د. رومي سوهة
حاولنا من خلال هذه المقالة الموسومة (بوليفونية السخرية في رواية المشرط لكمال الرياحي) أن نبرز الجوانب المتعددة للغة الساخرة في الرواية من خلال استخدام الكاتب السخرية بالألقاب، ليميز شخصيات روايته ولغتهم المتهكمة، بالإضافة إلى طبيعة السخرية وتميزها باللغة الأسطورية والفانتاستيكية، بالإضافة إلى اعتماده على السخرية الشكية الارتيابية التي تميزت بها شخصيات الرواية، لتصل إلى حد التقاذف والسخرية المتبادلة، لتخرج الأمور الساخرة إلى المجلات والجرائد لتنهي القصة بالمأساة.
الكلمات المفتاحية: السخرية، الساخر، التعدد الصوتي، شخصية روائية، التهكم، الخطاب، الوعي، السياسة.
Polyphonic of irony in Kamal Riahi’s novel Al-Mushart
Abstract :
Through this article tagged (Polyphonic of irony in Kamal Riahi’s novel Al-Mushart), we have tried to highlight the multiple aspects of the satirical language in the novel through the writer’s use of irony by nicknames, to distinguish the characters of his novel and their parody language, in addition to the nature of irony and its distinctiveness in the mythical and fantasy language, in addition to his dependence on irony. The skeptical skepticism that characterized the characters of the novel, to the point of mutual slander and ridicule, to bring satirical matters to magazines and newspapers to end the story with tragedy.
Keywords: irony, satire, polyphonic, fictional character, irony, discourse, awareness, politics.
مقدمة:
تأتي رواية المشرط للروائي كمال الرياحي إضافة إلى أعماله السابقة (عشيقات النذل، وواحد صفر للقتيل، والغوريلا، والبيريتا يكسب دائما)، كدليل على اندماج الوعي داخل مجراها، فالرياحي يستثمر أسلوب السخرية الذي يمثل اللغة الرئيسة، إذ تعبر الرواية على موقف سياسي واجتماعي يتمثل في المعارضة لنظام الحكم في تونس والتبعات الاجتماعية التي خلفها من فقر وانحلال خلقي، وكان صاحب المشرط من بين المواطنين الذين تمردوا على هذه الأوضاع، فجاءت أوراق الرواية مبعثرة عبارة عن يوميات كتبها اثنين من شخصيات الرواية، هما (بولحية والنيقرو) بالإضافة إلى تواجد شخصيات أخرى معتمدين على أسلوب السخرية.
والسخرية ضمن الإستعمال اللغوي تنطلق من قصدية توظيف أكثر من صوت قصد توصيل الرسالة/الخطاب، فهي على شكل لعبة مزدوجة، الغاية منها الوصول إلى الهدف المنشود، إلا أن وجود الإزدواجية تسمح للمتكلم بعدم تحمل مسؤولية ما يقول.[1]
ففي الرواية البوليفونية تتعد الأصوات وليس المؤلف فقط من يمكنه قول (أنا) بل يتعدى ذلك إلى شخصيات أخرى تتحمل مسؤولية ما تقول ((إلا أن الشخص كصوت ينتقل في أثناء العمل الساخر من وضعية الشخص إلى وضعية المتكلم، وهي ميزة الخطاب المباشر الذي نجد فيه إمكانية إقحام تلفظات ذوات أخرى في تلفظ المؤلف الحقيقي))[2]
وضمن هذا الأفق برزت رواية الرياحي كعمل متمرد على النسق الروائي السائد الذي يحتكم إلى الصوت المطلق للمؤلف، بل صاغ الوعي الفردي الذي لا يتشكل في معزل عن وعي الآخر، بل إن الفكرة لا تتطور ولا تتوالد إلا عندما تقيم علاقات حوارية مع غيرها من الأفكار ((فالفكرة بمثابة الحادثة الحية في نقطة إلتقاء الحواري بين شكلين أو أكثر من أشكال الوعي، والفكرة من هذه الزاوية شبيهة بالكلمة التي تتوحد معها حواريا، وهكذا فهي تحتاج شأنها في ذلك شان الكلمة، لأن تكون مسموعة ومفهومة ومجاب عنها بأصوات صادرة عن أشكال وعي آخرين))[3]
وبما أن رواية المشرط مبنية على التعددية اللغوية فأين تتجلى السخرية في خضم هذه التعددية؟ ولماذا اعتمد الرياحي على أسلوب السخرية في روايته؟
وللإجابة على هذه الأسئلة لابد أن نعرف السخرية باعتبارها مصطلح من بين المصطلحات التي تطورت على مر العصور من عصر أرسطو إلى عصر ما بعد مابعد الحداثة مطبوع بدلالات أدبية وفلسفية.
أ_ مفهوم السخرية :
فمفهوم السخرية قد ينحصر في مجال الضحك والفكاهة، وقد يتعدى إلى ذلك كالنكاية بالخصوم والاستهزاء بهم، وقد يكون كأداة في أيدي الفلاسفة والنقاد الذين يهزؤون بالعقائد والخرافات، فهي مفهوم زئبقي يجد لونه الحقيقي في وجه المتلقي عندما يحمل ابتسامته الساخرة.
وكما يقول د. س. ميوك (( بقي مفهوم السخرية مفهوما غير مستقر؛ مطاط وغامض. فهو لا يعني اليوم ماكان يعنيه في القرون السالفة. ولا يعني نفس الشيء من بلد إلى بلد. وهو في الشارع غيره في المكتبة، وغيره عند المؤرخ والناقد الأدبي. فيمكن أن يتفق ناقدان أدبيان اتفاقا كاملا في تقديرهما لعمل أدبي غير أن أحدهما قد يدعوه عملا ساخرا في حين يدعوه الثاني عملا هجائيا، أو حتى عملا هزليا أو فكاهيا أو مفارقا أو حواريا أو غامضا))[4]
وبما أن مفهوم السخرية يختلف من ناقد إلى آخر ومن أديب إلى آخر، فإن تميزه عند الرياحي جعله ((يتخذ من السخرية والمفارقة سلاحا للإنتقاد، وللكشف، وللفضح، وللتعبير عن وجهة النظر والموقف من الذات والآخر والعالم والأحداث الطارئة، ينهض على الفكرة الفريدة التي يسندها اليقين والاطمئنان، أو على السر والغموض والاستثنائي يسندهما الشك واللايقين، ويقوم على الحدث ذي البعد الاجتماعي والواقعي أو المتخيل “العجيب والغريب”، ويقوم على رصد الشخصية الواقعية ذات الصفات المميزة، أو الشخصية الفريدة، العجيبة والغريبة الأطوار))[5]
ولقد تمثلت السخرية في رواية المشرط في كونها مثلت بعدا فلسفيا وثقافيا تعبر عن موقف اجتماعي واضح من قضية الشلاط الذي ظهر في أوساط المجتمع التونسي يجز مؤخرات النساء والرجال باستخدام مشرط طبي، هزت أوساط المجتمع التونسي، دفعت الكاتب إلى إعادة ترتيب الأسئلة والمنطلقات المعرفية، وإعادة قراءة الواقع من منظور الاختلال لا الاطمئنان.
ب_ أنواع السخرية:
هناك أنواع مختلفة من السخرية، تعددت تبعا لطبيعة النمط الثقافي والمنهج الفكري الذي تميزت به كل شخصية في الرواية ، ومن هذه الأنواع تتجلى السخرية في الرواية وهي كالآتي:
1_ السخرية بالألقاب :
لجأ الكاتب في روايته إلى استخدام الألقاب الساخرة بالرغم من أن الله سبحانه وتعالى نهانا عن هذا الأسلوب في قوله ﴿وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ﴾ [6]
ففي الآية الكريمة نهي صريح عن السخرية بالألقاب، إلا أن سخرية الكاتب باستخدامه لهذه الألقاب له غرض ضمني يتجلى في كشف الصفة المميزة لكل شخصية روائية، ومع ذلك فالكاتب أعطى لكل شخصية لقبها المناسب لشكلها الخارجي فقط، وهذه الألقاب تثبت ذلك:
_ سيدة الروتند : هو لقب أطلقه “بولحية” على امرأة عاهرة تدعى “سعاد” تعرف عليها النيقرو في المقهى وكان هذا الأخير معجبا بها فيقول ((يا… كم كنت رائعة يا سعاد . كنت أشرف امرأة عرفت، وهل يقاس الشرف فعلا بانهزامات الجسد))[7]
ولكن الصحفي “بولحية” يسخر من كون هذه المرأة رائعة، فيجلسها على عرش السيادة، ويطلق عليها اسم سيدة الروتند، والذي يسمع هذا الاسم للوهلة الأولى يظن بأنه اسم سيدة ومالكة لمقهى كبير اسمه الروتند، ولكن الحقيقة التي يقصدها “بولحية” وراء هذا الاسم هي امرأة تتربع على عرش العهر فيقول ((مقهى الروتند وانهيار الإيقاع : جلست والعهر بعينيها تتأمل وجوههم المقلوبة. أشعلت ونفثت خيوط غوايتها في أرجاء المقهى))[8]
_ النيقرو : هو صديق بولحية تعرف عليه في حديقة المدينة ويعمل في مصنع المقرونة، ويعاني من مشكلة السكن فأخذه “بولحية” معه ليساعده في دفع الإيجار. وهو من الذين هربو من القرية إلى المدينة. فيقول((اسمي سعيد وانا أكره هذا الاسم لأني لم أر من تلك السعادة شيئا لذلك يحلو لي أن أنادى بالنيقرو، حتى في القرية كانوا ينادونني النيقرو وأنا من سرب هذا الاسم بين العمال في المصنع، أشعر أنه يناسبني تماما، أليس كذلك؟))[9]
من هذا المقطع نفهم أن شخصية سعيد تمثل دور التعاسة أي عكس مايحمله اسمه، ولذلك اختار لنفسه اسما يدل على السواد وعلى الظلمة لأن اسم النيقرو يطلق على الرجل صاحب البشرة الغامقة فيقول ((… أن الحياة سوداء مثل بشرتي تماما. لاشئ أشد سوادا من بشرتي…))[10].
_ بولحية : هو ((صاحب اللحية الذي يتأبط الكتب))[11] واسمه الحقيقي هو ((… مالك المنفوخي الملقب ببولحية))[12] واختار له الكاتب هذا الاسم لأنه فعلا صاحب لحية وهي أكثر شيء تميزه، وأيضا تشبيهه بالعلماء الذين يحبون القراءة كثيرا فهم أصحاب لحية أيضا مثل ابن خلدون.
_ شورّب: لقب أيضا بالسلطان لأنه صاحب قوة عضلية يفرض رأيه مهما كان خاطئا بالقوة والضرب، فهو شخصية معنفة ومستهزئة بالآخرين، فيصفه الكاتب ساخرا ((… وجهه طويل يشبه وجه جمل وشفتاه الغليظتان تجعلانه وحشا آدميا أشقر))[13] فلقب شورب يعني صاحب الشفاه الغليظة والمقززة ((… وأخذ يبعبع ماء القارورة البلورية التي كنت أحرم النيقرو من الشرب منها. قلت له عندما هم بالشرب منها: أتركها وخذ غيرها لا أريد أن يشاركني قارورتي أحد، هاهو هذا الغريب يضعها بين شفتيه الكبيرتين المقرفتين دون أن يستأذن ودون أن يستعمل الكأس التي أضعها بجانبها…))[14]
فهذه الشفاه التي تميز بها شورب لم تكن مقززة فقط من حيث شكلها بل حتى الألفاظ التي تخرج منها غليظة ومنفرة .فيقول باللغة العامية ((آشكون اللي داعية عليه أمو اللي سكن في عوضي خليني نفشخلو الراس متاعو. وأنت كان لازم تستنى شوية حتى نجي))[15]
_ الثابتة: اسمه الحقيقي هو (حمزة) ويتمثل دوره في أنه يتجسس على مبيت الفتيات الجامعيات ويحبكها على شكل قصص يمتع بها رواد المقهى الذي يجلس فيه، ولقب بالثابتة لثبوته في ذلك المقهى، واحتلاله لقلوب المستمعين رغم أن أكثر كلامه كذب، فيصفه الكاتب ((حمزة الثابتة كذاب كبير، لكن رواد المقهى لا يطيقون غيابه. ولا يمل مجالسته أحد (…) يحمل الثابتة في جرابه كل صباح اثنين حكايات جديدة وحكاياته كلها مثيرة. أطلق أحد المثقفين على جلساته “حديث الصباح عن فرجة المساء”))[16]
فتعدد شخصيات الرواية؛ يظهر تعدد أفكار وثقافة كل شخصية عن طريق لغتها ويمكن أن نكتشف ذلك من خلال التهكم اللفظي.
2_ التهكم اللفظي: ((هو نوع من الحديث الذي لاتعكس فيه الكلمات _ سواء بقصد أو بغير ذلك_ المعنى الحقيقي المقصود منها، وهو كفيل بخلق نوع من الحيرة، والاستنكار والتساؤل، والتخمين في داخل المستمع أو المتفرج، وأحيانا في شخصية أو أكثر الشخصيات التي وجدت نفسها في مثل هذا الموقف))[17]
ولعل أحسن مثال على ذلك شكوى النيقرو من الأوضاع المزرية التي يعيشها وخاصة عمله في مصنع المقرونة الذي اعتبره إنتحارا فيقول (( … أحسن طريقة للانتحار هي العمل في مصنع المقرونة…))[18] فهذه الجملة يمكن أن تفهم على المستوى الظاهري لها بأن “النيقرو” اكتشف طريقة للانتحار وهي العمل في مصنع المقرونة، باعتباره عملا يؤدي حتما إلى الموت، لكن روح التهكم المثير للتشاؤم تجعل من النيقرو شخصية ساخرة و ((الساخر هو الشخص الذي يمارس نمطا من التفكير الناقد المستهزئ بالحالة التي يعيشها، من أجل الكشف عن تناقضاتها ومفارقاتها وإبراز عيوبها، سواء كان بأسلوب عفوي أم قصدي أم منهجي أم فلسفي أم أدبي…))[19] فهو يعبر بالفعل عن روح تعيش بلا حياة في ذلك المصنع ويرجع ذلك إلى الظروف التي عاشتها تونس في مرحلة سابقة سادت فيها حياة البؤس والتقشف وأغلبية المواطنين يقتاتون على البطاطا والمقرونة ((كنت لا أرى في المصنع إلا المقرونة (…) عالم من المقرونة التي يعجنها العمال القذرون بكثير من الإهمال، في أوقات كثيرة رأيت بعض العمال يهربون الأكياس من الباب الخلفي حيث يقف الحارس الآخر ويرشونه بأكياس منها، كنت أقول تبا ، الرشوة مقرونة والتهريب مقرونة))[20]
ومن أمثلة التهكم اللفظي أيضا التضمين الذي نجده في ثنايا حديث ابن الحجاج عن جهاد القلم فيقول ((نداء القلم لايقاوم، تهون أمامه كل المصاعب وتركب لأجله كل المخاطر…))[21] فالظاهر من هذا الكلام أن “ابن الحجاج” يسعى وراء جهاد القلم والكتابة، أما المعنى الحقيقي وراء هذا الكلام فهو عكس ذلك، وتظهر السخرية في ضحك “بولحية” من سذاجة “النيقرو” فيقول ((ضحكت ليلتها حتى كاد يغمى علي، كان النيقرو المسكين قد أخذ كلام ابن الحجاج على ظاهره…))[22]
إذا كانت سذاجة “النيقرو” جعلته يفهم المعنى من ظاهره، فإن الانغلاق على المعتقدات والأساطير هو أكثر سخرية من سذاجة “النيقرو”
3_ السخرية الأسطورية :
وهي نوع من أنواع السخرية الذي ورد ذكره في أدبيات مابعد الحداثة، ويقصد بها (( ذلك النقد الناقم من كل فكر ميتافيزيقي وهي تعبر عن الموقف التشاؤمي الذي يجسد حالة من اليأس المصحوب بالهذيان الثقافي))[23] فهنا يسخر الكاتب من الأفكار الميتافيزيقية المتعلقة بالأساطير بناء على أفكاره الحضارية والثقافية التي تنبذ كل معتقد ميتافيزيقي. والإيمان بدوغمائية الأجداد، وهذا ما يمثل الذات المنغلقة التي ((تمثل التجسيد الرمزي لمفهوم مركزية اللوغوس )) [24]
ويظهر ذلك في سخرية “بولحية” _ في طفولته _ من والده الذي جعل من شجرة الخروبة آلهة تحرس البيت فيقول (( كنت أراها في ليالي الصيف المقمرة تطل من خلف الحوش سوداء، ضخمة، عظيمة كالآلهة، أبي كان يقول إنها تحرس هذا البيت من الفناء.. )) [25]
ولم يكتف “النيقرو” في سخريته هذه من والده فقط بل سخر أيضا من والدته التي تعتني بشجرة الخروبة وتقدسها وتعتبرها الأم الكبيرة فيقول ((كانت أمي تطلي الخروبة العظيمة بالحناء متمتمة بكلام غير مفهوم… كلام كالطلاسم… تسميها منذ زمن أمنا الكبيرة، كنت أسخر منها ومن أفكارها، وكانت تنهرني ولا تتردد في رميي بالحجارة مهددة “سأطلي لك عينيك بالفلفل الأحمر إن عدت إلى ثرثرتك يابن ال…))[26]
فسخرية الطفل من شجرة الخروبة أزعجت والدته كثيرا، وهددته بالعقاب إن سخر منها مرة أخرى، ولكنه بهذه السخرية يطرح أسئلة عن هذه الشجرة المقدسة إن كانت أما فعلا هل هي تقوم بالدور الذي تقوم به الأم؟ هل هذه الشجرة تحمل صفات البشر؟ هل فيها روح؟ أم أنها نبتة عادية قام أهله بتقديسها؟ فيقول ((كثيرا ماكنت أختلي بنفسي لأسألها: هل فعلا تنحدر عائلتي من هذه الشجرة العملاقة؟ كيف أنجبتنا؟ هل حملتنا شهورا تسعة كما فعلت أمي عندما أنجبت أخي الأصغر؟))[27]
ولكن هذه السخرية من أسطورة الشجرة دفعت “بولحية” عندما كان طفلا من استفزازها ظنا منه أنه يستفز جدة كبيرة في العمر، على الرغم من أنه لا يعتبرها إلا شجرة لا أكثر، ومع تقديس أهله لها يحاول أن يثبت لهم العكس فيقول ((كنت أجالسها في النهار، وأناديها جدتي، طمعت يوما في قرن خروب ظل معلقا في قمتها، رميته بالحجارة أروم إسقاطه لكن الحصاة التي كنت أرميها كانت تضل طريقها.. الحصاة تلو الحصاة… يومها فتحت سحابة سروالي وفعلتها على جذعها.. عندما سحبت السحابة لأغلقها علقت بجلدتي الطرية وأرتني ويلات الألم. عدت بعد ساعات الرجم خائبا باكيا))[28]
فهذه الصدفة التي جعلت الولد يتألم ارتبطت بانتقام الشجرة المقدسة، وأن كل من يسيء إليها سيتعرض للعقاب، بل إن الخوف من العقاب هو المسيطر على عقول هؤولاء الناس، بسبب الأساطير والخرافات والأوهام الميتافيزيقية ، وإن هذه الإشكالية ((تؤدي الآلهة فيها أثر المتحكم كقوى خفية، وهذه كونت لديهم بعدا طقوسيا ، للحفاظ على طيب العلاقة مع تلك الآلهة خوفا من غضبها وانتقامها))[29]
وتعتبر ((الإرادة العليا الجبارة التي تتهكم من كبرياء الإنسان وغروره ممثلة في الآلهة والقدر، والتي تعد له لحظة التعرية الكاملة للحقيقة التي لم يكن يدري بها على الإطلاق لأنه لم يكن يعرف حقيقة قدراته البشرية المتواضعة الهزيلة))[30]
ومن هذا المنطلق يكشف الكاتب عن ضعف وغباء الإنسان أمام قدرات غيبية يقدسها فيلبسها لباس السخرية، ليمرر أفكاره الناقدة لهذه الأوهام الأسطورية، وليس هذا فحسب بل تعدى ذلك إلى كلماهو غريب وعجيب بمعنى فانتاستيكي.
4_ السخرية الفانتاستيكية :
استخدم الكاتب الفانتاستيك ليعبر عن أفكاره الساخرة معتمدا على قطب التوتر والذي يتمثل في (( إدخال الغرابة والغموض في نفسية القارئ، كما هي متحصلة في نفسية الشخوص)) [31]
وتتجلى هذه الغرابة بشكل واضح في الأسلوب السخري ((والسخري صفة من يعمد اتخاذ الارتياب والتشكيك في عباراته وأحكامه، رافضا إعطاءها صفة مطلقية أو ميتافيزيقية))[32] بمعنى أن السخري هو من يبقى مرتابا في خطابه في أنه يتحدى الخيال ويبتعد عن الواقع، فتصبح السخرية هنا هي التساؤل الساخر في ظل العوامل الخيالية، كما فعل الرياحي في حديثه الساخري على لسان التمثال ابن خلدون ورحلته التي يحكي فيها سيرة فانتاستيكية أغرب من الخيال، يجوب بها عوالم ليست مذكورة في كتابه وليست مصنفة في تاريخ البشر، فيستخدم طابع التهكم والاستهزاء بتلك الشخصيات الغريبة كـ “النسناس” و”المخاخ”، بصورة تمثيلية للوعي بالشخصية الروائية لحدودها اللغوية والتخيلية، حيث تجسدت بالانتقال من محاكاة الطبيعة إلى محاكاة المحاكاة؛ أي (( أن الروائي لم يعد قادرا على تصوير الشخص كما هو في الحياة الواقعية، فعمد إلى صورته المتمثلة في ذهنه لينسج على منوالها))[33] إلا أن بصيرة القارئ توحي له بأن هذه الشخصيات ماهي إلا تجسيدا لعوالم سياسية واجتماعية ((تجهد في سبيل جعل محتوياتها نفسها تخيم على عالم غريب))[34]
وتدور الأحداث الفانتاستيكية في قسم واحد فقط موسوم بــ (في ذكر المخاخ) وهي حكاية تبدو عجيبة ومثيرة، تدور في فلك قوم يعيشون في مكان مجهول وزمن مجهول، يلقبون (بالمنافيخ) وهم عبارة عن ((أمة برؤوس طويلة وأجسام عظيمة يكسوها شعر مثل وبر الإبل، يعلق الرجل منهم قرطا من الخشب في أذنه اليسرى، يلبسون البرانيس والقشاشيب الرمادية المخططة، يمشون محركين مؤخراتهم بشكل غريب “..)) [35]
والمنافيخ: هو لقب أطلق على شعب اشتهر به ((علمت ساعتها علة اطلاق اسم ‘المنافيخ” على سكان تلك الربوع، ذكروا لي بعد ذلك أن رجلا غريبا نزل بديارهم يوما، أقام بها مدة وشاهد نساؤهم الحوامل على طول العام، وعندما كان بصدد مغادرة المكان قطع عليه الطريق جماعة من الصعاليك سلبوه أمواله وزاده وخلعوه أثوابه وسألوه من أين جاء فأجاب: كنت بين “المنافيخ” وسرى الاسم كالنار في الهشيم حتى جاء به أحد تجارهم العائدين من الشمال))[36]
أما النسناس فهو مجرد مسخ استخدمه الكاتب للسخرية من العرب فشبهه بهم، وتحديدا في الصفات فيقول ((إنه عند صنعاء أمة من العرب مسخوا كل إنسان منهم نصف إنسان، له نصف رأس، ونصف بدن، ويد واحدة ورجل واحدة (…) وليس لهم عقول (…) والعرب تسميهم النسناس ويصطادونهم ويأكلونهم. وهم يتكلمون العربية ويتناسلون ويسمون بأسامي العرب ويقولون الأشعار))[37]
فهذه سخرية واضحة من العرب حين شبههم بالنسناس، تدل على أنهم بلا عقول وأنهم بيد واحدة أي لا بد من الاتحاد، وهذه من عيوب العرب أنهم متفرقون وبذلك يكونون عرضة للانتهاك، وبالتالي يصطاد بعضهم بعضا. ولعل فانتاستيكية الرياحي ماهي إلا موقف ساخر من تفكك العرب وعدم اتحادهم.
هذه السخرية من هؤولاء القوم ليست بأغرب من وصفه للبغلة كيف ولدت حيوانا غريبا فيقول ((…طرحت البغلة مولودا عجيبا وجهه بغل وقوائمه مثل رجلي الإنسان نبتت له أربعة أجنحة وطار أمام الأهالي وحلق في السماء مطلقا صراخا كصراخ الرضع))[38]
في حين أن البغلة في نظر الكاتب تستحق كل أنواع العقاب الإلهي لأنها عصت الله وأطاعت النمرود، فيقول ((أن النمرود جبار زمانه، قد طغى وبغى، حتى أنه حاول أن يتطاول على العزة الإلهية، وعندما أراد أن يحرق سيدنا إبراهيم، دعا إليه البهائم وطلب إليها أن تأتيه بالحطب، فاعتذرت جميعها، كي لا تسخط من الله، في حين أن البغلة استجابت لطلب النمرود وأمدته بالحطب اللازم. فغضب سيدنا إبراهيم على البغلة ودعا عليها أن تبقى محرومة من لذة النساء، وتكون عقيمة دون سائر الحيوان، وأن لا تكون لها كنية أو حسب أو نسب، وأن تكون حمالة الحطب مدى الحياة))[39]
وبما أن هذه البغلة أنزل الله عليها اللعنة بأنها لن تلد أبدا، كانت المفاجأة أن تحولت إلى طائر (المخاخ) ((فروى أحدهم للأهالي أنه شاهد البغلة العجيبة ترضع شيئا في الظلام وعندما اقترب منها طار ذلك الشيء الضخم في السماء. حمل الرجال فؤوسهم وسيوفهم واندفعوا نحو البغلة التي لم تبرح مكانها منذ جاءها المخاض في ساحة القرية. وجدوا وبرها بدأ ينسل وينبت في مكانه ريش خشن فازدادوا خوفا من أن تتحول البغلة إلى وحش يهلكهم جميعا، أحاطوا بالحطب اليابس وأغصان البطوم والتبن وأضرمو فيها النار فأكلها وصراخها اللهيب. لم تمض مدة طويلة على تلك الحادثة لتكتشف القرية أولى ضحايا المخاخ))[40]
وطائر المخاخ هو حيوان غريب مسخ بغل يشبه الطائر يسمى أيضا ((بالطائر البغل))[41] وسمي بالمخاخ لأنه يأكل عقول هؤولاء الناس فيصف الكاتب هذا الطائر قائلا ((حط طير ضخم كالنسر وليس بنسر، رأسه طويل مثل رأس البغل أو الحمار، له فم بشفاه غليظة، فتعجبت من ذلك الطير الذي لايشبه الطيور. أخذ ذلك الشيء الغريب يدخل لسانه في رأس الرجل المصلوب ليلحس مخه بعد أن ثبت قائمتيه على كتفي الجثة، ففزعت فزعا))[42]
وبما أن هذا الطائر مخيف فقد أصبح هاجس قوم (المنافيخ) يخافه كل من يخلف قوانينهم لأنه حتما سيكون طعاما لذيذا له، بالإضافة إلى الرجل العقيم، الذي لاينجب الأولاد سيقدم كطعام لهذا الطائر، فيقول أحدهم ((… تبا لهذا الرأس الذي سيأكله المخاخ))[43] فألم هذا الرجل كبير جدا لأنه سيتعرض لسخرية مؤذية من عقمه يدفع بها حياته، على الرغم من أن هذا الأمر ليس بيده.
ولم يكتف الكاتب بسخريته من غرابة قوم المنافيخ، بل تعدى ذلك إلى السخرية من عاداتهم وتقاليدهم، خاصة سخريته من “الغرافة” فيقول ((…ستهب كل تلك المخلوقات العجيبة إلى الغرافة لتحيي عيدها السنوي. ستهرع تلك المسوخ على بكرة أبيها إلى الكهف الجبلي، تدق الطبول وتهتف للسيدة العظيمة. سيحملون الأضحيات والقرابين. سيكسرون الجرار وسيأكلون اللحوم المحرمة. وسيهتفون للسيدة أن ترزقهم ببطل يخلصهم من عدوهم وسالب عقولهم ولاحس أمخاخهم))[44]
بما أن الكاتب في سخريته الفانتاستيكية جاء بكل ماهوغريب وعجيب، وهذا الغريب لايبقى غريبا بدون تعليل أو تفسير له، فجاء القطب المنبسط (( ليبطل التوتر بتفسيره للأفعال الغامضة، وغياب هذا العنصر في العمل الفانتاستيكي هو غياب لتكامل العمل، فبدونه ستظل الرواية عبارة عن توتر غامض وغرابة في حاجة إلى تعليل)) [45]، وقد علل السارد سبب تلك الغرابة التي تحدث عنها في قوله ((يبدو أنني أنا أيضا أسير بخطى حثيثة نحو اللامعقول، البارحة اتهمني النيقرو بالجنون عندما سألته عن ابن خلدون قال إن ما أراه ليس سوى وهم وإن كل ما في الأمر أنني كنت أكتب رواية عن التمثال أردت أن أعارض بها سيرة العلامة فسقطت في فخ الكذبة وأصبحت أعتقد أن ما أكتبه يحصل بالفعل ..)) [46]
فهذه السخرية الفانتاستيكية ليست سوى تصوير لشخصيات عجائبية يتحولون ويمتسخون نتيجة لعوامل فيزيولوجية، سمحت لمخيلة الروائي الفانتاستيكي أن ((يعبر بشكل أو بآخر عن رغبة دفينة في تجاوز إحباطات الإنسان العربي))[47] والغاية من هذا القص العجائبي ماهو إلا تخفيف من حدة وغرابة الواقع ((فعندما يبلغ الواقع غرابته وشذوذه، يتحول بشكل طبيعي، إلى عوالم فانطازية قائمة على التحول، والإمتساخ، والتشويه))[48] فهذه الغرابة تنافس قصة قناص النساء فيقول “بولحية” ((ففي الحياة ماهو أعجب من هذا القص العجائبي. هذا الذي يذبح مؤخرات النساء مثلا، أليست قصته أكثر عجائبية مما أقص؟))[49] والعجيب في قصة قناص النساء، أنه لا أحد يعرفه ويرتكب جريمته أمام الملأ ثم يهرب ولا يتعرف عليه أحد لأنه يرتدي خوذة ويركب دراجة نارية حمراء، وهذا مادفع كل شخصية في الرواية تسأل وتشكك في أمر هذا القناص.
5 _ السخرية الشكية والارتيابية :
اعتمد الكاتب على لغة الشك واضعا يده على أهم صفات ضحايا القناص، وأهم نتيجة توصل إليها أن القناص لا يؤذي جميع النساء، بل يعتدي على اللائي يتميزن بصفات معينة، فيقول ((… صائد النساء يختار ضحاياه من الأوزان الثقيلة، هكذا قرأت منذ أسبوع؛ أن معدل أوزان الضحايا يتجاوز ثمانين كيلو غراما، ولاشك أن قسطا مهما من الوزن ينام في ذلك المكان الناعم. أظن أن الجاني يريد اكتشاف أسرار النساء الثقيلات أو المثقلات بالحكايا. هل أكون اكتشفت أول خيط لفك أسرار القضية؟))[50]
فالذي اكتشف هذه الصفات هو “النيقرو” ومع ذلك فهو يسخر من ضحايا القناص، لأنهن يتمتعن بهذه الصفات، ويسخر أيضا من القناص الذي اختار ضحاياه بهذه الطريقة، ولماذا يفعل ذلك مع هذا الصنف من النساء فقط؟ أم أنهن متبرجات والوزن الزائد يظهر مفاتنهن؟ لماذا لا يؤذي كل امرأة تعترض طريقه؟ أم أنه يحاول أن يضع حدا لتبرج النساء وإثارتهن للفتنة في وسط المجتمع؟ هل يصبح دور الشلاط هنا هو القصاص من النساء ؟ أم أنه يفعل ذلك عنوة لإخافتهن وارتدائهن الحجاب وستر أنفسهن؟ هل يدفع الشلاط بهذه الفعلة النساء إلى التوبة ؟ هل أصبح الشلاط يطبق الشريعة الإسلامية بقطع مؤخرات النساء في وسط الشارع التونسي؟ هل نعتبر هذه سخرية من الشلاط يحاول لفت أنظار الحكام إلى تدني الأوضاع السياسية والاجتماعية والأخلاقية؟ ام أنه يسخر من القدر فإنه يعني ((قدرة هذه القوة الغامضة الطاغية على التهكم من الخطط التي يضعها الإنسان لنفسه ظنا منه أنه ينفذ مايشاء، أي أن يتحدى بها إرادة القدر))[51]
كل هذه الأسئلة يحاول الكاتب أن يدفع القارئ للإجابة عنها، وذلك مع تعدد الأصوات في الرواية فكل شخصية لها رأيها الخاص، لايخرج عن إطار السخرية وفي الوقت نفسه، كل شخصية تشكك في الأخرى ((فللشخصية طريقة التعبير عن نفسها، والكشف عن جوهرها بأحاديثها وتصرفاتها الخاصة، وقد يعمد الكاتب إلى إبراز بعض صفاتها عن طريق أحاديث الشخصيات الأخرى عنها، وتعليقاتها على هذه الشخصية)) [52]
إذا كان النيقرو يشكك في ضحايا القناص، فإن بولحية يشكك في القناص بالذات ومن يكون؛ فالطبيعة الارتيابية لشخصية بولحية دفعته للشك حتما في صديقه النيقرو بأنه هو الشلاط فيقول ((إحساس فضيع بالخسران والدونية حين يكون الرجل منبوذا. هل يكون هو من فعلها؟ وإلا ماذا عساه يفعل بالسكين؟))[53]
وشكك أيضا في صديقه “نور” الذي يرقد في المستشفى ((ضبطه الحراس أكثر من مرة يتسلل إلى غرفة العمليات (…) ماذا كان يريد من غرفة العمليات؟ هل يكون هو؟ المشرط. نعم المشرط الذي كان يذبح به الجاني مؤخرات النساء أثبت الطب الشرعي أنه من ذلك النوع الذي يستعمل في العمليات الجراحية))[54]
فالسخرية تتجلى هنا من خلال سخرية الكاتب من بولحية الذي يشكك في كل من يحمل سكينا أو مشرطا أنه هو الجاني، وإذا كان الحكم كذلك لأصبح كل الناس متهمين، فالكاتب يسخر من هذا الحكم الذي اعتبر صاحبه تافها وقد اعترف بولحية بذلك فيقول ((أنا الآن مثل بعوضة. مثل حشرة بلا وجه تلحس مؤخرتها في غفلة من رواد معرض الكتاب))[55] .
فهذا الشك والارتياب الذي تميز به النيقرو وبولحية من خلال حكمهما على صفات الضحيا وصفات الشلاط، قد خرج إلى حد الإتهام والتقاذف صراحة؛ فأصبح كل شخص يتهم الآخر بأنه هو الشلاط صراحة، ويظهر ذلك في السخرية المتبادلة.
6_ السخرية المتبادلة : ((نقصد بها تبادل ساخر بين شخصين رفض أحدهما قول أو فعل الآخر، وسببه عدم تطابق في الرؤى وعدم وجود إتفاق وعدم توافر الموضوعية وكل منهم يرى الحق معه؛ فيسخر من الطرف الآخر، وهم بذلك يحتاجون إلى حكم عادل لتبيان سلامة الموقف الصحيح من فعل أو قول))[56]
وتدور السخرية المتبادلة بين أستاذين في الجامعة بين الآنسة مريم غشام أستاذة علم النفس بكلية العلوم الإنسانية والأستاذ بيرم الرابحي من القسم نفسه، وموضوع الخلاف بينهما حول قضية جنس الشلاط صاحب المشرط، فالأولى تقول بأنه رجل، والثاني يقول بأن الجاني امرأة، وكل منهما يدلي بحجته ويدافع عن رأيه بشكل تعسفي، وبهذا ازداد حجم الخلاف بينهما واتسعت دائرته لدرجة أن اتهم كل منهما الآخر وكشف عيوبه.
وهذا المقطع يوضح ذلك (( هنا دخل الجدل في مأزق آخر بعيدا عن القضية وصل حد التقاذف فقد أشار الدكتور الرابحي إلى الحالة المدنية للأستاذة مريم غشام التي مازالت عزباء رغم أنها تجاوزت الأربعين وردت عليه الأستاذة غشام باتهامه بالإنحراف الجنسي مع طلبته. الأسبوع الماضي رد الدكتور الرابحي متهما الأستاذة غشام بالجنسية المثلية وأنه ضبطها في قاعة الأساتذة في وضع مساحقة مع منظفة دورة المياه. وختم الدكتور الرابحي مقاله بالإعلان عن توقيف جدله مع الأستاذة مريم لأنها حسب رأيه ليست بالمستوى الذي يؤهلها للجدل العلمي الراقي وأن عليها أن تعرض نفسها على دكتور نفساني قبل أن تعو إلى تدريس علم النفس وأنه لولا سمنتها المفرطة لما استغرب من أن تكون هي الجانية وحذرها، بأسلوبه الساخر المتهكم، من أن تكون ضحية ذلك المشرط فهي تحمل بعض مواصفات الضحايا المستهدفات ويقصد كبر الإست طبعا لأنها لم تكن جميلة))[57]
لقد اعتمد الدكتور الرابحي على السخرية كما يستخدم القنفد أشواكه التي يتقوقع داخلها عند أي هجوم، فلا يجد عدوه ثغرة يستطيع أن يتسلل منها إليه لأن ((الكاتب الساخر بطبيعة منهجه رابض في كمين يتيح له التربص بأعدائه كي يصيبهم في مقتل دون أن يضطر إلى الدفاع عن نفسه في مواجهتهم، ذلك أنه لو منحهم فرصة ضربة أو حتى طعنة من الخلف، فإنه بهذا يفقد القدرة على استقطاب مؤيديه ضد خصومه. ولذلك يتكون كمينه من الحجة اللاذعة ، والمنطق المتماسك، والنظرة الثاقبة، والرؤية الشاملة، والثقافة العميقة))[58]
ونتيجة تلك السخرية لم تنقلب إلا على الأستاذة مريم غشام، التي أصبحت في مكان الضحية للشلاط فباتت خائفة تحاول حماية نفسها ((فبعد تلك المقالة لم تعد الأستاذة مريم غشام تنزل من سيارتها إلا أمام بيتها وتكثر من الإلتفات وراءها وكأن هناك من يصبعها طول الوقت))[59]
فالسخرية المتبادلة هنا بين أستاذين تختلف كثيرا عن أي سخرية متبادلة بين شخصين عاديين، فهذه السخرية التي تدور حول مقال علمي كتبته الأستاذة مريم غشام حول موضوع السادية واتصاف الشلاط بها، أوصل الأمور بين الأستاذين إلى حد التقاذف العلمي المكتوب وليس الشفهي، بمعنى أن هذه سخرية في الإطار العلمي ولكنها تجاوزت حدودها إلى اتهام كل منهما في أخلاقه، لأن العالم بلا أخلاق يستحق السخرية والإستهزاء، فهي شرط أساسي لطالب العلم وللأستاذ، لذلك بدأت السخرية من المستوى العلمي إلى المستوى الأخلاقي، ثم إلى سخرية الأستاذ من شكل الأستاذة وأنها غير جميلة، وتتوفر فيها صفة ضحايا القناص، ولاتختلف هذه السخرية العلمية المتبادلة _لأنها عبارة عن مقالات_ عن السخرية في الخطاب الصحفي.
7_ السخرية الاجتماعية في الخطاب الصحفي :
أول ما يطالعنا في الحديث عن الشأن الاجتماعي : المسائل المتعلقة بالشلاط وتبعاته داخل المجتمع، من ضحايا بشرية، وينتقل تأثير هذا الجانب الاجتماعي إلى مختلف المقالات الصحفية، وتبرز ملامح هذا التأثير في اختيار المواضيع المتعلقة بحوادث المشرط داخل البلاد، وماشابهها خارج البلاد، خاصة وأن ملامح المعجم الاجتماعي تمتد لبقية المعاجم السياسية والدينية، متصدرة طابع السخرية في إبراز مثل هذه الأخبار.((ذلك أن الخطابات الاجتماعية تستلهم مكوناتها من بنية المجتمع الذي ينعكس على بنيته اللغوية، ويروم الكاتب في الكشف عن البعد التفكيري والمجالات المعرفية الكامنة لفئات المجتمع المختلفة، ومكانة الخطاب الصحفي الذي يمثل السلطة الحقيقية في الحياة الاجتماعية، الذي يضمن الإقناع والتأثير))[60]، ولكن الكاتب عرض هذا الخطاب بأسلوب متهكم، والنماذج التالية تكشف عن ذلك :
(أ) _ من جريدة الشروق “يومية مستقلة جامعة” من بين عناوينها: قضية قناص النساء ((شرع أحد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بالعاصمة التونسية مؤخرا في استجواب الشابين المتهمين باقتراف جانب من سلسلة الاعتداءات التي استهدفت في الأسابيع القليلة الماضية مؤخرات النساء لتحديد العدد الجملي والحقيقي للاعتداءات التي نفذاها(…) وكانت النيابة العمومية بهذه المحكمة قد أصدرت مؤخرا بطاقتي إيداع بالسجن ضد المتهمين إثر إيقافهما (…) يذكر أن هذه الاعتداءات تتم بواسطة مشرط يستخدم في الأصل في الجراحة الطبية وإنها قد تركزت خصوصا في منطقة شعبية بوسط العاصمة والضواحي القريبة منها(…) مع العلم أن عدد الإصابات المعلن عنها لا يقل عن مائة حالة…))[61]
(ب)_ من جريدة الرأي العام؛ جاء العنوان كالتالي: سلسلة ذبح مؤخرات النساء في تونس تدخل الأحياء الراقية ((عادت الاعتداءات التي استهدفت مؤخرات النساء…))[62]
(ج)_ في جريدة الحقيقة العدد 2006((نظرا إلى أن القضية أصبحت قضية رأي عام، ولأن الدوائر المسؤولة فشلت في العثور على الجاني ولم تعثر على المفقودين، قررنا أن نخرج من عندنا من معلومات لعل ذلك يميط اللثام عن بعض الأمور الملتبسة ويجيب عن بعض أسئلة القراء، خاصة أن المعني بالأمر كان قد كلف بمتابعة القضية ومحاورة المختصين في تحليل الجريمة، وبعد اختفائه المفاجئ كان من واجبنا التحقيق في القضية بطرقنا الخاصة))[63]
هذا التقديم الصحفي له غايات واضحة جلية وأخرى مضمرة، فمن خلال الإحالات تتحدد سخرية الكاتب من الخطاب الصحفي الذي ظن أن المحكمة قامت بتوقيف الجاني وسجنه، إلا أن الجريمة والاعتداءات متواصلة، وتوسع نطاقها أكثر من قبل، وبعد ذلك يصبح الصحفي المكلف بالتحقيق في القضية يصبح من المفقودين هو وصديقه الأسمر، ولم يتركا إلا دفترين فتكلفت جريدة الحقيقة بهذه القضية التي تطورت من قضية تخص الوطن، إلى الرأي العام. وبقي دور هذه الجريدة متمثلا في نشر ما كتب في هذين الدفترين.
ويلجأ الكاتب في سخريته الصحفية إلى ذكر مجموعة من العناوين الصحفية في جرائد محلية تدور في حقل دلالي واحد. لاتخرج في مواضيعها عن ما يحدث خارد البلاد في إطار واحد اجتماعي وكأنه يقارن بينها وبين قضية المشرط، بطريقة ساخرة. ومن بين هذه العناوين نذكر:
في جريدة الوطن جاء تحتها عنوان فرعي ساخر “”تغريد خارج السرب” يسخر به من الخطاب الاجتماعي الذي يخص ممثلة أمريكية متعلق بـ((التأمين على مؤخرة جنيفر لوبير يعادل ثلاث مبالغ مكافحة المجاعة الإفريقية))[64]
في جريدة البيان كان العنوان ((حصان يقضم قطعة من مؤخرة أشهر مطربة بوسنية))[65]
فغاية السخرية من الخطاب الصحفي تتجلى في أن الصحافة قد تكذب أحيانا في نقل الأخبار وقد تبالغ في جذب الرأي العام وانشغاله بأمور تبدو تافهة إلا أنها قد تتعاظم مع انتشارها في الصحافة وتأخذ أكثر من حجمها فيقول النيقرو في هذا الشأن ((تبا لهؤلاء الكتاب، من يظنوننا؟ فئران تجارب لنزواتهم الحبرية، يبنون مجدهم على رقابنا…))[66]
وضمن هذا الخطاب الصحفي يظهر الخطاب الإعلامي بسخرية اجتماعية تتمثل في السخرية الدينية حول قضية المشرط ورأي شيوخ الدين في هذه القضية، فكان رأي أحدهم يوافق الشلاط في فعلته، لأن ضحاياه من النساء اللائي يلبسن لباسا غير مستور، يكشف عن مفاتنهن وسبب ذلك جدلا واسعا في وسط المجتمع، حتى وجد رجل الدين فرصة للتخلص من هذه الآفة ومعاقبة كل امرأة تخرج عن شريعة الدين الإسلامي، فكانت فتوى الشيخ في غير محلها، فهي بذلك معرضة للسخرية. والمثال التالي يوضح ذلك:
((أفتى أحد الشيوخ المتشددين بتحليل ذبح مؤخرات النساء الخارجات عن شرع الله في بلاد الإسلام وقال إن ثواب ذبح مؤخرة فاجرة بمئة حسنة يوم القيامة))[67]
ويعتبر هذا الخطاب تحريضا لجريمة الشلاط وما يفعله بالنساء، خاصة وأن نهاية الموضوع لن تكون جيدة حتما ستكون مأساوية.
