كلمة التحرير: تعاقب على الخطوات في ساحة الأدب العربي في المغرب

رئيس هيئة التحرير

نقدم إليكم هذا العدد الجديد لمجلة اللغة والذي يخص بالدراسات حول الرواية العربية في المغرب. وإن الأعمال الأدبية المغربية هي ما أنتجها أناس عاشوا في المغرب أو كانوا مرتبطين ثقافياً به والدول التاريخية التي كانت موجودة جزئياً أو كلياً داخل المنطقة الجغرافية المغربية خاصة والدول المجاورة لها مثل الجزائر وتونس وموريتانيا وغيرها عامة. ويشمل الأدب المغربي المكتوب أنواعًا مختلفة، بما في ذلك الشعر والنثر والمسرح والواقعية والأعمال الأدبية الدينية.

ومنذ بداية القرن الثاني عشر على وجه الخصوص، لعبت جامعة القرويين بفاس دورًا مهمًا في تطوير الأدب المغربي، حيث رحبت بالعلماء والكتاب من جميع أنحاء المغرب العربي والأندلس وحوض البحر الأبيض المتوسط. ومن العلماء الذين درّسوا ودرسوا، ابن خلدون وابن الخطيب والبناني والبطروجي وابن حرزهم والوزان وكذلك عالم الدين اليهودي موسى بن ميمون والبابا الكاثوليكي سيلفستر الثاني وغيرهم. ولعبت كتابات قادة الصوفية أيضا دورًا مهمًا في الحياة الأدبية والفكرية في المغرب منذ هذه الفترة المبكرة مثل أبو الحسن الشاذلي والجزولي ومحمد بن الحبيب وغيرهم.

وإذا تعاقبنا خطواتهم الأدبية الثرية نجدها منتشرة إلى شكل أدبي كامل بالتداولات الفكرية الأدبية عبر قرون متعددة حتى وجدنا إلى ما نراه اليوم في ساحة الأدب العربي في المغرب. ومن بينها، كتابات أبو عمران الفاسي، وهو عالم مالكي مغربي التي أثرت على يحيى بن إبراهيم وأوائل حركة المرابطين. وفي عهد هؤلاء المرابطين، ازدهر شعر الزجل المورو الأندلسي كما ذكر ابن خلدون في المقدمة. في عهد الموحدين، شهد المغرب فترة أخرى من الازدهار الأدبي. قام ابن تومرت، القائد المؤسس لحركة الموحدين، بتأليف كتاب بعنوان “أعز ما يطلب”. ومنها ما شهدت المغرب من الأدب اليهودي المغربي في العصور الوسطى وكتابات لسان الدين بن الخطيب والأعمال الأدبية في عهد زيدان أبو معالي وفي عهد العلويين.

تميز المشهد الأدبي المغربي في أوائل القرن العشرين بالتعرض للأدب من العالم العربي الأوسع وأوروبا، بينما كان يعاني أيضًا من الرقابة الاستعمارية. قام عبد الله كنون بتأليف “النبوغ المغربي في الأدب العربي” حول تاريخ الأدب المغربي في ثلاثة مجلدات. وتم حظره من قبل السلطات الفرنسية.

اختلف النقاد حول تاريخ ظهور الرواية المغربية لأول مرة بسبب تنوع النصوص الشبيهة بالروايات التي ظهرت في المغرب بين عام 1924، عام “الرحلة المراكشية” لابن الموقت، و 1967، عام ” جيل الظمأ” لمحمد عزيز الحبابي. يعرف البعض البداية باسم عبد المجيد بن جلون  وروايته “الطفولة” عام 1957، بينما يشير آخرون إلى “الزاوية” لتهامي الوزاني في عام 1942.

وهناك ثلاثة أجيال من الكتاب الذين شكلوا بشكل خاص الأدب المغربي في القرن العشرين. خلال هذا القرن، بدأ هذا الأدب يعكس التنوع اللغوي والثقافي للبلد باستخدام لغات مختلفة، مثل اللغة العربية الفصحى والعربية اللهجة والفرنسية واللغة البربرية. وكان الجيل الأول هو الجيل الذي عاش وكتب أثناء (1912-1956)، وكان أهم ممثل له هو محمد بن إبراهيم (1897-1955). ولعب الجيل الثاني دورًا مهمًا في الانتقال إلى الاستقلال، مع كتاب مثل عبد الكريم غلاب (1919-2006)، علال الفاسي (1910-1974) ومحمد المختار السوسي (1900-1963). والجيل الثالث هو جيل كتاب الستينيات. ثم ازدهر الأدب المغربي مع كتّاب مثل محمد شكري وإدريس الشريبي ومحمد زفزاف وإدريس الخوري وغيرهم حتى وصل إلى يومنا هذا أن تلد أقلام الكتاب المعصرين في المغرب إنجازاتهم الادبي القيمة إلى قراطيسهم الثمينة.

وفي هذا العدد لمجلة اللغة نقدم إليكم عشر دراسات بحثية أنجزها الباحثون والأكاديميون من مختلف دول العالم، وأكثرهم من المغرب لكون هذا العدد مخصص لدراسة روايتها خاصة وأدبها عامة. وهذا العدد يتضمن ستة أبحاث عن الروايات المغربية من المغرب وبحث واحد عن الرواية الجزائرية وبحث عن المقامة المغربية وبحث عن الشعر الجزائري وبحث عن الرواية المصرية. نتمنى لكم قراءة مفيدة ممتعة.