دلالة الإيقاع الخارجي في شعر أبي القاسم الشابي.، قصيدة (الاعتراف) أنموذجا

 د. الزهرة سهايلية

ملخص البحث:

تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على الإيقاع الخارجي أو ما يعرف بالوزن والقافية، باعتبارهما عنصرين مهمين جدا في الشق الشعري، فهما الركيزة الأساسية في بنائه، وقد كانا بمثابة الروح التي تسري في القصيدة لتجسيدهما حالة الشاعر النفسية في ارتباطها بالتجربة الشعرية، وهما النقطة الفاصلة بين الشعر والنثر، ولأن أبا القاسم الشابي عُد أحد عمالقة الشعر العربي الحديث فقد قمنا بالتطبيق في قصيدته الاعتراف التي جاءت في تشكيلها الإيقاعي الخارجي مناسبة للحس الشعري والحس الموسيقي، وقد تجسد ذلك في الوزن والقافية والروي وحتى التغيرات العروضية من زحافات وعلل التي جاءت كلها ذات  أبعاد دلالية وإيقاعية ، فما مدى إثراء الإيقاع الخارجي لقصيدة الاعتراف؟

الكلمات المفتاحية:

الإيقاع، الإيقاع الخارجي، أبو القاسم الشابي، الوزن، الزحافات والعلل، القافية.

Abstract:

The significance of the external rhythm in the poetry of Abu Al-Qasim Al-Shabi ;The poem (confession) is a model.

This study aims to shed light on external rhythm or what is known as weight and rhyme, As two very important elements of the poetic aspect, As two important elements that are the main pillar in building it, And they were like the spirit that runs in the poem, for they embody the poet’s psychological state in relation to the poetic experience, They are the separating point between poetry and prose, And because Abu al-Qasim al-Shabi was considered one of the giants of modern Arabic poetry We applied in his poem the confession, which came in its external rhythmic formation suitable for poetic sense and musical sense, This was embodied in weight, rhyme, narration, and even the occasional changes of flip-flops and ills, all of which were of semantic and rhythmic dimensions. How enriched is the external rhythm of the confession poem?

keywords:

The rhythm, External rhythm, Abul-Qasim Al-Shabi, the weight, Crawlers and bugs, Rhyme.,

المقدمة:

 تعدّ التجربة الشعرية الشابية أهمّ تجربة في مسيرة الشعر العربي الحديث، إذ لم يضاهها من حيث العمق ودرجة الكمال الفني أيّ من الشعراء السابقين أو المعاصرين له، فقد كان صوت هذا الشاعر طيلة سنوات ظهوره بمثابة صرخة مدوّية أثّرت في الوسط الثقافي والأدبي بأسره، لأنّ إنتاجه الشعري جاء متميّزا، استطاع من خلاله تفجير طاقته اللغوية والإيحائية الهائلة. ونظرا للمكانة الكبيرة التي حظي بها الشابي في الوسط الأدبي عموما والشعري خصوصا حاولنا في هذه الدراسة دراسة إنتاجه الشعري دراسة إيقاعية خارجية من خال قصيدته (الاعتراف) وذلك بمحاولة إبراز الجانب الجمالي والدلالي للوزن والقافية والروي في هذه الأخيرة. وقد طرحنا الاشكالية المطروحة التالية:

  • ما هو مفهوم الإيقاع؟
  • ما هو مفهوم الوزن والقافية والروي؟
  • ما هو الوزن الذي اعتمده الشابي في قصيدة (الاعتراف) وهل أثرى هذه الأخيرة من الجانب الدلالي والإيقاعي؟
  • -فيماذا تجلى دور الزحافات والعلل في قصيدة الاعتراف؟
  • أيّ نوع من القافية استخدم الشابي في قصيدة الاعتراف؟ وهل أثرت الجانب الإيقاعي؟
  • ما هو الصوت الذي خيّره الشاعر رويا؟ وهل خدم الأبيات من الناحية الدلالية والإيقاعية؟

وقد اعتمدنا في هذه الدراسة المنهج الوصفي التحليلي تجسد الوصف في الجانب النظري بينما في التحليل تطرقنا إلى الجانب التطبيقي، وذلك بالاستعانة بجملة من المصادر والمراجع التي تناولت الوزن والإيقاع منها عبد الرحمان تبرماسين العروض وإيقاع الشعر العربي، و أبو السعود سلامة أبو السعود، الإيقاع في الشعر العربي.

الايقاع : تطرّق الدّارسون واللّغويّون إلى دراسة ظاهرة الإيقاع في الشّعر منذ القديم باعتبارها ركيزة أساسية لها دور فعّال في إثراء هـذا الأخيـر وإبـراز فنّيتـه وجـماله وكذا مكـانـته التي لا تتضح أو تظهر إلاّ به، وحديثنا عن الإيقاع يجعلنا نحاول الغوص في تبيين مفـهوميه اللـغوي والاصـطلاحي.