8_ السخرية المأساوية :
وتتمثل السخرية المأساوية في إظهار الكاتب لنهاية كل شخصية بأسلوب ساخر على الرغم من أن كل شخصية تعاني إما بالألم من جرح أو الموت ((وإذا صورت لنا المأساة بعض الأهواء والرذائل العامة فإنها تدمجها في الشخصية التي نتعاطف معها خوفا من مصيرها المحتوم))[68]
فكانت نهاية شخصية “النيقرو” تتمثل في وشم على خده خلفه له “شورب” فيقول(( … عالجني بشطحة من موسه، نهشت خدي نهشة كلب مسعور، تناثر دمي على الحصير المجعد..))[69] لقد دفع هذا النيقرو ثمن إطعام رفيقيه في السكن (بولحية وشورب) من طعام مقبرة (الجلاز) بعد أن اتفق معهما على تقاسم مسؤولية السكن بمسؤوليته عن الطعام ومسؤوليتهما عن دفع الإيجار. فاكتشف (شورب) غدر رفيقه وضربه ضربا مبرحا ترك علامة في وجهه ترافقه طول حياته، لكنه لم يكترث للظروف التي دفعت (النيقرو) لفعل ذلك (( ماذا أقول له؟ هل أقول له: هو الفقر؟ أم هم إخوتي وعائلتي الذين كنت أرسل إليهم الأجرة كاملة؟ …)) [70]
ومن ضحايا الشلاط الذين تعرضوا للجرح غدرا منه وحالفهم الحظ ولم يموتوا (( هندة فقد كانت إحدى ضحايا القناص إنها ترقد في مصحة خاصة بالمنار، وجدوها تنزف أمام المبيت الجامعي))[71]
أما “سيدة الروتند” لقيت حتفها وما متت على يد الشلاط ((تعرضت إحدى الفتيات إلى اعتداء وحشي أمام الكوليزي بالعاصمة فقد اعتدى عليها شخص مجهول يركب دراجة حمراء بآلة حادة تسبب لها في نزيف أودى بحياتها، ومازالت التحقيقات جارية للكشف عن الجاني الذي ترك المكان بسرعة كبيرة))[72]
فالغاية من السخرية المأساوية هي جعل القارئ يندمج في النص، وأن يعلم أن هدف السخرية في الرواية ليس ((فيسيولوجية الضحك))[73] بقدر ما استطاع الروائي تصويره من إحساس الإنسان بالقهر والخيبة والإحباط والإخفاق، مما ينتج عن ذلك وجود قاهر ومقهور داخل مجتمع تعسفي وجائر.
خاتمة:
نستنتج مما سبق أن تجليات السخرية عند الرياحي كانت متعددة بتعدد لغات شخصياته الروائية، فأكسبها ذلك طابعا متميزا ، خاصة وأن قضية الشلاط مستوحاة من واقع حقيقي عاشته تونس في بداية الألفية الماضية، فنجد أن الروائي نسج خيوط روايته من قصة واقعية متعددة الأصوات كما فعل ديستوفسكي في روايته، فكانت دراستها البوليفونية من حظ ميخائيل باختين، ولم يكن كمال الرياحي بعيدا عن ماتعيشه الرواية الحداثية من تحولات في الخطاب الحداثي، ونعتبر أن البوليفونية من خصائص التجريب الروائي، وموضوع السخرية هو التحديث. فاعتمده الرياحي لكي يمرر أفكاره المتمثلة في موقفه من السياسة في وطنه وسخطه عن الأوضاع الاجتماعية، وبالتالي استطاع أن يجمع ذلك التفاوت اللغوي بين فئات المجتمع في طابع واحد ساخر.
قائمة المصادر والمراجع
القرآن الكريم.
أ_ المصادر:
1_ كمال الرياحي، المشرط، رواية (من سيرة خديجة وأحزانها) (د.ط) دار الجنوب للنشر، تونس، 2006م.
ب_ المراجع:
1_ تهاني بنت سهل، استراتيجيات الخطاب الاجتماعي نماذج من الخطاب الصحفي، ط1،دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع، عمان، 2020م.
2_ جميل حمداوي، السخرية وآلياتها في القصة القصيرة جدا، ط1، دار الريف للطبع والنشر الإلكتروني، المغرب، 2019م
3_ جورج لوكاتش، نظرية الرواية، ترجمة الحسين سحبان، منشورات التل، الرباط، 1988م.
4_ حمو الحاج ذهبية، التعدد الصوتي من خلال السخرية في المنظور التداولي، حامعة تيزي وزو
5_ رائد عبيس، فلسفة السخرية عند بيتر سلوتردايك، ط1،كلمة للنشر والتوزيع، بيروت، 2016م.
6_ شعيب حليفي: شعرية الرواية الفانتاستيكية، مطابع الدار العربية للعلوم، بيروت، ط1، 2009م.
7_ لونيس بن علي، إدوارد سعيد من نقد خطاب الاستشراق إلى نقد الرواية الكولونيالية، كيف نؤسس للوعي النقدي، دار ميم للنشر الجزائر، ط1، 2018م.
8_ محمد العمري، البلاغة الجديدة بين التخييل والتداول، ط2، أفريقيا الشرق المغرب، 2012م.
9_ محمد جديدي، الحداثة وما بعد الحداثة في فلسفة ريتشارد روتي، ط1، الدار العربية والعلوم، منشورات الاختلاف، 2008م.
10_ محمد معتصم، التداعي والمفارقة والتهكم، دراسات في القصة العربية، ط1، دار التنوير الجزائر، 2014م.
11_ محمد معتصم، مكون الشخصية الروائية من السند التاريخي إلى هلاميات وادي السليكون، ط1، دار التنوير/الجزائر، 2014 م.
12_ ميخائيل باختين، شعرية ديوستوفيسكي، تر: جميل نصيف التكريتي، ط1، دار توبقال للنشر الدار البيضاء، 1986م
13_ نبيل راغب، الأدب الساخر، مهرجان القراءة للجميع، 2000م.
14_ هشام جابر، النكتة السياسية عند العرب بين السخرية البريئة والخرب النفسية، ط1، الشركة العالمية للكتاب، بيروت، لبنان، 2009م.
Reference:
1_ Kamal Al-Riyahi, The Lancet, a novel (From the Biography of Khadija and Her Sorrows) (Dr. I), Dar Al-Janoub for Publishing, Tunis, 2006 AD.
2_Tahani Bint Sahel, Social Discourse Strategies Models of Journalistic Discourse, 1st Edition, Dar Kunooz Al Maarifa for Publishing and Distribution, Amman, 2020.
3_ Jamil Hamdawi, Irony and its Mechanisms in the Very Short Story, 1st Edition, Dar Al-Reef for Electronic Printing and Publishing, Morocco, 2019 AD.
4_ George Lukach, Theory of the Novel, Translated by Al-Hussein Sahban, Al-Tal Publications, Rabat, 1988 AD.
5_ Hamou Hajj Dahabieh, polyphonic through irony in a pragmatic perspective, Tizi Ouzou University
6_ Raed Abbes, The Philosophy of Irony at Peter Sloterdijk, 1st Edition, Kalima for Publishing and Distribution, Beirut, 2016.
7_ Shoaib Halifi: The Poetics of the Fantastic Novel, Arab House of Science Press, Beirut, 1, 2009 AD.
8_ Lounis Ben Ali, Edward Said, from criticism of the discourse of Orientalism to criticism of the colonial novel, How to establish critical awareness, Dar Mim Publishing, Algeria, 1, 2018 AD.
9_ Muhammad Al-Omari, The New Rhetoric Between Imagination and Deliberation, 2nd Edition, Africa, East Morocco, 2012 AD.
10_ Muhammad Jadidi, Modernity and Postmodernity in the Philosophy of Richard Rote, 1st Edition, Dar Al-Arabiya and Al-Ulum, Al-Kifar Publications, 2008.
11_ Muhammad Mutasim, Association, Paradox and Sarcasm, Studies in the Arabic Story, 1st Edition, Dar Al-Tanweer Algeria, 2014.
12_ Muhammad Mutasim, The Component of the Novelistic Character from the Historical Bond to the Silicon Valley Gels, 1st Edition, Dar Al-Tanweer / Algeria, 2014 AD.
13_ Mikhail Bakhtin, Dostoevsky’s Poetry, see: Jamil Nassif Al-Tikriti, 1st Edition, Dar Toubkal Publishing, Casablanca, 1986 AD 13_ Nabil Ragheb, satirical literature, Reading for All Festival, 2000 AD.
15_ Hisham Jaber, The Political Humor of the Arabs between Innocent Irony and Psychological Destruction, 1st Edition, International Book Company, Beirut, Lebanon, 2009 AD.
الهوامش والاحالات:
[1] حمو الحاج ذهبية، التعدد الصوتي من خلال السخرية في المنظور التداولي، حامعة تيزي وزو، ص 241
[2] المرجع نفسه، ص 243
[3] ميخائيل باختين، شعرية ديوستوفيسكي، تر: جميل نصيف التكريتي، ط1، دار توبقال للنشر الدار البيضاء، 1986م، ص 128.
[4] محمد العمري، البلاغة الجديدة بين التخييل والتداول، ط2، أفريقيا الشرق المغرب، 2012م ص 84
[5] محمد معتصم، التداعي والمفارقة والتهكم، دراسات في القصة العربية، ط1، دار التنوير الجزائر، 2014م، ص 11
[6] سورة الحجرات، الأية 11
[7] كمال الرياحي، المشرط، رواية (من سيرة خديجة وأحزانها) (د.ط) دار الجنوب للنشر، تونس، 2006م، ص 161
[9] المصدر نفسه ، ص ص 102، 103
[10] المصدر نفسه ، ص 129
[11] المصدر نفسه ، ص 93
[12] المصدر نفسه ، ص 142
[15] المصدر نفسه، ص 143.
[16] المصدر نفسه، ص 88
[17] نبيل راغب، الأدب الساخر، مهرجان القراءة للجميع، 2000م، ص 46.
[18] كمال الرياحي، المشرط، ص 124.
[19] محمد جديدي، الحداثة ومابعد الحداثة في فلسفة ريتشارد روتي، ط1، الدار العربية والعلوم، منشورات الإختلاف، 2008م، ص 301
[20] كمال الرياحي: المشرط، ص 125.
[21] المصدر نفسه ، ص 98
[22] المصدر نفسه ، ص 98
[23] رائد عبيس، فلسفة السخرية عند بيتر سلوتردايك، ط1،كلمة للنشر والتوزيع، بيروت، 2016م،، ص 36
[24] لونيس بن علي، إدوارد سعيد من نقد خطاب الإستشراق إلى نقد الرواية الكولونيالية، كيف نؤسس للوعي النقدي، دار ميم للنشر الجزائر، ط1، 2018م، ص 334.
[25] كمال الرياحي، المشرط، (من سيرة خديجة وأحزانها)، رواية ، ص 18.
[27] المصدر نفسه، ص 19.
[28] المصدر نفسه، ص ص 19، 20
[29] رائد عبيس، فلسفة السخرية عند بيتر سلوتردايك، ص 170
[30] نبيل راغب، الأدب الساخر، ص .44
[31] شعيب حليفي، شعرية الرواية الفانتاستيكية، ص 39
[32] محمد جديدي، الحداثة ومابعد الحداثة في فلسفة ريتشارد روتي ، ص 39
[33] محمد معتصم، مكون الشخصية الروائية من السند التاريخي إلى هلاميات وادي السليكون، ص 9
[34] جورج لوكاتش، نظرية الرواية، ترجمة الحسين سحبان، منشورات التل، الرباط، 1988م، ص 70
[35] كمال الرياحي، المشرط، ص 23
[36] المصدر نفسه، ص ص 31، 32.
[37] المصدر نفسه، ص 27.
[38] المصدر نفسه، ص ص 28، 29
[39] المصدر نفسه، ص 29.
[40] المصدر نفسه، ص ص 29، 30.
[41] المصدر نفسه، ص 25
[42] المصدر نفسه، ص ص 24، 25.
[43] المصدر نفسه، ص 34.
[44] المصدر نفسه، ص 36.
[45] المصدر نفسه، ص 40.
[46] المصدر نفسه، ص 113.
[47] شعيب حليفي، شعرية الرواية الفانتاستيكية، ص 199
[48] جميل حمداوي، السخرية وآلياتها في القصة القصيرة جدا، ط1، دار الريف للطبع والنشر الإلكتروني، المغرب، 2019م، ص 25.
[49] كمال الرياحي، المشرط، ص 140
[50] المصدر نفسه، ص 130
[51] نبيل راغب، الأدب الساخر، ص ص 47،48
[52] محمد معتصم، مكون الشخصية الروائية من السند التاريخي إلى هلاميات وادي السليكون، ط1، دار التنوير/الجزائر، 2014 م.ص 22
[53] كمال الرياحي، المشرط، ص 165.
[54] المصدر نفسه، ص ص 165، 166.
[55] المصدر نفسه، ص 167.
[56] رائد عبيس، فلسفة السخرية عند بيتر سلوتردايك، ص 35
[57] كمال الرياحي ، المشرط، ص ص 137، 138.
[58] نبيل راغب، الأدب الساخر، ص 16.
[59] كمال الرياحي، المشرط، ص 138
[60] تهاني بنت سهل، استراتيجيات الخطاب الإجتماعي نماذج من الخطاب الصحفي، ط1،دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع، عمان، 2020م، ص 111.
[61] كمال الرياحي، المشرط، ص 120
[62] المصدر نفسه، ص 121.
[63] المصدر نفسه، ص 14
[65] المصدر نفسه، ص 119
[66] المصدر نفسه، ص 160.
[67] المصدر نفسه، ص 147
[68] نبيل راغب، الأدب الساخر، ص 67.
[69] كمال الرياحي، المشرط، ص 74.
[70] المصدر نفسه، ص 78.
[71] المصدر نفسه، ص 149.
[72] المصدر نفسه، ص 158.
[73] هشام جابر، النكتة السياسية عند العرب بين السخرية البريئة والخرب النفسية، ط1، الشركة العالمية للكتاب، بيروت، لبنان، 2009م، ص 26.