الترخيم والاختزال: دراسة مقارنـة

 علي أوكـتا أحمد  

المدخل

الكلمة عنصر أساسي في بنية اللغة،  وهي الوحدة الصغرى في السلسلة الكلامية،  والأصل في التفاهم والتعامل،  ولهذه الأهمية التفت إليها اللغويون القدامى والمحدثون على السواء،  وقد عرفها ابن هشام أنها “قول مفرد”،  وهو لفظ دال على معنى لا يدل جزؤه على جزء هذا المعنى (31-32)،  وعرفها اللغوي الضامن حاتم صالح أنها هي “المادة الأساسية التي يبحثها علم الصرف،  وهي في الحقيقة أهم الوحدات اللغوية لأنها تشكل أهم مستوى للوحدات الدلالية” (57).

ومع وجود الاختلافات بين القدامى والمحدثين في تحديد هذا العنصر اللغوي،  فإنه لا خلاف بينهم في أن هذا العنصر الهام يتعرّض لتغيرات مختلفة تطرأ عليه؛ إمّا في بنيتها أو في استعمالها أو في دلالتها،  ومن بين هذه التغيرات التي تخصّ بنية الكلمة ما اصطلح عليه اللغويون ﺑـ “ظاهرتي الترخيم والاختزال” العالقتين بحذف جزء من الكلمة لغرض لفظي.

هذا ويعتقد بعض اللغويين مثل “مبارك مبارك” أنّ هاتين الظاهرتين مترادفتان في مصطلح أجنبي (clipping) لاتحادهما في ظاهر أمرهما،  فيرى بإقامة أحدهما مقام الآخر(50)،  مع أنهما مختلفتان في أمور. فلا يزال هذا الرأي يسبب التحير فيما بين بعض الباحثين والدارسين. فالهدف من هذا المقال هو دراسة هاتين الظاهرتين للوقوف على ماهيتهما،  حقيقتهما،  وما يتعلق بهما من خصائص ومميزات،  ثم المقارنة بينهما لإظهار أوجه التشابه والاختلاف بينهما.

مفهوم الترخيم لغة واصطلاحا

يعد ظاهرة الترخيم أحد الظواهر اللغوية التي تقوم على مبدإ الاختصار في الكلمة،  ومن الظواهر التي تحدث عنها اللغويون القدامى والمحدثون على السواء. ولأصحاب المعاجم أقوال عن الظاهرة في تحديدها اللغوي كما يلي:

قال “ابن منظور” أنّ الترخيم مصدر رخم،  أي لان وسهل،  يقال: رخَم الصوت والكلام،  فهو رخيم،  إذا لان وسهل،  وفي حديث مالك بن دينار: بلغنا أن الله تعالى يقول لداود يوم القيامة: يا داود،  مجّدني بذلك الصوت الحسن الرخيم؛ وهو الرقيق الشجي الطيب النغمة. وفيه أيضا،  أن الترخيم هو التليين؛ ومنه الترخيم في الأسماء لأنهم إنما يحذفون أواخرها ليسهلوا النطق بها،  وقيل: هو الحذف (12: 234).وقال الرازي محمد في مختار الصحاح أن الترخيم هو التليين،  وقيل الحذف (101). ويراد به الرأفة والإشفاق (المساعد على تسهيل الفوائد 2: 546).  

ومن جانب مفهومه الاصطلاحي،  قدم اللغويون عددا من التعريفات الاصطلاحية،  ترجع كلها إلى مقصود واحد،  وفيما يلي عرض لبعض هذه التعريفات:

قال سيبويه في “الكتاب” أنّ الترخيم هو “حذف أواخر الأسماء المفردة تخفيفا كما حذفوا غير ذلك من كلامهم تخفيفا” (2: 239)،  وقال ابن عقيل في “شرح ابن مالك” أن الترخيم هو حذف أواخر الكلم في النداء،  مثل يا سعا،  والأصل يا سعاد (3: 288)،  وقال في “المساعد على تسهيل الفوائد” أنه حذف آخر الاسم باضطراد،  فالترخيم عنده يلحق المنادى،  وما صالح للنداء في الضرورة(2: 544). وذكر بَرْجشترَاسَر أنّه “اختصار الكلمة،  وحذف أكثر من حركة واحدة منها،  فقد ذكر النحويون كثيرا منه وخصوصا في النداء،  نحو: يا حار،  بدل يا حارث” (80). ويرى محمد الأنطاكي أنّه “حذف آخر المنادى تخفيفا،  نحو: يا فاطم،  والأصل: يا فاطمة،  والمنادى الذي يحذف آخره يسمى مرخما” (2: 223)،  ومن ناحية أخرى،  عرّف حسن عباس الترخيم بأنّه هو حذف آخر الكلمة بطريقة معينة لسبب بلاغي،  وهو التخفيف في الغالب أو التمليح أو الاستهزاء (4: 101).