الإيقاع لغة:

ارتبط مصطلح الإيقاع في أصله بالطرب والتلحين، نجد في القاموس المحيط: “الإيقاع من إيقاع ألحان الغناء وهو أن يوقع الألحان ويبنيها” وفي المرام في المعاني والكلام: “الإيقاع مصدر أوقع النّقر على الطبلة باتفاق مع الأصوات والألحان”2.

تبيّن من خلال المفهوم اللغوي الأول أنّ الإيقاع ارتبط بألحان الغناء وفي المفهوم اللغوي الثاني ارتبط بإيقاع النّقر على الطبلة.

الإيقاع اصطلاحا:

جاء في البنية الإيقاعية للشعر العربي الإيقاع هو” الفاعلية التي تنقل إلى المتلقي ذي الحساسية المرهفة الشعور بوجود حركة داخلية، ذات حيوية متنامية تمنح التتابع الحركي وحدة نغمية عميقة عن طريق إضفاء خصائص معينة على عناصر الكتلة الحركية تختلف تبعا لعوامل معقّدة”3

فالإيقاع من خلال هذا التعريف هو التسلسل والتماسك النغمي الذي لديه القدرة على التأثير في المتلقي، والإيقاع هو جوهر الشعر.

الإيقاع الخارجي:

 يطلق عليه أيضا بالموسيقى الخارجية أو علم العروض الذي يشتمل على الوزن والقافية، وهو يمثل البناء الهيكلي التشكيلي للقصيدة ويعدّ الأداة المحركة للإيقاع. وبما أنّ الإيقاع الخارجي يضمّ الوزن والقافية سنُنَظّر لمفهوم الوزن مع التطبيق له مباشرة في قصيدة الاعتراف. ونليه بالتنظير للقافية والروي والتطبيق المباشر لهما أيضا في القصيدة نفسها.

الوزن:

يعدّ الوزن قاعدة أساسية يرتكز عليه الشعراء في تأليف إنتاجهم الشعري وله أثر في تأدية المعنى وهذا توضيح لمفهوميه اللغوي والاصطلاحي.

الوزن لغة

لقي مصطلح الوزن اهتماما في المعاجم، حيث ورد “وزن يزن وزنا وزنة، وزنت له الدارهم فاتّزنها كقولك نقدتها له فانتقدها واتّزن العدل اعتدل بالأخر، ودينار وازن، ودراهم وازنة بوزن مكة، ووازن الشيء الشيء ساواه في الوزن وتوازنا واتّزنا، ومن المجاز استقام ميزان النهار: انتصف، وكلام موزون، وتقول زن كلامك ولا تزنه”4وجاء “الوزن: روز الثقل والخفة، الوزن: ثقل الشيء بشيء مثله، كأوزان الدراهم، ومثله الرزن وزن الشيء وزنا وزنة، أوزان العرب ما بنت عليه أشعارها، واحدها وزن، وقد وزن الشعر وزنا فاتّزن”5.

تجلّى من المفهوم اللغوي للوزن بأنّه المساواة والعدل وهو ما بنت عليه العرب إنتاجها الشعري.

الوزن اصطلاحا:

الوزن هو “روح القصيدة وقلبها النابض المعبّر عن مواطن الأحاسيس، وهو ترجمة واقعية لانفعالات الشاعر ورغباته وما تنازعه به ذاته، وهو محور أساس في الجمال الشعري”6.

يعرّفه علوي الهاشمي بقوله: “الوزن هو كمية من التفاعيل العروضية الممتدة المتجاورة أفقيا بين مطلع البيت أو السطر الشعري وأخره مقفّى”7وهو يرتبط” بالحالة النفسية والشعورية للشاعر وقد تنعكس حالته على موسيقاه فالوزن أكثر مناسبة من غيره في التعبير على فكرة ما أو إحساس ما، والشاعر الحق يستطيع أن يسيطر على الوزن الذي يكتب فيه قصيدته”8 ويقول عنه محمد غنيمي هلال:” الوزن هو مجموع التفعيلات التي يتألف منها البيت وقد كان البيت هو الوحدة الموسيقية للقصيدة العربية”9.

يتمظهر من المفاهيم المذكورة أعلاه أنّ الوزن إيقاع ناتج عن التفعيلات المتكرّرة في البيت الشعري وهو ذا علاقة بالجانب النفسي والشعوري للشاعر، كما أنّه قاعدة أساسية لا يستغني عنها الشعر.

الوزن في قصيدة (الاعتراف):

قصيدة الاعتراف

يقول أبو القاسم الشابي:

مـا كنـت أحسـب بعـد مـوتـك يـا أبـي    ومـشـاعــري عـمـيـاء بـالأحــزان

أنّـي سأظمأ للحـيــاة وأحتـســـــــــــــي                 مـن نهـرهـا المـتـوهّـج الـّنـشـوان

وأعـود للـدّنـيـا بـقـلــب خــافـــــــــــــــــقٍ                  للـحـبّ والأفــــراح والألـــحـــــــــــان

ولـكل ما في الكـون مـن صـور المنــى  وغـرائـب الأهـــواء والأشجــان

حـتـّى تحـرّكـت الـسـنـون وأقـبـلـــــــــــــــت              فـتـن الـحـيـاة بسـحـرهـا الـفـتّـان

فـإذا أنـا مـا زلــت طـفـلاً مـولـعــــــــــــــــــاً               بـتـعـقـّـب الأضـــواء والألــــــــــوان

وإذا الـتّـشـاؤم بالـحـيـاة ورفـضــــــــهـا                ضــرب مــن البـهـتـان والـهـذيـان

إنّ ابــن آدم فــي قـــرارة نـفـســـــــــــــــه               عـبـد الـحـيـاة الـصـادق الإيـمــان10

سنحاول تقطيع الأبيات الثلاثة الأولى من القصيدة لإظهار دلالة الوزن فيها:

يقول أبو القاسم الشابي:

مـا كنـت أحسـب بعـد مـوتـك يـا أبـي    ومـشـاعــري عـمـيـاء بـالأحــزان

أنّـي سأظمأ للحـيــاة وأحتـســي                    مـن نهـرهـا المـتـوهّـج الـنـّشـوان

وأعـود للـدّنـيـا بـقـلــب خــافــقٍ                     للـحـبّ والأفــــراح والألـــحــــــــــان

التقطيع العروضي:

مـا كنـت أحسـب بعـد مـوتـك يـا أبـي    ومـشـاعــري عـمـيـاء بـالأحــزان

مـا كنـت أحسـب بعـد مـوتـك يـا أبـي    ومـشـاعــري عـمـيـاء بـلأحــزاني

/0/0//0// /0/ /0// /0 //0         ///0//0  /0/0/ /0/0/0/0

متفاعـــــــلن متفــــــا علن  متفـــــاعلن        متفا علن  متفا  علن متفاعل(مستفعل)

أنّــي سأظمأ للحـيــاة وأحتـســي                    مـن نهـرهـا المـتـوهـج الـنـشـوان

أننـي سأظمأ للحـيــاة وأحتـســي                    مـن نهـرهـلمـتـوهـهج نـنـشـواني

/0/0 //0///0//0/ //0//0         /0 /0//0///0//0/0/0/0

متفا   علن متفا علن متفاعلن        متـــفا علن متفاعلـــــن متفاعل(مستفعل)

وأعـود للـدّنـيــا بـقـلــب خــافــقٍ            للـحـبّ والأفــــراح والألـــحـــان

وأعـود لدـدنـيـا بـقـلــبن خــافــقن           للـحـبب ولأفــــراح ولألـــحـــاني

///0/ /0/0/0 //0/0 /0//0   /0/0/ /0/0/0/0/0/0/0/

متفا علن متفا  علن متفا علن     متفا علــن متفا عــلـن متفاعل(مستفعل)

لاحظنا بعد التقطيع العروضي للأبيات الشعرية الثلاثة الأولى أنّ الشاعر وظّف بحر الكامل الذي يقول مفتاحه الشعري: كمل الجمال من البحور الكامل***متفاعلن متفاعلن متفاعلن. وهو بحر أحادي التفعيلة اُعتُمد قديما وحديثا في الشعر العربي ويصلح لكل أنواع الشعر وهو الذي وصفه حازم القرطاجني بقوله: “وإنّ فيه حلاوة وحســـن اطّراد”11يتميّز هذا البحر بقربه إلى الشدّة منه إلى الرّقة، كما أنّه  يمتاز بجرس واضح يتولّد من كثرة حركاته”12، ويرى عبده بدوى أنّ “الكامل من الأغراض الواضحة والصريحة، وهو منزع بالموسيقى ويتّفق مع الجوانب العاطفية المحترمة وهو يجمع بين الفخامة والرقة”13.

 جاء هذا الوزن مناسبا لدلالة القصيدة التي يُقرّ فيها الشابي ويعترف بعد وفاة والده بأنّه متمسّك بالحياة وبنشوتها ولذّتها وهو الذي كان يظن أنّه سيظلّ مبحرا في أحزانه بعد موت والده، فها هي الحياة قد أقبلت بأفراحها وفتنها وبكل ما فيها من صور الجمال والإمتاع واللذة، وها هو الشابي يعترف بأنّ الحياة ليست للعبوس والحزن وإنّما للفرح والاستمتاع. وقد امتاز الكامل في هذه الأبيات “بسعة فضائه ولينه وانسيابيته وغنائيته ووضوح تنغيمه”14 لذا جاء متماشيا مع غرض الشاعر ومع نفسه المتفائلة.

اعترى الوزن تغيّرات وهذه الأخيرة كما عرّفها فوزي عيسى: “عبارة عن تغيّرات تدخل على أجزاء الميزان الشعري ويلجأ إليها الشعراء أحيانا تخفيفا من قيود الوزن”15، تمثلت في زحاف الإضمار وهو إسكان الثاني المتحرك فتصير متفاعلن (متْفاعلن) وتستعمل مسْتفعلن ودور زحاف الإضمار هنا القضاء على الرتابة والملل الناتجة عن تكرار نفس التفعيلات بنفس التركيبة ومن جهة أخرى ساهمت في تنويع وإثراء الجانب الموسيقي، وكذا نجد علّة من علل النّقص وهي علّة القطع التي تُعرف بأنّها إسقاط آخر الوتد المجموع وإسكان ما قبله بحيث أصبحت متفاعلن متْفاعلْ وتوظف مسْتفْعلْ، وعلّة القطع هي الأخرى قضت على التكرارية وخلق توظيفها حركة إيقاعية مميّزة.

القافية:

المفهوم اللغوي:

جاء في لسان العرب: “يقال قفوْت فلان اتبعت أثره، وقفوته أقفوه ، رميته بأمر قبيح، وفي نوادر الأعراب قفا أثره أي تبعه، وضدّه في الدعاء قفا الله أثره، مثل عفا الله أثره، واقتفى أثره وتقفّاه، اتّبعه وقفيت على أثره بفلان أي اتّبعته إيّاه، وفي التنزيل العزيز” ثم قفينا على أثارهم برسلنا ” أي اتّبعنا نوحــا وإبراهيم رسلا بعدهم، والقافية أخر كلمة في البيت، وإنّما قيل لها قافية لأنّها تقفو الكلام”16.وورد أيضا: “قفو: القفوة رهجة تثور عند أول المطر والقفو مصدر قولك : قفا يقفو، وهو أن يتبع شيئا وقفوته أقفوه قفوا، وتقفيته أي اتبعته، قال تعالى « ولا تقف ما ليس لك به علم »”17و”القافية مأخوذة من القفا وراء العنق كالقافية، وقفوته قفوا تبعته”18. فالقافية في المفهوم اللغوي تعني اتّباع الأثر.

المفهوم الاصطلاحي:

 يقول إبراهيم أنيس: “ليست القافية إلّا عدّة أصوات تتكرر في أواخر الأشطر والأبيات من القصيدة، وتكرارها هذا يكون جزءا هاما من الموسيقـــى الشعرية  فهي  بمثابة الفواصل الموسيقية يتوقع السامع تردّدها ويستمتع بمثل هذا التّــردّد الذي يطرق الأذان في فترات زمنية منتظمة وبعدد معين من مقاطع ذات نظام خـاص يسمى الوزن”19، كما نجد أبو الشوارب محمد مصطفى وزين كامل الخويسكي يعرفانها: “القافيـــة عبارة عن وحدة صوتية مطّردة اطّرادا منظّما في نهاية الأبيات حتى لكأنّها فواصل موسيقية مُتوقَّعة بالنسبة لسامع الشعر العربي بين فترات زمنية منتظمة وتعتبر ضابط  الإيقاع في البيت الشعري”20، أمّا عز الدين اسماعيل فيتحدث عن القافية في الشعر الحر قائلا: “القافية في الشعر الجديد نهاية موسيقية للسطر الشعري وهي أنسب نهاية لهذا السطر من الناحية الإيقاعية”21.

نستشف من هذه الأقوال بأنّ القافية عبارة عن مقاطع صوتية تتردد في أواخر الأبيات الشعرية محدثة رنّات موسيقية، ولا يمكن أن يستغني عنها الشعر العربي قديما وحديثا فهي إحدى خصائصه الأساسية والجوهرية.

 تقوم القافية على رويّ واحد وهذه ميزة الشعر العمودي خاصة، أو رويّ متنوع وهذا ما ميّز الشعر الحر، وبفضل الرّويّ يتم إحداث موجات إيقاعية موسيقية تتلاءم مع حالة الشاعر النفسية والدلالية، وقد اعتبرت أصوات القافية” درّة القول وجوهر معدن الشعر”22.

القافية في قصيدة الاعتراف:

التقطيع العروضي:

مـا كنـت أحسـب بعـد مـوتـك يـا أبـي             ومـشـاعــري عـمـيـاء بـالأحــزان

مـا كنـت أحسـب بعـد مـوتـك يـا أبـي             ومـشـاعــري عـمـيـاء بـلأحــزاني

/0/0//0// /0/ /0// /0 //0         ///0//0  /0/0/ /0/0/0/0

أنّـي سأظمأ للحـيــاة وأحتـســي                     مـن نهـرهـا المـتـوهـج الـنّـشـوان

أننـي سأظمأ للحـيــاة وأحتـســي                    مـن نهـرهـلمـتـوهـهج نـنـشـواني

/0/0 //0///0//0/ //0//0         /0 /0//0///0//0/0/0/0

تجلّى بعد دراستنا للقافية أنّ الشابي استخدم قافية بسيطة موحّدة وهذا “النّمط من أنماط القافية هو امتداد للموروث التقفوي في القصيدة العربية التقليدية التي ترتكز فيها على قافية واحدة من بداية القصيدة حتى نهايتها”23 والقافية في القصيدة متواترة التي تعني توسّط حركة بين ساكنين، من أمثلتها(في البيت الأول لفظة الأحزان تمثلت القافية في مقطع (زاني/0/0)، وفي البيت الثاني كلمة النشوان جاءت القافية في مقطع (واني/0/0).

 تأتي القافية خادمة للمعنى لأنّها كما أقرّ جان كوهين (ليست أداة أو وسيلة تابعة لشيء آخر بل هي عامل مستقل، صورة تضاف إلى غيرها وهي كغيرها من الصور لا تظهر وظيفتها الحقيقية إلّا في علاقتها بالمعنى”24 وقد جاءت في القصيدة من نوع المطلق أي متحرّكة غير ساكنة، ولهذا الإطلاق دلالته في الأبيات باعتبار نفسية الشاعر كانت حرّة طليقة غير مقيدة.

 قامت القافية في تركيبها اللغوي في القصيدة على الأسماء والصفات، ومن دلالة هذه الأخيرة الثبات، من أمثلتها(بالأحزان/المتوهّج النشوان)، ولهذا التركيب اللغوي دوره الدلالي في الأبيات فالشاعر بدا ثابتا في أخذ قراره، وكان حرّا في تعبيره عن نفسه بصدق وموقفه اتّجاه الحياة بعد غياب والده، فقد اعترف بأنّ الحياة نهر متوهّج نشوان، عاجة بالأفراح والمتع واللّذّات، لا يستطيع المرء التّحكم بمشاعره اتجاهها وحبسها قيد الأحزان والمآسي وهذه طبيعة انسانية. يجسّد ذلك قوله:

وإذا الـتـشـاؤم بالـحـيـاة ورفـضـــــــــــهـا        ضــرب مــن البـهـتـان والـهـذيـان

إنّ ابــن آدم فــي قـــرارة نـفـســــــــــــــــه                 عـبـد الـحـيـاة الـصـادق الإيـمــان

منحت القافية في قصيدة الاعتراف إيقاعا متواصلا أكسبها سمة الديمومة، خاصة بتلاحقها ذا التوازن التركيبي والصوتي الذي ولّد إيقاع التّكرار المتسارع الذي هو جزء كبير يساهم في “وحدة الإيقاع والنغم”25، وعليه فالقافية جاءت مناسبة لغرض الشاعر.

الروي: يعدّ الروي أحد الأركان الأساسية في القافية:

الرّويّ لغة :

ورد في لسان العرب: “روى الحبل ريّا فارتوى، والرّواء بالكسر والمد: حبل من حبال الخباء، وقد يشدّ به الحمل والمتاع على البعير”26.

  يتجلى من المفهوم اللغوي أن الروي ما يُشَدُّ به الحمل والمتاع وهو في الشعر ما تُشَدُّ به القصيدة.

 الرّويّ اصطلاحا:

قيل “سمّي رويّا لدلالته على التّأني والفكر والتّدقيق في اختيار الحرف المناسب وتكراره بعينه بشكل حريص في كل أبيات القصيدة كما أنّ هناك من اعتبره رويّـا أي عصمة يتم بها تماسك الأبيات وعدم تفرّقه”27، والرّويّ هو الحرف الأخير من كل بيت وهو الذي تبنى عليه القصيدة وتنسب إليه، إذا غلب فيها صوت الراء نقول قافية رائية وإذا غلب فيها صوت الدال قلنا قافية دالية28.

إذن فالرّويّ هو الحرف الذي تبنى عليه القصيدة وتنسب إليه، ويتخيّر الشاعر فيه الحروف العالية الجودة البالغة الوقع الموسيقي، ومعروف أنّ حروف الهجاء تتفاوت في الموسيقى، لذا لا تصلح لأن توظّف كلّها كرويّ.

الرّوي في قصيدة الاعتراف:

يقول الشاعر أبو القاسم الشابي:

مـا كنـت أحسـب بعـد مـوتـك يـا أبـي    ومـشـاعــري عـمـيـاء بـالأحــزان

أنّـي سأظمأ للحـيــاة وأحتـســي                     مـن نهـرهـا المـتـوهـّج الـنّـشـوان

وأعـود للـدّنـيـا بـقـلــب خــافــــــــــــــقٍ                   للـحـبّ والأفــــراح والألـــحـــــــــــان

نكتشف أنّ الشاعر قد اعتمد على نمط القصيدة العمودية بحيث اعتمد على رويّ واحد من بداية القصيدة إلى نهايتها وهو صوت النون “وهو صوت لثوي متوسط مجهور أنفي منفتح”29. استخدم الشاعر النون كوسيلة لإثارة الإيقاع والنّغم من جهة، فصوت النون خلق حركة إيقاعية متتابعة تنفذ إلى نفس المتلقي وتعمل فيها عمل السّحر بسبب ذلك التشكيل النغمي المتواصل والمتتابع. ومن جهة أخرى أدّى وظيفة دلالية وافقت حالة الشاعر النفسية التي تركت الآهات والأحزان الناجمة عن موت الأب وغيابه وعادت ثانية إلى الحياة لتتمسّك بها من جديد وتعيش تلك النشوة والألحان والألوان التي تتّصف بها الحياة.

الخاتمة: اتضح لنا بعد هذه الدراسة:

أن الإيقاع أعمّ من الوزن باعتباره يشمل مختلف تشكيلات القصيدة أما الوزن فهو جزء منه، وأن الإيقاع نوعان إيقاع داخلي وإيقاع داخلي وأن الإيقاع الخارجي يشتمل على الوزن والقافية، وأُطلق عليه أيضا بعلم العروض، والوزن هو التفعيلات المتكرّرة في الأبيات، وقد لاحظنا أن اعتمد الشاعر بحر الكامل ووُفّق في استخدامه بحيث جاء مناسبا لحالته النفسية خادما للدّلالة والإيقاع كما اعتمد الزحافات والعلل، هذه الأخيرة قضت على الرتابة الممّلة والتكرارية التي تمنحها نفس التفعيلة، وارتأينا أن القافية جاءت متواترة مطلقة وهذا بدوره خدم القصيدة دلاليا وإيقاعيا واختار الشاعر صوت النون رويا وهذا بدوره ولد إيقاعا على مستوى القصيدة.

قائمة المصادر والمراجع

  1. أبو القاسم الشابي، ديوان أغاني الحياة، دار صادر للنشر والتوزيع، بيروت، ط2،2008.
  2. أبو السعود سلامة أبو السعود، الإيقاع في الشعر العربي، دار الوفاء للطباعة،
  3. ابن منظور، لسان العرب، م15، دار صادر بيروت، ط3، 2004.
  4. إبراهيم أنيس، موسيقى الشّعر العربي، مكتبة الأنجلو مصرية، ط3، 1965،
  5. اسماعيل عز الدين، الشعر العربي المعاصر قضاياه وظواهره الفنية والمعنوية، دار الفكر العربي، ط3.
  6. الخليل بن أحمد الفراهيدي، كتاب العين، معجم لغوي تراثي ترتيب ومراجعة: سلمان العنبكي ود/ داود سلّوم  ود/ إنعام داود سلّوم، مكتبة لبنان ناشرون، ط1.
  7. الزمخشري أبو القاسم جار الله محمود بن عمر بن أحمد، أساس البلاغة، تحقيق: محمد باسل عيون السود، ج2، منشورات محمد علي بيضاوي دار الكتب العلمية بيروت لبنان، ط1،1997، ص 332، مادة وزن
  8. الفيروز آبادي مجد الدين محمد بن يعقوب بن إبراهيم، القاموس المحيط، دار الكتب العلمية بيروت لبنان، ط1، 1999، ص127، مادة وقع.
  9. حسني عبد الجليل يوسف، التمثيل الصوتي للمعاني، الدار الثقافية للنشر القاهرة،
  10. العربي عميش، خصائص الإيقاع الشعري، دار الأديب للنشر والتوزيع، 2005
  11. بدوي عبده، دراسات في النص الشعري، دار الرفاعي الرياض، 1984.
  12. حازم القرطاجني، منهاج البلغاء وسراج الأدباء، تحقيق: محمد الحبيب بن خوجة، ط3، دار الغرب الاسلامي بيروت،1981.
  13. رشاد الدين مؤنس، المرام في المعاني والكلام، القاموس الكامل عربي عربي، دار الراتب الجامعية بيروت لبنان، ط1،2000، ص150، مادة وقع.
  14. صابر عبد الدايم، موسيقى الشعر العربي بين الثبات والتطور، مكتبة الخانجي القاهرة، ط3، 1993.
  15. علوي الهاشمي، فلسفة الإيقاع في الشعر العربي، ط1، المؤسسة العربية للدراسات و النشر.
  16. عبد الرحمان تبرماسين، العروض وإيقاع الشعر العربي، دار الفجر للنشـر والتوزيع، 3، 2001.
  17. غريد الشيخ، المتقن في علم العروض والقافية، دار الراتب الجامعية.
  18. كمال أبو ديب، في البنية الإيقاعية للشعر العربي، دار العلم للملايين، ط2، 1981.
  19. محمد صابر عبيد، القصيدة العربية الحديثة بين البنية الدلالية والبنية الإيقاعية، دار غيداء للنشر والتوزيع، ط1،.2016
  20. موفق قاسم خلف الخاتوني، دلالة الايقاع وإيقاع الدلالة في الخطاب الشعري الحديث، دار غيداء للنشر والتوزيع، ط1،2016.
  21. محمد مصطفى أبو الشوارب، جماليات النص الشعري، قراءة في أمالي الغالي، دار الوفاء الإسكندرية، ط1، 2005.
  22. محمد غنيمي هلال، النقد الأدبي الحديث، دار العودة بيروت، 1986.

Bibliography

  1. Abu al-Qasim al-Shabi, Diwan of Songs of Life, Dar Sader for Publishing and Distribution, Beirut, 2nd Edition, 2008.
  2. Abu Al-Saud Salama Abu Al-Saud, Rhythm in Arabic Poetry, Dar Al-Wafa for Printing.
  3. Ibn Manzur, Lisan al-Arab,
  4. Ibrahim Anis, Music of Arabic Poetry, Anglo-Egyptian Library, 3rd Edition, 1965,
  5. Ismail Ezz El-Din, Contemporary Arabic Poetry: Its Issues and its Artistic and Moral Phenomena, Dar Al-Fikr Al-Arabi, 3rd Edition.
  6. Al-Khalil bin Ahmed Al-Farahidi, Al-Ain Book, a heritage linguistic dictionary, arranged and reviewed by: Salman Al-Anbaki and Dr. Daoud Salloum and Dr. Inaam Daoud Salloum, Library of Lebanon Publishers.
  7. Al-Zamakhshari Abu Al-Qasim Jarallah Mahmoud bin Omar bin Ahmed, Asas Al-Balaghah, investigation: Muhammad Basil Oyoun Al-Soud, Volume 2, Publications of Muhammad Ali Baydawi, Dar Al-Kutub Al-Ilmia, Beirut, Lebanon.
  8. Al-Fayrouzabadi Majd al-Din Muhammad ibn Yaqoub ibn Ibrahim, The Ocean Dictionary, Dar al-Kutub al-Ilmiyya, Beirut, Lebanon1999.
  9. Hosni Abdel Jalil Youssef, Voice Representation of Meanings, Cultural House for Publishing, Cairo, 1998.
  10. Al-Arabi Omeish, Characteristics of Poetic Rhythm, Dar Al-Adeeb for Publishing and Distribution.
  11. Badawi Abdo, Studies in the Poetic Text, Dar Al-Rifai Riyadh, 1984.
  12. Hazem al-Qartagni, Minhaj al-Balagha and Siraj al-Adaba, investigation: Muhammad al-Habib Ibn Khoja, 3rd edition, Dar al-Gharb al-Islami, Beirut, 1981.
  13. Rashad Al-Din Mounes, Al-Maram in Meanings and Kalam, The Complete Dictionary of Arabic and Arabic, Dar Al-Ratb Al-Jamiah, Beirut, Lebanon.2000.
  14. Saber Abdel Dayem, The Music of Arabic Poetry between Stability and Evolution, Al-Khanji Library, Cairo, 3rd Edition, 1993.
  15. Alawi Al-Hashemi, The Philosophy of Rhythm in Arabic Poetry, 1st Edition, The Arab Foundation for Studies and Publishing
  16. Abd al-Rahman Tabermasin, Performances and Rhythm of Arabic Poetry, Dar Al-Fajr for Publishing and Distribution, 1, 2003, p. 37. Also see: Abu Al-Saud Salama Abu Al-Saud, Rhythm in Arabic Poetry, Dar Al-Wafa for Printing.
  17. Garyd ālšhaikẖ، ālmutqin fi ʿelmi ālʿaruwḍ wālqāfiy، dār ālrātib ālǧāmʿyة.
  18. Kamal Abu Deeb, On the Rhythmic Structure of Arabic Poetry, House of Science for Millions.1981, 1, 1997.
  19. Muhammad Saber Obeid, The Modern Arabic Poem between Semantic Structure and Rhythmic Structure, Dar Ghaida Publishing and Distribution,2016.
  20. Muwaffaq Qassem Khalaf Al-Khatouni, Significance of Rhythm and Rhythm of Connotation in Modern Poetic Discourse, Dar Ghaida Publishing and Distribution, 1, 2016
  21. Muhammad Mustafa Abu Al-Shawareb, The Aesthetics of the Poetic Text, Reading in Amal Al-Ghali, Dar Al-Wafa’, Alexandria, 1, 2005.
  22. Mohamed Ghonimi Hilal, Modern Literary Criticism, Dar Al-Awda Beirut, 1986.

الهوامش والاحالات:

  1. الفيروز آبادي مجد الدين محمد بن يعقوب بن إبراهيم، القاموس المحيط، دار الكتب العلمية بيروت لبنان، ط1، 1999، ص127، مادة وقع.
  2. رشاد الدين مؤنس، المرام في المعاني والكلام، القاموس الكامل عربي عربي، دار الراتب الجامعية بيروت لبنان، ط1،2000، ص150، مادة وقع.
  3. كمال أبو ديب، في البنية الإيقاعية للشعر العربي، دار العلم للملايين، ط2، 1981 ، ص230.
  4. الزمخشري أبو القاسم جار الله محمود بن عمر بن أحمد، أساس البلاغة، تحقيق: محمد باسل عيون السود، ج2، منشورات محمد علي  بيضاوي دار الكتب العلمية بيروت لبنان، ط1،1997، ص 332، مادة وزن.
  5. ابن منظور، لسان العرب، م15، دار صادر بيروت، ط3، 2004، ص205، 206، مادة وزن.
  6. موفق قاسم خلف الخاتوني، دلالة الايقاع وإيقاع الدلالة في الخطاب الشعري الحديث، دار غيداء للنشر والتوزيع، ط1،2016، ص11.
  7. علوي الهاشمي، فلسفة الإيقاع في الشعر العربي، ط1، المؤسسة العربية للدراسات و النشر، ص211.
  8. محمد مصطفى أبو الشوارب، جماليات النص الشعري، قراءة في أمالي الغالي، دار الوفاء الإسكندرية، ط1، 2005،  ص107.
  9. محمد غنيمي هلال، النقد الأدبي الحديث، دار العودة بيروت، 1986، ص461،462
  10. أبو القاسم الشابي، ديوان أغاني الحياة، دار صادر للنشر والتوزيع، بيروت، ط2،2008، ص236.
  11. حازم القرطاجني، منهاج البلغاء وسراج الأدباء، تحقيق: محمد الحبيب بن خوجة، ط3، دار الغرب الاسلامي بيروت،1981، ص 269.
  12. غريد الشيخ، المتقن في علم العروض والقافية، دار الراتب الجامعية، ص98.
  13. بدوي عبده، دراسات في النص الشعري، دار الرفاعي الرياض، 1984، ص56.
  14. محمد صابر عبيد، القصيدة العربية الحديثة بين البنية الدلالية والبنية الإيقاعية، دار غيداء للنشر والتوزيع، ط1،2016، ص253.
  15. عيسى فوزي، العروض العربي ومحاولات التطور والتجديد فيه، دار المعرفة الإسكندرية، 1999، ص25.
  16. ابن منظور، لسان العرب، م12، ص160، مادة قفو.
  17. الخليل بن أحمد الفراهيدي، كتاب العين، معجم لغوي تراثي ترتيب ومراجعة: سلمان العنبكي ود/ داود سلّوم  ود/ إنعام داود سلّوم، مكتبة لبنان ناشرون، ط1، 2004، ص690، مادة قفو.
  18. الفيروز آبادي، القاموس المحيط، ص432، مادة قفو.
  19. إبراهيم أنيس، موسيقى الشّعر العربي، مكتبة الأنجلو مصرية، ط3، 1965، ص 264.
  20. محمد مصطفى أبو الشوارب وزين كامل الخويسكي، العروض العربي صياغة جديدة، ج2، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، ص11.
  21. اسماعيل عز الدين، الشعر العربي المعاصر قضاياه وظواهره الفنية والمعنوية، دار الفكر العربي، ط3، ص67.
  22. العربي عميش، خصائص الإيقاع الشعري، دار الأديب للنشر والتوزيع، 2005، ص176.
  23. محمد صابر عبيد، القصيدة العربية الحديثة بين البنية الدلالية والبنية الإيقاعية، ص110.
  24. محمد صابر عبيد، م ن، ص99، 100.
  25. محمد صابر عبيد، م ن ، ص110. 
  26. ابن منظور، لسان العرب، م6 ، ص271، مادة رَويّ.
  27. صابر عبد الدايم، موسيقى الشعر العربي بين الثبات والتطور، مكتبة الخانجي القاهرة، ط3، 1993 ، ص 166.
  28. عبد الرحمان تبرماسين، العروض وإيقاع الشعر العربي، دار الفجر للنشـر والتوزيع، ط3، 2001، ص37.

وينظر، أبو السعود سلامة أبو السعود، الإيقاع في الشعر العربي، دار الوفاء للطباعة، ص100.

  1. حسني عبد الجليل يوسف، التمثيل الصوتي للمعاني، الدار الثقافية للنشر القاهرة، 1998، ص24.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *