التشاكل وفلسفة الإيقاع في الشعر العربي المعاصر؛ قصيدة “شيخ الطريقة” للشاعر  لؤي أحمد أنموذجا

د.رحمة الله أوريسي

ملخص البحث:

تسعى الدراسة إلى البحث في التشاكلات الصوتية والدلالية في القصيدة العربية المعاصرة بصفة عامة وقصيدة “شيخ الطريقة” للشاعر الأردني “لؤي أحمد” باعتبارهما عنصرين يسهمان في بناء نظام القصيدة ومنحها بعدا جماليا، ومن ثمة جاءت الإشكالية كالآتي:

فيما تتمثل جماليات هذا النص الشعري؟؟ وكيف يمكن أن نكشف عن جملة التشاكلات النصية البانية للإيقاع في هذه القصيدة العربية المعاصرة؟ كيف يسهم المنهج السيميائي في الكشف عن مكامن الجمالية في هذا النص الشعري؟؟كيف نبني الدلالة في قصيدة “شيخ  الطريقة “للشاعر الأردني” لؤي أحمد”؟إلى غيرها من الأسئلة التي تتناسل من بعضها البعض. وللإجابة عن كل ذلك سنستعين بالمنهج السيميائي الذي سيساعدنا في الكشف عن جملة التشاكلات الصوتية والدلالية والوصول إلى الدلالات التي يحيل عليها النص الشعري.

الكلمات المفتاحية: السيمياءالإيقاعالتشاكلالدلالة.

Morphology and the philosophy of rythme in the contemporary Arabic poetry ; The poem “Sheikh of the Way” by Louay Ahmed as a model

Abstract:

Morphology and the philosophy of rythme in the contemporary Arabic poetry ; The poem “Sheikh of the Way” by Louay Ahmed as a model

Abstract:

This study seeks to research the phonemic and semantic morphologies in the contemporary Arabic poem in general and the poem “Sheikh of the Way” by the Jordanien poet “Loay Ahmed” as two elements that contribute to building the poem’s system and giving it an aesthetic dimension. Hence, the problem came as follows:

1-What are the aesthetics of this poetic text??

2-And how can we reveal the total of textual variations that build the rhythm in this contemporary Arabic poem?

3-How does the semiotic approach contribute to revealing the hidden aesthetics in this poetic text??

 Questions that reproduce from each other. In order to answer all of this, we will use the semiotic approach, which will help us in revealing the total of phonetic and semantic problems and reaching the connotations to which the poetic text refers.

Keywords: semiotics, rhythm, morphology, semantics.

المداخلة:

يقول رولان بارت: «يبدأ النص غير الثــــــــابت

النص المستحيل مع الكاتب “أي مع قــارئه”»

رولان بارت “لذة النص”.

    تمهيد:

يقال أن اللذة أمر لا يصدق فهي؛ أمر غير معقول، بل أمر غير قابل للعقلنة. ولكن يبقي عليّ أن أقول: إني أعشق اللغة، فإذا أعلنت عشقي للمحبوب أعلنت عشقي للمكتوب([1])، هكذا تحدث “رولان بارت” عن اللذة، وهكذا يُقحمنا الشاعر الأردني “لؤي أحمد” في علاقة وصال، ويستدرجنا من خلال قصيدته “شيخ الطريقة” تاركا لذة مختلفة عالقة في ذهن كل متلقٍ لهذه القصيدة؛ وأول انطباع يرتسم في أذهاننا عندما نكمل القراءة الاستكشافية  هو تلك النغمة الصوتية المتشاكلة التي شكلت ظاهرة بارزة ونظاما بانيا للقصيدة سواء أكانت على مستوى الإيقاع/ المستوى الصوتي أم على المستوى الدلالي، وبين الشكل والدلالة تتمظهر اللذة المنبثقة من جماليات هذا النص الشعري. انطلاقا من هذا التصور يمكن أن نطرح الإشكالية الآتـــــــــــية:

  • فيما تتمثل جماليات هذا النص الشعري؟ وكيف يمكن أن نكشف عن جملة  التشاكلات النصية البانية للإيقاع في هذه القصيدة العربية المعاصرة ؟كيف يسهم المنهج السيميائي في الكشف عن مكامن الجمالية في هذا النص الشعري؟؟كيف نبني الدلالة في قصيدة “شيخ  الطريقة “للشاعر الأردني” لؤي أحمد”؟. إلى غيرها من الأسئلة التي تتناسل من بعضها البعض. وقبل الإجابة عن هذه الإشكالات سنحاول الإلمام ببعض المصطلحات المتعلقة بموضوع الدراسة. وسنبدأ بــــــ:
  • التشاكل Isotopie:

يمثل التشاكل أحدَ أهم العناصر التي تسهم بشكل كبير في انسجام واتساق النص الأدبي بعامة والشعري بخاصة؛ فهو من أهم المفاهيم الإجرائية في تحليل الخطاب؛ حيث خضع إلى تطوير وتوسيع على مستوى المفهوم والإجراء حتى صقل على هيئة نظرية لتحليل النص من جميع جوانبه متجاوزا في ذلك البنية المعجمية السطحية إلى تتبع سلسلة الإحالات المنفكة من عقال المعنى على مستوى البنية العميقة([2])،ولعل وصوله إلى هذه النتيجة التي جعلت منه نظرية في التحليل انبنت وفقا للكثير من الاختلافات التي اتخذها المصطلح عند الغرب والعرب، الأمر الذي أدى إلى تفرعه لأنواع منها ما ارتبط باللفظ والصوت ومنها ما ارتبط بالدلالة، وغيرها. وسنحاول في هذا المقام إعطاء نبذة عن التشاكل وأنواعه دون التعمق في تاريخ نشأته، والاختلافات الحاصلة في مفهومه، والجدل الحاصل بين النقاد، كما أننا سنحاول التركيز في تحليلنا على الجانب: الصوتي والدلالي.

يمكن القول بداية بأن كل «نص أدبي يقوم على التشاكل أكثر من التباين»([3])؛ أي أنّ التشاكل هو العنصر الغالب أما التباين أو الاختلاف فهو عنصر فاعل يسهم بشكل كبير في تأسيس الدلالة([4]) لكنه حاضر في النص الأدبي بصورة أقل مقارنة بنظيره/التشاكل.

وبالبحث في طبيعة هذا المصطلح سنجد بأنه يضرب بجدوره في عمق الدرس السيميائي([5])؛ وقد اتفق على هذا الرأي ثلة من النقاد العرب الذين ارتكزوا في رأيهم على بدايات ظهور مصطلح التشاكل عند الغرب الذي ارتبط ارتباطا وثيقا بالسيميائي الفرنسي “جوليان غريماس  (J.Greimas، الذي استعار المصطلح من مجال الفيزياء ونقله إلى مجال الدراسات اللغوية والنقدية([6])ليخص به المضمون قائلا: «بأنه مجموعة متراكمة من المقولات المعنوية” أي المقومات التي تجعل قراءة متشابكة للحكاية، كما نتجت عن قراءات جزئية للأقوال بعد حل إبهامها، هذا الحل نفسه موجه بالبحث عن القراءة المنسجمة»([7]) ولعل هذا المفهوم ارتبط أكثر بالتشاكل الدلالي الذي يسهم بشكل كبير في انسجام النص الأدبي الذي اعتبره “محمد مفتاح” من أهم عناصر التماسك النصي لارتباطه بالنموذج التماسكي النسقي الموسع الذي أخذه من “ديجين سون شا”([8]). ولو تأملنا قليلا هذا المفهوم لوجدنا بأنه يختلف عمّا ورد في نظريات تأويل الاستعارة التي سميت بمســـــميات عديدة لعل أبرزها التشاكل Isotopie. ([9])انطلاقا من هذا التصور يمكن اعتبار التشاكل الوجه الآخر للاستعارة؛ أو الركن الأساسي الذي تفرضه اللغة في أي زمان ومكان؛ لأنها تحيا وتتطور بحياة الشعوب وتطورها، وتحقق أدبية الأدب بإقامة الألفة بين ما كان مختلفا والجمع بين المتباعدين والتأليف بين الأضداد، والسماح بقيام ضروب البلاغة المتنوعة لتوازي اللغة وذلك بإدخال لغة بإزاء لغة قصد الجمع بين المتناقضات ([10])من هنا يمكن اعتبار التشاكل من أهم الإجراءات التي استخدمت في تحليل النص الأدبي الذي يجمع بين المتناقضات التي تفرض التركيز على الجانب الإيحائي([11])، والذي يعتبر من أهم الجوانب التي تركز عليها السيميائيات.

وبالبحث في المفاهيم اللغوية الخاصة بالمصطلح نجد بأنه ورد في معجم لسان العرب لابن منظور بأنه مأخوذ من مادة {ش-ك-ل} «وقد تشاكل الشيئان، وشاكل كل واحد منهما صاحبة. كقولنا: في فلان شبه من أبيه وشكل وأشكلة وشكلة وشاكل ومشاكلة{…}والمشاكلة الموافقة والتشاكل مثله»([12])ولعلنا نفهم بأن المصطلح يتخذ دلالة التماثل والتشابه، وهذا ما التمسناه في الكثير من المعاجم اللغوية الأخرى كالقاموس المحيط([13])، وتاج العروس([14])، وغيرهامن المعاجم التي لا تبتعد عن دلالة التماثل والتشابه. ولعل هذا ما أكده محمد القاضي وآخرون في “معجم السرديات “الذي يقول فيهبأن «الملفوظ المتشاكل هو ذاك الذي يحمل تكرارا يوفر انسجام معناه»([15])؛ وقد ينبني هذا الانسجام على تباين الملفوظات أيضا كما هو حاصل  في دراسة النصوص السردية التي ينبني فيها التشاكل على محاور التواتر التي تخترق النص من قبيل العديد من التشاكلات كالتشاكل السياسي” السلطة: القهر، والتشاكل الاجتماعي “الأسرة/الأنوثة “والتشاكل الاقتصادي “التجارة/الثروة”ويمكن أن تنشأ بين التشاكلات الماثلة في النص علاقات تنشأ عنها “حزم” تتحرك فيه فتتعاقب وتتقاطع وتهبه بذلك خصوصيته وطاقته الدلالية([16]). لو تأملنا جيدا التصور الأخير المبثوث في معجم السرديات سنجد بأن فيه إحالة على طبيعة التشاكل ودلالته التي تتضمن الحقل المعجمي، أو الجذر المشرك الذي تشترك فيه المفردات/ الكلمات مع دلالة واحدة. وحتى لا نضيع في متاهة المصطلح وإشكالات دلالته عند العرب والغرب يمكن القول بأن التشاكل أهم إجراء نقدي بوسعه الإحاطة أو الاقتراب من هذه التعالقات الغامضة، لما يمتلكه من قدرة على تجميع الرموز المبثوثة على امتداد النص المتوارية وإعادة تفكيكها([17])، ولو بحثنا عن جملة التعالقات أو التماثلات، أو التقابلات في النص الشعري الذي بين أيدينا “شيخ الطريقة” لوجدنا بأن هناك تعالقات صوتية، وأخرى دلالية. وعليه قبل البدء في معرفة دلالة هذه الأنواع؛ وأعني التشاكل الصوتي، والدلالي، واستخراجها من قصيدة “شيخ الطريقة” للشاعر الأردني “لؤي أحمد “سنقف عند العنوان، ونحاول معرفة التشاكلات المتمظهرة على مستوى هذه العتبة، وعلاقتها بدلالة القصيدة.

  1. سيميائية العنوان

وسم الشاعر قصيدته بـــ “شيخ الطريقة” وأصل العبارة مبتدأ لخبر محذوف تقديره “هذا”؛ شيخ مبتدأ، وهو مضاف والطريقة مضاف إليه. وإذا نظرنا إلى العنوان من حيث نحو النص فإن العنوان برمّته مبتدأ خبره في المتن ولكن السؤال المطروح: لماذا صاغ الشاعر عنوانه بهذه الشكل؟ ومن هو هذا الشيخ؟ هل هو الشاعر نفسه؟ أم هناك شيخ آخر يصدّر الشاعر لنا طريقته في هذا النص الشعري؟ لعلنا سنتعرف عليه داخل هذا المتن الشعري؛ فلو انطلقنا من طبيعة العنوان: هذا شيخ الطريقة، فبطبيعة الحال ستكون الإجابة في القصيدة؛ لأن اسم الإشارة هذا للتقريب، وكأن الشاعر من خلال هذا الاسم “هذا” يخبرنا ضمنيا بأنه هو “شيخ الطريقة” بل ربما وضع هذا العنوان حتى يكون ذا دلالات متنافرة تؤسس لسؤال إشكالي، يكون النص بأكمله محاولة للإجابة عنه([18])ولعل هذا ما يسمى بمفارقة العنوان.

ولو توقفنا عند جملة “شيخ الطريقة”وحاولنا البحث في دلالتها، فسنجد بأنها تضرب في عمق الفلسفة الصوفية؛ فالشيخ في المدرسة الصوفية هو المرشد الذي يلقى إليه المريد نفسه،ويمنحه القيادة والتي تكون بشروط: علم صحيح، وهمة عالية، وحالة مرضية، وبصيرة نافذة، ولا يمكن أن يكون الشيخ شيخا إنّ وجد ناقصا عن تلك الشروط الخمسة([19])ـ ولو تأملنا القصيدة لوجدنا بأن لفظة شيخ تكررت على مستوى النص ثلاث مرات؛ فكانت في العنوان وفي آخر النص؛ أما المرة الثالثة فجاءت بالجمع؛ في قوله أشياخ شعري، أما لفظة الطريقة فقد تكررت على مستوى النص أربع مرات؛ فكانت في عتبة العنوان وفي آخر النص، لتأتي مفردات مشتقة منها كمفردة الطريق في قوله:”أشياخ شعري في الطريق”ومفردة طريقه في البيت الرابع عشر في قوله”ضلّ حاصرنا طريقه”. وهنا الشاعر حاول أن يشتق من المفردة نفسها كلمات من نفس الجدر اللغوي“طرق”والتي تشاكلت مع باقي الكلمات والجمل لتؤسس الدلالة التي يرغب الشاعر في إيصالها؛ فالطريق هنا يحمل بين طياته دلالة رمزية تتمثل في المسلك أو المسار الذي يتبعه كل شخص يريد أن يصل إلى غايته أو هدفه؛ والشاعر هنا استحضر جملة”شيخ الطريقة”ليوضح طريقته ومساره في الكتابه الشعرية؛لأنه هنا يوازي المتصوفة في مسالكم وطرائقهم فشيخ الطريقة يحمل دلالة صوفية؛والطريقة هي مسلك من مسالك المتصوفة  فيكون الشاعر قد لبس بردة المتصوف ليتوازى معه بحثا عن طريقة جديدة في قول الشعر وبذلك يكون شيخ نفسه، وقد برهن على ذلك من خلال استحضاره لمقومات الكتابة الشعرية في أول بيت شعري افتتح به قصيدته، ويظهر ذلك في قوله:”بـحرٌ وإيقاع وقافية أنيقة هي فتنة المهجور من لغتي العتيقة” ويظهر ضمير المتكلم/الشاعر في قوله:لغتي العتيقة”والتي قد تعبر عن طريقة الشاعر في الكتابة الشعرية، لأنه منذ البداية حدد مسار قصيدته في الإيقاع والبحور الشعرية والقافية التي باتت مهجورة في الزمن الراهن ،لأن القصيدة العتيقة (القديمة )هي القصيدة الخليلية التي حلت محلها قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر والهايكو، ولذلك فهو يدعو إلى العودة إلى القصيدة العتيقة في ثوب المعاصرة ويركز على هجران الشعراء المعاصرين للبحور الشعرية والقافية التي تشكل إيقاع القصيدة/هي فتنة المهجور، لذلك جعل قصيدته متكاملة، وكأن كل عضو فيها مكمل للعضو الآخر/لهذا الجسد؛ الذي يمثله الشكل والمتن:لغتي العتيقة =”اللغة الشعرية القديمة بكل تراكيبها الصوتية والصرفية والدلالية”. كما جعلها مدورة أيضا تبدأ لتنتهي عند نقطة البداية من خلال عودته إلى عتبة العنوان باستحضاره لجملة”شيخ الطريقة “في آخر بيت من قصيدته، وكأن كل بداية تظل بداية؛في”وصال جسدي([20])على حد قول رولان بارت. وهنا يمكن أن نفهم بأن التكرار غرضه عند الشاعر التأكيد على رؤيته الشعرية التي تبدأ لتنتهي عند نقطة البداية. وهذا يدل على أنه يؤمن بالتجدد والاستمرارية التي تجعله لا يكرر نفسه، ولا يؤمن بالنهاية التي تجعله لا ينتج الجديد.

