تعليم اللغة العربية في السنغال في ضوء أسس تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها: مشكلات وحلول.

محمد الأمين جوب– باحث في سلك الدكتوراه.

محمد الأمين جوب– باحث في سلك الدكتوراه.

 يسعى هذا البحث إلى  بيان حالة تدريسية اللغة العربية في غرب أفريقيا عموما والسنغال منها بشكل أخص، وتتجلى أهمية هذه الدراسة العلمية أنها تحاول الكشف عن علاقة بيئة شبه مهمشة مع السياق العربي الحالي، ولا يكاد الباحثون العرب يعرفون أي شيء عنها، مما جعلت الدراسات حولها تتسم بالقلة والندرة في آن واحد، وقد عالجنا الموضوع بتفصيل موجز دون إطناب مخل ولا اختصار مضل، كما انطلقت من إضفاء مسحة تاريخية في غاية الأهمية، تجعل المتلقي يكتشف من خلالها المعطيات الجغرافية للسنغال، كما يكتشف السياق التاريخي والسياسي ثم الثقافي والديني وذلك كله في الفصل الأول، أما في الفصل الثاني ركزنا عن سرد  أهم مراكز تعليم اللغة العربية في السنغال واستراتيجيات التعليمية فيها والمقررات اللغوية والمهارات البيداغوجية ، وذكرنا أهم مشكلات التي تعاني منها التعليم العربي في السنغال حاليا، علما أنها تتوزع بين مشاكل داخلية وخارجية، سياسية وتربوية واقتصادية، وفي الأخير حاولنا الاستنارة من مناهج تعليم اللغة الحديثة بمختلف أساليبها وتوجهاتها، لنستشف منها حلولا ومقترحات علمية دقيقة تساعد في النهوض بهذا التعليم، ما بين حلول عامة وحلول تتعلق بالمناهج المتعارفة في تدريسية اللغة العربية للناطقين بغيرها. الكلمات المفاتيحية: تعليم اللغة العربية، السنغال، المناهج الحديثة، المقترحات، الحلول

Teaching Arabic language in Senegal in light of the principles of teaching the Arabic language to non-native speakers ; Problems and solutions

Mohamed Al-Amin Diop

Abstract:

 This research seeks to explain the state of teaching the Arabic language in West Africa in general and Senegal in particular. The importance of this scientific study is that it attempts to demystify the relationship between a semi-marginalized environment with the current Arab context, and Arab researchers hardly know anything about it, which indisputably, has made the results of the studies insignificant in that context. We have dealt with the topic in a concise and compendious without excessive redundancy or irrelevant repetition. We also started by adding a very important historical touch, which makes the recipient discover through the geographical data of Senegal, as well as the historical, political, cultural, and religious context in the first chapter. In the second chapter, we focused on listing the most important Arabic language teaching centers in Senegal, their educational strategies, linguistic curriculum, and pedagogical skills. We mentioned the most important problems that Arabic education in Senegal currently suffers from, knowing that they are divided between internal and external problems, political, educational, and economic problems. Finally, we attempt to implement the modern language teaching curricula with their various methods and trends, to discover from them accurate scientific solutions and proposals that will help in advancing this education, between general solutions and solutions related to the recognized curricula in teaching the Arabic language to non-native speakers.

Keywords: Teaching Arabic language, Senegal, modern curricula, proposals, solutions .

المقدمة:

تتبوأ الأصوات مكانة هامة ضمن أسس تدريس اللغة، وعلم الأصوات هو العلم الذي يتناول دراسة الأصوات الإنسانيّة في جانبها المادي؛ من أجل وَصْفها، وتحليلها، وتفسيرها، وكتابتها، معتمدًا في ذلك كلّه، على النظر ت والمعارف المسُتمدة، من الفروع الرئيسيّة الثلاث لعلم الأصوات: وهي علم الأصوات الفيزيائي، وعلم الأصوات السمعي، وعلم الأصوات الأكوستيكي، أو الفسيولوجي.

وقد أصبحت علوم الأصوات الفرعيّة الثلاث في وقتنا الحاضر، علومًا متطوّرة تستخدم الآلات والأجهزة المتنوعة، وأُطلق عليها اسم: علم الأصوات التجريبي، وأصبح هذا العلم من العلوم الحديثة، التي جاءت بعد فترة طويلة كان الدارس خلالها، يعتمد على الملاحظة الحسيّة وحدها.

وعلى هذا فإن معظم طلاب اللغة العربية لاسيما الناطقين بغيرها يجدون صعوبة في نطق بعض الأصوات العربية، ولم تشذ السنغال عن القاعدة، لذا ارتأيتُ إجراء دراسة عن تعليم اللغة العربية في السنغال في ضوء أسس تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، لذا يسعى هذا البحث إلى تقديم إجابة لمجموعة من الإشكالات: ما هو سياق ظهور اللغة العربية في السنغال؟ وما هي حالة اللغة العربية اليوم في السنغال؟ ما الدور الذى تفعله الأصوات العربية في نمو و تطور الدراسات العربية؟ ما المشاكل والصعو ت التي يواجهها طلاب الدراسات العربية في السنغال؟ ما هي الطريقة المثلى لحل مشكلة النطق لأصوات العربية لدى هؤلاء الطلاب؟

الفصل الأول: التعليم العربي في غرب أفريقيا “النشأة والتطور”

المبحث الأول: أهم المعطيات الجغرافية والتاريخية للسنغال.

تقع جمهورية السنغال في أقصى نقطة من غربي القارة الأفريقية بمنطقة بين مدارين، بين درجتي عرض شمالا 12،30 درجة، و16،30، وبين درجتي طول 11،30 درجة و 17،30 درجة، وتطلُّ من الجهة الغربيّة على سواحل المحيط الأطلسي، يبلغ طول حدودها البريّة نحو 2684 كلم تتشاركُها مع خمسةِ بلدان، حيث يحدُّها من الشّمال دولة موريتانيا، ومن الغرب دولة مالي، ومن الجنوب الشرقيِّ غينيا، ومن الجنوب غينيا بيساو، بينما تحيط السنغال بدولة غامبيا إذ تحدها من الشمال والشرق والغرب. وتطل الأخيرةُ على المحيط الأطلسي من الجهة الغربية(([i]))، وتبلغُ مساحة جمهورية السنغال نحو 196،722 كلم2، وهي بذلك تحلُّ في الترتيب الدولي من حيث المساحة الرقم 88 على مُستوى دول العالم، و يصلُ طول سواحلها البحرية نحو 531 كلم، والبلاد عبارة عن سهول منبسطة تقل فيها التضاريس باستثناء مرتفعات كِيدِغُو وهضبات اتِيَاسْ، ومعظمُ أَراضي السنغال تتشكل من سهول رملية منبسطة(([ii])) ولكن تختلف هذه الطبيعة عند الاتجاه إلى الغرب، حيثُ تطلُّ على سواحل المحيط الأطلسي ، وتضم أقصى نقطة غربية في القارة الإفريقية، وهي شبهُ جزيرةِ الرأس الأخضر التي توجد فيها العاصمة دكار، و تتكون من مجموعة هضاب صغيرة مكونة من صخور بركانيّة، كما يقع على شبه الجزيرة ميناء دكار، أحد أشهر الموانئ الإفريقية، كما تتمتّعُ بمناخ استوائيّ يوصف بكونه حارا و رطبا، حيث يمتد الموسم الجاف فيها من شهر نونبر وحتى شهر مايو و أغسطس، أما الأمطار فتسقط بكميات كبيرة، لكنها تختلف من إقليم لآخر بسبب التّنوع الجغرافيّ بين مناطق السنغال، و”تتشكل سكانها من أجناس وقبائل مختلفة هي وُلُوفْ وَتُكْلُورْ وَسِيرِيرْ وَسَرَخُلِ وَمَانْدِنْغ وَجُولاَ وَ سُوسِي ..، وقد لا يكون الولفيُّون [كقومية] أكثر عددًا لكنَّ اللُّغةَ الولوفية أكثر ذيوعا وانتشارًا منذ القديم إلى يوم الناس، رغم أن اللغة الفرنسية هي اللُّغة الإداريّة؛ المعمولة في الشّؤون الرسميّة، وتتميّزُ بتقاربها مع العربية، وفي هذا السّياق يقول الأستاذ جورتي سيسه في كتابه ” السنغال والثّقافة الإسلامية” “إن القبيلة الفولانيّة التي تعيش اليوم في السنغال جاءت من جراء الاختلاط الدّموي الذي حصل بين العرب والأفارقة”[iii]، ويقول أيضا: “إنّ اتّصالات العرب بالأفارقة قديم، والاختلاط الدّموي الذي تميّز بالمصاهرة هو الذي أوجد الجنس الفلاني الذي يعيش اليوم في فوتا تورو_وماسينا_ المتاخمين لموريتانيا، وعلى طول ضفّتي نهر السنغال على امتداد الشريط السّاحلي لنهر النيجر حتّى تشاد، وهو المعروف في القطر الموريتاني بالحرطان “الحر الثاني” أو المزارعين والصّيادين”[iv].

وما ذكرنا الآن نقلاً عن جورتي سيسه[v] تدلُّ على الصّلة الوثيقة بين شعوب هذه المنطقة، التي بدأت بدافع التّجارة وتبادل المصالح ولكنّها توطّدت بشكل أعمق مع انتشار الدّين الإسلامي فيها.

المبحث الثاني: السياق التاريخي والسياسي لجمهورية السنغال.

سيفتقر دارس التاريخ إلى معلومات دقيقة متسلسلة عن المجال الذي يُعرفُ بالسنغال اليوم، لأنه كانت في السابق غير متشكلة بهذا التماسك الجغرافي المعهود في الحاضر بل كانت عبارة عن دويلات وممالك مستقلة عن بعضها البعض، ويزيد الأمر صعوبة عندما يتعلق بما قبل الإسلام في المنطقة، لأن الأمة الأفريقية لم تشتهر بكتابة تراثها وآثارها التاريخية، حيثُ كانوا يكتفون بالرواية الشفهية والأخبار السماعية التي من دأبها أن تنقرض مع انقراض تلك الشُّعوبِ، أو ينتابها التزييف أحيانا مع مرور الأيام، وقد لا تتوفر لها المصداقية الكافية حتى نعتمد عليها، لعدم وجود قلم مواكب لأحداث مؤرخ لها على النحو المطلوب.

وتعدّ أقدم الآثار البشرية إلى العصور الحجرية الأولى(البالوتكية) Paleotique، فقد تم اكتشافُ مواقع أثرية لهذه العصور في مناطق كثيرة على امتداد الساحل والصحراء، كذلك عرفت البلاد السنغالية نماذج أثرية لعصور الحقب الحجرية الحديثة (النيولتيك)، وقد دلت هذه الكشوفات الأثرية (الأركلوجية) على أن آثار الإنسان في هذا الجزء من القارة الأفريقية تضرب بجذورها في أعمق الماضي القديم(([vi])).

ففي العصور الوسطى زحفت قبائل صنهاجة الملثمين(([vii]))من الشمال لبسط نفوذها على معظم البلاد، وكانت صنهاجة من أقوى قبائل الصحراء، وأشدها وأمنعها (فاشتهرت بقوة شكيمتها وكثرة رجالها الذيم ملؤوا الشمال الأفريقي فسلكوا سهوله وهضابه(([viii]))) وتعد قبائل صنهاجة بالعشرات(([ix])) لكن أشهرها وأقواها شوكة هي ” اكدالة” و”لمتونة” و” مسوفة” فتقاسمت هذه القبائل الثلاث النفوذ على المنطقة، فامتدت “اكدالة” على شواطئ المحيط الأطلسي حتى الضفة اليمنى لنهر السنغال([x])).

إن تاريخ السنغال مرتبط إلى حد ما بتاريخ بعض الأقطار المجاورة له، مثل “مالي” التي كانت تسيطر في فترة ما على أجزاء شاسعة من غربي أفريقيا، ومناطق من شرقي وجنوبي السنغال، ولابد أن يعترف الدارسُ أنه ما كانت هناك وحدة سياسية حقيقية بين الأراضي التي يطلق عليها اليوم اسم السنغال، وإنما كانت ممالك ودويلات لا تكاد تجمعها إلا صلات واهية، وأهم هذه الوحدات السياسية هي:

أ_ مملكة جولوف  DIOLOF

تقع جولوف في الوسط الغربي، وتقطنها جماعتا “ولوف” و”بول”_ فلانة_ وكانت أقاليم عديدة تابعة لها، ثم انفصلت عنها بسبب اضطرابات داخلية، وعاصمتها ” يانغ_ يانغ” yang_ yang  ويحمل ملكها لقب ” بورْبا” (([xi]))، ويعود تأسيسها في البلاد إلى القرن الثالث عشر الميلادي على يد الأمير التكروري “انديان ديان انجاي”ndi andiane ndiaye، فقد كانت تضم عددا من الولايات المستقلة، مثل “والوا walo و”كايورcayor” و”سين سالوم” sine saloum وعلى رأسها ملك  أو “بوربا”، وقد كان العنصر الغالب على هذه الإمارة هو عنصر الوُلُوفْ، وقد أشارت بعض كتابات الرحالة البرتغاليين إلى إسلام الملوك والأمراء في هذه الممالك، وأبانت دور الشيوخ العلماء المرابطين والفقهاء المسلمين الرائد في المنطقة(([xii])).

ب_ مملكة والو WALO

وتقع في منطقة الفيضانات ما بين مدينتي “بودور” PODOR و”أندير”NDAR.

وقد كان الفرنسيون يدفعون لها إتاوة منذ استقرارهم بمدينة ” اندير” سنة 1659م إلى أن تم ضمها إلى المستعمرات الفرنسية عام1856 (([xiii])).

ج _ مملكة كاجور  CADIOR

وتحتل سهلا واسعا بين المحيط الأطلسي وأقاليم “جولوف و”سين”  و”سالوم” وكانت لامباية  LAMBAYE مقر بعض ملوكها(([xiv])).

كانت تسكن هذه المملكة بصفة أساسية جماعة “ولوف” وكانت مسرحا لمعارك عديدة في القرن التاسع عشر ضد الاستعمار إلى أن سقطت بيده عام 1886م.

د _ ممالك كازا منسا Casamance

وتعتبر جماعة “بيونيك”_BAINONKE_ وهي في طريق الانقراض _ أقدم سكان جنوبي السنغال_ ومؤسسة مملكة كازامانسا، وقد قامت جماعتا “ماندينكي وجولا” باحتوائها.

أما جماعة جُولا فلم تشتهر بمؤسسات سياسية منظمة ذات قيمة تاريخية تستحق الذكر، في حين شيدت جماعة “ماندينكي” في إطار إمبراطورية مالي أو خارجها ممالك في ” كازامنسا وغامبيا ونياني ونيومي ووولي” وكانت قد جاءت بالإسلام من مالي(([xv])).

ه_ مملكة تُكْرُورْ الإسلامية

وتبقى أشهر الإمارات والممالك في البلاد هي مملكة تكرور الإسلامية التي امتدت شمالا من أسفل نهر السنغال إلى فوتا جنوبا، وزاد من شهرتها تداخل بعض أحداثها بأحداث مملكة غانا التي كانت تقع إلى الشرق منها كأشهر دولة أفريقية ذكرها الجغرافيون العرب، فغانا التي غلب عليها “السونينك” في العصور الوسطى، يعود تاريخها إلى القرن الأول الميلادي، ظهرت أسرة “سيسي” السنونكية كأسرة حاكمة قوية، تمكنت من الاستلاء على أودغست حوالي 999م(([xvi]))، ونصبت عليها أميرا سوننكيا حتى منتصف القرن الحادي عشر  الميلادي، حيث قام المرابطون بإرجاع أودغست عام 1055م ، ثم اتجهوا نحو غانا ذاتها واستولوا عليها عام 1087م ومن هذا التاريخ يؤرخ عادة لدولة غانا الإسلامية(([xvii]))، وعندما صارت تكرور تابعة لغانا ثم بعد ذلك لمامي الإسلامية، ثم أصبحت هذه الإمارة التكرورية وحاضرتها “فوتا تور” منذ أوائل القرن السادس عشر الميلادي جزءا من امبراطورية صنغهي الإسلامية، واستمرت العقيدة الإسلامية سائدة في البلاد على المستوى الشعبي، خاصة بعد ما بدأ إسلام ملوك هذه الإمارة في التلاشي شيئا فشيئا حتى تمكنت الثورة “المامية” أو “الأمامية” من إعادة  السلطان الإسلامي في فُوتَا تُورُ وما حولها في القرن الثامن عشر الميلادي، حيث تمكن الإمام سليمان بال من تأسيس إمارته الإسلامية بإعلان الجهاد، إدراكا منه بضرورة الحكم والسلطة في التمكين للدين، وأبان لمواطنيه واجب المسلمين في اختيار من ينفذ فيهم أحكام الشرع، وأوضح لهم الشروط التي ينبغي أن تراعى في ذلك، فاستمرت هذه الروح الجهادية لفترة تزيد على قرن كامل من الزمان19881_1776 م لتصبح فترة تاريخية مميزة في تاريخ البلاد، وقد  حكم الإمارة الامامية حوالي أربعة وخمسين إماما بدءا بالإمام سليمان بال ومرورا بالإمام عبد القادر 1805 1776 (([xviii]))، ولم يكن جهاد الشيخ عمر الفوتي  ت1864 إلا محاولة لتجديد الجهاد في المنطقة بأكملها بعد تفاقم الوضع في الغرب الأفريقي بدخول الفرنسيين ومحاولاتهم التوغل في البلاد في مرحلة الصراع الجديد، وكل هذا يدل على مدى عراقة  الثقافة الإسلامية في المنطقة، ومدى نجاحها في أن تصبح قوة سياسية حاكمة في السنغال في الفترة التي سبقت الغزو الفرنسي للبلاد.

المبحث الثالث: السياق الثقافي والديني لدولة السنغال

لا يمكن الحديث عن التراث الثقافي في السنغال بمعزل عن الإسلام، ومن المؤكد أنه كان هناك تراث ثقافي عريق قبل وصول الدعوة الإسلامية إلى المنطقة، لكن هذا التراث لم يتبلور ولم يتمّ إضفاء طابع الرسمية كما هو عليه بعد مجيئه، ففي ظله انتقل أهم ما في التراث من فكر وقيم ورؤى وحكايات وعادات والتقاليد من الشفهية إلى الكتابة، ولا سيما أن الإسلام بوجوده فيها تأثر تأثيرا عميقا مما أدى إلى ظهور قيم على أنقاض قيم أخرى تنسجم مع طبيعة هذا الدين، ولم يكتف بالتأثير في الجانب الديني فحسب بل أثر في اللغات وفي الثقافات المحلية فامتزجت الثقافة الإسلامية العربية بالثقافة الأفريقية السنغالية بشكل أخص.

فلم يصل الإسلام إلينا دينا يدعو إلى توحيد الله وإقامة سنة رسوله ﷺ  فقط بل ذهب إلى أبعد من ذلك فتغلغل في وجدان الشعوب الأفريقية كما يتغلغل الماء في الوديان، فأحدث هزة عنيفة في جميع المستويات والنواحي، كما أحدث انقلابا ثقافيا إيجابيا فنتج عن هذا الأمر تَدهْورُ أكثر التقاليد والعادات القديمة  لصالح قيم أخرى أكثر تناغما مع روح الإسلام، فكان من شأنه أن تتوغل اللغة العربية بمعيته إلى قلوب الأفارقة، ويجعلهم يتماهون مع الحضارة الإسلامية بشكل لافت،  وينصهر مما جعل آثارها تنعكس في عدة  نواحي بأشكال متباينة.

يمكن القول إنّ تاريخ دخول الإسلام في السنغال يعود إلى القرون الأولى لانتشاره في الشمال الأفريقي وبلاد المغرب الإسلامي على وجه الخصوص، فقد جاءت الموجة الإسلامية من الشمال عبر صحراء المغاربة عن طريق التجارة عبر سجلماسة(([xix]))  حتى نهر السنغال حوالي 700م تقريبا، الأمر الذي مهد لانتشار الإسلام بين شعوب القطر بعد ذلك، فأعاد صناعة الأطر الدينية والاجتماعية والثقافية وأساليب الحياة لكل فرد في البلاد (([xx])).

فبالإسلام  ابتدأ _بصورة أو بأخرى_ العهد التاريخي لإفريقيا السوداء إذ أنه وحتى ذلك الوقت ظل التاريخ محصورا على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، ومن ثم أصبح أهل مدينة تكرور الذين كانوا يعبدون الدّكارير _ جمع دُكّار أي الصنم_  مسلمين، كما يورد البكري ومضوا بالدعوة الإسلامية من طور التلقي إلى مرحلة التأسيس، وذلك باستكمال سلطانهم السياسي في ظل الشريعة الإسلامية في عهد ملكهم وَرْجَابِي انْجَايْ الذي اعتنق الإسلام وأقر الشريعة الإسلامية في البلاد، وقد جعل الإسلام الدين الرسمي لدولته وشعبه فنورهم بالحقيقة(([xxi]))، وذلك خلال العقد الخامس الهجري، الحادي عشر الميلادي، ثم توالدت الإمارات الإسلامية بعد ذلك في الظهور فقامت في التاريخ إمارة  “الجُلُفْ” التي أسسها أحد أبناء التكرور1360م، فكانت نواة إمارة تكرورية ذات شأن ضمت أربعة وخمسين أميرا، وقد امتد سلطان الدولة الإسلامية لأكثر من قرن من الزمان 1776_ 1881م، فكان طبيعيا أن تنمو الثقافة الإسلامية والعربية في البلاد وهي تتلقى المد الإسلامي المتواصل من المغرب الإسلامي ومن ” زوايا موريتانيا” خاصة وقد قدر لها أن تكون جزءا من مملكة غانا الإسلامية الخاصة، مما مكن لحوض نهر السنغال ؛ أن يصبح مركزا إسلاميا فاعلا، جذب إليه بجانب الشعوب المحيطة به قبائل أخرى كقبائل الفلاني “الفلاتة” أبناء عمومة التكرور، وقبائل الولوف التي تمثل معظم سكان المدن في السنغال، وامتد الأثر ليشمل شعوب العرب الأفريقي، الأمر الذي جعل من تاريخ الإسلام في السنغال تاريخا قوميا لا ينفك عن تاريخ البلاد، وذلك لارتباطه بتاريخ شعوبها وأفرادها عبر القرون(([xxii]))

في ظل هذا المد الإسلامي الوافر، ظهرت في البلاد مناطق؛ اشتهرت بمدارسها القرآنية وعلمائها من جماعات “التوردوب” الذين امتهنوا التعليم بها حتى ارتبط اسمهم بالعِلم الإسلامي في البلاد،  ومن أشهر هذه المدن مدينة “فوتا” أو”فوتا تورو”  تمييزا لها عن مدن أخرى تحمل ذات الاسم في بلاد مجاورة أخرى، عرفت أيضا بالعلم والمعرفة الإسلامية، غير أن شهرة فوتا تور السنغالية، ظلت واسعة باعتبارها مدينة رائدة انطلقت منها بواكير الدعوة والعلوم الإسلامية الأولى في البلاد إلى جانب دورها في دفع المسلمين هناك لاستكمال سلطانهم السياسي بتكوين الإمارات الإسلامية، الأمر الذي جعل منها مركزا هاما للدعوة والعلوم في العمق الأفريقي فأصبحت تشابه في ذلك مدن الشمال الأفريقي الرائدة كالقيروان وفاس وغيرهما، وبجهود الفلانيين ودعوتهم النشطة امتد نفوذ هذه المدينة الإسلامية مخترقا بلاد السنغال جنوبا حتى غينيا كما سار على امتداد النهر من أسفل “بابكل”  حتى “دقنا” فصارت تضم سبع محافظات هامة(([xxiii]))، وفي قلب هذه المدينة العامرة أنشئت إحدى أهم مدرستين إسلاميتين في البلاد وهي مدرسة “أب” الشهيرة (([xxiv])).

الفصل الثاني: التعليم العربي في السنغال مشكلات وحلول.

المبحث الأول: أهم مراكز تعليم اللغة العربية في السنغال واستراتيجية التدريس فيها.

إن الدين واللغة العربية قلما ينفصلان، لأن المسلم بعد دخوله الإسلام يحتاج إلى معرفة الدقائق والتفاصيل من أحكام دينه حتى يستطيع ممارسةَ طقوس دينه على الوجه السليم، ولكي يفهم دينه يحتاج إلى معرفة العربية حتى يتسنى له فهم القرآن وفهم السنة النبوية وباقي المعارف الإسلامية المهمة، فكانت العربية عابرة للثقافات والدول والثقافات.

وقد كان السنغاليون منذ دخولهم الإسلام يتلهّفون إلى العربية، فأصبحوا يكابدون المشقات والمصاعب كي يتقنونها كما أتقنها العرب الأقحاح، وذلك أنهم كانوا بأمس الحاجة إلى وعاء يسكبون فيه أحاسيسهم ومشاعرهم الجياشة، فكانت العربية خير وعاء لهم، فلم يشتهروا بكتابة تراثهم الثقافي والأدبي إلا بعد مجيء الإسلام وانتشار اللغة العربية فيها، فكان فرصة سانحة لانتقال شعوب المنطقة من مرحلة الشفهية إلى مرحلة التوثيق بالكتابة، فألفوا كتبا مهمة في شتى الفنون ودخلوا عالم الشعر، مظهرين مهارتهم الفكرية واللغوية والبيانية، فبلغوا فيه مبلغا عظيما جدا بحيث قد تقرأ  شعر أحدهم متفاجئا لجزالة لفظه وقوة تعبيره ونصاعة بلاغته.

فباللغة العربية سُجّلتْ أخبار هذه الشعوب والقبائل، وخلّدوا تاريخها وبينوا خريطتها وطبيعة أرضها بسهولها وهضابها وتضاريسها ومناخها وعادات أهلها كما هي نجده في كتابات الرحالة والجغرافيين العرب التي تعد مصدرا مهما لمن يريد أن يكتشف شيئا حول هذه المنطقة، وحتى الغرب يعودون إلى هذه الكتب الأساسية بعد أن تمت ترجمتها إلى معظم اللغات المعروفة اليوم.

وتأثر الشعب السنغالي بمختلف عشائره أيما تأثر باللغة العربية، سواء في حياته الروحية، أو في مظاهر حركاته الاجتماعية والاقتصادية وأنظمته السياسية؛ وكان للاحتكاك بين السنغاليين والتجار والسياح العرب والبربر دور وفضل كبير، ومن أجل ذلك تسربت كلمات وعبارات كثيرة من العربية إلى اللغات السنغالية (([xxv])).

ويمكن القول: بأنّ أهم المراكز التعليمية السنغالية تأتي على الشكل التالي:

_ بير: قرية مشهورة في قلب منطقة كجور، كانت فيها جامعة إسلامية منذ القرن السابع عشر، وقد درس فيها كثير من مشاهير السنغال كالإمام عبد القادر كَنْ أحد كبار قيادة المسلمين في _ فوتا تور والشيخ عمر الفوتي، وقد استمر التعليم فيها إلى أن قضى عليها الاستعمار الفرنسي في نهاية الربع الثالث من القرن الماضي(([xxvi])).

_ كوكي: قرية في منطقة انجامبور Niambour تقع على بعد 30كم شرق مدينة لوغا، نشأت في مستهل القرن الثامن عشر، وظلت تستقطب طلاب العلم إلى نهاية القرن التاسع عشر، ثم انحصر اهتمامها في تحفيظ القرآن الكريم(([xxvii])).

_ هلوار، غيحلون، غيدي: قرية تقع في فوتا تورو شمال السنغال، وكان موطن كثير من العلماء المعلمين، أشهرهم من قبائل بوسو تال كان ووون سيلا إلخ

_ اتيامين جولوف: قرية في منطقة جُولُوفْ كانت مركزا للتعليم الإسلامي في القرن السابع عشر والثامن عشر، تلقى فيها عدد من مشاهير السنغال علومهم منهم سرين مَحْرَم امباكي(([xxviii]))، جد الأسرة المباكية، وجد عبد الله انياس؛ والد إبراهيم انياس المعروف(([xxix])).

_ امباكي باول: قرية أسست في الربع الأخير من القرن الثامن عشر، وكانت مدرسة للغة العربية والعلوم الشرعية، يدرس فيها أفراد من الأسرتين امباكي وبوسو(([xxx])).

_ جاورا: مدينة في شرق السنغال كانت محط عدد من علماء سونينكي قبل الاستعمار.

_ بمبا: قرية صغيرة بمنطقة سالوم، كان بها “كتاب” لتحفيظ القرآن الكريم ومدرسة لتعليم العلوم الشرعية والعربية من القرن الماضي(([xxxi])).

_ طوبى: مدينة أسست عام 1886م لتكون مركزا لحفظ القرآن الكريم ودراسة العلوم الشرعية، وتقع شرق دكار على بعد 190كم(([xxxii])).

_ تيواون: مدينة تاريخية، كانت من عواصم المملكة الكجورية، التي أطاح بها الاستعمار عام 1886م، وقد أنشئ بها مركزا للتعليم الإسلامي عام 1202م واستمرت الدراسة فيه حتى عام 1923م(([xxxiii])).

_ اندر: عاصمة السنغال إبان الاستعمار، لجأ إليها العديد من العلماء لدفع ريب المستعمرين واستقروا فيها ولحق بهم فيها الراغبون في العلم الشرعي.

_ جامل: قرية في منطقة سالوم، كانت مقرا لأسرة سيسي، يغشاها طلاب العلم من سائر الأسر الدينية حتى نهاية الخمسينات من هذا القرن.

_سوكون: قرية في منطقة سالوم تقع قرب حدود السنغال مع غامبيا، كانت بها مدرسة لتعليم العربية وبعض العلوم الدينية.

_ انجاريم: مدينة في منطقة بأول وسط السنغال، تحول حي منها ابتداء من العام 1913 إلى مركز التعليم الديني، واستمر هذا الوضع حتى نهاية الخمسينات من هذا القرن(([xxxiv])) .

وقد كانت استراتيجية التدريس في هذه المراكز العلمية تعتمد على الطريقة التقليدية، بحيث نجد أن كل المراكز تتفق على دراسة كتب معينة على حسب مستوى الطالب وهي على الشكل التالي:

يبدأ هذا التعليم بتحفيظ الطفل القرآن الكريم ابتداءا من سن السابعة، ويُكتب له الحروف الهجائية على لوح يوما بعد يوم حتى يتمكن من ضبط الحروف بكل تقلباتها الحركية، ثم يَشرع في الجمع بين الحروف حتى يتأكد المعلم بتمكنه من الضبط الكامل للحروف بطريقة صحيحة سليمة، ثم تكتب له آيات ثم سورا قصارا ثم يتدرج إلى السور الطوال حسب ذكائه وقوة ذاكرته حتى ينتهي من المصحف بالكامل، ثم يبقى يكرره على المعلم بأحزاب معينة حتى يطمئن هذا الأخير على حفظه القرآن حفظا صحيحا متقنا، ثم يجتمع عدد وافر من المعلمين ويقرأ القرآن على مسمعهم ليتأكدوا من حفظه الكامل، ثم بعد ذلك يشرع الطالب في كتابة المصحف على اللوح_ أي يكتب مثلا في كل يوم رُبُعًا بدءا من سورة البقرة بدون أن يعود إلى المصحف_ ثم يصحح له الشيخ كل يوم حتى ينتهي من كتابته بالكامل، ثم يشرع في كتابته على الأوراق بخط يده وبشكله ثم يقدم ذلك المخطوط، إما لوالده أو لشيخه، وأحيانا يكتب الطالب أكثر من مصحف ليصبح متمكنا أكثر فأكثر، ثم بعد ذلك يتوجه إلى دراسة العلوم الشرعية والعلوم العربية عند أحد شيوخ قريته أو القرى المجاورة أو غيرها، ولم تكن ثمة مدارس بالمعنى المتعارف عليه اليوم، يدرس بشكل حر فلا مراحل ولا صفوف ولا امتحانات ولا شرط قبول ولا تحديد للسن، ولا سن دراسية، بل يدرس الأستاذ في بيته حيث يجلس على سرير يحيط به تلاميذه وكتبه، ويجلس التلاميذ على بساط أمامه، وقد يعين المعلم ابنه الأكبر أو أحد تلاميذه المتقدمين أن يعينه في التدريس أو ينوب عنه عند خروجه أو انشغاله.

يستمر التدريس من الصباح إلى المساء كل يوم إلا أيام العطلة كيوم الخميس والجمعة، وعيد الفطر وعيد الأضحى.

أما المواد المدروسة فهي التوحيد والفقه والأدب العربي والنحو والبلاغة والعروض والتفسير والمنطق، وأصول الفقه وعلم الفلك والحساب والسيرة والتاريخ.

بالنسبة للفقة فقد كانوا يدرسون “كتاب الأخضري” لعبد الرحمان الأخضري  الجزائري المالكي الأشعري ت953هـ، ثم “متن العشماوية ” لعبد الباري بن أحمد بن عبد الغني بن عتيق بن الشيخ سعيد بن الشيخ حسن، أبو النجا العشماوي القاهري الأزهري المالكي (المتوفى: ق 10هـ) ، ثم “المقدمة العزية” لأبي الحسن عبد الله بن ناصر الدين المالكي الأشعري ت939هـ،  ثم “منظومة ابن عاشر”  لعبد الواحد المالكي الأشعري الفاسي الأندلسي ت1630م، و”متن الرسالة” لابن أبي زيد القيرواني المالكي الأشعري ت310هـ، ثم منظومة “مصباح السالك شرح نظم أسهل المسالك في مذهب الإمام مالك” للشيخ عبد الوصيف محمد [الناظم محمد البشار] ، ثم “مختصر خليل” بن إسحاق المالكي الأشعري ت1374م، و”تحفة الأحكام” لمحمد بن محمد بن عاصم القيسي الأندلسي المالكي الأشعري ت829هـ، و” المدونة الكبرى” لعبد الرحمان بن القاسم سحنون المالكي ت256هـ.

وفي التفسير يدرسون ” تفسير البيضاوي” أنوار التنزيل وأسرار التأويل لشيخ الإسلام قاضي القضاة ناصر الدين عبد الله بن عمر البيضاوي ت685هـ، ثم “تفسير البغوي، معالم التنزيل” للحسين بن مسعود الفراء البغوي ت510هـ، ثم “تفسير الجلالين” لجلال الدين المحلى ت864هـ، أكمله جلال الدين السيوطي ت911هـ، ثم “لباب التأويل في معاني التنزيل” للخازن ت741هـ.

وفي التوحيد ” الإبانة عن أصول الديانة” لأبي الحسن بن إسماعيل الأشعري ت324هـ، و”جوهر التوحيد” لإبراهيم اللقاني المالكي ت1041هـ، و”إضاءة الدجنة في اعتقاد أهل السنة” للمالكي الأشعري أحمد المقري التلمساني ت1041هـ، وأم البراهين للسنوسي ت895هـ.

بالنسبة للغة العربية والنحو والبلاغة فكانوا يدرسون “البردة والهمزية” لمحمد شرف الدين البوصيري ت696هـ، وكتاب ابن المهيب: “شرح النوافح العطرية” وقصيدة “بانت سعاد” لكعب  بن زهير بن أبي سلمى، و”مقصورة ابن دريد” ت321هـ و”الدالية” لليوسي المغربي ت1102هـ، و”المقامات الحريرية” ت516ه، و”المعلقات السبع” للشعراء الجاهليين، و”شعراء الصعاليك” كالشنفرى، والسليك، وتأبط شرا، وكانوا يحفظون جلها لتكون لهم ثروة لغوية وملكة شعرية.

وبالنسبة للنحو فقد كانوا يدرسون “متن الأجرومية” لمحمد الصنهاجي الآجرّومي ت723هـ، و”ملحة الإعراب” للحريري ت516هـ، و”قطر الندى وبل الصدى” لابن هشام الأنصاري ت761هـ، و”ألفية بن مالك” ت672هـ،  و”شرح المكودي” المفصل، لأبي زيد عبد الرحمان بن صالح، وكتاب “الاحمرار” لمختار ولد بونه الجنكي ت1230هـ/1810م، ، و”مقدمة الكوكي” للشيخ مور خُجَّ كُمْبَ جوب الكُكِي  رحمهم الله جميعا.

وبالنسبة للبلاغة فكانوا يدرسون “عقود الجمان للسيوطي” و” الجوهر المكنون” للأخضري.

فهذه باختصار بعض أهم الكتب العلمية التي يدرسونها في الكتاتيب والمراكز التعليمية في البلاد وقتئذ، كي يستطيع الطفل الذي لا دراية له باللغة العربية ليستطيع المامها بشكل متقن.

المبحث الثاني: مشكلات التعليم العربي في السنغال.

إن شعب السنغال مولع باللغة العربية وبالثقافة الإسلامية، لكنَّ علمانية نظام الدولة، والمجهودات الفردية للنهوض بالعربية تطرح إشكالات كثيرة من بينها:

أولا، إشكالية المنهج:

إنَّ من عادةِ السنغاليين إرسالَ أبنائهم إلى الخلاوي القرآنية، ليحفظوا القرآنَ الكريم، ويتقنوه إتقانا عجيبا، ثم ينسلون إلى استقراء واستقصاء اللغة العربية من مظانها الصحيحة، فيتلقون من العلماء الأدباء، ويحفظون نصوصَها ويستوعبون شروحَها وحواشيهَا، ومن تلك النصوص: المُعَلَّقَات السبع، ومقصور ابن دُرَيْد (ت. 321هـ)، ومقامات الحريري (ت. 516هـ) ودالية أبي الحسن اليوسي (ت. 1040هـ)، الشيء الذي يجعلهم متثبتين بالتراث الأدبي القديم، ويكون التعامل معه يقتصر على اقتناص المفردات والغرائب اللغوية، مع إهمال للجانب التركيبي. وأثر هذا التعليم يتجلى بشكل أوضح لدى الشعراء، وفي هذا السياق يقول الوُدْغِيري: «وإذا كانت القدرة على نظم المُطَوَّلات الكثيرة في مختلف ضروب العلوم الإسلامية، تدل على التَّحكم الجيد في اللغة العربية، فهناك ظواهرُ أخرى تزيدك يقينا بما قلناهُ، ومن هذه الظواهر وَلَعُ بعض الشعراء الأفارقة بنظم الغريب من اللغة وتَصَيُّد أوابد الألفاظ»[xxxv].

ثانيا: تعليم القرآن في المدارس الكلاسيكية (الدَّرَاتْ):

رغم أن السنغال تعج فيها الدرات القرآنية، فإن مشكلة التعليم القرآني ثم العربي لم تزل تلفت انتباه المدرسين، ولنا في قصة الشيخ الحاج محمد الأمين بن زبير (شيخ مدينة كُلْدَا) مع تعليم الولدان، تشخيصا لمشكلات التعليم العربية في الدارات القرآنية، يقول في كتابه: ميدان البراهين في النصيحة لعقلاء السودانيين[xxxvi]:

“أما بعد، فيقول أسير ذنبه الراجي غفران ربه محمد الأمين بن زبير، قد حضرت ذات جلسة في مجلس المناظرة لبعض الأصدقاء، ولم تزل الجماعة تزداد بالناس الواردين حتى صرنا جماعة جمع بين الأمير والمأمور. وكان سيد الحضرة الداعي إلى اجتماع تلك الحفلة من الأذكياء، وله إخوان قبلوا في قالب الاستواء في الذكاء حتى ميزوا بين القبيل والدبير هذا، وقد حضر في المجلس بعض من يدعي العلم، وبعض من يتكلم بالعربية اقتحاما، وبعض من يزعم بعلم القرآن. فسألني بعض من أولئك العقلاء عن أمور استشكلوها بل وأنكروها من علماء إقليمنا، فسبقني بالجواب ذلك العالم، وتكلم فيه المتكلم بالعربية، وخاض ذلك المدعي بعلم القرآن: وأكثروا القيل والقال، وجالوا في كل مجال، حتى انتصف النهار والسائل لم يبال بما هم فيه من إظهار العلم، ولم يلتفت إليهم بل قال إنما سألت هذا وأشار إلي، فقلت له أجل، وسأجيبك بعد أجل، ولكن خلق الإنسان من عجل. (نص السؤال):

سيدي، نحن جادلنا قبل إتيانك في أمور تعليم الغلمان لكتاب الله تعالى. قال بعض منا: الحق أن يعلموا بقراءة الألفاظ مع تفسيرها إن كان يمكن، وإلا فتركهم القرآن إلى كتب يمكن تفسيرها لهم فيفهمون معنى العربية المقربة لهم معاني القرآن، ثم إذا تفطنوا رجعوا  إلى قراءة القرآن بحيث يمكن لهم حينئذ فهم معاني ألفاظه أولى، فيعملون بما فهموا لأننا قرأنا ألفاظ القرآن مدة سنين، ولم ندر معنى ما نتكلم به في تلك الألفاظ، فكأننا ضيعنا عمرنا ولا فائدة لقراءتنا مع أن نتيجة القراءة وفائدتها الفهم بمحتوى القراءة… وقال آخرون بل إنه يمكن قراءة القرآن مع التفسير، لكن يقرؤون القرآن يعني ألفاظه حتى إذا أتموه انتقلوا إلى تفسيره كما يفعله الخاص والعام. (انتهى نص السؤال)

يعالج الشيخ بمجموعة من المقاربات، وقام بنقد داخلي لأنماط التعليم، فكان مما ذكر: ” فصل في بيان غلطات بعضها في اللفظ وبعضها المعنى والغلط الكائن في اللفظ مثلا عند قولهم في كتاب الأخضري في العبادات على مذاهب الإمام مالك في باب الطهارة ما يفارقه غالبا كالزيت والسمن والدسم كله والوذح، فإني رأيت أهل أرضنا من كل لاقيت يقول والودخ بالدال المهملة والخاء المعجمة، ويفسرونه تفسير الودك بالكاف حتى أني ذات مرة جمعت نصوص هذا الكتاب في قريتنا دار السلام، فوجدت كل نص كتب بخط اليد أتاه بالوجه الغلطي، وذهبت بقريتنا مَدْيَن فوجدتها أعني اللفظة كذلك وكنت أسأل الطلبة عن تفسير كلمتهم تلك ويقولون لي مخّ. والحال إن الوذح بالذال المعجمة والحاء المهملة بعر الغنم، ففي المنجد الوذح: ما تعلق بأوصاف الغنم من البول والبعر، ومنهم من يحرفون هذه اللفظة إلى معنى الوزغ أيضا، الذي هو ضرب من الزحافات الواحدة وزعة، وهي في كلامنا الفلانيين “كلجدّ” وفي كلام السوسات  بس يّا جو وهذه الدابة ما لها، ولهذا الباب مع أنها بالزاي المعجمة والعين المعجمة بينها وبين الوذح بون بعيد” ثم واصل بإيراد غلطات أخرى في القرآن عند العرب والعجم وقال: وقد علمت إن عدم الفهم يوجب الغلط ولو لعربي نسبة وأصلا ولذلك قيل:

النحو أولى أولا أن يعلما=إذ الكلام دونه لن يفهما

وهذا ما يدفع بنا إلى الحديث عن المشكل الآتي:

رابعا: مشاكل نطق الحروف:

إن من مشكلات تعليم الأصوات التي يعانيها متعلمُو العربية في السنغال مشكلة النطق السليم للصوت، فينطق بعضهم الصاد والسين والزاي سينا، والعين هاء، إلخ، ولهذا يجب على المعلم الجيد أن ينتبه أن تعليم الأصوات يعني تعليم نطقها بشكل سليم.

إذَا، كيف يمكننا أن نعرف المشكلات النطقية؟ وكيف يمكننا التغلب عليها؟

هنالك عدة أساليب لحل هذه المشكلات النطقية، والتغلب عليها، ومنها:

تعيين الأصوات مصدر الصعوبة لدرى الدارسين (الحروف المتقاربة).

تمكينهم من إدراك الخصائص المميزة لكل صوت منها.

تدريبهم على تذليل تلك المشكلات الصوتية[xxxvii].

خامسا موقف الدولة من التعليم العربي:

لعقود طويلة؛ طالت يد الإهمال للتعليم العربي في السنغال، وذلك لعلمانية المنهج من جهة، وتأثر بعض النخبة للثقافة الاستعمارية التي تحارب كل مظاهر الثقافة الإسلامية في السنغال، فتعرض مشتغلو هذا القطاع إلى التهميش والتمييز، مع العلم أن تعليم الدين في المدراس يوفر عدالة ومساواة في حق الأسر التي ترغب أن يتلقى أبناؤها تعليما دينيا في ظروف تعذر الإمكانيات المادية والعملية لإيجاد سبل تعليم خصوصية للدين في مجتمع الحضر المتمدن[xxxviii].

لكن مؤخرا، بدأت سياسة الدولة تتغير بعد ما عرفت مقاومة المجتمع، فأدرجت نظام التعليم العربي في المدارس الحكومية بشكل أكثر كثافة، وأضاف مسلكا خاصا بالعربية في البكالوريا الحكومية، وتشغل عددا أكثر من حاملي شواهد وخريجي جامعات الدول العربية، ما توحي إلى بوادر الفرج إلى هيكلة هذا النظام الراسخ في الوجدان السنغالي.

سادسا القصور الفني:

إضافة إلى ضعف الوسائل عموما في جميع المراحل وقلة المراجع وانعدام الكتاب المدرسي المتقح فإن معظم البرامج التعليمية تعاني من قصور فني واضح في تدريس مادة اللغة العربية ذلك أنها على سبيل المثال تركز على مادتي النحو والصرف وتتوسع فيهما على حساب المواد الأخرى مما يجعل الطالب قارئا كاتبا، عاجزا عن التعبير عن نفسه في ذات الوقت، كذلك يلاحظ عدم الدقة في إحصاء المواد التي يفترض أن تدرس وذلك داخل الدراسي الواحد.[xxxix]

سابعا: مشكلات تدريس مهارات اللغة:

يكاد يجتمع أساتذة اللغة إلى أنَّ إتقان أي لغة لا بد من تضافر المهارات الأربع (القراءة، الاستماع، الكتابة، الكلام). ودارسو العربية في السنغال يعانون من تلك المشاكل:

مشكلات تدريس مهارة الاستماع:

عدم وجود أهداف لتعليم مهارة الاستماع.

عدم وجود محتوى لمهارة الاستماع بالمعاهد الدراسية، فغالبا ما يلجأ إلى شبكة الجزيرة لاستماع الأخبار بالعربية. (ولي تجربة شخصية في ذلك).

قلة الأنشطة التي تقدم لمهارة الاستماع.

عدم وجود خطة لتقويم مهارة الاستماع.

مشكلات تدريس مهارة القراءة:

عدم مناسبة النصوص القرائية لمستوى الدارسين، أو اهتماماتهم مما ينفرهم، لكن كتاب (التلاوة العربية) (والإنشاء الصحيح) بأجزائها الخمسة قد سد ثغرة كبيرة في تشويق النصوص للقراء.

الغوص في أعماق البلاغة، كالاستعارات وتقسيماتها، والكناية، وعرض خلافات السكاكي والقزويني، التي لا طائل من ورائها شيئا.

استعمال مفردات غير مألوفة للدارسين.

عدم استعمال الصور والرسوم التوضيحية.

مشكلات تدريس مهارة الكلام:

الاعتماد في التقييم على مواضيع معدة سلفا، مما يغيب التحدث بطلاقة وبعفوية.

غياب الحوارات الثنائي والجمعي.

مشكلة تطبيق النحوية والصرفية، فكثير من الدارسين يعرفون القاعدة النحوية، وقد يستشهد ببيت في ألفية ابن مالك، لكن عند التحدث تتبخر كل معارفه النحوية، ما يوجب إعادة المراجعة في طرق تدريس النحو.

مشكلات تدريس مهارة الكتابة:

الإغفال عن الجمل البسيطة والاهتمام إلى الجمل المركبة، مما يسبب التكلف والتصنع لدى الكاتب.

غياب المكتسبات السابقة في الكتابة.

التفكير باللغة الأصل والاعتماد على الترجمة الحرفية عند الكتابة.

مراعاة مختلف أنواع الكتابات، تلخيص، إنشاء، تقرير..

تلكم هي أهم المشاكل التي تعانيها التعليم العربي في السنغال، تتفاوت بعضها عن بعض، ولكن وعيا بحلولها، قد يرقي إلى الدرس العربي في السنغال، ويحسن جودته.

المبحث الثالث: اقتراح الحلول لهذه المشاكل في ضوء أسس تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها

وعيا بالمشاكل المتعلقة بتدريس اللغوية في السنغال، نقدم بعض الحلول والمقترحات التي قد تعالج الإشكال، وهي على صنفين:

أولا: حلول عامة:

تحديد أهداف واضحة للتعليم الإسلامي العربي، فيجب الاهتمام إلى نشر وتثبيت الثقافة الإسلامية في البلاد وتكوين جيل مشبع بها؛ لا جعلها بديلا للنظام الحالي، وكذلك أيضا محاربة الظواهر القومية التي تحارب العربية وتعليمها كحركات الزنجية والماسونية والتي تدعي أن الإسلام شيء والعربية شيء آخر، وتنادي صراحة بفكرة الإسلام الإفريقي الأسود، وقد برزت دعاواهم في الآونة الأخيرة، الشيء الذي يأجج إلى صراع الحضارات مع أن السنغال بلد معروف بالتنوع والاختلاف.

معالجة المقررات الدراسية التي تطابق الواقع الإفريقي، تستمد من واقعه وتراثه، لا اجترار واستيراد المناهج الدراسية في البلدان العربية كالمغرب ومصر والسعودية..

تنشيط دور المنظمات الإسلامية والبعثات الدبلوماسية في البلاد على المستوى الرسمي وذلك بدفع الحكومة للاهتمام أكثر بالتعليم العربي، إذ في السنغال سفارات لأكثر من عشرين دول ومنظمات إسلامية وعربية ولا يوجد فيها مركز ثقافي عربي واحد، في حين تنشط بعض الدول ذات اللغات المحدودة كالبرتغال مثلا في تعليم لغتها.[xl]

إنشاء إعلام عربي جاد، حيث منذ الاستقلال تشهد السنغال محاولات كثيرة في استعمال العربية في مجال الإعلام الرسمي، فتم إنشاء مجلة المسيرة عن طريق وزارة الإعلام وإدراج برنامج عربي في الإذاعة الوطنية، كما أن هناك محاولة أخرى في القطاع الخاص مثل جريدة الأصداء، ومجلة الوحدة، وجريدة الصحوة وبريد إفريقيا[xli].. والحقيقة أن هذه الجرائد لم تتمكن من أداء دورها المنشود في المجتمع السنغالي، ولم تستطع أن تجذب رأي عام القراء المستعربين، وقد يرجع السبب إلى ضيق مادتها الإعلامية، وإلى تباعد مواعيد إصداراتها، الأمر الذي يجعلها تتناول قضايا قد طوى التاريخ صفحاتها، وقد يرجع أيضا إلى ضعف الإمكانات، ولعل إنشاء النادي الأدبي الذي يرأسه الأستاذ فاضل غاي من إنشاء أنشطة أدبية وليال شعرية، ومسابقات كتابية قد يسدي عملا جليلا للمستعربين في العيش في وسط لغوي حي.

ثانيا- حلول متعلقة على ضوء أسس تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها[xlii]

الرغبة الواسعة في تعلم اللغة العربية: إنه لابد أن يكون للطلاب رغبة واسعة في تعلم اللغة العربية، فذلك يؤديهم إلى بذل جهدهم وكدهم ليحصلوا على المقصود، فتلك الرغبة أيضا تجعل الطلاب يحاولون الكلام للغة العربية بل حتى يتجنبوا الوقوع في الأخطاء أثناء النطق لأصوات المتشابهة والأصوات الصعبة أو الأصوات المفقودة في لغتهم الأم.

مهارة الاستماع: إن مهارة الاستماع تساعد الطلاب في تحقيق النطق لأصوات، ولها أهمية كبرى لدى الطلاب بصفة عامة، لدى طلاب اللغة العربية بصفة خاصة، فيجب أن يتعلموا كيفية الاستماع إلى الكلام منطوق بحيث يستطيعون فهم كل صوت ومخرجه حتى يتمكنوا من تطبيقه.

تعويد النفس على القراءة: قد ثبت ن كثرة القراءة تغذي الأرواح، وأن القراءة

أفصل وأسرع الطريقة لجمع العلوم والبيانات، بهذا وذلك أن كثرة القراءة تساعد

الطلاب في جمع العلوم الإسلامية منها واللغوية، هذ يعني إذا قام الطلاب بالقراءة

سيما عن الأصوات بوجه عام والأصوات العربية بوجه خاص، وفي تجنب الوقوع في الأخطاء أثناء النطق لأصوات.

مشاهدة الأفلام للغة العربية: إن مشاهد الأفلام للغة العربية تساعد الطلاب جدا في فهم كلام العرب وخاصة عند النطق بالأصوات فيستطيع الطالب التمييز بين أصوات متشابهة وإمكانه النطق لأصوات الصعبة والأصوات المفقودة في لغته الأم.

مساعدة الآباء على إجراء بيئة التعلم في المنزل: يقع عبء إدارة التعلم حاليا على

عاتق الآباء بشكل كبير، لنسبة لبعض الطلبة، ولكن حتى في أكثر الأنظمة ثراء،

سيكون العديد من الآباء مفتقدون للوقت ويتعرضون لضغوط، وهذا الضغط سيزداد فقط سيكون من الضروري إيجاد طرق لتقليل العبء على الوالدين على سبيل المثال طلب مساعدة الآباء على الاستماع إلى البرامج التي تجري للغة العربية في الراديو أو في التلفزيون، والإضافة طلب مساعدة الآباء على إدارة التعلم الذاتي.

الخاتمة

حاولنا في هذه الدراسة تشخيص حالة تدريسية اللغة العربية في بلاد السنغال، وقدمنا المعطيات الجغرافية للسنغال، والسياق التاريخي والسياسي ثم السياق الثقافي والديني، ثم وقفنا في الفصل الثاني عن أهم مراكز تعليم اللغة العربية في السنغال واستراتيجية فيها، وذكرنا أهم مشكلات التعليم العربي في السنغال، التي تتوزع بين مشاكل داخلية وخارجية، سياسية وتربوية واقتصادية، وفي الأخير قدمنا حلولا ومقترحات للنهوض بهذا التعليم، ما بين حلول عامة وحلول تتعلق بالمناهج المتعارفة في تدريسية اللغة العربية للناطقين بغيرها.

يعكس هذا عمق اللغة العربية وأصالة الثقافة الإسلامية في بلاد السنغال، الأمر الذي يستدعي إلى تكاثف الجهود والتنسيق الجماعي لمجاوزة العقبات التي تعرقل تطور اللغة العربية في السنغال، والتي تتمثل في مضاهاة السنغال للبلدان العربية في إتقان اللغة، وقد رأينا ثمرتها في الآونة الأخيرة، إذ شرفت الطلبة السنغاليون اللغة العربية في المشاركات الدولية شعر ونثرا كتابة وتأليفا.

قائمة المصادر والمراجع:

  1. ابن الأثير: الكامل في التاريخ، ط1، الناشر: دار الكتب العلمية، سنة النشر: 1987_1407.
  2. الأمين، إسحاق، منهج الإيسيسكو لتدريب معلمي اللغة العربية لغير الناطقين بها، منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، 2008م.
  3. بخيت الجاح، عطا المنان. ”التعليم الإسلامي في السنغال: نشأته، مؤسساته، قضاياه.“ ندوة التعليم الإسلامي في إفريقيا، 29/2-3/مارس 1988م جامعة إفريقيا العالمية، إصدارة رقم 14.
  4. جورتي سيسه: السنغال والثّقافة الإسلاميّة، سنة الطباعة 1989م، دار شمس المعرفة للطبع والنّشر والتوزيع، جمهورية مصر العربية.
  5. الحاج محمد المصطفى آن: الإسلام والثقافة في الجمهورية السنغالية، دكار،1978.
  6. خديم محمد سعيد امباكي: التعليم الإسلامي الوقع والمأمول في السنغال، دراسات إفريقية، عدد 24، 2000.
  7. د. حسن إبراهيم حسن: انتشار الإسلام في القارة الأفريقية، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة 1984 م.
  8. دحسن عابدين، الأستاذ تاج السر العراقي: معالم التاريخ الأفريقي ط3 دار النشر التربوي، الخرطوم 1979م.

الهوامش


[i]  ينظر: سيلا عبد القادر، المسلمون في السنغال بين معالم الحاضر وآفاق المستقبل، كتاب الأمة عدد12، ط 1، مط رئاسة المحاكم الشرعية والشؤون الدينية _ قطر_ ص: 24_25.

 

[iii]  ينظر: جورتي سيسه: السنغال والثّقافة الإسلاميّة، سنة الطباعة 1989م، دار شمس المعرفة للطبع والنّشر والتوزيع، جمهورية مصر العربية، ص14.

[iv]  ينظر: جورتي سيسه: السنغال والثّقافة الإسلاميّة، سنة الطباعة 1989م، دار شمس المعرفة للطبع والنّشر والتوزيع، جمهورية مصر العربية، ص14.

[v] هو الأستاذ جورتي سيسه من حملة الثّقافة العربية والإسلامية في السنغال، عمل مدرسا بوزارة التربية الوطنيّة قبل أن يلتحق بوزارة الخارجية السنغالية للعمل فيها، ثم عيّن فيما بعد السكرتير القائم بشؤون القنصليّة السنغالية بالقاهرة.

[vi]  ينظر: دكتور مهدي ساتي صالح، الإسلام وتداخل الثقافات في السنغال، ط1 دار جامعة أفريقيا العالمية للطباعة والنشر، تحرير عفاف محمد الحسن إبراهيم، 2006 ، ص 1_2

[vii] اشتهرت القبائل الصنهاجية “بالملثمين” لاتخاذ رجالهم اللثام، وقد الكتاب في سبب اتخاذهم له، وأوردوا في ذلك قصصا وحكايات مختلفة، لكننا نعتقد أن لهيب الصحراء هو الذي أجبرهم على التوقي باللثام، ثم صار بعد ذلك عادة توارثت عبر الأجيال.

[viii]  ينظر: ابن الأثير: الكامل في التاريخ، ط1، الناشر: دار الكتب العلمية، سنة النشر: 1987_1407،ج9، عدد المجلات11،ص618

[ix] ينظر: سعد زغلول عبد الحميد: تاريخ المغرب العربي إلى قيام دولة المرابطين ط1، منشأة المعارف_ مصر_ 1995 ص 512

[x] هذا النهر هو الفاصل بين موريتانيا والسنغال، وكان يسمى نهر صنهاجة، ثم نهر سنغانة، ثم أطلق عليه الأوروبيون نهر السنغال وهو الاسم الحالي له ابتداء من القرن 16

[xi] ينظر: سيلا عبد القادر: المسلمون في السنغال ص34

 [xii]  ينظر: CLARKE P WEST AFRICA AND ISLAM  P 33 LONDON 1982

[xiii] المصدر نفسه ص 34

[xiv] المصدر نفسه ص34

[xv] المصدر نفسه ص34

[xvi] ينظر:د. حسن إبراهيم حسن: انتشار الإسلام في القارة الأفريقية، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة 1984 م ص99.

[xvii] ينظر: دحسن عابدين، الأستاذ تاج السر العراقي: معالم التاريخ الأفريقي ط3 دار النشر التربوي، الخرطوم 1979م ص: 45.

[xviii] ينظر: دكتور ماتي صالح: الإسلام وتداخل الثقافات في السنغال، ص28

[xix]  سِجِلْماسَةُ مدينة تاريخية كانت تقع وسط واحة كبيرة جنوب الأطلس الكبير، مقابلة لمدينة الريصاني في تافيلالت الحالية، واليوم تعتبر المدينة موقعا أثريا يضم الآثار والخرب والأطلال، وتقع ضمن حدود المملكة المغربية الحالية.

[xx] Dr Amar samb. I’Islam El I’ Histoire du Senegal Bulletin D I.F.A.N . T. XXXX.111 No 31

[xxi] J.s. Trimingham. Islam in west Africa Oxfordm,1962

[xxii] Dr. Amar Samb. Op. cit

[xxiii]  ينظر: الحاج  محمد المصطفى آن: الإسلام والثقافة في الجمهورية السنغالية، دكار،1978،ص 10

[xxiv] Dr. Momdou Nadiaye. I’Enseignement Arabo_Islamique au Senegal,P.10

[xxv] ينظر: عبد القادر سيلا: المسلمون في السنغال، ص 144.

[xxvi] ينظر: خديم محمد سعيد امباكي: التعليم الإسلامي الوقع والمأمول في السنغال، دراسات إفريقية، عدد 24، 2000، ص122

[xxvii] المرجع نفسه.

[xxviii]   مام محرم مبكي (جد الشيخ أحمد بمب من جهة لأب). كان قاضيًا معروفًا ومؤسس Mbacké

[xxix] المرجع نفسه، ص122.

[xxx] المرجع نفسه. ص123.

[xxxi] نفسه، ص123.

[xxxii] نفسه، ص123.

[xxxiii] المرجع، ص123.

[xxxiv] المرجع نفسه، 123

[xxxv]   ينظر: الوُدْغِيري، عبد العلي. اللغة العربية والثقافة الإسلامية بالغرب الإفريقي وملامح من التأثير المغربي. منشورات (FLSH) جامعة محمد الخامس-أكدال. ط.1. (الدار البيضاء: مطبعة النجاح الجديدة، 2011)، 105.

[xxxvi]  ينظر: عامر صامب، الأدب السنغالي العربي، ج1 ص290.

[xxxvii]   ينظر: الأمين، إسحاق، منهج الإيسيسكو لتدريب معلمي اللغة العربية لغير الناطقين بها، منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، 2008م. ص23.

[xxxviii]   ينظر: مهدي ساتي صالح، مؤسسات التعليم الإسلامي والعربي في السنغال، شعبة البحوث والنشر، المركز الإسلامي الإفريقي 1410هـ/1990م، إصدارة رقم 7، ص75.

[xxxix]  ينظر: مهدي ساتي صالح، مؤسسات التعليم الإسلامي والعربي في السنغال، 74.

[xl]  للتفصيل ينظر: بخيت الجاح، عطا المنان. ”التعليم الإسلامي في السنغال: نشأته، مؤسساته، قضاياه.“ ندوة التعليم الإسلامي في إفريقيا، 29/2-3/مارس 1988م جامعة إفريقيا العالمية، إصدارة رقم 14. ص156.

[xli]   ينظر: فال، موسى. اللغة العربية في نظام التعليم السنغالي. ط1. فبراير 2005م، ص 180.

[xlii]  ينظر : الأمين، إسحاق. منهج الإسيسكو لتدريب معلمي اللغة العربية لغير الناطقين بها، ط2، (الرباط: منشورات الإسيسكو، 2008م)، 21-117.