والعلاقة بين المعنيين اللغوي الاصطلاحي واضحة،  وخاصة عند إمعان النظر إلى قول ابن منظور عن الترخيم: “ومنه ترخيم الاسماء لأنهم إنما يحذفون أواخرها ليسهلوا النطق بها” (12: 234)،  وبينما يشير المعنى الاصطلاحي إلى فسيولوجية أعضاء النطق من ناحية الاختصار عند النطق بالكلمة،  يشير المعنى اللغوي إلى الغرض منه،  وهو التخفيف والتسهيل. وأما العلاقة بين التعريفات الاصطلاحية الواردة أعلاه،  فظاهر أنّ سيبويه،  والأنطاكي محمد خصصا الاسماء بالترخيم،  بينما يرى عباس حسن،  وبَرْجشترَاسَر خلاف ذلك بيسير،  حيث أنّ الترخيم عندهما حذف آخر الكلمة دون تقييده على الاسماء فقط. فالترخيم إذا،  حذف يلحق بآخر الالفاظ العربية بدون تغيير ولا تحريف في دلالتها.

المرخم من الكلمات

يرخم من الكلمات العربية المنادى فحسب إلا لضرورة شعرية،  كما صرّح سيبويه عن ذلك حيث بيّن أنّ الترخيم لا يكون إلا في النداء،  إلا أن يُضطرّ الشاعر،  وإنما كان ذلك في النداء لكثرته في كلامهم،  فحذفوا ذلك كما حذفوا التنوين،  وكما حذفوا الياء من قومي ونحوه في النداء (2: 239).

 وقال ابن مالك :

وترخيما احذف آخر المنادى  #    كيا سعا فيمن دعـا سعادا

والظاهر من التعريفات السابقة أنّ الترخيم قد يكون في غير المنادى وفي غير الاسماء،  إلا أنّ المنادى هو المقصود الأصلي عند الاطلاق،  والمقصود لدى القدامى،  وقد يكون المحذوف آخر الكلمة أو غيره عند المحدثين،  فهذا بَرْجشترَاسَر يقول: “فالنداء وما يشاكله من الأمر،  والسؤال،  والتحية،  والقسم،  والفن،  كثيرا ما يختلف عن سائر الكلام،  بانّه لا ينطق مثله،  بل ينادى ويصاح به،  فيتغير تغيرات لا توجد في سائر الكلام؛ منها الترخيم الزائد،  مثال من السؤال: «أيش»؟ بدل أي شئ؟ ومن التحية: «عم صباحا»،  وزعموا أنّ أصلها: أنعم صباحا” (70).

أنواع الترخيم

تقدم قريبا اختلاف العلماء فيما يرخم من الكلمات،  وبناء على هذا الاختلاف قسم بعض النحاة الترخيم إلى ثلاثة أنواع:

الأول: ترخيم المنادى،  وهو حذف آخر المنادى المفرد العلم أو النكرة المقصودة(حسن4: 101)،  مثل: «يا حار» والأصل «يا حارث»،  و«يا جعف» من «يا جعفر»،  و«يا أعرابيّ دعي».

والثاني: ترخيم الضرورة،  وهو مقصور على غير المنادى في الشعر،  ومثاله قول الشاعر:

وهـذا ردائي عنده يستعيره    #   ليسلُبني حقي،  أمال بن حنظل

أراد: يامالك بن حنظلة،  فحذف الكاف من مالك،  والتاء من حنظلة للضرورة في غير المنادى(حسن4: 116).

والثالث: ترخيم التصغير،  وهو تجريد الاسم من كل ما فيه من الزوائد،  والاكتفاء بحروفه الأصلية قبل تصغيره،  مثل «محمود» – «حمد» – «حمَيْد»،  و«ميزان» –  «وزن» – «وُزَين» (الأنطاكي 1: 281). 

وبالرغم من أنّ بعض اللغويين عارضوا هذا التقسيم على أنّ الترخيم لا يكون ألا في المنادى فقط،  قدم بَرجشترَاسَرْ تقسيما آخر قسم فيه الترخيم إلى ترخيم الزائد – سبق الامثلة عنه –،  وما هو من جنس التخالف،  وهو حذف أحد مقطعين متتاليين،  أولهما حرفان مثلان أو شبهان،  نحو: «تذكّرون» بدل: «تتذكرون»،  والآخر هو اختصار كلمة: «سوف» قبل المضارع ﺑـ (ﺳـ). ويرى أنّ الدافع إلى ذلك أنّ «سوف» كانت اسما معناه النهاية والغاية،  فصارت أداة فرخمت (70-71 ) 

هذه هي التقسيمات مختلفة كما عرضها اللغويون،  إلا أنّ مدار الدراسة الحالية هو ترخيم المنادى،  إذ هو الأصل،  وترخيم الضرورة،  وقد أشار إليهما القدامى.

شروط الترخيم

المنادى الذي يراد ترخيمه إما أن يكون مجردا من تاء التأنيث أو أن يكون مختوما بها،  وقد اشترط النحاة للمنادى بنوعيه شروطا عامة،  واشترطوا شروطا خاصة للمنادى المختوم بالتاء (حسن 4: 102-103).

أما الشروط العامة،  فهي:

  1. أن يكون المنادى معرفة إما علما،  أونكرة مقصودة ،  مثل: يا جعف،  في جعفر،  و«يا زين»،  في زينب،  و«يا مسافر»،  في مسافرة معينة،  ولا يصح ترخيم النكرة المحضة،  مثل: «يا صاح»،  بدون قصد أحد بعينه.
  2. ألا يكون المنادى مستغاثا مجرورا،  فلا يصح الترخيم في مثل:«يا لصالح لمحمود»،  و«يا لفاطمة لأختها»،  إلا بعد حذف اللام الداخلة عليه،  مثل: «يا صال لمحمود».
  3. ألا يكون مندوبا،  فلا يصح الترخيم في مثل: وا جعفراه،  ووا معتصم.
  4. ألا يكون مضافا ولا شبيها به،  فلا يرخم المضاف،  مثل: يا عبدالله،  ويا أهل العلم،  ويا بخيلا بماله.
  5. ألا يكون مركبا تركيب إسناد،  فلا يرخم تركيب إسناد،  مثل: تأبط شرا،  وفتح الله. أما المركب تركيبا مزجيا،  فيجوز ترخيمه بحذف عجزه،  مثل: «يا بعل»،  في بعلبك،  و«يا سيب»،  في سيبويه.

وأما الشروط الخاصّة بالمنادى المجرد من التاء،  فهي:

  1. أن يكون علما،  مثل: «يا عام»،  بدل: يا عامر،  و«يا جاب»،  بدل: يا جابر،  فلا يصح ترخيم نكرة مقصودة.
  2. أن يكون على أكثر من ثلاثة أحرف أو أكثر،  فلا يصح ترخيم العلم الثلاثي الخالي من تاء التانيث مطلقا،  مثل: سعد،  ورجب،  وعمر.

أقسام المحذوف للترخيم

المحذوف للترخيم على ثلاثة أقسام،  وهي:

  1. أن يكون المحذوف حرفا واحدا،  وهو عند المتحدثين إما حذف النواة والخاتمة من المقطع الأخير القصير المغلق مثل: «يا فاطم» ترخيم فاطمة،  أو حذف الخاتمة وحدها منه كما في «يا جعف»،  و«يا زين» ترخيم جعفر وزينب،  أو حذف الخاتمة من المقطع الأخير الطويل المغلق كما في «يا سعا»،  و«يا بلا» ترخيم سعاد وبلال،  وهذا النوع هو الأغلب.
  2. أن يكون المحذوف حرفين،  بشرط أن يكون المنادى مجردا من تاء التانيث،  وأن يكون السابق من الحرفين حرف مدّ،  زائدا لا أصليا،  رابعا فأكثر،  مثل: عمران،  منصور،  إسماعيل،  وهو حذف النواة مع الخاتمة من المقطع الأخير الطويل المغلق فيقال: «يا عِمْر»،  «يا منص»،  «يا إسماع». أماّ الأخير،  فقد يكون أصليا كالهمزة في «أسماء»،  يقال في ترخيمه: «يا أسم»،  وقد يكون زائدا كالنون في «مروان»،  يقال: «يا مرو». قال ابن مالك:

ومع الآخر احذف الذي تـلا #  إن زيد لينا ساكنا مكمـلا

أربعـة فصاعدا،  والخلف في #  واو وياء بهـما فتح قفي  

  1. أن يكون المحذوف كلمة مستقلة ركبت مع أخرى تركيب مزج،  وصارتا كلمة واحدة،  وهو أن يحذف الكلمة الثانية الآحادية المقطع من التركيب،  مثل: «يا سيب»،  من سيبويه،  أو يحذف الكلمة الثانية الثنائية المقطع من التركيب،  مثل: «يا معد»،  من معد يكرب. قال ابن مالك:

والعجز احذف من مركب،  وقل # ترخيم جملة،  وذا عمرو نقل 

مفهوم الاختزال لغة واصطلاحا:

إن ظاهرة الاختزال من جملة أنواع الحذف في اللغة على اختلاف بين العلماء في مرادها واستعمالها؛ وهي في اللغة من الخزل،  وهو القطع (الفراهيدي 4: 208)،  وقال ابن منظور أنّ الخزل بمعنى القطع؛ يقال: خزله فاخزل،  أي قطعه فانقطع،  والاختزال: الاقتطاع. وورد عن ابن سيده قوله أنّ الاختزال؛ حذف (12: 204). فخزل الشيء،  أي قطعه،  يقال: ضربه فخزله نصفين،  وانخزل؛ انقطع،  كما في حديث أحد: “انخزل عبدالله بن أبي عن المكان” (مجمع اللغة العربية 232). وتستعمل كلمة الخزل في العروض العربي،  فيقصد به اجتماع الطيّ والاضمار في تفعيلة،  فتسقط بعض الحروف من “متفاعلن” مثلا،  فيصير “مستعلن” الذي ينقل إلى “مفتعلن” (وهبه مجدي ومهندس كامل 158-159).

أما تحديده في الاصطلاح اللغويين،  فقد ورد في الكتاب أن الاختزال هو اختصار في تشكيل الكلام بحذف كلمة منه كحذف الفاعل عند البناء للمجهول،  تقول مثلا على قول السائل: ‘كم ضربة ضرب به’؟ تقول: ‘ضرب به ضربتان’(سيبويه1: 229-230)،  ويرى السيوطي أنه من جملة أجناس الحذف في القرآن الكريم بالإضافة إلى الاقتطاع والاحتباك والاكتفاء (544). أما التونجي محمد فيرى أنّ الاختزال في الصوت هو اسقاط بعض الحروف من الكلمات،  وهو من خصائص الأمم السامية؛ فأهل اللاذقية يقولون للضمير “انت” (أتّ)،  والمصريون يقولون للبنت (بتّ)،  والعامة تقول للسينما (سيما)،  ويرى أنّ أغلب ما يسقط من الكلمة حرف النون (1: 44).وعرّف كرستال ديفيد فإنه الاختزال بأنه تخفيضات الاشكال الطويلة بإزالة العنصر النهائي من الكلمة عادة،  ومثاله في الإنجليزية: {ad} من {advertisement} والعنصر البدائي أحيانا،  مثل: {plane} من {aeroplane} أو كليهما على السواء،  مثل: {flu} من {influenza} (1).وفي تعريف آخر يقول بَوسْمَان هَدُمَودْ أن الاختزال شكل مختصر للكلمة المركبة،  وفي كلمات رأسية يستعمل الجزء الأول مثل: ad(vertisement)،  وفي صيغة نحوية يسقط الجزء الأول منها مثل:  (tele)phone،  وأحيانا يسقط الجزء الأوسط مثل: news(paper)boy (189). وأما هِيثَارْ مَرِي كَوْسَرْ،  فقد عرّف الاختزال بأنّه عملية تشكيل الكلمة حيث يخفّض أو يقصّر كلمة بدون تغيير في معنى الكلمة(m.brighthubeducation). ويرى يُولْ جَورْج أنه تخفيض كلمة متعددة المقاطع مثل {facsimile} إلى شكل مختصر مثل {fax}،  ويقع عادة في الكلام العرضي (55).

وبإمعان النظر إلى ما سلف أعلاه من المعنيين اللغوي والاصطلاحي يظهر بوضوح العلاقة بينهما،  وهي الإشارة إلى الاختصار في نطق كلمة بقطع شيء وحذفه منها مع الاحتفاظ للمعنى الأصلي. والعلاقة بين التعريفات الاصطلاحية،  واضحة كذلك في أنّ جميعها تشير إلى تجريد الكلمة عن بعض أحرفها،  غير أنّ هناك اختلاف بين التونجي الذي يرى أنّه قد يحذف من الكلمة حرف ساكن(نْ)،  وهي أقل من مقطع،  وبين الآخرين في قولهم أنّ الذي يسقط من الاسم لا يقل عن مقطع. ومن طبيعة الكلمات المختزلة أنها لم تكن مستحدثة كمفردات قياسية في لغة ما،  وإنما تنشئ كمصطلحات جماعة خاصة أو فن خاص،  مثل: الجيش،  والشرطة،  والتعليم،  أو مهنة طبية أو غير ذلك في بيئة تكفي الإشارة إلى المعنى الكلي (مارْتشَانْد هَانْس wikipedia “clipping”).  

أنواع الاختزال

وفقا لـ “أَنَولْد إرِنَا” (wikipedia. “clipping”) يتنوع الاختزال إلى أربعة أنواع ،  وهي:

الأول: الاختزال الخلفي،  وهو الأكثر شيوعا،  يحتفظ فيه الجزء البدائي،  وقد يكون الجزء المحتفظ بسيطا،  ومثاله في الإنجليزية: {Sam} من {Samuel}،  و{memo} من {memorandum}،  و{gas} من {gasoline} أو مركبا،  مثل: {cable} من {cablegram}.

الثاني: الاختزال الأمامي،  وهو النوع الذي يحتفظ فيه الجزء النهائي من الكلمة،  كما يلاحظ في الكلمات الإنجليزية الآتية: {phone} من {telephone}،  و{varsity} من {university}،  و{chute} من {parachute}.

الثالث: الاختزال الوسطي،  وهو الذي يحتفظ الجزء الوسطي من الكلمة،  ومثال ذلك في الإنجليزية: {Liz} من {Elizabeth}،  و{flu} من {influenza}،  و{fridge} من {refrigerator}،  و{jam} من {pajamas}.  

الرابع: الاختزال المعقّد،  وهو الذي يقع في الكلمات المعقّدة/المركّبة،  وفي أغلب الأحيان يبقى جزءا واحد من المركب الأصلي سليما،  ويختزل من الجزء الثاني،  مثال ذلك في الإنجليزية: {cablegram} من {cable telegram}،  و{op art} من {optical art}،  و{org-man} من {organization man}،  وفي بعض الأحايين،  تختزل كلتا أنصاف المركب،  مثل: {navicert} من {navigation certificate}. ففي هذه الحالة يصعب المعرفة ما إذا كان التشكيل الناتج يعتبر اختزالا أم نحتا،  والسبب في ذلك هو أنّ الحدود من هذين النوعين لم تكن واضحة،  إلاّ أنّ لَوْرِي بُؤَا يرى أنّ الطريق الاسهل لسحب الامتياز بين الإثنين هو أنّ الاشكال التي تحتفظ على النبر المركب هي المختزلة،  بينما التي تتخذ نبر الكلمة البسيطة هي المنحونة (wikipedia. “clipping”).

ومن ناحية أخرى،  قدم السيوطي تقسيما آخر للاختزال إبان نقاشه عن الحذف وأنواعه في القرآن الكريم،  وقال معبّر عن رأيه أن الاختزال قسمان إذ أنّ المحذوف إمّا كلمة (إسم – فعل – حرف) أو أكثر. واستشهد بالآيات الكثيرة،  منها قوله تعالى: ﴿حرمت عليكم أمهاتكم …﴾ أي نكاح أمهاتكم؛ فالمحذوف من الآية كلمة ‘نكاح’،  وفي قوله تعالى: ﴿وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا﴾ أي أنزل خيرا،  والمحذوف فعل ‘أنزل’،  وقوله تعالى: ﴿يوسف أعرض عن هذا …﴾ أي يا يوسف،  والمحذوف ‘ياء’. أما حذف أكثر من الكلمة ففي قوله تعالى: ﴿فكان قاب قوسين أو أدنى﴾ أي فكان مقدار مسافة قربه مثل قاب قوسين. وتقسيمه هذا لا يدخل في نطاق هذه الدراسة للسبب أنّه يريد بالاختزال حذف الكلمة برأسها من الكلام لأسباب  مختلفة( 543-549). 

شروط الاختزال

يشترط للكلمة التي يراد اختزالها شروطا أهمها ما يلي :

  1. أن تكون اسما أو شبيها به،  فلا يختزل فعلا ولا ظرفا ولا غيرهما.
  2. أن يكون الاسم متعدد المقاطع،  فلا يختزل آحادي المقطع،  مثل: {man}،  و{pen}،  و{horse}.
  3. أن يبقى من الاسم المختزل مقطعا على الأقل،  فقد يحذف من الاسم أكثر من مقطع كما يلاحظ في الأمثلة السابقة.
  4. ليس كل اسم يخضع لهذه الظاهرة،  فثمة أسماء ليست مناسبة للاختزال مع أنها متعددة المقاطع،  مثل: {father}،  و{table}،  و{pigeon}. 

أقسام المحذوف للاختزال

المحذوف للاختزال على ثلاثة أقسام،  وهي:

  1. المقطع النهائي أو ما فوق ذلك،  وفي هذه الحالة يبقى المقطع الأول أو أكثر من الكلمة،  مثل: {bra}،  من {brassiere}،  و{fan} من {fanatic}،  و{exam} من {examination}.
  2. المقطعان البدائي والنهائي أو ما فوق ذلك،  وفي هذه الحالة يبقى المقطع الوسطي من الكلمة،  مثل: {flu} من {influenza}،  و{jam} من {pajamas}.
  3. المقطع البدائي أو ما فوق ذلك،  وفي هذه الحالة يبقى من الكلمة المقطع النهائي أو ما فوق ذلك،  مثل: {phone} من {telephone}.

التشابهات بين الترخيم والاختزال

يلاحظ مما تقدم أنّ الظاهرتين تتفقان في أمور،  وهي:

أولا: أنّ الترخيم والاختزال ضربان من ضروب الحذف الذي يلحق بنية الكلمة ويهدف إلى اختصارها لأجل التخفيف والتسهيل.

ثانيا: أنّ الترخيم والاختزال يلحقان بالأسماء على الأرجح دون ما سواها من أنواع الكلمة.

ثالثا: أنّ الظاهرتين لا تلحقان بكلمة مؤلفة بأقل من مقطعين،  فمن شروطهما أنّ المؤلفة بأقل من أربعة أحرف لا يناسبها الترخيم،  ولا تختزل الكلمة المؤلفة بأقل من مقطعين.

رابعا: ليس كل اسم يصح للترخيم ولا للاختزال.

خامسا: أن الترخيم والاختزال قد يلحقان بكلمة معقّدة.

الاختلافات بين الترخيم الاختزال

وكما أن الترخيم والاختزال يتّحدان في الأمور السابقة فإنهما يختلفان في أمور أخرى،  وهي:

أولا: أنّ الترخيم يختص بالمنادى من الاسماء إلاّ لضرورة شعرية،  ولا يختص الاختزال بذلك.

ثانيا: أنّ الترخيم من خاصية اللغة العربية،  أما الاختزال فتشترك فيه لغات كثيرة.

ثالثا: يشترط في ترخيم الكلمة المعقدة أن تكون مركبة تركيبا مزجيا،  ولا يشترط ذلك في الاختزال.

رابعا: عند ترخيم المركب يحذف الجزء الثاني من التركيب بكاملها كما سبق،  أما عند اختزال المركب فيحذف في الغالب مقطعا أو أكثر من أحد الجزئين ويبقى الجزء آخر كما هو،  وفي بعض الأحايين يحذف مقاطع من الجزئين على السواء.

خامسا: الترخيم ظاهرة تندرج في الدراسة النحوية،  بينما الاختزال يقع تحت الدراسة المورفولوجية. 

الخاتمة

لقد تبينت الجولة عبر السطور السابقة أنّ الدراسة الحالية حاولت في كشف الستار عن الأفكار الخاطئة عند البعض،  حيث يزعمون أن ظاهرة الترخيم التي تحدث عنها النحاة هي نفس ظاهرة الاختزال المورفولوجي. وقد شرعت الدراسة كما ترى بعرض التعريفات لكل من الظاهرتين وما يتعلق بهما من الشروط والتقسيمات وطروق الإختصار فيهما،  وما يتعلق بهما من مميزات حتى انتهت إلى أوجه التشابه والاختلاف بين الظاهرتين. ومن ثم أثبتت الدراسة أنّ الترخيم ظاهرة تخص اللغة العربية،  وتختص فيها بالمنادى من الاسماء دون غيره إلاّ إذا اضطر الشاعر؛ وذلك بخذف مقطع من آخر المنادى. وأثبتت في الوقت نفسه أنّ الاختزال من جانب آخر ظاهرة يشترك فيها عدد من اللغات،  إلاّ أنّ النماذج الواردة في الدراسة كلها إنجليزية،  وأثبتت الدراسة كذلك أنّ الاختزال بمعناه الحديث لم يثبت في العربية الفصحى،  لأن ما ورد عن الظاهرة عند القدامى يتعلق بحذف الكلمة من الجملة. ويجدر بالذكر أنّ الاختصار في هذه الظاهرة لا تختص بالمنادى،  ولا تنحصر في حذف مقطع أو أكثر من آخر الاسم،  بل يجوز فيه حذف مقطع أو أكثر من أول الإسم أو من وسطه أو من آخره،  أو من أول الإسم وآخره على السواء في وقت واحد. هذا،  ولا يختلف الاثنين في أنّ الغرض من تطبيق هتين الظاهرتين هو الاختصار للتخفيف.   

المصادر والمراجع

أ- العربية

  1. ابن عقيل عبدالله،  شرح ابن عقيل،  القاهرة،  دار التراث،  الطبعة العشرون،  1980م.
  2. ابن عقيل عبدالله،  المساعد على تسهيل الفوائد،  مكة المكرمة،  مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي،  د.ت.
  3. ابن منظور جلال الدين،  لسان العرب،  بيروت،  دار صدار،  د.ت.
  4. ابن هشام الأنصاري،  شرح شذور الذهب،  القاهرة،  دار الطلائع،  2004م.
  5. الأنطاكي محمد،  المحيط في الأصوات العربية ونحوها وصرفها،  بيروت،  دار الشرق العربي،  الطبعة الثالثة،  د.ت.
  6. التونجي محمد،  المعجم المفصل في الأدب،  بيروت،  دار الكتب العلمية،  الطبعة الثانية،  1999م.
  7. ج. برجشتراسر،  التطور النحوي للغة العربية،  أخرجه وحققه وعلق عليه رمضان عبد التواب،  القاهرة،  مكتبة الخانجي،  الطبعة الثانية،  1994م.
  8. حسن،  عباس ،  النحو الوافي،  القاهرة،  دار المعارف بمصر،  الطبعة الثالثة،  1974م.
  9. الرازي،  محمد بن أبوبكر،  مختار الصحاح،  بيروت،  مكتبة لبنان،  1986م. سيبويه،  عمر بن عثمان،  الكتاب،  القاهرة،  مكتبة الخانجي،  1966م.
  10. السيوطي،  جلال الدين،  الإتقان في علوم القرآن،  دمشق،  مؤسسة الرسالة،  الطبعة الأولى،  2008م.
  11. الضامن حاتم صالح ،  علم اللغة،  بغداد،  بيت الحكمة،  1989م.
  12. الفراهيدي خليل بن أحمد،  كتاب العين،  تحقيق مهدي المخزومي وإبراهيم السامرائي.
  13. مبارك مبارك،  معجم المصطلحات الألسنية،  بيروت،  دار الفكر اللبناني،  الطبعة الأولى،  1995م.
  14. مجمع اللغة العربية،  المعجم الوسيط،  القاهرة،  مكتبة الشروق الدولية،  الطبعة الرابعة،  2004م.
  15. وهبه مجدي،  وكامل المهندس،  معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب،  بيروت،  مكتبة لبنان،  الطبعة الثانية،  1984م.

ب- الأجنبية

  1. Bussmann, Hadumod. Dictionary of Language and Linguistics. London. Routledge. 1996.
  2. Crystal, David. A Dictionary of Linguistics and Phonetics. Oxford. Blackwell. 6th Edition.       2008.
  3. Marie Kosur, Heather. “Word Formation: Compounding, Clipping and Compounding”.         m.brighthubeducation. 2012. Web. 13 August 2014.     
  4. Yule, George. The Study of Language. Cambridge. Cambridge University Press. 3rd Edition. 2006.
  5. wikipedia. “Clipping (Morphology)”. 30 June 2014. Web. 29 August 2014.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *