دور التعريب في تنمية الثروة المعجمية “العتاد” لجميل عبد الله أنموذجا

د. محمد منصور جبريل

ملخص البحث

وظَّفَ اللغويون المحدثون ظاهرة التعريب بغرض توسيع وإثراء لغتهم بما هي بحاجة إليه من المستحدثات والمخترعات المعاصرة، وبذلك أصبحت آلية التعريب مدخلا مباشرا إلى الحداثة وأداة مهمة لتطوير اللسان العربي؛ وكانت هذه الطاقة وسيلة جوهرية لتنمية الثروة المعجمية عبْر إدخال الكلمات الأجنبية في القالب المعجمي بعد إخضاعها للأوزان الصرفية، سعيا إلى تشكيل مواد لغوية جديدة أو ترجمة وتعليم المصطلحات العلمية الأجنبية الحديثة باللسان العربي، إذ يُلمَس ذلك في معجم العتاد لجميل عبد الله الكَنَوِي-النَّيْجِيرِي، والذي اتخذ التعريب وسيلة لنقل المواد اللغوية المستحدثة في حقول دلالية متنوعة، ما أدى إلى توفير كمٍّ كبير من المصطلحات اللغوية في معجمه، كما فتح بابا واسعا على مصراعَيْه لمواكبة التطور الحضاري في التأليف المعجمي. وقد سلك الكاتب منهجا حديثا في إلحاق الفصول بنماذج من الملاحق المصورة سعيا إلى تزويد الطلاب والدارسين بمعان يحتاجون إلى معرفتها في مختلف المجالات المعرفية. وتتمثل أهمية البحث في إبراز دور الكاتب النَّيْجِيرِي في توظيف التعريب كوسيلة للتنمية المعجمية، وقد سعى الباحث إلى تقديم التوضيحات لبعض المصطلحات الواردة في المعجم، أضف إلى ذلك إظهار أثر التعريب في تأصيل المصطلحات واستحداثها في المعجم المدروس. وبما أن الدراسة تكشف الغطاء عن دور التعريب في الإثراء الدلالي، فما مجهودات جميل عبد الله الكنوي في التأليف المعجمي؟ وما أثر التعريب في تأصيل المصطلحات واستحداثها في معجم العتاد؟ وما منهجه في تشكيل مادة المعجم؟ وكيف أسهم المعجم في تزويد الدارسين بالحصيلة اللغوية؟ وسيوظف الباحث المنهج الوصفي التحليلي لإبراز مضامين بحثه.

 الكلمات المفتاحية: المعجم، التعريب، التنمية، الدلالات، المستحدثة                                                                                                                                                                                                                                             

المقدمة

تجدر الإشارة إلى أن التعريب من المؤثرات الخارجية لنقل العلوم والمعارف من اللغات الأخرى إلى العربية، ففي عصرنا الراهن يستغل اللغويون طاقة التعريب لتنمية الثروة اللغوية في التأليف المعجمي، وخاصة فيما يمت بصلة إلى الدلالات المستحدثة في معاجم المعاني الثنائية والثلاثية كما يُلمَس ذلك في معجم “العتاد” لجميل عبد الله الكَنَوِي النيجيري.

وقد قام التعريب بدور إيجابيا ملموس في إثراء اللغة العربية منذ قديم من الزمن في إطار قانون الاقتراض اللغوي، ما أدى إلى انفتاح باب واسع لتلقي العلوم والثقافات الأجنبية بغية توسيع وتنمية لغة الضاد بما هي بحاجته من المستجدات والمخترعات التي تتطلبها ظروف الحياة الإنسانية بنواحيها المختلفة.

هذا، ويهدف البحث إلى كشف الغطاء عن دور التعريب في نقل المعاني الحديثة من خلال معجم “العتاد “لجميل عبد الله اللكنوي، ما أدى إلى إثراء مادته في مختلف الحقول الدلالية، مما أسهم في تزويد الطلاب والدارسين بمعان يحتاجون إلى معرفتها في مختلف المجالات العلمية والتكنولوجية، والبيئية، والتربوية، والسياسية، وغير ذلك مما يمس جوانب الحياة اليومية.

وتتمثل أهمية البحث في إبراز دور عالِم لغوي معاصر في توظيف التعريب والاقتراض اللغوي (anglicism) لنقل المعارف والمعاني المستحدثة إلى اللغتين العربية والهَوْسَا عبر المعجم اللغوي، وهذا يسهم في تنمية المؤلَّف من حيث المعالجة الشكلية والمضمونية، كما أسهم في تحسين صياغته وتكييفه لمواكبة التطور الحضاري في التأليف المعجمي.

أما حدود البحث، فتدور حول دراسة الجزء الأول من المعجم المدروس، والذي تناول فيه الكاتب الحديث عن الإنسان ومحيطه في حدود 110 صفحة، لا غير.

والمنهج الوصفي التحليلي كفيل لإبراز محتوى هذا البحث وأسلوب الكاتب في توظيف التعريب لتشكيل مادة المؤلَّف، إذ نظمها في مختلف الحقول الدلالية، ابتداء بالحديث عن الإنسان ومحيطه، ثم البيئة المدنية، والبيئة الطبيعية، والمصطلحات السياسية، والعسكرية، والعلمية والفنية، وغير ذلك مما يمت بصلة إلى الحقول الإعلامية والرياضية، والتي ألحق بها صور لكثير من الأدوات التي قد تكون جديدة أو غير مفهومة لدى القارئ، تمشيا مع الاتجاهات اللغوية والمعجمية والتربوية الحديثة.

وقد تناول الباحثون دور الترجمة والتعريب في إثراء بعض المجالات اللغوية، بما فيها المعجم العربي، كما يُلمس ذلك عند  سوسن مزيتي، إذ عالجت بحثا علميا بعنوان: “أثر الترجمة والتعريب في استحداث دلالة الألفاظ من خلال “معجم اللغة العربية المعاصرة لأحمد مختار عمر” تكملة لمتطلبات الحصول على درجة الدكتوراه في اللغة العربية، تخصص اللسانيات وتطبيقاتها بجامعة الإخوة منتوري-قسنطينة الجزائر، العام الدراسي: 2016-2017م. وقد أشارت الباحثة إلى أن مما دفعها إلى معالجة الموضوع، قلة الدراسات المعجمية التي تتناول دور الترجمة والتعريب في تنمية الثروة المعجمية من منظور إجرائي يكون فيه المعجم عينة للتطبيق.

وهذا مما حفز الباحث إلى تطبيق هذا الموضوع في معجم “العتاد” لجميل عبد الله الكنوي النيجيري.

تعريف بالمؤلف ومعجمه:

الدكتور جميل عبد الله الكنوي، من مواليد مدينة كنو شمالي نيجيريا، سنة 1975م، حاصل على درجة الليسانس في اللغة العربية وآدابها من الجامعة الإسلامية سَايِ بجمهورية النَّيْجَرْ سنة 2001م، وقد حصل على الماجستير والدكتوراه من جامعة بايرو كنو- نيجيريا ما بين سنة 2009- 2016م (التخصص في علم المعاجم)، وله اهتمامات بحثية فيما يمت بصلة إلى علم الدلالة. وله عدد من البحوث والمؤلفات، منها المعجم الثلاثي اللغة: إنجليزي-عربي-هوسوي، كذلك له رواية ومجموعة مسرحية، كما نشر مقالات بمجلات ودوريات أكاديمية، وشارك في عدد من المؤتمرات المحلية والعالمية. وقد أشرف على عدد من الرسائل في المستوى الجامعي والماجستير. وهو عضو جمعية المترجمين النيجيريين، وعضو لجنة التحرير لمجلة جمعية مدرسي اللغة العربية والدراسات الإسلامية بنيجيريا (نتائس) فرع ولاية كنو، وعضو جمعية الكُتَّاب النيجيريين. [1]

أما معجم “العتاد” (الجزء الأول)، فهو معجم معان حديث، ثلاثي اللغة: عربي- هَوْسَوِي- إنجليزي، يحتوي على 110 صفحة، تناول فيه المؤلف الحديث عن الإنسان ومحيطه، ويندرج تحته عشرة فصول، وبآخر كل فصل ملحق مصور لتوضيح بعض المصطلحات الواردة فيه.

تناول المؤلف في الفصل الأول الحديث عن مكونات جسم الإنسان وهيكله، والفصل الثاني عبارة عن العلاقات الأسرية وأسماء أفراد العائلة، واشتمل الفصل الثالث على مصطلحات تمت بصلة إلى العلاقات المدنية والعملية، حيث ذكر فيه أسماء الوظائف والمهن؛ أما الفصل الرابع، ففيه عرض للحقل الدلالي المتعلق بالأطوار العمرية، وفي الفصل الخامس تناول الحديث عن حقل العواطف، والفصل السادس عبارة عن أحداث الحياة مثل الزفاف والسفر، والترقية وما إلى ذلك، والفصل السابع عبارة عن حقل الملابس وأدوات التجميل، وقد تناول في الفصل الثامن الحديث عن المهن والحرف والوظائف والخدمات، وفي الفصل التاسع تناول الحديث عن حقل الأدوات الموظفة في المصانع والشركات، واختتم الجزء الأول من المعجم بالحديث عن حقل الأعياد والمناسبات والاحتفالات في الفصل العاشر.

أما عن منهج المعجم، فكان يرتب المفردات حسب حقولها الدلالية؛ فإذا كان لديك معنى لا تعرفه فابحث عنه في أكثر المجالات احتمالا لورودها فيه، فالرأس مثلا، يُطلَب في أعضاء الجسم، والاسْتَاد في الرياضة، والمروحية في العسكرية والمعدات الحربية، وهكذا.

ولم يرتب المواد داخل الفصول حسب الترتيب الألفبائي ولا غيره من الترتيبات اللفظية المعروفة لعدم الاحتياج إلى ذلك، لأن الباحث فيه يُتوقَّع أن يكون بحثه في لفظ لمعنى يعرفه.[2]

مفهوم التعريب وأثره في التنمية المعجمية

تعددت الدلالات اللغوية لكلمة التعريب، انطلاقا من الجذر (ع رب). ومن ذلك ما ورد في لسان العرب، والتعريب: الإكثار من شرب العَرَبِ، وهو الكثير من الماء الصافي. يقال: نهر عرِبٍ. أي: غمر، وبئر عرِبة: كثيرة الماء؛ والفعل من كل ذلك عرِبَ، عرَبًا.

وتأتي الكلمة كذلك ويُراد بها: قطع سعف النخل، وهو التشذيب. والعِرب: يبيس البُهمَى خاصة، وقيل: يبيس كل بقل، الواحدة: عِربة، وقيل: عِرب. [3]

والتعريب عند الفيرروزآبادي عبارة عن: تعويد اللسان على النطق الصحيح والسليم بالعربية بعيد عن اللحن، سواء أكان في الحديث أم في الكتابة، فقد قيل: التعريب تهذيب المنطق من اللحن.[4]

أما الزبيدي، فيعرف التعريب بأنه يتمثل في: تلقين اللغة العربية وتعليمها، سواء للناطقين بها من أبنائها، أم لغير الناطقين بها من الأجانب. وتلمس هذا من قوله: “والتعريب تعليم العربية” ويقول أيضا: “أليس التعريب في الكلام هو النقل من لسان إلى لسان؟ فالمعرب والمعرب منه هو المنقول والمنقول منه”.[5]

وفي المعجم الوسيط، التعريب: صبغ الكلمة بصبغة عربية عند نقلها بلفظها الأجنبي إلى العربية.[6]

وفي القاموس المنجد، ورد لفظ التعريب ويراد به: صبغ الكلمة بصبغة عربية عند نقلها بلفظها الأجنبي إلى اللغة العربية. والتعريب كذلك يمثل: إحداث لفظ باشتقاقه من مادة عربية لترجمة لفظ أعجمي لا مقابل له في مستعمل اللغة.[7]

