د. محمد سعيد محفوظ عبد الله
توطئة
والهدف من هذا البحث، هو استشراف مراحل التأويل، واستكناه ارتدادها على المجاز، ومن ثمَّ الوقوف على حقيقة تموقع المجاز من تلك المراحل .إنَّ القارَّ في الأذهان أن أمرًا كهذا من المحال أن يتدافع ويتسارع هكذا غفلا ساذجا؛ إنما الَّذى تطمئن إليه النفس أنه يرتكن إلى مراحل ، تفتقر كل مرحلة للتي تليها؛ تعضدها، وهي مراحل لا يكاد يختلف عليها نفر من أولئك الباحثين العاملين في هذا الحقل إلا في مرحلة أو مرحلتين، على أقصى تقدير، قد تدمجا معا.
والسّؤال الذى تُثيره الدّراسة وتجتهد في فك مغاليقه :ما حقيقة المجاز, وكيف يأتي مُتقاطعًا مع قيمة النّظريَّات والمناهج التَّأويليَّة الحديثة ؟
موضوع الدراسة:-بلاغة المجاز وعلاقة ذلك بالتَّأويل.
منهج الدراسة :-المنهج الوصفي الاستقرائي.
وهذه الدراسة تتكون من مبحثين:-
المبحث الأوَّل: – بلاغة المجاز بين مراحل التّأويل و التأويلية
المبحث الثاني:- بلاغة المجاز وحلقة التأويل
المبحث الأوَّل
بلاغة المجاز بين مراحل التّأويل و التأويلية
القار في الأذهان أن أمرا كهذا من المحال أن يتدافع ويتسارع هكذا غفلا ساذجا؛ إنما الَّذى تطمئن إليه النفس أنه يرتكن إلى مراحل ، تفتقر كل مرحلة للتي تليها؛ تعضدها وتشد من أزرها تقويها، وهي مراحل لا يكاد يختلف عليها نفر من أولئك الباحثين العاملين في هذا الحقل إلا في مرحلة أو مرحلتين، على أقصى تقدير، قد تدمجا معًا.
وأيًا ما كان الأمر، فهذه المراحل هي :-
- مرحلة ما قبل الفهم: ( قبلية الرؤية والفهم “الأحكام المسبقة” ):
فالنص لا يبدأ من فراع؛ إنما يستند إلى معرفة أولية موطئة له، وفي ذات اللحظة نحن لا نلتقي النص الأدبي ولا نجابهه خارج إطار مكاني؛ بل تحكمنا آنية زمانية وحيز مكاني ولا نتلقاه بصمت قاتل؛ بل نبادئه بأطروحات وأسئلة استكشافية، هي كلمات مفتاحية، هي علامة ولوج داخلنيته، هي وثيقة وجودنا ووجوده وعقد مكتوب شفاهة ضمني، وهي قطرة لشلال هادر من استجابات، لا تني تتوالد لدى ذهن المؤَّول، وقد طفق يرتبها وفقا لانطباعاته الميتافيزيقية السيكولوجية، مرتهنة بسياحاته المرتدة تأويلًا، الَّذي قد زاحمته أفكار استبقته لذينك النص .
وأنا لا أذهب لما ذهب إليه ( ريكور ): من تسمية هذه المرحلة، ب: (مرحلة ما قبل الفهم)(1) ؛ إذ المؤَّول قبل الفهم؛ سينطلق إذن من قاعدة فوضوية عبثية، لا تمتلك الأدوات والأطروحات والآليات، مرحلة خالية من أية حمولات . غير أنه من البدهي أن يكون المؤَّول في هذه المرحلة وقبل أن يدلف أرضية النص وتدجين حراثته الأولى، بات وفي مخيلته مخاتل العملية التَّأويليَّة : من ظروف ومعطيات عصره، وتجلياته الثقافية والَّذي أذهب إليه وأؤمن به أن أنعت هذه المرحلة ب 🙁 الفرضية ) أو (الحدس) أو ( التخمين ) أو ( التنبؤ ) أو ( الأحكام المسبقة )، أو: ( أولية الفهم)، كما آمن بذلك هيدجر، وغادامير و إيزر و إيكو ، وقد نعت د/ عزيز التميمي ، هذه المرحلة، ب: ( الوصف أو التوصيف )، وهي “تحديد مجموع المواصفات والشروط والعلاقات، أي تحديد المستوى السيما نطيقي، ومعرفة الطبقة النوعية التي ينتمي إليها الجنس الأدبي” .(2)
إن تأويل أي نص، يفترض معرفة أولية بخصائص، وتقنيات الجنس الأدبي الَّذي ينتمي إليه النص؛ إذ إن التَّأويل ليس “رجما بالغيب، أو قولا اعتباطيا لنصوص على وفق هوى المؤَّول، بل هو نشاط ينطلق من ظاهر النص إلى الخفايا التي ينطوي عليها بسبب نظامه وتوتر لغته، وإيجازها وتكثيفها” .(3)
ومن قسمات هذه المرحلة:
- هذه المرحلة، تجعل النص موجودا بالقوة.
- على المؤَّول في هذه المرحلة أن يستفيد من الدراسات اللغوية والبنيوية؛ يفتح منفذًا يقضي على الاضطراب الحاصل بين عالم النص وحقيقته .
- هذه المرحلة، معبر للتواصل، وجسر بين الكتابة والقراءة .
- هذه المرحلة، أرضية أولانية للتأويل.
- ربما غاب، وانمحى عنها بعض الدقة والموضوعية .
- ليست نهائية الأحكام فهي قابلة للتعديل، والسلب والإضافة، كلما أوغلنا في بنية النص
- المؤَّول في هذه المرحلة، يجب أن يكون على وعي ثقافي وحضاري بمعطيات هذا الجنس الأدبي .
كما أن فعل القراءة: “تفاعل مركب بين أهلية القارئ وبين الأهلية، التي يستدعيها النص ؛ لكي يقرأ قراءة اقتصادية” .(4)
- مرحلة التفسير:
هي تالية لمرحلة الفرضية والحدس والتنبؤ؛ حيث يقرن المؤَّول ما فرضه ويختبر مدى صحته ومعقوليته، يقرنه بالمنتوج الأدبي ذي الترهين الحالي، ويتولاه بالشرح والتفسير، والتعليل والتحليل.
ولكي تكون هذه المرحلة ناجزة ماضية، عليها التسلح بسياجات هي:
- ألا تقر بمطلقية الأحكام المسبقة؛ بل تديرها وتجعلها قابلة للنقاش على نطاق مائدة التَّأويليَّة، وألا تجعلها النموذج والمنهج، اللذين لا تحيدان عنهما طرفة عين.
- أن تنتخب منها ما يخدمها، فحسب.
- إنها مرحلة استنزال الأحكام المسبقة أرض الواقع التأويلي، وإمكانية امتحانها بين الوجود بالقوة، والوجود بالفعل .
- هي مرحلة بيْن بيْن، بين الغرض الخيالي والتأويلي المعايش، بين أوليات الفهم والفهم ذاته.
- هي مرحلة تعديل الأحكام المسبقة: بالسلب أو الإيجاب، بالنفي أو الإقرار، بالحذف أو الإضافة .
- الأحكام المسبقة: جانب نظري، والتفسير جانب موضوعي .
- الأحكام المسبقة ، شمولية عامة مستمدة من أطر عدة ثقافية تاريخية، اجتماعية مطلقة عامة، بيد أن التفسير: ذاتى داخلى خاص، مقيد بالنص مركز مكثف .
- الأحكام المسبقة المادة الخام للعملية التَّأويليَّة والتفسير هي حركة التصنيع التأويلي .
- التفسير، منه الصالح والطالح، المقبول والمردود، الصحيح والفاسد، وتسيطر عليه الدقة والانضباطية اللتان تفتقدهما وتعوزهما الأحكام المسبقة في كثير منها .
- هي مرحلة تستخدم فيها “المقاربات الموضوعية العلمية : الفيلولوجيا والنقد الأدبي والتاريخ واللسانيات والسيميائيات ؛ من أجل خدمة الفهم والإدراك”.(5)
- هذه الأحكام، هي التي كونت العقل، إنها أكثر آفاقا، أكثر انتاجا.
- هذه الأحكام نوعان :-
- أحكام مسبقة، لها الصدارة أو السلطة .
- سريعة النفوذ، لا تؤتى أكلها (6).
- هذه الأحكام كانت مرادفة للخطأ، إذا لم يجدوا منحا قويما يقف مرصادا أمام هذا النوع من الخطأ، ولقد استطاع ديكارت باكتشافه لفكرة المنهج أن يواجه ويجابه هذه الأحكام، ولا سيما النوع الثاني منها، سريعة النفوذ؛ لأنها تجعل عقلنا عاجزا عن اكتساب المعرفة .(7)
- هي مرحلة ربط الإنسان بالتاريخ، تجاوز الظاهر إلى الباطن، وهنا تلتقى الهيرمينوطيقا الريكورية مع السيميوطيقا الكريماصية على مستوى المحايثة ورصد شكل المعنى،واستكناه المعنى : داخليا وبنيويا سرديا ، واستثمَّار مفاهيم اللسانيات .(8)
إنه الفعالية التأملية، التي ترتفع عن المرحلة السابقة، بالعقلانية والمنهجية والمنطقية بإعمال الفكر، وهي مرحلة، من أدق مهامها: إزالة الغربة والدهشة والاستعجاب من المرحلة السابقة، واستحضار الألفة المفتقدة بين المؤَّول والنص، هي خيط رفيع بين هذا وذاك.
مهما يكن من أمر، فإن التفسير لن يسلم من مهاوى الخطأ ومزالق المحظور؛ وآية ذلك أن ثمَّة نفرا يرون بوجوب الأخذ بثلة تفسيرات، بينما يأبون ويقاطعون حفنة من تفسيرات أخرى حيث يداخلنها بعض الهوى، ولذا فإننا نزغم ههنا أن التفسير لا يزيل كل الغموض ونتيجة لذلك قد لا يصل التَّأويل للمدى المطلوب؛ لذا كانت (مرحلة الفهم) ، التي تسلمنا إياها (مرحلة التفسير) تلك ؛ ولكى نجنى ثمَّار تعاضد التفسير والفهم، فلابد من “تحقق الانسجام والترابط”(9) ولابد وأن يسمح التفسير بأرضية من التوقع والتنبؤ.
- مرحلة الفهم والتَّأويل:-
والفهم تدبير عقلي “لجملة من الدلالات والمعاني للظاهرة الإنسانية في إحداثياتها المتحركة”(10) ويتواجد المؤَّول حثيثا على ساحة النص الإبداعي، عبر أطروحاته وحدوسه وتخميناته وأسئلته المفتاحية الشفرة لهذا النص الإبداعي، ثمَّ يستغرقه ذياك النص رويدا رويدا خلال الشرح والتفسير والإيضاح والاستيضاح، ثمَّ تتبدى عملية الفهم كمنتوج طبيعي وأثر تالٍ للمرحلتين السابقتين، وتعقيبا على مافات، واستدراجا لكل ما هو آتٍ، متى ثقف عوده التخميني التفسيري ومتى وقف إزاء زعازع العبثية الفوضوية للأحكام المسبقة غالبا ، ومتى استشعر جدوى التفسير، متى ذلك كله ؛ فالمؤَّول يرنو إلى التّأويل و يحيل على سيرورات تأويلية وصيرورات جعلية لا متناهية تشتم فيها الأبدية ويرسل تساؤلات توطئة لمقدمات تفسيرية، هي علل الفهم أنئذٍ ينبرى فكره ولباب عقله في تأويل ما قرَّ ووكر، تأويلا يصطبغ بصبغة العصر على ضوء معطيات ومدخلات ثقافية راهنة ذات لحظة تأويلية؛ تأويلا يفي بشواغل فكرية تستغرق كل هواجس هذا الَّذى يطالع ويتصفح ذاك العمل الإبداعي، هي مرحلة إذن تمثل مركزا وقطبا لكل الطروحات يتجاوب فيها الداخل والخارج ،وتنصهر الذات بالغير، والأنا بالآخر ويتمازج الظاهر بالباطن ، ومتى غادرت هذه المرحلة خط التماس بين كل أولئك ، ومتى فرغت من إذابة حوائل صلبة شطرت هذا عن ذاك، ثمَّة التأويلات الثاوية الكائنة عند نقطة التقاطع بين الصياغة الصورية الداخلية للعمل، وبين إعادة التصوير الخارجية للحياة وهي تحاول أن تكتشف ملامح جديدة للمرجعية ليست وصفية وملامح للاتصال ليست نفعية وملامح للتأملية ليست نرجسية هذا مخطط لتلك المراحل :-
مرحلة الأحكام المسبقة مرحلة التفسير
سيرورة تأويلية
مرحلة التأويل مرحلة الفهم
إن الغائية من التَّأويل، هي: “أن يفهم المؤَّول الكاتب أكثر مما فهم هو نفسه”(11) .
ويتوقف الفهم على مدى نجاعة التفسير، وهو ما يتوقف على مدى قوة نجاحات وانجازات مثارات الأحكام المسبقة، ولكن قد يثار تساؤل وهو من الأهمية بمكان ألا وهو، ما العوامل التي تساعدنا في العصمة من سوء الفهم ؟ وتجنبنا إياه ؟ وسنبسط الكلام في ذلك في وجازة ووجاهة مؤداها :-
- التمييز بين الأحكام المسبقة، الغث منها والثمَّين، الردئ والجيد .
- منطقية التفسير للمنتوج الأدبي، وموازنته بتفسيرات سابقة وراهنة ولاحقة .
- أن يرتدى زيا المفسر رداء المؤلف، من حيث معايشة تجاربه ورؤاه، وتأثير العوامل المحيطة به جامعا في إهابه لم، كيف، ماذا ؟ أو بتعبير إيكو “أنا بحاجة إلى قارئ يكون قد مر بنفس التحارب التي مررت بها في القراءة أو تقريبا” .(12)
- فهم الفراغات والبياضات والفجوات بنفس القدر الَّذى يفهم به النص المكتوب، أى إنه على المؤَّول أن يتعامل مع نص ظاهر وآخر باطن، مع الذات والآخر، مع الوجود والعدم، الموجود مع الموجود بالقوة، والموجود بالفعل واضعا في الحسبان اندماج ذات بينهما وأنهما أمشاج متآلفة لا متباينة.
- وجوب علاقة طردية، بين صحة التأويلات وانضباطها ودقتها، وليس كميتها وصحة الفهم، فكلما كان الفهم مستقيما حكيم النسيج متينه، كلما كان التَّأويل حصيفا، لا وهي، لا خلل.
- توافق الفهم مع سائر الأفهام ولا يند عنها؛ إلا ريثمَّا يميط اللثام عن إرادات منتقبات .
- أن يكون صادرا عن أولى دراية، ودربة، ومران ومصقولا بالحيدة الموضوعية، مشفوعا بعلل تتكيف مع مدخلات ومخرجات الإبداع متجنبًا تباريح الهوى .
- يكون معبرا عن صاحبه ومنبثقا من قناعات ميتافيزيقية أنطولوجية يتواءم “والدازين (أو الوجود الإنساني )، كما قطع بذلك هيدجر” .(13)
- آنية الفهم، وأن يكون ذا تحيين دلالي لاستراتيجية وقناعات النص.
- لئن سعى إلى استكناه مقصدية المؤلف والنص، وإيحاءات ودلالات البياضات، وأحال على حمولات لا نهائية، فهذا هو، وهنا “ننتقل من مرحلة البحث عن الشفرة والواقعة للحديث عن الإحالة والمرجع والذات والمقصدية والرسالة، وبهذا يكون بول ريكور قد وفق بين هيرمينوطيقا التفسير، وهيرمينوطيقا الفهم”(14) . إن هذه المرحلة هي مرحلة تمثل المؤَّول الجديد في صورته النهائية، التي تضاف إلى مجموعة المعاني المكتشفة المؤَّولة للنص ، وبهذا “لا يقتصر النص على أن يكون مبتدئا بالعنوان ومنتهيا بالجملة الأخيرة ، إنما يتواصل بفضل أجيال الشراح والمتأولين” (15).
- حاول شلايرماخر الوصول إلى صحة الفهم بوضع آليات تجنب المفسر سوء الفهم اختصرها في منهجين(16) :-
- المنهج اللغوي: – وهذا سبيله : الفهم الشامل الدقيق لأنواع الألفاظ ، والصور اللغوية محاولا تلمس المعنى الدقيق بمساعدة طرائق اللغة .
- المنهج النفسي:- وذلك لاستحالة معرفة المفسر الإطار اللامحدود للغة وامتلاك ناصيتها مستوعبا بيلوغرافيا المؤلف، حياته الفكرية العامة والدوافع والحوافز، وما هو ذو قوة دافعة له للتعبير والكتابة، أى يتناول النص في سياق حياة المؤلف والسياق التاريخي المنتمي إليه النص ، ولما كان النفاذ إلى شفافية النفس البشرية ضربًا من الخيال، وبات من العسير ذلك، ولما كانت ثقافة المفسر اللغوية عاجزة قاصرة عن إدراك الفهم السديد ، ولما كان أيًّا منهما عييا عن اشتراع الفهم الموجه، كان الإلمام بهما ضروريا ريثمَّا يقدح زناد فكره ، حتَّى إذا طفق يشارك المؤلف في دراسة الأبعاد النفسية والسلوكية التي عملت على ترسيخ مرتكزات النص، مستفيدًا من المنظومة الإرثية التي ارتدت عاملا حاسما فعالًا حيويًّا في الفهم والتأويلي ؛ حيث يغدو المؤلف والمؤَّول سواء بسواء حينئذ فقط نرى نجاعة مسعاه ، الَّذى اختطه في وجوب الأخذ بالمنهجين معًا .
- ذات الشأو أمسى واضحا لدى غادامير؛ حيث يؤسس لنوعين من الفهم :-
- الفهم القصدى : فهم مقاصد وأهداف المؤلف(17) ، وهو المستوى الأولى للفهم ، عند دلتاى ( المستوى الأدنى للفهم )(18) فهم مباشر يتمثل في فهم تعبير ما ، عما يعبر عنه من خلال إدراك العلاقة الرابطة بينهما، كتعابير الوجه الدالة على الفرح والحزن والمرض أو ابتسامة على شفاه حزينة .
- الفهم الجوهرى : فهم محتوى الحقيقة ، التي تتكشف بقراءة النصوص(19) ويقابله المستوى الثانى للفهم أو المستوى الأعلى للفهم ، لدى دلتاى(20) :- حيث يزيد على المستوى الأدنى الأولى؛ حيث يتوجه إلى المعنى المعبر عنه، والبحث عن علاقته بأشكال أخرى لها علاقه به وبالسياق العام الَّذى يساعد على إدراك أبعاد المعنى ودلالته ويتوجه إلى العملية الأساسية في الفهم والمتمثلة في ربط الأجزاء بالكل، والكل بالأجزاء في وحدة مركبة كلية .(21)
وعلى هذا فإن المستوى الأدنى للفهم، هو أعلى درجات التفسير، حتَّى إذا ما ارتقى القارئ إلى المستوى الأعلى، المستوى الفوقى في نحت أبعاد العلاقة بين التعابير ودلالتها المعناتية، فهو بذلك يتجه إلى التَّأويل مباشرة ، وكأنى بالفهم لديه يتماثل ومقولة:- ( المعنى
و معنى المعنى ) فهو أيضا : ( الفهم وفهم الفهم ) وهو ما عبر عنه د/ عادل مصطفي في كتابه: (منحة الفهم مدخل إلى الهيرمينوطيقا) (22).
- وهاك فيلسوف آخر قد شغله تحييد الفهم،المزالق والأخطاء ومحاولة عزل الفهم عن أى سوء مظنة السقطات، إنه 🙁 دلتاى ) وقد ارتكز على ضربين من التجربة هما :-
- التجربة المعيشة ، وخص بهما العلوم الإنسانية .
- التجربة العلمية ، وهي تميز العلوم ذات الطابع العلمي الصارم ، وهذا يدلك على أن الفهم والتَّأويل غديا ( تجربة حياة )، أو قل ( حياة معاشة ) .
- مهما يكن من شئ ، فإن “الإسقاطات الفكرية التي مارسها وزاولها الكاتب على واقع معين شكَّل جزءا من تجربته الحياتية؛ فدون مجموعة الارتدادات الذهنية أو مجموعة الاستفزازات والاستقراءات والاستنطاقات فهي وثيقة سميت بالنص أو الأثر”(23) فحينما تستولى على المؤَّول هذه الأبعاد جمعاء ، فإنها تغذى ينابيع تأويلاته، ومن ثمَّ يضطلع بمهامه التَّأويليَّة خير اضطلاع، منتجا حلقة تأويلية لها قدم صدق، أو كادت .
وهذه المرحلة، تقابل مرحلة التطبيق لدى غادامير،ومن خلالها “يتم استعادة المعانى التي أسندت إلى النص نفسه في آفاق تاريخية متضمنه تأويلات الآخرين وقراءاتهم، يستخلص منها ما يلائم أفقه الراهن، وبهذا المعنى يصبح النص الأدبي وغير الأدبي قابلا للتحيين والتطبيق في أحوال وأزمان مختلفة وقابلا لأن يأخذ معانى جديدة بحسب الوضعية التاريخية للمؤول وأحكامه”(24) .
- مرحلة التقويم :-
وهي مرحلة تثمَّين وطريقة منهجية ونتاج طبيعي لكافة المراحل السابقة ، من خلالها يستطيع المؤَّول معرفة: أين يقف وحقيقة ما سبق وإلى أى مدى حققت هاتيك المراحل الثمَّرة المرجوة والفائدة المبتغاة ؛ عسى أن يتم توجيه النصوص وجهتها الملائمة، ومن ثمَّ فهي مرحلة تهذيب وصقل، إنها رداء تشتمل في أعطافه وأكنافه مقدار ما أسهمت به كل مرحلة على حدة وما يجب أن تكون عليه، ولماذا أتت بهذا الإطار وما نصيبها وقسمتها في التَّأويل؟ وهل لابد وأن يحوى التَّأويل هذه المراحل ، أم كان يجب اختصارها وتركيزها في أقل من ذلك ؟ وما مقدار المنهجية في كلٍ؟ وهل تموضعت كل مرحلة في وضعها المتاح لها، المصرح به ؟ أم اختل هذا النسق واضطرب، وزايله التنضيد؟ ثمَّ إننا يجب وضع الأسس والقواعد التي من شأنها تصيَّرها ناهضة ناجزة تؤتى أكلها.
فهذه المرحلة تتولى الدفاع عن من يشكك في تناسق النظرية التَّأويليَّة، وتناسب أجزائها “فالبعض يشكك في سيرورة العملية التَّأويليَّة، وفي نتائجها على اعتبار أن التَّأويل ما هو إلا إعادة كتابة النص من قبل المؤَّول، وأنه يخلو من وثوقية الإجراء العلمي، ويتحلل من ثنائية :- الذات / الموضوع، والتي تطبع تحصيل المعرفة الحقه؛ لكى يبقى ممارسة فنية تخضع للمهارات الشخصية، وليس ممارسة تحليلية ممنهجة (25).
والواقع الَّذى لا مراء فيه أن الانتقاد السابق ، جانبه الصواب وخالطه الهوى؛ إذ يجعل العملية التَّأويليَّة خبط عشواء ويأخذ على العملية التَّأويليَّة أنها تتحلل من ثنائية: الذات/الموضوع وفاته أن هذا التحليل أساس للعملية التَّأويليَّة وأنه جوهرها؛ إذ لا بد للمؤول حين قراءته هذه الصحائف النقاشة من أن يتخلى عن ذاته العادية ، وكذا عن المعنى المعلن في الموضوع الماثل أمامه وأن يتقمص الذات المؤَّولة: تلك الذات، التي تذوب مع المعنى المدرك في النص من خلالها، لا من خلال ذات بسيطة ، لا تدرك كنه النص، بل ليس لهذه “الذات وزن يذكر إلا بمقدار ما يتكشف من خلالها ، معنى الوجود” (26).
وعلى هذا، فإن هذه الذات تصبح غير ذات موضوع، إلا ريثمَّا تستحيل ذاتًا فاعلة ، فإن هذه تبلور المعنى الحقيقي للنص “أما نظرية التأثير، فهي تلغى الثنائية بين :-الذات /الموضوع، ليحل محلها التأثير الجمالي ، الَّذى ينجم عن التداخل ، بل الالتحام بينهما … وتدور العملية من أولها إلى آخرها بين “بعدين : بعد فنى ، يختص بالنص وصنعته اللغوية فوق كل شئ ، وبعد جمالي يختص بنشاط عملية القراءة، وكلا البعدين يذوب في الآخر من خلال عملية التأثير”(27) .
أرأيت أن الإلغاء يتم من أجل الإحياء: إلغاء الذات التي لا تعى شيئا، وإحياء لها في صورة ذات، سمعت فوعت، إلغاء الموضوع الَّذى ليس فيه كبير عناء، وإحياء لموضوع ثرى قد استجاب لكثير من التأويلات والإشكاليات، التي لطالما عنت لأكثرية الباحثين.
تعقيب على هذه المراحل :-
ثمَّة أمور استرعت انتباهي وهي :-
- عدم اتساق هذه المراحل لدن الكثرة الكاثرة من الباحثين؛ فالمرحلة الأولى عند طائفة بمعنى الوصف أو التوصيف(28) بينما يقابلها عند ملأ ثان: (مرحلة ما قبل الفهم)(29) ، وعند ثالث : (الأحكام المسبقة) (30).
- ما ذهب إليه د/ جميل حمداوى ، أن أولى المراحل لدى ( بول ريكور ) 🙁 مرحلة ما قبل الفهم )(31) ، وعلى نقيض ذلك تماما نجده عند د/ عائشة عويسات كما تزعم أن أولى المراحل لدى ريكو: (مرحلة الفهم)(32) والمتفطن اليقظ الحذر يجدها كما قال د/جميل حمداوى، وليس كما ذهبت د/ عائشة ، مما يداخلن القارئ العادي البسيط شئ من الشك والاضطراب؛ لتخبط الباحثين .
- لابد مما ، ليس منه بد، الركون إلى المصدر الأساسى؛ لاستقاء الفكر .
- المرحلة الأخيرة لدى ( ريكو ) تزعم د/ عائشة عويسات، أنها المسماة ب: ( إعادة التصور )، بينما لدى د/ جميل حمداوى: ( مرحلة الفهم )(33) ، ولقد جانب د/ عائشة، الصواب فيما ذهبت إليه، وإن كان الأكثر نجاعة لدىّ أن تسمى هذه المرحلة ب :- ( مرحلة الفهم والتَّأويل)، ولقد ارتأى د/ جميل حمداوى ، أن ثالثة المراحل لدى غادامير: ( التطبيق ) تقابل وتوازى ثالثة المراحل لدى ( ريكور ) 🙁 الفهم ) وهذا قول مردود عليه؛ إذ إن مراحل غادامير لا تتوافق مع (ريكور) ، فأولى المراحل لدى غادامير هي: ( الفهم ) ، بينما أولاها لدى ريكور ( ما قبل الفهم ) ومن الغريب حقا أن كل ما يندرج تحت هذه المرحلة مضمونا ، يتفق مع مرحلة :
( ريكور ) وكان من الأحرى به أن يسمها بمرحلة: ( ما قبل الفهم ) أو ( الأحكام المسبقة ) فهو يعنى بالفهم، كل الأحكام المسبقة التي توجد في وعى المؤَّول وهو بصدد مواجهة النص لمعالجته(34) ، والفهم لديه أيضا لا يمثل “فعل ذاتية الفرد بل هو وضع المرء لنفسه داخل سيرورة التراث، التي ينصهر فيها الماضى بالحاضر باستمرار ويحوى العناصر التي تربطنا بالتراث، مثل الفهم المسبق والتصور المسبق للكمال والعلاقة بالحقيقة”(35) وكذلك التَّأويل لديه يقابل التفسير لدى : (ريكور)؛ إذ المعنى ، هو هو، أما “التَّأويل فيعنى به ذلك الوجه المجلى أو المحك الفعلي ؛ لأنه يطرح صلاحية تلك الأحكام مع معطيات النص أو عدم صلاحيتها”(36)
لقد كان من المأمول من غادامير أن ينعت مرحلة ( التطبيق ) تلك ( بالتَّأويل) وكذا يستزيد في مرحلة الفهم هذه بكلمة واحدة ( الفهم والتَّأويل) كما أشرنا بذلك آنفا .
- أخيرا لسنا مع د/ عائشة عويسات حين صدرت تلك المراحل، بمرحلة الفهم(37) وجعلتها ريادة هاتيك المراحل؛ فالفهم لا يتدافع هكذا ولا يتيسر بداءة، فحينما يستحيل الفهم الابستيمولوجى فهما أنطولوجيا وحين يغدو في (الكوجيتو الديكارتى) فهو بلا غضاضه تأويل.
- صفحة القول : إن منطقية هذا الترتيب لتتبدى في معقولية ابتدائها بالأحكام المسبقة التي تمثل ذريعة الاعتداء بكينونة النص، فهي بمثابة التدريب والتهيؤ لاستقبال معالم هذا الإبداع، على مكث ، كما أنها بمثابة منح بعضا من الوقت لترتيب وإعادة تنظيم معطيات العقل، مقابل ذلك النص ، ثمَّ مرحلة التفسير: تفسير، النص الإبداعي مشفوعة ومشمولة تلك المرحلة بفيوضات تلك الأحكام، التي هي محددات لرؤى هيولية هلامية، رويدًا رويدًا تنبلج سدمية معالم تلك المراحل، والتفسير منصبُّ على ما أراده المؤلف فقط ، ولكن ليس هذا هو المبغى، ليس هذا هو المراد ومن ثمَّ يشرع المؤَّول بعد أن وطأت قدمه أرضية النص وفضائه واعتلى المتن النصى، يشرع في ملء الفراغات والبياضات، إن(مرحلة التفسير ) هذه تتكفل باستجلاء المكتوب، أما (مرحلة الفهم )، فهي تستجلب وتستحضر ذات الآخر وترغمها على الإقرار بما خالجها من همهمات نفسانية، وإن شئت فقل بانطباعات تلك الذات، حيال ما يمكن أن يقال ولا يقال، هذه هي حقيقة تلك المراحل، ليس إلا ، ولكن الصواب كل الصواب قد جانب د/ بن صافي نزيهة، حين التأكيد على أن الفهم لدى دلتاى قائم على التفسير تارة والتَّأويل تارة أخرى(38) ؛ إذ ليس من المعقول أن يؤول الإنسان أولا، ثمَّ يفهم ثانيا، ثمَّ يفسر ثالثا؛ فالتَّأويل مرجعه التفسير فالفهم ، وبذا يكون هذا الترتيب ليس منضدًا .
- جملة القول : إن مسميات هذه المراحل، لا تريم إلى مضمونها، أضف إلى ذلك أن نتاجها يسير وفق نهج لا يعدوه.
ولو استقصينا دقائق هذه المراحل في المجاز المتمثل في قوله تعالى :
” وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا “(39)
وقلنا ما علاقة السر بالوطء بالعقد؟ فإننا بذلك نستلهم أولى تلك المراحل والتي أدعوها ب (الاستكشافية الحائمة ) وكان لابد مما ليس منه بد أن نتسارع طارقين ما يتلوها من مراحل ألا وهي التفسيرية، التي خفت في تبيان ذلك، حين قولها: إنه تعالى تجوز عن الوطء بالسر إذ لا يقع غالبا إلا سرا، فلما لازم السر في الغالب سمى سرا ، ثمَّ تجوز بالسر عن العقد؛ لأنه مسبب عنه، فمسوغ المجاز الأول، الملازمة، ومسوغ المجاز الثانى، السببية، وهو تعبير باسم المسبب الَّذى هو السر عن العقد ، الَّذى هو السبب ، والمعنى لا تواعدوهن عقد نكاح كما سمى عقد النكاح نكاحا؛ ىلكونه سببا في النكاح، ومرحلة التفسير هذه أدعوها ب: ( مرحلة ما قبل الفهم ) ، ثمَّ يأتى الفهم، والمرحلة المتعمقة ( مرحلة التَّأويل)، حيث استوعب هذا المجاز مجازين هما :- مجاز الملازمة ومجاز السببية، فهما مجازان، إنه مجاز المجاز .
إن كل مرحلة حتما ستسلمنا للتى تليها طواعية وآليا، حتَّى نصل إلى المرحلة النهائية مرحلة التقويم التي تبين أن المجاز السابق ليس واحدا، بل يحوى مجازين؛ نظرا للتشابك والتداخل بين ذات بينهما وتمازج أواصر، بات من الصعب الفصل بينهما ، ولا يمكن فهم أحدهما بإقصاء الآخر؛ فالوطء سر، والعقد الَّذى سببه، سر، وسمى عقد النكاح نكاحا وهكذا في متوالية حسابية مجازية وكذا قوله تعالى : ” أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا “(40)
وكذا قوله تعالى : ” وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ “(41)
وهذا مثيل قول عبد القاهر الجرجانى: ( معنى المعنى ) ومن المحقق أن يستبد بنا العجب وتتملكنا الغرابة أمام قول د/ لطفي عبد البديع “والقول بالواسطة بين الحقيقة والمجاز لا يعدله في الغرابة عندى إلا القول : بمجاز المجاز ، وهو أن تجعل المجاز المأخوذ عن الحقيقة بمثابة الحقيقة بالنسبة إلى مجاز آخر، فيتجوز بالمجاز الثانى من الأول لعلاقة بينهما” (42).
أقول له إن ما ذهبت إليه مردود عليه لعدة أسباب: –
أولا: – إذا كنا نقر بوجود مجاز، فما الضير من وجود مجازين والإقرار بهما تماما كإقرارنا بوجود المعنى ومعنى المعنى؟
ثانيا:- لو سلمنا بعدم وجود وشرعية مصطلح : مجاز المجاز، فكيف عسانا نفهم المعنى السابق ؟!!
ثالثا :- خطؤه في الجمع بين مجاز المجاز، والقول بالواسطة بين الحقيقة والمجاز، هو جمع مناف مجاف لروح المنطق، التي تأخذ بمبدأ القياس ؛ لكنه قياس مع الفارق ؛ إذ لا يصح أصلا للقياس .
رابعا :- صاحب هذه المقولة ، هو ابن قيم الجوزية ، وليس السيوطي الَّذى زاد على القول السابق ، وجلاه بعض الشئ وتنوسى ابن قيم الجوزية، هذا لمن يريد التثبت والوقوف على الحقيقة، ومراجعة مصادر صاحب هذا القول، وخطؤه ههنا ثنائى :_
- إنه لم يقف على من قال هذا القول، مستقصًيا مدققًا .
- إنه تلقف هذا القول، دونما تحليل وتفسير وتوضيح، ولو قد دقق ولو قد تحقق لتيقن له علة هذا القول ، الَّذى صدر عن شخص ، لا يعترف بالمجاز أصلا فكيف يعترف بمجاز المجاز؛ إذ هو صاحب ( الصواعق المرسلة ) (43).
المبحث الثاني
بلاغة المجاز وحلقة التأويل
هي حلقة تتناسب مع مقولة السيرورة التَّأويليَّة، بل تتواءم مع معنى التّأويل و مراده وآلياته ؛ إذ هي لا تنفك تعتمد الكلى، والجزئى وتتمثله وإنها لفي علاقة وقربى، وباكورة هذا المصطلح تتأصل ويشتد عودها على يد: ( فلاسيوس ) ، وليس كما ادعى البعض شلايرماخر أو دلتاى على أقصى تخمين(44) ، وجملة القول: إنها “تنتقل من الفهم الشامل والكلى للمعنى الَّذى يختزنه النص، إلى فهم أجزاء هذا النص، وعليه ينشأ تأويل شبه دورى يستند فيه الفهم الكلى إلى فهم أجزائه وعكسه”(45) ، ومما هو جدير بالذكر أن دلتاى يؤمن “بضرورة الاتجاه نحو المركز”(46) متى رمنا فهم حلقة التَّأويل هذه على حقيقتها لجلائها، لقد نال شلايرماخر من هذا المصطلح شيئا مذكورا ، حين يسعى إلى استظهاره قائلا إن “هذه الحلقة تجسد الاعتقاد بأن الجزء و الكل يعتمد أحدهما الآخر، ويرتبطان بعلاقة عضوية ضرورية”(47) وينطلق المجاز من مسوغات تلك الحلقة ؛ إذ ينعكس مردودها على علاقاته؛ فحيث الكل ، يكمن الجزء ، ولا يمكن اعتبار الجزء مفهوما دون الكل ؛ فمتى ذكرت أحدهما استحضرت معه الآخر بالتبعية . إن كليهما يحمل الآخر يمنحه ، يهبه الذكرى، فإذا قال الشاعر :
وَكَمْ علَّمتَهُ نظْمَ القوافي فلمَّا قالَ قافيةً هجانىِ
علمت أن نطم القوافي جزء لا ينفصم عن نظم الشعر، وإذا قال تعالى:” قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا “(48)
تيقنت أن المعنى ههنا الصلاة، وليس القيام الكلى وإذا يممنا وجهنا شطر قوله تعالى :
” يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ ” (49)
قر لدينا أن المقصود ثمَّ الأنامل، فالفهم الشامل يستوعب الجزئي الَّذى لا يزال يترقى ويتسع ليصل للشامل، وقد يظن ظان أن حلقة التَّأويل هذه لتتبدى بقوة في علاقتي المجاز المرسل الكلية والجزئية ، وأن الكل يعود إلى الجزء ، والجزء يحيل إلى الكل ، وهكذا في حلقة دائرية لا متناهية، حينما تستقرى الجزء تراه يسلمك إلى الكل، والكل يعود بك إلى الجزء، فالفهم الشامل يستوجبه ويقره ، وهذا الظن إثمَّ، إذ تطفو علاقات المجاز بكلكلها على سطح تلك الحلقة ويشتد أزرها، فإنك لا تفهم العلاقة المحلية إلا بالحالية، والحالية إلا بالمحلية، والسببية دون المسببية، واللازمية قسيمة الملزومية، والعمومية لا تتأكد بمعزل عن الخصوصية ،
والفاعلية صنو المفعولية، والمقيدية قرينة المطلقية، والضدية وعاء الاثنين معا، الشئ ونقيضه ،
وهذا المخطط خير تمثيل :-
علاقات المجاز
حلقة تأويلية
إنه من العبث كل العبث، أن نكترث بمقولة حلقة التَّأويل، دونما اعتبار المجاز عاملا حاسما جازما فيها، إنها والمجاز كما مربنا سواء هو تطبيق وتقعيدلها، إنه لن يفلح (هوسرل) إذا حسب أنه “سيبعد بهذه الحلقة عن إطار المجاز آن وقفها على الناحية النفسية، بما يلائم روح العصر” (50) ؛ إذ هي ، ولنضرب مثالا في ذلك في علاقة المجاز المرسل الكلية أو تسمية الجزء باسم الكل في قوله تعالى : ” يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ “
فذكر الكل هنا لازمه بالضرورة اعتبار الجزء، وهذا شطر الحالة النفسية التي حاولها (هوسرل)، فالموجب لذلك ههنا الإشعار بشدة الرعب والفزع والجزع ؛ تصويرا لبشاعة الحال وهذا أمضى ، بل إن الحالة النفسية هي صانعة تلك الحالة، فقد داخل الكفار جسامة الموقف وحاولوا وضع أصابعهم بقضها وقضيضها، علَّهم ينجون وما استقرت إلا الأنامل، وإن اعتقدوا خلاف ذلك؛ أملا وطمأنينة؛ لئلا يلحقهم هول هذا الموطن، فالأنامل حقيقة، والأصابع تخيلًا، فكلاهما إذن متحقق على أقل تقدير من لدن أربابها وأيضا في المجاز المرسل ذى العلاقة المسببية ، التي تحوى السبب في قوله تعالى :
” إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا “(51)
يعني يأكلون في بطونهم مالا تتسبب عنه النار، فهذه العلاقة حاملة للحالة النفسية لما يتسبب عنه أكل مال اليتامى ظلما ، فحين تصفُحها واستقراء دقائقها فيتملكهم الرعب وهول ما يلقاه آكل مال اليتامى ، ولاتزال بهم ذلك؛ كيلا يسول لهم الشيطان سوء فعلتهم ويستذل جرمها ويستصغر إقدامها ، وكذلك قوله تعالى : ” وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا “(52) . فالمطر سبب الرزق ولكنه لا يجلب مباشرة، فههنا كد وجد، وهنا سعى ولأي، وهنالك المنح والمنع، ولكن الناس لما ارتأوا الهم الأكبر، ألا وهو نزول المطر، خالجتهم البشرى، وخالطهم الفأل، وجانبهم النحس والشؤم . أرأيت أيها ال ( هوسرل ) أن حلقة التَّأويل يسطرها ويغلفها الاتجاه النفسى لاريب ومن يأو إلى التَّأويل فسيجد هذه الاتجاه ، ليس بمنأى عنه، وإذا كان دلتاى قد دعا إلى الاتجاه نحو المركز في شرحه للحلقة التَّأويليَّة ؛ فإنّه يرجو تعزيز الناحية النفسية حين أوغل في الذات البشرية، صانعة تلك الحلقة، حقا إنها تعتقد هذه العلاقات، وتعتملها وتتأسى بها منهاج حياة، هي التي تكيف نفسها من تلقاء نفسها مختمرة تلك العلاقات؛ مدعية فهمها بتقلب وجوه الرأى فيها، إن شعورها بالذات، سواء الأنا أو اللاأنا، قد أباح لها ذلك، ثمَّ إن المجاز قد تجاوب معها، فكان انعكاسا عمليا ناجحا في سبر كُنهها، التي ترى أن العلاقة الظاهرة علاقة خادعة كاذبة، فما كان منها إلا أن تنحت تلك العلاقة مستكشفة رؤى خبيئة.
لقد راوحت الحالة النفسية مكانها في تلك الحلقة: من الأفراح والأطراح وتعهدت هذه الحلقة بكشف الستار، وإماطة اللثام عن حجب صفيقة من الضبابات اللامعناتية ، وتكفلت بانهيار ذلك كله، وإلا فما قولك في المجاز العقلى ذي العلاقة السببية، حكاية عن فرعون “يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ“(53) ، إن فرعون هذا لم يذبح، ولكن لما كان الذبح والاستحياء مبعثهما فرعون، كان كمن قام بالفعل ذاته، مثل جنوده سواء بسواء، الذين يفعلون ما يؤمرون وهم عتاده وعدته؛ لذا فان بنى إسرائيل ينحون باللائمة عليه، ولولا خشية الإطالة لجفت أقلام وحبرت صحائف ، حين ذكر سائر العلاقات ، إلا أننى قلت ما يفيد ولن أزيد .
الخاتمة
وبعد…،،، فلقد بلغ الكتاب أجله، وأفرز عدة نتائج ، نتلو ما تيسَّر منها:-
أولاً: –المجاز أصل، والتَّأويل فرع، فكل مجاز تأويل، وليس العكس.
ثانيًا: – تراوح المجاز والتَّأويل مكانهما في الفلسفة بل إن التَّأويل فلسفة
ثالثًا: – اتسقت وانسجمت مراحل المجاز التأويلي,,مع مراحل التّأويل و التأويلية، (قبل الفهم)،
(الأحكام المسبقة) و(التفسير)، و(الفهم والتأويل)، (والتقويم).
رابعا: مرَّ بنا مدى تباين هذه المراحل، لدن مَن تناولها واختلفت مسمياتها لديهم ؛فهي عند أحدهم:(الوصف أو التوصيف ),يقابلها ( مرحلة ما قبل الفهم ),يماثلها مرحلة (الأحكام المسبقة),أضف إلى ذلك, عدم الدقة في نسب هذه المراحل إلى أربابها ممَّا استدعى, الاضطلاع بمهمة تصحيح الأوضاع, واستكناهها من مصادرها, ومنابعها الأولية؛ للوقوف على حقيقة هذا الأمر, وجلائه
خامسًا: – المجاز التأويلي, هو حلقة تأويليَّة؛ فعلاقة الكليَّة فيه ترمى إلى الجزئيَّة ،والحاليَّة ترنو إلى المحليَّة,والفاعليَّة ناظرة إلى المفعوليَّة, والمقيديَّة تتصل بالمطلقيَّة, بسبب,واللزوميَّة تمد بصلة للملزوميَّة, وهكذا.
سادسًا: –أنواع التّأويل و التَّأويليَّة هي صدى للمجاز فقد تلمسنا التَّأويليَّة التنازلية في مجاز المجاز والتَّأويليَّة التصاعدية في علاقة ( السببية ) و ( الجزئية ) والتَّأويليَّة المرجعية الماضية في ( علاقة اعتبار ماكان ) والتَّأويليَّة المستقبلية في ( اعتبار ما سيكون ) والتَّأويليَّةالآنية في علاقة الزمانية وفي التجوز عن الماضى بالمضارع …… وهكذا.
ويوصي بإجراء المزيد من البحث والاستقصاء؛ لاستكناه العلاقة بين علوم البلاغة قاطبة والتأويل باستراتيجية تشمل في أعطافها: التَّليد والطَّريف.
المصادر والمراجع
- إمبرتو إيكو – التَّأويل بين السيميائيات والتفكيكية – ترجمة د/ سعيد بنكراد – منشورات المركز الثقافى العربى – بيروت – -سنة 2000م.
- بول ريكور : النظرية التَّأويليَّة – ترجمة حسن بن حسن – دار تينمل للنشر – مراكش – المغرب – -سنة 1992م.
- ديفيد كوزنز هوى – الحلقة النقدية – الأدب والتاريخ والهرمنيوطيقا الفلسفية -ترجمة وتقديم خالدة محمد – المجلس الأعلى – للثقافة القاهرة – -سنة 2005م.
- ريكور –من النص إلى الفعل –ترجمة محمد برادة وحسان بورقية – دار الأمان – الرباط – المغرب سنة 2004م .
- د/ سعيد توفيق – مقالات فى الظاهراتية وفلسفة التَّأويل–دار النصر للتوزيع والتسويق سنة 1999م.
- د/ شعيب حليفى – مرايا التَّأويل– دار الثقافة – الدار البيضاء سنة 2009م.
- د/ عائشة عويسات –التَّأويليَّة فى النصوص الدينية – التموقع والمرجعيات والتطبيق-ص 2 –فى 20 مارس -2019-الرابط vb.tafsir.net
- د / عادل مصطفى – منحة الفهم – مخل إلى الهيرمينيوطيقا – نظرية التَّأويل من أفلاطون إلى غادامير دار النهضة العربية للطباعة والنشر سنة 2003م .
- 9. (9) عبد الفتاح كليطو – الحكاية والتَّأويل– / دار توبقال – للطباعة والنشر- الدار البيضاء – المغرب سنة 1998م.
- د/ عزيز التميمى –منظومة القراءة –دراسات وقراءات عربية – مواقع ومنتديات أونلاين ص 4 –فى 6 أكتوبر 2019-الرابط-WWW.nashiri.net
- غادامير-مدخل إلى أسس فن التَّأويل– ترجمة د/ محمد شوقى الزين – مجلة فكر ونقد المغرب ع16 – -سنة 1999م.
- د/ لطفى عبد البديع – فلسفة المجاز بين البلاغة العربية والفكر الحديث -لونجمان – القاهرة – -سنة 1997م.
- د/ محمد شوقى الزين – الفينومينولوجيا – فن التَّأويل–مجلة فكر ونقد – المغرب سنة 1999م ع 16/91 .
- د/ محمود سيد أحمد – فلسفة الحياة – دلتاى نموذجا –الدار المصرية السعودية للطباعة والنشر سنة 2005.
- د/ منى طلبة – الهيرمينيوطيقا – المصطلح والمفهوم –مجلة أوراق فلسفية، القاهرة سنة 2002م ع 10/17 .
- د/ نابى بو على – فلسفة التَّأويل من شلاير ماخر إلى دلتاى – منشورات دار الاختلاف الجزائر – -سنة 2009م.
- د/ نبيلة إبراهيم-القارئ فى النص – مجلة فصول مج5/ع1 – -سنة 1984م.
- د/ بن صافى نزيهة- المسكوت عنه فى البعد الحجاجى للعقل التَّأويلى الترجمى – مصطلح الهيرمينوطيقا نموذجا – -مواقع ومنتديات أونلاين ص7 . Http://www.doroob.cm-فى 16 نوفمبر 2019
- ياوس- القراءة والتَّأويل فى النقد الأدبى الحديث – ترجمة د/ رشيد بنحدو – مطبعة النجاح – -سنة 2011م
(1) انظر : بول ريكور : النظرية التَّأويليَّة – ترجمة حسن بن حسن – دار تينمل للنشر – مراكش – المغرب – -سنة 1992م. ص 64 .
(2) د/ عزيز التميمى –منظومة القراءة –دراسات وقراءات عربية – مواقع ومنتديات أونلاين ص 4 –فى 6 أكتوبر 2019-الرابط-WWW.nashiri.net
- غادامير-مدخل إلى أسس فن التَّأويل- ترجمة د/ محمد شوقى الزين – مجلة فكر ونقد المغرب ع16 – -سنة 1999م.ص 74 .
(4) إمبرتو إيكو – التَّأويل بين السيميائيات والتفكيكية – ترجمة د/ سعيد بنكراد – منشورات المركز الثقافى العربى بيروت سنة 2000م.ص 86.
(5) د/ شعيب حليفى– مرايا التَّأويل–– دار الثقافة – الدار البيضاء سنة 2009م ص 97 .
(6) ديفيد كوزنز هوى – الحلقة النقدية – الأدب والتاريخ والهرمنيوطيقا الفلسفية -ترجمة وتقديم خالدة محمد – المجلس الأعلى – للثقافة القاهرة – -سنة 2005م.
(7) انظر : المصدر نفسه ص 298 .
(8) انظر :د/ شعيب حليفى- مرايا التَّأويل-م.س-ص 101 .
(9) د/ منى طلبة – الهيرمينيوطيقا – المصطلح والمفهوم –مجلة أوراق فلسفية، القاهرة سنة 2002م ع 10/17 .
(10) عبد الفتاح كليطو – الحكاية والتَّأويل– / دار توبقال – للطباعة والنشر- الدار البيضاء – المغرب سنة 1998م ص 81 .
(11) د/ نابى بو على – فلسفة التَّأويل من شلاير ماخر إلى دلتاى – منشورات دار الاختلاف الجزائر – -سنة 2009م.ص 78 .
(12) إمبرتو إيكو-التَّأويل بين السيميائيات والتفكيكية-م.س. ص 11 وانظر : إيكو –جدلية النص وجدلية تأويله –ترجمة / سامى محمد – جريدة القادسية سنة 1988م ع 6/10، وانظر : ريكور – الزمان والسرد –ترجمة سعيد الغانمى – الدار البيضاء سنة 2000م ص 241 .
(13) إبراهيم أحمد-هيدجر وإشكالية الفهم اللغوى للوجود-م.س. ص 215 .
(14) ريكور –من النص إلى الفعل –ترجمة محمد برادة وحسان بورقية – دار الأمان – الرباط – المغرب سنة 2004م ص 105 . ، وانظر : النظرية التَّأويليَّةعند ريكور ص 47 .
(15) د/ عائشة عويسات –التَّأويليَّة فى النصوص الدينية – التموقع والمرجعيات والتطبيق-ص 2 –فى 20 مارس -2019-الرابط vb.tafsir.net
(16د/ نابى بو على – فلسفة التَّأويل من شلايرماخر إلى دلتاى –م.س-ص 193 .
(17) غادامير- مخل إلى أسس فن التَّأويل–ترجمة د/محمد شوقى الزين – مجلة فكر ونقد – المغرب سنة 1999م ع 16/75-76
(18) د/ نابى بو على – فلسفة التَّأويل من شلايرماخر إلى دلتاى-م.س- ص 82 .
(19) انظر : م.ن-ص 77 .
(20) انظر : م.ن-ص 198.
(21) انظر : م.ن-ص 199.
(22) انظر : د/ عادل مصطفى – منحة الفهم – مخل إلى الهيرمينيوطيقا – نظرية التَّأويل من أفلاطون إلى غادامير– دار النهضة العربية للطباعة والنشر سنة 2003م ص 57 وما بعدها .
(23) د/ محمد خرماش-النص الأدبى وإشكالية القراءة والتَّأويل–م.س-ص 51 .
(24) ياوس-جمالية التلقى -ترجمة د/ رشيد بنحدو مطبعة النجاح الجديدة سنة 2003م ص 243
(25) د محمد خرماش-النص الأدبى وإشكاليات القراءة والتَّأويل-م.س-ص 257 .
(26) هيدجر وإشكالية الفهم اللغوى للوجود –م.س-ص 107 .
(27) اد/ نبيلة إبراهيم-القارئ فى النص – مجلة فصول مج5/ع1 – -سنة 1984م.
(28) انظر :د/ محمد خرماش- النص الأدبى وإشكالية القراءة والتَّأويل-ص 78 .
(29) انظر :د/ سعيد بنكراد- النظرية التَّأويليَّةعند بول ريكور ص 49 .
(30) غادامير-مدخل إلى أسس فن التَّأويل-م.س-ص 113، امبرتو ايكو-التَّأويل بين السيميائيات والتفكيكية –م.س-ص 76، هيدجر-نداء الحقيقية – ترجمة د/ عبد الغفار مكاوى – دار الثقافة للنشر – القاهرة سنة 1977م ص 49، فعل القراءة – إيزر ص 81 .
(31) انظر :ريكور- السيميوطيقا التَّأويليَّة عند بول ريكور – ص 4 مواقع ومنتديات أونلاين Http://www.doroob.cm-فى 16 نوفمبر 2019
(32) انظر : د/ عائشة عويسات –التَّأويليَّة فى النصوص الدينية – التموقع والمرجعيات والتطبيق-ص 2 –فى 20 مارس -2019-الرابط vb.tafsir.net
(33) ريكور-السيميوطيقا التَّأويليَّة عند بول ريكور-م.س- ص5 .
(34) انظر : )ياوس- القراءة والتَّأويل فى النقد الأدبى الحديث – ترجمة د/ رشيد بنحدو – مطبعة النجاح – -سنة 2011م.-ص 3
(35) غادامير–التّأويل و الحقيقة والتاريخ –ترجمة خالدة حامد – مجلة أفق سنة 2007م على الانترنت ع2/2.
(36)ياوس- القراءة والتَّأويل فى النقد الأدبى الحديث – ترجمة د/ رشيد بنحدو – مطبعة النجاح – -سنة 2011م.-ص 3
(37) انظر :د/ عائشة عويسات- التَّأويليَّة فى النصوص الأدبية –م.س-ص 2 .
(38) انظر : د/ بن صافى نزيهة- المسكوت عنه فى البعد الحجاجى للعقل التَّأويلى الترجمى – مصطلح الهيرمينوطيقا نموذجا – -مواقع ومنتديات أونلاين ص7 . Http://www.doroob.cm-فى 16 نوفمبر 2019
(39) البقرة : 235 .
(40) الأعراف : 26 .
(41) المائدة : 5
(42) د/ لطفى عبد البديع – فلسفة المجاز بين البلاغة العربية والفكر الحديث -لونجمان – القاهرة – -سنة 1997م. ص 19 .
(43) المصدر نفسه ص 22، المصدر رقم 22 من مصادره ستجده خلواً من ذكر ابن قيم
(44) انظر : د/ محمد شوقى الزين – الفينومينولوجيا – فن التَّأويل–مجلة فكر ونقد – المغرب سنة 1999م ع 16/91 .
(45) انظر : د/ سعيد توفيق – مقالات فى الظاهراتية وفلسفة التَّأويل–دار النصر للتوزيع والتسويق سنة 1999م ص 55.
(46) انظر : د/ محمود سيد أحمد – فلسفة الحياة – دلتاى نموذجا –الدار المصرية السعودية للطباعة والنشر سنة 2005 ص 58 .
(47) د/ نابى بو على-فلسفة التَّأويل من شلايرماخر إلى دلتاى –م.س-ص 290 .
(48) المزمل : 2.
(49) البقرة : 17 .
(50) د / فريدة غيوة – أسس المنهج الظواهرى عند إدموندهوسرل –مجلة التواصل سنة 1999م ع 4/201 .
(51) النساء : 10 .
(52) غافر : 13 .
(53) القصص : 4 .