دراسة فكرية موضوعية لرواية ” لن أعيش في جلباب أبي”

 د. ناصر ثناء الله  2017-01-31

إن التراث للأمة هو بمثابة بنية أساسية تظفر عليها الهوية والانتماء ، وتعطيها الكليات التي تحكم حياتها الاجتماعية والفكرية والثقافية ، ولكن العلمانيين العرب يرفضون هذه الحقيقة ويحتقرون التراث الإسلامي الحافل بالبطولات ويزدرونها ويحاولون القضاء عليها، ويعجبون بتراث غيرهم ويستلهمون منه كما لو أنه وحي من الله ، فقد بذلوا كل غال ونفيس في سبيل إيحاء الناس أن الطريق للنهضة والتقدم هو أن ننكر تراثنا ونسير “سيرة الأوروبيين” ، وكان الأدب من أهم الوسائل وأول العلوم التي استخدموها لترويج أفكارهم والضرب على أسسها الثابتة ، والرواية التي نحن نتصدى لها في هذا المقال هي أفضل نموذج للفكر الدخيل الذي يريد أن يقطع حاضر هذه الأمة من ماضيها حتى تصبح أمة بلا تاريخ وأمة بلا هوية وأمة بلا تراث ، فينصهر في بوطقة الحضارة الغربية دون أي تردد ، يحاول الكاتب في هذه الرواية إثبات أن الفشل مكتوب لمن التزم بالدين في عصرنا هذا بينما يحالف الفوز لكل من خرج على الدين واعتنق الأفكار الوافدة ، تنجح فيها البطلة (نظيرة) دون أخواتها وإخوتها لأنها تمثل المتحررات والسافرات والرافضات للتراث كله والمعجبات بالثقافة الغربية الوافدة.

المرأة نصف المجتمع البشري والتي ينشأ ويترعرع في أحضانها الأجيال اللاحقة، فهي تربي أولادها وتثقفهم بثقافة قومهم وتعدهم لمواجهة الحياة بمجالاتها المتنوعة وتهيئهم للمشاركة الفعالة مع الأمم الأخرى والشعوب الأخرى على الأقدام المساوية، فهي – إذا رأينا إليها من هذا المنظور – من أهم العناصر التي تحافظ على تراث قومها وتنقله من الأجيال السابقة إلى الأجيال اللاحقة.

والمرأة المسلمة هي مرأة تتميز بالعفة والطهر والخلق والحرص على العرض والبكارة والبعد عن كل ما يجر التهمة عليها، ما عدا بعض الحالات التي لا يخلو منها أي مجتمع بشري شرقي أو غربي، فهي حالات استثنائية لا يمكن أن تمثل المجتمع البشري.

كانت المرأة المسلمة تمتاز بهذه الفضائل والأخلاق في العصر الذي يتميز بالوفود الأدبي العلماني الغربي على الأمة الإسلامية، واليوم، ونحن نرى ما نرى من التيار الإسلامي الجارف في سائر المجتمعات الإسلامية، زادت المرأة المسلمة حرصا على عرضها وعفتها وتمسكا بدينها الإسلام والتخلق بالأخلاق الإسلامية النبيلة.

ورغم هذه الحقيقة العارمة، جنى الأدب العربي العلماني الذي أبدعه الأديب المسلم منذ نهضة الأدب العربي الحديث على كل شيئ ينتمى إلى هذه الأمة بصلة – أبطالها وتاريخها وثقافتها ودينها وموروثها العلمي والثقافي في كل ميدان وعلى وجه الخصوص المرأة المسلمة ودورها في المجتمع الذي يخلقه الإسلام إذا نُزِل على الواقع المعاش بطريقة صحيحة وتدريجية –

كانت المرأة حجرا رئيسيا والركن الركين للأسرة – تلك الخلية الأساسية التي يحرص الإسلام على صلاحها وسلامتها وإصلاحها ويبذل كل ما بوسعه في سبيل دفع الضر والفساد عنها – وكان هذا من أهم الأمور الذي يعرقل زحف العلمانية الثقافية في المجتمعات المسلمة، ومن أجل ذلك لم يرتح المشروع العلماني حتى أخرج المرأة من إطار الكرامة إلى إطار المهانة ومن إطار الشرف إلى ما جر عليها العار.

وكان لدى المشروع العلماني شعور عميق بأن المجتمع المسلم لا يمكن إخراجه من أصالته الإسلامية ولا يمكن تغريبه ما دامت المرأة المسلمة في ذلك الإطار الذي عينه لها دينها الإسلام والذي يحرص أكثر من أي شيئ آخر على عرضها وشرفها وكرامتهاز

وفي هذا المقال قمنا بدراسة فكرية موضوعية لرواية عربية حاولت بكل القوة أن الدين في عصر “التنوير” أو “الحداثة” هو يتمثل العمود الفقري لتخلف المسلمين وإحباطهم وعلى وجه الخصوص المرأة المسلمة فقد تخلفت عن أخواتها من الأمم الأخرى في سبيل تحقيق التقدم والتحرر من القيود واكتشاف ذاتها التي “أقمعها الرجال” من “القرون المظلمة” وقدرتها على خلق مستقبلها الباهر، هذه الرواية للكاتب المصري الشهير إحسان عبد القدوس.   

بادئ ذي بدء يجب أن نلتفت إلى النماذج المثالية للمرأة العربية المسلمة التي جاء بها الكاتب الشهير إحسان عبد القدوس في قصصه أو رواياته فهي نماذج دخيلة غير أصيلة، وهي نماذج علمانية مادية بأكمل وجه لا تعرف للأخلاق ولا للعفة من قيمة، فهي إمرأة خارجة على كل القيم الشرعية والأخلاقية والإنسانية والثقافة المحلية الأصلية، وَلْهى بالثقافة الغربية الوافدة، ضاحية في سبيل التحرير المزعوم كل غال ونفيس، وهي امرأة شهوى تندفع وراء هواها كالكلب المجنون وراء الميتة، والتي تزعم أن الإسلام هو المانع الأول أمام تحقيق غايتها ومآلها والحرية التي تتمتع بها المرأة الغربية.

ففي هذه الرواية التي نحن بصدد الكلام عنها يحاول الكاتب أن يثبت أن المرأة المتدينة هي مرأة ليس بصالحة الذهن ولا بسليمة الفكر، والفشل في الحياة مكتوب لها، وأما المرأة السافرة المتحررة فتنجح في جميع ميادين الحياة وتعيش حياة راضية مرضية،

هذه رواية رمزية، يرمز ” جلباب أبي ” فيها إلى كل شيئ يمت بأية صلة بالماضي، تدينه وتقاليده وعاداته وأخلاقه وثقافته، كما يرمز ” البدلة ” إلى الجديد، لا إلى الزي الجديد فحسب كما يحلو لأول وهلة بل إلى الثقافة الجديدة، والعادات الجديدة، والتدين الحداثوي، وكذلك عنوان الرواية ” لن أعيش في جلباب أبي ” يرمز إلى الثورة ضد الماضي والتراث وكل ما ينتمي إلى الشرق، دينه، وثقافته، وتقاليده.

تدور هذه الرواية حول أسرة متكونة من ثمانية أعضاء: والدان وأربع بنات وابنان. الحاج عبد الغفور البرعي – وهو رب البيت – كان عاملا في مخزن من مخازن وكالة البلح، ينقل على كتفيه قطع الحديد الخردة، ولكنه أخذ يكتشف بسرعة أسرار وكالة البلح، وبدأ يجازف بعمليات البيع والشراء الصغيرة حتى أصبح مليونيرا، ولكنه مع ذلك كان بخيلا، كان ينفق على عائلته ما يكفي للعيش المتواضع، غير أنه كان ينفق على تعليم أولاده بسخاء، ولكنه لم يشد ابنيه إلى عمله لأنه كان يرى أنهما مسؤولين عنهما، لذلك كان الابنان يشعران بإحساس من الجفاء الصامت بينهما وبين أبيهما، وترك أحدهما “عبد الستار” مصر وذهب إلى إنجلترا لمواصلة التعليم وتزوج فتاة إنجليزية ولم يعد إلى مصر. وكذلك تزوجت ثلاث من بناته دون أن يستكملن التعليم الثانوي، ولكن قد طلقت اثنتان من بناته بعد أن فوجئ زوجاهما بمدى بخل عبد الغفور.

أما المحور الرئيسي لهذه الرواية فهو عبد الوهاب البرعي – ابن عبد الغفور الثاني – الذي يتمثل المتدينين، ونظيرة – ابنة عبد الغفور الرابعة – التي تمكنت- دون أخواتها الثلاث – من الالتحاق بالجامعة الأمريكية، والتي تتمثل المنطلقات والمتحررات من النساء المصريات.

كان عبد الوهاب منذ صغره شخصية عجيبة، كان يحاول أن يتحرر من العقدة التي سببها لهم أبوهم ولكنه لم يستطع، وكان يغير حالاته ويسير في الشارع وهو مرتديا اللبس الكامل للاعبي كرة القدم كى يشتهر بأنه لاعب كرة حتى دون أن يلعب الكرة،  وبعد عام واحد تغير من هذه الحال إلى الأخرى فأصبح يتردد كل يوم عند الظهر إلى ” بار” في حي الزمالك ولا يشرب إلا البيرة إلى أن يشبع فيعود إلى البيت وينام إلى أن تتبخر البيرة من رأسه، ثم – وبعد مضى عام آخر- دخل في حالة جديدة، في حالة التدين ولم يخرج منها حتى انتهت الرواية.

وفي تدينه تغير من حالة إلى أخرى، فكان في البداية غارقا في الدين، وكان يقضي كل أوقاته بعد المدرسة في الجامع، يتلو القرآن والتفسيرات ويذاكر الدروس، وأطلق لحيته، وكان يدخل في المناقشات الطويلة مثل: هل إطلاق اللحية سنة مفروضة أم سنة اختيارية ؟؟.. هل من حق الرجل أن يكشف عن شعر رأسه أم أن السنة تحرمه ؟؟.. وكان يعتبر ارتداء البدلة حراما ولم يكن يرتديها إلا مرغما في المدرسة، ثم ودون أن يحصل على الثانوية سافر إلى اوروبا وأقام هناك لسنوات عديدة، وطول عمره لم تكن له أية علاقة مع فتاة، حتى لم يكن يشارك أصدقائه في الحديث عنها.

ثم رجع إلى مصر ويقول الراوي أن أوروبا قد ” تركت أثرا في عقلية عبد الوهاب وأحاسيسه بالمرأة .. لقد بدأ في أحاديثه معي يمتدح المرأة الأوروبية .. أنه يقول إنها إنسانة كاملة الشخصية .. واستطاعت أن تصل إلى القوة التي تصون بها نفسها وتفرض إرادتها على الرجل المتجنى ..” (ص : 18)

  ورغم ذلك لم يعجب منها عبد الوهاب لأنه يعتبرهن ناقصات الدين وإن لم يعتبرهن ناقصات العقل ’ ولذلك يتمنى هو أن يتزوج فتاة مصرية ذات ” شخصية المرأة الأوروبية، قوتها، وعلمها، واحتمالها للمسؤولية …. فالإيمان هو أساس سلامة كل بناء للشخصية ” (ص : 19)

وكذلك غير عبد الوهاب زيه فلم يعد يرتدي الجلباب بل ارتدى البدلة ولم يعتبرها من المحرمات. وكل هذه التغيرات ترمز إلى أن الكاتب يفضل صيغة الإسلام الأمريكية على صيغته العربية (أي الأصيلة)، وكأنه يدعو “المتطرفين في مظاهر الإسلام” إلى الإيمان الباطني وإلى أمركة الإسلام.

وقد جاء في الرواية ذكر أسرة أخرى، وهي أسرة الدكتور مؤنس خلف الله وزوجته فوزية، وخلال فترة إقامتهما في أمريكا لقيا روزالين، وهي فتاة أمريكية كاثوليكية ملتزمة كانت تدرس الطب في الجامعة، كانت روزالين تخاف من شوارع أمريكا خاصة بعد تخيم الليل لأنها تعرف أنها غير مأمونة للفتيات، تأثرت بالدكتور مؤنس وفوزية، وجاءت مصر وأسلمت فغرقت هي في التدين رغم أن بيت صديقتها فوزية التي كانت تقيم فيه كان يمثل مجتمع المتحررين العلمانيين، ويتضح هذا بجلي عندما يذهب عبد الوهاب وأخته نظيرة وصديقه حسن – وهو الراوي في الرواية – إلى بيت فوزية ليخطب روزالين – اسمها الإسلامي أمينة – يقول الراوي:

” … إلى أن دخلت علينا فوزية وبجانبها أمينة يجران مائدة صغيرة تحمل معدات الشاى وإبريقا من عصير الليمون وطبقا من البسكوت وتحمل أيضا بعض الزجاجات .. زجاجة كمبارى وزجاجة جين .. كأن البيت يعترف بالحرية .. لك حق ألا تشرب الخمر وكل حق أن تشرب . ” (ص : 25)

ويدور الحديث حول الأشياء الأخرى فتقول نظيرة لأمينة :

–       إن ثوبك أطول من المعقول يا أمينة

–       (قال عبد الوهاب ) : هذا ثوب المرأة كما يجب أن يكون ..إنها أكثر إيمانا منك

–       (فقالت فوزية في غل ) : ليس أحدهما أكثر ولا أقل إيمانا من الأخرى .. إن الإسلام يعترف بحرية الفرد في حدود تعاليمه .. ونظيرة حرة في تقصير ثوبها مترا وأمينة حرة في إطالة ثوبها مترين .. ما دام الثوب لا يكشف عن عورة (ص : 26)   

ثم يتم الزواج بينهما إلا أنه ينتهى إلى الطلاق لأن أمينة فشلت في إقناع أبي زوجها الحاج عبد الغفور البرعي في أن يعطيها وظيفة في شركته ولأن زوجها عاطل عن العمل أو كما يصفه الكاتب. ومن حقنا أن نتساءل : لماذا لا يعمل عبد الوهاب في شركة أبيه؟ ولماذا فشل في دراسته؟ ولماذا فشل في الحصول على وظيفة له؟ أليس فيه رمزا صريحا أن الدين هو سبب التخلف وأن الملتزم بالدين لن يجد إلى التقدم من سبيل..؟

والمحور الثاني لهذه الرواية هو شخصية نظيرة التي تمثل المتحررات المتبرجات، هي الابنة الوحيدة للحاج عبد الغفور التي استطاعت مواصلة التعليم حتى التحقت بالجامعة الأمريكية، يصفها الكاتب بأنها ترتدي ” ثوبا ليس فيه شيئ من تزمت أخيه وتعاليم مظاهر الإسلام .. فهو ثوب يكشف عن ذراعيها ويرتفع إلى ركبتيها وإن كان ثوبا يعتبر محتشما ولا يكشف عن صدرها ولا يضيق أكثر من اللازم حول خصرها ” (ص : 52)

لقيت نظيرة مع حسين – الراوي – في خطوبة أخيها عبد الوهاب، ونمت بينهما صداقة تطورت يوما بعد يوم، سألها حسين وهما يعودان من بيت فوزية تاركين عبد الوهاب مع خطيبته :

–       هل لا أستطيع أن أتصل بك إلا عن طريق أخيك عبده ..

–       (قالت ضاحكة): هل أنت قوي أم ضعيف ؟

–       (…) ماذا تقصدين؟

–       (…) لو كنت قويا فانتظر إلى أن أتصل بك وأعطني رقم تيلفونك ’ أما إذا كنت ضعيفا فسأعطيك رقم تيلفون البيت وحاول أن تتصل بي (ص : 62)

ثم أخذت تتردد على شقته الخاصة بعد خروجها من الجامعة الأمريكية كل يوم ” لتذاكر دروسها ” وكلما حاول حسين الاقتراب منها ابتعدت نظيرة عنه قائلة ” لا، انتظر حتى أبدأ أنا ” حتى جاء اليوم أخذها حسين في أحضانه وهي تقول ” بدأت أنا ” وقالت نظيرة يوما لحسين وهي جالسة في كرسي بجانبه وهما يتكلمان عن اعتناق أمينة الإسلام:

” … إن الدين لا يورث، وأن الفرد لا يجب أن يعشق دينا لمجرد أنه وجد نفسه فيه،  وجد نفسه مسلما أو مسيحيا أو يهوديا، بل يجب أن يتحرر أولا، أن يولد بلا دين، ثم يبحث بنفسه ولنفسه إلا أن يجد الدين الذي يملأ إيمانه ويقنع عقله ويسيطر على أحاسيسه فيلجأ إليه ويعيش فيه، يعيش الإسلام أو المسيحية أو اليهودية، وهي قد ولدت ووجدت نفسها مسيحية كاثوليكية، ولكنها استطاعت أن تتحرر وتبحث لنفسها وبنفسها إلى أن آمنت بالإسلام فاعتنقته، وهي تعيش اليوم هادئة سعيدة مطمئنة بإيمانها، تعيش الإسلام، …. لم أستطع أن أتحرر من الإسلام حتى أبدأ في البحث عن الدين بنفسي ولنفسي، ولو عدت إلى الإسلام أعيش فيه بعقلية اخترته لا بعقلية توارثته، ولكن يبدو أن الإسلام مسيطر علي إلى حد أني لا أستطيع أن أتحرر بعيدا عنه لبضع دقائق ” (ص : 55)

هذه هي الشخصية المحورية التي تنتصر في الرواية، تنتصر هي في سائر ميادين الحياة ويفشل أخوها وهو متدين، يفشل في جميع ميادين الحياة حتى تعتبره أخته نظيرة بأنه في غير طبيعية، تتردد على شقة حسين فيحتضنها حسين وتحتضنه هي ويتبادلان القبلات والضمات ثم تدعي نظيرة بأنها ليست حرة وإنما مقيدة بإيمانها، وأنها لا تريد أن تفقد عذريتها إلا بإذن الله .. إلا بالحلال، استطاعت نظيرة أن تملك قلب حسين فخطبها حسين وهو لا يطمع من ثروة أبيه شيئا وهي أيضا لا تريد أن تأمل من ثروة أبيها شيئا، وتزوجا فتحررت نظيرة من العقدة التي سببها لهم أبوهم وانتصرت على سائر مشاكل الحياة.

ومن ناحية أخرى تزوج الدكتور عطاء الله وهو طبيب الأسنان روزالين وهي عادت من ” التطرف في مظاهر الإسلام ” كما يصفها الكاتب ’ فهو يقول:

” ولم تكن روزالين ترتدي الثوب الإسلامي الذي ينسدل حتى يغطي قدميها ولا يكشف عن ذراعيها، إنه الثوب الذي عادت به بعد سفرها إلى أمريكا والذي يرتفع إلى تحت ركبتها ويكشف عن ذراعيها وإن كان يغطي كتفيها. إنها لم تعد إلى التطرف في المظاهر الإسلامية.” (ص : 129)

لقد عادت روزالين إلى الاعتدال المزعوم فانتصرت هي الأخرى في الحياة، فلم تبق غير طبيعية كما وصفتها نظيرة في البداية، بل عادت إلى طبيعتها بمجرد تركها ” التطرف في المظاهر الإسلامية “.

الفكرة السائدة والمنتصرة في الرواية هي إحدى أهم حجج العلمانيين العرب، وهي أنه لا يمكن أن يتنصل المسلمون من التخلف ولا يمكن أن يسايروا مع الزمان حتى تخلصوا من التزامهم بدينهم والاستلهام بتراثهم فإنه تراث قد عفا عليه الزمن، حسب زعمهم، وحتى يرجعوا من التطرف في مظاهر الدين التي لا يسمن ولا يغني من الجوع، وقد تناول الكاتب فيها خاصة قضية حجاب المرأة وحاول أن يثبت – حسب زعمه – بطريقة عملية أنه لا تقدم ولا فوز ولا فلاح في الحجاب، وكذلك حاول أن يثبت أن التدين لا يسمن ولا يغني من جوع أمام تحديات هذا الزمان، وأن الدين لا يلجأ إليه إلا من فشل ورسب في نشاطات الحياة. وجدير بالذكر أن الكاتب يعتبر الحجاب من التطرف في المظاهر الإسلامية ويعتبر أن الثوب الذي يكشف عن الذراع ويرتفع إلى تحت ركبة بأنها ثوب محتشم، وما هو إلا دعوة صريحة دون أي لبس إلى السفور والتبرج والتنصل من الاحتشام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *