخ العقيدة والعقل معا، وتختلط فيها المفاهيم وتتشابه السبل فتفضي إلى ضلال بعيد، إلا أن نعتصم بإيماننا وعقولنا لنميز هذا الخلط الماسخ بحرمة الدين المهين لمنطق العصر وكرامة العلم.
ما بين التراجم والقصص:
وأما إنتاجاتها الأدبية فهي تشمل على نوعين من تراجم سيدات بيت النبوة والقصص الأدبية الرائعة.
أما التراجم فهي مشتملة على خمس تراجم وهي:
1- “أم النبي” صلى الله عليه وسلم
2- نساء النبي” رضي الله عنهن
3- “بنات النبي” رضي الله عنهن
4- “السيدة زينب: عقيلة بني هاشم” رضي الله عنها
5- “السيدة سكينة بنت الحسين” رضي الله عنهما
وقد كتبت الأديبة الدكتورة عائشة عبد الرحمن في مقدمة كتاب “السيدة زينب: عيلة بني هاشم” عن الكتاب: “هذا الكتاب ليس تاريخا بحتا، وإن أخذ مادته كلها من مراجع تاريخية أصيلة ، كما أنه ليس قصة ، وإن اصطنع الأسلوب القصصي –غالبا- في العرض والأداء.
وإنما هو صورة لأنثى، قدر لها أن تعيش في فترة تعج بجليل الأحداث، وأن تلعب على مسرح الدولة الإسلامة دورا ، أقل ما يوصف به أنه دور ذي شأن، افترن اسمها في تاريخنا ، والتاريخ الإنساني، بمأساة فاجعة هي مأساة كربلاء” وهي مأساة أجمع المؤرخون على أنها كانت إحدى المعارك الحاسمة في تاريخ الشيعة بخاصة، والتاريخ الإسلامي بعامة.
عائشة الأدبية المبدعة:
ألفت بنت الشاطئ طرائف من القصص القصيرة والسيرة الذاتية من أهمها: “على الجسر” و “سر الشاطئ” و “إمرأة خاطئة”.
وأما السيرة الذاتية لعائشة فهي بالرغم من قصرها على _152 صفحة_ شديدة الثراء بحيث تفرض على القارئ أن يعود إليها مرات ومرات كي يفهمها ويعرف من هي عائشة عبد الرحمن أو بنت الشاطئ ، وكلما عاد إليها أحس أنه يقرأ نصا جديدا، لأن هذه السيرة الذاتية _على الجسر_ لا تمثل شهادة عصر على المجتمع كأغلب السير الذاتية التي يسعى أصحابها إلى هذا النوع للكشف والنقد لمصادر الضعف الاجتماعي والثقافي الذي يعيشه الكاتب ومجتمه من خلال لحظة ما في الماضي لها صلة بالأزمنة المعاصرة التي تواجهها: “أنا” ، ولكن سيرة عائشة سيرة كتبتها امرأة في حالة أزمة؛ بعد فقد زوجها ومعلمها ورفيق دربها أمين الخولي، حيث ترصد عائشة حياتها قبل أن تلقى أمين الخولي وكأنها محطات فقط في انتظار الوصول إليه. وبعد ذلك لا شيئ له أي أهمية، سوى لقاء الأستاذ الذي استحوذ على عقلها وقلبها، فصار زوجها ورفيق دربها، ويظهر من عنوان السيرة “الجسر” أن لقائهابأمين الخولي -كان لقاء عقل- أو جسر الذي يعبر فيه المجتمع بين تقاليد موروثة عن تعليم الفتاة إلى مكان آخر – الجامعة- التي تشجع على تعليم المرأة وعلى المعرفة، ويتحول العقل عند عائشة عبد الرحمن إلى منهج في كل كتاباتها حتى في صراعها مع العقاد حول قضية المرأة.
وتأكد هذا الاتجاه بوجودها في القاهرة والتحاقها للعمل بجريدة النهضة النسائية التي أسند إليها رئاسة تحريرها وإرادتها في 1933م، وفي مناخ عمل المدرسات وزميلاتها استطاعت أن تدرك بنت الشاطئ الصعوبة التي تعانيها الفتاة التي تخرج عن عرف المجتمع، فتتعلم حيث كان التقسيم حقا بين أن تكون إما وزوجة أي تلعب دورها التقليدي أو أن تكون متعلمة مثقفة حيث كانت الفتاة المثقفة تحرم من الأمومة ثمنا لثقافتها وعملها في لحظة زمنية لم يكن المجتمع فيها ليسمح لها بالجمع بينهما إما هذا أو ذاك.
وحينما شرعت بنت الشاطئ كتابة قصص زميلاتها من المعلمات اللائي قابلتهن أثناء عملها بالتدريس قبل الالتحاق بالجامعة قدمت في كتابها قصصا من حياتهن بأن وصفتهن “بالشهيدات” اللائي مهدن الطريق لغيرهن حتى يخرجن من الخدور إلى الجامعة، هذا الجيل الذي تحمل الصدمة الأولى من رفض المجتمع لتغير توزيع الأدوار داخلة فكانت العادات والقيم الرجعية والنظرة المتدنية للمرأة تقف أمامهن سدا . “.. أبت أسرتها أن تبعث بها إلى المدينة لتتعلم إذ كان خروج البنات وقتذاك أمرا منكرا في تلك البيئة، كما كان تعليمهن يلقي عليهن ظلا من غضاضة وامتهان، أثرا لمختلفات عصر مضى جعل أول مدرسة مصرية للبنات _أنشئت في عهد محمد علي _ وفقا على الإماء الحبشيات ثم اليتيمات المعوزات …”[9].
(الدكتور نعيم الحسن الأثري، أستاذ مشارك في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة دلهي، الهند)
الهوامش:
[1] – أدهم آل جندي: أعلام الأدب والفن، الجزء الثاني ، ص 526-527، مطبعة الاتحاد، 1958.
[2] – نفس المرجع
[3] – أدهم آل جندي: أعلام الأدب والفن ، الجزء الثاني، ص 533، مطبعة الاتحاد ، شارع خالد بن الوليد، دمشق، 1958م
[4] – الأستاذة فرحانة صديقي: دور المرأة في إثراء اللغة العربية وآدابها عبر العصور، ص 180، مطبعة غود ورد، دلهي الجديدة ، 2003م.
[5] – عمر الدسوقي: “دراسات عربية” ص 196، نقلا عن دور المرأة للأستاذة فرحانة صديقي، ص 187,
[6] – [6] – أدهم آل جندي: أعلام الأدب والفن ، الجزء الثاني، ص 534، مطبعة الاتحاد ، دمشق، 1958م
2- د. جميل جبر: مي زيادة في حياتها و أدبها، ص 37، نقلا عن دور المرأة في إثراء اللغة العربية عبر العصور ص 205.
3 – أ. فرحانة صديقي: دور المرأة في إثراء اللغة العربية عبر العصور ص 207.
[8] – المرجع السابق ص 219
[9] – د. عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ : سر الشاطئ / غنية ص 119
المصادر والمراجع:
- أدهم آل جندي: أعلام الأدب والفن، الجزء الثاني، مطبعة الاتحاد، شارع خالد بن الوليد، دمشق، 1958م.
- أنور الجندي، أضواء على الأدب العربي المعاصر، ط 1968م.
- أنيس المقدسي، الاتجاهات الأدبية، ط 1975م.
- 4. أميرة خواسك، رائدات الأدب السنوي في مصر، القاهرة: الهيئة العامة للكتاب، 1999م.
- 5. إيمان القاضي، الرواية النسائية في بلاد الشام: السمات النفسية والفنية 1950- 1985م، دمشق: الأهالي، 1992م.
- جابر عصفور، المرأة ونشأة الرواية العربية، مجلة العربي، الكويت: المجلس الأعلى للثقافة والفنون والآداب، العدد 477، أغسطس 1998م.
- 7. د. جميل جبر: مي زيادة في حياتها وأدبها، ص 37، نقلا عن دور المرأة في إثراء اللغة العربية عبر العصور ص 205.
- 8. ظبية خميس، الذات الأنثويةمن خلال شاعرات حداثيات في الخليج العربي، دمشق، دار المدى، 1997م.
- عمر الدسوقي، في الأدب الحديث، الجزء الأول، ط. 1944
- عبد الحميد فايد، المرأة وأثرها في الحياة العربية، ط 1977م
- عائشة عبد الرحمن، على الجسر: بين الحياة والموت / سيرة ذاتية، القاهرة: الهيئة العامة للكتاب، 1999م.
- 12. عائشة عبد الرحمن، السيدة زينب : عقيلة بني هاشم ، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، 1979م.
- عائشة عبد الرحمن، السيدة سكينة بنت الحسين، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، 1979م.
- عائشة عبد الرحمن، سر الشاطئ وقصص من القرية القاهرة: الهيئة العامة للكتاب، 1992م.
- عائشة عبد الرحمن، امرأة خاطئة، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان.
- عائشة عبد الرحمن، التفسير البياني للقرآن الكريم.
- عائشة عبد الرحمن، الإعجاز البياني للقرآن.
- ليلى أحمد، المرأة والجنوسة في الإسلام، ترجمة منى إبراهيم، حالة كمال، القاهرة: المجلس الأعلى للثقافة، 1999م.
- 19. د. منى أبو الفضل، مراجعات في تاريخ الأمة: المرأة وحركات الإصلاح والتجديد، إطلالة معرفية، المرأة والحضارة، القاهرة: جمعية دراسات المرأة والحضارة، العدد الأول، ربيع 2000م.
- 20. السيدة ودواد سكاكيني والسيدة تماضر توفيق، نساء شهيرات من الشرق والغرب، ط 1959م.
- فرحانة صديقي: دور المرأة في إثراء اللغة العربية عبر العصور، مكتبة غود ورد، نيو دلهي، الطبعة الأولى 2003م.
المراجع الإنكليزية:
- Larousse Dictionary of Women, edited by Melanie Parry, Larousse, 1996.
- Arab Women Novelists; The Formative Years and Beyond by Joseph T. Zeidan, State University of New York Press,1995.
- Associated Press (December 2, 1998), Prominent Egyption Islamic Writer, Abdul Rahman dies at 85.
- Elizabeth Warnock Fernea, in Search of Islamic Feminism; One Women’s Global Journey (New Yoek; Koubleday, Jan. 1998)
- G.B. Gunn, Literature and religion (Harper Row, New York, 1971)
- LINDA S. COLEMAN (ED), women’s life- Writing; finding voices/ building community ( Bowling Green State Uni. 1992)
- FECILITY A. NUSSBAUM, The Autobiographical Subject; Gender and Ideology in Eighteenth Century England (The John Hopkins Uni Baltimore and London 1989)
- DOMNA C. STATION (ed), The Female Autograph Theory and Pratice of Autobiography From The Tenth to The Twentieth Century, The Uni. Chicago Press, Chicago, 1987.
- SHARI BENSTOCH (ed), the Private Self: Theory and Practice of Women’s Autobiographical Writing, The Uni. Of North Carolina Hill, 1988.