أما التعريب في معجم اللغة العربية المعاصرة، فهو مصدر عرَّب، ويُقصَد به: صوغ الكلمة الأجنبية بصيغة عربية عند نقلها بلفظها إلى اللغة العربية.. فتعريب المفردات الأجنبية: استعمالها بالعربية مع إعطائها صيغة عربية، ككلمة (تَلْفَنَ) أي تحدث بالهاتف.[8]

يُستنتج مما سبق، أن التعريب من المنظور اللغوي، له معان عدة، تكاد تتفق مع دلالاته الاصطلاحية المتمثلة في صبغ الكلمة بصبغة عربية عند نقلها بلفظها الأجنبي، غير أن ابن منظور يعرف التعريب بأنه عبارة عن كثرة شرب الماء الغمر الصافي، وقطع سعف النخل؛ لكن الزبيدي والفيروزآبادي ربطا مصطلح التعريب بالدلالة على إتقان النطق بالكلام العربي وتعليمه للدارسين بعد مراعاة تحسينه، غير أن الأول أضاف معنى آخر يتمثل في نقل الكلام من لسان إلى لسان آخر. 

هذا، وقد أضاف علماء اللغة إلى هذه الدلالات المعجمية معاني اصطلاحية لإبراز مدلول التعريب، حيث حدد أبو منصور الجواليقي المعرَّب في ما تكلمت به العرب من الكلام الأعجمي، وجاء ذكره في القرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف، وكلام العرب شعرا ونثرا، وذلك بغرض تمييز الدخيل من  الفصيح، مشيرا إلى أن المعرَّب هو الدخيل نفسه دون أن يحدد طريقة العرب في استعماله بتغيير أو بدون تغيير.[9]

فالجواليقي في هذا الصدد، يحصر اللفظ المعرب بما ورد في القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف من الألفاظ الأعجمية، أضف إلى ذلك ما نُقِل  عن التراث العربي من الألفاظ الأجنبية في النصوص المنظومة أو المنثورة؛ غير أنه لم يشترط إخضاع هذه الألفاظ تحت القوانين اللغوية بأنماطها الصوتية والصرفية.

أما الخفاجي، فيقول: “واعلم أن التعريب نقل اللفظ من الأعجمية إلى العربية، والمشهور فيه –أي في التسمية- التعريب، وسماه سيبويه وغيره إعرابا، وهو إمام العربية، فيقال حينئذ معرَّب ومعْرب”.[10]

وقد حصره السيوطي فيما يستعمله العرب من ألفاظ غير عربية جديدة الوضع بمعان أخرى، دون المعاني التي وُضِعَتْ لأجلها.

أما إسماعيل بن حماد الجوهري، فقد عرف التعريب بقوله: “وتعريب الاسم الأعجمي أن تتفوه به العرب على منهاجها، تقول: عرَّبته العرب، وأعربته أيضا، مشترطا في اللفظ المعرّب الصياغة العربية، أي وضعه في قالب صرفي لا يخرج عن أبنية اللسان العربي.[11]

ومن المنظور الحداثي فإن التعريب يسعى إلى صوغ الكلمة الأجنبية بصبغة عربية وفق من ينسجم مع النظام الصوتي والصرفي للسان العربي. ويسمى هذا النمط بالتعريب اللفظي، وهو المعنى الأكثر ارتباطا بالتعريب في العصر الحديث.[12]

ويأتي التعريب بمعنى: جعل العربية اللغة الرسمية التي يستعملها أهل العربية في العلم والإدارة، وكل مرافق الحياة المختلفة، وهو ما ينعته البعض بالتعريب السياسي والاجتماعي.[13]

ومهما يكن من أمر، فإن التعريب بمعناه العام، عبارة عملية نقل المستحدث والجديد من العلوم والمعارف الأجنبية، بمجالاتها المتنوعة إلى اللسان العربي بغرض مسايرة الحضارة الجديدة والانفتاح على ثمراتها فيما يمت بصلة إلى التقدم العلمي والتكنولوجي الحديث.

أما المعرب، فهو كل لفظ أجنبي اُسْتُعْمِل في اللغة العربية بغض النظر عن كيفية استعماله بصورته الأجنبية، ويصطلح على هذا النوع من الألفاظ بالدخيل، فإن وُظِّف بصورته الجديدة المتصرف فيها وفق ما ينسجم مع أساليب الوضع العربي، وهو ما يسمى بالمعرب.[14]

وغاية ما في الأمر، فإن التعريب: عبارة عن أخذ اللفظ أو المصطلح الأجنبي وإخضاعه للأوزان العربية. وقد توسع هذا المعنى إلى: ترجمة النصوص الأجنبية ونقلها إلى العربية، وكذلك يُطلَق على تعليم العلوم الأجنبية الحديثة بالعربية.[15]

وقد عمد العرب قديما إلى الترجمة والتعريب لنقل المعارف الأجنبية لما وجدوا من طواعية اللغة العربية، حيث وجدوا لكل مصطلح ما يقابله فيها، ولكن ذلك لم يمنعهم من استعمال اللفظ اليوناني أو الأجنبي، فبقيت تلك الألفاظ الأعجمية صعبة المنال وغير واضحة الدلالة للراغبين في دراسة العلوم والفلسفة، فأشار أبو الريحان البيروني إلى ضرورة ترجمتها بالمقابل العربي حيث يقول: “ونحن نراهم يستعملون في الجدل وأصول الكلام والفقه طرقه (طرق المنطق)، ولكن بألفاظهم المعتادة فلا يكرهونها. فإذا ذكر لهم إيساغوني وقاطيفوريات وباري أرمينياس وأنولوطيقا، رأيتهم يشمئزون عنه و (ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت) وحق لهم، فالجناية من المترجمين إذ لو نقلت الأسامي إلى العربية، فقيل كتاب المدخل والمقولات والعبارة والقياس والبرهان، لوُجِدُوا متسارعين إلى قبولها غير معرضين عنها”[16]

يُستنتج من أبي الريحان البيروني، أنه يفضل الترجمة بالمقابل العربي بدلا من اللجوء إلى توظيف الألفاظ المعرَّبة أو الدَّخِيلة في نقل المعارف من اللغات الأجنبية إلى العربية، لما في ذلك من الإبهام والغموض في معانيها، وهذا مما يمجه الذوق السليم لعدم الوصول إلى المعنى المراد. أما لو نُقِلَت إلى الأسامي العربية عن طريق الترجمة، فذلك مما يرحب به الدراس العربي، لأن النفس تميل دائما إلى السهولة، وخاصة فيما يمت بصلة إلى المجال التعلمي والتعليمي؛ وهذا لا يمنع من توظيف الألفاظ المعربة والدخيلة عندما دعت الحاجة إلى ذلك، لصعوبة الحصول على المقابل العربي، وعند استساغة الألفاظ وسلاستها، وفقا لمتطلبات المعايير اللغوية الفصيحة.

أما دور التعريب في إثراء الحقل المعجمي، فيُلمَس ذلك مما قام به علماء العربية من توظيف آلية التعريب في تأليف المعاجم اللغوية المعاصرة، حيث كانت منفتحة على مختلف الميادين العلمية الحديثة، تلبية لاستكمال متطلبات الحياة العصرية، بناء على ما يحتاجه الدارسون من المعاجم العربية الحديثة المتمشية مع الحضارة والثقافة الغربية الحديثة، سعيا إلى تحقيق ما يحفظ للغة العربية كيانها وقواعدها.

وقد اتبع اللغويون في ذلك وسيلتين مختلفتين، شملت الأولى على جملة من المقومات والإمكانات الذاتية التي تتمتع بها العربية، من اشتقاق وتركيب، وإبدال، ونحت، ومجاز، وقياس؛ وانحصرت الثانية في عاملي الترجمة والتعريب باعتبارهما آليتين مثمرتين لنقل المعارف الجديدة إلى العربية المعاصرة، وهما الوسيلتان لنقل الثقافات والعلوم من اللغات الأجنبية منذ قديم من الزمن.[17]

طرق التعريب في المعاجم العربية:

سبقت الإشارة إلى أن التعريب ظاهرة لغوية تُستخدَم لنقل المعارف والعلوم من اللغات الأجنبية إلى العربية منذ قديم من الزمن، وله دور فعَّال في تنمية المعاجم العربية المعاصرة وإثرائها بالمواد اللغوية الحديثة في مختلف الجوانب العلمية والتكنولوجية سعيا إلى عصرنة التأليف المعجمي، لمواكبة التطور الحضاري الحديث في شتى ميادين المعرفة.

ومما يُستدَلُّ به على أن المعاجم العربية المعاصرة استفادت من تقنية التعريب بغية الإثراء الدلالي، هو ما يشاهده الدارس من المستجدات العلمية والتكنولوجيا المتوفرة في البيئة الحضارية المعاصرة، وكانت معظم هذه الأدوات والآلات تحت مسميات غير العربية، لأن أكثرها من إنتاجات الدول الغربية، وهذا مما جعل الحاجة ملحة إلى نقل دلالات هذه المصطلحات الإنجليزية إلى سائر اللغات كي تعم الفائدة للجميع، وفي هذا الصدد يأتي دور المعاجم اللغوية،،حيث يمكن للقارئ ملاحظة العديد من المصطلحات والعبارات الإنجليزية المستخدمة في المصطلحات العلمية، والاقتصادية، والسياسة، والتربوية، وغير ذلك من المصطلحات المعربة، والتي يستفيد منها الدارسون من الناطقين بالعربية في مختلف المراحل المعرفية.

وقد اهتم اللغويون وعلماء المعاجم بالتعريب لسد الفجوات المعجمية التي تظهر مع تطور العلوم الحديثة سعيا إلى إعداد الناشئين إعداد حسنا يؤهلهم للتكيف مع البيئة الحضارية في الجوانب التربوية، والاقتصادية، والعلمية، والتكنولوجية، وغير ذلك مما يتصل بالحياة المعاصرة حتى تتماشى مع الركب الحضاري المعاصر. ولذلك اقترح بعض اللغويون طرقا لعملية التعريب منها ما يلي:

  1. وظف النجار (1984م) طرقا لنقل الكلمات والمصطلحات التي لا يوجد لها مقابل في اللغة العربية، وتتمثل هذه الطرق في الاقتراض الكامل، والاقتراض المزجي الى الاقتراض بالترجمة، والتوسع الدلالي، والتركيب، والاشتقاق، والتعريف.
  2. واستعرض حسين (2009م) طريقتين أساسيتين هما: التنمية الداخلية للمفردات العربية، والتنمية الخارجية المعتمدة على اللغات الأجنبية. وتشمل الطريقة الأولى النحت، مثل كلمة “الحاسوب” كمقابل لكلمة كمبيوتر، والتركيب، مثل كلمة “رأسمال” المركبة من جزئين: “رأس” و”مال”.

أما التنمية الخارجية المعتمدة على اللغات الأجنبية فتشمل ما يأتي:

  • الاقتراض المعجمي: مثل كلمة “فيتامين” دون تغيير في الشل الكلمة، أو كلمة “بطارية” التي تم تطويعها لتوافق النطق العربي.
  • اقتراض الترجمة: ويتم ذلك من خلال نقل المعنى الأجنبي إلى العربية عن طريق الترجمة الحرفية، مثل قولك: “حرب باردة”، و”مجلس العموم” وغير ذلك.
  • وقد ذكر المجراب (2011م) أربعة طرق تستخدم لصناعة المصطلحات الجديدة في العربية، وهي:
  • الاشتقاق: نحو كلمة “ميزانية” المشتقة من الميزان.
  • الاشتقاق بالترجمة: نحو “كارتون” للدلالة على الرسوم المتحركة.
  • التعريب: نحو “فلسفة” وهي تقابل (Philosophy).
  • المزج: نحو كلمة “كهرومغناطيسي”، وهي تقابل (Electromagnetic).. وهكذا.[18]

دراسة تطبيقية لأنماط التعريب الواردة في المعجم:

يوضح الجدول التالي نماذج من الكلمات المعربة وتوضيحاتها وفقا لورودها في المعجم المدروس:

رقم الصفحةاللفظ الإنجليزيالمقابل الهَوْسَوِيالتعريبنوعهمدلوله
10PancreasMatsarmamaالبَنْكرِيَاسْلفظيمعثكلة، غدة الحلوة، (جهاز هضمي)[19]
38ShortsGajeruشُورْتلفظيقصار
39JeansJinsحِينْزْلفظيبنطلون الجينز
41JacketJacketجَاكِتْلفظيسترة رسمية، جاكيت
41PantsGajerun[20] Wanduna/Dankampaiبَنْطَلُونْلفظيسراويل قصيرة تحتية للنساء
42Sweat ShirtShajibi/Riga yarcikiسُوِيتْ شِرْتلفظيصدرية صوف
42Boxer ShortsGajeren Wandoشورت تحتيمزجيسروال قصير
43BeretHula Gwamaralبِيرِيَّةلفظيقلنسوة
43SandalSade/sakadeصَنْدَللفظينعل، حذاء صيفي، خف
43ShawlHiramiشَالٌلفظيخمار صوف أو حرير
47GelGelجِيللفظيمادة هلامية
47ShampooMan Shanfoشَامْبُولفظيصابون سائل
48MakeupKwalliyaمَاكِيَاجلفظيتجميل، تطرية
48Face PowderHodar Fuskaبُودَرَةُ الوجهمزجيبودرة الوجه
48Powder PuffSoson Kade Hodaنفاشة البودرةمزجيقطيفة تجميل الوجه بالمسحوق
48MascaraMascaraمَسْكَرَةٌلفظيطلاء للعيون
49CreamKirimكِرِيمْلفظيقِشْدة
50Shower GelMan Wankaجَلُّ الاستحماممزجيجيل الاستحمام
50Hair GelMan Gashiجل الشعرمزجيجيل الشعر
52Face CreamKirim Na Fuskaكريم الوجهمزجيكريم الوجه
67SecretaryMagatakarda/Sakatareالسَّكْرِتَيْرلفظيأمين
68Taxi ManDan Tasiسائق التَّكْسِيمزجيسائق سيارة تكسي
70MechanicBakanikeمِيكَانِيكِيلفظيعامل في حقل الميكانك
74SecretaryshipSakataranciالسكرتاريةلفظيالسكرتارية
76VulcanizingManezakaفَلْكَنَةٌلفظيالفلكنة
79AstronauticsSama Jannatiملاحة فضائيةترجمةرواد الفضاء
84LighterLaita Ta Kunna Wutaولاعة السجائرترجمةقداحة، ولاعة، زند
84AlbumAlbamأَلْبُومْلفظيمحفظة الصور
85GallonGalanجَالُونْلفظيمقياس للسوائل
85SpringSifirinزُنْبُرْكٌلفظيزنبرك
86ElectrometerMa’aunin Lantarkiإَلِكْتُرُومِتَرْلفظيمكهار (جهاز لقياس فوارق الطاقة الكامنة)[21]
87Paint BrushBurushin Fentiفرشة الطلاءالمزجيفرشاة الرسم
42Sewing MachineKeken Dinkiمَاكِينَةُ خياطةمزجيماكينة الخياطة

يُستنتَج من الجدول السابق منهج جميل عبد الله الكنوي النيجيري في توظيف آلية التعريب لإثراء معجم العتاد عبر الاقتراض من الألفاظ الإنجليزية المستحدثة، ما أدى إلى تنمية اللغتين العربية والهَوْسَا.

ففي الصفحة العاشرة (10) من المعجم، يُلمس ورود الكلمة الإنجليزية (Pancreas)، والمقابل الهوسوي للكلمة (Matsarmama)، والتعريب للكلمة (البَنْكرِيَاسْ) لفظي صاغه الكاتب في إطار إخضاع اللغة الإنجليزية لتوافق الصياغة العربية من حيث النطق الصوتي والصرفي. ومن الجانب الدلالي فقد ورد المصطلح للدلالة على جهاز هضمي مساعد في إذابة الطعام في جسم الإنسان والحيوان، ويسمى: المعثكلة.[22]

وفي الصفحة (38)، وظف المؤلف الكلمة الإنجليزية (Shorts)، يليها المقابل الهوسوي (Gajeru)

، وتعريب الكلمة (شورت) كذلك لفظي، صاغة المؤلف في قالب الاقتراض اللغوي على النسق الصوتي العربي، ويقصد به: السروال القصير.

وقد وظَّف الشاعر في الصفحة (39) كلمة (Jeans) الإنجليزية، ولها مقابل هوسوي (Jins) ويكون التعريب لها (حينز) على نسق التعريب اللفظي، وهو يفيد دلاليا: بنطلون الجينز.

أما في الصفحة (41)، فقد وردت كلمتان: (Jacket، و Pants )، فالأولى يقابلها (Jaket) بلغة الهوسا، وتعريبها (جاكتتْ)، والثانية يقابلها (gajerun Wanduna/ Dankampai) على نسق التعريب اللفظي، ويفيد معنى: سراويل قصار تحتية للنساء.

وفي الصفحة (42)، وردت كلمتان: الأولى (Sweat Shirt)، ويقابلها بالهوسا (Shajibi/Riga yarciki)، وتعريبها (سويت شورت) على نسق التعريب اللفظي، صاغه الكاتب وأراد به: صدرية صوف. والكلمة الثانية (Boxer Shorts)، يقابلها بالهوسا (Gajeren Wando)، وتعريبها (شورت تحتي)، وهو تعريب مزجي، صاغه المؤلف عن طريق المزج بين اللفظين (شورت+تحتي)، ويفيد دلاليا: قميص تحتي.

وفي الصفحة (43)، وردت ثلاثة ألفاظ من الكلمات المعربة، يبدأ الباحث أولا بذكر جذورها في اللغة الإنجليزية، يليها التوضيح على النحو التالي: الكلمة الأولى (Beret)، ويقابلها بالهوسا (Hula Gwamaral)، وتعريبها (بيرية)، وهو تعريب لفظي صاغه الكاتب بغية التعبير عن قلنسوة قصيرة مصنوعة على شكل طربوش. والكلمة الثانية (Sandal)، يقابلها في الهوسا (Sade/sakade)، وتعريبها (صندل) وهو تعريب لفظي أرد به المؤلف نعل، ويأتي كذلك بمعنى حذاء صيفي، وكذلك تأتي اللفظة ويراد بها: الخف. والكلمة الثالثة: (Shawl)، ويقابلها بالهوسا (Harami)، وتعريبها (شال) وهو لفظي أراد به الكاتب: خمار من صوف يرتدي به الحُجَّاجُ، وقد يكون من حرير للنساء.

أما في الصفحة (47)، فقد وردت كلمتان معرباتان، إحداهما: (Gel) ويقابلها بالهوسا (Gel)، وتعريبها (جيل) وهو تعريب لفظي للدلالة على مادة هلامية. والكلمة الثانية (Shampoo)، يقابلها في الهوسا (Man Shanfo)، وتعريبها (شامبو) على نسق التعريب اللفظي صاغة الكاتب وأراد به: صابون سائل.

وفي الصفحة (48)، وردت ثلاث كلمات إنجليزية، الأولى: (Makeup)، يقابلها في الهوسا (Kwalliya)، وتعريبها (ماكياج) وهو لفظي أراد به الكاتب: تجميل، وتطرية. والكلمة الثانية (Powder Puff)، ويقابلها بالهوسا (Soson Kade Hoda)، وتعريبه: (نفاشة البودرة) وهو تعريب مزجي، لأن الكلمة تأتلف على جزئين: الأول لفظ عربي، والثاني لفظ معرَّب (نفاشة+البوردة)، صاغها الكاتب وهو يريد بها: قطيفة تجميل الوجه بالمسحوق. والكلمة الثالثة (Mascara) ويقابلها في الهوسا (Maskara)، وتعريبها (مسكرة)، وهي كلمة تستخدم للدلالة على: طلاء للعيون.

وفي الصفحة (49) وردت كلمة (Cream)، يقابلها في الهوسا (Kirim)، وتعريبها (كريم) لفظي، ورد للدلالة على القشدة.

أما في الصفحة (50)، فقد وردت كلمتان معربتان، الكلمة الأولى: (Shower Gel)، ويقابلها في الهوسا (Man Wanka) وتعريبها (جل الاستحمام) وهو تعريب مزجي يتألف من جزئين: (جَلّ) وهي كلمة معربة، و (الاستحمام)، وهي كلمة عربية، وقد ورد اللفظ للدلالة على جيل الاستحمام. والكلمة الإنجليزية الثانية من الصفحة (50): (Hair Gel) ويقابلها بالهوسا (Man Gashi)، وتعريبها (جل الشعر)، وهو تعريب مزجي مكون من جزئين (جل+شعر) وظفه الكاتب للدلالة على جيل الشعر.

وفي الصفحة (52) وردت الكلمة الإنجليزية (Face Cream)، ويقابلها في الهوسا (Kirim Na Fuska)، وتعريبها (كريم الوجه)، وهو تعريب مزجي للدلالة على دهن التجميل للوجه (كريم الوجه).

أما الصفحة (67) فقد ورد فيها لفظ إنجليزي (Secretary) يقابله في الهوسا (Magatakarda)، وتعريبه (السكرتير) لفظي صاغه الكاتب وأراد به: الأمين. وف الصفحة (68)، وردت الكلمة (Taxi Man) يقابلها في الهوسا (Dan Tasi)، وتعريبها (سائق التكسي) مزجي مكون من جزئين (سائق+ التكسي)، صاغه الكاتب وأراد به سائق سيارة التكسي. وفي الصفحة (70)، وردت الكلمة (Mechanic)، ويقابلها في الهوسا (Bakanike)، وتعريبها (ميكانيكي) لفظي، وظفه الكاتب للدلالة على العامل في حقل الماكينات.

وفي الصفحة (74)، ورد اللفظ الإنجليزي (Secretaryship) ويقابله في الهوسا (Sakataranci) وتعريبه (سكرتارية)، وظفه المؤلف للدلالة على مهنة السكرتارية. وفي الصفحة (76) ورد اللفظ الإنجليزي (Vulcanizing)، ويقابله بالهوسا (Makaneza)، وتعريبه (فلكنة)، وهو تعريب لفظي وظفه المؤلف للدلالة على مهنة الفلكنة وهو من يصلح إطار السيارة وغيرها من المراكب الآلية الحديثة.

وفي الصفحة (79)، وردت الكلمة الإنجليزية (Astronautics)، ويقابلها في الهوسا (Sama Jannati)، وتعريبها (ملاحة فضائية) صاغه الكاتب على نسق الترجمة، يراد بها: ريادة فضائية.

وفي الصفحة (84)، وردت الكلمة الإنجليزية (Lighter) ويقابلها في الهوسا (Laita Ta Kunna Wuta)، وتعريبها (ولاعة السجائر)، صاغها المؤلف على نسق الترجمة وأراد بها: قداحة، وتسمى كذلك: ولاعة، كما تعني: زند. وفي نفس الصفحة، وردت الكلمة (Album)، ويقابلها في الهوسا (Albam)، وتعريبها (ألبوم) لفظي، صاغه الكاتب وأراد به: محفظة الصور.

أما في الصفحة (85)، فقد وردت الكلمة (Gallon)،  ويقابلها في الهوسا (Galan)، وتعريبها (جالون) صاغه الكاتب على نسق التعريب اللفظي يراد به: مقياس للسوائل. وفي نفس الصفحة، وردت الكلمة الإنجليزية (Spring) يقابلها في الهوسا (Sifirin)، وتعريبها (زنبرك)، صاغة الكاتب على نسق التعريب اللفظي يراد به: شريط من الفولاذ طويل مقوس يلف على محور الساعة ونحوها، فإذا انبسط حرك دواليبها.[23]

وفي الصفحة (86)، ورد اللفظ الإنجليزي (Electrometer)، ويقابله في الهوسا (Ma’aunin Lantarki)، وتعريبها (إلكترومتر) على نسق التعريب اللفظي، ويراد به: مكهار، وهو جهاز لقياس فوارق الطاقة الكامنة.

وفي الصفحة (87)، ورد اللفظ (Paint Brush) ويقابله في الهوسا (Burushin Fenti)، وتعريبه (فرشة الطلاء) صاغه الكاتب على نسق التعريب المزجي، أراد به: فرشاة الرسم. وفي الصفحة (42)، وردت الكلمة الإنجليزية (Sewing Machine)، يقابلها في الهوسا (Keken Dinki)، وتعريبها (ماكينة الخياطة)، صاغها الكاتب على نسق التعريب المزجي، وهو يريد بها آلة الخياطة، وهي آلة تستخدم إبرة لربط الأقمشة معا بالخيط.

وقد لاحظ الباحث ورود ثلاثة أنماط التعريب في المعجم المدروس وهي: التعريب اللفظي، والمزجي، والتعريب بالترجمة.

 والجدول التالي يوضح للقارئ أنماط التعريب، وكمية ورودها في معجم العتاد لجميل عبد الله الكنوي:

نوع التعريبعدد ورودهالنسبة المئوية
اللفظي2266،7%
المزجي0927،3%
الترجمة026،1%
المجموع الكلي:33

يُستنتَج مما سبق أن التعريب اللفظي أكثر ورودا في الجزء الأول من معجم العتاد بنسبة66،7%، ولعل السبب في ذلك يرجع إلى حداثة المصطلحات الإنجليزية وعدم الحصول على مقابلها العربي، فنُقِلَتْ إلى العربية على شكلها الأجنبي بعد إخضاعها للقواعد الصرفية وِفْقًا لمقتضيات اللسان العربي؛ وقد ورد التعريب المزجي بنسبة 27،3%، يليه التعريب بالترجمة بنسبة6،1%، وهي نسبة ضئيلة بالمقارنة إلى غيرها، ما يدل على ميول الكاتب إلى توظيف التعريب اللفظي في نقل الألفاظ الإنجليزية المستحدثة إلى العربية، وخاصة فيما يمت بصلة إلى استخدام الألفاظ المنتمية إلى الحقول الدلالية العلمية، والتكنولوجية، والمهنية.

الخاتمة

اتضح مما سبق أن التعريب ظاهرة لغوية من ظواهر الإثراء الدلالي، وهي أداة فعالة للتنمية المعجمية، وخاصة فيما له علاقة بنقل الدلالات المستحدثة والمنتمية إلى الحقول الدلالية المختلفة عبْر إدخال الكلمات الأجنبية في القالب المعجمي بعد إخضاعها للأوزان العربية، سعيا إلى تشكيل مواد لغوية جديدة؛ مما يسهم في تعليم المصطلحات العلمية الأجنبية الحديثة بلغة الضاد، كما يُلمَس ذلك في معجم العتاد لجميل عبد الله الكَنَوِي-النيجيري، والذي اتخذ التعريب آلية فاعلة لنقل المواد اللغوية المستحدثة في حقول دلالية متنوعة، ما أدى إلى توفير كمٍّ كبير من المصطلحات اللغوية في معجمه، كما فتح بابا واسعا على مصراعَيْه لمواكبة التطور الحضاري في التأليف المعجمي. وقد سلك الكاتب منهجا حديثا في إلحاق الفصول بنماذج من الملاحق المصورة لتزويد الطلاب والدارسين بمعان يحتاجون إلى معرفتها في مختلف المجالات المعرفية.

وقد توصل البحث إلى نتائج منها ما يلي:

– قام التعريب والاقتراض اللغوي دورا إيجابيا مثمرا في تأصيل المصطلحات واستحداثها في اللغتين: العربية والهوسا، وقد اتضح ذلك في الألفاظ الواردة في معجم “العتاد”.

– سلك الكاتب منهجا وصفيا تحليليا عبر إلحاق الفصول بنماذج من الملاحق المصورة سعيا إلى تزويد الطلاب والدارسين بمعان يحتاجون إلى معرفتها في مختلف المجالات المعرفية.

– مهَّد السيبلَ لتيسير تعليم وتعلم اللغة العربية والإنجليزية للدارسين والمتعلمين في غرب إفريقيا عبْر تقديم كمٍّ كبير من المفردات اللغوية المنتمية إلى حقول دلالية متنوعة، وخاصة في الجوانب العلمية والتكنولوجية، وغير ذلك من الحقول الدلالية الحديثة.

وأخيرا، يوصي الباحث إخوته الدارسين والمتعلمين بأن يشمروا عن سواعد الجد في البحث والتنقيب عن إنتاجات العلماء واللغويين النيجيريين، وخاصة في الحقل المعجمي بغية إبراز العلاقة الوطيدة بين التعريب والمعاجم اللغوية المعاصرة.

(د. محمد منصور جبريل، قسم اللغة العربية، جامعة بايرو كنو-نيجيريا)

المصادر والمراجع

  1. أبو عمرو، شهاب الدين، القاموس المنجد، ط1، دار الفكر، بيروت-لبنان، 1423ه\2003م: 293
  2. ابن منظور، لسان العرب، دار المعارف، (د. ت.): 4\2867
  3. أنيس، إبراهيم، (الدكتور)، المعجم الوسيط، (د. ت.): 620
  4. الزبيدي، محمد مرتضى الحسيني، تاج العروس من جواهر القاموس، تحقيق علي هلالي، مطبعة حكومة الكويت، ط2، 1987م: 3\340، نقلا عن مزيتي، سوسن، دور التعريب في إثراء العربية المعاصرة،
  5. عبد الله، جميل (الدكتور)، العتاد، ط1، بازتايل، كنو- نيجيريا 2017مك 1\3
  6. عبد الله، جميل عبد الله سيرة ذاتية، مخطوط: 1
  7. عبد القادر للعلوم الإسلامية، العدد1، المجلد 32، قسنطينة-الجزائر، 2018م:211.
  8. عمر، أحمد مختار (الأستاذ الدكتور)، معجم اللغة العربية المعاصرة، ط1، عالم الكتب، القاهرة،1429ه\2008م: 1\1477
  9. عليوة، عبد الحميد (الأستاذ الدكتور)، تصنيف طرق التعريب في المعاجم العربية، مجلة اللسان العربي، العدد 79، جامعة الدول العربية، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، مكتب تنسيق التعريب، الرباط-المغرب، 2018م: 82
  10. الفيروز آبادي، القاموس المحيط، تحقيق مكتب التحقيق التراثي، مؤسسة الرسالة، بيروت-لبنان، ط8، 2005م 1\113، نقلا عن مزيتي، سوسن، دور التعريب في إثراء العربية المعاصرة، مجلة جامعة الأمير.
  11. مجلة جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، العدد1، المجلد 32، قسنطينة-الجزائر، 2018م:211 .
  12. مزيتي، سوسن (الدكتور)، دور التعريب في إثراء العربية المعاصرة، مجلة جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، العدد1، المجلد 32، قسنطينة-الجزائر، 2018م:212
  13. مزيتي، سوسن، أثر الترجمة والتعريب في استحداث دلالة الألفاظ من خلال “معجم اللغة العربية المعاصرة لأحمد مختار عمر”، بحث تكميلي لنيل شهادة الدكتوراه في اللغة العربية. تخصص اللسانيات وتطبيقاتها، كلية الآداب واللغات، قسم الآداب واللغة العربية، جامعة الإخوة منتوري، قسنطينة-الجزائر، 2016-2017م: أ
  14. اليافي، عبد الكريم (الدكتور)، مشكلات الترجمة والتعريب، (د.ت.):  .  196

15.The Dictionary,English-Arabic, Dar A-Lkotob Al-Ilmiyyah، Beirut-Lebenon, 1st Edition، 2003 A.D,P. 610

الهوامش:


 [1] عبد الله، جميل عبد الله سيرة ذاتية، مخطوط: 1

[2] عبد الله، جميل (الدكتور)، العتاد، ط1، بازتايل، كنو- نيجيريا 2017مك 1\3

[3] ابن منظور، لسان العرب، دار المعارف، (د. ت.): 4\2867

[4] الفيروزآبادي، القاموس المحيط، تحقيق مكتب التحقيق التراثي، مؤسسة الرسالة، بيروت-لبنان، ط8، 2005م 1\113، نقلا عن مزيتي، سوسن، دور التعريب في إثراء العربية المعاصرة، مجلة جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، العدد1، المجلد 32، قسنطينة-الجزائر، 2018م:211

[5] الزبيدي، محمد مرتضى الحسيني، تاج العروس من جواهر القاموس، تحقيق علي هلالي، مطبعة حكومة الكويت، ط2، 1987م: 3\340، نقلا عن مزيتي، سوسن، دور التعريب في إثراء العربية المعاصرة، مجلة جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، العدد1، المجلد 32، قسنطينة-الجزائر، 2018م:211

[6] أنيس، إبراهيم، (الدكتور)، المعجم الوسيط، (د. ت.): 620

[7] أبو عمرو، شهاب الدين، القاموس المنجد، ط1، دار الفكر، بيروت-لبنان، 1423ه\2003م: 293

[8] عمر، أحمد مختار (الأستاذ الدكتور)، معجم اللغة العربية المعاصرة، ط1، عالم الكتب، القاهرة،1429ه\2008م: 1\1477

[9] مزيتي، سوسن (الدكتور)، دور التعريب في إثراء العربية المعاصرة، مجلة جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، العدد1، المجلد 32، قسنطينة-الجزائر، 2018م:212

[10] المرجع نفسه:212

[11] المرجع نفسه: 213

[12] المرجع نفسه: 214-215

[13] المرجع نفسه: 215

[14] المرجع نفسه: 216

[15] اليافي، عبد الكريم (الدكتور)، مشكلات الترجمة والتعريب، (د.ت.): 196

[16] المرجع نفسه: 197

[17] مزيتي، سوسن، أثر الترجمة والتعريب في  استحداث دلالة الألفاظ من خلال “معجم اللغة العربية المعاصرة لأحمد مختار عمر”، بحث تكميلي لنيل شهادة الدكتوراه في اللغة العربية. تخصص اللسانيات وتطبيقاتها، كلية الآداب واللغات، قسم الآداب واللغة العربية، جامعة الإخوة منتوري، قسنطينة-الجزائر، 2016-2017م: أ

[18] عليوة، عبد الحميد (الأستاذ الدكتور)، تصنيف طرق التعريب في المعاجم العربية، مجلة اللسان العربي، العدد 79، جامعة الدول العربية، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، مكتب تنسيق التعريب، الرباط-المغرب، 2018م: 82

[19] القاموس (إنكليزي-عربي)،، دار الكتب العلمية، بيروت-لبنان، ط1، 2003م: 610

[20] لعل المؤلف يريد أن يقول: gajeren wando معناه: سروال تحتي قصير، فغلط في قوله : dogon wando: والذي يرد بمعنى: سروال طويل، فعكس المعنى المراد. راجع الكتاب ص: 41   

[21] المرجع نفسه: 313

[22]   The Dictionary، English-Arabic، Dar A-Lkotob Al-Ilmiyyah، Beirut-Lebenon، 1st Edition، 2003 A.D، P. 610

[23] www.almaany.com=26/08/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *