جلال الدين الرومي في مرآة أدب الشرق الأوسط (من خلال نظرة الباحثين العرب)

د. ضيايف صبح الدين نصرييفيتش.  و د. آدينيوف عبد الحليم سياهمرداويتش.

د. ضيايف صبح الدين نصرييفيتش. – مدير قسم الشرق الأوسط والأدني، معهد أسيا وأوروبا، الأكاديمية الوطنية للعلوم، تاجيكستان- / ود. آدينيوف عبد الحليم سياهمرداويتش. الباحث العلمي، معهد أسيا وأوروبا، الأكاديمية الوطنية للعلوم، تاجيكستان.

مولانا جلال الدين البلخي هو أحد المفكرين التاجيك المعروفين في دول الشرق الأوسط، بما في ذلك الجُمهُورِيّةُ العَرَبِيّةُ السُورِيّةُ؛ نظرًا لكون آثار مولانا والغزليات والرباعيات والملمعات ترجمت إلى اللغة العربية. فقد خضعت أثاره للدراسة العلمية من قبل باحثين من الدول العربية.

الدكتور عيسى علي العاكوب هو أحد الدارسين العرب الذين لهم اهتمام خاص حول مولانا في سوريا، والذي يتمثل مجال نشاطه العلمي في الدراسة المتعمقة لشخصية مولانا وآثاره. وفي هذا المقال، خضعت جميع الأبحاث التي أجراها هذا الباحث السوري حول حياة وأنشطة وآثار مولانا البلخي للبحث العلمي جدير بالدراسة والتحقيق.

الكلمات المفتاحية:

جلال الدين الرومي، المثنوي المعنوي – الأدب العربي – الأدب الفارسي التاجيكي – العلاقات الأدبية – الباحثون العرب – سوريا.

مقدمة:

إذا كان الأدب مرآة الحياة الإنسانية، فإنه ينعكس أدب شعب أو أمة في كل فترة معينة من تأريخ البشرية. إن الحياة البشرية قد مرت بفترات مختلفة، ولكل أمة سجل وافر من تلك الفترات يكشفها لنا الأدب. لذلك لابد من التذكير بأن حياة الشعب التاجيكي الأدبي قبل الفتوحات الإسلامية عن ما بعدها تخلتف كليا، وحدث هناك تمازج أدبي وثقافي فريد من نوعه في تاريخ شعبنا. ونظراً للتأثير الكبير للغة والثقافة العربية، فقد تم تحقيق الكتب ودواوين أدبائنا في أبحاث علماء القرون الأخيرة، على أنها فترة مهمة لدراسة الأدبين العربي والفارسي التاجيكي.

حيث ظهرت في تلك الفترة شعراء ينظمون أشعارهم ويكشفون جوانب حياة مجتمعاتهم المختلفة ليس فقط باللغة الفارسية التاجيكية بل باللغة العربية الفصيحة مما يظهر هذا التأثير واضحا على حياة المجتمعات آنذاك[1]. وهناك شعراء كثيرون نشير إليهم في المقالة ولكن موضوع الدراسة هو أشعار مولانا جلال الدين البلخي الرومي الذي ذاع صيته في الآفاق واهتم به باحثو العرب والعجم على حد سواء في مؤلفاتهم. هنا نود أن نخصص الباحثون العرب في البحث والتحقيق في مؤلفاتهم وترجمة أشعارهم باللغة العربية ليكشفوا تلك الكنوز الثمينة من حياة الشعوب.

لابد من التذكير بأن مولانا جلال الدين البلخي عاش في عهد شاهد فيه اضطرابات وحروبا كثيرة، منها هجوم جنكيزخان حتى الحروب الصليبية، وما صاحب ذلك من مظاهر القتل والتخريب، ومن جانب آخر ظهرت عدة فرق ومذاهب مختلفة مثل المعتزلة، والمشبهة، والمرجئة والخوارج. وفي هذه الأجواء المشوشة، رأى جلال الدين البلخي ضرورة ظهور دعوة تهدف إلى الحفاظ على الإسلام في النفوس، وحث المسلمين على التماسك والحفاظ على وحدتهم. كما لقيت الدراسات المولوية عناية فائقة من علماء المسلمين والمستشرقين، وذلك لجمع مؤسسها بين الصوفية والشريعة متمشيا مع القرآن والسنة[2].

وقد كتب العديد من الكتب والمقالات عن مولانا جلال الدين البلخي وأعماله في آسيا الصغرى، ولا يمكن ذكرها كلها. ومن هذا المنطلق فإن خدمة الأديب والدارس حول المولوية عبد الباقي غولبينورلي تستحق الدراسة والمراجعة؛ لأن البحث والترجمة والتفسير لأعمال مولانا جلال الدين الرومي جلب شهرة وشعبية كبيرة للأستاذ عبد الباقي ووضع اسمه بين أعظم الباحثين عن أعمال مولانا وأفكاره. لقد شرح الأستاذ غولبينورلي بوضوح سبب تعلقه بالمولوية خلال جلسة أسئلة وأجوبة: في أحد الأيام، سُئل الأستاذ: “لماذا أنت متعلق بالأدب القديم؟” يجيب المعلم: والدي كان مولويا، وأمي كانت مولوية. كلاهما وجميع أفراد عائلتي كانوا أشخاصًا متدينين. وجميعهم كانوا من الزعماء الدينيين. لقد نشأنا في مثل هذا الجو، وكان أول صوت يصل إلى آذاننا إما الأذان، أو الترتيل، أو نداء الناي. وإذا فتحنا أعيننا رأينا أول اللوحات الدينية والآيات القرآنية. ومن المؤكد أن نشأتنا في مثل هذه البيئة تركت أثراً كبيراً في نفوسنا». وكما تبين، فإن ارتباط عائلة المرحوم غولبينورلي المباشر بالدراسات المولوية أدى إلى تعلقهم بهذا الأمر وأيضا بشخصية مولانا جلال الدين الرومي. أجرى الأستاذ غولبينورلي أهم أبحاثه في سياق الصوفية الإسلامية ودراسة الشخصيات الصوفية، وخاصة مولانا جلال الدين الرومي[3].

ومن جانب آخر، أن مولانا جلال الدين البلخي يشتهر بأنه شاعر اختار حياة التصوف، وتصوفه مزيج من الحكمة والروحانية، والغوص في أعماق الإنسان. مما يجعل القارئ يفيض حبا وحكمة من شعره، حيث بلغ أسمى درجات العبقرية الشعرية.

أما الدراسات المولوية في العالم العربي قد ازداد يوما بعد يوما، واهتم الباحثون العرب بالدراسة حول المولوي ومؤلفاته وأشعاره وترجمته إلى اللغة العربية لتعريفه في العالم العربي؛ لذلك تهتم هذه الدراسة بهذا الجانب التعريفي، كما سيجيء في المقالة.

مولانا جلال الدين الرومي في مرآة أدب الشرق الأوسط (من خلال نظرة الباحثين العرب)

إن المتصفح في تاريخ الأدب التاجيكي، يجد علاقة وثيقة بين الأدب التاجيكي والأدب العربي. قد يطلع القارئ في صفحات التاريخ على شعراء ومفكرين لم يكتبوا قصائدهم باللغة التاجيكية فقط، بل كتبوا الشعر باللغة العربية أيضًا. وكانوا يستأنسون بقصائد الشعراء العرب التي تركت فيهم أثرها الواضح فيما بعد.

وفي هذا الصدد يمكننا الاستشهاد بأشعار الأستاذ أبي عبد الله الرودكي، وأبي علي بن سينا​​، ومسعود سعدي سلمان، ومنوجهري دامغاني، وفروخ السيستاني، وعنصري بلخي، وحقاني شرواني، وسعدي شيرازي، وحافظ شيرازي، وغيرهم من الأدباء التاجيك-الفرس؛ لذلك يمكن ملاحظة هذا التأثير في إبداعات مولانا جلال الدين البلخي الذي استفاد من الشعر العربي بشكل أوسع.

كما نلاحظ اليوم اهتمام الباحثين والمحققين المعاصرين بالشأن الأدبي في العالم العربي بتأليفات مولانا جلال الدين البلخي. حيث درسوا آثار وأشعار هذا العبقري وكتبوا على أساسها العديد من الأعمال العلمية. وكانت معظم المقالات المنشورة بالعربية عن المولوي وأفكاره وأعماله وفضائله تصفه بأنه شاعر فذ ذو أفكار صوفية، وحب إلهي كبير، وصاحب أعمال فنية عالية المحتوى. وتُشير هذه الظاهرة إلى أن الباحثين العرب حول المولوي والعديد من القراء العرب على دراية كافية بشخصية مولوي الفكرية والأدبية.

وتُعدّ “نرجس غانجي” و”فاطمة إشراقي” من الباحثات الإيرانيان حول المولوي اللتان أشارتا إلى اهتمام الباحثين العرب بالمولوي، حيث نشرتا مقالا بعنوان “نظرة في أعمال ومصادر الدراسات المولوية في العالم العربي”، كما أشارتا إلى أن “تاريخ أول دراسة في الدراسات المولوية في العالم العربي ترجع إلى أكثر من سبعين عاما”[4]. وإذا نظرنا إلى كل تلك الدراسات والترجمات لأعمال الشعراء التي نشرها العرب، سنصل إلى نتيجة مفادها: أن جلال الدين معروف، وتأليفاته مشهورة في الوطن العربي.

وإذا دققنا البحث والتمحيص حول هذه المسألة سنجد أن أول دراسة قام بها الباحثون العرب وعشاق الأدب على آثار المولوي كانت تدور حول كتاب “المثنوي المعنوي” في عام 1872. وتشير المصادر إلى أن أول دراسة عربية جادة قام بها في عام 1877 يوسف بن أحمد القنوي- عالم وكاتب بالعربية من العِرْق التركي حول المولوي الرومي، وهو شيخ زاوية “بكتاشي” باسطنبول المعروف بـ “زهدي”. حيث ألف كتابا بعنوان “المنهج القوي لطلاب الشريف المثنوي”، وهو ترجمة وتعليق لستة كتب من كتاب “المثنوي المعنوي”، وقد نشرت هذا الكتاب مطبعة “بولاق” بالقاهرة.

ومن الباحثين العرب أيضا عبد العزيز صاحب الجواهر، والذي ألف حول المولوي كتابا بعنوان ” جواهر الآثار في ترجمة مثنوي مولانا خداونكار محمد جلال الدين البلخي الرومي” وأشاد بكتاب “المنهج القوي لطلاب الشريف المثنوي” معتبراً إياه من أفضل شروح “المثنوي المعنوي”[5].

وهناك باحث آخر هو عبد الوهاب عزام الذي يُعدُّ من المهتمين بالمولوي في العالم العربي، والذي أصدر كتابًا في عام 1946 بعنوان “فصول من المثنوي” في 199 صفحة، ونشر في القاهرة. حيث قام المؤلف بترجمة بعض أجزاء من “المثنوي المولوي”، مثل “قصة التاجر والببغاء”، و”قصة الأسد والوحوش”، وعدة قصص أخرى من “المثنوي المعنوي” وترجمها إلى اللغة العربية.

كما نجد الترجمة الكاملة لـ”المثنوي المعنوي” التي كانت نتيجة جهود عبد العزيز صاحب الجواهري شقيق محمد مهدي الجواهري الشاعر العراقي. والجواهري كان مولعا بمولانا وأعماله منذ صغره؛ لأنه ذهب إلى خراسان، وقبل أن يستقر في كرمانشاه قام بترجمة ستة كتب من “المثنوي المعنوي” وحوّلها إلى النثر العربي، وأضاف فيها تعليقات وشروح. ثم قام في عام 1958 بطباعة هذا العمل تحت عنوان “جواهر الآثار في ترجمة المثنوي لمولانا جلال الدين البلخي الرومي” نشرتها دار جامعة طهران.

وهناك باحث عربي آخر اشتهر بدراساته حول مولانا جلال الدين البلخي، وهو محمد عبد السلام كفافي – أستاذ بجامعة القاهرة، ويعتبر نفسه تلميذا لعبد الوهاب عزام. وقد أصدر في 1966-1967 كتاباً في مجلدين نُشر في بيروت تحت عنوان “مثنوي جلال الدين الرومي الشاعر الصوفي الأكبر”. حيث قدم المؤلف في مقدمته نقاشًا قيمًا حول الدرسات المولوية في العالم الغربي والعربي، وعرض صور المثنوي الفارسية والتركية والعربية للقراء.

وهناك عالم عربي آخر، والمعروف باسم السيد محمد جمال الهاشمي العراقي، حيث ترجم في عام 1995 قصص المثنوي وحولها إلى شعر عربي تحت عنوان “حكايات وعبر من المثنوي”، نشرتها دار الحق في بيروت في مجلد واحد، يتألف من 325 صفحة. ومن سمات هذا الكتاب أن المترجم يحتفظ بكل قافية في كل بيت إزاء مثالها التاجيكي، مما جعل الترجمة بالنسبة له صعبة بالتأكيد.  لذلك محقق الترجمة الشعرية في الكتاب يقول: “والملاحظ أن السيد الهاشمي ترجم على الغالب كل بيت من شعر المثنوي ببيت واحد، وهذا عمل صعب جدا لمثل المثنوي الحافل بالمعاني، والآراء، والمطالب العلمية الدقيقة. ولكن وكما ذكرنا أنه لم يتقيد أحيانا بالترجمة الحرفية للنص الفارسي، بل أنه كان يترجم فكرة البيت أو الأبيات بما يناسبها باللغة العربية”[6].

لابد من التذكير بأن مولانا جلال الدين البلخي قضى أطول رحلاته في الشام (جمهورية سوريا اليوم)، ودرس هناك، كما تلقى تعاليمه على أيدي أفضل علماء تلك المنطقة، وكان على دراية باللهجة السورية. واليوم، يبذل الباحثون السوريون أيضا جهودًا متميزة للبحث في الأعمال الصوفية لمولانا.

لذلك نود أن نركز في هذه المقالة على آراء وأفكار أحد علماء بلاد الشام المعاصرين، وهو الدكتور عيسى علي العاكوب حول المولوي؛ لأنه عاش في هذه المنطقة التي تشتهر بالعلم والمعرفة ومهد الحضارات لقرون عديدة، وفيها مكتبات علمية مشهورة في العالم.

يعدّ الدكتور عيسى علي العاكوب من أشهر الأدباء المتخصصين في سوريا. ولد في إحدى قرى محافظة الرقّة السورية في عام 1950. تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة قريته، وفي عام 1972 التحق بقسم اللغة العربية في جامعة حلب في سوريا. وبعد التخرج واصل دراسته في جامعة طهران. ثمَّ التحق بمجموعة اللغة العربية في مركز البحوث العلمية (الدراسات العليا في اللغة العربية وآدابها من قسم اللغة العربية وآدبها) بجامعة حلب وتخرج فيها بدرجة الماجستير. وخلال دراسته الجامعية قام ببحث علمي في موضوع “العلاقات الأدبية بين الإيرانيين والعرب”. تتركز خبرة علي العاكوب الأدبية في الغالب في مجالات العرفان والنقد الأدبي والبلاغة العربية. وعلى وجه الخصوص، يعتبر التصوف شغله الشاغل، والجزء الرئيسي من أعمال هذا الباحث، كما كانت توجهاته ترجمة الأعمال الصوفية التاجيكية والفارسية إلى العربية.

أَولَى الدكتور عيسى علي العاكوب اهتمامًا كبيرا لأعمال جلال الدين البلخي من بين الشعراء التاجيك والفرس. كما ترجم العديد من الكتب حول مولانا وآثاره، حيث قدم أفكار وآراء مولانا لقراء اللغة العربية. كما يقول نفسه: “عند ما تعلمت اللغة الإنجليزية، لاحظت أن الغربيين مغرمون جدًا بمولانا ويثنون عليه. ثم اطلعت على آثار العلامة محمد إقبال باللغة العربية. وكنت سعيدًا جدًا بقراءة آثار محمد إقبال، ولاحظت أنه يتذكر جلال الدين الرومي باهتمام خاص. منذ ذلك الحين أصبحت مهتمًا بمولانا. وحاولت قراءة الآثار المكتوبة حوله باللغة العربية أيضا. ويجب أن أقول: إنني كنت أبحث عن شيء ووجدته أخيرًا. وكأنني وجدت شعف قلبي في “المثنوي”. ثم اقتبس الدكتور عيسى علي العاكوب البيت التالي من السعدي وكأنه يكشف سبب اهتمامه بالمثنوي:

في النهر فوائد لا حصر لها   ::   إذا كنت تريد السلامة، فابق على الجانب.

ثم قال: “لم أستطع الوقوف على جانب هذا الشاطئ، على الرغم من أنه لم يكن لدي وسيلة للسباحة”. منذ ذلك الحين، تغيرت حياتي حقًا في الجوانب الروحية”[7].

يعد الدكتور عيسى علي العاكوب من العلماء الذين خدموا الثقافة التاجيكية والفارسية في العصر الحالي. كما أجرى أبحاثًا قيّمة للتعريف بهذه الثقافة وتأثيرها وتأثرها بالعلوم والآداب والثقافة العربية.

ومن آثاره “تأثير الحكم الفارسية في الأدب العربي في العصر العباسي الأول”، يعد من جملة هذه الدراسات بعنوان “تأثير الحكم الفارسية على الأدب العربي”، الذي كتبه عبد الله شريف خجستا وترجمه إلى اللغة الفارسية ونشره بمساعدة شركة النشر العلمي والثقافي في عام 1996، وهذا الكتاب متاح للقراء أيضا[8].

يبدي الباحث السوري الدكتور عيسى علي العاكوب أفكاره من خلال المقارنة بين الأدب التاجيكي الفارسي والأدب العربي، ويعرف علاقة الأدبين التاجيكي الفارسي والعربي في نفس الوقت، ولكنه يعتقد أن حبه للأدب التاجيكي الفارسي يرجع إلى درايته بمعاني قصائد مولانا جلال الدين البلخي.

تجدر الإشارة إلى أن معظم ترجمات الدكتور عيسى علي العاكوب لمولانا جاءت من اللغة الإنجليزية. وترجمته الأولى كانت بعنوان ” يد الشعر”. هذا الكتاب في الواقع يحتوي على ستة خطابات ألفها الصوفي الهندي الشهير عنايت خان في عام 1923 في أمريكا. هذا الصوفي الهندي الذي يعشق التصوف العرفاني بشغف، ووجه حياته العلمية في خدمة وإحياء هذا الجانب العرفاني. كان جلّ الخطب المدرجة في كتاب هذا الصوفي حول السنائي، وفريد الدين العطار، وجلال الدين الرومي المعروف باسم مولوي، والخيام، وسَعْدِي الشيرازي، وحافظ الشيرازي. ووفقًا لكلام الدكتور عيسى العاكوب، فقد اختفى جزء من أشعار الخيام لاحقًا لأسباب غير معروفة. قام الشاعر والمترجم الأمريكي كليمان بريان باركس (1937)، والذي أصبح من أشد المعجبين بالتصوف والعرفان الصوفي لمولانا بجمع الخطب الخمس المتبقية (سنائي، وعطار، ومولانا، وحافظ، وسعدي) وكتب في مقدمة كتابه عن سيرة هؤلاء الشعراء ونشرها لاحقا، و”على الرغم من أنه لا يعرف الفارسية فإنه معروف بإعادة كتابة قصائد مولانا بناءً على ترجمات إنجليزية أخرى”[9].

وعلى هذا المنوال، ألف الدكتور عيسى علي العاكوب كتابًا آخر حول مولانا بعنوان “جلال الدين الرومي والتصوف”، وترجمته المستشرقة الفرنسية إيفا دي فيتراي ميروفيتش خلال فترة (1909-1999)[10]. وكانت هذه المستشرقة الفرنسية من أصول روسية، ونتيجة قراءة كتاب التصوف الإسلامي، اعتنقت الإسلام، وكانت من أشد المعجبين بمولانا. كما تُرجم هذا الكتاب إلى الإنجليزية في أمريكا، والذي حوله الدكتور عيسى علي العاكوب إلى العربية. ويقول الدكتور عيسى علي العاكوب عن هذا الكتاب: “كان مؤلف هذا الكتاب تحت تأثير مولانا، وكل من يقرأ هذا الكتاب سيبكي من تأثيراته”[11]. هناك كتاب آخر للمستشرقة الآلمانية آن ماري شيميل (ولدت في 7 أبريل 1922 – وتوفيت في 26 يناير 2003) وهذا الكتاب المترجم من كتاب “مختارات ديوان شمس”، وقد تم دمج أصله الإنجليزي مع ترجمته الفارسية. وقد ترجمه الباحث العربي الدكتور عيسى علي العاكوب من الإنجليزية إلى العربية. ويقول الدكتور العاكوب إن “هذا العمل ساعدني في ترجمته إلى العربية وقد اقتربت من مولانا”[12]. وهناك أيضا كتاب آخر لمولانا بعنوان “فيه ما فيه” قد ترجمه الباحث والمترجم الإنجليزي أرتور جان أربيري (من مواليد 12 مايو 1905 – توفي في 2 أكتوبر 1969). وقد تم إعداد أصله الفارسي أيضًا بجهود بديع الزمان فوروزانفر، وقد ترجم هذ الكتاب الدكتور عيسى علي العاكوب إلى اللغة العربية. حيث نشرت “دار الفكر” بدمشق ترجمته العربية أيضا.

وبعد ترجمة هذا العالم السوري آثار مولانا الفلسفية مثل كتاب “فيه ما فيه”، و”كليات الشمس”، والذي نشره بديع الزمان فروزانفر، مع ترجمته الإنجليزية، وكانت ترجمته تعتمد على كتاب “مختارات ديوان شمس” وقام بنشرها تحت عنوان “يد الحبّ”.

كما تعد ترجمة كتاب “المجالس السبعة” لمولانا من خدماته الجديرة بالتقدير لهذا العالم السوري. حيث ترجم هذا الكتاب من الفارسية إلى العربية أيضا، بالإضافة إلى أعماله الأخرى، مثل ترجمة أشعار “رباعيات” لمولانا.

ومن عوامل توجّه اهتمام الدكتور عيسى علي العاكوب بالأدب التاجيكي الفارسي هو تمازج الأدبين العربي والفارسيّ في القرنين الثامن والعاشر الميلاديين. وفي هذا السياق، خصص الباحث السوري جانبا واحد من هذين الأدبين بعنوان “تأثير الحكم الفارسية في الأدب العربي في العصر العباسي الأول”. يقول: انبثقت في تلك الفترة مع حركة التمازج الثقافي العربي الفارسيّ ثقافةٌ عربيّةٌ قلَّ نظيرها في التاريخ نوعاً وكمًّا، وثقافةٌ فارسيّةٌ عربيّةُ اللّسانِ في غايةِ الرّوعة، هيّأتْ يقينًا بَعْدَ وقتٍ قصيرٍ لميلادِ الثّقافةِ الفارسيّةِ الإسلاميّةِ بلُغتها الفارسيّة. إلى جانب هذا العمل، كتب العديد من الأعمال الأخرى في مجال الأدب العربي، والتي تتعلق بالموضوع نفسه. ويستدل هذا الباحث على هذا التمازج الأدبي بعبارة الجاحظ: “دولة بني أمية دولة عربية، ودولة بني عباس خراسانية”. وبذلك يرى أن بنية المجتمع في ذلك الوقت هي أن يكون العربي خراسانيّا[13]. من وجهة نظر هذا الباحث، قد تكونت الثقافة الإسلامية ودور العلماء في تطوير الثقافة والأدب العربي الإسلامي فريد من نوعه. ويقول: إن “الذين أوجدوا الثقافة الإسلامية ليسوا عربًا فقط وليسوا إيرانيين فقط، بل كانوا مجموعة من الناس الذين دخلوا إلى دين الإسلام مجموعات ومجموعات، وخدم كل منهم هذه الثقافة بطريقته الخاصة. يبدو أن أهل خراسان لعبوا دوراً بارزا في هذا الأمر لقربهم من مركز الحضارة الإسلامية”[14]. وهناك من تتبع مثل هذه الدراسات من المستشرقين الروس وأخذها دليلا في هذا السياق، حيث يكرر أحد المستشرقين الروس المشهورين إغناطي يوليانوفتش كراتشكوفسكي قائلاً: “ليس العرب لوحدهم من ساهم في تطوير وتحسين الثقافة والأدب العربي، لكن عدد من الشعوب والأمم الأخرى قد ساهمت أيضا”، يقصد به حركة التمازج العربي الفارسي، ولكن مصادر الثقافة والأدب العربي معروف لدى الجميع.

كما ذكرنا سابقًا، فإن الدكتور عيسى علي العاكوب مولع بالعرفان الصوفي. وهو يقول: إن التصوف متوافق مع طبيعتي وكأنه خُلق من أجل هذا. وهو يعتبر القصص الشعرية التي غناها الشعراء والمفكرون التاجيك والفرس، أمثال مولانا، وجامي، وعطار، وسنائي وغيرهم، ويعدّ هذا النوع من الشعر العنصر الرئيسي والجودة المحددة للشعر التاجيكي الفارسي، كما يعتبرها من أكثر الطرق تأثيراً في التربية البشرية. وفي رأيه، أن مولانا يبين كل فكرة بقصة جاذبة؛ لأنه يريد أن يعلمنا. إذا كانت كلمة “صوفي” في اللغة العربية مشتقة من كلمتي “صافي”، و”صفا”، وهما بمعنى صدق الروح وتطهير النفس، فإن مولانا قد اهتم بذكر القصص “الصينيية والرومانية في “المثنوي”؛ لأنهم كانوا فخورين بفنهم في الرسم، حتى جاءوا إلى أحد الملوك وطلبوا منه أن يمتحن مهاراتهم في الرسم. حيث أعطى هذا الملك لكل من الصينيين والرومان منزلاً يواجه بعضهم البعض حتى يظهروا آرائهم من خلال الرسم. لقد رسموا أجمل الصور من خلال طلاء الجدران، كما يذكرنا مولانا جلال الدين.

ثم قال الرومان لأنفسهم: إن لدى الصينيين مهارات أكثر منا، ونحن لسنا نظراء لهم، يجب أن نحسن تلميع جدران منزلنا. عندما جاء الملك، تأثر كثيرًا بالرسم الصيني، ثم أزال الرومان الستار عن منزلهم ومنزل الصينيين، فأضاءت الغرفة الصينية على الجدران المصقولة للرومان بجمال كامل[15].[1]وهذا اللغز له معنى غامض وتفسير واحد، كما يقول الباحث السوري. عندما يرويه مولانا في هذه القصة، تبقى هذه القصة في ذاكرتنا جميعًا؛ لأنها تحتوي على جوانب من الحسن والجمال. الآن، إذا كنا نعني الجمال، أو الجمال الأدبي، أو الجمال ككل، يمكننا أن نقول إن كل ما يوافق ويتوافق مع الطبيعة البشرية، هو جميل. لذلك يقول الدكتور عيسى علي العاكوب: إن أي أدب له إمكانية التأثير فهو أجمل[16].

وهناك نقطة مثيرة للاهتمام يجب التعبير عنها في هذا المقال هي أن الباحث السوري يفكر في القضايا الإنسانية وأولوية الأدب الشرقي على الأدب الغربي. ويقول: “أريد أن أناقش موضوعًا متعلقًا بالثقافة التاجيكية – الفارسية، وأنا مغرم بها جدًا. ولدي خبرة واسعة في الأدب الغربي، حيث قمت بترجمة ثمانية كتب من الإنجليزية إلى العربية. ومنها “الخيال الرمزي”، و”الرومنسيات الأوروبية بأقلام أعلامها”، و”النظريات الأدبية في القرن العشرين”، و”لغة الشعراء”، و”قضايا النقد الأدبي”. ومن واقع خبرتي، توصلت إلى نتيجة مفادها: أن الغربيين ليس لديهم الكثير بالنسبة لنا، ما لدينا أجمل بكثير مما لديهم. في البداية، تخيلت أنه عندما نريد أن نحصل على أشياء ثمينة بواسطة أفكار الغربيين، فسوف يهزمنا الغرب والغربيون. لكنني وجدت قضايا إنسانية مع الشرقيين. وما لدينا في هذه القضايا هو أكثر بكثير مما لدى الغربيين[17].

يقول في مكان آخر: “للخطاب تأثير خاص على روحية شعوب الشرق الأوسط”. أحيانًا، يخرق الخطاب حجب الزمان والمكان، بل لا يزال يترك بصمة في نفوسهم، وكما تظهر بصماته على سلوكهم أيضا. كما تجد مثل هذا الوضع في دول أخرى في الشرق، فلا شك أن الباحث يعتبر الإيرانيين القدماء أفضل مثال على روح الشرق. روح تؤمن بالكلام الحكيم والنصائح والأمثال”[2]. عندما تفكر مليًا في كلام هذا الباحث، فإن كلماته تحتاج التوجيه والتدقيق. وبما أن كتابات مفكرينا وشعرائنا وفلاسفتنا تلقى استقبالًا جيدًا في الدول الغربية، فإن هذا يدل على عظمة تأثير المعنى والأخلاق الإنساني في آثار مفكرينا. وعلى سبيل المثال، في العالم الغربي، يعتبر كتاب “المثنوي المعنوي” من أكثر الآثار مبيعًا وأكثرها قراءة، ويمكن أن يكون دليلًا على كلام الدكتور عيسى علي العاكوب.

خاتمة البحث:

في الختام يمكن القول: إن مواصلة الباحث العربي في دراسة الأدب الفارسي التاجيكي، بما في ذلك من آثار مولانا جلال الدين البلخي في العصر الوسيط تعد مهمة علمية. وتجدر الإشارة إلى أن شعراءنا ومفكرينا تأثروا تأثيراً كبيراً بالأدب العربي، وقد تمت دراسة هذا التأثير ومناقشته إلى حد ما من قبل علماء تاجيك أيضا. ومع ذلك، فإن الموضوع (بحث ودراسة أعمال الشعراء والمفكرين التاجيك من قبل الباحثين العرب) يبقى مهما يجب دراسته اليوم.

ونتمنى أن يتوجه العلماء والمهتمون والمستشرقون بالشأن الشرقي في مواصلة البحث في هذا الموضوع، ويدرسوا ويبحثوا ويناقشوا حول عباقرة ومفكري شعوب الشرق الأخرى الذين درسهم الباحثون العرب، وكشفوا من خلال دراساتهم هذا التمازج الثقافي والأدبي في اللغة والأدب أيضا، ليكشفوا جوانب أخرى مهمة غير مدروسة.

قائمة المصادر والمراجع:

  1. تاجيباي سلطاني. تعليقات على “المثنوي الروحي” في آسيا الصغرى. مجلة كمال خوجندي، مجلة فصلية علمية وأدبية. خوجند – رقم 4 (4) 2015. 209 صفحة.
  2. جلال الدين الرومي. حكايات وعبر من المثنوي. تعريب السيد محمد جمال الهاشمي العراقي. دار الحق، بيروت-لبنان. 202 صفحة. ص: كط.
  3. درويش. أ. د. هدى. الطريقة المولية. من الموسوعة الإسلامية العامة. مجموعة من المصنفين. إشراف أ.د. محمود حمدي زقزوق. الناشر: المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية – مصر. 1424هـ– 2003 م. مجلد 1.  عدد الصفحات: 1488.
  4. زهراء خسروي. لؤلؤة فارسية في نهر اللغة العربية. مصاحبة زهراء خسروي مع الدكتور عيسى العاكوب. معلومات الوسائط والمكتبة: كتاب شهر الأدب والفلسفة. سنة 1382. 2003 – العدد 71 . (http://www.noormags.com/view/fa/articlepage/37446)
  5. عبد العزيز صاحب الجواهر. جواهر الآثار في ترجمة مثنوي مولانا خداوندكار محمد جلال الدين البلخي الرومي شعرا.  الدفتر الأول. طهران- نشر جامعة طهران. رقم 375. د ت. 845 صفحة.
  6. عیسی علی العاکوب. من موقع (https://fa.wikiquote.org/wiki/%)
  7. مولانا جلال‌ الدین محمد بلخی. المثنوي المعنوي. نشر طهران – امیر کبیر. الجزء الأول.
  8. نرجس جانجي، وفاطمة اشرقي. الإحجام في مؤلفات ومصادر الدراسات المولوية في الوطن العربي. نشر البحوث العلمية للأبحاث الأدبية والعرفانية.-السنة السابعة.-العدد 2.-تسلسل 25.-الخريف والشتاء، 1392.2013.
  9. نظام الدين زاهدوف. الأدب الفارسي التاجيكي في القرنين الثامن والتاسع (الفترة العربية). مجلة “الرسالة الجامعية”، تحت الرقم 3(44) 2015. نشر بخارى، 2014. 444 صفحة.

الهوامش:


[1] Мавлоно Ҷалолуддини Румӣ. Маснавии маънавӣ. Теҳрон: Амири Кабир.-Дафтари аввал.-С.-171-173.

[2] https://fa.wikiquote.org/wiki/عیسی_علی_العاکوب


[1] – ينظر: الأدب الفارسي التاجيكي في القرنين الثامن والتاسع (الفترة العربية). نظام الدين زاهدوف. مجلة “الرسالة الجامعية”، تحت الرقم 3(44) 2015. نشر بخارى، 2014. 444 صفحة. ص 278.

Адабиёти форсу тоҷик дар асрҳои VIII-IX” (давраи арабизабонї). Низомиддин Зоҳидов. Маҷаллаи “Номаи Донишгоҳӣ” № 3(44) 2015. Нашри Бухоро, 2014. 444 С-. Саҳ 278.

[2] – ينظر: الطريقة المولية. أ. د. هدى درويش. من الموسوعة الإسلامية العامة. مجموعة من المصنفين. إشراف أ.د. محمود حمدي زقزوق. الناشر: المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية – مصر. 1424هـ– 2003 م. مجلد 1.  عدد الصفحات: 1488. ص 915-916.

Тариқаи мавлавӣ. Профессор Ҳудо Дарвеш. Энсиклопедияи умумии исломӣ. Гурӯҳи таснифкунандагон. Зери назорати профессор Маҳмуд Ҳамди Зақзуқ. Нашри Шӯрои олии умури исломӣ – Миср. Соли 1424 ҳ/2003м. Як ҷилд, 1488 С-. Саҳ 915-916.

[3] – ينظر: تعليقات على “المثنوي الروحي” في آسيا الصغرى. تاجيباي سلطاني. مجلة كمال خوجندي، مجلة فصلية علمية وأدبية. خوجند – رقم 4 (4) 2015. 209 صفحة. ص 63.

Шарњњои «Маснавии маънавї» дар Осиёи Саѓир. Тољибой Султонї. Тањќиќ. Маҷаллаи Камоли Хуҷандӣ, Фаслномаи илмї-адабї. Хуљанд – № 4 (4) 2015. 209 С-. Саҳ 63.

[4] – الإحجام في مؤلفات ومصادر الدراسات المولوية في الوطن العربي. نرجس جانجي، وفاطمة اشرقي. نشر البحوث العلمية للأبحاث الأدبية والعرفانية.-السنة السابعة.-العدد 2.-تسلسل 25.-الخريف والشتاء، 1392.2013. ص159-186.

Ганљї, Наргис. Ишроќї, Фотима. Диранге дар осор ва манобеъи мавлавипажўњї дар љањони Араб. Нашрияи илмї-пажўњишии пажўњишњои адаби ирфонї.-Соли њафтум.-шумораи 2.-Паёпай 25.-Пойиз ва зимистон,  1392. 2013-С..159-186.

[5] – ينظر: جواهر الآثار في ترجمة مثنوي مولانا خداوندكار محمد جلال الدين البلخي الرومي شعرا. عبد العزيز صاحب الجواهر. طهران- نشر جامعة طهران. رقم 375. د ت. 845 صفحة. ص 148.

Соњиб ул-Љавоњир, Абдулазиз. Љавоњир ул-осор фи тарљумати маснавии Мавлоно Худовандгор Муњаммад Љалолуддин ал-Балхӣ ар-Румӣ.- Тењрон: Интишороти Донишгоњи Тењрон, шумораи 375. Бе таърих. 845 С-. Саҳ 148.

[6]– حكايات وعبر من المثنوي، تأليف جلال الدين الرومي. تعريب السيد محمد جمال الهاشمي العراقي. دار الحق، بيروت-لبنان. 202 صفحة. ص: كط.

[7] – الإحجام في مؤلفات ومصادر الدراسات المولوية في الوطن العربي. ص20-27.

Ганљї, Наргис. Ишроќї, Фотима. Диранге дар осор ва манобеъи мавлавипажўњї дар љањони Араб. Нашрияи илмї-пажўњишии пажўњишњои адаби ирфонї.-Соли њафтум.-шумораи 2.-Паёпай 25.-Пойиз ва зимистон,  1392. 2013-С..20-27.

[8] – ينظر:  لؤلؤة فارسية في نهر اللغة العربية. مصاحبة زهراء خسروي مع الدكتور عيسى العاكوب. معلومات الوسائط والمكتبة: كتاب شهر الأدب والفلسفة. سنة 1382. 2003 – العدد 71 من صفحة 20 – 27. (http://www.noormags.com/view/fa/articlepage/37446)

Марворидњои форсї дар дарёи забони арабї. Иттилои расонаї ва китобдорї: Китоби Моњи адабиёт ва фалсафа: шањривари 1382. 2003-шумораи 71 аз 20 то 27. (http://www.noormags.com/view/fa/articlepage/37446)

[9] – عیسی علی العاکوب. من موقع (https://fa.wikiquote.org/wiki/%)

[10] – إيفا دي فيتراي ميروفيتش. في جميع الدراسات، تم العثور على النسخة الإنجليزية من اسم السيدة الروسية الفرنسية إيفا دي فيتراي ميروفيتش.

Дар ҳама таҳқиқотҳо варианти англисии ному насаби бонуи рустабори фаронсавӣ  Eva de Vitray-Meyerovitch омадааст. (http://www.tariqa.org/rp/eva_de_vitray.php)

[11] – لؤلؤة فارسية في نهر اللغة العربية. ص 20-27.

Гуфтугӯ бо доктор Исо ал-Окуб. С.20-27.

[12] – المرجع السابق. ص 20-27.

Гуфтугӯ бо доктор Исо ал-Окуб. С.20-27.

[13] – ينظر: المرجع السابق. ص 24.

Гуфтугӯ бо доктор Исо ал-Окуб. С 24.

[14] – المرجع السابق. ص 24.

Гуфтугӯ бо доктор Исо ал-Окуб.С 24.

[15]– ينظر: المثنوي المعنوي. مولانا جلال‌ الدین محمد بلخی. نشر طهران – امیر کبیر. الجزء الأول. ص171-173.

Маснавии маънавӣ. Мавлоно Ҷалолуддини Румӣ. Теҳрон: Амири Кабир.-Дафтари аввал.-С.-171-173.

[16]– ينظر: لؤلؤة فارسية في نهر اللغة العربية. ص 20-27.

Марворидњои форсї дар дарёи забони арабї. 20 – 27.

[17] – لؤلؤة فارسية في نهر اللغة العربية. ص 24.

Гуфтугӯ бо доктор Исо ал-Окуб. Саҳ 24.