هيئة التحرير
وقد اعترف علماء اللغة وفقهاؤها أن اللغة العربية هي أقدم اللغات على وجه الأرض، وأنها هي الأم للغات أخرى، وان شذت أراء المختلفين فيها. وبعد مرّ الأيام والدهور نالت اللغة العربية صورة دينيية بعد أن نزل القرآن في هذا اللسان العربي المبين. فذاع صيتها في أقطار كرة الأرض. وكتبت آلاف من الكتب الدينية فقها وتفسيرا وشرحا لشرح ومما إلى ذلك. ثم جاء عصر الحديث أدبا وبحثا، فتطورت اللغات إلى شتى الآفاق لفظا ومعنا وأسلوبا. وكانت البحوث في اللغة العربية وآدابها تنحصر بوجه خاص في البلاد العربية الناطقة بها إلى النصف الأوّل من القرن العشرين. ولكنها تغيرت عندما أقيمت الجامعات العربية وقسم الدراسات العربية خارجها. وجاءت جماعة من الناس يلتفتون إليها بنشاط جديد. وكان هؤلاء الجيل الأوّل الذين شغلوا أنفسهم في بحوث اللغة العربية وآدابها قد تأثروا تأثرا باللغات الدينية الفقهية. فما زال هؤلاء المعاصرون وأولئك يتبعون ما ألفوا عليهم آبائهم من التصنع والمحاكاة.
تغيرت طقس الحياة في شكلها وأنماطها، وتغيرت العلوم والفنون وحتى أفواهنا، وجاء القرن الجديد بنداءات إلى التجديد والنقد، ولكن لغة البحوث في اللغة العربية وآدابها استمرت على منوالها القديم إلى يومنا هذا حتى أن الباحثين في اللغة العربية ودراساتها لا يلتفتون إلى التجديد ولا إلى المناهج البحثية المعتمدة، ولم تتغيير بشكل عام. وأن المناهج البحثية المعتمدة الأكاديمية لم يتعهد عليها جلّ كبير ممن لهم علاقات في هذا المجال . وقد أنشأت مجلة اللغة لتشجيع لغة بحثية بدلا من لغة دينية فقهية، ولكنها أيضا تعجز في هدفها رغم محاولتها كل المحاولة. فالتمسك باللغة الدينية الفقهية والجهل وعدم الامتثال بالمناهج البحثية المعتمدة الأكاديمية تجعل البحوث في اللغة العربية وأذابها أشجارا لا تثمر.