 ومن ثمة يمكن أن نخلص إلى أن جملة “شيخ الطريقة” التي تكررت مرتين على مستوى الشكل الخارجي أسست لنا إيقاعا خارجيا بدأ وانتهى بنفس الوتيرة الصوتية التي تمظهرت في عتبة العنوان.   

  • التشاكل الصوتي:

ولو تأملنا جيدا هذا النوع؛ من التشاكل الصوتي سنجد بأنه مرتبط ارتباطا وثيقا بعناصر انسجام النص واتساقه، فهو إركام لعناصر صوتية تشيد انساج النص،واتساقه، ولعل هذه العناصر أو التناسقات الصوتية تبدأ من أصغر وحدة صوتية إلى أقصى وحدة تدخل في التشكيل اللغوي للنص ونعني بها–العناصر-التشاكل الذي تحققه الحروف”الصوامت والصوائت”([21])؛وينقسم هذا النوع إلى قسمين:قسم يرتبط بالإيقاع الخارجي للنص الشعري:”كالوزن والقافية، وحرف الروي، والحروف المهموسة والمهجورة والانفجارية..إلخ”، وقسم آخر يرتبط بالإيقاع الداخلي والذي يرتكز على التكرار كعنصر أساسي، إضافة إلى كل العناصر التي من خلالها يتمظهر الصوت الداخلي للقصيدة:”كالجناس،الترديد،الترصيع، المشاكلة”وغيرها،ويضاف التشاكل الجملي”التوازي”([22]) أيضا لهذا القسم المتعلق بالإيقاع الداخلي.وهنا يمكن القول بأن  كل هذه العناصر الصوتية تصب في مصلحة المعنى الذي يرغب الشاعر في إيصاله إلى المتلقي؛ فاستخدام أصوات بعينها وحرف الروي، والقافية حين يجتمعوا مع بعضهم يؤسسون لدلالة مقصودة.

وعليه يمكن أن نخلص إلى نقطة مهمة متعلقة بالتشاكل الصوتي بشقيه الداخلي والخارجي وهي أنه يقوم على التكرار الذي يعتبر مركز التشاكل والتراكم الكمي للأنماط التعبيرية من شعرية وجمالية باعتباره الوسيلة الوحيدة التي لا خلاف حولها لاكتشاف واقعة لغوية وتحديدها يؤكد المعنى ويثبته([23])وانطلاقا من هذه الرؤية يصبح الصوت رمزا أو شفرة لا تتأكد دلالته إلاّ داخل الخطاب الشعري بجميع بنياته؛ حيث تتحول العلاقة بين الصوت والمعنى من علاقة خفية إلى علاقة جدلية أكثر قوّة داخل النص، لذا فإيقاع الحروف يعمل على شدّ الصلة الجدلية بين بنية الإيقاع الخارجي والداخلي ([24]) ليتم إنتاج المعنى داخل القصيدة كبنية متكاملة. وسنحاول في هذا السياق البحث عن الإيقاعات الخارجية والداخلية الخاصة بقصيدة “شيخ الطريقة” وسنبدأ بــــــ:

  • الإيقاع الخارجي:

إنَّ المتأمل لهذه النص الشعري سيجد بأن الصوت المتكرر فيه هو “حرف القاف” الذي جعله الشاعر حرف روي لقصيدته؛ ولا نبالغ حين نقول بأنه أجاد في رسم إيقاع القصيدة، الداخلي والخارجي؛ فحرف “القاف“الذي اختاره الشاعر كروي لقصيدته له وقعه وأبعاده النفسية سواء على المستوى الصوتي أم الدلالي؛ ولعل حضوره خلق لحنا فنيا متناسقا شد المتلقي من خلاله، وكل ذلك بسبب النغم الشعري الذي توّلد من وراء القافية وحرف الروي”؛بدءا من العنوان حتى نهاية النص الشعري، وهذا يدل على أن الشاعر يمتلك أذنا موسيقية حاول من خلالها أن يزيد القيمة الإيقاعية لعباراته ليشد من وقع الكلمة في النفس الإنسانية؛ فقوله:

بـحرٌ وإيــــــقــاعٌ وقـــــافِـــيــــــةٌ أَنــــــيـــقَـةْ هيَ فـــتــنـــةُ الـمهــجـورِ مــن لغـــتـي العَـــتيــــقــةْ

بــيضاءُ في عينـي القَصيدةُ إنْ تَــكُنْ فــيـــها الــــنَّــــوافِـــذُ لا تُــطلُّ على حَديـــقَـــةْ

الشِّعرُ: أنْ يَطوي الـمَكانَ مـعَ الــــــزَّمـــانِ فَـــمٌ سَيخْــتــــزلُ العَــــوالــمَ في دَقــــيـقَــةْ

الشِّعرُ: أنْ تَــهَبَ الـمُـــؤَوِّلَ معنـــيــــيـنِ تـــنـــامُ بـــيـــنــهما الكـــنايـــــةُ مُـــســتَـــفـــيــقَـــــــةْ

فكل من: العتيقة/حديقة/دقيقة/مستفيقة/عميقة/غريقة/ ريقه/ سحيقة/ صديقة/ خليقة/ رحيقه/ بريقه/ طريق/منجنيقة/عريقة/حقيقة/سليقة/رقيقةهي ألفاظ ذات وقع موسيقي تحمل بين طياتها دلالة القوة؛ فالقاف حرف استعلاء، والشاعر في هذا المقام معتد بأناه، بل ربما اختار حرف القاف لأنه في موضع التحدى، ذلك أن جل العلامات الصوتية المتمظهرة فونولوجيا على مستوى النص تحيلنا على أن الشاعر يرغب في أن يبرهن على قوة شعره، ليبرز فرادته الشعرية؛ وما العنوان إلاّ أكبر دليل وبرهان على ذلك؛ فالشاعر استعار من الصوفية مفردة الشيخ؛ والشيخ هو المؤسس الأول للطريق،وهو الشخص المصرح له بتعليم وإرشاد المريدين، والدراويش المستنشقين بالعقيدة الإسلامية، وذلك بعد توثيق الرابطة معه، والشيخ عادة ما يطير بنفسه إلى طريق التصوف، وينظر إليه على أنه سيد الروحية؛ فهو يشكل الولاء الرسمي لتلاميذه،([25]) وهنا ا أراد الشاعر أن يعرّف الشعراء والنقاد بأنه غير متكلف؛ولا مقلّد؛بل يقول الشعر على السليقة، فحاول التماهي مع شيخ الصوفية ليرتقي بمكانته،ويحيل الآخر/ جملة الشعراء/النقاد على أنه يمتلك رؤية شعرية متفردة سامية خاصة به.ولعل هذا ما جعله متمظهرا في الجانب الصوتي الذي ينم عن وعيه التام باستحضاره لحرف انفجاري كحرف القاف والذي جعله يتشاكل مع الحالة الشعورية التي سيطرت عليه، ومن ثمة استطاع أن يطوع الوزن والقافية والحروف لخدمته، فربطهم بسياق يمنحهم قيمة دلالية غير التي وجدوا عليها أول مرة([26])فاختار وزنا، وقافية، وحرف روي يلق بالحالة التي تسكنه، والمقصدية التي يرغب في إيصالها. وبالبحث في جملة الدلالات التي وردت في الاصطلاح الصوفي على لسان الشيخ الأكبر ابن عربي لحرف القاف فسنجد بأنها داعية الحق، نزلها الله تعالى من القدرة إلى القلوب في القرآن، قال الله تعالى إشارة:”إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا.وفي مقام آخر قال الشيخ عبد العزيز الدباغ بأن القاف كناية عن البصيرة، أما الدكتور عبد الحميد صالح الحمدان فاعتبرها حرف نوراني،وسر قيومي([27])ولو تأملنا جملة الدلالات التي تواترت في الاصطلاح الصوفي لوجدنا بأنها تحمل في صميمها قيمة روحانية كقوله بأنها كناية عن البصيرة، ولعل هذا يعيدنا لتعريف الشعر الذي جسده الشاعر في البيت الخامس والذي يحمل دلالة البصير يقول الشاعر: الشعر ثالثة العيون بها ترى مالا ترى العينان في الصور الدقيقة.ولعل هذا اعتراف منه بأن الشاعر الحقيقي لابد أن يمتلك رؤية=بصيرة في الكتابة الشعرية.

  • الإيقاع الداخلي:

لكل نص شعري إيقاعه الخارجي والداخلي؛فالخارجي يعمل على تأطير النص ورسم موسيقاه وشكله من الخارج لجذب ولفت انتباه المتلقي، أما الداخلي فيعمل على تأثيث النص، وتأكيد دلالته. وبالبحث في طبيعة الإيقاع الداخلي سنجد بأنه لا يتشكل إلاّ من خلال جملة من العناصر المتمثلة في: الجناس، والطباق، والتصريع، والترادف..وغيرهاـ وقد لمحنا بعضا من هذه العناصر في هذا النص الشعري متمظهرة تراتبيا وبكثرة في الترادف،والتوالد،ليليهابعدذلك الطباق ثم الجناس. ولو حاولنا تعداد المترادفات المتوالدة مغن بعضها البعض، والمتضادات في هذا النص الشعري لوجدناها بكثرة نذكر منها:يختزل=يطوي،العيون=ترى،عيون=ترى،عميقة=موحية الزمان=دقيقة وغيرها، وهناك مترادفات ارتبطت بثقافتنا العربية؛ فالليل مثلا ارتبط بالعشاق، والبحر ارتبط بالشيخ، والشعر بالاختزال والحذف، والنار بالحرب، والحب بالحضن، والموت بالحقيقة، ..وغيرها من المترادفات، التي استحضرها الشاعر في هذا النص الشعري ليخلق نوعا من المفارقات الشعرية مانحا قصيدته بعدا وعمقا فلسفيا من خلال توليده اللامتناهي للدلالات بتوظيف هذا العنصر. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل عمد الشاعر إلى جعل أبياته الشعرية منسجمة بالتوالد؛ فلا ينتهي بيت شعري إلاّ تكون آخر فكرة فيه هي بداية البيت الآخر بطريقة مدورة، كقوله مثلا:

ما الليلُ؟: عاشــــقُ نــــــجــــمـــةٍ صيفيةٍ في البــــئــــرِ تَـــغسلُ وَجـــهَــهَا لتَبلَّ رِيـــــقَــهْ

ما البئرُ؟: خازنةُ الحَصى، عبثُ الطفولةِ بالصَّدى في جَرَّةِ الريحِ السَّحيقَه

        ما الريــحُ؟: ســـيَّــدةٌ تُــطــيِّــــرُ شَـــالَـــــهـا كي يَـــسقُطَ الصيَّـادُ بالــنَّـــارِ الصَديـــقَــةْ

ما النَّارُ؟: حَربُ الإخوةِ الأعداءِ قبلَ الأرضِ بعدَ الحبِّ مِنْ بَدءِ الخَليــقَـةْ

وعلى هذه الشاكلة ينسج الشاعر أبياته لينزاح من خلالها عن المألوف وعن الكتابة الشعرية المتعارف عليها،كما عمد إلى استخدام أحد أنواع المفارقة التي عرفت في التراث العربي بمسى “تجاهل العارف وهو ظاهرة يعمد إليها المتكلم من خلال طرح تساؤلات عما يعلمه حقيقة تجاهلا منه لنكتة وغاية يريدها أو هي سوق المعلوم مساق المجهول لنكتة تقصد لدى البلغاء، وله أغراض يخرج إليها كالتوبيخ،أو المبالغة في الذم،أو التعجب([28])وقد سعى الشاعر من خلاله اعتماده على هذا النوع إلى استمالة المتلقي لتأمل بعض المفاهيم، ومعرفة حقيقتها وعمقها والنظر فيها مرة أخرى من زاوية مختلفة غير التي تعود على رؤيتها منها، فكان يسأل ويجيب متجاهلا العارف عمدا فيقول:ما البحر؟ ما الليل؟ ما البئر؟ ما الريح؟ ما النار؟ ما الحب؟ ما الورد؟ ما الذكريات؟ ما الأمس؟ ما الشرق؟ ما الموت؟ وهذا قد يدل على أن الشاعر يضع المتلقي موضع السخرية من جهة،ويتعجب من جهة أخرى بتساؤله، ويضمن قصيدته أغراضا أخرى حاول من خلالها أن يؤسس لعالمه الشعري من جهة ثالثة. ولا نبالغ حين نقول بأن الشاعر استطاع أن يجعلنا نراجع تصوراتنا ورؤيتنا، ومفاهيمنا حول كل هذه المفردات: البحر، الليل، البئر، الريح، النار، الحب، الورد،والأمس..إلى غاية مفردة الموت، فالشاعر يطرح معاني غير مألوفة لمفردات تتردد على مسامعنا يوميا بدلالاتها العادية المألوفة، ولكنه أعطاها بعدا فلسفيا وعمقا مختلفا عمّا نعرفه. 

وقد لجأ الشاعر لاستخدام عنصر آخر نسج من خلاله إيقاعه الداخلي تجلى في الطباق الذي أسس لنا من خلاله ما يسمى بمفارقة الأضداد([29])،والتي سعى من خلالها إلى الجمع بين النقيضين في الدلالة اللغوية([30])ويمكن أن نمثل على ذلك بقوله:{تنام/ومستفيقة}، {سؤال/جواب} {محو/ وجد{يسقط/ يطير}،{أمس/حاضر}،{تكلف/سليقة}،{الريح/ النار} وكلها تندرج تحت نوع الطباق الإيجاب، وقوله {ترى/ولا ترى}هي طباق سلب،وهنا عمد الشاعر إلى مجاورة الأضداد بطريقة تستنفر القارئ وتسقطه في الهوة الواقعة بين الضدين، ليدرك حجم التناقض الواقع في الواقع([31]) وهذا ما نجده متمظهرا في تعريفه للشعر حين جمع بين المتناقضات في قوله:

الشِّعرُ: ثــالـــثـةُ العُـــيــونِ بـها تَــــرى مـــا لا تَـرى الـعَــيْـــنــانِ في الصــور الدقــيــــقَـةْ 

فاستحضاره لمفردة العيون، ودلالة الرؤية ونقيضها {لا ترى} في نفس الشطر الشعري فيه إحالة على البصير التي لا بد أن يمتلكها الشعراء. ولا يخلو النص من عناصر أخرى ساهمت في تأثيث النص وتشكيل إيقاعه الداخلي كحضور الجناس في البيت ما قبل الأخير والأخير في قوله:

بـيـنَ القَـــصـــــيــدةِ والقَــصـــيــــدَةِ شَــــــاعـــــرٌ لنْ يَـقرأَ الشُّـــعَراءُ حِـكمَـــتَـــهُ الرَّقـــيــــقَــــةْ:

أَشياخُ شـــعــــــــــــري في الطــريـــــق قــتــلتـــهــــم وقتلتُني مُــذْ قيلَ لـي: (شيخُ الطَّريقَةْ)

ففي البيت ما قبل الأخير يتمظهر الجناس التام في مفردتي {القصيدة/ والقصيدة} وفي البيت الأخير يتمظهر الجناس الناقص في قوله:{قتلتهم/وقتلتني}، وهو نوع من الاشتقاق أيضا الذي أسس من خلاله نهاية مختلفة أعادنا من خلالها مرة أخرى إلى عتبة العنوان.

وتجدر الإشارة كخلاصة حول التشاكل الصوتي إلى أن كل العناصر التي أسس من خلالها الشاعر إيقاعه الداخلي والخارجي مبنية على التكرار الذي هو أساس التشاكلات سواء منها الصوتية أم اللفظية أم الدلالية.ويمكن القول هنا بأن التكرار أتى على مستويات أيضا في هذا النص الشعري؛ فكان تكرارا اشتقاقيا كقوله:فقتلتهم وقتلتني/ البحروالبحار،العيون والعينان، وتوالديا كما سبق ومثلنا في عنصر المترادفات، ولفظيا مثل تكرار لفظة البئر، والنار، والحب، والذكريات،وغيرها من الأمثلة. وقد كان التكرار عنصرا فاعلا ومقصودا لغاية شكلية تمنح النص موسيقى خارجية وداخلية، وغاية دلالية أساسها تأكيد المعنى من جهة ومنحه تأويلات متنوعة.  

  • التشاكل الدلالي:

لقد ارتبط التشاكل الدلالي بجملة الاستعارات،والتشبيهات،والتناصات،والحقول المعجمية والعديد من العناصر التي تحقق دلالة النص الأدبي وتساهم في انسجامه، وسنحاول في هذا المقام أن نبحث عن جملة التشاكلات الدلالية التي ساهمت في تشكيل دلالة هذا النص. وقد بنى الشاعر الأردني”لؤي أحمد”قصيدته “شيخ الطريقة “على جملة من الاستعارات التي اتخذ منها واجهة لإبراز قصيدته في ثوب شعري جمالي يليق به، كما أجاد في رسم تشبيهاته، واستعاراته، والنصوص التي غرف منها ووظفها في هذا النص الشعري كاستحضارها للفلسفة الصوفية مثلا، ولمحمود درويش ثانيا، وللنص الديني ثالثا.. وغيرها. وقبل البدء في تعداد كل هذه العناصر، يمكن القول بأن الشاعر حاول في أن يضع المتلقي أمام لغز شعري فلسفي عميق، استطاع من خلاله أن يوزع مفاتيحه جيدا داخل هذا النص الشعري، وكأنه يتحدى المتلقي/القارئ/الشاعر/الناقد في كشفه، فبدأ بالكل/شيخ الطريقة ثم انتقل إلى الجزء/القصيدة التي احتوت على تساؤلات فلسفية عميقة تشبه في ذلك التساؤلات الوجودية التي يسألها الصوفي لنفسه قبل أن يرتقي لمرتبة الشيخ: ما الموت؟ ما الأمس؟ ما الشرق؟ ما البحر؟ ما الحب؟…إلخ؛ فلو تأملنا في عمق هذه الأسئلة لوجدنا بأنها أسئلة كونية بل هي سر الحياة،وسر الوجود في هذا الكون؛ فالشاعر لم يتوقف عند هذا القدر فحسب بل قام بتجزئة دلالات النص، فتكلم بصيغة ضمنية عن الشعر،معرفا إياه التعريف المعروف المتواتر في المعاجم اللغوي،وعند القدماء في تعريفهم للشعر بأنه كلام موزون مقفى،ويتضح ذلك في قول الشاعر:

بـحرٌ وإيــــــقــاعٌ وقـــــافِـــيــــــةٌ أَنــــــيـــقَـةْ هيَ فـــتــنـــةُ الـمهــجـورِ مــن لغـــتـي العَـــتيــــقــةْ

فأي متلق لهذا البيت الشعري سيفهم بأن الشاعر يختزل مفهوم الشعر، أو التصور العام الذي عرفه قدامى بن جعفر وغيره “كلام أو قول موزون مقفى يدل على معنى“، وهنا قد نفهم بأن الشاعر بدأ بالعام ثم خصص كلامه مستحضرا القدماء في قوله “لغتي العتيقة” اللغة التي هجرها المحدثون، ليأتي بعدها ويعرض تصوره الخاص للشعر، ورؤيته الشعرية التي ربطها بكونه الشعري في الأبيات الأخرى،فتبرز الأنا،ونبرة الاستعلاء التي نفهم من خلالها بأنه في حالة تحدى للمتلقي/القارئ/ الناقد/ والشاعر أيضا فيقول:

الشِّعرُ: أنْ يَطوي الـمَكانَ مـعَ الــــــزَّمـــانِ فَـــمٌ سَيخْــتــــزلُ العَــــوالــمَ في دَقــــيـقَــةْ

الشِّعرُ: أنْ تَــهَبَ الـمُـــؤَوِّلَ معنـــيــــيـنِ تـــنـــامُ بـــيـــنــهما الكـــنايـــــةُ مُـــســتَـــفـــيــقَـــــــةْ

الشِّعرُ: ثــالـــثـةُ العُـــيــونِ بـها تَــــرى مـــا لا تَـرى الـعَــيْـــنــانِ في الصــور الدقــيــــقَـةْ

الشِّعرُ: فَـــنُّ الـمحوِ والإيــــحاءِ إنْ وَجــــدَ الســؤالُ الضَّحلُ أجــوبــةً عَمــيـقــــةْ

فتكراره للفظة الشعر في هذا المقام أربع مرات تحيلنا مباشرة على رؤية الشاعر الشعرية التي أكدها  من خلال توظيفه لأربع عناصر أخرى مستحضرا من خلالها عناصر الحياة في الأبيات الموالية ليحيلنا على كونه الشعري؛فاستحضر {الماء/التراب/الهواء/ النار} ليؤكد على فكرته. وعليه تكراره للفظة الشعر أربع مرات لم يكن اعتباطيا بل كان مقصودا؛وكأنه يريد أن يخبرنا بأن الدلالات الأربع تحيلنا على أن الشعر هو الحياة،كما أن اختزاله لدلالة لشعر في هذه الأبيات في أربع دلالات، أو أربعة وجوه، أو عناصر يمكن ربطها مع ما  افتتح به القصيدة في قوله: بحر، وإيقاع، وقافية، ودلالة/لغتي العتيقة. وهنا نستنتج بأن الرقم أربعة يتكرر عن قصد ووعي. ليكمل الشاعر بعدها قصيدته مجزأ دلالة الشعر في أربع مفردات تمثلت في: الاختزال في الحضور الأول، والإيحاء في الحضور الثاني، والعمق والقيمة الفلسفية التي تسكنه في الحضور الثالث، أما الحضور الرابع فقد اختصره الشاعر في حقيقة الصياغة الشعرية. ولعل هذا الإضمار، والاختزال الفني لحقيقة الشعر، ودلالته لا يخرج إلاّ من وعي وعمق شيخ متفرد في الكتابة الشعرية حد التمكن، شيخ أسس لنفسه مملكة شعرية، بل عالما يشبه عالم المتصوفة؛ وهو العالم الذي تختلف فيه المفاهيم، والرؤى عن باقي العوالم فحين يقول الشاعر: الشِّعرُ: ثــالـــثـةُ العُـــيــونِ بـها تَــــرى مـــا لا تَـرى الـعَــيْـــنــانِ في الصــور الدقــيــــقَـةْ فيها دعوة ضمنية بأن الشاعر الحقيقي هو الذي يمتلك عينا ثالثة يرى بها ما لا يراه الآخرون مثل الصوفي تماما الذي يرى الحياة بمنظوره الخاص بعينه الثالثه؛ وهذا يدل على أن الشاعر الحقيقي هو الذي يمتلك رؤية وتصورا عن الحياة -والأشياء والأشخاص- مختلفة عن الآخرين، وهنا يحيلنا على ضرورة ارتقاء الشاعر بنفسه لمرتبة تجعله لا يشبه غيره. ومن ثمة أعادنا الشاعر مرة أخرى إلى العنوان/ شيخ الطريقة ليحيلنا على تميزه وتفرده بنفسه عن غيره. ليستمر بعدها في سرد عالمه الشعري/كونه الشعري في استحضار عناصر الحياة في قوله:

ما البحرُ؟: شـــيخٌ مُـــولَـــــعٌ بالسَّـــردِ يَــــروي قِــصَّـــةَ البـــــحَّـارِ للسُّفـــنِ الـــغَــريــــقَــةْ

ما الليلُ؟: عاشــــقُ نــــــجــــمـــةٍ صيفيةٍ في البــــئــــرِ تَـــغسلُ وَجـــهَــهَا لتَبلَّ رِيـــــقَــهْ

ما البئرُ؟: خازنةُ الحَصى، عبثُ الطفولةِ بالصَّدى في جَرَّةِ الريحِ السَّحيقَةْ

ما الريــحُ؟: ســـيَّــدةٌ تُــطــيِّــــرُ شَـــالَـــــهـا كي يَـــسقُطَ الصيَّـادُ بالــنَّـــارِ الصَديـــقَــةْ

ما النَّارُ؟: حَربُ الإخوةِ الأعداءِ قبلَ الأرضِ بعدَ الحبِّ مِنْ بَدءِ الخَليــقَـةْ

فالمتأمل لهذه الأبيات سيخلص إلى أن الشاعر يمتلك رؤية فلسفية مكنته من اختزال هذه الكون في مفردات تحمل في صميمها عمقا فلسفيا ورؤية وجودية.ولو أمعنا النظر قليلا في دلالة كل من البحر، والريح، والنار، والقبر،سنجد بأن الشاعر ارتكز على العناصر الأربعة المكونة للطبيعة، والمتمثلة في: الماء، والهواء، والنار، والتراب؛ فالبحر هو الماء، والريح هي الهواء، والقبر/الموت هو التراب/الأرض  والنار هي النار، وكأنه يريد أن يخبر كل من أبرموا معه عداوه، واتهموه بالتقليد في قوله:

   قـــبــلَ القصـــــيــــدةِ أَبْــــرمَ النُّــــقـــــادُ عَقْــــــدَ عَـــــــــداوةٍ بيــــــنَ التَّكــلفِ والسَلـــيــــقَـــــةْ

 بأنه يمتلك تركيبة كيميائه أسس من خلالها نصوصه الشعرية، وهنا تتمظهر الأنا؛ فالشاعر يسأل  لأنه يعرف جيدا بأنه مختلف،ويمتلك دلالة الأشياء والمفردات، بل ربما يحيلنا من خلال هذا الاستحضار بأنه الوحيد الخالق لمفاهيمه والذي يمتلك رؤية خاصة تمكنه من التميز عن غيره، ولن تمكن أي أحد آخر من تقليده حتى لو كان هو من يقلد نفسه. يقول الشاعر:

 بـيـنَ القَـــصـــــيــدةِ والقَــصـــيــــدَةِ شَــــــاعـــــرٌ لنْ يَـقرأَ الشُّـــعَراءُ حِـكمَـــتَـــهُ الرَّقـــيــــقَــــةْ:

يمكن أن نخلص إلى أن القصيدة توحي في مجملها بقوة الشاعر، وفرادته الإبداعية في اختزال الكون في جمل محبكة تحمل في صميمها دلالة عميقة؛فالشعر/والبحر/والليل/والريح/والنار ما هي إلاّ مفردات تحيل على ذلك، ليكمل الشاعر تساؤلاته الوجودية التي ارتبطت بالإنسان، فيشتق من نفسه ذاتا سائلا إيّاها عن دلالات أخرى كالأمس/والحب/والورد/والذكريات/والشرق/والموت وغيرها ويظهر ذلك في فقوله:    

ما الحبُّ؟: حِضنُ الشَّــوكِ يَـحرُسُ وَردةً ما شَـمَّها يـوماً ولا ذَاقَــتْ رَحيـقَـهْ

ما الوردُ؟: سرٌّ فائحٌ من دفتـــــرِ الـــــــذكرى طوتْهُ البــــنتُ كي تُـــخفي بَـــريــقَـــهْ

ما الذكرياتُ؟: غـــدٌ يَــشُدُّ لـحُزنـــــنَا اليــوميِّ أمـــساً ضـــلَّ حــــاضـرُنَـــا طريــــقَـــهْ

ما الأمسُ؟: شرقٌ سجـنــهُ تاريـخُهُ في الـمُتحفِ النَوَويِّ يَـــنصُبُ مِــنْجَنيقَهْ

ما الشرقُ؟: قـــبــــــرٌ مِــــنْ رَمـــــــــــادِ الأنـبـــــيَاءِ وحَاكمٌ من نسل آلـــــهةٍ عــــــريــــقـــة

ما الموتُ؟: مَـعـنـىً لا يُـــرامُ (فلمْ يَــــعُـدْ أَحـــدٌ مـــنَ الـمَوتى ليُـــخبرَنا الحقيقَةْ)

فكل هذه الأسئلة هي في حقيقة الأمر وجودية؛ أي أنها نابعة من عمق الفلسفة الوجودية، بالإضافة إلى أن الشاعر جسد من خلالها مقارنة بين القديم والحاضر؛ كيف كانت الحياة سابقا، وكيف أصبحت الآن، كيف كان الأمس محضر الحضارات العريقة والتاريخ العظيم، وكيف تم نسفه فأصبح مجرد جزيئات لا نراها إلاّ في المتاحف،كيف كان الشرق مبعثا للأنبياء، وكيف أصبح سليل آلهة عبدها البشر قديما، وقد يحيلنا هذا التصور على حكام العرب الذين أصبحوا يعبدون السلطة والمال، ويتمسكون بها كآلهة عريقة.. إلى غيرها من الدلالات التي تمظهرت في عمق هذا النص الذي نلتمس من خلاله بأن فيه دعوة ضمنية للتأمل؛ لأن الشاعر حين كتبه، لم يكتبه إلاّ عن وعي تام لما رآه من تغيرات حاصلة في واقعه، كما كتبه بأسلوب السهل الممتنع واختار له بحرا يبدو في الغالب بأنه سهل وهو البحر الكامل، ولكن نصه لا يندرج إلاّ داخل دائرة السهل الممتنع حيث جعل قافيته مطلقة، ليترك مساحة للقارئ للتساؤل الذي يجعل نصه ينفتح على التأويل ومن ثمة كان البحر مرفّلا؛ أي جعله مجزوء لتأتي التفعلية الأخيرة زائدة متفاعلاتن وفيها زيادة عن التفعيلة الأصلية للبحر متفاعلن، وكأنه يؤكد على الفكرة التي بني عليها هذا التحليل؛ وهي فكرة التميز، والتفوق؛ أي أنه يملك رؤية إضافية “زائدة”لا تشبه رؤى الآخرين،ولعل أكبر دليل على ذلك هو صياغته لهذه التساؤلات الشائعة التي يعرفها العادي ونسجه لها أجوبة فلسفية عميقة تجعلك تقف عندها وتبحث لها عن تأويلات، وقد يكون هذا نوع آخر من التحدي الذي أكد عليه الشاعر حين جعل نصه مثقلا بالتناصات، فوظف النص الديني سواء أكان كرؤية عامة أم كمفردات أحالنا من خلالها على القرآن الكريم؛ فرؤيته الشعرية وتحديه للآخر/القارئ/الناقد/الشاعر توازي في الشق الآخر من النص الديني تحدي الله سبحانه وتعالى بالقرآن الكريم الذي أنزله الله على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام لــــآل قريش الذين عرفوا ببلاغة قولهم/شعرهم،فخاطبهم الله من جنس ذاتهم/ اللغة/ ليعجزهم ويتحداهم بأن يأتوا بآية واحدة مثله، فلم يقو أحد على ذلك.والشاعر هنا استعار من المعجم الديني الرؤية والكلمات فكان في مقام التحدي باعتبار أن الشعر إلهام، ويمكن أن نقول–ضمنيا/ استعاريا- بأنه وحي. وعليه استعلى الشاعر بنفسه وشعره عن فئة الشعراء/النقاد/الذين يقابلهم في النص الموازي/آل قريش؛ لأنهم أبرموا معه عداوة كما أبرم آل قريش عداوة مع نبي الله محمد-عليه أفضل الصلاة والسلام- فرفع الشاعر من مقامه ليبلغ نفسه منزلة النبوة الشعرية ويتحدى غيره برؤيته، وبألفاظه أيضا التي استوحاها بعضها من النص القرآني فقوله:

 ما النار؟ حرب الإخوة الأعداء قبل الأرض، بعد الحب، من بدء الخليقة

فيها استحضار لقصة الإخوة الأعداء قابيل وهابيل، والعداء الذي نشب بينهما عندما تقبل الله قربانا من أحدهما ولم يتقبل من الآخر فحصل العداء، وقتل قابيل أخاه هابيل. ولعل هذه الحادثة اختصرها الشاعر في هذا البيت؛ الذي يوحي بمصير قابيل ألا وهو النار؛ فاختصر الشاعر دلالة النار في جملة موحية، مستعيرا من قصة قابيل وهابيل دلالة العداء التي حصلت بعد الحب؛ -أي بعد ما تقبل القربان من أحد دون الآخر-من بدء الخليقة،  وفي هذا إحالة ودعوة للعودة إلى التاريخ والبحث في أسباب أول صراع نشب بين البشرية فكان بسبب الحب وليس لأسباب أخرى كما صورها الفهم القديم.ولعل الأمر نفسه تكرر في قصة سيدنا يوسف عليه السلام، حين نشب العداء بين يوسف وإخوته، وكان ذلك بسبب الحب؛ أي بعد حب يعقوب لابنه يوسف، والمبالغة في ذلك؛فالحرب وقعت بعد الحب على قول الشاعر؛الأمر الذي يجعلنا نقر بأن كل عداء وخلاف ينشب بعد حبٍ. وقد استحضر الشاعر القصة نفسها/ قصة يوسف حين قال:

بــيضاءُ في عينـي القَصيدةُ إنْ تَــكُنْ فــيـــها الــــنَّــــوافِـــذُ لا تُــطلُّ على حَديـــقَـــة

فجملة “بيضاء في عيني القصيدة” قد تذكرنا بقوله تعالى: {وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ{ )يوسف84(كما استدعت الجملة نفسها الآية الكريمة:{…وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ..}) النمل الآية 12( والتي أحالنا الشاعر من خلالها على قصة سيدنا موسى والتي تتضمن دلالة العداء أيضا. ولو ركزنا قليلا في هذا البيت الشعري لوجدنا بأن الشاعر يريد أن يؤكد على عوالمه التي يغرف منها شعره/لا تطل على حديقة؛ فعالم الشاعر مزهر، وإن لم يكن كذلك فالقصيدة لا شيء إن لم تكن تحوي على معاني عميقة بل لن تولد إلاّ بيضاء؛أي خاوية/بياض الورق والقصيدة=الشعر=اللغة= الحبر=السواد،وحين تقول بيضاء=اللاقصيدة=اللاشعر=اللالغة. يقول الشاعر:

قـــبــلَ القصـــــيــــدةِ أَبْــــرمَ النُّــــقـــــادُ عَقْــــــدَ عَـــــــــداوةٍ بيــــــنَ التَّكــلفِ والسَلـــيــــقَـــــةْ

بـيـنَ القَـــصـــــيــدةِ والقَــصـــيــــدَةِ شَــــــاعـــــرٌ لنْ يَـقرأَ الشُّـــعَراءُ حِـكمَـــتَـــهُ الرَّقـــيــــقَــــةْ:

أَشياخُ شـــعـــري في الطــريـــــق قــتــلتـــهــــم وقتلتُني مُــذْ قيلَ لـي: (شيخُ الطَّريقَةْ(

فلفظة النقاد هنا في هذا النص الشعري، لا تحيلنا على النقاد تحديدا بالقدر الذي تحيلنا فيه على كل شخص اتهمه بأنه متكلف/مقلد، ليأتي رده مجسدا في هذا النص الشعري كإجابة على كل من أبرم معه عقد عداوة، متحديا بذلك كل من اتهمه بالتقليد والتكرار بأنه حكيم ولن يكتشف أي شخص حكمته، كما يتحداهم بإعجازه الشعري ليقول لكل هؤلاء بأنه قد يقتل نفسه في القصيدة إن قيل له بأنه مكرر لنفسه/شيخ الطريقة”/شيخ شعره/ مؤكدا في ذلك على سمة الاختلاف والتميز.

وعليه يمكن أن نخلص إلى أن التشاكل فتح لنا آفاق كثيرة في هذا النص الشعري الذي ركز فيه الشاعر على التكرارات التي تعد أساس التشاكل سواء منه اللفظي أم الصوتي أم الدلالي.وقد جعله الشاعر مادة دسمة صنع من خلالها نصا شعريا فارقا موظفا من خلاله جملة من التعالقات النصية سواء أكانت مع النص الديني؛ أم مع النص الشعري كاستحضاره للاقتباس الحرفي في قوله : (فلمْ يَــــعُـدْ أَحـــدٌ مـــنَ الـمَوتى ليُـــخبرَنا الحقيقَةْ)/محمود درويش. ومن ثمة ارتكز الشاعر على عنصر التناص في بداية قصيدته ونهايتها.ولعل أهم ملمح زاد من شعرية هذا العمل الشعري هو حضور  النص المقدس الذي أحالنا من خلاله الشاعر على نبل رؤيته، وقداسة طريقه، وطهارة العالم الذي غرف منه لغته، ومثاليته خاصة حين دمج بين رؤيته للقديم وتصوره للحاضر الذي هو فيه،والذي يريد أن يرى واقعه فيه، فكتب هذه القصيدة وأسس من خلالها طريقه، ليمنح المتلقي المتعة/اللذة التي تأتي هكذا دون استئذان،فهي حضور من غير سؤال،ووجود يعم كل شيء دون أن يتموضع فـــــــــي شيء ([32]) ولعل هذه القصيدة برمتها شكلا ومضمونا/إيقاعا ودلالة جسدت نوعا خاصة من اللذة؛ لأن الشاعر أوجد اللذة في نصه وجعلنا ننشدها من خلال هذه القراءة النقدية.

(د. رحمة الله أوريسي /باحثة وناقدة جزائرية   كلية الآداب واللغات/ جامعة قاصدي مرباح –ورقلة مخبر اللسانيات النصية وتحليل الخطاب)

قائمة المصادر والمراجع:

  • المصادر
  • لؤي أحمد، شيخ الطريقة، قصيدة شعرية مكونة من عشرين بيتا شعريا، كتبت على البحر الكامل المجزوء المرفل.
  • المعاجم:
  • ابن منظور أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم الأنصاري الإفريقي المصري،لسان العرب، مجلد4،دار المعارف،ط1، القاهرة ، مصر،1119.
  • الفيروز آبادي:القاموس المحيط، باب اللام/ فصل الشين، تر:محمد نعيم العقسوسي، مءسسة الرسالة،ط8، بيروت، لبنان، 2005م,
  • محمد القاضي وآخرون، معجم السرديات، مجموعة من المؤلفين،دار محمد علي للنشر، ط1، 2010م.
  • المراجع:
  • خيرة حمر العين جدل الحداثة في نقد الشعر العربي، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، سوريا، د.ط. 1996م.
  • رولان بارت، لذة النص، ترجمة منذر عياشي.
  • سهام صياد، التشاكل الصوتي في القرآن الكريم، جامعة الإخوة منتوري، قسنطينة 1.
  • شادية شقروش،سيميائية الخطاب الشعري في ديوان مقام البوح للشاعر عبد الله العشي، دار عالم الكتب الحديث للطباعة والنشر والتوزيع، ط1، الأردن، اربد، 2010م.
  • عبد الملك مرتاض، نظرية القراءة، تأسيس للنظرية العامة للقراءة الأدبية، دار الغرب للنشر والتوزيع، وهران، الجزائر، 2003م.
  • علاء حسين البدراني:فاعلية الإيقاع في التصوير الشعري، أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه، في فلسفة اللغة العربية وآدابها تخصص النقد الأدبي، كلية الآداب، بالجامعة العراقية، إشراف الأستاذ الدكتور: منذر محمد جاسم، 2012م.
  • محمد بن محمد بن علي التونسي الشاذلي الوفائي المالكي، أبو المواهب، قوانين حكم الإشراق إلى كل الصوفية بجميع الآفاق، الناسخ، مخطوط، الناسخ، أحمد بن عبد الرحمن الميري، تاريخ النسخ 1134ه.
  • محمد مرتضى الحسيني الزبيدي، تاج العروس،تر:عبد الفتاح الحلو،ج29، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، د.ط،1997م.
  • محمد مفتاح: التلقي والتأويل، مقاربة نسقية، ط1، المركز الثقافي العربي، بيروت/الدار البيضاء، 1994م.
  • محمد مفتاح: تحليل الخطاب الشعري” إستراتيجية التناص”، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ط3، 1992م.
  • مستورة بنت مسفر العرابي،صناعة المعنى في شعر محمد ابراهيم يعقوب مقاربة سيميائية، دار الانتشار العربي ونادي مكة الأدبي الثقافي،ط1، لبنان،بيروت، الملكة العربية السعودية، مكة،2020م.
  • نعيمة سعدية، الأسلوبية والنص الشعري، المرجعية الفكرية والآليات الإجرائية، دار الكلمة للطباعة والنشر والتوزيع، ط1، الجزائر، 2016م.
  • وداد بن عافية:دلائلية التشاكل في تنويعات استوائية لسعدي يوسف دراسة سيميو تأويلية،ورقة نقدية مقدمة للملتقي الدولي السادس بعنوان: السيمياء والنص الأدبي.

List of sources and references:

  • Sources
  • Louay Ahmed, Sheikh of the Order, a poetic poem consisting of twenty lines, written on the perfect, fragmented, and erected sea.
  • Dictionaries:
  •  Ibn Manzur Abu al-Fadl Jamal al-Din Muhammad ibn Makram al-Ansari the African Egyptian, Lisan al-Arab, Volume 4, Dar al-Maaref, i 1, Cairo, Egypt, 1119.
  •  Al-Fayrouz Abadi: The Ocean Dictionary, Bab Al-Lam / Fasl Al-Shin, tr: Muhammad Naim Al-Askoussi, Al-Resala Foundation, 8th edition, Beirut, Lebanon, 2005 AD.
  •  Muhammad Al-Qadi and others, Dictionary of Narratives, a group of authors, Muhammad Ali Publishing House, 1, 2010 AD.
  • References
  • Khaira Hamar Al-Ain, The Controversy of Modernity in Criticism of Arabic Poetry, Publications of the Arab Writers Union, Damascus, Syria, d. 1996 AD.
  • Roland Barthes, The Pleasure of the Text, translated by Munther Ayachi.
  • Siham Sayyad, Phonemic Morphology in the Noble Qur’an,Mentouri Brothers University, Constantine 1.
  • Shadia Shaqroush, The Semiotics of Poetic Discourse in the Diwan of the Maqam Al-Bah by the poet Abdullah Al-Ashi, House of Modern Books World for Printing, Publishing and Distribution, 1st Edition, Jordan, Irbid, 2010.
  • Abdul Malik Murtad, Theory of Reading, Establishing the General Theory of Literary Reading, Dar Al Gharb for Publishing and Distribution, Oran, Algeria, 2003 AD.
  • Alaa Hussein Al Badrani: The Effectiveness of Rhythm in Poetic Painting, a thesis submitted to obtain a PhD, in the philosophy of Arabic language and literature, specializing in literary criticism, College of Arts, Iraqi University, supervised by Prof. Dr. Munther Muhammad Jassim, 2012 AD.
  • Muhammad bin Muhammad bin Ali Al-Tunisi Al-Shazly Al-Wafa’i Al-Maliki, Abu Al-Mawahib, the laws of the rule of sunrise to all Sufis in all horizons, the copyist, manuscript, the copyist, Ahmed bin Abdul Rahman Al-Miri, date of copy 1134 AH.
  • Muhammad Murtada Al-Hussaini Al-Zubaidi, Taj Al-Arous, t.: Abdul Fattah Al-Helou, Volume 29, The National Council for Culture, Arts and Letters, Kuwait, d. T, 1997 AD.
  • Muhammad Muftah: Reception and Interpretation, a Systematic Approach, 1st Edition, The Arab Cultural Center, Beirut/Casablanca, 1994.
  • Muhammad Muftah: Analysis of the poetic discourse, “The Intertextuality Strategy”, the Arab Cultural Center, Casablanca, 3rd edition, 1992.
  • Mastoura Bint Misfir Al-Urabi, The Making of Meaning in the Poetry of Muhammad Ibrahim Yaqoub, a Semiotic Approach, Dar Al-Intisar Al-Arabi and Makkah Literary Cultural Club, 1st Edition, Lebanon, Beirut, The Queen of Saudi Arabia, Mecca, 2020.
  • Naima Saadia, Stylistics and Poetic Text, Intellectual Reference and Procedural Mechanisms, Dar Al-Kalima for Printing, Publishing and Distribution, 1st Edition, Algeria, 2016.
  • Wedad bin Afia: Evidence of Morphology in Tropical Variations by Saadi Youssef, an Interpretive Semio Study, a critical paper presented to the Sixth International Forum entitled: Semiotics and the Literary Text.

الهوامش والإحالات:


[1]–  رولان بارت، لذة النص، ترجمة: منذر عياشي، مركز الإنماء الحصاري، ط1، سوريا، حلب،د.ت، ص10.

[2] – وداد بن عافية: دلالية التشاكل في تنويعات استوائية لسعدي يوسف دراسة سيميو تأويلية، ورقة نقدية مقدمة للملتقي الدولي السادس بعنوان: السيمياء والنص الأدبي، مرجع إلكتروني،ص274.

[3] – عبد الملك مرتاض، نظرية القراءة، تأسيس للنظرية العامة للقراءة الأدبية، دار الغرب للنشر والتوزيع، وهران، الجزائر، 2003م، ص126.

[4] – المرجع نفسه، ص126.

[5] – مستورة بنت مسفر العرابي، صناعة المعنى في شعر محمد ابراهيم يعقوب مقاربة سيميائية، دار الانتشار العربي ونادي مكة الأدبي الثقافي، ط1، لبنان،بيروت، الملكة العربية السعودية، مكة،2020م،ص44.

[6] – محمد مفتاح: تحليل الخطاب الشعري” إستراتيجية التناص”، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ط3، 1992م، ص19.

[7] – محمد مفتاح: تحليل الخطاب الشعري ، مرجع سابق،ص20.

[8] – شادية شقروش،سيميائية الخطاب الشعري في ديوان مقام البوح للشاعر عبد الله العشي، دار عالم الكتب الحديث للطباعة والنشر والتوزيع، ط1، الأردن، اربد، 2010م، ص124.

[9] – شادية شقروش،سيميائية الخطاب الشعري في ديوان مقام البوح للشاعر عبد الله العشي ،المرجع السابق، ص124.

[10] – نفسه، ص124.

[11] – محمد مفتاح: التلقي والتأويل، مقاربة نسقية، ط1، المركز الثقافي العربي، بيروت/الدار البيضاء، 1994م، ص159م.

[12] -ابن منظور أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم الأنصاري الإفريقي المصري،لسان العرب،مجلد 4،دار المعارف،ط1،القاهرة، مصر، 1119، ص 2310.

[13] – الفيروز آبادي:القاموس المحيط، باب اللام/ فصل الشين، تر:محمد نعيم العقسوسي، مءسسة الرسالة،ط8، بيروت، لبنان، 2005م، ص1019.

[14] – محمد مرتضى الحسيني الزبيدي، تاج العروس،تر:عبد الفتاح الحلو،ج29، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، د.ط،1997م، ص269-276.

[15] – محمد القاضي وآخرون، معجم السرديات، مجموعة من المؤلفين،دار محمد علي للنشر، ط1، 2010م، ص 92.

[16] – نفسه ، ص92.

[17] – خيرة حمر العين جدل الحداثة في نقد الشعر العربي، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، سوريا، د.ط. 1996م، ص170

[18] – نعيمة سعدية،الأسلوبية والنص الشعري،المرجعية الفكرية والآليات الإجرائية،دار الكلمة للطباعة والنشر والتوزيع،ط1،الجزائر،2016،ص  62.

[19]– محمد بن محمد بن علي التونسي الشاذلي الوفائي المالكي، أبو المواهب، قوانين حكم الإشراق إلى كل الصوفية بجميع الآفاق، الناسخ، مخطوط، الناسخ، أحمد بن عبد الرحمن الميري، تاريخ النسخ 1134ه، عدد الأوراق 56، ينظر الرابط: https://ketabpedia.com/

[20]– رولان بارت، لذة النص، ترجمة منذر عياشي، مرجع سابق، ص 10

[21] – سهام صياد، التشاكل الصوتي في القرآن الكريم، جامعة الإخوة منتوري، قسنطينة 1، ص75، مرجع إلكتروني، ينظر : file:///C:/Users/dell/Downloads/b3e67848f98af037a9ee293e0d8203af.pdf

[22] –  سهام صياد، المرجع السابق، ص75.

[23] – سهام صياد، التشاكل الصوتي في القرآن الكريم، مرجع سابق، ص 75.

[24]– علاء حسين البدراني:فاعلية الإيقاع في التصوير الشعري، أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه، في فلسفة اللغة العربية وآدابها تخصص النقد الأدبي، كلية الآداب، بالجامعة العراقية، إشراف الأستاذ الدكتور: منذر محمد جاسم، 2012م، ص:248.

[25]– موقع ويكيبديا الطريقة الصوفية: https://ar.wikipedia.org/wiki

[26]– مستورة العرابي، صناعة المعنى، مرجع سابق، ص88.

[27]– دلالة حرف القاف في الصوفية، ينظر الرابط/ https://almuada.4umer.com

[28] – نعيمة سعدية، الأسلوبية والنص الشعري، المرجعية الفكرية والآليات الإجرائية، مرجع سابق، ص 62.

[29] – المرجع نفسه، ص 63.

[30] – نفسه، ص 63.

[31] –  نعيمة سعدية، الأسلوبية والنص الشعري، المرجع السابق،ص 63.

[32]–  رولان بارت، لذة النص، ترجمة منذر عياشي، مرجع سابق، ص7

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *